آثار الإلتزام في القانون المغربي

 مقال بعنوان: آثار الإلتزام في القانون المغربي

آثار الإلتزام في القانون المغربي

مقدمة :

القاعدة ان الالتزام ،اذا ما نشا انتج اثره، والالتزام هو رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن و الآخر مدين أي أنه رابطة قانونية, مالية, شخصية و هذا يستلزم منا تحليل عناصر هذه الرابطة القانونية:أولا: الرابطة القانونية : هي العنصر المميز للالتزام القانوني لأنها تعطي للدائن الحق في أن يغصب مدينه على الوفاء . و هي تتألف من عنصرين:

1) تحمل المدين بالالتزام .فالالتزام يثقل بالضرورة كاهل المدين، اي مديونية: او بعبارة اخرى الواجب القانوني المحمول على المدين و المتمثل في القيام بأداء معين. و هو يقتصر على الواجب الذي يفرض على الشخص القيام بأداء معين سواء كان عملا سلبيا أو ايجابيا لمصلحة شخص آخر له حق تلقي هذا الأداء. وهذا هو عنصر الوجوب، او عنصر المديونية، و تنقضي المديونية بالوفاء الاختياري, و لا تخول الدائن أية سلطة لقهر المدين على الوفاء

2)مسؤولية المدين عن الالتزام: أي أن رابطة المسؤولية هي التي تضمن للدائن حصوله على حقه, إذ أن جوهرها هو فكرة القهر و الإجبار فيكون للدائن أن يستأدى حقه قهرا و الحق في جبر المدين على الوفاء إن لم يقم به طواعية. بمعنى انه يجبر على الوفاء به بمعونة السلطة العامة، ان لم يؤده برغبته ورضاه. وهذا هو عنصر المسؤولية في الالتزام.
هذان هما العنصران الاساسيان للالتزام فالمديونية بالإضافة الى المسؤولية تساوي الالتزام القانوني.
و رابطة المسؤولية في القانون الحديث, بمنزلة الوسيلة، أما رابطة المديونية فهي في منزلة الغاية. إذ أن رابطة المسؤولية يقتصر دورها على تحقيق علاقة المديونية بتمكين الدائن من الحصول على دينه. و بذلك يتضح أن العنصر الأساسي في الالتزام هو عنصر المديونية, فلا يوجد التزام إلا بوجوده و لا تتصور المسؤولية بدون مديونية ترمي إلى تحقيقه.
و على العكس من المتصور عقلا أن توجد المديونية وحدها غير مستندة إلى مسؤولية أو مستندة إلى مسؤولية محددة[1] و بذلك يكون الالتزام ناقصا[2].
فالمديونية-المسؤولية=التزام ناقص أو التزام طبيعي, و هو نوع وسط بين الالتزام الأدبي و الالتزام القانوني مثل نفقة الأخ على أخيه.
و الالتزام الطبيعي عادة يكون فيه ثبوت مديونية زائد غياب المسؤولية, و لكنه يكتسب قوة الالتزام القانوني بمجرد تنفيذه و لو خطأ و هو ما كرسته كثير من التشريعات المدنية و ذلك على أساس أخلاقي محض... و لا مثيل له في القانون الفرنسي الذي لا يقبل تصحيح الالتزام الطبيعي إلا إذا وقع تنفيذه اختيارا من الدافع.
و الالتزام الطبيعي يكتسي قوة الالتزام المدني بمجرد تنفيذه.
ثانيا: رابطة مالية: موضوع الالتزام هو أداء معين يكتسي طابعا ماليا يتميز بموجبه الالتزام المدني عن غيره من الالتزامات القانونية. بمعنى أن قواعد الالتزامات لا تطبق إلا على الواجبات القانونية التي يمكن تقديرها بالنقود. و هذه الخصيصة تبدو لأول وهلة بديهية, ما دمنا بصدد معاملات مالية , فمن المسلم أن الالتزام هو الوجه السلبي للحق الشخصي , و هو حق مالي , و أن التزام المدين يدخل في تكوين الجانب السلبي من ذمته المالية, كما أن الحق الشخصي يدخل في تكوين الجانب الايجابي من ذمة المدين.
أما الواجبات القانونية التي لا يكون الأداء فيها ماليا فلا تحكمها قواعد نظرية الالتزامات , فواجب الأسرة يخضع للقانون الخاص بذلك كواجب الزوجة طاعة زوجها, و واجب الأبناء طاعة الأب تخضع لقانون الأسرة.
غير أنه لا يشترط لكي يعتبر الواجب القانوني التزاما بالمعنى الدقيق و لكي يخضع بالتالي لقواعد نظرية الالتزامات أن تكون مصلحة الدائن مصلحة مالية[3].
و الالتزام المدني من حقوق الذمة المالية. و قد ينشأ عن مخالفة واجب عام ليس له طابع مالي مثل حادث تسبب في ضرر للغير نتيجة خرق قانون المرور.
ثالثا: رابطة شخصية: الالتزام المدني علاقة بين شخصين لا يمكن تنفيذه إلا بواسطة المدين. فالالتزام رابطة قانونية بمقتضاها يجب على شخص معين يسمى المدين أن يقوم بأداء مالي لمصلحة شخص آخر معين أو قابل للتعيين يسمى الدائن , و يكون المدين مسؤولا عن دينه - كقاعدة عامة - في كافة أمواله.
و يختلف عن الحق العيني الذي هو سلطة على شيء و يعطي لصاحب الحق في تتبع الشيء في أي يد ينتقل اليها, كما يعطيه حق أفضلية في الحصول على حقه قبل غيره من الدائنين الآخرين.
و الفرق بين الحق العيني و الالتزام المدني أن الأول سلطة مباشرة على الشيء بينما الثاني هو رابطة شخصية لا يمكن الحصول على الحق الا من خلال المدين. لكن قيمة عنصر الرابطة الشخصية في الالتزام المدني لم تكن محل اجماع.
و قد وجد مذهبين في الموضوع:
1) المذهب الشخصي في الالتزام , لا وجود لالتزام الا بين دائن و مدين معينيين, و كل تغير في أحد أطراف الرابطة يساوي نشأة التزام جديد أي تغير الرابطة نفسها.
2) المذهب العيني أو الموضوعي في الالتزام , العبرة ليست بأطراف الالتزام و انما بمحل الالتزام , فجوهر الالتزام ليس الرابطة الشخصية, و انما هو القيمة المالية الايجابية في ذمة الدائن, و السلبية في ذمة المدين و التي تمثل موضوعه و تعتبر ذات قيمة مالية لها ذاتيتها و تلزم أي مدين لفائدة أي دائن, و هو ما يبرر حوالة الحق و حوالة الدين.
و لا عبرة بالأشخاص فالالتزام قد ينشأ دون دائن أو مدين محدد ، على أن يتم تحديده عند الوفاء.
و هذا يحد من الفوارق بين الحق العيني و الحق الشخصي, فمحل كليهما سيصبح قيمة مالية يواجه بها الكافة.
و لقد تعرض المشرع المغربي لآثار الالتزام في الفصول من 228 إلى 235 ق ل ع .
ما المقصود بآثار الالتزام ؟
المقصود به هو ما يترتب على الالتزام من واجب على المدين الملتزم بأن يقوم بالأداء الذي يفرضه عليه التزامه، وهذا هو الأثر العادي والمباشر للإلزام، ويقابله حق الدائن في المطالبة بالأداء[4].

وإذا كان الإجبار عنصرا في الالتزام المدني بحيث يمكن إجبار المدين على القيام بتنفيذ التزامه إذا لم يؤده برضاه، فإن هناك التزاما آخر تجرده من قوته الملزمة، ولا يمكن إجبار المدين على تنفيذه، يطلق عليه "الالتزام الطبيعي"[5] والأصل في التنفيذ الجبري أن يكون عينيا، أي بعين ما التزم به المدين ، غير أنه قد يستحيل تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا، أو يكون فيه مساسا بشخص المدين وحريته مرهقا له ، فيضطر الدائن أن يقنع بالحصول على مقابل لما التزم به المدين، وهذا ما يسمى بالتنفيذ بمقابل، أو التنفيذ بطريق التعويض[6] .
وتعتمد التفرقة بين الالتزام المدني ، والالتزام الطبيعي على تحليل فكرة الالتزام إلى عنصرين: عنصر المديونية أو الوجوب، بمعنى أن ذمة المدين مشغولة بالتزام، وعنصر المسؤولية بمعنى أن الدائن يستطيع إجبار المدين على الوفاء بالدين بمساعدة السلطة العامة، إذا لم يؤده برغبته ورضاه، فإذا اجتمع العنصران وجد ما يسمى بالالتزام المدني، وإذا لم يتوافر سوى عنصر واحد وهو المديونية أو الوجوب وجد ما يسمى بالالتزام الطبيعي ، لكن الفقه يذهب ، مع ذلك، إلى إمكان وجود واجب تطلق عليه تسمية الالتزام ، رغم عدم توافر عنصر المسؤولية فيه ، أي رغم عدم إمكان جبر من يقع على عاتقه هذا الواجب، بالوسائل القانونية ، على الوفاء به ويقول الفقه أنه في هذا الحال يوجد التزام طبيعي تمييزا له عن الالتزام الكامل، الذي يصفه الفقه بأنه التزام مدني[7]، ولذلك جعل القانون للدائن أن يطالب الغير بحقوقه المدنية، باسم هذا المدين مستعملا ما يكون لهذا المدين من دعاوى ضد هذا الغير، فتكون دعوى الدائن ضد الغير غير مباشرة، كما قرر القانون للدائن وسائل أخرى لمحاربة ما قد يلجأ إليه المدين من تصرفات يبعد بها بعض أمواله عن ضمان الدائنين تهربا من الوفاء بما عليه، سواء أكان ذلك بإبرام تصرفات صورية ، أي ظاهرية غير حقيقية، أو تصرفات تضر بالدائنين وتمنع حصولهم على حقوقهم، فقد جعل القانون للدائن الحق في أن يطعن في هذه التصرفات بدعوى الصورية أو بدعوى عدم نفاذ التصرفات المسماة بالدعوى البوليصية، بل إن القانون نظم شهر إعسار المدين بقصد تجنب الآثار الضارة لتصرفات المدين المعسر على دائنيه.
وكل الوسائل السابقة رتبها القانون للدائن، ليحافظ بها على الضمان العام لحقه، وليكفل بها تنفيذ المدين لالتزامه، أي هي ضمانات للتنفيذ.
ونتناول فيمل يلي الالتزام الطبيعي والمدني وضمانات تنفيذه.

الفصل الأول:الالتزام الطبيعي والمدني


المبحث الأول :الالتزام الطبيعي


الالتزام الطبيعي هو التزام اقل من الالتزام المدني وارفع من الالتزام الادبي، فالالتزام المدني شامل لعنصري المديونية والمسؤولية . ويعرفه الفقه بانه التزام لا يجبر القانون على الوفاء به، فهو التزام ناقص، لأنه لا يضم عنصري الالتزام كما عرضناهما، اي لا يضم كلا من المديونية والمسؤولية، بل هو مديونية بلا مسؤولية.

والالتزامات الطبيعية هي التزامات غير محماة بدعوى، ولكنها ليست باطلة ، ولكن يتوقف الوفاء بها على محض إرادة المدين .وإذا قام بالوفاء الاختياري كان هذا الوفاء صحيحا, ولا يمكن المطالبة باسترداد ما تم الوفاء به. والالتزام الطبيعي هو اقل من الالتزام المدني وارفع من الالتزام الادبي .والالتزام الطبيعي، فيما يعرفه بعض الفقه، هو التزام لا يجبر القانون على الوفاء به، فهو التزام ناقص ، لأنه لا يضم عنصري الالتزام كما عرضناها، أي لا يضم كلا من المديونية والمسؤولية، بل هو مديونية بلا مسؤولية فهو إن كان واجبا على المدين به ، فهو واجب يترك الوفاء به من جانب الملتزم وبمحض حريته واختياره[8] وفقا لما يمليه عليه ضميره.

وقد ظهرت فكرة الالتزام الطبيعي في القانون الروماني عندما كانت العقود لا تنتج اثرها الا متى استوفت الشكل المرسوم لها, فاذا ما تخلف شرط من شروط الشكلية كان الالتزام طبيعيا لا مدنيا، ثم انتقلت هذه الفكرة الى القانون الكنسي ، ثم الى القانون الفرنسي القديم حيث قررت المادة1235/2 منه على ان الاسترداد ممنوع بالالتزامات الطبيعية ,ثم توسع الفقه الفرنسي بعد صدور المجموعة المدنية الفرنسية وحصر الالتزامات الطبيعية في طائفتين:

الأولى:في الالتزامات التي لم تستكمل الشروط القانونية وذلك كالهبة غير الرسمية فلا ينتج عنها سوى التزام طبيعي. والثانية : حالة انقضاء الالتزامات بالتقادم المسقط ، والالتزام الناشئ عن الصلح مع المدين المفلس .

واخيرا وسع الفقه الفرنسي من نطاق الالتزامات الطبيعية فأضاف: بانه ينشا الالتزام الطبيعي في كل حالة يرتفع فيها الواجب الخلقي في وعي الجماعة الى درجة خاصة من القوة، وهو مفهوم واسع للالتزام. وقد تنازعت فكرة الالتزام الطبيعي نظريتان:

الأولى: النظرية التقليدية التي تربط الالتزام الطبيعي بالالتزام المدني على اعتبار أن الأول ما هو إلا التزام مدني منحل ، قامت عقبة دون نشوئه أو دونه بقائه.

والثانية النظرية الحديثة التي ترجع الالتزام الطبيعي إلى فكرة الأخلاق، فتعتبره واجبا أدبيا ارتفع في نظر القانون ، فاعترف له ببعض آثاره[9] .

رأينا عند تحليل رابطة الالتزام أنها تتضمن عنصري المديونية والمسؤولية، ويتكون من مجموع العنصرين: الالتزام المدني، أما إن فقدت هذه الرابطة عنصر المسؤولية فيقال أن الالتزام التزام طبيعي ، ولما كان قهر المدين على التنفيذ لا يتصور بدون عنصر المسؤولية لزم التمييز بين هذين النوعين من الالتزام ، وعلى ذلك سنتكلم في الالتزام الطبيعي قبل البحث في الالتزام المدني:

فلا تلازم إذن بين الالتزام الطبيعي والالتزام المدني، كما تزعم النظرية التقليدية بل إن الالتزام الطبيعي هو الذي يصل ما بين منطقتي القانون والآداب، إذ هو النقطة المشتركة في المنطقتين، فهو في منطقة الآداب من حيث هو واجب أدبي، وهو في منطقة القانون من حيث أنه يولد بعض الالتزامات القانونية وما دام في مرتبة وسطى بين الالتزام المدني والواجب الأدبي، فهو إما أن يكون التزاما مدنيا نزل عن مرتبته بزوال عنصر المسؤولية مع بقاء عنصر المديونية وإما أن يكون واجبا أدبيا ارتفع عن مرتبته بقيام عنصر المديونية فيه عنصر المسؤولية. وفي كلتا الحالتين يكون الالتزام الطبيعي مشتملا على عنصر المديونية دون عنصر المسؤولية .

ويخلص من ذلك أن النظرية الحديثة تنظر إلى الالتزام الطبيعي باعتبار أنه واجب أدبي تفرضه الأخلاق أولا، تم يتدخل فيه القانون بقدر محدود فتعترف به مديونية لا مسؤولية ويسلم فيه بالتنفيذ الاختياري دون الجبري[10].

ويجوز الوفاء الاختياري بالتزام طبيعي ، ولكن لا يجوز أن يقاس هذا الالتزام بدين آخر، لأن المقاصة ضرب من الوفاء الجبري، وكذلك لا تجوز كفالة التزام طبيعي حتى لا يكون تنفيذ جبري على الكفيل، والوفاء لا يعد تبرعا، فلا يجوز فيه الرجوع، ويشترط في الوفاء أن يكون عن بينة واختيار بأن لم يشبه غلط أو تدليس أو إكراه، فإذا اعتقد المدين خطأ أنه مجبر على الوفاء كان له أن يسترد ما وفاه بدعوى استرداد غير المستحق، ويجوز الوعد بالوفاء بالتزام طبيعي إذا ما صدر عن بينة واختيار ويصبح هذا الوعد ملزما له، ويكون التزاما مدنيا يجبر المدين على الوفاء به، ولكن لا يكفي مجرد الاعتراف بوجود التزام طبيعي إذ يلزم الوعد بالوفاء [11].

وقد نصت على ذلك المادة 68 من ق ل ع على أنه : " من دفع ما لم يجب عليه، ظنا منه أنه مدين به، نتيجة غلط في القانون أو في الواقع كان له حق الاسترداد على من دفعه له، ولكن هذا الأخير لا يلتزم بالرد إذا كان قد أتلف أو أبطل حجة الدين، أو تجرد من ضمانات دينه أو ترك دعواه ضد المدين الحقيقي تتقادم وذلك عن حسن نية ونتيجة للوفاء الذي حصل له، وفي هذه الحالة لا يكون لمن دفع إلا الرجوع على المدين الحقيقي" كما نصت المادة 69 ق ل ع على أنه : " من دفع باختياره ما لا يلزمه عالما بذلك، فليس له أن يسترد ما دفعه " وكذلك فعل القانون المدني الفرنسي في المادة 1235 منه على أن "1- كل وفاء يفترض وجود دين، وما دفع دون استحقاق يجوز استرداده 2- على أنه لا يجوز الاسترداد في الالتزامات الطبيعية إذا كان الوفاء بها قد تم اختيارا ".

وهناك التزامات تنشأ في الأصل مدنية، ويعوقها مانع قانوني عن أن ترتب آثارها فتخلفت عنها التزامات طبيعية، ومن هذه ما قام المانع القانوني فيه منذ نشأته، ومنها ما نشأ التزاما مدنيا صحيحا وولد آثاره، ثم قام المانع القانوني بعد ذلك، فانقضى التزاما مدنيا ليصبح التزاما طبيعيا[12]، وهناك التزامات بدأت واجبات أدبية، تم ارتفعت منزلتها فأصبحت التزامات طبيعية، على النقيض من الطائفة الأولى التي وصلت إلى مرتبة الالتزامات المدنية وانحدرت بعد ذلك إلى مرتبة الالتزامات الطبيعية[13] ومن أمثلة ذلك التزام شخص بتعويض شخص آخر عن الضرر غير المباشر الذي لحق به من جراء خطأ ارتكبه، أما التزامه بالتعويض عن الضرر المباشر فهذا التزام مدني مصدره العمل غير المشروع .

الاتفاقات الأدبية والالتزام الطبيعي:


تداخل الاتفاقات الأدبية في الالتزامات الطبيعية:
إن الالتزام الطبيعي يجد مصدره إما في نص القانون،كما هو الحال في الالتزام الطبيعي المتخلف عن انقضاء التزام مدني بالتقادم،أو في الالتزام الطبيعي الناشئ عن هبة باطلة لعيب في الشكل، وإما في التزام أدبي يرتفع في وعي الجماعة إلى حد الشعور بوجوب الوفاء به إرضاء للضمير والشرف. وفي الحالة الأخيرة يكون مصدر الالتزام الطبيعي هو الالتزام الأدبي، غاية ما في الأمر إن الوضع فيها لا يتعلق بوعي الفرد الذي يقع عليه الالتزام، وإنما بالوعي الجماعي.

ومن ناحية ثانية فالاتفاق الأدبي يثير في الحقيقة قضية مختلفة تماما عن قضية الالتزام الطبيعي. فالقضية محل البحث فيه هي قضية سلطان الإرادة في حجب آثار الاتفاق عن النظام العام بأدواته التشريعية والقضائية والتنفيذية. وهي قضية لا تحتمل أكثر من حلين:فإما أن يعترف للإرادة بهذا السلطان، فيبقى الاتفاق الأدبي خارج مجال القانون، على نحو لا تكون معه أي دعوى قضائية مسموعة بشأنه. وإما إن ينكر على الإرادة هذا السلطان، على نحو يمكن معه للاتفاق الأدبي أن ينتج الآثار القانونية التي ترتبها الاتفاقات المماثلة له التي يبقى عليها أطرافها في دائرة النظام القانوني، فيكون الاتفاق الأدبي منشأ لالتزام مدني من الأصل.

إثبات العلاقة بين الاتفاق الأدبي وبين الالتزام الطبيعي:
إن الفارقة بين الاتفاق الأدبي وبين الالتزام الطبيعي ليست صحيحة على إطلاقها.فالالتزام الطبيعي إن كان ينشا عن نص في القانون أو عن أصل خلقي عام،فالمقصود بذلك هو المصدر غير المباشر أو المرتب للالتزام، وهو في الحقيقة قاعدة قانونية موضوعية تحتويها مصادر القانون المختلفة، واخصها التشريع والعرف. ولكن يبقى بعد ذلك أن قواعد القانون التي تحتويها هذه المصادر، عندما تقرر قيام هذا الالتزام، فهي تستند في ذلك إلى مصدر آخر مسبب له. وهذا المصدر الأخير قد يكون تصرفا قانونيا أو واقعة قانونية .فإذا كان الالتزام الطبيعي متخلفا عن التزام مدني سابق فان مصدره المسبب أو المباشر يكون هو ذات مصدر الالتزام المدني من عقد أو عمل مرتب للمسؤولية أو غير ذلك من التصرفات والوقائع القانونية. وهذا هو الشأن مثلا في الالتزام المتخلف في ذمة القاصر لإبطال التزامه المدني الناشئ عن العقد بسبب نقص أهليته أو في الالتزام المتخلف في ذمة الواهب أو ورثته إذا ما كانت الهبة باطلة لعيب في الشكل. ويتضح من ذلك أن الالتزام الطبيعي يمكن أن يكون مصدره المباشر هو الاتفاق، على نحو لا يمكن معه المفارقة بينه وبين الاتفاق الأدبي من هذه الزاوية.

أما فيما يتعلق بالموازنة بين أثار الالتزام الطبيعي وأثار الاتفاق الأدبي، فالأمر يتوقف في الحقيقة على موقف القانون الوضعي من الاتفاق الأدبي.فإذا سلمنا بان القانون الوضعي يخول لطرفي الاتفاق سلطة إخراج اتفاقهما من دائرة القانون، فان أثاره سوف تكون مشابهة لأثار الالتزام الطبيعي، وفي هذه الحالة سوف لا يكون بيد المستفيد من هذا الاتفاق دعوى للمطالبة بتنفيذه.وإذا ما قام احد الطرفين بتنفيذه بالفعل، فسوف لا يكون بيده دعوى للمطالبة باسترداد ما أداه. وإذا لم نسلم لطرفي الاتفاق بهذه السلطة، فسوف يكون الاتفاق الأدبي اتفاقا ملزما لطرفيه، وسوف تكون الالتزامات الناشئة عنه التزامات مدنية عادية، وليست مجرد التزامات طبيعية.

ذلك أن قواعد القانون التي تحتويها هذه المصادر، عندما تقرر قيام هذا الالتزام، فهي تستند في ذلك إلى مصدر آخر مسبب له، وهذا المصدر الأخير قد يكون تصرفا قانونيا أو واقعة قانونية.

فكرة الالتزام الطبيعي في الشرع الإسلامي:
يبدو إن رجال القانون قد افتقدوا في نصوص القوانين الوضعية العنصر الروحي الذي يمثل حيوية النصوص، فحاولوا بشتى مذاهبهم سد هذا الفراغ فابتكروا فكرة الالتزام الطبيعي سعيا لتحقيق العدالة من خلال ابراز سمات مكارم الاخلاق غير انهم مع كل ذلك لم يصيبوا الهدف المبتغى فقولهم بسقوط الدين بالتقادم واعتبار عنصر الزمن هو المؤدي الى اسقاطه حتى وان اعترف المدين ان الدائن لم يبرئه وانه لم يسدد الين وانما يتخلف بذمته التزام طبيعي لا شك انهم بهذا التقرير جانبهم الصواب، ووجه المجانبة :ان الدين لا يسقط مهما تقادم عليه الزمن لا يجوز ان يسقط، وذلك لما اخرجه النسائي عن محمد بن جحش ان رسول الله صلى الله عليه وسلم :"والذي نفسي بيده لو ان رجلا قتل في سبيل الله ثم احيي ثم قتل، ثم احيي ثم قتل، ثم احيي ما دخل الجنة حتى يقضى عنه" [14]

وكذلك امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على الميت حتى يقضى عنه دينه، وقد قال: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك دينا فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته"[15]. وحديث آخر عن أبي هريرة انه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من اقرض أخاه المسلم قرضا كتب الله له بكل مثقال ذرة منه كل يوم ألف حسنة: «قال: هذا صاحب القرض يؤجر. فما يدعوك أنت إلى إن ستقرض ؟قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من استقرض قرضا فهم بأدائه حتى يؤديه في عافية وراحة كتب من المفلحين وكتب له براءة من النار ثم قال: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"[16].من أدى أمانة في عافية بغير بينة كانت عليه ولا طلب كان عليه من أخيه ,رضي الله عنه في الدنيا والآخرة[17], وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه بها عبد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء"[18] .

وبعد هذه الأدلة تجيز القوانين الوضعية للحاكم ألا يقضي على المدين بالوفاء بالدين حتى وان كان معترف بأنه لم يف به ، والمهم أن تكون مدة التقادم المسقط قد انقضت ,وهذا لا يستساغ شرعا ولا عقلا ولا اعتبار في نظرنا للمبررات القائلة بان مضي المدة قرينة على الوفاء وان اعتبارات الصالح العام تقضي بذلك فكل هذه المبررات ظنون مقابل ضرر محقق على الدائن لمصلحة فرد معين هو المدين . أما ما عدا ذلك من الحالات التي نادي بها الفقه الحديث باعتبارها التزامات طبيعية سعيا منه لتعميم مكارم الأخلاق فلا نرى أنها كافية، وإنما الذي نراه هو إن الجيل الجد يدالان بحاجة ماسة إلى العنصر الروحي تعميق لا في نطاق مكارم الأخلاق فحسب وإنما في كل الواجبات العامة والخاصة.

المبحث الثاني: الالتزام المدني Obligation Civile


إن الأثر الذي يترتب على وجود التزام في ذمة شخص معين هو وجوب قيام هذا الأخير بالوفاء به ، والأصل أن يقوم المدين بهذا الوفاء اختيارا، وهذا ما يسمى بالتنفيذ الاختياري أو الوفاء ، فإذا تحقق الوفاء طوعا واختيارا انقض به التزام المدين وانتهى الأمر، وإلا بقي الالتزام قائما وأجبر المدين على القيام بتنفيذه إما عن طريق التنفيذ العيني، عندما يحصل الدائن على عين ما التزم به المدين، أو التنفيذ بمقابل أي التعويض في حالة تعذر الأول سواء كان مبلغا من النقود، وهذا هو الأمر الغالب، أو أي شيء آخر، ولما كان المدين يلتزم بدفع التعويض إلى الدائن عما لحقه من ضرر نتيجة عدم التنفيذ العيني أو نتيجة التأخر فيه، فإن من مقتضى ذلك أن يمتنع الدائن بضمان يكفل له الحصول على حقه، وهذا الضمان هو ذمة المدين المالية التي هي الضمان العام الذي يؤمن لجميع الدائنين الوصول إلى حقوقهم إذا أخل المدين بتنفيذ التزامه، ولتدعيم هذا الضمان والمحافظة عليه قرر المشرع للدائن دعاوى يستطيع بها المحافظة على أموال المدين والمحافظة من ثم على ضمانة وهي الدعوى غير المباشرة ودعوى عدم نفاذ التصرفات ( الدعوى البوليصية) ودعوى الصورية، بالإضافة إلى حق الدائن في حبس مال المدين الذي يكون لديه، ليقوم هذا الأخير بوفاء التزامه المرتبط به.
ونعرض فيما يلي في مطلبين أولهما للتنفيذ الجبري، وثانيهما للضمان العام للدائنين ووسائل المحافظة عليها .
وقد كان المنطق يقتضي أن نبحث في التنفيذ الاختياري قبل التعرض للتنفيذ الجبري، غير أنه لما كان المشرع المغربي قد وضع الوفاء في باب انقضاء الالتزام ، فقد رأينا أن نساير سنة المشرع وأن نستبقي بحث التنفيذ الاختياري لحين دراسة أسباب انقضاء الالتزام .
وعلى هذا فإن دراستنا لآثار الالتزام تقتضي أن نعرض للتنفيذ العيني والتنفيذ بمقابل أو التنفيذ بطريق التعويض وما يكفل حقوق الدائنين من وسائل تنفيذ ووسائل ضمان ، ونجعل دراستنا لهذا في فصلين نتكلم في الأول عن التنفيذ العيني، والثاني للتنفيذ بطريق التعويض.

المطلب الأول:التنفيذ الجبري وموضوعه ووسائله l’exécution Forcée en nature


الفقرة الأولى: التنفيذ الجبري
بعد ان بينت التمييز بين الالتزام المدني والالتزام الطبيعي وذكرت اثار الالتزام الطبيعي يبقى ان ابين اثار الالتزام المدني المشتملة في وجوب التنفيذ والشروط التي يتطلبها هذا التنفيذ والصور التي يتم بها.
فتنفيذ الالتزام كما ذكرنا قد يكون اختياريا في موعده او عند الطلب، وهذا هو المألوف في التعامل، وقد يكون جبريا عند امتناع المدين او مماطلته، غير ان التنفيذ الجبري لا يكون الا عن طريق القضاء. فتنفيذ الالتزام إما أن يتم رضاء أو جبريا عن طريق السلطة المختصة، وقد يتم عينيا أو بالمقابل.
ويتم التنفيذ الجبري بواسطة السلطة العامة، وتحت إشراف القضاء، وأغلب ما يكون التنفيذ الجبري عن طريق الحجز على أموال المدين.
والأصل أن التنفيذ الجبري يكون بأداء الشيء ذاته الذي التزم به المدين، وفقا للشروط التي نشأ بها التزامه، أي أن يكون تنفيذا عينيا، ولكن هناك بعض الحالات يضطر الدائن فيها أن يقتصر على الحصول على مقابل لما التزم به المدين، فيسمى التنفيذ في هذه الحالة تنفيذا بمقابل أو تنفيذا بطريق التعويض[19] يقتصر فيه الدائن على تقاضي تعويض من المدين[20] .
وللتنفيذ صورتين: التنفيذ العيني وهو الأصل والتنفيذ بمقابل.
والقاعدة أن الالتزام إذا ما نشأ أنتج آثاره ويتركز آثر الالتزام في تنفيذه[21] ، ويتم تنفيذه بأداء موضوعه، أي القيام بعمل أو الامتناع عن العمل الذي يفرضه الالتزام على المدين .
وأداء المدين ما يفرضه عليه الالتزام أي تنفيذه واجب يفرضه عليه القانون ومن ناحية أخرى فالمدين مسؤول كقاعدة عامة، عن هذا الأداء بمعنى أنه يجبر عليه، إذا لم يقم به طوعا واختيارا، وهكذا فالأصل أن الالتزام يحوي العنصرين الآتيين:
1)تحمل المدين بالالتزام ،فالالتزام يثقل بالضرورة كاهل المدين، ويوجب عليه بالتالي أداءه، وهذا هو عنصر الوجوب أو المديونية.
2)مسؤولية المدين عن الالتزام ، فالمدين لا يرى الالتزام يثقل كاهله ويجب عليه الوفاء به فحسب، بل يرى نفسه أيضا مسؤولا عنه بمعنى أنه يجبر على الوفاء به بمعونة السلطة العامة إن لم يوده برغبته ورضاه وهذا هو عنصر المسؤولية في الالتزام .
هذان هما العنصران الأساسيان للالتزام[22]، ولكن ليس معنى هذا أن جميع الالتزامات تحويهما، فبعضهما لا يحوي إلا أولهما، أي عنصر المديونية دون ثانيهما، وهو عنصر المسؤولية، إذن في هذا الالتزام يوجد واجب قانوني على المدين بالوفاء، غير أن هذا الواجب لا تضمنه ذمة المدين، ولا سبيل بالتالي للدائن لقهره على الوفاء، ولكن إذا قام المدين بأداء هذا الواجب باختياره فلا يعد متبرعا، ويمتنع عليه استرداد ما أداه لأنه أوفى بواجب قانوني عليه .[23] إلا أن هذا البعض بالغ الندرة، ويأخذ مكان الاستثناء من القاعدة العامة، فالأصل أن الالتزام يحوي العنصرين معا بل إنه لا يكون كاملا إلا إذا انتظم كليهما، فالالتزام الذي يحوي عنصر المسؤولية وحده فضلا عن كونه نادر الوقوع في الحياة العملية، وفضلا عن أنه يرد على سبيل الاستثناء الصارخ هو التزام ناقص، وهو يسمى بالالتزام الطبيعي، في حين أن الالتزام الكامل، أي ذاك الذي يحوي العنصرين السابقين يطلق عليه الالتزام المدني؛
وفيما نتعرض إلى التنفيذ العيني أولا، ونخصص ثانيا للتنفيذ بمقابل أي بالتعويض.

أولا: التنفيذ العيني [24]
يقصد بالتنفيذ العيني للالتزام تنفيذ ما التزم به المدين بالطريقة المحددة له[25] بحكم القانون أو الاتفاق، وهو الأصل في التنفيذ بمعنى أنه ما دام المدين مستعدا للقيام به، فلا يحق للدائن أن يطالبه ابتداء بالتعويض أي التنفيذ بمقابل، فليس للدائن أن يحيد عن طلب التنفيذ العيني إلى طلب التعويض ما دام التنفيذ العيني ممكنا، ولا يجوز كذلك للدائن أن يتحول عنه دون موافقة المدين، إلى التنفيذ بمقابل أو التعويض إذا عرض المدين أن ينفذ التزامه عينا، والتنفيذ العيني إما أن يجريه المدين طوعا واختيارا، وإما أن يتم جبرا عليه، وهكذا ينقسم التنفيذ العيني بالنسبة إلى طريقة حصوله إلى تنفيذ عيني جبري، وآخر اختياري، ولا تثور الصعوبة بالنسبة إلى النوع الثاني، وإنما تظهر في النوع الأول، ولذلك فإن المشرع لا يسمح به إلا عند توافر شروط معينة .
وكما يجوز للدائن المطالبة بالتنفيذ العيني، لا يجوز كذلك للمدين ان يعرض القيام به وفي هذه الحالة يمتنع على الدائن رفضه والإصرار على طلب التعويض.
ولكن إذا اقتصر الدائن على المطالبة بالتعويض، ولم يعرض المدين التنفيذ العيني ، تعين في هذه الحالة الحكم بالتنفيذ بمقابل[26]، غير أن هذا الوضع لا يعني في الفقه انقضاء الالتزام الأصلي ونشوء التزام جديد بالتعويض، بل إن التعويض ما هو إلا طريق لتنفيذ نفس الالتزام تخيره الطرفان بديلا عن التنفيذ العيني، وتبقى الضمانات المقررة للالتزام قائمة لكفالة الوفاء بالتعويض.

ثانيا: شروط التنفيذ العيني
يجب حتى تقضي المحكمة بإجابة الدائن الى طلب تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا ان تتوفر هذه الشروط للتنفيذ العيني و منها :
1)يجب أن يكون التنفيذ العيني ممكنا : ان يكون التنفيذ العيني ممكنا أي مقتضى هذا الشرط أن التنفيذ العيني لا يكون لازما الا متى كان ممكنا, أما اذا كان التنفيذ مستحيلا ,فاذا اصبح هذا التنفيذ مستحيلا بسبب اجنبي او بخطأ المدين فانه لا يرجع اية فائدة من المطالبة بالتنفيذ العيني ولا يبقى الا رجوع الدائن بالتعويض اذا كانت الاستحالة بسبب المدين او انقضاء الالتزام دون تعويض اذا كانت الاستحالة بسبب اجنبي كما لو كان محل الالتزام تسليم سيارة معينة فهلكت قبل التسليم فاٍن الاستحالة لا تخلو الا أن تكون بفعل المدين , و اٍما أن تكون بسبب أجنبي فاِن كانت الاستحالة بفعل المدين فلا يكون أمام الدائن إلا المطالبة بالتنفيذ عن طريق التعويض, و أما اٍن كان بسبب أجنبي فاٍن الالتزام ينقضي و بالتالي يمتنع أمام المدين بالتعويض حيث لا يجب عليه اٍلا ارجاع الثمن.
أما إذا كان الالتزام دفع مبلغ من النقود فاٍن التنفيذ العيني لا يستحيل, حتى و اٍن ادعى المدين الاعسار, و لكن من الجائز للقاضي أن يحكم للدائن بالتعويض عن التأخير اٍذا كان ذلك بسبب عنت المدين. و ما دام التنفيذ العيني ممكنا كان للدائن أن يطالب به، ولا يجوز للمدين إلا استثناء أن يعدل عنه إلى التعويض، وبالعكس، إذا عرض المدين أن يقوم بالتنفيذ العيني فليس للدائن أن يرفضه[27]، فإذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا فلا يمكن إجبار المدين عليه، ولا يبقى أمامه إلا المطالبة بالتعويض ، أي التنفيذ بمقابل، ويشترط لذلك أن تكون استحالة التنفيذ راجعة إلى خطأ المدين ، أما إذا كانت الاستحالة راجعة إلى سبب أجنبي فإن الالتزام ينقص دون تعويض .
أما عن سائر صور الالتزامات: فمن المتصور أن يصبح التنفيذ العيني مستحيلا بفعل المدين, و نفصل هذا الاجمال على النحو الاتي
أ- ففي الالتزام بإنشاء حق عيني على شيء أو نقل ملكيته يصبح التنفيذ مستحيلا بفعل المدين اِذا قام بنقل ملكية هذا الشيء لشخص اخر أو قام بإتلافه و يلزمه اعادة الثمن مع التعويض.
ب- في الالتزام بقيام عمل: كالتزام الطبيب أو الرسام أو المهندس يستحيل التنفيذ بفعل المدين اِذا امتنع عن التنفيذ و مثل هذا العمل لا يستطيع القيام به اٍلا هو، كذلك يستحيل التنفيذ بفعل المدين فيما اٍذا فات الوقت و ذلك كتفويت المحامي موعد استئناف الحكم.
ج- و في الالتزام بالامتناع عن العمل: اٍذا التزم المدين بالامتناع عن العمل فترة محددة. فاٍنه يستحيل التنفيذ العيني اٍذا قام المدين بالعمل المخالف في الفترة المحددة, أما اذا كان العمل المخالف مما يمكن ازالته كالحائط فاٍنه يجوز للدائن أن يطلب التنفيذ العيني على نفقة المدين بترخيص القضاء.
ويبقى التنفيذ بمقابل وسيلة علاجية تعوض الدائن عما لحقه من ضرر نتيجة لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه تنفيذا عينيا أو لتأخره في هذا التنفيذ ، فهو إذن ليس إلا وسيلة احتياطية لا يلجأ إليها إلا إذا تعذر تنفيذ ذات الالتزام بكافة الشروط التي نشأ بها .
ولهذه القاعدة تطبيقات منها ما نص عليها المشرع، ومنها ما استخلصه القضاء، فمن تطبيقاتها التشريعية ما تنص عليه المادة 532 ق ل ع بصدد التزام البائع بضمان استحقاق المبيع ، فإنه بمقتضى هذه المادة على المشتري إذا ما رفعت عليه دعوى باستحقاق المبيع أن يخطر بها البائع حتى يتدخل هذا الأخير في الدعوى لكي يرد على ادعاءات مدعي الاستحقاق فترفض دعواه، ويكون البائع قد نفذ بذلك التزاماته بضمان الاستحقاق تنفيذا عينيا، فإذا لم يخطر المشتري البائع بالدعوى في الوقت الملائم ، فإنه يكون بذلك قد عاق البائع عن تنفيذ التزامه التزاما عينيا، ولذلك فإنه إذا حكم على المشتري في دعوى الاستحقاق فإنه يفقد حقه في الرجوع بالضمان على البائع مطالبا بالتعويض، وذلك إذا أثبت البائع أن تدخله في الدعوى كأن يؤدي إلى رفض دعوى الاستحقاق[28] .
2) يجب ألا يكون التنفيذ العيني فيه إرهاق للمدين:
الا يكون التنفيذ العيني فيه ارهاق للمدين او يكون فيه ارهاق ولكن العدول عنه يلحق بالدائن ضررا جسيما.
فقد يكون التنفيذ العيني ممكنا، ولكن في تحقيقه إرهاق للمدين، ويقصد بالإرهاق أن يلحق المدين خسارة جسيمة، وليس مجرد العسر أو الضيق أو التحمل بخسارة بسيطة مألوفة ، وأمر ذلك متروك تقديره إلى قاضي الموضوع ، وقد تجنب المشرع تحديد معنى الإرهاق تاركا الأمر إلى القضاء، وعلى كل حال فمرجع تقدير حالة الارهاق من عدمها تخضع لتقدير القاضي وفقا لمبدا حسن النية والظروف المحيطة بالحالة المعروضة علية.;ويذهب الشراح إلى أنه لا يدخل في معنى الإرهاق زيادة الكلفة نتيجة لارتفاع الأسعار أو الرسوم أو فرض ضرائب جديدة ; ; ولكن يتحقق هذا الإرهاق إذا كانت الفائدة التي ستعود على الدائن من التنفيذ العيني لا تتناسب مع الضرر الذي سيصيب المدين منه، وكان في التعويض النقدي ترضية له؛ وقد لا يكون التنفيذ العيني مستحيلا، ولكن يعدل عنه المدين بإرادته وحده إلى التعويض، ويكون ذلك في الحالة التي يتسبب عنها إرهاق المدين عند تنفيذ التزامه عينا؛
والرخصة الممنوحة للمدين في العدول عن التنفيذ العيني على التعويض إذا كان الأول مرهقا له مشروط بألا يلحق الدائن من جراء هذا العدول ضرر جسيم، فإذا كان الأمر كذلك وجب الرجوع على الأصل، وهو التنفيذ العيني مهما ترتب عليه من ضرر للمدين ، لأن حق الدائن في التنفيذ العيني ، ما لم يكن متعسفا في طلبه أولى بالرعاية من مصلحة المدين في العدول عنه إلى التعويض[29] .
3)أن يطلب الدائن التنفيذ العيني أو يتقدم به المدين:
ان يطلب الدائن التنفيذ العيني او يتقدم به المدين فإذا طلب الدائن التنفيذ العيني ، فلا يجوز للمدين أن يعرض عليه التنفيذ بمقابل، وإذا عرض المدين التنفيذ العيني فلا يجوز للدائن أن يطلب التنفيذ بمقابل، بل يجبر على التنفيذ العيني اي على اداء عين ما التزم به، لأن الأصل هو التنفيذ العيني للالتزام، لكن إذا لم يطلب الدائن التنفيذ العيني ، بل طلب التنفيذ عن طريق التعويض ولم يعارض المدين التنفيذ العيني وإنما ارتضى التنفيذ بمقابل فيؤخذ ذلك على أنه اتفاق ضمني بين الدائن والمدين على استبدال التنفيذ العيني بطريق التعويض[30]؛
ويلاحظ ان التعويض ليس بالتزام تغييري او بدلي فليس للالتزام الا محل واحد هو عين ما التزم به المدين اي التنفيذ العيني ولكن يجوز باتفاق الطرفين ان يستبدل بالتنفيذ العيني التعويض النقدي.
4)اعذار المدين :
يستفاد من هذا الشرط انه لكي يتم التنفيذ العيني بطريق الاجبار لا بد من توفر شرط اعذار المدين طبقا لما يوجبه القانون.
تعريف الأعذار و كيف يتم؟
الاعذار دعوة توجه الى المدين يقصد منها انذاره بوجوب الوفاء، وقد عرفه الفقهاء الأعذار بأنه تسجيل التأخير, او هو وضع المدين موضع التأخير في تنفيذ التزامه[31] ,والأعذار ضروري لتنبيه المدين إلى نية الدائن في الالتجاء إلى التنفيذ الجبري إذا لم يف بالتزامه باختياره والاعذار اجراء لازم لإثبات تقصير المدين في تنفيذ الالتزام العيني او بمقابل ’كما تظهر اهميته بالخصوص فيما يترتب على التأخير من استحقاق التعويض ’حيث يجعل القاضي اكثر استجابة للحكم به ’ وهو الشرط الأخير للتنفيذ العيني، وهذا الشرط ضروري كذلك لاستحقاق التعويض في التنفيذ بمقابل، فيشترط لإجبار المدين على التنفيذ العيني أن يكون الدائن قد قام بإعذاره بوجوب قيامه بالتنفيذ العيني ، فلا يسوغ إجبار المدين على تنفيذ التزامه ما لم يثبت انه قصر في أدائه، والوسيلة القانونية لإثبات هذا التقصير هي الأعذار. وقد نصت بعض القوانين إلى إن حلول الأجل يعتبر بمثابة الانذار[32] . في حين اوجب قانون الالتزامات والعقود المغربي الأعذار لاستحقاق الدائن التعويض
وقد نصت المادة 256 ق ل ع على ذلك بقولها: " لا يكون الإنذار من الدائن واجبا: 1- إذا رفض المدين صراحة تنفيذ التزامه؛ 2- إذا أصبح التنفيذ مستحيلا " ولا يعتبر المدين معذرا بمجرد حلول أجل الدين ، بل لا بد من إعذاره ما لم يكن متفقا على أن يصبح معذرا بمجرد حلول الأجل ، لان المادة 255 ق ل ع تعتبر على أن " يصبح المدين في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام .
فإن لم يعين للالتزام أجل لم يعتبر المدين في حالة مطل، إلا بعد أن يوجه إليه أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين، ويجب أن يتضمن هذا الإنذار : 
1- طلبا موجها إلى المدين بتنفيذ التزامه في أجل معقول؛ 
2- تصريحا بأنه إذا انقضى هذا الأجل فإن الدائن يكون حرا في أن يتخذ ما يراه مناسبا إزاء المدين .
ويجب أن يحصل هذا الإنذار كتابة، ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو برسالة مضمونة، أو بالمطالبة القضائية ولو رفعت إلى قاضي غير مختص " إلا أن قاعدة اشتراط الإنذار أو ما يقوم مقامه للإعذار ليست من النظام العام فمادام من الجائز الاتفاق على ان يكون المدين معذرا بمجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر، فإنه يجوز من باب أولى الاتفاق على أن يتم الإعذار بمجرد خطاب مسجل.
وقد يكون الاتفاق صريحا أو ضمنيا، وقد يكون أساس الاتفاق الضمني أن العادة قد جرت على عدم اتباع طريقة الإنذار أو ما يقوم مقامه لإعذار المدين، وهذا هو السبب في أنه في المسائل التجارية يكون الإعذار بخطاب مسجل ، حتى ولو لم يتفق على ذلك صراحة في العقد وليس ثمة ما يمنع من الاتفاق على أن يكون الإعذار بخطاب عادة غير مسجل أو حتى بمجرد إخطار شفوي، ولكن في هذه الحالة قد يصعب على الدائن أن يثبت حصول الأعذار، وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى :"لكن حيث أن الإنذار بالإفراغ لسبب عدم وفاء المكتري بالتزامه في أداء واجب الكراء يرمي –إلى إثبات حالة التماطل وفسخ عقد الكراء, ويخضع بالتالي إلى مقتضيات المادة692 من قانون الالتزامات والعقود التي لا تشترط أي بيان من البيانات المشار إليها في الوسيلة، وان كل ما يلزم ان يتضمنه الإنذار الموجه في إطار هذه المادة هو بيان المبلغ الذي تخلد بذمة المكتري عن المدة التي توقف فيها عن الأداء، ومنحه أجلا معقولا لأداء المبلغ المذكور[33].
وأيا كان الإجراء المتبع في إعذار المدين، فإنه يتعين أن تبدو به رغبة الدائن واضحة في استيفاء حقه، واستظهار إرادة الدائن هذه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فيه، ما دام القاضي قد استند إلى أسباب تؤدي عقلا إلى النتيجة التي استخلصها .
شكل الإعذار:
يتخذ الإعذار عادة شكل الإنذار حيث يتضمن هذا الإنذار حسب المادة 255 ق ل ع :
1 - طلبا موجها إلى المدين بتنفيذ التزامه في أجل معقول؛
2 - تصريحا بأنه إذا انقضى هذا الأجل فإن الدائن يكون حرا في أن يتخذ ما يراه مناسبا إزاء المدين .
ويجب أن يحصل هذا الإنذار كتابة، ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو برسالة مضمونة أو بالمطالبة القضائية ولو رفعت إلى قاضي غير مختص[34].
اما الالتزامات التجارية فيتم الأعذار بالأوراق الرسمية ,بل ويتم بمجرد الإخطار الشفوي ,وفقا لما جرت عليه قواعد العرف التجاري ما لم ينصص القانون أو يقضي الاتفاق بغير ذلك .
آثار الاعذار.
تتمثل النتائج القانونية المترتبة عن الاعذار فيما يلي:

ا- التعويض :
يستحق الدائن بعد الأعذار الحكم له بالتعويض عن كل الأضرار التي لحقته من جراء عدم التنفيذ او التأخر فيه ,وإذا كان محل الالتزام أداء مبلغ من النقود فان المدين وفقا للقانون...لا يلزم بفوائد التأخير إلا من يوم المطالبة القضائية بهذه الفوائد.

ب- الفسخ :
إذا كان العقد من العقود الملزمة للجانبين فان للدائن بعد الاعذاران يطلب فسخ العقد لعدم قيام المدين بتنفيذ الالتزام

ج- انتقال تبعة الهلاك :
يترتب على الاعذار انتقال المبيع بقوة تبعة الهلاك ,ومضمون ذلك انه إذا هلك قاهرة قبل ان يسلمه البائع للمشتري ، فان تبعة الهلاك قبل الاعذار تقع على البائع إما إذا هلك البيع بعد أعذار المشتري بالاستلام ولم يفعل فان تبعة الهلاك تقع على المشتري ، هذا هو وللمتعاقدين الأصل أن يتفقا على غير ذلك.

الفقرة الثانية :موضوع التنفيذ العيني
موضوع التنفيذ العيني: هو عين محل التنفيذ ، وقد يكون التزاما بنقل ملكية أو بنقل حق عيني آخر أو التزام بعمل أو التزام بالامتناع عن عمل؛ ويبين من النص ان الالتزام بنقل حق عيني يتم تنفيذه من تلقاء نفسه بحكم القانون اذا كان الشيء الذي يقع عليه الالتزام معينا بالذات يملكه المدين فإذا كان منقولا فينفذ الالتزام بمجرد نشوئه ولو قبل التسليم آما اذا كان عقارا فلتنفيذ الالتزام يتعين مراعاة قواعد التسجيل او القيد,
وموضوع التنفيذ العيني يقتضي تحديد محل التزام المدين لمعرفة ما يجب عليه القيام به، فقد يكون محل التزام القيام بعمل أو الامتناع عن عمل ، وقد يكون محل الالتزام نقل ملكية أو حق عيني آخر على شيء أي التزام بإعطاء ، فتختلف طريقة التنفيذ في كل التزام عنها في غيره، وذلك بحسب محل الالتزام وما يقتضيه من المدين[35]؛
وموضوع التنفيذ العيني ينقسم الى ثلاثة اقسام هي: التزام بإعطاء، والتزام بعمل، والتزام بامتناع عن عمل.
ويهمنا الآن أن نعرض كيفية حصول التنفيذ العيني للالتزامات المختلفة، وهذا ما نعمد إليه في ما يلي:

أولا: تنفيذ الالتزام بنقل أو بإنشاء الحق العيني: (الالتزام بإعطاء)
يرد الالتزام بإعطاء على نقل الملكية او الحق العيني على منقول معين بالذات ’او بالنوع كما يرد على العقار[36].
وتنفيذ الالتزام عينا يختلف باختلاف طبيعة الشيء المراد إنشاء الحق عليه سواء أكان معينا بذاته أم معينا بنوعه، وسواء أكان منقولا أم عقارا؛
1) الشيء من المنقولات:
فإذا كان الشيء منقولا، وكان معينا بذاته، ومملوكا للمدين، فإن الالتزام يعتبر منفذا بمجرد نشوئه، أي أن الحق العيني الذي التزم المدين بنقله أو إنشائه يعتبر بحكم القانون بمجرد نشوء الالتزام ، فتنتقل ملكية المنقول المعين بالذات من البائع الذي كان مالكا له إلى المشتري بمجرد العقد، وكذلك الحال بالنسبة لكافة الحقوق العينية الأخرى. وإذن التسليم ليس شرطا لانتقال الملكية أو الحق العيني، فيعتبر المشتري مالكا للمبيع بمجرد العقد ولو لم يكن قد استلمه بعد من البائع، أما إذا كان الشيء منقولا معينا لا بذاته بل بنوعه ومقداره، فإن الحق العيني المتعهد بنقله على هذا الشيء لا ينتقل بمجرد الاتفاق الذي أنشأ هذا الالتزام ، وذلك لان الحق العيني لا يرد إلا على شيء معين بالذات[37] ؛ ويلزم لذلك إفراز الشيء أي عزل المقدار المتعهد به عن بقية الصنف، وتنفيذ المدين لالتزامه لا يتم إلا بإفراز الشيء، فإذا ظل المدين ممتنعا عن التنفيذ بعد أن أعذره الدائن، جاز لهذا الأخير أن يلجأ إلى القضاء مستأذنا في أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين، أو دون استئذانه في حالة الاستعجال، أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين.
ويجوز للدائن في جميع الحالات، أي سواء حصل على التنفيذ العيني، أو حصل على قيمة الشيء تعويضا عن عدم التنفيذ أن يطالب المدين بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب التأخير في تنفيذ التزامه.
والإفراز الذي ينقل ملكية المبيع المعين بنوعه إجراء يقصد به تعيين قدر من الأشياء المثلية بذاتها، وذلك بفصلها وتمييزها عن سائر الاشياء التي تكون معها نوعا واحدا، وينص الفصل 486 ق ل ع على أنه: "يسوغ أن يرد البيع على شيء غير محدد إلا بنوعه، ولكن البيع لا يصح في هذه الحالة إلا إذا ورد على أشياء مثلية محددة تحديدا كافيا .....إلخ"
وهذا الإفراز لا يجوز إجبار المدين عليه، وليس هو السبيل لإجباره على التنفيذ العيني، ومن تم يكون التنفيذ العيني غير ممكن على هذا النحو، وبذلك لا يبقى إلا طلب التنفيذ بطريق التعويض.
وإذا عين الشيء محل الالتزام بنوعه فلا يلزم الدائن بأداء أحسن نوع منه، كما لا يمكنه أن يؤديه من أردءه، وفي هذا تنص المادة 244 ق ل ع على أنه " إذا لم يعين الشيء إلا بنوعه لم يكن المدين ملزما بأن يعطي ذلك الشيء من أحسن نوع، كما لا يمكن أن يعطيه من أردءه"؛
وإذا قام مانع حال دون وجود هذه الأشياء محل الالتزام عند حلول الأجل، فإن للدائن الخيار بين أن يطالب بفسخ الالتزام ، ويسترد تبعا لذلك ما سبق وقدمه بسبب العقد أو أن ينتظر وجود الشيء محل الالتزام ، وقد نصت المادة 242/2 ق ل ع على أنه " وإذا أصبحت الأشياء محل الالتزام غير موجودة عند حلول الأجل، كان للدائن الخيار بين أن ينتظر حتى توجد وبين أن يفسخ الالتزام وأن يسترد ما سبق له دفعه بسبب العقد"؛
وفي العقود الملزمة للجانبين يفترض في المدين أنه ملزم بالتنفيذ بالنقود الأكثر استعمالا، وإذا تعددت العملة التي يجب أداء الالتزام بواسطتها وكانت على قدم المساواة في الاستعمال تعين حينئذ إبطال العقد ( المادة 247 ق ل ع ).
وفي الالتزامات المترتبة على الجريمة يكون التنفيذ في مقر المحكمة مصدرة الحكم أو القرار ومصروفات تنفيذ الالتزام تقع على عاتق المدين ومصروفات القبض يتحمل بها الدائن إلا إذا وقع الاتفاق على هذا أو جرت به العادة أو إذا استوجب القانون ضوابط غير ذلك ( ف 250 ق ل ع ).
كما لا يجوز اللجوء إلى الغرامة التهديدية لإجبار المدين على الإفراز والتسليم كتنفيذ عيني، ذلك أن الغرامة التهديدية لا يجوز اللجوء إليها إلا إذا كان الالتزام لا يمكن تنفيده عينا إلا بتدخل المدين، بينما التزام المدين هنا يمكن تنفيذه عينا عن طريق شراء محل مماثل على نفقة المدين.

أما إذا كان محل الالتزام نقودا، ينفذ جبرا على المدين بالحجز على أمواله وبيعها وبدون حاجة لإفراز النقود رغم أنها مما يتعين بنوعه، ولا تنتقل ملكية النقود للدائن بالإفراز إنما بالقبض ويترتب على ذلك أن هلاكها قبل القبض يكون على المدين حتى ولو أفرزها[38] والسبب في ذلك أن من خصائص النقود أن أي مقدار منها لا يتعين إلا بقبضه، ولا يكفي فيه الإفراز[39] ويفترض في المدين أنه ملزم بالتنفيذ بالنقود الأكثر استعمالا، والمادة 247/ق ل ع كانت واضحة عندما نصت على أنه عند تعدد العملة: " إذا كان اسم العملة الوارد في الالتزام يسري على نقود عديدة متداولة ولكنها مختلفة القيمة، كان للمدين عند الشك أن يبرئ ذمته بالدفع بالنقود الأقل قيمة ....ومع ذلك ففي العقود التبادلية يفترض في المدين أنه ملزم بالنقود الأكثر استعمالا، فإن كانت العملات على قدم المساواة في الاستعمال وجب إبطال العقد "؛

أما إذا كان الشيء الذي لم يعين إلا بنوعه ليس نقودا، فإن انتقال ملكية هذا الشيء أو أي حق عيني آخر يتعلق به إلى الدائن يكون بالإفراز ولو قبل التسليم[40]؛

ويلاحظ أن التنفيذ العيني للالتزام بدفع مبلغ من النقود يعتبر ممكنا دائما، وسبيل الدائن إلى قهر المدين على الوفاء يكون بالتنفيذ على أمواله، فيحجز على منقولاته، وينزع ملكية عقاره ويستوفي دينه من ثمنها، ولا يعتبر التنفيذ العيني لهذا الالتزام مستحيلا إذا كان معسرا، فالمال غاد ورائح، فلا يكفي لاعتبار تنفيذ الالتزام مستحيلا أن يكون من الصعب استيفاؤه لإعسار قد يعقبه يسار[41] ؛

والمدين، إذا وفى بالالتزام أو وفاه كاملا يمكنه بحسب الأحوال أن يطلب إعطاؤه توصيلا بما دفعه، إذا كان الوفاء جزئيا، أو أن يطلب التأشير بما يفيد حصول الأداء الجزئي على سند مديونيته.

أما إذا كان الأداء الواقع من المدين كاملا حق له أن يطلب استرداد السند المثبت لديه موقعا عليه بما يفيد البراءة ولكن إذا حال مانع بين الدائن والمدين وبين رد سند الدين للمدين أو كانت له مصلحة في الاحتفاظ بسند الدين ثبت للمدين أن يطالب بتوصيل مؤقت مثبت لبراءته على نفقته ( ف 251 ق ل ع ) ؛

2)الشيء من العقار : أما إذا كان موضوع الالتزام نقل حق عيني على عقار ، فلا يكفي أن يكون معينا بالذات ، كما هو الحال بالنسبة للمنقول، بل يجب انعقاد تفويت العقار أو الحقوق العقارية، وكذا إنتاج هذا التفويت لكافة آثاره القانونية ومن بينها انتقال الملكية، تحقق شكليات معينة نص عليها المشرع، حيث نص على أن إنشاء أو نقل أو إعلان أو تعديل أو إسقاط هذا الحق لا يتم بين المتعاقدين ولا يكون نافذا في مواجهة الغير إلا إذا جرى تقييد العقد المتضمن لكل ذلك في الرسم العقاري (الفصول 66 و 67 من ظهير التحفيظ العقاري والفصل 2 من ظهير 2/06/1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة )، فإذا ما اشترى شخص منزلا فإن الملكية لا تنتقل إليه إلا بتسجيل العقد في الشهر العقاري مع التنبيه إلا أن القيد ليس شرطا لإنشاء الحق في ذاته، بل هو شرط للاحتجاج به في مواجهة الغير، وإذا امتنع المدين عن القيام بما يقع على عاتقه من وجوب إجراء هذا التسجيل، جاز للدائن أن يطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد تم يقوم بتسجيل الحكم النهائي الذي يصدر بهذا الشأن، ومن تم فالبيع الوارد على عقار محفظ لا يكون ناقلا للملكية بين العاقدين أو في مواجهة الغير إلا من وقت تقييده في الرسم العقاري، ويتضح من ذلك أن الالتزام بنقل حق عيني أصلي كحق الملكية على عقار لا يعتبر منفذا بمجرد نشوئه بل لا بد من تسجيل التصرف المنشئ لهذا الالتزام ، فإذا كان محل البيع عقارا محفظا، فإن ملكية العقار لا تنتقل إلى المشتري إلا بتسجيله على اسمه في السجل العقاري ( المادة 67 من ظهير 9 رمضان 1331 المتعلق بالتحفيظ العقاري.

ثانيا: في الالتزام بعمل
يمكن القول ان كل التزام سواء كان مصدره العقد او الارادة المنفردة او غيرها من مصادر الالتزام يكون اما التزام بتحقيق نتيجة او التزاما ببذل عناية فايا كان مفهوم الالتزام بعمل سواء كان التزاما بنتيجة أو التزاما بعناية، فإن تنفيذ هذا الالتزام يقتضي صدور عمل إيجابي من المدين، فإن لم يقم به فقد لا يمكن في بعض الأحوال الحصول على التنفيذ العيني جبرا عليه، وقد نصت المادة 261 ق ل ع على أن : " الالتزام بعمل يتحول عند عدم الوفاء إلى تعويض، إلا أنه إذا كان محل الالتزام عملا لا يتطلب تنفيذه فعلا شخصيا من المدين، ساغ أن يرخص الدائن في أن يحصل بنفسه على تنفيذه على نفقة المدين، ولا يسوغ أن تتجاوز المصروفات التي يرجع بها الدائن على المدين القدر الضروري للحصول على تنفيذ الالتزام ، وإذا تجاوزت هذه المصروفات مبلغ مائة وعشرون (120) درهما وجب على الدائن أن يستأذن القاضي المختص " .

وظاهر هذا أنه بالنسبة للالتزام بعمل ، سواء أكان التزاما بتحقيق نتيجة أم ببذل عناية ، قد يستطاع تحقيق التنفيذ العيني جبرا عن المدين وقد يستحيل ذلك، ولا يبقى إلا التنفيذ بمقابل[42] .

ثالثا: في الالتزام بالامتناع عن عمل 
كثيرا ما يكون موضوع الالتزام هو وجوب امتناع المدين، لصالح الدائن عن عمل معين، كان يستطيع اتيانه لولا الالتزام ، فإذا التزم المدين بالامتناع عن عمل، فإن مجرد قيامه بذلك العمل يعتبر اخلالا بالالتزام يرتب مسؤوليته، ويكون بذلك ملزما بأداء تعويض نقدي. وقد نص المشرع المغربي في المادة 262 ق.ل.ع على أنه "إذا كان محل الالتزام امتناعا عن عمل، أصبح ملتزما بالتعويض بمجرد حصول الإخلال. وزيادة على ذلك يسوغ للدائن الحصول على الإذن في أن يزيل على نفقة المدين ما يكون قد وقع مخالفا للالتزام".

ومثال ذلك التزام المدين بعدم تجاوز حد معين في الارتفاع بالبناء، فيكون للدائن طلب إزالة البناء الزائد الذي تم بالمخالفة للإلزام بالامتناع عن عمل. أما إذا استحال التنفيذ العيني لأن ما وقع من مخالفة لا يمكن تداركه[43] فلا يصح للدائن أن يقوم به بنفسه قبل حصوله على إذن من القضاء[44] ، ومن أمثلة الالتزام بالامتناع من عمل بائع المتجر يلتزم بعدم منافسة المشتري، والطبيب والمحامي ملتزمان بعدم افشاء سر المهنة، والالتزام بالامتناع يكون بتحقيق غاية والإخلال به يجعل التنفيذ العيني مستحيلا، فلا يبقى إلا التعويض، وقد يكون التعويض نقديا أو عينيا بإزالة المخالفة كحائط أقامه الجار لمنع النور والهواء عن جاره، فإذا امتنع فيعود الجار للقضاء طالبا التصريح بإزالة الحائط على نفقة جاره، لكنه لا يجوز أن يزيل الحائط ولو في حالة الاستعجال بدون حكم، وقد يضاف إلى التعويض العيني تعويض نقدي كما يصح الالتجاء للتهديد المالي حتى تتم الإزالة[45] .

كما أن هناك حالات استثنائية يمكن معها اللجوء إلى التنفيذ الجبري العيني للالتزام بعمل أو الامتناع عن عمل دون المساس بحرية المدين ولا النيل من كرامته، كما هو الشأن في كافة الوضعيات التي لا يقتضي فيها هذا التنفيذ تدخله تنفيذ الالتزام بعمل لمعرفة محترف لم يلتزم به في الأصل[46] ؛

وما دام المدين ممتنعا عن العمل الذي التزم بالامتناع عنه، فهو قائم بتنفيذ التزامه تنفيذا عينيا، ويتغير الموقف إذا أخل بهذا الالتزام ، وأتى العمل الممنوع عند ذلك لا يكون هناك مجال إلا للتعويض. أما التنفيذ العيني فقد أصبح مستحيلا بمجرد الإخلال[47] ؛
وقد لا يمكن إلا التعويض النقدي مثل ذلك إذا أفشى المحامي أو الطبيب سر المهنة، فلا يكون أمام الدائن إلا أن يطالب بتعويض نقدي.

الفقرة الثالثة : وسائل التنفيذ العيني 
إذا لم ينفذ المدين التزامه طوعا واختياريا، جاز للدائن أن يطلب من القضاء إجباره على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا، إذا كان ممكنا ووفقا للشروط التي أشرنا إليها، لا سيما إذا كان تدخل المدين الشخصي لازما لإجرائه ولم يقدمه، وإلا كان للدائن أن يطالبه بالتعويض عن التنفيذ العيني.
وإذا كان الدائن يستطيع أن يستعيض من التنفيذ العيني بالتعويض، إلا أن مصلحته – أحيانا – قد تقتضي أن يتم التنفيذ العيني، ومن أجل هذه الغاية قرر القانون وسيلتين لإكراه المدين على القيام به ما دام ذلك ممكنا هما الإكراه المالي أو الغرامة التهديدية أو حبس المدين في الدين.
وعليه تتمثل وسائل الضغط على المدين لجبره على القيام بالتنفيذ العيني في التهديد المالي ، والاكراه البدني ’حيث نتناولهما في المبحثين الآتيين.

أولا: الغرامة التهديدية[48] : (l'astreinte)
كان القانون الروماني لا يعرف نظام الغرامة التهديدية وإنما كان يجيز للدائن ان يقبض على مدينه الذي لم يف بتنفيذ الالتزام وبيعه رقيقا خارج روما ، وان كانوا عدة دائنين فلهم ان يقتلوا مدينهم ويقتسموا جثته.[49]

وتعد الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة لحمل المدين على تنفيذ التزامه، فهي وسيلة لإكراه المدين على التنفيذ العيني.

ويعرف الفقه الغرامة التهديدية بأنها : "مبلغ من المال يحكم القاضي على المدين بدفـعه عن كل يـوم أو أسبوع أو شهر أو أي وحدة زمنية أخرى يمتنع فيها المدين عن التنفيذ العيني الذي حكم عليه به مقترنا بتلك الغرامة التهديدية"[50] ؛كما يعرفها الأستاذ السنهوري بقوله:" مبلغ مالي يلزم القضاء المدين بتنفيذ التزامه عينا من خلال مدة معينة فإذا تأخر التنفيذ كان ملزما بدفع غرامة تهديدية عن هذا التأخير مبلغا معينا عن كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر..."[51]

كما أن القضاء المغربي عرف الغرامة التهديدية بأنها وسيلة للضغط على المدين لإجباره على تنفيذ الغرامة[52] واعتبرها: «وسيلة يمنحها القاضي للدائن بتمكينه من الحصول على التنفيذ العيني ويفرضها على المدين عند تأخره عن القيام بواجباته بشكل نقدي معين عن كل وحدة من الزمان الى ان يتم التنفيذ " [53]

ويقصد من هذه الغرامة تهديد المدين والتغلب بذلك على ممانعته، ولهذا أجيز للقاضي أن يزيد في مقدار الغرامة إذا ظهر بعد ذلك من إصرار المدين على عدم التنفيذ، أن المبلغ الذي حدد أولا لم يكن كافيا لإكراه المدين على التنفيذ (راجع المادة 263 ق.ل.ع و264).

ويعتبرها الفقه على أنها: «وسيلة إكراه بتعنت المدين في موقفه ولا يريد أن يقوم بما التزم به من العمل أو خالف ما التزم من الامتناع عن العمل مع أن تدخله لازم وممكن في التنفيذ العيني للالتزام"[54].

و أجاز المشرع أن يزيد القاضي في مقدار الغرامة إذا اتضح له أن المبلغ الذي سبق أن حدده غير كاف لإجبار المدين على تنفيذ التزامه (م.264/3 ق.ل.ع).

والغرامة التهديدية طبقا للقواعد العامة تفرض إذا توافرت مقتضيات المادة 488من قانون المسطرة المدنية التي تنص على انه :"إذا رفض المنفذ عليه أداء الالتزام بعمل أو خالف التزام بالامتناع عن عمل اثبت عون التنفيذ ذلك في محضره واخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية ما لم يكن سبق الحكم بها "

والى جانب هذا النص العام الذي يخول للقاضي صلاحية الحكم بالغرامة التهديدية نجد بعض النصوص الخاصة منها المادة193من قانون المسطرة المدنية والذي يقضي بالغرامة التهديدية بالنسبة للموصي أو المقدم إذا بقي الإنذار الموجه إلى احدهما من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين بدون مفعول.

كما أن المادة 89 من ظهير التحفيظ العقاري فرض غرامة تهديدية على الحائز لنسخة الرسم العقاري والذي يرفض الغرامة التهديدية ...مقتضياته.

والغرامة التهديدية على النحو المشار، لا تعتبر تعويضا[55]، وإنما هي وسيلة للضغط على المدين لإجباره على أن يقوم بنفسه بتنفيذ التزامه، فالقاضي عند تقديره للغرامة لا يضع في اعتباره ما أصاب الدائن من ضرر، بل يراعي أن تكون الغرامة كافية – بعد مراعاة ظروف المدين – لإجبار المدين على تنفيذ ما التزم به.

و قد اعتبر القضاء المغربي على أن الغاية من الغرامة التهديدية هي اجبار المحكوم عليه ليقوم بتنفيذ ما يقتضي تدخله شخصيا من القيام بعمل أو بالامتناع عن عمل, و هو ما يقتضي أن يكون العمل المطلوب منه يدخل في دائرة الإمكان.

لهذا لا يمكن الحكم بتصفية هذه الغرامة كتعويض إلا إذا كان امتناعه من التنفيذ ليس له ما يبرره و أنه مجرد عناء.[56] وللإشارة فالغرامة التهديدية تأمر بها المحكمة بحكم وقتي مستعملة سلطتها التقديرية (المادة 264 ق ل ع).

ونظام التهديد المالي وليد اجتهاد القضاء عرفته المحاكم الفرنسية في عهد القانون القديم وفي ظل القانون المدني الحالي بالرغم من سكوت المشرع عن ذكره[57] ؛

وإذا كانت بعض المحاكم في فرنسا تذهب إلى أن الحكم بالغرامة لن يكون مؤقتا بل نهائيا، وقد أرادت بذلك أن تعطى لهذا النظام قوة فعالية من شأنها التغلب على تعنت المدين، الذي سيعلم مقدما أن الحكم بالغرامة لن يعاد النظر فيه، بل سيتعين عليه تنفيذه، غير أن هذا المسلك من جانب القضاء لم يصادف قبولا لدى محكمة النقض الفرنسية، كما ناهضه رجال الفقه لما يتضمنه من معنى العقوبة الخاصة، ولذا عدل عنه[58].اما عن الفقه الاسلامي فتطالعنا الاثار في باب البيع على جواز حبس المدين المماطل ’فقد اخرج ابو داود بسنده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال""مطل الغني ظلم..[59]"وفي حديث اخر:"..فان خيار الناس احسنهم قضاء[60]"’وفي باب القضاء قوله صلى الله عليهوسلم:"لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"’قال ابن المبارك يحل عرضه يغلظ له’وعقوبته يحبس له[61].
وفي تيسير المرام:وللدائن ان يطلب من الحاكم حبس المدين ان تمرد عن التسليم.[62] 

ثانيا: شروط الحكم بالغرامة التهديدية 
يشترط للحكم بالغرامة التهديدية ان يكون هناك التزام ، وان يكون التنفيذ العيني مازال ممكنا، والا يكون التنفيذ العيني ملائما الا اذا قام به المدين، وعليه يشترط للحكم بالغرامة التهديدية توفر الشروط الآتية :

1)أن يكون التنفيذ العيني للالتزام ممكنا : فحيث أن الغرض من الغرامة التهديدية هو الضغط على إرادة المدين لحمله على التنفيذ العيني، فلا يكون هناك محل لذلك إذ أصبح التنفيذ العيني مستحيلا، سواء كانت الاستحالة بفعل المدين، فلا يبقى في هذه الحالة إلا الحكم بالتعويض، أو كانت الاستحالة راجعة إلى سبب أجنبي، حيث ينقضي الالتزام في هذه الحالة ولا يحكم على المدين بشيء. إذ لا يعقل أن يحكم على المدين بغرامة لإجباره على تنفيذ التزام غير موجود أو أصبح مستحيلا، كما إذا هلك الشيء المبيع، فلا يمكن مطالبة البائع بتسليمه للمشتري، فلا يكون للغرامة التهديدية مبرر[63].

وقد اعتبر المجلس الأعلى انه يتعين عند طلب تصفية الغرامة التهديدية البحث فيما إذا كان تنفيذ الالتزام يقتضي تدخل المدين وانه ممكن التنفيذ وجاء في حيثيات القرار:" حيث أن الغرامة التهديدية هي وسيلة للضغط على المدين لإجباره على تنفيذ الغرامة.وحيث إن تطبيق التهديد المالي يقتضي وجود التزام امتنع المنفذ عليه من تنفيذه مع أن تنفيذه ممكن وان يكون تنفيذ الالتزام الشخصي من اجل القيام بذلك ولكنه يمتنع من ذلك .

وحيث بالتالي فان القاضي الذي يقوم بتصفية الغرامة التهديدية عن طريق تحويلها إلى تعويض يلاحظ ما اذا كان الالتزام ممكن التنفيذ أم لا وما إذا كان تدخل المدين الشخصي في التنفيذ ضروري ام لا ,ولا يستجيب لطلب التعويض في حالة ما إذا أصبح التنفيذ مستحيلا إذ يصبح التعويض في هذه الحالة غير ذي موضوع .

وحيث انه أساسا فان على من يدعي أن التنفيذ أصبح مستحيلا إن يثبت ذلك وعليه بذلك إثبات أن تنفيذ الالتزام مستحيل استحالة فعلية أو قانونية أي غير ممكن التنفيذ بصفة نهائية وان تلك الاستحالة راجعة لسبب خارجي أو أجنبي مثل القوة القاهرة أو الحادث الفجائي وفعل الغير وليس بسبب المدين".[64]

وقد جرى القضاء الفرنسي على إمكان الالتجاء إلى الغرامة التهديدية ليس فقط للالتزامات المالية، وإنما أيضا في الالتزامات غير المالية. فهو يلجأ إلى التهديد المالي مثلا لتنفيذ الحكم بالزام الزوجة بالعودة إلى منزل الزوجية، ولتنفيذ الحكم ضد أحد الوالدين بتسليم الطفل إلى الآخر الذي له الحق في حضانته[65].

وقد ساير بعض القضاء في المغرب هذا حيث صدر أمر قضائي عن رئيس المحكمة الابتدائية بسيدي سليمان يقضي بفرض غرامة تهديدية في حدود100درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ ضد الزوجة الممتنعة عن الالتحاق ببيت الزوجية بناء على حكم ابتدائي يقضي بالرجوع[66]. وجاء في حيثيات الحكم :"وحيث ثبت من الاطلاع على ظاهر المستندات المدلى بها رفقة المقال ولا سيما الحكم المراد تنفيذه ومحضر الامتناع عن تنفيذه المشار إليهما فيما سبق,أن الأمر يتعلق بتنفيذ عيني متمثل في إلزام المدعى عليها بالالتحاق ببيت الزوجية مع النفاذ المعجل ,وهو ما اقتنعت المحكوم عليها من تنفيذه وفقا لمحضر الامتناع المؤرخ في20ابريل 1999.

وحيث انه أمام امتناع المحكوم عليها غير المبرر عن تنفيذ التزام يستوجب تدخلها الشخصي لتنفيذه فان الوسيلة الملائمة لإجبارها على ذلك هو جعل الحكم المراد تنفيذه مشفوعا بالغرامة التهديدية.

وحيث انه تأسيسا على ما سبق يتعين الاستجابة للطلب الهادف إلى تحديد الغرامة التهديدية لكونه مؤسسا والأمر بشمول الحكم المراد تنفيذه بالغرامة كما سيحدد بالمنطوق أدناه.

وتطبيقا لذلك فان المحكمة تصرح بشمول الحكم الشخصي المراد تنفيذه والصادر بتاريخ10نونبر1998ملف عدد68_98 والمقرون بالنفاذ المعجل-بغرامة تهديدية100درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ من طرف المحكوم عليها سعاد بنت الشيكر بداية من تاريخ امتناعها الثابت بموجب محضر التنفيذ المؤرخ في20ابريل1999 مع النفاذ المعجل القانوني وتحميل الممتنعة عن التنفيذ الصائر.

2)أن يكون التنفيذ العيني غير ممكن أو غير ملائم، إلا إذا قام به المدين نفسه: ويقتضي هذا الشرط ’ان مجموع الالتزامات التي يمكن تنفيذها عينا بدون تدخل المدين لا يجوز معها فرض الغرامة التهديدية، وعلى ذلك فالتنفيذ بالإزالة وتنفيذ الالتزام بإعطاء، او بالتسليم، وتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالمثليات، كل هذه الحالات واشباهها لا محل فيها للحكم بالغرامة التهديدية، وذلك لإمكان التنفيذ العيني الجبري عليها بعد اذن القضاء، ودون اذنه في الحالات الاستعجالية[67]. كما في الالتزام بالقيام بعمل فني، وعلى هذا فلا مجال للغرامة التهديدية في جميع الحالات التي يمكن الحصول فيها على التنفيذ العيني عن طريق المدين. كما في الحالات التي ينفذ بها الالتزام بقوة القانون، أو التي يقوم فيها حكم القاضي مقام العمل الذي التزم به المدين، أو التي يستطيع فيها الدائن تنفيذ الالتزام على نفقة المدين.

ومن أمثلة الالتزام بعمل التي يلزم تدخـل المديـن في تنفيذها، الالتزام بعمل فنـي كالغناء أو التمثيـل أو التصوير، والتزام الطبيب بإجراء جراحة يشتهر بكفاءته فيها، والتزام المهندس بإعداد تصميم معين، وكذلك التزام الشخص بتقديم حساب أو إبراز مستند معين.[68] أما إذا كان امتناع المؤلف أو الفنان عن التسليم راجع إلى إغراء بعرض أكبر من ناشر أو عميل آخر فيجوز عندئذ الالتجاء إلى التهديد المالي لحمله على تنفيذ التزامه.فيجوز للقاضي ان يفرض الغرامة التهديدية لمحاولة كسرعناد المدين وحثه على تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا.

3) طلب الدائن الحكم بالغرامة :
ضرورة طلب الدائن الحكم بالغرامة التهديدية، فهي رخصة للدائن له أن يطلبها أو يمتنع عن ذلك، فالمحكمة لا تحكم من تلقاء نفسها بالغرامة التهديدية لحمل المدين على التنفيذ، بل يجب أن يطلب الدائن ذلك من المحكمة[69] .

فلا ينظر القاضي الى مقدار الضرر الذي اصاب المدين من جراء عدم التنفيذ او التأخير، وانما ينظر الى طبيعة المدين المتعنت ,فان كان شركة او شخصا معنويا عاما او خاصا بالغ في التقدير، واما ان كان شخصا طبيعيا فانه يقلل من التقدير، كل ذلك مما يتناسب مع قوة احتمال المدين لغرض جبره على التنفيذ. والحكم بالتعويض لا يكون الا من قاضي الموضوع لقيامه على اساس ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب محقق. والحكم بالغرامة التهديدية يكون حكما وقتيا provisoire بمعنى انه لا يحوز الحكم به قوة الشيء المقضي ولا يستنفذ القاضي سلطته بشأنها بمجرد النطق بحكمه بها .لان مقتضى التاقيت انه ينتهي الى التصفية في الوقت الذي يتخذ فيه المدين موقفا محددا ونهائيا اما بالتنفيذ العيني ,او بالرفض القاطع لعدم التنفيذ، حينها تتم التصفية ، فيجب على القاضي أن يعيد النظر في الحكم ويحكم بالتعويض الواجب من عدم التنفيذ مراعيا ما أصاب الدائن من ضرر، ومقدار تعنت المدين في هذا الشأن[70].فاذا ما تم الحكم بالتعويض على هذه الاسس واصبح نهائيا جاز للدائن ان يوقع الحجز على اموال المدين لبيعها بالمزاد كي يصل الى استفاء حقه وما اصابه من ضرر[71].
هذه هي الشروط التي يجب توافرها للحكم على المدين بالغرامة التهديدية، ولا أهمية بعد ذلك لمصدر الالتزام ، أهو العقد أم غيره من المصادر.
كما أنه ليس من الضروري – خلافا لما ذهب إليه بعض الفقهاء – أن يطلب الدائن الحكم بالغرامة التهديدية، بل تستطيع المحكمة، عندما تصدر حكمها بإلزام المدين بالتنفيذ العيني، أن تلزمه من تلقاء نفسها بدفع غرامة تهديدية إن امتنع عن ذلك، وليس في هذا أي حساس بمبدأ وجوب اقتصار حكم القاضي على ما يطلبه الخصوم[72] .

ميدان تطبيق الغرامة التهديدية:
الميدان الخصب لتطبيق الغرامة التهديدية هو الالتزامات التي يكون موضوعها القيام بعمل او الامتناع عن عمل، فهي تفرض اذا توافرت مقتضيات المادة 448 من قانون المسطرة المدنية والذي ينص على انه: «اذا رفض المنفذ عليه اداء الالتزام بعمل او خالف التزام بالامتناع عن عمل اثبت عون التنفيذ ذلك في محضره واخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية مالم يكن سبق الحكم بها"
فهذه المادة من قانون المسطرة الا بتوفر بعض الشروط منه:

1)يجب ان يكون هناك التزام رفض المنفذ عليه اداءه في إطار علاقة الدائنية.
2)ويشترط ايضا ان يقوم بهذا الالتزام المنفذ عليه شخصيا كالالتزام بالإفراغ أو القيام بعمل كإنجاز بناء ,وكالالتزام بالامتناع عن عمل[73] .ولذلك هناك من يرى بأنه:لا يمكن الحكم بالغرامة التهديدية في غير الحلتين الواردتين في المادة 488من ق.م م ولا القياس عليها او التوسع في تطبيقها لأنها من الحالات الاستثنائية بخلاف بعض الحالات التي تعرض لها بعض الفقه. [74]
على انه بالرغم من اقتصار النص على القيام بعمل او الامتناع عنه فان هناك حالات كثيرة من حالات الالتزام بنقل ملكية شيء او الالتزام بتسليمه تكون الغرامة التهديدية ناجعة فيها، وذلك عندما يكون الشيء المحكوم بنقل ملكيته او حيازته شيئا منقولا اخفاه المحكوم عليه ,كالحكم على بائع العقار بتسليم رسمه العقاري، آو على بائع شيء معين بتسليمه للمشتري ويمتنع المحكوم عليه، فهنا يصبح الملاذ الوحيد للدائن هو طلب الحكم بالغرامة التهديدية في الالتزامات التي يكون محلها نقل ملكية او حيازة شئي معين كثيرة جدا[75].

سلطة القاضي في الحكم بالغرامة التهديدية :
من المتفق عليه أن الحكم بالغرامة التهديدية يدخل في اختصاص كافة أنواع المحاكم من عادية أو استئنافية. ومن مدنية أو تجارية أو جنائية بل أن هذا الاختصاص ثابت كذلك لقاضي الأمور المستعجلة مع تحفظ في شأن تحويل الغرامة التهديدية إلى تعويض، فإن هذا يخرج عن سلطته[76].
وقد وسع المشرع المغربي من دائرة المراجع المختصة للحكم بالغرامة التهديدية فخول رئيس المحكمة الابتدائية حق تحديد الغرامة التهديدية بمجرد ما يخبره عون التنفيذ بامتناع المحكوم عليه من التنفيذ[77] كذلك من المسلم به أن يطلب الحكم بالغرامة التهديدية يجوز إبداءه في أي حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، ويعلل البعض بأن هذا الطلب لا يعتبر طلبا جديدا، بل طلبا تابعا للطلب الأصلي، ويعلله البعض الآخر، ورأيهم الراجح، بأنه إذا كان للمحكمة سواء كانت ابتدائية أو استئنافية أن تقضي من تلقاء نفسها بالغرامة التهديدية لمساندة حكمها بالتنفيذ العيني ولضمان تنفيذه، فليس هناك ما يمنع من إبداء هذا الطلب لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، خاصة وأن هذا الطلب لا يعتبر في الحقيقة طلبا قضائيا بالمعنى المعروف[78] .
ومحاكم الجماعات والمقاطعات لا تتمتع الا بسلطة قضائية ضيقة في نطاق الحدود المرسومة لها فهي لا تتمتع بسلطة التنفيذ وبالتالي لا ولاء لها بصدد هذه المسالة.

وإذا امتنع المدين عن التنفيذ رغم الغرامة التهديدية، فللدائن أن يلجأ لمحكمة الموضوع طالبا تصفية الغرامة التهديدية وتحويلها إلى تعويض نهائي، ولا يوجد ما يمنع من المطالبة – أيضا – بالتنفيذ العيني إذا كان ممكنا، ويقدر هذا التعويض بما أصاب الدائن من خسارة وما فاته من نفع من جراء عدم التنفيذ أو من جراء التأخير فيه، ويضاف عنصرا جديدا هو عنت المدين. وما يترتب عليه من ضرر أدبي، وينفذ هذا التعويض على أموال المدين، ويكون للقاضي اعتبار الغرامة تعويضا ينقضي بقيمتها أو ينقصها أو يلغيها مع إلزام المدين مصاريف هذا الشق وعليه تسبيب حكمه في صدد تحويل الغرامة إلى تعويض، إذ أن الحكم بالتعويض هو الذي يخضع للطعن، دون الحكم بالغرامة، كما أن قيام المدين بالتنفيذ لا يمنعه من الاستئناف[79].

و قد جاء في قرار المجلس الأعلى: " ان تصفية الغرامة التهديدية تمثل أساسا تحديد مبلغ التعويض الذي يستحقه المدعي عن الضرر اللاحق به من جراء امتناع المحكوم عليه من القيام بالعمل الذي حكم به عليه تحت الغرامة التهديدية, و لذلك يجب ابراز الضرر اللاحق بطالب التصفية و مقداره و دليل ثبوته...[80]

آثار الحكم بالغرامة التهديدية:
اولا: يرتبط آثار الحكم بالغرامة التهديدية بموقف المدين ازاء تنفيذ الالتزام الاصلي الذي حكم به عليه تحت طائلة الغرامة التهديدية .فاذا نفذ دون تعنت، لم يبق للحكم بالغرامة أي اثر، لان الغاية منها هي ضمان تنفيذ الالتزام ومقاومة تعنت المدين .اما اذا امتنع المدين من تنفيذ التزامه فان اثر الغرامة التهديدية يبدو حينئذ كوسيلة للضغط عليه من اجل التنفيذ وذلك بتصفية الغرامة التهديدية وتحويلها الى تعويض نهائي يمنح لطالب التنفيذ.[81]

ثانيا :وسيلة الإكراه البدني : La contrainte par corps
الإكراه البدني قد يكون وسيلة للوفاء المباشر إذا كان جسم المدين ضامنا لالتزامه، والإكراه البدني، هي وسيلة أخرى للإجبار على تنفيذ التزام أكده القضاء، وتتمثل في حبس المدين مدة معينة بهدف دفعه إلى البحث الجدي عن الإمكانيات الكفيلة بتأمين أداء دينه، أو هي بتعبير مركز : "إكراه المدين على تنفيذ إلتزامه عن طريق الضغط على إرادته بحبسه حتى يمتثل".[82]
ومن تم إذا كانت تبدو فعالية هذه الوسيلة في ضمان تنفيذ الالتزام ، فهي عنيفة تقع على جسم المدين، وتشكل مساسا بحريته وبالاحترام الواجب لشخصه.
والسؤال الان هل يجوز للقاضي ان ي ستعمل هذه الوسيلة ضد اى مدين مماطل .’لهذا فقد منعت كثير من التشريعات المقارنة اللجوء إلى هذه الوسيلة لضمان تنفيذ دين مدني.
وقد صدر قانون رقم 30.06 يرمي إلى تعديل أحكام الظهير الشريف بشأن استعمال الإكراه البدني في القضايا المدنية، وقد نص الفصل الأول منه على " أن تنفيذ جميع الأحكام أو القرارات النهائية الصادرة بأداء مبلغ مالي يمكن أن يتابع عن طريق الإكراه البدني.
غير أنه لا يجوز إيداع شخص بالسجن على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدين فقط".
ولم يعد الإكراه البدني، أي الجزاءات التي تلحق الشخص في جسمه، وسيلة للجبر على تنفيذ الالتزامات المدنية والتجارية في القوانين الحديثة، التي تجعل مسؤولية المدين على ديونه في ذمته لا في شخصه، وعلى خلاف القوانين القديمة كالقانون الروماني الذي كان يجعل للدائن أن يقبض على مدينه ليبيعه رقيقا خارج روما لاستيفاء دينه[83]، ومن تم إذا كانت تبدو فعالية هذه الوسيلة في ضمان تنفيذ الالتزام فهي عنيفة تقع على جسم المدين وتشكل مساسا بحريته وبالاحترام الواجب لشخصه لهذا فقد منعت كثير من التشريعات المقارنة اللجوء إلى هذه الوسيلية لضمان تنفيذ دين مدني[84].
وقد كان الإكراه البدني معمولا به في فرنسا إلى حين تدخل المشرع الفرنسي بقانون 22 يوليوز 1867 فألغى المواد 2062-2070 من التقنين المدني الذي كانت تنظم أحكامه في المسائل المدنية والتجارية، ولم يبق له من أثر الآن إلا في المسائل الجنائية.
أما بالنسبة للمغرب فأنه بمصادقته بتاريخ 3 مايو 1979 على الميثاق الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية ونشره بمقتضى الظهير الشريف رقم 186-79-1 بتاريخ 17 ذي الحجة 1399 الموافق ل 8 نونبر 1979 أصبح الإكراه البدني في المجال المدني لتنفيذ الالتزامات التعاقدية، مقيدا بعدم إثبات المحكوم عليه بتنفيذ التزامه وعدم قدرته على التشديد، وذلك وفقا للمادة 11 من الميثاق المذكور، والذي يقرر : "لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي فقط".
وقد تعرضت هذه المدونة لتنظيم الإكراه البدني من حيث نطاقه ومدته ومسطرة تحريكه (أنظر المواد من 77 إلى 89)[85]
كما تضمن القانون الجديد للمسطرة الجنائية أحكاما مشابهة عندما نظم الإكراه البدني كوسيلة استثنائية لضمان تنفيذ الأحكام الصادرة بالغرامة وبرد ما يلزم رده والتعويضات والمصاريف، يطبق إذا لم تفلح وسائل أخرى لتحصيل ما ذكر، كما أنه إجراء يطبق في حق المحكوم عليه الذي لم يثبت عسره. وهذا ما أجملته المادة 635 من هذا القانون بقولها : (يمكن تطبيق الإكراه البدني في حالة عدم تنفيذ الأحكام الصادرة بالغرامة ورد ما يلزم رده والتعويضات والمصاريف، إذا تبين أن الإجراءات الرامية إلى الحصول على الأموال المنصوص عليها في المادة السابقة بقيت بدون جدوى أو أن نتائجها غير كافية.
يتم الإكراه البدني بإيداع المدين في السجن، وفي جميع الأحوال فإنه لا يسقط الالتزام الذي يمكن أن يكون محلا لإجراءات لاحقة بطرق التنفيذ العادية.
غير أنه لا يمكن تنفيذ الإكراه البدني، على المحكوم عليه الذي يدلي لإثبات عسره بشهادة عوز يسلمها له الوالي أو العامل أو من ينوب عنه وبشهادة عدم الخضوع للضريبة تسلمها مصالح الضرائب بموطن المحكوم عليه.
وقد اعتنى نفس القانون بتحديد نطاق الإكراه البدني ومدته ومسطرة إعماله (أنظر المواد من 636 إلى 647).

أيضا من الممكن اللجوء إلى مسطرة الإكراه البدني لضمان تنفيذ دين تعاقدي في مواجهة المدين غير المعسر. وهذا ما أكد عليه السيد وزير العدل بموجب منشور (تحت عدد 3/س/3 بتاريخ 2 أبريل 2003) وجهه إلى السادة الوكلاء العاملين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية يطلب فيه تطبيق أحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي صادق عليها المغرب، وبالتالي استبعاد الإكراه البدني بالنسبة للديون التعاقدية التي يثبت معها المدين عسره، وذلك بالاستناد إلى ما يأتي :
- تنصيص الدستور المغربي في ديباجته على تشبت المملكة المغربية بالاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا.
- مصادقة المغرب على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
- قرار المجلس الأعلى عدد 3515 بتاريخ 26 شتنبر 2001 في الملف المدني 99/3/1/2051.[86]
تبعا لذلك قرر الاتجاه الغالب في القضاء عندنا عدم مشروعية الإكراه البدني كوسيلة لضمان تنفيذ تعاقدي ضد مدين معسر تطبيقا لمعاهدة نيويورك بتاريخ 16 دجنبر 1966. فقد ورد ضمن حيثيات تعليل حكم أصدرته المحكمة الإبتدائية بالرباط بتاريخ 16 أبريل 1990 : "وحيث إن طلب تحديد الإكراه البدني لم يعد مشروعا بعد مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان المؤرخة في 16/12/1966 والمصادق عليها بتاريخ 03/05/1979 والمنشور بالجريدة الرسمية بالفرنسية عدد 3525 بتاريخ 25/05/1980 وخاصة الفصل 11 منه الذي يقرر أنه لا يجوز سجن شخص من أجل دين مترتب عن التزام تعاقدي"[87]. أيضا جاء ضمن حكم استعجالي للمحكمة الابتدائية لوزان بتاريخ 25 ماي 2003 ما يأتي : "حيث وطبقا لمقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف المغرب بمقتضى ظهير 08/11/1979.
وحيث إن قضاء المجلس الأعلى سار على منحها الالتزام بتنفيذ وسريان الاتفاقية الدولية أعلاه داخل التراب الوطني لكونها تعبير عن إرادته.
وحيث والحالة هاته للبت في مسطرة الإكراه البدني المتعلقة بالديون التعاقدية يستوجب التأكد من عدم قدرة المكره أو المطلوب ضده الإكراه من الوفاء من عدمه.
وحيث حضرت المطلوبة ضدها الإكراه وأدلت بشهادة الاحتياج والعسر وشهادة عدم أداء الضرائب.
وحيث بإدلاء المعنية بالوثائق أعلاه تكون قد أثبتت عجزها وعدم قدرتها على الوفاء بالتزامها التعاقدي المعلن بأداء مبلغ 550 درهما كواجب كراء للمدعي".[88]
وهذا هو الاتجاه الغالب للمجلس الأعلى الذي يطبق المادة 11 من العهد الدولي بل ويفسرها باعتبارها جزءا من القانون الوطني. فقد ورد ضمن حيثيات تعليل قرار صدر عن هذا المجلس بتاريخ 9 أبريل 1997 : "حيث يعيب الطاعن على القرار خرق مقتضيات الفصل 11 من معاهدة نيويورك لسنة 1966 الذي ينص على أنه لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي وهذه المعاهدة أصبحت ملزمة وواجبة التطبيق والقرار المطعون فيه المؤيد للحكم الإبتدائي الذي حدد مدة الإجبار في سنة لم يجعل لما قضى به مبنيا على أساس سليم.

لكن، حيث إنه إذا كان الفصل 11 من ميثاق الأمم المتحدة المؤرخ في 16/12/1966 المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليها في المغرب بتاريخ 08/11/1979 يقضي بأنه لا يجوز سجن إنسان على عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي فإن القرار المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي القاضي بتحديد مدة الإكراه البدني في حق الطالب في حالة امتناعه عن الأداء ولم يحدده في حالة عدم استطاعته الأداء وعدم قدرته عليه يكون غير خارق للفصل المذكور وتبقى الوسيلة عديمة الأساس"[89]. وهذا ما أكده نفس المجلس بموجب قرار آخر صدر عنه بتاريخ 22 مارس 2000، وجاء ضمنه : " إن مدلول المخالفة لأحكام الفصل 11 من العهد الدولي المصادق عليه من الأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 ومن المغرب بتاريخ 08/11/1979 يتيح تحديد مدة الإكراه البدني في حق المدين القادر على الوفاء أو الممتنع عنه".[90]

جواز حبس المدين في الفقه الاسلامي:
الحبس مقرون باليسار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لي الواجد يحل عرضه وعقوبته[91] "ويظهر من الدليل عدم التخصيص بالتزام معين ,كما يظهر من اقوال الفقهاء الاخذ بهذا المعنى ,وانهم لا يشترطون لجواز الحبس سوى يسار المدين وثبوت الحق ,ومطالبة الدائن لحقه في موعده المتفق عليه[92]. وقال ابن جزي :سجن الغريم على ثلاثة انواع:

الاول: سجن من ادعى العدم وجهلت حالته فيسجن حتى يثبت عدمه او يعطى ضامنا بوجهه. .
الثاني :سجن من اتهم انه اخفى مالا وغيبه ,فانه يسجن حتى يودي او يثبت عدمه الى ان يعطي ضامنا.
الثالث :يسجن من اخذ اموال الناس وتقعد عليها وادعى العدم فتبين كذبه فانه يحبس ابدا حتى يودي اموال الناس او يموت في السجن وقال سحنون: يضرب المرة بعد المرة حتى يودي اموال الناس ولا ينجيه من ذلك الا الضمان بالمال[93]. ويتبين لنا ان هناك تردد في الفقه المالكي الذي يميز بين ثلاث حالات للمدين المتأخر عن الوفاء :
1 ) المدين الموسر : يذهب المالكية إلى أنه يحق للحاكم بيع مال المدين الموسر الممتنع كي يقسمه على غرمائه ولا يستبقي له إلا ما كان ضروريا، لكن لا يجوز له حبسه. وروى ابن نافع عن الإمام مالك أنه لا يترك له إلا ما يواريه. والمشهور أنه يترك له كسوته المعتادة ما لم يكن فيها فضل، ولا ينزع منه رداؤه إن كان مزريا به، واختلف الفقهاء في ترك كسوة زوجته وفي بيع كتبه وإن كان عالما. وسند ذلك قوله غر من قائل في سورة النساء : "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسر" وأيضا ما روي عن الأئمة واللفظ لمسلم عن أبي سعيد الخدري قال : أصيب رجل في عهد رسول الله ص في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "تصدقوا عليه"، فتصدق الناس عليه فلم يصل ذلك سداد دينه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لغرمائه : "خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك". ويتبين من الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)لم يأمر بحبس المدين كما أنه لم يأمر بملازمته[94].
لكن شد عن هذا الموقف ابن فرحون المالكي الذي يقول بحبس المدين الموسر الممتنع عن الوفاء بما يلزم من دين. وحجة ذلك ما روي عن ابن القاس عن مالك أنه إذا تبين لذا الحاكم تماطل المدين وتقاعسه فأنه يحبسه ويؤدبه بالضرب الموجع وذلك عند اتهامه من قبل الدائن بأنه أخفى ماله وغيبه. وفي هذه الفرضية يؤيد حبس الغريم حتى يسدد أو يتضح أنه عديم المال. وأيضا لقول الإمام مالك في المدونة لا يحبس الحر ولا العبد في الدين إلا بمقدار ما يستبرئ أمره، فإذا اتهمه بأنه خبأ مالا وإلا أخلى سبيله[95].
2)المدين المعسر: وبخصوصه يميز المالكية – ومنهم ابن سلمون وابن فرحون – بين :
أ- المدين المعسر غير المعدم : الذي يجوز إنظاره إلى أن يوسر ، وإتاحة الفرصة أمامه حتى يضرب في الأرض عسى أن يقضي ما عليه من حق. وهذا أمر مرغب فيه ومندوب إليه لقوله (ص) في حديث روي عن أبي اليسر كعب ابن عمر أنه قال : "من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله"[96].
ب- أما المدين المعسر المعدم :أورد الفقه المالكي ثلاث حالات يفلس فيها المدين وهي:
الحالة الأولى :أن يطلبه أرباب الديون بديونهم الحالة كلهم أو بعضهم ويأبى البعض...
الحالة الثانية:أن يكون الدين المطلوب تفليسة قد حل أصالة أو لانتهاء اجله,إذ لا حجر بدين مؤجل.
الحالة الثالثة:أن يكون الدين الحال زائدا على مال المفلس ,إذ لا حجر بالدين المساوي,أو بقي من ماله بعد وفاء الحال ما لا يفي بالدن المؤجل.
وانظاره لازم لقوله تعالى في سورة البقرة : "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة".
3)المدين مجهول الحال : وهنا يرى المالكية أن الأمر لا يخلو من أحد حكمين حسبما إذا كان المدين مجهول الحال – الذي ادعى العدم – معلوم الصدق أو لم يعلم صدقه.
ففي الفرضية الأولى أي إذا ادعى العدم وثبت للحاكم أن لا شيء معه يفي بديونه، فإنه يخلي سبيله بعد أن يحلف، وكذا لا يحبس عند الإمام مالك إن لم يتهم (أي المدين) بأنه أخفى ماله، أو إذا صح وتبين عسره.
أما في الفرضية الثانية التي لا يعلم معها صدق المدين ولم يعلم أنه سرق أو نهب، فإنه يضرب حتى يؤدي ما عليه أو يموت في الحبس أو يتبين صدق ادعائه، أو يقر له بذلك صاحب الدين[97].
ويتضح إن الفقه الإسلامي عالج موضوع الإعسار بدقة، وراعى كل الجوانب العادلة سواء بالنسبة للدائن أو بالنسبة للمدين، بحيث لم يمنح للدائنين أية فرصة للتصرف في أموال المدين دون اللجوء الى الحاكم الذي يتعين عليه ألا يؤثر جانب دون جانب، وهو ما يتفق مع التقنينات الحديثة.

المطلب الثاني : التنفيذ بطريق التعويض أو التنفيذ بمقابل[98]

يقصد بالتنفيذ بمقابل تعويض الدائن عن الضرر الذي أصابه بسبب عدم حصول التنفيذ العيني الكامل لالتزامه، ويعتبر التنفيذ العيني كاملا للالتزام، إذا قام المدين بأداء موضوع الالتزام كاملا في مواصفاته، وفي مقداره، وفي الأجل المحدد له.

وعند تعذر حصول الدائن على تنفيذ الالتزام الواقع على عاتق المدين تنفيذا عينيا، جاز له أن يطلب التنفيذ بمقابل أي أن يقضي تعويضا يقوم مقام التنفيذ العيني[99].

فالتعويض على نوعين :تعويض عن عدم التنفيذ كلية ,وتعويض عن التأخر في التنفيذ ,ومن ثم فالتعويض عن عدم التنفيذ لا يجتمع مع التنفيذ العيني لأنه يحل محله ,أما التعويض عن التأخير فانه يجتمع مع التنفيذ العيني بل ومع التعويض عن عدم التنفيذ[100].والتنفيذ بمقابل أو التعويض ليس إلا طريقا احتياطيا لا يلجأ إليه إلا إذا تعذر التنفيذ العيني، فلا يبقى له إلا المطالبة بالتنفيذ بمقابل، أي أن يقنع بطلب التعويض عن عدم التنفيذ.

تم إنه يجب التنفيذ بطريق التعويض، كما يجب التنفيذ العيني إعذار المدين، وكل التزام أيا كان مصدره، يجوز تنفيذه عن طريق التعويض.

وهناك عدة حالات يكون التنفيذ فيها بطريق التعويض، باعتباره الطريق الاحتياطي لأداء الالتزام ، فيكون إذا أصبح التنفيذ العيني في ذاته غير ممكن بخطأ المدين، وكذلك إذا كان التنفيذ العيني رغم كونه ممكنا في ذاته، مرهقا للمدين، وطلب الدائن قصر حقه في التعويض، ووافقت المحكمة على طلبه، وكذلك إذا كان التنفيذ العيني للالتزام غير ممكن أو غير ملائم، إلا إذا قام به المدين نفسه وطالب الدائن ابتداء بالتعويض، أو طالب بإلزام المدين بالتنفيذ العيني، ويدفع غرامة تهديدية، ولم تجد الغرامة نفعا في حث المدين على التنفيذ العيني.

شروط استحقاق التعويض:
يشترط لاستحقاق التعويض توافر جميع أركان المدنية والمتمثلة في الخطأ,وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.فإذا توافرت إحدى الحالات السابقة التي تجيز للدائن أن يطلب التنفيذ بمقابل أو التعويض، وجب أن تتوافر عدة شروط لاستحقاق التعويض.

1- الخطأ أي عدم وفاء المدين بالتزامه أو تأخره في هذا الوفاء.

2- إصابة الدائن بضرر.

3- علاقة السببية بين الضرر والخطأ أي أن يكون الضرر الذي لحق الدائن ناتجا عن عدم تنفيذ الالتزام أو التأخر في التنفيذ.

4- إعذار المدين والإعذار جزاء يقصد به وضع المدين الذي لا يفي بالتزامه في ميعاده في موضع المخطئ أو المعسر[101].

من ذلك يتضح أنه يشترط لاستحقاق التعويض توافر شروط المسؤولية المدنية بنوعيها، سواء أكانت مسؤولية عقدية أم مسؤولية تقصيرية ، لذا فنحن نحيل إلى الدراسة الخاصة بها.

كيفية تقدير التعويض :
الأصل أن يخضع التعويض، سواء كان عن عدم تنفيذ الالتزام ، أو التأخير فيه، لتقدير القاضي وفقا لمدى الضرر الذي أصاب الدائن، ويطلق على هذا النوع من التعويض التعويض القضائي، وقد يكون التعويض خاضعا أحيانا، لقواعد خاصة، ويرجع ذلك إما إلى اتفاق المتعاقدين مقدما على تقدير التعويض، وهذا ما يسمى بالتعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي، وأخيرا قد يتم التعويض عن طريق القانون نفسه، كما هو الحال في تحديد سعر الفائدة عن التأخير، وهذا هو التعويض القانوني.

الفرع الأول :التعويض القضائي 
ان عدم تنفيذ الالتزام او التأخير في تنفيذه تقوم معه المسؤولية العقدية بأركانها الثلاثة وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية. وبتوفر هذه الاركان يكون من حق الدائن الحصول على حكم قضائي يقضي بالزام المدين بأداء تعويض عما لحقه من خسارة.
فالتعويض الذي يستحقه الدائن ،بسبب إخلال المدين بالتزامه ، إما تعويض عن التأخر في التنفيذ، أو تعويض عن عدم التنفيذ ويقدر القاضي التعويض عادة بمبلغ نقدي يمثل الضرر الذي لحق الدائن نتيجة عدم تنفيذ المدين لالتزامه، أو لتأخره في التنفيذ.
وأول قاعدة من قواعد تقدير الضرر هي إن يكون التعويض على قدر الضرر، فالتعويض هو ما يلزم به المسئول لجبر الضرر الحادث للغير، وهذا الهدف هو الذي يقيم التلازم بين قدر الضرر وقيمة التعويض. ومقتضى ذلك إن يقتصر دور التعويض على إزالة كل ما وقع من ضرر بصرف النظر عن جسامة الخطأ الذي أحدثه ,فيجب- كما يقول بعض الفقه-إن يشمل التعويض كل الضرر مهما كان الخطأ يسيرا، وألا يجاوز التعويض مقدار الضرر مهما كان الخطأ جسيما[102].

ويشمل التعويض الضرر المادي والضرر الأدبي، ويتكون الضرر المادي من عنصرين هما ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، فإذا لم يقم شخص بتسليم التاجر البضاعة التي أوصى بها، ودفع ثمنها، استحق التاجر المشتري تعويضا يمثل ما لحقه من خسارة، وهو قيمة هذه البضاعة وما فاته من كسب، وهذا الربح الذي كان يأمل الحصول عليه عند إعادة بيعها، وشرائط استحقاق التعويض هي شرائط قيام المسؤولية : الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين هذا الضرر وذلك الخطأ، فإذا لم يصب الدائن ضرر من جراء تأخره في التنفيذ لم يكن هناك محل تعويض.

وقد نصت المادة 264 ق.ل.ع على أن : "الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب، متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة، التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه".

فللقاضي ان يعتد عند تقدير التعويض بكل الظروف والملابسات شان هذه الحالات كشأن المدين المتعنت الذي أجاز القانون بصدد أن يأخذ القاضي في الاعتبار عند تقدير التعويض مقدار العنت الذي بدا منه[103].وعلى هذا فالتعويض القضائي هو الأصل العام، أما التعويض الاتفاقي والقانوني فما هما إلا حالتان خاصتان واستثناءان لهذا الأصل[104].
ولذلك فالقاضي هو الذي يتولى تقدير التعويض عادة، وهو يملك في هذا الصدد سلطة تقديرية مطلقة إذ له القول الفصل في تحديد التعويض في نمطه.

كيفية التعويض: 
التعويض عن عدم التنفيذ أو التأخر فيه إنما هو لجبر الضرر، وجبر الضرر يقدره القاضي عادة بمبلغ من النقود سواء أكان ذلك في نطاق المسؤولية العقدية أم التقصيرية.
ومع ذلك فقد يكون التعويض عينيا ,وذلك كالحكم الذي يقدره القاضي بوجوب هدم الجدار يقيمه المالك الذي تعسفا لغرض حجب الشمس والنور عن منزل الجار، كذلك يجوز للقاضي في دعاوي السب إن يأمر بنشر الحكم الصادر بإدانة المدعى عليه في الصحف ,وهو تعويض غير نقدي لرد الاعتبار عن بعض الإضرار الأدبية التي تصيب المدعى عليه[105].
والتقدير يقدر عادة بمبلغ من النقود. ولذا إذا كان محل الالتزام الأصلي هو الوفاء بمبلغ من النقود، فان التعويض عن الإخلال به لا يكون إلا بسبب التأخر في هذا الوفاء ,وبمنح فوائد التأخير وفقا لأحكام القانون ,دلك إن التنفيذ العيني للالتزام ممكن دائما ولذا فلا مجال فيه للتنفيذ بقابل أو عن طريق التعويض، فكل من التنفيذ العيني أو التنفيذ بقابل لهذا الالتزام’ يؤدي إلى حصول الدائن على مبلغ النقود الملتزم به. [106]

الفرع الثاني:التعويض الاتفاقي أو (الشرط الجزائي)La clause pénale
هذا اسلوب من اساليب المعاملات الاقتصادية التي راجت في العصر الحديث، حيث ظهرت عدة وسائل لصيانة حق الدائن من مماطلة المدين , و من هذه الوسائل الشرط الجزائي, و هو من المصطلحات في الفكر القانوني الاسلامي, و انما دخل مجال القوانين المدنية المعمول بها في الدول العربية نتيجة التأثر بالقوانين الوضعية الغربية، و يقصد به حماية حق الدائن ولضمان العمل والحصول عليه في الوقت المحدد، وبالمواصفات المحددة في عصرنا الذي اصبح للزمان فيه ثمن غال كل الغلاء، واصبحت فنية العمل وتعقيده تقتضي الالتزام الحرفي الدقيق بالمواصفات.
وثمة سبب اخر يوجب ان يحتل الشرط الجزائي مكانته في العصر الحديث. فان اسلوب المشاريع الكبيرة التي تصل تكلفتها – احيانا - الى عدد من المليارات – او مئات الملايين – تجعل لكل يوم ثمنا باهضا. فاذا اضيف الى هذا شيوع المادية في اوساط الناس والميل الى الثراء ولو من طرق التحايل والاخلاف في المواعيد، اذا اضيف كل هذا، عرفنا كم كان ضروريا ان يحتل الشرط الجزائي على التأخير في تسليم المشروعات والوفاء بالعقود مكانته الكبيرة في المعاملات الاقتصادية الحديثة.

تعريف الشرط الجزائي :
الشرط الجزائي اتفاق المتعاقدين في ذات العقد أو في اتفاق لاحق, و يشترط أن يكون ذلك قبل الاخلال بالالتزام على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن عند عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه أو تأخيره عنه فيه[107].مقدما أي قبل وقوع الإخلال بالالتزام فعلا، فالشرط الجزائي هو التعويض اللاحق بالدائن عن عدم التنفيذ.

و قد نصت العديد من القوانين ومن بينها القانون المغربي على جواز قيام المتعاقدين بتقدير التعويض بالنص عليه في العقد أو في اتفاق لاحق يعد معدلا أو مكملا للعقد الأصلي، وهذا التعويض الاتفاقي يطلق عليه ب(الشرط الجزائي) وهذا اتفاق بين المتعاقدين على قدر من التعويض الذي يلزم بدفعه أحدهما عند إخلاله بتنفيذ التزامه. ويتخذ هذا الاتفاق صورة شرط في العقد و قد نصت المادة 264/2 ق ل ع على أنه :" يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم التزام أصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه والتعويض الاتفاقي لا يستحق على المدين إذا تبث أن الدائن لم يلحقه أي ضرر عن إخلال المدين بالتزامه سواء التأخر في التنفيذ أم عن تنفيذه المجيب للالتزام أم عن عدم قيامه أصلا بالالتزام الواجب عليه أو عن تنفيذه بصورة جزئية. وهذا الأمر من القواعد العامة فقها وتشريعا في كثير من القوانين المدنية.

أما عن التطبيقات العملية للشرط الجزائي فهي كثيرة الوقوع في الحياة العملية وكثيرا ما يرد في عقود المقاولات، فيذكر مقدار التعويض عن التأخير في إنجاز العمل ويطلق عليه تسمية (الغرامات التأخيرية) ويرد في عقده المناقصات، وفي عقود الكراء، حين يضع المالك على المكتري شرطا جزائيا إذا تأخر في تسليم الكراء، أو في بيع العقار قبل التسجيل باسم المتعهد له.

في الغالب في ذات العقد المنشئ للالتزام، وإن كان لا يوجد ما يحول وضعه باتفاق لاحق، ما دام هذا الاتفاق قبل تحقق الإخلال بالالتزام ويشترط لاستحقاق الشرط الجزائي أي الحكم بالتعويض المتفق عليه في العقد كل ما يشترط لاستحقاق التعويض الخطأ والضرر والعلاقة السببية، ولكن الدائن لا يلتزم بإثبات وقوع الضرر بالنسبة له. فهذا الضرر مفترض لمجرد عدم تنفيذ التزامه، وعلى المدين أن يثبت أن الدائن لم يلحقه ضرر حتى يتخلص من تطبيق الشرط الجزائي.

وقد نصت المادة 264/2 ق.ل.ع على أنه : "يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالتزام أصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه".

أغراض الشرط الجزائي: أهداف الشرط الجزائي
الهدف من الشرط الجزائي لا يخلو إما أن يكون :تضييق حدود المسؤولية ويظهر حينما يكون التقدير اقل بكثير مما يمكن إن يحدث من الضرر الفعلي. وإما إن يكون الغرض منه :هو علم المتخلف عن الوفاء بقدر ما سيدفع عند عدم التنفيذ .فانه في هذه الحالة يوضع وضعا جزافيا بعد المناقشة المستفيضة لما يتوقعه المتعاقدين من الضرر بالفعل عند عدم التنفيذ. وأخيرا قد يكون الغرض منه هو التهديد المالي، ويظهر هذا الهدف حينما يرتفع التقدير بشكل يزيد عن الضرر المتوقع حدوثه. ولهذه الأهداف فان الشرط الجزائي يختلف عن عقد الصلح الذي يتم بعد حدوث الفعل الضار، ويختلف عن العربون الذي يقوم على أساس حق المتعاقدين في العدول أو البت,كما يختلف عن الغرامة التهديدية الذي يضعها القاضي لغرض جبر المدين على التنفيذ العيني[108]. وهكذا يهدف الشرط الجزائي إلى تحقيق الأغراض الآتية[109]:

ضمان تنفيذ العقد و عدم الإخلال بموجبه, فان وجود الشرط الجزائي يحمل المدين على عدم التهاون بالعقد و أثاره.
تجنب المتعاقدين اللجوء إلى القضاء، و ما فيه من إجراءات فضائية طويلة و مصاريف باهظة
المتعاقدين تدخل القضاء في تقدير التعويض المترتب عن الضرر الذي سيلحق الدائن.
إعفاء الدائن من عبئ إثبات الضرر الذي يصيبه عند إخلاء المدين بالتزامه.

طبيعة الشرط الجزائي وشروطه:

أولا: طبيعة الشرط الجزائي :
يتميز الشرط الجزائي بثلاث خصائص هي:
أ‌- هو التزام تابع ا للالتزام الأصلي. ب - هو التزام احتياطي.ج - وهو تقدير جزافي.
ونتناول فيما يلي هذه الخصائص :
1) الالتزام بالشرط الجزائي تابع للالتزام الأصلي:
المقصود بذلك إن الالتزام بالشرط الجزائي لا يقوم استقلالا ,وإنما يكون تابعا لعقد أصلي يقوم بقيامه ويسقط بسقوطه ,وتتأتى الصورة التطبيقية لهذا المضمون فيما يلي:
ا- بطلان الالتزام الأصلي :فلو ابرم ناقص الأهلية عقد كراء فتمسك من له الحق في الإبطال وتم الحكم بإبطال العقد ,فإذا كان العقد قد انطوى على جزائي شرط أو تم الاتفاق عليه لاحقا، فان بطلان العقد الأصلي يؤدي حتما إلى بطلان الشرط الجزائي بالتبعية.
ب-استحالة التنفيذ بقوة قاهرة :إذا استحال تنفيذ العقد الأصلي لسبب أجنبي لا يد للمدين فيه، سقط معه الالتزام م بالشرط الجزائي.
ج-طلب الفسخ: إذا لم يقم المدين بالوفاء أو تأخر وبدلا من أن يطالب الدائن تنفيذ الشرط الجزائي طلب فسخ العقد، فان الشرط الجزائي يسقط في هذه الحالة ما لم يتعلق الشرط الجزائي بمواجهة الضرر عند طلب الفسخ فلا يسقط، أما إذا لم يشمل حالة الفسخ فليس هناك ما يمنع الدائن من طلب التعويض الذي أصابه بسبب الفسخ[110].
د- أوصاف الالتزام: إذا تعلق الالتزام الأصلي بأجل أو شرط أو تضامن تعلق به شرط جزائي ,فان الشرط الجزائي يلحق بالتبعية هذا الالتزام الموصوف.
2)الالتزام بالشرط الجزائي هو التزام احتياطي: مقتضى هذا، إن الشرط الجزائي لا يتم اللجوء إليه إلا عند عدم التنفيذ العيني متى كان بسب يرجع إلى المدين، حيث يقوم في هذه الحالة بدور التعويض.
الحالة يجتمع مع التنفيذ ولذلك فالشرط الجزائي ليس التزاما بديلا ولا تخييريا، وإنما هو احتياطي بمثابة التعويض عند عدم التنفيذ العيني للالتزام ، ولذلك فلا يجتمع معه ,ما لم يكن قد تم اشتراطه مقابل التأخير في التنفيذ، فانه في هذه العيني.
3)الشرط الجزائي هو تقدير جزافي ,مقتضى ذلك ,إن الشرط الجزائي لا يعتبر مصدرا للتعويض ولا يعتبر السبب في استحقاقه ,وإنما هو اتفاق مسبق على التعويض عند عدم التنفيذ أو التأخر فيه.
ولذلك فانه يشترط لاستحقاق الشرط الجزائي بالإضافة غالى الاعذار وجوب توفر أركان المسؤولية المدنية والمثمتلة في الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما لاستحقاق التعويض.

ثانيا: شروط استحقاق الشرط الجزائي[111] 
لما كان الشرط الجزائي التزاما تبعيا و ليس أصليا , فلا يستحق بمجرد النص على اشتراطه و انما يستحق بتوافر شروط معينة, من وقوع المدين في الخطأ, و لحوق الضرر بالدائن و غير ذلك مما سنفصله.
و لما كانت الشروط الجزائية الواردة في عقود المقاولات وعقود الكراء وعقود البيع وغيرها من التصرفات القانونية، إنما هي تقدير اتفاقي للتعويض فإن الشروط العامة اللازمة لاستحقاق هذا التعويض هي نفس شروط قيام المسؤولية من ضرورة توافر الضرر لجبره. ولهذا فإن التعويض الاتفاقي يلزم أن يتناسب مع مدى الضرر، وقد لا يحكم به لانقطاع علاقة السببية[112] وقيام السبب الأجنبي كالقوة القاهرة وخطأ الغير وخطأ الدائن.
فالمادة 268 ق.ل.ع تعتبر على أنه : "لا محل لأي تعويض إذا أثبت المدين أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه ناشئ عن سبب لا يمكن أن يعزى إليه، كالقوة القاهرة، أو الحادث الفجائي أو مطل الدائن"
وقد بينت المادة 269 ق.ل.ع ما المقصود بالقوة القاهرة حينما نصت على أن : "القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية (الفيضانات والجفاف، والعواصف والحرائق، والجراد) وغارات العدم وفعل السلطة ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا".
ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه.
وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين".
ويمكن القول في هذا المجال أن القوة القاهرة أو الآفة السماوية كالأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير والرياح الشديدة وخطأ الغير وخطأ الدائن من الأسباب الأجنبية التي تقطع رابطة السببية بين الخطأ والضرر وفقا للاتجاه الفقهي والتشريعي الغالب، وتحول دون قيام المسؤولية العقدية وتمنع من استحقاق الدائن للتعويض الاتفاقي.
أما حالة المطل فقد أوضحتها المادة 270 ق.ل.ع : "يكون الدائن في حالة مطل إن رفض دون سبب معتبر قانونا استيفاء الأداء المعروض عليه من المدين أو من شخص آخر يعمل باسمه على الكيفية المحددة في السند المنشئ للالتزام أو التي تقتضيها طبيعته.
سكوت الدائن أو غيابه عند ما تكون مشاركته ضرورية لتنفيذ الالتزام يعتبر رفضا منه".
وإعذار المدين من الدائن شرط لازم لاستحقاق التعويض طبقا للقانون المغربي والقوانين المدنية الأخرى.

أثر الشرط الجزائي في القانون الفرنسي 
كان للشرط الجزائي في القانون الفرنسي، أثر مطلق، وفقا للمادة 1152 التي تنص على أنه: "إذا تضمن الاتفاق أن يدفع من يخل بتنفيذ التزامه مبلغا على سبيل التعويض، لا يجوز أن يعطي الطرف الآخر مبلغا أكبر أو أقل منه". ولا يجوز، من تم، للقاضي "بأية حجة" أن يعدله. نقصا أو زيادة، ولو أثبت الدائن خطأ المدين، وليس على الدائن أن يثبت أن ضررا لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه، ولا بالأولى، قدر الضرر إذا لحقه شيء منه. فمتى أثبت الدائن عدم تنفيذ المدين لالتزامه على الوجه المتفق عليه، تعين الحكم على المدين بالمبلغ المحدد في الشرط الجزائي، دون أدنى اعتبار إلى وجود الضرر أو إلى قدره حين وجوده. وليس في هذا سوى إعمال لإرادة المتعاقدين اللذين "أرادا بإدراج الشرط الجزائي الزام المدين وفي كل الأحوال، بمجرد عدم التنفيذ، بدفع المبلغ المحدد فيه" تطبيقا للمبدأ الأساسي الوارد في المادة 1134 من التقنيين الفرنسي، ولا يرد على هذه القاعدة سوى استثناء واحد، تضمنته المادة 1231 منه التي خولت للقاضي سلطة تعديل المبلغ المعين في الشرط الجزائي إذا كان الالتزام الأصلي قد نفذ جزء منه.

وأسفر تطبيق هذه الأحكام على ظلم فادح في عقود الإذعان، وعلى الخصوص عقد الإيجار الإئتماني، وعقد إيجار المنقول مع التزام المؤجر بصيانته[113].

حيث جرت العادة فيهما على وضع شرط جزائي يقضي بإلزام المستأجر، إذا لم يف ولو بقسط واحد، فضلا عن فسخ العقد، بدفع كل أو جل الأقساط الباقية مما أثار هجوم الفقه على هذا الشرط الجائر.[114] مما أدى إلى تدخل المشرع الفرنسي، بإضافة فقرة جديدة إلى المادة 1152 تقضي بأن "القاضي يستطيع تخفيف، أو زيادة المبلغ الذي اتفق عليه، إذا كان ظاهر المجاوزة أو الضاله، وكل اشتراط مخالف يعتبر غير مكتوب".

وأعيدت كذلك صياغة المادة 1231، وصارت :"إذا كان الالتزام قد نفذ جزئيا، يجوز للقاضي إنقاص المبلغ المتفق عليه بنسبة المصلحة التي حققها التنفيذ الجزئي للدائن دون إخلال بتطبيق المادة 1152، وكل اشتراط مخالف يعتبر غير مكتوب" وأدين بهذه العبارة الأخيرة القضاء السابق على قانون 9 يوليوز 1975 والذي كان يعتبر المادة 1231 نصا مقررا، يمتنع تطبيقه حال الاتفاق على خلافه، وتبعا لهذا تظل للقاضي سلطته، في إنقاص الشرط الجزائي، قائمة حال التنفيذ الجزئي، رغم الاتفاق في العقد على عدم المساس به[115].

سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي 
اقتضت طبيعة الشرط الجزائي ,باعتباره اتفاقا على تقدير التعويض ,إن تكون سلطة القضاء حياله سلطة خاصة، تختلف عن سلطته بالنسبة للاتفاقات بصفة عامة,حيث تقتصر هذه السلطة على تفسيرها دون الخروج عن شروطها ,إلا حيث تكون شروط تعسفية وفي أحوال خاصة حددها القانون.
وقد جاء في حكم لابتدائية فأس :"وحيث إن التعويض المتفق عليه جد مبالغ فيه ولا ينسجم مع مبادئ العدل والإنصاف خاصة إن هناك تنفيذ جزئي للالتزام كما ان الضرر الحاصل للمدعية ضئيل بالمقارنة مع مقدار التعويض ...وحيث إن مقتضيات المادة230ق.ل.ع لا تحول دون إعمال القاضي لسلطته التقديرية في تحديد التعويض المناسب للضرر الحاصل وذلك استنادا إلى مبادئ العدل والإنصاف ومبدأ تناسب الضرر مع التعويض طبقا للمادة234ق.ل.ع
وحيث إن الفقه والقضاء يسمح بإمكانية تعديل الشرط الجزائي من قبل المحكمة متى كان مبالغا فيه ولا يتناسب مع الضرر الحاصل"[116]

أما بالنسبة للشرط الجزائي ,أي الاتفاق مقدما على تعويض الضرر ,فالقانون إذ يسمح للأفراد أن يقوموا مقام القضاء في هذا التقدير، فانه يخضع اتفاقاتهم في هذا الشأن لسلطة واسعة من القضاء تمكنه من الرقابة على مدى التزامهم بقواعد تقدير التعويض، بلا مغالاة ولا تعسف، كما نرى من القواعد التي نظم بها القانون هذه السلطة[117].للشرط الجزائي من حيث الأثر طبيعة خاصة، وذلك لقيامه على رضا المتعاقدين بتطبيقه عند عدم التنفيذ أو الناخر فيه ، حيث تقضي هذه الخصوصية بوجوب النظر في توفر شروطه ، فإذا ما توفرت كان للقاضيين ينظر في مدى التزام المتعاقدين بقواعد تقدير التعويض[118].
والأصل أن يحكم القاضي بالجزاء المشروط في العقد احتراما لإرادة طرفي العقد، إلا أن هذا الجزء لا يترك دون ضوابط فأعطت الكثير من القوانين، عدا القانون المدني الفرنسي السلطة لقاضي الموضوع لتخفيفه في حالتين، وأجيز له الحكم بأكثر مما هو متفق عليه في حالة وجود الغش أو الخطأ الجسيم من المدين.
فلا سلطان للقاضي على ما اتفق عليه المتعاقدان بإرادتهما طالما أن الغرض من إيراده في العقود منع نشوب النزاع بين الطرفين حول وقوع الضرر وعدم وقوعه أو مقداره، كما نصت المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي على منع الحكم بتعويض يختلف كما هو مقرر في الاتفاق وليس هناك من هو أفضل من طرفي العقد من تقدير الضرر المتوقع ومقدار التعويض الذي يقابله عند الإخلال بالعقد[119].

فإذا كان الدائن قد لحقه ضرر نتيجة عدم تنفيذ الالتزام فإن القاضي يطبق الشرط الجزائي، أي يحكم بالتعويض المتفق عليه بغير نقصان أو زيادة، بصرف النظر عن قيمة الواقع، ولا يكون للقاضي أن يزيد أو ينقص المبلغ المتفق عليه كشرط جزائي، بل يأخذ به كما حدده الطرفان.

ولكن القانون أجاز استثناء للقاضي سلطة تخفيض الشرط الجزائي في حالتين :

الأولى : إذا أثبت المدين أن التعويض المقرر كان مبلغا فيه إلى درجة كبيرة.

الثانية : إذا أثبت المدين أن الالتزام الذي يلتزم به قد نفذ جزئيا، أي أنه نفذ التزامه تنفيذا جزئيا.

ففي هاتين الحالتين يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه حتى يتناسب مع الضرر الذي أصاب الدائن فعلا. وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 264 على أنه : "يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبلغا أو الرفع من قيمته إذا كان زهيدا ، ولها أيضا ... "

سلطة القاضي في زيادة الشرط الجزائي 
مقتضى التسوية بين الدائن والمدين، انه لا مانع من النظر في زيادة الشرط الجزائي اذا زاد الضرر على المقدار المتفق عليه، فهل اخذ القانون بهذا الاصل مجردا؟.

التمييز بين الشرط الجزائي والغرامة التهديدية[120]
الغرامة التهديدية وان كانت تتفق مع الشرط الجزائي في ان كلا منهما عبارة عن جزاء على عدم تنفيذ التزام او على التأخر في تنفيذه ,وفي ان كلا منهما التزام تبعي، فإنها تختلف عنه .

يتميز الشرط الجزائي عن الغرامة التهديدية من عدة وجوه 
1) يختلف الشرط الجزائي عن الغرامة التهديدية من حيث طبيعة كل منهما، فبينما الشرط الجزائي تقدير اتفاقي للتعويض سابق على وقوع الإخلال بالالتزام ، تعتبر الغرامة التهديدية وسيلة ضغط يمارسها القاضي لإجبار المدين على تنفيذ التزامه.
2) الحكم بالشرط الجزائي يجوز حجية الأمر المقضي، ولا يستطيع القاضي أن يرجع عنه، أو يعدل فيه إلا في الحدود التي تسمح بها طرق الطعن في الأحكام، في حين أن الحكم بالغرامة التهديدية لا يجوز هذه الحجية لأنه مجرد حكم تهديدي مؤقت، ويجوز للقاضي ان يرجع عنه أو يعدله بالزيادة أو بالنقصان، وفقا لما يتضح من سلوك المدين في تنفيذ التزامه.
3)يلزم الحكم بالشرط الجزائي إثبات الضرر الذي أصاب الدائن، فإذا انتهى هذا الضرر فإن القاضي لا يحكم به.
على العكس من ذلك، في الغرامة التهديدية حيث لا يشترط حدوث ضرر، لأن الغاية منها هي إجبار المدين على تنفيذ التزامه لا تعويض الدائن عن الضرر الذي أصابه.
يلزم للحكم بقيمة الشرط الجزائي، أن تكون القيمة متناسبة مع الضرر الذي أصاب الدائن، أما في الغرامة التهديدية فلا يشترط حصول هذا التناسب، بل أنه يغلب في العمل أن تكون الغرامة مبالغا فيما حتى تفي بالهدف منها في كسر عناد المدين وإجباره على تنفيذ ما التزم به.
1) إن الغرامة التهديدية لا يحكم بها إلا في الالتزامات التي يكون موضوعها القيام بعمل أو الامتناع عنه,في حين ان الشرط الجزائي يمكن أن يقع الاتفاق الاتفاق على ترتيبه جزاء على الإخلال بأي التزام ولو كان موضوعه مبلغا من النقود.
2) إن مصدر الغرامة التهديدية هو حكم القاضي ,بينما ينتج الشرط الجزائي عن اتفاق الأطراف.
3) إن الغرامة التهديدية تقدر دائما بالنظر إلى كل وحدة من الزمن أو كل مرة يتأخر فيها المدين عن التنفيذ,بينما الشرط الجزائي لا يكتسي دائما هده الصبغة لأنه كما يكون جزاء عن كل وحدة زمنية أو كل مرة يتأخر فيها الملتزم عن التنفيذ قد يكون مبلغا مقطوعا يؤديه الملتزم جزاء على عدم التنفيذ أو على التأخر في التنفيذ[121].

وقد اهتم الاجتهاد القضائي الفرنسي بالتمييز بين الشرط الجزائي والغرامة التهديدية من خلال قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ9مارس1977 الذي ميز جيدا بين هذين النظامين واعتبر إن شرط الغرامة التهديدية هو مستقل ومختلف عن الشرط الجزائي، واعتبرها إجراء متروك أمره للمحاكم، فلا وجود لغرامة تهديدية اتفاقية بخلاف الشرط الجزائي فهو أصلا اتفاقي. واعتبر هذا الاجتهاد انه في حالة ازدواجية الشرط الجزائي والغرامة التهديدية هذه الأخيرة التي تعتبر وسيلة ضغط تعتبر غير موجودة بسبب الشرط الجزائي الذي يعتبر بدوره وسيلة فقط وفي نفس الوقت له صفة التعويض[122].

خصائص الشرط الجزائي:

يتميز الشرط الجزائي بالخصائص الآتية 
1) الشرط الجزائي، هو مجرد اتفاق على تقدير التعويض الذي يثبت في ذمة المدين بسبب إخلاله بتنفيذ التزامه و هو بهذا يختلف عن الغرامة التعويضية التي يحكم بها القاضي على المدين بعد الإخلال[123]، فهو اتفاق تبعي لا ينشا عنه التزام جديد فالشرط الجزائي التزام تبعي, و المبلغ المتفق عليه ليس هو محل الالتزام الأصلي, و إنما هو تعويض اتفاقي يدفع للدائن عند عدم التنفيذ أو التأخير عن الموعد المحدد, و يترتب على ذلك ألا يطالب بذلك التعويض قبل الالتزام بالموعد الأصلي و أن مصير الشرط الجزائي يتبع الالتزام الأصلي , فإذا بطل هذا الالتزام بطل الشرط الجزائي, و لا يبطل الالتزام ببطلان الشرط الجزائي, كما يترتب على ذلك أن فسخ العقد يترتب عليه زوال الشرط الجزائي بأثر رجعي[124]، ومن ثم لا يقوم صحيحا إلا إذا كان الاتفاق الأصلي بدوره صحيحا. وعلى العكس من ذلك، فإن بطلان الشرط الجزائي لا يؤثر في وجود الالتزام الأصلي.
2) ويترتب على اعتبار الشرط الجزائي اتفاقا عاما أن تسري عليه جميع أحكام العقد، ويرد عليه البطلان أو القابلية للإبطال[125].
3- الشرط الجزائي هو تقدير للتعويض سابق على الإخلال بالالتزام و هو اما أن يدرج في العقد و يدخل ضمن بنوده, و إما أن يوضع في ملحق من ملحقات العقد، فإذا تم الاتفاق على مقدار التعويض بعد حصول الإخلال. فإن التعويض في هذه الحالة لا يعتبر شرطا جزئيا، وإنما يغلب أن يكون صلحا.
ولا بد من الإشارة إلى أن الشرط الجزائي يختلف عن الصلح فالاتفاق اللاحق لا يكون شرطا إلا إذا تم مقدما، أي قبل وقوع الإخلال الذي يقدر التعويض عنه. أما إذا حصل الاتفاق بعد الإخلال بتنفيذ الالتزام أصبح صلحا لا شرطا جزائيا. وتسري على الصلح القواعد العامة المنصوص عليها في المواد (1098-1116 ق.ل.ع).
الشرط الجزائي تقدير جزافي للتعويض الذي سيلحق الدائن نتيجة إخلال المدين بالالتزام . و لذلك قد يكون مبلغ المتفق عليه كبيرا لا يتناسب مع الضرر الذي لحق الدائن, و قد يكون قليلا, ففي حالة كبر التعويض الاتفاقي يجوز للقاضي تعديله, بحيث يكون متناسبا مع الضرر, أما في حالة قلة التعويض فلا يجوز تعديله بالزيادة عليه[126].

الشرط الجزائي عقوبة تترتب عن إخلال المدين بالالتزام , و هي إما أن تكون مبلغا من النقود كالتعويض الاتفاقي, و إما غير ذلك كتعجيل أقساط الديون المؤجلة إذا تأخر المدين عن دفع قسط منها[127] و هو بهذا يختلف عن العربون الذي يدفعه أحد المتعاقدين عد العقد بقصد استكمال إجراءات العقد و يحسب ذلك العربون من الثمن إذا أمضي العقد.

حكم الشرط الجزائي في التعهد بنقل ملكية عقار:
البيع الوارد على عقار لا ينعقد لتخلف ركن الشكلية، وهو باطل من الناحية التشريعية، والباطل عدم والعدم لا ينتج أثرا قانونيا من حيث الأصل العام، أي أن الالتزام الأصلي (نقل الحق العيني) يكون باطلا وما يتبعه كالشرط الجزائي يكون باطلا تبعا لبطلان الالتزام الأصلي لأنه فرع له، والقاعدة تقضي إن التابع لا يفرد في الحكم.
وقد اختلف الفقه المدني وشراح القانون في تحديد مصدر هذا التعويض وفي مصير الشرط الجزائي الوارد في التعهد بنقل ملكية العقار. ويمكن حصرها على النحو التالي :
الرأي الأول : أساس مسؤولية المتعهد هي (المسؤولية التقصيرية) لعدم وجود العقد أصلا، ويبنى على ذلك بطلان الشرط الجزائي وأن للقضاء أن يحكم بتعويض مناسب على أساس قواعد الفعل الضار[128].
الرأي الثاني : أساس مسؤولية المتعهد الناكل تكون حسب نظرية (تحول العقد) وأن الشرط الجزائي يظل صحيحا[129].
الرأي الثالث : أن أساس مسؤولية المتعهد عند نكوله تنهض طبقا لقواعد المسؤولية العقدية، وان الشرط الجزائي يظل صحيحا[130].

الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي :
أجاز الفقه الإسلامي فكرة الشرط الجزائي، لأن القواعد العامة في الفقه المذكور وأدلة الأحكام الشرعية لا تحظر وجود هذا الشرط في التصرفات الشرعية المالية[131]. فالمالكية وإن لم يستخدموا هذا المصطلح إلا انهم عرضوه وحرموا الشرط الجزائي الذي يفضي إلى الربا بأن يكون محل الالتزام مبلغا نقديا، والتزام المدين بأ يدفع للدائن تعويضا عن التأخر في الوفاء، كما حرمه غيرهم[132]، أجاز الحنابلة والأحناف الشرط الجزائي في المعاملات المالية[133] .

فإذا اتفق الدائن مع المدين على تعويضه مبلغا معينا عن كل يوم تأخير, فئن هذا الشرط لا يجوز شرعا باتفاق الفقهاء لأنه صريح الربا, كما قال الحطاب: اذا التزم المدعي عليه للمدعي أنه اذا اذا لم يوفيه حقه في كذا فله عليه كذا و كذا. فهذا لا يختلف في بطلانه: لأنه صريح الربا, و سواء كان الملتزم به من جنس الدين أو غيره, و سواء كان شيئا معينا أو منفعة.." و قد أنكر على من قال بوجوب الوفاء به و اعتبر ذلك من الغفلة حيث قال:" و حكم به بعض قضاة المالكية الفضلاء بموجب الالتزام , و ما أظن ذلك الا عفلة منه[134]".

أما ما روي عن بعض فقهاء الشافعية و المالكية من أن الربا الذي نزل به القرأن مجمل غير واضح فغير صحيح كما قال صاحب أحكام القرأن: " و الصحيح أن الربا غير مجمل و الذي كان في الجاهلية كان القرض بزيادة, و ما كانوا يؤجلون الا بزيادة في نفس النسئ[135].

و قال ابن العربي:" إن من زعم أن هذه الآية مجملة لم يفهم مقاطع الشريعة, فأن الله تعالى أرسل رسوله صلى الله عليه و سلم إلى قوم هو منهم بلغتهم و أنزل عليهم كتابه – تيسيرا منه – بلسانه و لسانهم, و قد كانت التجارة و البيع عندهم من المعاني المعلومة, فأنزل عليهم مبينا لهم ما يلزم فيها و يعقدونها عليه.. و الربا في اللغة الزيادة و المراد في الآية كل زيادة لم يقابلها عوض[136].

و قد نقل الإجماع على تخريم ربا النسيئة بالمعنى السابق المتضمن لزيادة لأجل كثير[137].

و قد قال بعدم جواز هذا الشرط كثير من العلماء المعاصرين منهم منهم الشيخ زكي الدين شعبان و الشيخ الزرقة و الدكتور الصديق الضرير فقال الشيخ الزرقا" أن الاتفاق على مقدار ضرر الدلئن له محذور كبير و هو أنه قد يصبح دريعة لربا مستور بتواطأ من الدائن و المدين بأن يتفقا في القرض على فوائد زمنية ربوية ثم يعقد القرض في ميعاده لكي يستحق عليه الدائن تعويض متفق عليه مسبقا يعادل سعر الفائدة, فلذلك لا يجوز في نذري[138] و قال الدكتور الصديق الضرير : " لا يجوز أن يتفق البنك مع العميل المدين على أن يدفع له مبلغا محددا أو نسبة من الدين الذي عليه في حالة تأخره عن الوفاء في المدة المحددة, سواء أسما هذا المبلغ غرامة أو تعويضا أو شرطا جزائيا لأن هذا هو ربا الجاهلية المجمع علية".[139]

و لهذا لم تأخذ به بعض القوانين المدنية العربية لأنه ربا محرم ومن هذه القوانين القانون المدني الكويتي و القانون المدني الأردني[140].

و بهذا يتبين أن الشرط الجزائي المتضمن الاتفاق على مقدار التعويض لأجل التأخير لا يجوز شرعا اذا كان محل الالتزام مبلغ من النقود, لأنه ربا نسيئة و لا يجوز أيضا ما يسمى اليوم ب"جدولة الديون" لأنها تتضمن زيادة الدين لأجل تأخير الأجل.
أما مجلس المجمع الفقهي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته 12 فقد قرر ما يلي :

أولا: الشرط الجزائي في القانون هو اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شرط له عن الضرر الذي يلحقه اذا لم ينفذ الطرف الاخر ما التزم به, أو تأخر في تنفيذه.

ثانيا: يؤكد المجلس قراراته السابقة بالنسبة للشرط الجزائي الواردة في قراره في السلم رقم 85 (2/9) و نصه: " لا يجوز الشرط الجزائي عن التأخير في تسليم المسلم فيه, لأنه عبارة عن دين, و لا يجوز اشتراط الزيادة في الديون عند التأخير" و قراره في الاستصناع رقم 65 (3/7) و نصه: "يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطا جزائيا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة" و قراره في البيع بالتقسيط رقم 51 (2/6) و نصه: " اذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط بعد الموعد المحدد فلا يجوز الزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط سابق لأن ذلك ربا محرم"

ثالثا: يجوز أن يكون الشرط الجزائي مقترنا بالعقد الأصلي, كما يجوز أن يكون في اتفاق لاحق قبل حدوث الضرر.
رابعا: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً؛ فإن هذا من الربا الصريح. وبناء على هذا، يجوز هذا الشرط – مثلاً – في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسبة للمورد، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع إذا لم ينفّذ ما التزم به أو تأخّر في تنفيذه. ولا يجوز – مثلا – في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية سواء، كان بسبب الإعسار، أو المماطلة، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصنع إذا تأخر في أداء ما عليه.

خامسا: الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي، وما لَحِق المضرور من خسارة حقيقية، وما فاته من كسب مؤكد، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي.

سادسا: لا يُعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شُرِط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسببٍ خارج عن إرادته، أو أثبت أن من شرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد.

سابعا: يجوز للمحكمة بناء على طلب أحد الطرفين أن تُعدِّل في مقدار التعويض إذا وجدت مبرراً لذلك، أو كان مبالغاً فيه[141].

الشرط الجزائي في الفعل غير المشروع
إذا كانت اتفاقات رفع أو تخفيف، المسؤولية نادرة في دائرة المسؤولية التقصيرية فالشرط الجزائي، كذلك نادر في دائرة هذه المسؤولية.

فقواعد المسؤولية التقصيرية، في مذهب القضاء الفرنسي، متعلقة بالنظام العام، وتعتبر من تم، فوق إرادات الأفراد، فإن منطق مذهبه يؤدى في رأي البعض إلا بطلان الشرط الجزائي الذي يتفق فيه الطرفان، مقدما، على قدر التعويض على فعل غير مشروع، وإن كان تأسيسي بطلان الشرط الجزائي، في كل الأحوال على بطلان اتفاقات الإعفاء، يعتبر محل شك كبير[142].

على أن البعض في الفقه الفرنسي الحديث، يرى صحة الاتفاق على رفع المسؤولية التقصيرية في حدود معينة، يذهب بالأولى إلى صحة الشرط الجزائي في نفس الحدود[143].


الفرع الثالث :التعويض القانوني(الفوائد) Intérêts Légaux
قد يكون موضوع الالتزام مبلغا من النقود بما يجعل هذا الالتزام خاضعا لنظام قانوني خاص يكون فيه غرم الصرر قائما على حكم بأداء الفائض الذي عينه القانون.

والقوانين تكفلت بتحديد مقدار التعويض ويذهب البعض[144] إلى أن هذا التعويض نادر جدا في العصر الحالي، وهو قيام المشرع بنفسه تضمين مبلغ التعويض المستحق، إلا في حالات نادرة، وخاصة، ومنها سلب قاضي الموضوع كل سلطة تقديرية في هذا، ووضع مقادير مقطوعة وجزافية كما هو الحال بالنسبة للتعويضات المقدرة في ظهير 6 فبراير 1963 بشان حوادث الشغل والأمراض المهنية، وإما أن يحد من هذه السلطة فيضع حدا أعلى للتعويض لا ينبغي للقاضي أن يتجاوزه، أو حد أدنى لا يسوغ له أن ينزل عنه، ويتمثل إلى ذلك في التخفيف على مرتكب الضرر لأسباب معتبرة في الحالة الأولى، وفي حماية المطالب وضمان التعويض له في الحالة الثانية.

ونلاحظ أن قانون الالتزامات والعقود، قد قام بتنظيم أحكام الفوائد بوصفها تعويضا عن التأخير، كما أن المشرع المغربي لم يكتف بتحديد سعر الفائدة القانونية بل وضع حدا أعلى للفوائد الاتفاقية (الفصل 375 ق.ل.ع)، بل أجاز أيضا استرداد ما دفع زائدا عن السعر الذي تقرره المحكمة إذا ما ثبت لديها الاستغلال، ورخص للمدين في حالات معينة عدم دفعها ومنع تقاضي فوائد على متجمد الفوائد[145].

حيث أن قانون الالتزامات والعقود حاول التضييق من نطاق هذا التعامل ,وان المدين لودفع فائدة زائدة على السعر القانوني فله استردادها ,وانه لا يجوزان تزيد الفوائد على مقدار رأس المال على ألا يستحق الدائن هذه الفوائد إلا إذا توافرت الشروط الآتية:

1) أن يكون موضوع الالتزام دفع مبلغ من النقود:
ومقتضى هذا الشرط أن العبرة بمحل الالتزام أيا كان مصدره عقد قرض اوبيع أو دين نفقة أو نحو ذلك من الالتزامات الموجبة لدفع النقود.

2) أن يكون هذا المبلغ معلوم المقدار وقت الطلب لا من وقت الأعذار.

3) أن يتأخر المدين عن الوفاء بدفع المبلغ عن الموعد المتفق عليه,فتصيح الفوائد مستحقة للدائن كتعويض عن تأخر المدين عن الوفاء بالالتزام.

4) أن يطالب الدائن بهذه الفوائد.

فإذا ما توافرت هذه الشروط استحق الدائن علاوة على أصل المبلغ الفوائد المتفق عليها أو المفروضة بقوة القانون,ودون أن يكلف الدائن بإثبات إي ضرر أصابه نتيجة عدم التنفيذ أو التأخر فيه.

التزامات المقترض:
ونتناول فيما يلي التزامات المقترض، سواء تعلق الالتزام بالرد أو الالتزام بالمصروفات والفوائد.
ويلتزم المقترض برد ما تسلمه، كما يلتزم بمصروفات التسليم والرد، وعليه كذلك الالتزام بدفع الفوائد إن اشترطت.

أولا : الالتزام بالرد :
يؤدي رد مبلغ القرض إلى المقترض إلى انتهاء القرض بالوفاء، وقد نص القانون على ذلك في المادة 868 أنه "على المقترض أن يرد الأشياء المقترضة في نفس مكان انعقاد القرض ما لم يتفق على غير ذلك"
ورد مبلغ القرض هو الالتزام الرئيسي على عاتق المقترض، ولولا ذلك لكيف العقد على أنه هبة.
والمقترض يلتزم بأن يرد مثل الشيء الذي تسلمه نوعا وقدرا وصفة، فقد نصت المادة 865 على أنه "على المقترض أن يرد مثل ما تسلمه قدرا وصفة، ولا يلزمه غير ذلك".
فإذا كان تسلم أي شيء فإنه ملزم برد نفس الشيء وبنفس الدرجة من الجودة قدرا مماثلا لما تسلمه.
ويكون القدر في المثليات بالوزن أو بالكيل أو بالعدد أو بالقياس.
ويقع الرد في الوقت المتفق عليه في العقد، أو الذي يحدده العرف ويجري عليه، "فلا يسوغ حسب المادة 866 – إجبار المقترض على رد ما هو ملتزم به قبل الأجل المحدد بمقتضى العقد او العرف، ويسوغ له رده قبل حلول الأجل ما لم يتناف ذلك مع مصلحة المقرض" أي أنه جاز الرد قبل حلول الأجل، يجوز إلا أن يكون منافيا لمصلحة المقترض.
ويبدأ الأجل من تاريخ العقد ما لم يحدد الاتفاق أو القانون وقتا آخر ويكون بحسب المادة 862 – المقترض ضامنا للشيء المقترض، ابتداء من وقت تمام العقد ولو قبل تسليمه إياه، ما لم يشترط غير ذلك.

إذا لم يكن هناك اجل معين في العقد اعتبر القرض حالا وقت مطالبة المقرض بالرد فإن المادة 867 من القانون أجابت على ذلك بقولها : "إذا لم يحدد لدفع القرض أجل، وجب على المقترض الوفاء عند طلب القرض، إذا اشترط أن المقرض يرد القدر الذي اقترضه عندما يمكنه ذلك، أو من أول مال يستطيع التصرف فيه، فإن المحكمة تحدد وفقا لظروف الحال ميعادا معقولا للرد".
ويفهم من هذا أنه يجب التمييز بين ما إذا كان الطرفان قد اتفقا على أجل للرد، أو سكتا عن ذلك.
فإذا اتفقا على أجل للرد فيجب على المقترض أن يرد المثل إلى المقرض بمجرد أن يحل هذا الأجل.
والأجل يحل إذا انقضى الميعاد المضروب، كما يحل الأجل بسقوطه.
إذا اشتهر إفلاس المقترض أو إعساره.
إذا أضعف المقترض بفعله إلى حد كبير ما أعطى المقرض من تامين خاص[146].

ويجوز أيضا أن يكون الرد قبل الأجل لمصلحة المقترض أما إذا كان القرض بفائدة، فالأجل في مصلحة الطرفين، ولا يجوز النزول عنه رد المثل قبل حلوله إلا باتفاق الطرفين.[147]

وإذا سكتا عن تحديد موعد للرد، ولم يتفقا على أجل للرد فإن المادة 867 ق.ل.ع تقول : "إذا لم يحدد لدفع القرض أجل، وجب على المقترض الوفاء عند طلب المقرض إذا اشترط أن المقرض برد القدر الذي اقترضه عندما يمكنه ذلك أو من أول مال يستطيع التصرف فيه، فإن المحكمة تحدد وفقا لظروف الحال ميعادا معقولا للرد".

ثانيا : الالتزام بالمصروفات والفوائد :
1) الالتزام بالمصروفات :

ينص القانون المغربي على مصروفات الرد، وأوجب في المادة 869 منه على أنه : "تقع مصروفات تسلم الأشياء المقترضة على عاتق المقترض".

ولكن هذا الحكم الوارد في المادة السابقة غير متعلق بالنظام العام، فيجوز للأطراف الاتفاق على خلافه، بمعنى أن تكون المصروفات مناصفة بينهم أو بأي طريق آخر.

2) الالتزام بالفوائد[148] :

تنص المادة 870 ق.ل.ع على أن : "اشتراط الفوائد بين لمسلمين باطل ومبطل للعقد الذي يتضمنه سواء جاء صرحا أو اتخذ شكل هدية أو أي نفع آخر للمقرض، أو لأي شخص غيره يتخذه وسيطا له".

والقرض في ذاته مشروع سواء في الشريعة الإسلامية الغراء، أو في القوانين الوضعية، بيد أنه حين أجاز معظم القوانين الوضعية المقارنة القرض بفائدة أيا كانت صورة هذا القرض فإن المادة 870 ق.ل.ع قد حظرت الفائدة عن القرض، وعدت شرط الفائدة باطلا وتأثير من هذا البطلان في عقد القرض ذاته.

فنص المادة 870 لم يكتف بإبطال اشتراط الفائدة الذي يرد في عقد القرض، بل أبطلت هذا العقد نفسه وجعله معدوما بسبب ما تضمنه من اشتراط الفائدة، وهذا منتهى الحزم – كما يذهب أحد الباحثين – في الضرب على يد من يتعامل بالربا.

لا بل ذهب النص أبعد من هذا حين أبطل كل شكل من أشكال اشتراط الفائدة مخافة أن يلتجئ المسلمون إلى هذه الأشكال لإخفاء الاشتراط الصريح للفائدة كأن يجعلوها في شكل هدية أو أي نفع آخر.[149] فقانون الالتزامات والعقود أتى بحل تفصيلي لأحكام الفائدة يقوم على المعيار الديني حرم في ظله الفائدة على المسلمين دون غيرهم[150] بيد أن قانون الالتزامات والعقود أجاز هذا التعامل وأباح تقاضي الفائدة في القروض التجارية، عندما نص في الفقرة الثانية من المادة 871 بقوله : "ويفترض هذا الاشتراط إذا كان أحد الطرفين تاجرا" فإذا تضمن العقد اتفاقا على سعر الفائدة، وتأخر المدين في الوفاء، احتسبت الفائدة التأخيرية على أساس السعر المتفق عليه.

والواقع أن إعطاء فوائد في القرض التجاري في قانون الالتزامات والعقود المغرب، بعد مخالفة صارخة لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، حرص قانون الالتزامات والعقود على تجنبها والتزام حكم الشريعة الإسلامية في هذذا الخصوص، من تحريم الربا وعدم تعاطيه مما يظهر لنا مفارقة في التشريع المغربي، نرجو ألا تستمر ونقترح إدخال تعديل جذري على نص الفقرة الثانية من المادة 871 بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية قدر المستطاع، وهذه الدعوة تتطابق مع نص الدستور.

وترتيبا على ذلك فإنه إذا كان قانون الالتزام والعقود قد حظر بقاعدة امرة متعلقة بالنظام العام، تقاضي الفوائد سواء في عقد القرض أو في عقد مدني آخر، فإن حظر الفوائد بنوعيها يكون هو الأصل العام في القانون المغربي، أما الاستثناء فهو الذي يتقرر بالنصوص المقررة في القانون التجاري أو في القوانين الخاصة الأخرى.

وبطلان شرط الفائدة هنا بطلان متعلق بالنظام العام، لأنه تقرر بقاعدة آمرة تتعلق بالنظام الاقتصادي للدولة.

وعلى ذلك لا يجوز الاتفاق على استحقاق فائدة عن القرض المدني، والزعم بمشروعية هذا الاتفاق بمقولة أن هذه الفائدة تقابل انتفاع المقترض بمبلغ طول مدة العقد أو الزعم بانخفاض القوة الشرائية للنقود عند مبلغ القرض، ذلك أن النص على بطلان شرط الفائدة عن القرض المدني نص واضح ولا اجتهاد مع النص.

ومع ذلك تجدر الإشارة إلى ما قرره بعض فقهاء الشريعة الإسلامية من أنه : "إذا كانت هناك ضرورة حقا اقتضت المقترض أن يدفع الفائدة إلى المقرض فإن الإثم في هذه الحالة يكون على المقرض نفسه دون غيره[151].

ويستند هذا الرأي إلى القاعدة الشرعية بأن : "الضرورات تبيح المحظورات والقاعدة القائلة بأن : "الضرورة تقدر بقدرها" وينتهي من ذلك إلى أن المقترض : إذا استنفذ الطرق المشروعة كلها ولم يجد المظطر غير وسيلة القرض بفائدة، فلا حرج عليه إذن في سلوكها غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم[152].

ونحن نرى أن نص قانون الالتزامات، والعقود، قد حظر القرض بفائدة دون التفرقة بين قرض المضطر وقرض غير المضطر، ومن تم يجوز طلب إبطال الاتفاق على فوائد القرض سواء أكانت تعويضة أم اتفاقية، سواء أكان المقترض مضطرا أم غير مضطر، ولا يكون أمام الدائن الذي أصابه ضرر من جراء تأخر المقترض في الوفاء سوء طلب التعويض اللازم لجبر الضرر.

صور الربا :ويتخذ الربا إحدى صورتين 
الأولى : الربا عن الودائع البنكية، ويسمى الفوائد المدينة، حيث يتوصل المودع سنويا من البنك الوديع بمبلغ الربا، لأن العلاقة بين البنك والمودع هي علاقة قرض.

والثانية : الربا عن القروض التي يمنحها البنك المستثمر، ويسمى الفوائد الدائنة، فمهمة البنك الربوي المتاجرة في النقود، حيث يفترض بفائدة أقل، ليقرض بفائدة أكثر، ويمسك الفرق بين الفائدتين لنفسه.

وقد حرم الإسلام ربا النسيئة لأنه ظلم صراح. ولهذا الارتباط الحتمي بالظلم في ربا النسيئة أمر الله عز وجل المقرضين أن يتمسكوا بالعدل، فلا يظلمون أنفسهم ولا يظلمون المستثمرين "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون"[153].

وبالمقابل فإن المشكلة في القرض النقدي، قرض النقود الورقية المعاصرة، أن هذه النقود تتدهور باستمرار، وبمقادير فاحشة، لا يمكن التغاضي عنها، ولا سيما إذا طال أجل القرض، ويخشى أن تسد هذه النقود باب القرض، فحماية المقرض من هبوط القوة الشرائية لقرضه ادعىإلى ترغيبه في القرض واستمراره فيه.

فهناك من يقرض، ولا بأس عنده أن يسترد القرض بمبلغ أسمى مماثل، ولئن تدهورت النقود، فهذا عنده قرض وصدفة (صدفة بمقدار نقصان قيمة النقود) ولا بأس كذلك أن يجهل قيمة ما سيسترد عند الوفاء، لأن القرض من عقود الإحسان والتبرع. ويغتفر من الغرر والجهالة في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات، كما هو معلوم في الفقه وقواعده الكلية.

لكن هناك أيضا من يريد أن يقرض، ويحدد مخاطرته، فيعلم أنه سيسترد شيئا مماثلا في القيمة لما أقرض، يريد أن يقرض مبلغا معلوما ويسترد مبلغا معلومامماثلا، لا سيما وأن القرض ليس من عقود التبرعات المحضة، بل هو معاوضة وتبرع في آن مع، معاوضة لأنه يسترد مثله، وتبرع لأن فيه معنى الصدفة (التنازل عن مبلغ القرض لمدة ما) ولا شك أن عجزا قد أصاب النقود الورقية هذه، وأن خللا قد طرا على وظائفها، وقد عمت بها البلوى.

فإما أن نسمح شرعا بربط القروض ربطا قياسيا، مع ما في هذا من خطر التقويم، فالذي يقرض نقدا يقومه بسلعة، أو بنقد آخر، لكي يسترد المبلغ المعادل في تاريخ الاسترداد ولا نعلم أن الشارع قد سمح في حديث الأصناف الستة بأن تقرض ذهبا وتسترد قمحا بعذر من، أو أن تقرض قمحا وتسترد فضة. نعم أجاز مثل هذا في البيوع المؤجلة: النسيئة، والسلم، ولكن الفقه على من أسلف دراهيم معلومة لا يجوز له أن يسترد أكثر من دراهم في (السلف)، إذا عجز البائع عن تسليم المبيع، وفتح باب الفضل مع النساء لا يجوز إلا في معاملة صريحة بأنها غير ربوية، ولا يجوز في القرض.

لأن ربا الجاهلية (ربا القرض أو الدين) قد يؤخذ بحث ستار التعويض عن تدهور القيمة النقدية، وقد علم أن الشرع قد سد الذريعة في الربا، فقد حرم ربا الفصل وحرم ربا السيئة سدا للذريعة الموصلة إلى القرض الذي يتألف في حقيقته من اجتماع ربا الفضل وربا السيئة معا. كما حرم الشارع النساء في مبادلة الذهب بالفضة، وأجاز الفضل، وذلك سد الذريعة إلى زيادة الفضل لأجل النساء في مبادلة تشتبه بالقرض. فما الذي يمنع من أن يقترض بالذهب ويسدد بالفضة أو العكس؟ أليس كل منهما يحقق له مقصوده أو منفعته من القرض؟.

ورأى البعض أن وفاء القرض بقيمة الحقيقة لا علاقة له بالربا، بل الضمان، فتغير قيمة النقود الورقية تغيرا كبيرا يعتبر من العيوب الموجبة للضمان، والضمان غير الربا، فهو متعلق بما يثبت في ذمة المدين بنقود ورقية : هل هو القيمة الاسمية (العدد) أم القيمة الحقيقية (القوة الشرائية بالنسبة لنقود وسلع معينة) ؟ والنقود يرد مثلها في القرض، ولكن هل المثل مثل الصورة أم مثل المعنى[154].

وإما أن يبادر العالم إلى إصلاح نقده الهابط، فمن خصائص النقود التي أجمع عليها علماء الفقه، ورجال الاقتصاد مبدأ الثبات النسبي. والنقود ما لم تكن جيدة[155] فإنها لا تستحق هذا الاسم.

والنقد معيار، ومن شأن المعيار الثبات ولو نسبيا، وإقرار التعويض على التدهور اعتراف بلل المعيار، ونقص لأصل الثبات، والشيء إذا عاد على أصله بالإبطال علم بطلانه[156].

فالأخذ بالرأي الثاني يجعل الشريعة تحكم أوضاعنا الاقتصادية والنقدية.

ولقد حرم الإسلام القرض الربوي، لان الربا يؤدي إلى الأضرار الخطيرة التالية :

1) يؤدي الربا إلى ارتفاع الأسعار، فالفائدة تدخل ضمن كلفة الإنتاج، فترتفع أسعار السلع بمقدار سعر الفائدة، ومن طبيعة التضخم أنه يسري من سلعة أخرى بطريق المحاورة، فترتفع كلفة المعيشة، وهذا يدفع العمال والموظفين إلى المطالبة برفع الأجور، نظرا لأن الأجور المحددة سلفا أصبحت غير كافية لسداد نفقات العيش، وأصحاب رؤوس الأموال بدورهم يطالبون برفع سعر الفائدة، وكل هذا يضم إلى كلفة الإنتاج، فتزداد أسعار السلع ارتفاعا وتصبح المعادلة : أنه كلما ارتفعت أسعار السلع، ارتفعت أجور العمال والموظفين، وسعر الفائدة، وكلما ارتفعت الأجور والفائدة ارتفعت أسعار السلع، وهكذا إلى ما لا نهاية، وهذا مصدر اضطراب اقتصادي واجتماعي، قد يؤدي إلى نزول المستهلكين صحبة رجال الأمن إلى الشارع، كما حدث فيما سمي (اضطرابات الخبز) منذ الثمانينات.

2) قد تدفع نسب الفائدة المرتفعة من بيدهم النقود إلى ممارسة كنزها بان يحبسوها على التداول والدورات الاقتصادية، بغية إقراضها مقابل الفائدة المغرية، فينعدم التوازن بين كمية السلع المعروضة، وكمية النقد المتداول، فيتراكم المخزون، وتكون حالة الانكماش الاقتصادي، الذي يؤدي إلى تقليص عدد العمال، أو تقليص أجورهم، ثم إلى إقفال أماكن العمل، وفرض البطالة.

3) تؤثر الربا ونسب سعرها على اتجاه الاستثمارات، فبذلا من خدمة الاستثمار للحاجات الأساسية للأفراد والدولة في مجالات الفلاحة والتصنيع وأدوات التمدرس والعلاج، تتوجه الاستثمارات نحو المجالات المضرة المحظورة كالمخدرات وتجارة الأعراض، وسلع وخدمات الترف لأن هذه المجالات هي التي توفر وحدها إمكانية الأرباح المرتفعة التي تستطيع مواجهة نسب الربا المرتفعة، وخدمة الدين، مع هامش ملائم للربح الصافي للمستثمر، والمحصلة النهائية لهذا هي إشاعة الفساد، ونمو طبقة مترفة مفسدة على حساب الأغلبية.[157]

قد أصبح الربا يطلق بالمعاني الأربعة الآتية :

1) الزيادة على مبلغ الدين من قرض أو بيع أو غيرهما مقابل الأجل، فيما سمي بربا النسيئة.

2) التخفيض من مبلغ الدن، مقابل التخفيض من الأجل، فيما سمي بربا التعجيل، ويطلق على الاثنين معا مصطلح (ربا الديون)

3) الزيادة الحالة في مبادلة المواد الربوية، التي هي الأقوات والنقود في المذهب المالكي، فيما سمي بربا الفضل أو التفاضل.

4) تأجيل أحد البدلين في مبادلة المواد الربوية، دون زيادة فيما عرف بربا النساء وهذان الأخيران يطلق عليهما (ربا البيوع)[158]

هل تجوز الزيادة عند الوفاء ؟

ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الزيادة غير المشروطة عند الوفاء مطلقا سواء أكانت في الوصف، أم في العدد[159]، ومنع المالكية الزيادة في العدد [160]والصحيح الأول ودليل الجمهور حديث جابر قال : "أتيت النبي (ص) وكان لي عليه دين، فقضاني وزادني".[161]

قال الشوكاني : وأما الزيادة على مقدار الدين عند القضاء بغير شرط ولا اختيار فالظاهر الجواز.[162]

ولقد اقترح الأستاذ علال الفاسي إلغاء النادة 871 وتعديل المادة 870 حتى يشمل جميع المتعاملين في المغرب لا فرق بين مسلم وغير مسلم ولا بين وطني وأجنبي. ومما قاله : ان الفصل 870 من ظهير العقود والالتزامات المغربي يحرم القرض بالفائدة على المسلمين يجعل التعاقد على ذلك إذا وقع بينهم موجبا لبطلان العقد، ولكنه أعطى في الفصل الموالي امتيازا للأجانب المقيمين في المغرب فأباح لهم حق التعاقد على الفائدة، وكذلك أعطى الحق للمسمين حين يتعاملون مع الأجانب".

وما دمنا قد أصبحنا مستقلين مالكين زمام أمورنا، فما علينا إلا أن نصدر ظهيرا ينسخ الفصل 871 أي يلغي الامتياز، ويعدل الفصل 870 على ما يلي : "اشتراط الفائدة باطل ويؤدي إلى بطلان العقد الذي يتضمنه، سواء جاء صريحا أو اتخذ شكل هدية أو نفع آخر للمقرض أو لأي شخص غيره يتخذ وسيطا له.

وكل ما يخالف هذا الفصل فهو منسوخ.[163]

لكن على كل حال هناك بلبلة وتضارب وتحايل بخصوص هذا الموضوع، بحيث أن الأمر لم يعد مفهوما هنا، فالمادة 870 تجعل التعامل باطلا بين المسلمين، لكن المادة التي بعدها مباشرة تجيز التعامل بالفائدة في حالات غير المسلمين لكن المواد من 872 إلى 878 لن تترك كيفية التعامل بالفائدة وتحديدها للأطراف، بل تولى قانون الالتزامات والعقود ذلك حيث أفرد لها المواد المذكورة.[164]

وهكذا حددت المادة 872 تاريخ استحقاق فوائد الحسابات الجارية، إذا نصت على أن : "فوائد المبالغ التي تتضمنها الحسابات الجارية تستحق بقوة القانون على من يكون مدينا من الطرفين، ابتداء من يوم ثبوت تقديمها".

فإذا انتهى أجل القرض ووجب على المقترض الرد فتأخر فيه تسري عليه فوئد تأخيرية بالسعر القانوني حيث إن المادة 875 ترى أنه : "في الشؤون المدنية والتجارية يحدد السعر القانوني للفوائد الاتفاقية بمقتضى نص قانوني خاص" .

وتشترط الفوائد في صور مختلفة منها :

1- اشتراط فائدة سنوية بنسبة مائوية من المبلغ، فقد نص القانون في المادة 873 على أنه : "لا يسوغ حساب إلا على أساس سعر يعين عن سنة كاملة.

ويسوغ في الشؤون التجارية، احتساب الفوائد بالشهر، ولكن لا يسوغ اعتبارها من رأس المال المنتج للفوائد، حتى في الحسابات الجارية إلا بعد انتهاء كل نصف سنة".

ووضحت المادتان 876 و877 الحكم حين تجاوز الفوائد الاتفاقية الحد الأقصى المحدد قانونا.

وأخيرا نصت المادة 878 على الجزاءات المدنية والتجارية في حالة التجاوز الكبير للسعر العادي للفوائد.

لكن كل هذه المواد من 872 إلى 878 لا تهم سوى الحالات المنصوص عليها في المادة 871 ولا علاقة لها بحالة التعامل بالفائدة بين المسلمين الواردة في المادة 870 لأن هذا التعامل يعتبر باطلا من أساسه ةفقا لهذه المادة، فلا معنى لتنظيمها بعد ذلك[165].

الفوائد على الإقراض المصرفي :

يقصد بالإقراض تقدمه النقود[166]، ويعرف بأنه عقد فرض بمقتضاه يلتزم البنك بأن ينقل إلى العميل ملكية مبلغ معين من النقود على أن يرد العميل إلى البنك عند نهاية القرض مبلغا معادلا في مقداره ونوعه وصفته[167]، ويمثل عقد الإقراض بهذا المعنى ائتمان[168]ا لأنه يضمن للعميل أجلا لرد مبلغ القرض، وهو عقد يعد أبسط عمليات الائتمان المصرفي.

ويفرق القانون الفرنسي بين ما إذا كان الإقراض تجاريا بالنسبة للعميل وإذا ما كان مدنيا بالنسبة له، لكنه ينظر إلى الإقراض على أنه تجاري دائما بالنسبة للبنك لأنه تاجر، ولان الإقراض يتعلق بتجارته. ولم يثر جدل حول استحقاق البنك لفائدة عن مبلغ القرض، ولو لم يوجد اتفاق يقررها، متى كان العميل تاجرا وتعلق القرض بتجارته إنما ثار الجدل حول استحقاق البنك لهذه الفائدة في حالة عدم وجود اتفاق يقررها متى لم يكن العميل تاجرا، أو كان تاجرا ولن بتعلق القرض بتجارته. فذهب رأي إلى أن البنك لا يستحق فائدة في الحالة الأخيرة، حيث لا يخضع غير تاجر ولا العمليات المدنية بطبيعتها للأعراف والعادات المصرفية الجارية التي تقرر استحقاق فائدة عن الإقراض [169]في حين ذهب رأي آخر إلى أن البنك يستحق هذه الفائدة سواء أكان العميل تاجرا أم غير تاجر، وسواء تعلق القرض بتجارته أو لم يتعلق بها، إذ لا يقبل إخضاع البنك -فيما يتعلق بالعملية نفسها (الاقراض) – لقواعد القانون التجارية تارة وقواعد القانون المدني تارة أخرى، ويغدو من المتعين إخضاع البنك لقواعد واحدة، هي قواعد القانون التجاري والعرف والعادات المصرفية الجارية، سواء فيما يتعلق باستحقاق الفائدة أو بسعرها أو بتاريخ سريانها[170].

إلا ان استحقاق البنك لفائدة عن الاقراض، في حالة عدم وجود اتفاق يقررها بينه وبين العميل غير التاجر أو بينه وبين التاجر الذي لم يتعلق القرض بتجارته، مشروط بان يكون البنك قد عقد هذا القرض في نطاق نشاطه المعتاد، وإلا عد القرض مدنيا بالنسبة للعميل، ومن تم لا يستحق عنه البنك فائدة ما لم يتفق عليها بين الطرفين .

على أنه يشترط في الفائدة التي يستحقها البنك عن الإقراض إلا تتجاوز سعر الفائدة الاتفاقية أو السعر الذي يحدده البنك المركزي، وإلا تعين تخفيضها إلى هذا الحد ولهذا تنص المادة 876 ق.ل.ع على أنه : "إذا تجاوزت الفوائد الاتفاقية الحد الأقصى المحدد على نحو ما هو مبين في الفصل السابق، كان للمقترض الحق في أن يدفع أصل الدين بعد عام من تاريخ العقد. وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر...".

الفصل الثاني: تنفيذ الالتزام 

يقصد بضمانات تنفيذ الالتزام الوسائل التي تكفل للدائن تنفيذ الالتزام أي حق الصمان، ويقصد بالضمان، الضمان العام للدائنين، أن جميع أموال المدين تكون ضامنة للوفاء بديونه، حتى لو كان المدين قد تملك بعضها في وقت لاحق لنشوى حق الدائن، فالقاعدة أن جميع أموال المدين ضامنة لديونه، ولا يشمل ذلك جميع أموال المدين الحاضرة فحسب، وإنما أيضا ما يستجد له من مال في المستقبل.

ونتيجة لذلك فإن كل واحد من الدائنين له مصلحة في المحافظة على أموال المدين. ويتأثر الدائن بالتالي بأثر تصرفات مدينه، فيكون أكثر استيشافا من استيفاء حقه كلما زادت أموال المدين، وتقل على النقيض، فرص استيفائه له كلما قلت أمواله. ويكون من مصلحة الدائنين أن تزيد أموال المدين ونقل ديونه[171].

والدائن قبل ان يتخذ الاجراءات التنفيذية قد يتخذ اجراءات تحفظية يحافظ بها على اموال مدينه وبين الاجراءات التحفظية والاجراءات التنفيذية مرحلة وسطى من الاجراءات يمهد بها الدائن للتنفيذ وتتمثل في الدعوى غير المباشرة والدعوى البوليصية ودعوى الصورية وحبس مال المدين وشهر اعساره.

ولذلك فالمشرع تعين عليه أن يحمي الدائن ضد تصرفات مدينه وإهماله، فقرر منحه هذه الوسائل المختلفة لتحقيق هذا الغرض، وهي على أنواع :

النوع الأول :الطرق التحفظية أو الاحتياطية
وهي اضعف الوسائل ,ويتأتى استعمالها في حالة ما إذا كان حق الدائن لم يحن اجله أو كان معلقا على شرط ألا أن الدائن يخشى من غش المدين أو تقصيره أو تصرفاته المضرة بالضمان العام فيستخدم هذه الوسيلة لغرض المحافظة على الذمة المالية للمدين كوضع أختام على أموال المدين لمنعه من التصرف بها، والتدخل بقسمة الأموال المشاعة أو طرق يمارسها الدائنون للمحافظة على حق الدائن خشية السقوط والضياع كالتدخل لقطع التقادم أو لتسجيل حق الرهن الذي له على مال مملوك لدائنيه قدم ضمانا للدين أو غير ذلك. [172] (راجع المادة 22 ق.ل.ع و238 و2991)

وكل هذه الوسائل الاحتياطية أو التحفظية إنما هي لمجرد أن يحفظ المدين حقه حتى لا يسقط بالتقادم .

النوع الثاني : الوسائل التنفيذية 
وهذه الوسائل يمارسها الدائنون فتمكنهم من استحصال حقوقهم من ذمة المدين المالية مباشرة كالحجز على امواله وبيعها عند توفر سند تنفيذي باستثناء ما كان غير قابل للحجز ثم البيع وفقا لما أوضحه قانون التنفيذ (قانون المسطرة المدنية) كالأشياء الضرورية اللازمة للمدين من الأدوات الاستهلاكية أو أدوات العمل على نحوما نصت عليه المادة 458 من قانون المسطرة المدنية على أنه : "لا تقبل الحجز الأشياء التالية :

1- فراش النوم والملابس وأواني الطبخ اللازمة للمحجوز عليه ولعائلته ؟

2- الخيمة التي تأويهم ؟

3- الكتب والأدوات اللازمة لمهنة المحجوز عليه ؟

4- المواد الغذائية اللازمة لمدة شهر للمحجوز عليه ولعائلته التي تحت كفالته ؟

5- بقرتين وستة رؤوس من الغنم والمعز باختيار المحجوز عليه بالإضافة إلى أرنب أو جمل أو حمارين باختيار المحجوز عليه مع ما يلزم لأكل وفراش هذه الحيوانات مدة شهر من تبن، وعلف، وحبوب ؟

- البذور الكافية لبذر مساحة تعادل مساحة الملك العائلي ؟

7- نصيب الخماس ما لم يكن لفائدة رب العمل [173].

النوع الثالث : وسائل وسط بين الطرق التحفيظية والطرق التنفيذية [174]:

وهذه الوسائل هي القوى نسبيا من الوسائل التحفظية,واضعف قليلا من الوسائل التنفيذية,ولذلك تسمى الوسائل الوسطى لأنها بداية الطريق إلى استيفاء الدائن لحقه .والقاعدة أن جميع أموال المدين ضامنة لالتزاماته، وهذا الضمان يخول للدائن أن يراقب أموال المدين، ما دخل منها في ذمة المدين وما خرج.

وحق الدائن لا يرد على مال معين للمدين، وإنما هو ينصب على مجموعة أموال المدين، بحيث تكون أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه، ولا يشمل ذلك جميع أموال المدين الحاضرة فحسب، وإنما أيضا ما يستجد له من مال في المستقبل. وقد قررت المادة 1241 ق.ل.ع على أن : "أموال المدين ضمان عام لدائنيه، ويوزع عنها على نسبة دين كل واحد منهم ...".

لذلك تعين على المشرع أن يحمي الدائن ضد تصرفات مدينه، وضد إهماله فقرر منحه وسائل مختلفة لتحقيق هذا الغرض، وهذه الوسائل من مباحث القانون المدني، لا من مباحث قانون المسطرة لأنها تتفرع مباشرة عن مبدأ الضمان العام للدائنين، وهذه الوسائل سميت بهذا الاسم لأنها تمهد السبيل لحصول الدائن على حقه مستقبلا، وتستخدم بهدف التغلب على غش المدين وسوء نيته في الأضرار بالدائنين حيث منحت هذه الوسائل للدائن. ونظم القانون المدني طرق استخدامها، ويمكن حصرها على النحو التالي :

1- الدعوى الغير مباشرة.

2- الدعوى البوليصية.

3- دعوى الصورية.

4- الحق في الحبس للضمان.

ونتناول كل هذه المسائل فيما يلي بإيجاز :

أولا – الدعوى غير المباشرة [175]

1- تعريف الدعوى غير المباشرة :

الدعوى غير المباشرة [176]هي : "دعوى يرفعها الدائن باسم مدينه للمطالبة بحق له في ذمة الغير، إذا كان إهمال المدين في المطالبة به مؤديا إلى إعساره أو زيادة اعساره ليدخل هذا الحق في ذمة المدين، ويبقى ضمانا لحقه أو لينفذ عليه به"[177] ، كان يرفع دائن البائع دعوى المشتري يطلب فيها باسم مدينه البائع الزام المشتري بدفع الثمن أو باقي الثمن، أو يطلب فسخ عقد البيع لعدم وفاء المشتري بالثمن.

وهذه الوسيلة لم يأخذ بها المشرع المغربي، وأقرتها أكثر التشريعات تسمح للدائن، إذا ما أبرم مدينه تصرفا جديا ضارا به، أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف بحقه عن طريق ممارسة ما يسمى بالدعوى البوليانية بالدعوى غير المباشرة[178].

والهدف من الدعوى غير المباشرة هو حماية أموال المدين لدى الغير من الضياع أو النقص نتيجة تقصير المدين أو تمرده عن المطالبة بها,لان من شان ضياعها أن ينقص الضمان العام وفي ذلك ضرر بحق الدائنين المتعلق بهذا الضمان.

أما الأساس القانوني للدعوى غيرالمباشرة فيمكن القول أنها ما تزال في طريق التطور، فهناك حالات خاصة وردت في نصوص تشريعية متناثرة تنشئ هذه الدعوى وأنها، كحقوق الامتياز لا تتقرر إلا بنص خاص، ويذكر الأستاذ السنهوري على أنه لم توجد بعد قواعد عامة ترد إليها، إذا أن النظرية العامة للدعوى المباشرة حتى اليوم في دور التكوين، ولم تبلغ غايتها في التطور. وعلى الرغم من اعدد الآراء المطروحة في تحديد الأساس القانوني للدعوى المباشرة، إلا أن الرأي الفقهي المجمع عليه في الوقت الحاضر من مراحل تطور النظرية، أن الدعوى المباشرة لا تثبت إلا بنص تشريعي خاص ويكفي القول أن ليس هناك إلى اليوم أصل ترد إليه الدعوى المباشرة بحيث تقوم على هذا الأصل دون حاجة إلى نص[179].

نصت المادة 1166 من القانون المدني الفرنسي على هذه الدعاوي حيث جاء فيها : "ومع ذلك يجوز للدائنين أن يستعملوا كل حقوق مدينهم ودعاواه، ما عدا الحقوق والدعاوي المتصلة بشخصه اتصالا تاما".

إن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها هذه الدعوى هي وجود مصلحة مشروعة للدائن للمحافظة على حقوقه المالية من خلال المحافظة على الضمان العام الذي يتأثر باهمال المدين في المطالبة بحقوقه وتعد الأداة الفنية لتحقيق هذا الهدف هي فكرة النيابة القانونية،[180] ولهذا فإن الدعوى غير المباشرة تستخدم من الدائن أو الدائنين للتغلب على موقف سلبي من المدين ضار بالضمان العام[181].

أما عن سبب إطلاق تسمية الدعوى غير المباشرة[182]، فهو عدم وجود رابطة أو صلة مباشرة بين دائن المدين المهمل والمدينين للمدين، وإنما تنهض الرابطة غير المباشرة بينهم عن طريق المدين، ولهذا تقام الدعوى باسم المدين ولصالحه.

أما القانون المغربي فلم يأخذ بها، وأقرتها أيضا بعض التشريعات المقارنة حيث تسمح له إذا أهمل المدين المطالبة بحق له في ذمة الغير، أن يطالب بهذا الحق باسم مدينه عن طريق ممارسة ما يسمى "بالدعوى غير المباشرة".

ويستطيع الخصم (مدين المدين) أن يحتج في مواجهة الدائن، الذي يستعمل حق مدينه في الدعوى غير المباشرة، بكافة الدفوع التي يمكن أن يحتج بها في مواجهة المدين، ويرجع ذلك إلى فكرة نيابة الدائن عن المدين، فطالما يستطيع الخصم أن يتمسك في هذه الدفوع في مواجهة المدين (الأصيل)، فهو يستطيع أيضا ان يتمسك في مواجهة النائب وهو الدائن، ولكن لا يستطيع بالمقابل أن يتمسك الخصم في مواجهة الدائن بدفوع شخصية بينه وبين هذا الدائن، كوقوع المقاصة بين الخصم والدائن شخصيا.

مقارنة الدعوى المباشرة بالدعوى غير المباشرة:

إن الدعوى غير المباشرة لا تخرج عن كونها إجراء تحفظي للمحافظة على أموال المدين ,وبالتالي فلا يستفيد منها الدائن أو المنصوب بأي امتياز عن غيره من الدائنين ,ولذلك فهي قليلة الاستعمال من الناحية العملية.

أما الدعوى المباشرة :فان رافعها يستأثر بنتيجة الدعوى إلا أنها لا تكون إلا بنص في القانون,وقد نص عليها القانون المدني المصري[183]

وتتركز اثار الدعوى غير المباشرة في فكرة اساسية هي نيابة الدائن عن المدين نيابة تتميز بانها لمصلحة النائب لا لمصلحة الاصيل وهي مقصورة على استعمال الحق دون التصرف فيه ويترتب على ذلك انه بالرغم من قيام النيابة يجب ادخال المين خصما في الدعوى,فان كان قاصرا او احتاج الى اجراءات لمباشرة الدعوى بنفسه فلا يكون هذا ضروريا بالنسبة للدائن، ويبقى المدين محتفظا بحقه الذي يباشر الدائن استعماله باسمه فله التصرف فيه ولا يكون للدائن الا الطعن في تصرف المدين بالدعوى البوليصية اذا توافرت شروطهاوللمدين كذلك ان يستادى حقه او يقضيه بالتجديد او بالمقاصة او بالابراء او بالصلح سواء كان سبب الانقضاء حدث قبل رفع الدعوى او بعد ذلك,

ثانيا: دعوى عدم نفاذ التصرفات (الدعوى البوليصية)[184]
هذه الدعوى ليست مجرد اجراء تحفظي وهي ليست كذلك اجراءا تنفيذيا وانما هي من مقدمات التنفيذ وممهداته وقد يقع ان يليها التنفيذ مباشرة ولهذا ينبغي ان يكون الدين الذي تباشر بمقتضاه مستحق الاداء, ويشترط فوق ذلك ان يكون هذا الدين سابقا على التصرف الذي يطعن فيه.,

فدعوى عدم نفاذ التصرف الهدف منها حماية حق الدائنين من خطر اكبر وهو قيام المدين بالتصرف بالضمان العام بالبيع بأقل من ثمن المثل ,أو الهبة بقصد الإضرار بالدائنين.

ولذلك فان الدعوى ترفع باسم الدائن والخصم فيها هو المتصرف إليه والمدين ,والهدف منها إيقاف هذا التصرف وعدم نفاذه في حقهم إلا إذا أجازوه[185]

ولقد نظمت مختلف التشريعات المدنية الوضعية دعوى نفاذ التصرفات، وانسبها البعض إلى الفقيه الروماني (بولص)[186]الذي يقال أنه هو الذي ابتدعها في القانون الروماني[187]. وتعرف الدعوى البوليصية هي دعوى يرفعها الدائن ليطلب بمقتضاها عدم نفاذ التصرف الذي أجراه المدين في حقه. ويطلق عليها أيضا دعوى عدم نفاذ التصرف الذي قام به المدين في حق دائنه عند توافر شروطها.

والقانون الفرنسي نص على هذه الدعوى فعرفها وبين شروط إقامتها، وطبيعتها والغاية منها، في المادة 1167[188]، كما نص عليها القانون المدني المدني المصري (المواد 237-240) وعالجها القانون المدني الجزائري في المادتين 191-192.كما عالجها السوري 238 والعراقي 263واللبناني287,

وترفع الدعوى البوليصية باسم الدائن مباشرة – لا باسم المدين كالدعوى غير المباشرة – ويقصد منها عدم نفاذ التصرف الضار بالدائن في حقه.

والحكم بعدم نفاذ التصرف يستفيد منه جميع الدائنين متى توافرت فيهم شروط الدعوى البوليصية، ويجوز لهم أن يتدخلوا في إجراءات التنفيذ على المال، وأن يشاركوا الدائن الذي رفع الدعوى البوليصية في اقتسام حصيلة بيع المال[189].

ويستطيع المتصرف إليه أن يتفادى الدعوى البوليصية، وبالتالي نفاذ التصرف إذا هو أدى إلى الدائن رافعها ما هو مستحق له في ذمة المدين، أو إذا أودع خزانة المحكمة – لحساب الدائن رافع الدعوى – ثمن المثل للشيء الذي اكتسبه.

كما يسقط حق الدائن في رفع الدعوى متى قام المدين نفسه بوفاء الدين.

وقد اختلف الفقهاء في التكييف القانوني لهذه الدعوى:فمن قائل بأنها دعوى بطلان إلا انه يعيب هذا الرأي أنها لا تؤدي إلى إبطال التصرف ,وإنما إلى عدم نفاذه,ومن قائل بأنها دعوى مسؤولية مدنية لتوافر عنصري الخطأ والضرر ,إلا إن هذا الرأي أيضا مردود لاعتبار أن الحكم بها لايتمثل في التعويض,وإنما في عدم نفاذ التصرف إلا إذا أجازه الدائنون ,ومن قائل بأنها دعوى خاصة الهدف منها عدم نفاذ تصرفات المدين الضارة بدائنيه ,[190]أو دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين.[191]

مجال استعمال دعوى عدم نفاذ التصرفات :
يثير مجال استعمال دعوى عدم نفاذ التصرف عددا من المسائل ,منها ماهو مجمع عليها,ومنها ما هو محل خلاف.

أما التي لا خلاف فيها :فهي إذا كان المدين موسرا فتصرفاته نافذة طالما لا تؤدي الى إعساره بل ولا إلى إفلاسه ,كذلك لا خلاف فيما هو من المستثنيات لا يجوز الحجر عليه,وبالأولى لا يجوز استعمال دعوى عدم نفاذ التصرف بشأنه ,كذلك ما يتعلق بحرية المدين الشخصية كالتصرفات المتعلقة بالزواج والطلاق وقبول الرخص كالهبة أو الإيجاب فلا يجبر على نفاذ أو عدم نفاذ تصرفاته فيها.[192]

كذلك الالتزامات غير التعاقدية الناشئة عن الوقائع القانونية كالالتزامات الناشئة عن الأفعال الضارة أو النافعة فلا تقبل الطعن بدعوى عدم التصرف لعدم إرادة المدين في إحداثها ,إلا إذا تواطأ المدين مع خصمه وأهمل في الدفاع عن نفسه بقصد صدور الحكم ضده إضرارا بدائنة فلهؤلاء الدائنون حق استعمال:اعتراض الخارج عن الخصومة ضد الحكم نفسه حتى لا يسري في حقهم ,ويقع عليهم إثبات قصد الإضرار بهم

آثار دعوى عدم نفاذ التصرف:
يجب التمييز بين اثر هذه الدعوى بالنسبة للدائن,وأثرها بالنسبة للمدين,ثم أثرها بالنسبة للمتصرف إليه,ونأتي بمجمل هذه الآثار فيما يلي:

1) اثر دعوى عدم نفاذ التصرف بالنسبة للدائن:

تتردد الآثار المترتبة على دعوى عدم نفاذ التصرف بالنسبة للدائن بين ثلاث مسائل هي :سقوط الدعوى ,أو عدم نفاذ التصرف,أو استحقاق الدائن للتعويض.

2) اثر الدعوى بالنسبة للمدين والمتصرف إليه :

الحكم بعدم النفاذ لا يؤدي إلى إبطال العقد بين المدين والمتصرف إليه,وبالتالي يستطيع هذا الأخير أن يتفادى النفاذ إذا قام بالوفاء بحق الدائن ,أو قام بإيداع الثمن المتفق عليه وما يكمله إلى ثمن المثل .

ثالثا : دعوى الصورية : Simulation

ليست الصورية سبب من اسباب البطلان فالأصل ان يعتد بالعقد المستمر دون الظاهر، وهذا ما يطابق ارادة المتعاقدين، ومع ذلك فقد يجهل دائنو المتعاقدين بطريق الصورية وكذلك خلفهما الخاص، حقيقة الموقف اعتمادا على العقد الظاهر, وفي هذه الحالة يكون لأولئك وهؤلاء تفريعا على حسن نيتهم ان يتمسكوا بهذا العقد اذا اقتضت مصلحتهم ذلك.

فهي اذن من الوسائل التي تحافظ على الضمان العام للدائنين، وتقع في دائرة التصرفات القانونية المالية، هي (دعوى الصورية أو دعوى الكشف عن الصورية تواجه المدين الذي يقصد بتصرفاته الصورية الإضرار بالدائنين,وهي أن يلجأ إليها وصولا إلى إخفاء حقيقة وضع ما في نطاق المعاملات المالية. كما قد تمتد الصورية إلى تصرفات قانونية أخرى ليست مالية لتحقيق أغراض معينة كما في قضايا الزواج والطلاق وإن كانت قليلة لكنها ليست مستحيلة الوقوع رغم ما تتطلبه من جدية واستقرار.

فقد يلجأ المتعاقدان إلى "اصطناع مظهر كاذب في تكوين تصرف قانوني[193]، وذلك بإبرام عقد صوري غير حقيقي بهدف إخفاء حقيقة ما تعاقدا عليه لسبب في تقسيمها بقصد إبعاد التصرف من الضمان العام للدائنين، لذلك فتح القانون للدائنين دعوى إعلان الصورية حتى يقرر القاضي حقيقة الأمر، ومن تم يبقى المال كما هو في الضمان العام.

وتكون الصورية في العقود سواء كانت عرفية او رسمية او صدر حكم بصحتها، كما تكون في السندات التنفيذية، كالأحكام والعقود الرسمية,

ولكن لا تجوزفي الزواج او الطلاق او العتاق باعتبارها من الاحكام الشرعية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح، والطلاق، والعتاق".

والصورية انواع منها:

الصورية المطلقة، وتكون عندما تنصرف ارادة المتعاقدين الى عدم احداث اي اثر قانوني اطلاقا، فيعتبر التصرف كتصرف الهازل الذي لا تنصرف ارادته لإحداث اي التزام بالنسبة له وللمتعاقد معه.

الصورية النسبية: ان الصورية النسبية ترد على نوع العقد او على ركن او على شرط فيه او على احد المتعاقدين، فالعقد في الصورية النسبية موجود وحقيقي فيما عدا حكم معين من احكامه اخفاه المتعاقدان واحلا محله حكما صوريا. ومن امثلته تخفيض الثمن في عقد البيع تهربا من بعض رسوم التسجيل او زيادته منعا لشفعة، وكتقديم تاريخ التصرف او تأخيره.

الصورية التدليسية: ويقصد بها التحايل على القانون، ومن الأمثلة على الصورية التدليسية صياغة عقد القرض في شكل عقد امانة لتهديد المدين بالعقوبة الجنائية ان امتنع عن الوفاء، فحينئذ يجوز للمدين إثبات حقيقة العقد بكافة الطرق ومنها البينة والقرينة.

وهناك انواع اخرى يرجع اليه في مظانها مثل صورية السبب، وصورية التفاسخ.

وقد عرض المشرع المغربي لهذا الموضوع في المادة 22 ق.ل.ع تنص على أن "أوراق الضد أو غيرها من التصريحات المكتوبة لا يكون لها أثر إلا فيما بين المتعاقدين وورثتهما فلا يحتج بها على الغير إذا كانوا لم يعملوا بها، ويعتبر الخلف الخاص غيرا [194]بالنسبة لأحكام هذه المادة".ويختلف الغرض من الصورية في التصرفات القانونية باختلاف الأحوال فقد يكون المقصود هو الإضرار بدائني البائع بحرمانه من التنفيذ على العين، وقد يكون المقصود إظهار المشتري بمظهر الثراء تمكينا له من مصاهرة أسرة كبيرة[195] أو قد يكون بهدف التهرب من الضريبة المستحقة للدولة على التركة أو على أموال الشخص.

والصورية لا يترتب عليها بطلان التصرف، إذ يعتد بالعقد الحقيقي بين الطرفين طالما أنه استكمل شروط الانعقاد والصحة، أما إذا كان التصرف الحفي باطلا يحرمه القانون ، فإن الجزاء هو بطلان هذا التصرف. فإذا أخفى المتعاقدان هبة أريد بها الاستمرار في علاقة غير شرعية في صورة بيع، فإن التصرف يبطل لا لأنه صوري بل لأن سببه غير مشروع.

ويجب على من يدعي الصورية أن يثبت ادعاءه وإلا اعتد بالعقد الظاهر. ومن المقرر في حالة التعارض بين مصالح الغير أن الأولوية تكون لمن يتمسك بالعقد الظاهر، وذلك حماية لاستقرار التعامل.

والقضاء في المغرب يفرض في حالة تضارب مصالح الغير، أرجحية من يدلي منهم بالعقد المستتر، رغم انتفاء النص، ولا سيما أ ن هذا الحل هو السائد في التشريع المقارن. [196]

الفرق بين الدعوى البوليصية ودعوى الصورية:

ولا شك أن الفرق الجوهري بين الدعوى البوليصية ودعوى الصورية يتلخص في أن الدائن في الأولى يطعن في تصرف قانوني جدي يقوم به المدين طالبا عدم نفاذه في حقه، في حين أنه في الثانية يطعن في تصرف المدين مثبتا عدم جديته (صوريته) أي مثبتا أن المال محل التصرف لم ينتقل في الحقيقة إلى المتصرف إليه بل لا زال على ملك المدين .[197]

وتتجلى أهم الفروق فيما يلي:

1) موضوع الدعوى الصورية هو الطعن في تصرف صوري لا حقيقة له في الواقع ,بينما دعوى عدم نفاذ التصرف هو الطعن في تصرف حقيقي لإيقافه عن النفاذ.

2) لا يشترط في الصورية أن يكون حق لدائن مستحق الأداء,وإنما يكفي أن يكون ثابتا وخاليا من النزاع ,بينما يشترط في دعوى عدم النفاذ-علاوة على ثباته وخلوه من النزاع –أن يكون مستحق الأداء وسابقا على تصرف المدين.

3) لا يشترط في الصورية أن يكون حق للدائن سابقا على تصرف المدين ,بينما يشترط ذلك في دعوى عدم النفاذ

4) لا يشترط في الصورية وجود قصد الإضرار بالدائن –لان هدفها هو تقرير حقيقة التصرف-بينما يشترط ذلك في دعوى عدم نفاذ التصرف.

5) لا يشترط في الصورية أن يؤدي تصرف المدين إلى إعساره ثاو الزيادة من هذا الإعسار,بينما يشترط ذلك في دعوى عدم نفاذ التصرف.

6) يستفيد من الصورية جميع الدائنين ’بينما ل لا يستفيد من دعوى عدم نفاذ التصرف إلا أصحاب الديون السابقة على تصرف المدين وحالة الأداء.

7) دعوى الصورية لا تسقط بمضي المدة بينما تسقط دعوى عدم نفاذ التصرف بمضي المدة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود.

والخلاصة فإن دعوى الصورية وسيلة من وسائل المحافظة على الضمان العام حيث ينجح الدائن برفع دعوى الصورية التي يطعن بتصرف مدينه، ويترتب على الحكم بالصورية اعتبارا لمال المتصرف فيه لا يزال في ذمة المدين، وبالتالي يدخل في الضمان العام فينفذ عليه الدائن، وفي هذا حد من حرية المدين في التصرف بأمواله فإن نجح الدائن في إثبات صورية التصرف استفاد من ذلك جميع دائني المتصرف .

نقط الاتفاق والخلاف بين دعوى الصورية والدعوى غير المباشرة:

بعد الإشارة إلى اتحادهما في الهدف.وهو المحافظة على الضمان العام فإنهما يلتقيان في:

أ‌- لا يشترط فيهما أسبقية حق الدائن على تصرف المدين المطلوب فيه .

ب‌- ولا يشترط فيهما إن يكون حق الدائن مستحق الأداء.

ج- كما أن الدعويين تؤديان إلى استفادة جميع الدائنين من الحكم الصادر فيهما,وذلك بصرف النظر عن مواعيد استحقاقها.

أما ما بينهما من فروق فيتمثل في الآتي:

1) الدعوى الصورية ترفع باسم الدائن ,بينما الدعوى غير المباشرة ترفع باسم المدين .

2) لا يشترط في استعمال دعوى الصورية إعسار المدين ,بينما يشترط في الدعوى غير المباشرة أن يؤدي إهمال المدين عن المطالبة بحقوقه غالى إعساره أو الزيادة من هذا الإعسار.



رابعا: الحق في الحبس:[198]

الحق في الحبس هو وسيلة لحمل المدين على تنفيذ التزامه، فهو بمثابة ضمان خاص أعطاه القانون لكل دائن يكون مدينا في الوقت ذاته لمدينه.

فالحبس وسيلة يراد بها حمل المدين على تنفيذ التزامه، وهو يبدو وسيلة طبيعية تبرره قواعد العدالة وحسن النية، فليس من المقبول أن يطالب مدين دائنه بأن يؤدي إليه ما التزم به قبل أن يوفي هو بدينه، وهو ما اتجه إليه الفقه العربي والفرنسي؛[199]

وقد تعددت الآراء بين فقهاء وشارح القانون المدني حول تحديد الطبيعة القانونية للحق في الحبس، وللدفع بعدم تنفيذ العقد الملزم للجانبين، فالفقه الفرنسي يذهب إلى اعتباره (تأمين خاص مصدره القانون) ولهذا يدرس عادة ضمن التأمينات العينية، ويراه الفقهاء (مازو) على أنه حق عيني ليس تاما لأنه يمنح حق الأفضلية بصورة مباشرة، بينما يذهب آخرون إلى القول بأنه ليس حقا عينيا ولا ينتمي إلى التأمينات العينية، لأن الدائن الحابس ليس له حق التقدم ولا حق التتبع، في حين يرى الأستاذ جوسران بأن الحق في الحبس لا يدخل في نطاق التأمينات الشخصية ولا في عداد التأمينات العينية، ويرى الأستاذ السنهوري بأن الحق في الحبس هو إجراء وسط بين الإجراءات التحفظية والإجراءات التنفيذية فهو أقوى من الإجراءات التحفظية حيث يمهد للتنفيذ على الشيء المحجوز، ولكنه أضعف من الإجراءات التنفيذية، [200]لأن الحبس لوحده لا يكفي للتنفيذ وإنما يجب اتخاذ إجراءات التنفيذ بالحجز والبيع بالمزاد العلني حتى يستوفي الدائن حقه، كما يرى البعض بأن ليس للدائن في حق الحبس (حق عيني) على المال المحبوس ولا حق التقدم ولا حق التتبع، وإنما هو بمثابة (تأمين شخصي) أعطاه المشرع لكل دائن يكون مدينا لمدينه أن يحبس الدين حتى يقوم المدين بالوفاء به؛[201]

ويجد حق الحبس مصدره مباشرة في نص القانون، وهو يمكن الدائن من الامتناع عن الوفاء بالتزامه امتناعا مشروعا إلى حين الوفاء له بكامل حقه، وإذا كان المشرع المغربي لم يتطلب عند اللجوء إلى حق الحبس الحصول على إذن أو ترخيص مسبق من القضاء، إلا أنه ألحق ممارسته بضرورة توافر شروط دقيقة، منها أن يكون الشيء المملوك للمدين في حيازة الدائن، وهذا الشرط المتعلق بمحل حق الحبس تم التأكيد عليه في المادتين 291 و 296 الفقرة الأولى من ق ل ع .

أما فيما يخص الدين المضمون بالحبس، فيشترط فيه أن يكون حال الأداء ومحقق الوجود (الفقرة الثانية من المادة 296 ق ل ع )[202] وإذا كان هذان الشرطان لا يثيران جدلا على مستوى الفقه والقضاء، إلا أن الأمر على خلافه بالنسبة لشرط تعيين مقدار الدين.[203]

ومما لا شك فيه أن وجود الدين وحده يبقى غير كاف لتبرير ممارسة حق الحبس، بل لا بد من أن يكون هذا الأخير مرتبطا بطريقة ما بالمحل المحبوس، فهذه العلاقة معيار الالتزامات المضمونة يجدها الفقه والاجتهاد القضائي في ذلك الارتباط بين الالتزام والحيازة أو بينه وبين الشيء ذاته، وهو ارتباط يبرر أن هذا الشيء أصبح نوعا ما ضامنا للوفاء بالدين المقابل[204] وهكذا فالدين الذي يكون في ذمة الحابس- محل الحبس- حيث يمارس الحبس في هذه الحالة على تلك الأعمال التي قد يكلف المقاول أو الفنان بإنجازها مما يعطي للعامل الحق في الامتناع عن البناء وللفنان عن الغناء حتى يدفع لهما رب العمل ما اتفق على دفعه مقدما، كما يمكن لحق الحبس أن ينصب على امتناع عن عمل، وتتحقق هذه الفرضية عندما يقوم الشخص المكلف بالامتناع عن القيام بعمل، بأن يؤدي هذا العمل، وذلك ضمانا لاستيفائه مقابل هذا الامتناع.[205]

وإذا أخل الحابس بواجبه في المحافظة على الشيء المحبوس، وتقديم حسابه عن غلته إذا كان يدر غلة إذ يجوز للمدين تقديم طلب للقضاء برفع دعواه على الدائن لاسترداد الشيء وإيداعه في يد عدل.

انقضاء الحق في الحبس:
ينقضي حق الحابس في ذمة المالك باي سبب من اسباب انقضاء الالتزام فينقضي بالوفاء والتجديد والمقاصة واتحاد الذمة والابراء والاسقاط ولا يتقادم الحق ما دامت العين محبوسة، كما ينقضي الحق في الحبس دون الحق المضمون به اذا ما قدم تامين كاف للوفاء بالحق المضمون بالحبس وباخلال الحابس بالتزامه بالمحافظة على العين وللمالك ان يطلب من القضاء اسقاط الحق في الحبس كما ينقضي بهلاك العين وبنزول الحابس عن حقه في الحبس.

وتبقى اهم اسباب الانقضاء الحالات الآتية:

تقديم تأمين كاف للوفاء بالالتزام الذي يضمنه الحبس، أي أن الدائن في الالتزام بالتسليم له أن يجبر الحابس على التسليم إذا قدم تأمينا كافيا، سواء كان التأمين كفالة شخصية أو رهنا.

هلاك الشيء المحبوس، إذا هلك الشيء المحبوس، فإن الحق في الحبس ينقضي لاستحالة وجود حق الحبس على الشيء ذاته، ولكن قد يترتب على الهلاك استحقاق تعويض أو مقابل، كما لو كان الهلاك بخطأ شخص فالتزم بالتعويض، كما لو تملكت الدولة الشيء للمنفعة العامة، وفي هذه الأحوال ينتقل الحق في الحبس إلى ما يستحق بسبب ذلك من مقابل أو تعويض، وتسري على انتقال الحق الأحكام الخاصة برهن الحيازة.

خروج الشيء من يد الحابس، قد يخرج الشيء من يد الحابس، إما صراحة، كما لو تنازل عنه أو ضمنا كما لو اتخذ إجراءات التنفيذ على الشيء المحبوس لبيعه جبرا واستيفاء حقه من الثمن ، قينقضي بذلك الحق في الحبس، ولكن إذا خرج الشيء من يد الحابس دون علمه أو رغم معارضته، فإن حق الحبس لا ينقضي في هذه الحالة، بل أجاز القانون للحابس أن يسترد الشيء من وقت علمه بخروج الشيء من يده .

ومما يجب ملاحظته في الأخير أن الحق في الحبس ينقضي بطريقة تبعية وذلك بانقضاء الالتزام المضمون به سواء كان ذلك عن طريق الوفاء بهذا الالتزام أو عن طريق ما يقوم مقام الوفاء .

كما ينقضي الحق في الحبس بطريق أصلي، أي رغم بقاء الالتزام المضمون به وذلك بهلاك الشيء المحبوس أو بإخلال الحابس بالتزامه بالمحافظة على الشيء المحبوس، أو ترك الحابس الشيء المحبوس يخرج من يده برضاه واختياره قبل أن يستوفي حقه .
---------------------------
الهوامش :

[1] إذا كان الأصل أن جميع أموال المدين ضامنة لديونه, فان هناك حالات تنحصر فيها مسؤولية المدين عن دينه في بعض أمواله دون البعض الاخر و يكفي لذلك أن نتصور مدينا يتفق مع دائن على انشاء رهن على عين مملوكة له ضمانا للمدين على أن يتنازل الدائن عن حقه في استيفاء دينه من أموال مدينه الأخرى و هذا جائز.
[2] راجع عبد الحي حجازي مصادر الالتزام ص 50 و ما بعدها.
[3] و هي اعتبارات تختلف من زمان لآخر و من بيئة لأخرى, فتعهد المقرئ بقراءة القرآن الكريم التزام بالمعنى الدقيق, اذ من الشائع في الوقت الحاضر أن يؤجر مقرئ القرآن على قراءته, و على ذلك فالأداء الذي تعهد به المقرئ أداء مالي وفقا للاعتبارات السائدة في الوقت الحاضر ( عبد الحي حجازي , النظرية العامة للالتزام ج 1 ص 29 و ما بعدها).
[4] خلط القانون المدني الفرنسي بين أثر العقد وأثر الالتزام ، مع أن أثر العقد هو إنشاء الالتزام ، إذ العقد مصدر من مصادر الالتزام .بينما أثر الالتزام هو وجوب تنفيذه، ولذا فينبغي التمييز بينهما (السنهوري، الوسيط 2/717 فقرة 380 ). مصطفى أحمد الزرقا، أحكام الالتزام ج 2 ص 3 طبعة 1965 في القانون المدني السوري.
[5] انظر في تفصيل هذا الموضوع: سليمان مرقس، شرح القانون المدني 2 في الالتزامات ص 535 وما بعدها، سنة 1964 ، السنهوري، الوجيز في شرح القانون المدني فقرة 779 سنة 1966 وانظرJosserand cours de droit civil positif français Paris 1933 T 2n 709
[6] ويلاحظ أن إجبار المدين على التنفيذ لا يكون إلا بصدد الالتزامات المدنية، أما الالتزامات الطبيعية فلا يجوز إجبار المدين عليها .
[7] جميل الشرقاوي: النظرية العامة للالتزام، الكتاب 2 ص 4 دار النهضة العربية 1981 .
[8] انظر في تفصيل هذا الموضوع: سليمان مرقس، شرح القانون المدني ، الجزء الثاني في الالتزامات ص 535 لسنة 1964، السنهوري الوجيز ص 757 الوسيط ص 724 وانظر أيضا Planiol et Ripert T 7 n 978Ripert .La règle morale dans les obligations civils 4 Edition Paris 1933 T2 n 709
[9] أنور سلطان : المرجع السابق ص 123 وما بعدها ، السنهوري ، الوسيط 2/729 .
[10] السنهوري: الوسيط 2/730 فقرة 392 .
[11] انظر أنور طلبة، الوسيط في القانون المدني ج 1 ص 552، وراجع الوجيز للسنهوري ص 757 الوسيط للسنهوري 2/724 .
[12] لمزيد من التفصيل انظر الفقيه القانوني عبد الرزاق السنهوري، في الوسيط ج 2 ص 736 فقرة 395 وما بعدها .
[13] السنهوري 2/739، فقرة 396 .
[14] الاعتصام4/104
[15] سنن أبي داود :ج3,الحديث بتمامه رقم 3343ص244 وقد استدل القائلون بان بيت المال وارث من لا وارث له بهذا لأنه في المقابل يقضى عنه دينه إذا مات فقيرا.
[16] سورة النساء الاية58
[17] الاعتصام للإمام القاسم ج4ص97
[18] سنن أبي داود حديث رقم3342ص244
[19] Réparation en nature
[20] إسماعيل غانم في النظرية العامة للالتزام ص 61 الوسيط 2/717 وما بعدها ص 28 .
[21] يجب عدم الخلط بين أثر الالتزام من ناحية، وأثر العقد وغيره من مصادر الالتزام من ناحية أخرى، فالعقد مثلا، يتركز أثره في أنه ينشئ الالتزام أي يتحمل به المدين أما الالتزام فهو يبدأ في إنتاج أثره، بعد أن يكون العقد قد أنشأه، ويتركز في تنفيذه أي في أداء المدين ما يفرضه عليه .
[22] يرجع الفضل في تحليل الالتزام إلى هذين العنصرين للفقهاء الألمان .
[23] أنور سلطان: أحكام الالتزام ص 120 دار المطبوعات الجامعية 1997 .
[24] Excution en nature
[25] انظر في ذلك مارتي ورينو ص 680 فقرة 650 .
[26] إسماعيل غانم، المرجع السابق ص 61 أنور طلبة 1/553، السنهوري الوسيط 2/759
[27] أنور سلطان، المرجع السابق ص 145 .
[28] راجع عبد السلام فيغو، عقد البيع
[29] السنهوري، الوسيط 1/764 أنور سلطان ص 148 .
[30] را جع السنهوري آثار الالتزام ، ص 762 وما بعدها .
[31] عبدا لمنعم البد راوي :أحكام الالتزام ص52
[32] المادة102مدني ألماني والمادة242التزامات سويسري
[33] المجلس الأعلى القرار1030الصادر بتاريخ 17ابريل1989 مجلة قضاء المجلس الأعلى العددان42و43ص95
[34] المادة 255 ق ل ع .
[35] إسماعيل غانم، المرجع السابق ص63 السنهوري 2/768.
[36] عبدالمنعم البدراوي..احكام الالتزام ف198ص21.
[37] همام محمد محمود ومحمد حسين منصور، مبادئ القانون ص 390 منشأة المعارف الإسكندرية. يعرف المنقول المعين بالنوع بأنه لا يكون معينا بذاته، بل بنوعه ومقداره، أي شيئا من المثليات التي يختلط بعضها ببعض ويحل بعضها محل بعض .
[38] أنور طلبة 1/562 السنهوري الوسيط 2/774 والوجيز ص 869 وسليمان مرقس في مصادر الالتزام ص 411 أنور سلطان ص 153 .
[39] السنهوري، الوسيط 2/776 فقرة 421 .
[40] السنهوري 2/766 .
[41] السنهوري، الوجيز ص 768 إسماعيل غانم المرجع السابق ص 64 .
[42] راجع السنهوري الوسيط 2/778 فقرة 425 .
[43] نبيل سعد، النظرية العامة للالتزام ج 2 أحكام الالتزام ص 35 دار المعرفة الجامعية 1991، السنهوري الوسيط 2/795 ف 439 
[44] السنهوري ص 779 .
[45] راجع الوجيز للسنهوري ص778والوسيط ج2ص796
[46] عبد الحق صافي ، أثار العقد الكتاب الثاني ص 211 أنور سلطان ص 156 .
[47] السنهوري، الوسيط 2/797 فقرة 440 ، ديموج 6 ص 152 فقرة 145 مشار إليه عند السنهوري هامش 2 .
[48] راجع لمزيد من التفصيل في هذا الصدد، السنهوري فقرة 441 ص 799 وما بعدها اسماعيل غانم المرجع السابق فقرة 51 ص 68 عبد الحق صافي المرجع السابق ص 212 وما بعدها 
[49] جميل الشرقاوي احكام الالتزام ص61 ف15
[50] جلال العدوى المرجع السابق ص 81 اسماعيل غانم المرجع السابق ص 69 .
[51] السنهوري: الوسيط ج 2ص807
[52] المجلس الاعلى القرار 1316 مجلة القضاء والقانون عدد244ص 223
[53] محكمة الاستئناف بالرباط حكم عدد752بتاريخ 11نونبر1977ملف رقم 703_76
[54] الطيب برادة: التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق ص 363بابل للطباعة سنة1988
[55] وقد ثار جدال فقهي حول طبيعة الغرامة التهديدية اهي تعويض ام وسيلة تنفيذ فقط
[56] المجلس الأعلى القرار 531 الصادر بتاريخ 22/02/1989 ملف مدني 3725/85 مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 42/43 ص 35
[57] أنور سلطان ص 158 السنهوري 2/814 .
[58] أنور سلطان ص 166
[59] سنن ابي داود ج2ص245 حديث2245
[60] سنن ابي داودحديث2246ص245
[61] سنن ابي داود ج 2 حديث رقم 2628 ص 212
[62] ص189بتصرف
[63] إسماعيل غانم، المرجع السابق ص 72 .
[64] المجلس الاعلى القرار1316الصادر بتاريخ 18يونيو1991مجلة القضاء والقانون العدد144ص 223وما بعدها.
[65] عادل حسني علي ، الإثباث أحكام الالتزام ، ص 338 جميل الشرقاوي، 38/2 .
[66] المحكمة الابتدائية بسيدي سليمان :ملف رقم 77_99يتاريخ 29ييوليوز1999مجلة الاشعاع عدد21ص 181
[67] البدراوي احكام الالتزام ص40
[68] جميل الشرقاوي،ج2ص 39.
[69] سليمان مرقس، فقرة 608، السنهوري الوجيز، ص 785 هامش 1 .
[70] البدراوي، أحكام الالتزام ص 43 .
[71] راجع السنهوري:الوسيط ج 2ص 814
[72] إسماعيل غانم، المرجع السابق ص 74 .
[73] إدريس الفاخوري مجلة الإشعاع عدد23ص296
[74] الطيب برادة:التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق ص368 بابل للطباعة والنشر مشار إليه عند إدريس الفاخوري في مرجعه السابق ص 296
[75] محمد القدوري المرجع السابق ص 64
[76] أنور سلطان ص 162 السنهوري الوسيط 819/2 فقرة 456 .
[77] محمد ألقدوري الغرامة التهديدية في التشريع المغربي مجلة المحاماة العدد 15ص.69
[78] أنور سلطان ص 162 السنهوري الوسيط 819/2 فقرة 456 .
[79] راجع السنهوري الوجيز ص 787.
[80] راجع قرار المجلس الأعلى عدد 3583 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 42/43 ص 74
[81] راجع :محمد القدوري المرجع السابق ص.70وما بعدها.
[82] عبد الحق صافي، القانون المدني 215/2 .
[83] جميل الشرقاوي، المرجع السابق ص 43، السنهوري الوسيط 800/2 وما بعدها .
[84] عبد الحق صافي، المرجع السابق ص 215 .
[85] بخصوص التفاصيل انظر: عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الفريسي دار النشر المغربية، الدار البيضاء 2002 .
[86] جاء ضمن هذا المنشور : " لأجل ذلك أطلب منكم كلما عرضت عليكم قضية تتعلق بإكراه بدني بالنسبة للديون التي يكون منشأها عقد وأثبت المعني عسره إلا أن تعملوا على تطبيق المقتضيات المشار إليها سابقا، هذا من جهة و من جهة ثانية أهيب بكم أن تحيلوا الأشخاص المعتقلين حاليا لقضاء الإكراه البدني بشأن الديون التعاقدية على المحكمة المختصة فورا قصد البت في أمر وضع حد لإكراههم مع تقديم ملتمساتكم بشأن تطبيق مقتضيات المادة 11 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وإشعاري بكل الصعوبات التي تعترضكم في هذا الصدد .... "
[87] حكم المحكمة الإبتدائية بالرباط، 16 أبريل 1990، ملف تجاري عدد 8/90 ، غير منشور .
[88] أمر استعجالي للمحكمة الإبتدائية بوزان 23 ماي 2003، تحت رقم 54 ، ملف استعجالي رقم 55/2003 ، غير منشور
[89] قرار المجلس الأعلى ، 9 أبريل 1997 تحت عدد 2163، ملف تجاري عدد 2271/1/95، غير منشور .
[90] قرار المجلس الأعلى ، 22 مارس 2000 تحت عدد 426، ملف تجاري عدد 1716/99، غير منشور .
[91] سبق تخريجه
[92] انظرابن قدامة المغني والشرح الكبيرج4ص488,كشاف القناع ج 2 ص 420 وما بعدها
[93] القوانين الفقهية ص246
[94] راجع بهذا الخصوص، أبا محمد عبد الله ابن عبد الله ابن سلمون الكناني العقد المنظم للحكام في ما يجري بين يديهم من العقود والحكام ، الطبعة الأولى 1301 ه ص 220 .
القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي الجامع لأحكام القرآن ، ط 1757 ص 280 ..
[95] القاضي برهان الدين إبراهيم بن فرحون المالكي، تبصرة الحكام لأصول الأقبية و مناهج الأحكام ط 1 سنة 1301 ه ص 144.
[96] أبو عبد الله القرطبي مرجع سابق ص 264 .
[97] ابن فرحون المالكي، مرجع سابق ص 289 .
[98] Exucution par equévalent ( dommages interéts ) وانظر في هذا أطروحة الدكتور سعيد الدغيمر حول تنفيذ الالتزام بمقابل أو بطريق التعو يض قضائيا في التشريع المدني المغربي، دكتوراة الدولة 1981 -1982 .
[99] اسماعيل غانم ص 79 ، السنهوري الوسيط 2/823 فقرة 458 .
[100] عبدالمنعم البدراوي ص50
[101] راجع الخلاف حول هذا الموضوع، منصور مصطفى منصور ص 138 .
[102] جميل الشرقاوي:النظرية العامة للالتزام ج2ص52
[103] جميل الشرقاوي :أحكام الالتزام ص75
[104] سعيد الدغيمر ص 12 .
[105] السنهوري الوسيط ج2ص846ف471
[106] جميل الشرقاوي:المرجع السابق ص56
[107] أحمد حشمت أبو ستيت: نظرية الالتزام في القانون المدني المصري ص 442, جميل الشرقاوي: النظرية العامة للالتزام 2/56
[108] السنهوري ج2ص865ف41
[109] راجع الشرقاوي, النظرية العامة للالتزام 2/57 , نجاري عبد الله : الشرط الجزائي ص 14 , الرويشد الشرط الجزائي ص 61 , زكي الدين شعبان الشرط الجزائي ص 126
[110] السنهوري :الوسيط ج2ص863ف488
[111] راجع هذه الشروط في القانون المدني الفرنسي :- LECON DE DROIT CIVILE P 618 -620 HENRI ET LION ET JEAN ) MAZEAUD
[112] يقصد بذلك رابطة سببية وهي أن يكون الضرر نتيجة طبيعة لعدم قيام المدين بتنفيذ الإلتزام أو التأخير فيه أو لتنفيذه تنفيذا معيبا أو لتنفيذه بصورة جزئية، فإذا انتفت رابطة السببية لقيام السبب الأجنبي تهدم أحد أركان المسؤولية العقدية ولا يقوم التعويض.
[113] انظر محمود جمال الدين زكي: مشكلات المسؤولية المدنية ج 2 ص 200 و ما بعدهما مطبعة جامعة القاهرة .
[114] كورنو، ملاحظات على فرساي التجارية 15 يناير 1969 في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1971 ص 167 رقم 2 المشار إليه عند محمود جمال الدين زكي، المرجع السابق ص 203 .
[115] انظر في هذا التعديل بوكارا، إصلاح الشرط الجزائي، شروط وحدود التدخل القضائي، مجلة الأسبوع القانوني 1975 ، 2742 المشار إليه عند محمود جمال الدين زكي، المرجع السابق ص 203 .
[116] راجع قرار المجلس الاعلى عدد977الصادر بتاريخ 10ابريل1991
[117] جميل الشرقاوي :المرجع السابق ص60
[118] جميل الشرقاوي :أحكام الالتزام ص84
[119] JEAN CARBONIER LES OBLIGATION P 78 DALLOZ .
[120] عبد الفتاح عبد الباقي ص 45 .
[121] محمد القدوري :المرجع السابق ص 62وما بعدها
[122] انظر احميدو اكري:الشرط الجزائي من خلال الاجتهاد القضائي المغربي والمقرن مجلة الاشعاع العدد العاشرص.93
[123] الوسيط 2/866
[124] أحمد أبو ستست , نظرية الالتزام ص 646
[125] سليمان مرقس ص 606 فقرة 625 .
[126] الشرقاوي المرجع السابق 2/61
[127] الصنهوري الوسيط 2/852
[128] حسن علي الذنون : النظرية العامة للإلتزامات ص 355 .
[129] عباس الصراف: بيع العقار قبل التسجيل بحث منشور في مجلة العدالة العدد 1 ص 21 بغداد .
[130] السنهوري، الوسيط ج 4 البيع والمقايضة ص 272، سعدون العامري الو جيز في شرح العقود المسماة 1/107 .
[131] راجع عبد المجيد عبد الحكيم 2/33 .
[132] زكي الدين شعبان، المرجع السابق ص 139 .
[133] زكي الدين شعبان ، المرجع السابق ص 139 .
[134] الحطاب: تحرير الكلام في مسائل الالتزام ص 176
[135] الكيا هراس أحكام القرأن 1/356
[136] ابن العربي أحكام القرأن 1/242
[137] الجصاص, أحكام القرأن 1/464
[138] الزرقا : هل يقبل شرعا الحكم على المدين المماطل بالتعويض على الدائن, مجلة أبحاث الاقتصاد الاسلامي, العدد 2 المجلد 2 ص 95 جامعة الملك عبد العزيز
[139] فتوى منشورة في أبحاث الاقتصاد الاسلامي العدد الأول , المجلد 3 ص 112
[140] انظر المذكرة الايضاحية للقانون المدني الكويتي ص 276 و المذكرة الايضاحية للقانون المدني الأردني 1/400
[141] قرار مجلس المجمع الفقهي الاسلامي في دورته الثانية عشرة في الرياض بالمملكة العربية السعودية من 25 جمادى الاخر 1421 الى غرة رجب 1421(الموافق 23-28 شتنبر 2000)
[142] راجع السنهوري، الوسيط 2/851 فقرة 166 هامش 2 محمود جمال الدين زكي المرجع السابق ص 225 .
[143] زكي، ص 225 وما بعدها .
[144] الدكتور سعيد الدغيمر المرجع السابق ص 9 و 10 .
[145] د سعيد الدغيمر المرجع السابق ص 11 .
[146] راجع السنهو ري ، 5 المجلد 2 ص 457 .
[147] بلانيول وربير سافاتييه ص 475 .
[148] انظر مالوري وأينس بخصوص اسعار الفوائد الإتفاقية ص 458 وما بعدها .
[149] انظر الدكتور عبد اللطيف هداية الله: الفصل 870 ق ل ع والفصل 130 من القانون التجاري المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية العدد 34 ص 20 وما بعدها .
[150] قارن أيضا القانون العراقي رقم 107 لعام 1936 الذي جعل الحد الأعلى للفائدة وقارن أيضا المادة 171 مدني عراقي التي جعلت الفائدة 4./.. في المسائل المدنية 5./. في المسائل التجارية على سبيل التعويض عن التأخير والمادة 228 سوري التي جعلت الحد الأقصى 9./.
[151] محمود محمد طنطاوي، القروض المصرفية في ضوء الشريعة الإسلامية، مجلة الحقوق والشريعة جامعة الكويت، السنة الأولى، العدد الأول ص 30.
[152] يوسف القرضاوي، الحلال والحرام ، ص 190 .
[153] سورة البقرة الآية 278 .
[154] انظر الرملي: تحفة المحتاج 5/44 وآثار التغيرات لموسى آدم عيسى ص 376 .
[155] يقال في اللغة: درهم نقد لا زيف فيه، كأنه قد كشف عن حالة تظلم ( انظر معاجم مقاييس اللغة والمعجم الوسيط ) .
[156] الجعيدي، أحكام الأوراق النقدية ص 481 وما بعدها .
[157] انظر لمزيد من التفصيل الدكتور محمد الحبيب التجكاني، المرجع السابق ص 13 وما بعدها .
[158] محمد الحبيب التجكاني، المرجع السابق ص 21 .
[159] الروض المربع، ج 2 ص 190 حاشية ابن عابدين ج5 ص 165 وما بعدها .
[160] القوانين الفقهية ص 212 .
[161] متفق عليه، رواه الترميذي ( 5/59/42) كتاب الإستقراض (17) باب حسن القضاء رقم 2349 وأبو داود في السنن 2/642 رقم 2274 .
[162] نيل الأوطار 5/262 .
[163] دفاع عن الشريعة ص 240 وانظر أيضا الدكتور هداية الله المرجع السابق ص 28 .وهذا هو الاتجاه الذي نؤيده وننادي به.
[164] الدكتور عبد اللطيف هداية الله المرجع السابق ص 29 .
[165] أستاذنا الدكتور هداية الله ص 29 .
[166] Avance de fonds
[167] مصطفى كمال طه ، الشركات التجارية ص 422 الإسكندرية .
[168] UN credit
[169] سميحة القيلوبي، الشركات التجارية ص 267 .
[170] Hamel(G) Lagarde(G) et Jauffret (A) Droit commercial val 1 ; 2 Dalley p 817 /818
[171] إسماعيل غانم، ص 145 .
[172] راجع في ذلك المواد من 452 إلى 458 من قانون المسطرة المدنية .
[173] علما بأن القانون المتعلق بالملك العائلي قد تم إلغاؤه مؤخرا في 1995 .
[174] الأستاذ الدكتور السنهوري الوسيط 2/94 دار النهضة العربية 1970.
[175] 2 MAZEAUD Leçon de druit T.2 , 5 Emme Ed 1971 n 958droit civil T
[176] كانت الدعوى غير المباشرة في القانون الروماني والفرنسي القديم ترفع من جميع الدائنين بمناسبة تصفية اموال المدين المعسر,اما في القوانين الحديثة فاصبحت فردية للمزيد.انظر السنهوري الوسيط ج2ف642 عبدالمنعم البدراوي احكام الالتزام ص119
[177] محممود جمال الدين زكي: أحكام الالتزام ص 52 .
[178] الكزبري نظرية الالتزام 1/309
[179] السنهوري، الوسيط 2/989، 990 وانظر الآراء الفقهية التي يشير إليها بالنسبة المباشرة ، وانظر
JEAN CARBONNIER DROIT CIVIL les obligations p 228 ; 229
MAZEAUD lecon de droit civil p 838 . 848
[180] السنهوري ، الوسيط2/945 محمود جمال الدين زكي ص 59 فقرة 42
[181] أنور سلطان ص 355 منصور مصطفى منصور ص 155
[182] المادة 235 من القانون المدني المصري والمادة 308 من القانون المدني الكويتي حيث نصت على انه " لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينه حقوق هذا المدين المالية إلا ما كان منها متصلا بشخصه أو غير قابل للحجز إذا اثبت شأنه أن يسبب إعساره أو زيادة الإعسار"
[183] راجع المواد662و708
[184]L action pautienne Action revocatoire واصطلاح الدعوى البوليصية نسبة الى بريتور روماني يسمى بولص,وكانت هذه الدعوى تستعمل في القانون الروماني عند تصفية أموال المدين المفلس تصفية جماعية.
[185] نحن نرى أن الأصل الشرعي لهذه الدعوى هو دفع الإضرار المأخوذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار,"ولذلك فلا يبعد صحة تكييفها بأنها دعوى خاصة بعدم نفاذ تصرفات المدين.
[187] MALAFOSSE (j) droit romain et ancien droit T 1 P 181
[188] مازو دروس في القانون المدني ص 852 وما بعدها السنهوري الوسيط 2/1019 ، إسماعيل غانم ج 2 ص 171
[189] سليمان مرقس ص 680 .
[190] ع.البدراوي:أحكام الالتزام ص127ف118
[191] جميل الشرقاوي:ص151ف22
[192] عبد المنعم البدراوي:أحكام الالتزام ص124ف104
[193] محمود جمال الدين، حسن النية ص136 .
[194] يقصد بالغير هنا كل من الدائنين والخلف الخاص للمتعاقدين ( راجع الأستاذ الدكتور مامون الكزبري ج 1 ص 302 وما بعدها و ص 353 ، السنهوري ج 2 ص 1088 وما بعدها .
[195] إسماعيل غانم، النظرية العامة للالتزام 2/357 .
[196] أستاذنا مأمون الكزبري 1/357 .
[197] سليمان مرقس في شرح القانون المدني 2/684 إسماعيل غانم 2/191 .
[198] للمزيد من التفاصيل حول الموضوع في القوانين المدنية الوظعية انظر : السنهوري الوسيط 1124/2 إسماعيل غانم ص 226 محمود جمال الدين زكي ص 86 هامش 1 .
[199] إسماعيل غانم 226/2 .
[200] انظر السنهوري الوسيط 1126/2 وما بعدها .
[201] انور سلطان، ص 357 وما بعدها .
[202] السنهوري، الوسيط 1143/2 وما بعدها مصطفى حنيني ص 186 وما بعدها .
[203] مصطفى حتيتي: حق الحبس وأثره على المراكز القانونية للدائنين ص 127 اطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2000، 2001 .
[204] انظر لمزيد من التفصيل مصطفى حتيتي المرجع السابق ص 127 .
[205] المرجع السابق ص 178 وما بعدها .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -