الإطار المفاهيمي للقانون و الممارسة الإنتخابية

 عرض بعنوان: الإطار المفاهيمي للقانون و الممارسة الإنتخابية PDF

الإطار المفاهيمي للقانون و الممارسة الإنتخابية PDF

مقدمة :
إن بناء دولة الحق والقانون، لا يتأتى إلا إذا تم تنزيل الديمقراطية التنزيل الصحيح والسليم، هذا المفهوم يحاول أن يضع قطيعة مع الاستبداد الذي يعيشه الإنسان منذ القدم، وقد استرجع هذا المفهوم بذلك السيادة للشعب- الأمة، بعدما احتكرتها السلطة الحاكمة، ومع مرور الوقت سار البحث في الديمقراطية أمر ضروري، لما يثيره من إشكالات على مستوى معايير التمييز بين الحكومة الديمقراطية والحكومة الديكتاتورية- الاستبدادية[1].
ويعتبر المجتمع مكونا من اشخاص منقسمون الى :
1 - طبقة حاكمة، وهي التي أناطها المشرع أمور تسيير مصالح الناس في إطار الدستور والقانون، فهي السلطة الحاكمة ذات سيادة.
2- طبقة محكومة، لها علاقة مع الدولة، باعتبارها التي تسهر على مصالحهم ولها سلطة الضبط، فكما يقول جورج بوردو: " الدولة هي أداة لتحقيق مصيرنا الزمني "، وقد اخترع الناس الدولة لكي لا يطيعوا الناس. على هذا الأساس فالدولة ظاهرة أساسية في بناء المجتمعات، فهي ضامنة للاستقرار والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع، وتعمل الدولة إلى ضبط جل التصرفات، التي يمارسها الأشخاص القانونية، بمعنى أنها جهاز محايد في علاقته مع المواطنين.
لذلك فمن الضروري أن تضم الدولة، مجموعة من وسائل الجبر والإكراه، أو بمسمى آخر السلطة العامة، التي تتفرع إلى عدة سلطات، أساس هذا التفرع هو فصل السلط، لكن يبقى هذا الفصل في المغرب قابلا للتشكيك حول نجاعته.
وليس هذا فحسب فإن وجود الدولة يرتبط بمفهوم آخر هو الانتخابات التي تضمن اختيار المواطنين للممثلين الذين سيقومون بتدبير شؤونهم، لكن تعاني الممارسة الانتخابية بالمغرب من عدة إشكالات تضع الواقع بعيدا عن النص القانوني المنظم للانتخابات.
في معرض تطرق للنظم الانتخابية والحياة السياسية في المغرب، من الواجب الإشارة للتراكم التاريخي الذي يعرفه النظام السياسي المغربي على ضوء التجارب الدولية على اعتبار أن ما لعبه التراكم التاريخي في الانتخابات في الدول الغربية شكل الوسيلة الوحيدة للوصول للسلطة، وأضحى مبدأ راسخا في الأنظمة الليبرالية، كإفراز للحياة المشتركة للمجتمعات البشرية، هذه الحياة المشتركة التي تترتب عنها صراعات مريرة وعنيفة، سببها التدافع الطبيعي بين مصالح الأفراد واختلاف تطلعاتهم، وخاصة مراكزهم في المجتمع بين حاكم ومحكوم، كان هذا الاختلاف يعالج في السابق بأساليب عنيفة، كالثورات والحروب الدامية، فكان من الضروري البحث عن ممارسة ذات طابع سلمي وحلول تدريجية لهذا الصراع. وكان ذلك باللجوء إلى تقسيم السلطة في المجتمع عبر اختيار المسؤولين الأكفاء والبرامج الفعال لتسيير الشؤون العامة للمجموعة، ومن تشكل الوعي بنجاعة الانتخابات وتقنيات الاقتراع كوسيلة لا غنى عنها لتحقيق ذلك التنظيم الجديد للمجتمع.
لم تكن الانتخابات في بداية عهدها بالشكل المتعارف عليه حاليا، بل عرفت تطورا كبيرا سواء على مستوى المفهوم أو الشكل الذي تطبق به. فعلى صعيد المفهوم، وخلال القرن السابع عشر، وانطلاقا من الكلمة التي اشتق منها الإنجليزية To vote والمشتقة في حد ذاتها من المصطلح اللاتيني Votum، كانت هذه الكلمة ذات حمولة دينية، حيث كانت تعني التعبير عن أمنية أو إعطاء عهد إلى الرب أو الإله، وهو ما يحمل معنى الالتزام العلني لصالح شخص ما أو قضية ما. ثم ما لبثت هذه الكلمة أن أخذت معنى المداولة أي المناقشة وإبداء الرأي، لكي تأخذ شيئا فشيئا خلال القرن الثامن عشر مفهوما متقاربا جدا مع المفهوم الحالي. بحيث بات التصويت يُعبر به عن قرار مُتخذ في شكل جماعي من قبل مجلس أو جمعية أو حتى مجموعة ما عن طريق التصويت، ثم إلى أن أصبح المفهوم مع حلول القرن التاسع عشر يعني تصرفا فرديا يسمح لصاحبه بالقيام باختيار أمر ما.
أما فيما يخص الظروف التاريخية التي أدت إلى الاهتداء للانتخاب كوسيلة وحيدة لوضع حد لمعاناة المجتمعات أو على الأقل التقليل منها، حول هذه المسألة الجوهرية التي تتعلق بكيفية إسناد وإضفاء الشرعية على ممارستها، فهي لم تسلم بدورها من التطور والتحول قبل أن تكون على الشكل الحالي الذي عليه الآن.
تاريخيا كان القائد التقليدي - مهما كانت التسمية التي تطلق عليه- يفرض سلطته عن طريق القوة، الحيلة أو السحر، سعيا وراء تحقيق ما يعرف بسر الطاعة، الإمبراطورية الرومانية مثلا ألّهت أباطيرها، بنفس الشكل الذي اعتمدته الكنيسة المسيحية لإضفاء المشروعية على الملوك، عن طريق الطقوس الدينية، كما شهد على ذلك تاريخ الملكية في فرنسا، التي رسخت فكرة الإرث الإلهي للملك الذي يمنع أي تمرد أو عصيان. وقد أدى عقم هذه التصرفات المنبثقة من تصورات غير معقلنة لا تقل عمقا، إلى الانتقال من السيادة الإلهية إلى سيادة الأمة أو الشعب، بحسب النظريات التي خاضت في ذلك فيما بعد، والتي اتخذت من النظام التمثيلي آلية له، يسمح للشعوب بالتدخل في اللعبة السياسية وفي تسيير السلطة، عن طريق الاختيار وليس الإكراه، وهكذا اتخذ الانتخاب صوره وأشكاله المعاصرة. أضحى الانتخاب للتنافس حول السلطة عوض الأساليب المتقادمة الأخرى، إذ عرفت مسألة تعيين النخب أو الفاعلين الذين يتولون تسيير الشؤون العامة، حلقات طويلة تطورت معها أشكال ممارسته، خاصة من وجهة من له الحق في ممارسته من عدمه. ففي بداية الأمر كان الانتخاب من حق أقلية صغيرة في مجتمع منحصر في النبلاء والأغنياء وعلى أساس الجنس، ثم تطور هذا الحق خلال القرن التاسع عشر وبصورة حقيقية نحو الشكل الأرقى الذي هو عليه الآن، بحيث وُسع حق التصويت وأُزيلت القيود التي كانت مفروضة على شروط ممارسته.
أصبح الانتخاب هو التصرف الأول والوحيد الذي يضفي شرعية التمثيلية الديمقراطية كنظام سياسي، وبات من الضروري الاعتناء به وتنظيمه بالشكل الذي يسمح له بالاستمرار والتأقلم مع معطيات الحياة السياسية المعاصرة. بهذا الشكل أصبح الانتخاب من المواضيع والميادين يتنافس في معالجتها الكثير من التخصصات العلمية. بدءا بعلماء الجغرافيا والديموغرافيا الانتخابية، مرورا بعلماء السياسة، وصولا إلى رجال القانون الذين ما فتئوا أن جعلوا منه فرعا مستقلا من فروع القانون،يسمى القانون الانتخابي، بعدما كان موضوعا من مواضيع القانون الدستوري، أو القانون السياسي الذي يهتم بدراسة ظاهرة السلطة وما تعلق بها من مسائل.[2]

