عرض بعنوان: مسطرة الإستماع للأجير في التشريع المغربي و التشريع المقارن PDF
مقدمة :
غني عن البيان أن المشرع منح للمشغل سلطة تأديبية تمكنه من مساءلة الأجراء الذين تربطه بهم علاقة شغل، والتي تخوله مساءلة كل أجير تأديبيا، خالف الواجبات المفروضة عليه بموجب عقد الشغل أو إرتكب خطأ مهنيا، بغض النظر حول ما إذا كان هذا الخطأ عمديا أو عفويا، كما أنه للمشغل بموجب هذه السلطة الحق في توقيع جزاءات تأدبية تختلف بإختلاف الخطأ المرتكب من طرف الأجير، لكن قبل توقيع هذه الجزاءات لابد من أن يوفر لهذا الأخير فرصة للدفاع عن نفسه ومناقشة الأفعال المنسوبة إليه في إطار جلسة إستماع داخلية بحضور ممثل مندوب الأجراء أو الممثل النقابي.
وبالرجوع لأول نص تشريعي نظم علاقات الشغل، والذي هو قانون الإلتزامات والعقود ،نجده لم يكن ينص على أية مسطرة خاصة بالفصل، وأن المشغل في ظل هذا القانون المذكور كان ملزما فقط بتبليغ الفصل للأجير بأية وسيلة طبقا للقواعد العامة لأن إنهاء عقد الشغل كان متروكا لحرية الأطراف ولو من جانب واحد ، لكن مع التعديل الذي لحق الفصل 754 من هذا القانون الأخير بموجب ظهير 26-09-1976، أصبح المشغل ملزما بتبرير الفصل، وبعد صدور النظام النموذجي المؤرخ في 1984/10/23 والذي تم التأكيد من خلاله على تبرير الفصل لكنه أضاف شكلا لهذا التبرير، وأوجب تحريره في شكل رسالة مضمونة توجه للأجير مع تسليم نسخة منها لمفتش الشغل، لكن بعد صدور مدونة الشغل الجديدة بموجب القانون 65.99 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194بتاريخ 14 رجب 1424 الموافق ل 11 سبتمبر 2003، تم تقرير مسطرة خاصة للإستماع للأجير قبل إتخاذ مقرر الفصل، والتي تعد بمثابة ضمانة من الضمانات الحمائية لهذا الأخير.
ولقد تطرق المشرع المغربي لهذا الإجراء الذي يعد مستجد من المستجدات التي أتت بها مدونة الشغل الجديدة، والذي يسمى ''بمسطرة الإستماع '' في المادة 62 من مدونة الشغل ،ضمن الكتاب الأول في الفرع الخامس من الباب الخامس المتعلق بتوقف عقد الشغل وانهاؤه، كما نجد أن المادة 37 من مدونة الشغل أحالت على مقتضيات المادة 62 فيما يخص بعض الجزاءات التأدبية .
وتعد هذه المسطرة واجبة الإتباع و ملزمة قبل إتخاذ قرار الفصل، لأنها تشكل حلقة رئيسية من حلقات فصل الأجير لإرتكابه خطأ جسيم أو عند توقيع الجزاءات التأديبية التي تعتبر من الخطورة بمكان على وضعية الأجير وبالخصوص التوبيخ الثاني، أو التوقيف عن الشغل مدة لاتتعدى ثمانية أيام، والتوبيخ الثالث، أوالنقل إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى.
ويكتسي هذا الموضوع قيد الدراسة والتحليل أهمية على بالغة سواء على المستوى النظري أو العملي، فعلى المستوى النظري تبرز أهمية الموضع من خلال قلة الكتابات التي تناولته من زاوية الإختلاف الفقهي حول مدى إعتبار هذه المسطرة من النظام أم لا ،بالإضافة إلى موضوع تحديد الطرف الملزم بتفعيل هذه المسطرة، أما على المستوى العملي فتظهر أهمية الموضوع من خلال تضارب الإجتهادت القضائية حول الإشكالات التي تطرحها تطبيقات هذه المسطرة.
ورغم أن الموضوع يبدو واضح وبسيطا إلا أنه يثير إشكالية مفاده '' ما مدى إلزامية مسطرة الإستماع وما موقف القضاء من ذلك''
للإجابة على هذه الإشكالية سوف نعتمد التقسيم الآتي:
المبحث الأول: مسطرة الإستماع للأجير في التشريع المغربي والتشريع المقارن
المبحث الثاني: موقف القضاء من تطبيق مسطرة الإستماع
واختيار هذا التصميم جاء نتيجة لمحاولة الإلمام بهذا الموضوع من شتى جوانبه، والإحاطة به على جميع المستويات سواء على المستوى التشريعي أو الفقهي أوالقضائي.
---------------------------
لائحة المراجع :
- الإتفاهيات الدولية:
- الاتفاقية الدولية رقم 158 لمنضمة العمل الدولية المتعلقة بإجراءات الفصل التأديبي لسنة 1982.
- القوانين:
القانون 65.99المتعلق بمدونة الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.194. ابتاريخ 14 رجب 1424 الموافق ل 11 سبتمبر 2003.
- كتب قانونية:
- أحمد حميوي، الوسيط في قانون الشغل المغربي، الجزء الأول: علاقات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل وآراء الفقه وأحكام القضاء، الطبعة الأولى 2013
- أمينة رضوان ،مدونة الشغل من خلال الأجتهاد القضائي (دراسة مقارنة)، مطبعة الأمنية ،الرباط،2016
- بدر الصيلي ، الخصوصيات المسطرية في نزاعات الشغل الفردية، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب ، الطبعة الأولى، 2015
- محمد الكشبور، إنهاء عقد الشغل مع تحليل مفصل لأحكام الفصل التعسفي للأجير دراسة تشريعية وقضائية مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء،2008.
- محمد بلهاشمي التسولي، مدونة الشغل بين النظرية والنظرية والتطبيق في العقود الفردية، الجزء الأول، الطبعة الأولى2010
- محمد بنحساين، شرح قانون الشغل المغربي، مطبعة أمستين ،الرباط الطبعة الثالثة ،أكتوبر 2012
- رسائل .جامعية:
هشام بحار، ضوابط ممارسة السلطة التأديبية للمشغل في ضوء مدونة الشغل - تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، وحدة التكوين والبحث، قانون الشغل والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، نوقش بكلية الدارالبيضاء، سنة الجامعية2008/2007