أهمية الموضوع :

يكتسي هذا الموضوع أهمية خاصة نظرا لراهنيته في ظل التحولات التي باتت تعرفها بعض الدول على المستوى الإقليمي، فمن خلال متابعة الحراك الأخير الذي شهدته المنطقة العربية، والذي طرح موضوع الانتخابات كوسيلة لتعيين الحكام، نجد أن المفهوم المبدأ إلى مفهوم حقوق الإنسان والمواطن. أما الأهمية الثانية للموضوع، فهي الأهمية المتميزة للانتخابات في المغرب، باعتبارها تجربة ديمقراطية ناشئة، تشهد محاولة تكريس الخيار الديمقراطي وممارسة التقاليد الحرة في تعيين الحكومات بالكثير من الصعوبات والعراقيل التي تترجم الصراعات الاجتماعية وتجاذب موازين القوى بين مختلف التيارات السياسية الفاعلة في المشهد السياسي .

أسباب اختيار الموضوع:

يرجع سبب إختيار الموضوع إلى أسباب ذاتية وأخرى موضوعية :
بالنسبة للأسباب الموضوعية، فتتمثل في كون النظام الانتخابي يشكل القاعدة الأساسية لتشكيل المؤسسات التمثيلية التي تعمل على تدبير الشأن العام، سواء تعلق الأمر بالبرلمان أو بالحكومة أو بالجهات أو بالجماعات الترابية، وتشكل الانتخابات المدخل لمقاربة التداول على ممارسة السلطة وإحداث الإصلاح بالطرق الديمقراطية، إن أنماط الاقتراع تتولى تنزيل مختلف المبادئ إلى أرض الواقع، وتترجم أصوات المواطنين إلى مقاعد تمثيلية، وهذا الأمر يمكننا من الاقتراب من أهم القرارات المؤسساتية للحياة السياسية بالمغرب، لكون إختيار نمط الاقتراع، نادرا ما يتوافق مع الواقع المجتمعي والسياسي، بل هو نتيجة عدة عوامل وظروف تبتغي تأمين مسار سياسي من أجل الخروج من التقليد التاريخي، إلى الحداثة السياسية كمدخل أساسي لضمان في التحول الديمقراطي بالمغرب.
إن التجربة المغربية طوال أكثر من خمسة عقود، عرفت إتهامات بالتلاعب من قبل السلطة في النظام الانتخابي، خاصة نمط الاقتراع والذي لم يستطع تحويل التعددية الحزبية إلى تعددية سياسية[3].
أما بالنسبة للأسباب الذاتية فإنها جاءت من رغبة في كشف مفاعيل العملية الانتخابية والمساهمة في تحقيق تراكم كمي يمكننا من غرس وعي متجدد بآليات العملية الانتخابية.
من خلال ما سبق سيتم طرح الإشكالية كالتالي :
الى اي حد ساهم التأصيل القانوني في تطوير الالية الانتخابية

الاسئلة الفرعية :

1. ما مفهوم الانتخاب ؟
2. ما هي اساليب الممارسة الانتخابية ؟
3. مدى تجليات الاطار القانوني للممارسة الانتخابية ؟

---------------------------
لائحة المراجع :
- تشارلز تللي، الديمقراطية، ترجمة محمد فاضل طباخ، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، الطبعة الأولى.
- عبد الغفار رشاد القصبي : مناهج البحث في علم السياسة، التحليل السياسي، كيف تكتب بحثا أو رسالة، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مكتبة الآداب، 2004 .
- جميل صليبا ، ساليب البحث العلمي.منشورات عويدات ، بيروت، لبنان ط2 ، 1987.
- عبد الغفار رشاد القصبي : مناهج البحث في علم السياسة ، التحليل السياسي2004.
- سعيد خمري: الانتخابات التشريعية في المغرب .. نمط الاقتراع و سؤال الوظيفة ، نشر في جريدة الاتحاد الاشتراكي يوم 20 - 10- 2010 .
- احمد مفيد ، القانون الانتخابي المغربي ، الطبعة الاولي ، 2005 .
- المختار مطيع ، المختصر في القانون العام ، الطبعة 2013.
- احمد مفيد ، النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية(دراسة في الدولة والدستور وأنظمة الحكم الديمقراطي واليات المشاركة السياسية) الطبعة الاولي 2007 .
- زواقري الطاهر ، معمر عبدالرشيد ، المفيد في القانون الدستوري ، دار العلوم للنشر.
- اشرف ابراهيم سليمان ، مبادي القانون الدستوري ( دراسة موجزة عن القانون الدستوري والنظم السياسية ) ، الطبعة الاولي 2015.
- أحمد مفيد: "النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية" دراسة في الدولة والدستور وأنظمة الحكم الديمقراطي وأليات المشاركة السياسية. الطبعة الاولى سنة2007 .
- [1] ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)،بتنفيذ نص الدستور، الفصل 2-11-17-30-61-62-63-135 .
- القانون رقم11-57 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم بتاريخ 1-11-171 بتاريخ 30 من ذي القعدة .
- ظهير شريف رقم 1.58.250 بسن قانون الجنسية المغربية ، الجريدة الرسمية عدد 2395 بتاريخ 4 ربيع الأول 1378 )19 شتنبر 1958(، ص 2190. ، المادة 17 .
- ظهير شريف رقم 157. 96 .1 الصادر في 23 من جمادى الأولى 1417 (7 أكتوبر 1996) بتنفيذ نص الدستور المراجع ، ينفذ وينشر بالجريدة الرسمية عقب ظهيرنا الشريف هذا نص الدستور المراجع الذي تم إقراره عن طريق الاستفتاء المجرى يوم الجمعة 28 من ربيع الآخر 1417 (13 سبتمبر 1996) ، الفصل 8 .
- القانون رقم 97-9 المتعلق بمدونة الانتخابات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 83-97-1 بتاريخ 23 من ذي القعدة 1417 .من المادة 100 الى المادة 102- 103 .

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -