الحماية القانونية و القضائية لمشتري السيارة

 بحث بعنوان: الحماية القانونية و القضائية لمشتري السيارة PDF

الحماية القانونية و القضائية لمشتري السيارة PDF

مقدمة :
يعد اقتناء السيارة في الوقت الراهن ضرورة اجتماعية ملحة لما تحقق لصاحبها من فوائد كثيرة ومنافع جمة، فتجد مختلف الفئات الاجتماعية ذات الدخل المتوسط خاصة من الأجراء و الموظفين التجار يسعون إلى اقتناء سيارة بغرض الاستعمال الشخصي أو العائلي أو المهني، مع اختلاف رغباتهم ، حسب الامكانيات المادية لكل بين من يريد اقتناء سيارة جديدة و من يرغب في شراء سيارة مستعملة شخص. ونظرا للأهمية الكبرى التي أصبحت تحتلها السيارة في عصرنا الحالي فإن الفقيه "كورنو" قد وصفها بأنها بمثابة العبد لصاحبها تخدمه في كل وقت وحين.

وقد ازدادت البيوع الواردة على السيارات أهمية في الحياة المعاصرة اعتبارا للدور المهم الذي غدت تلعبه السيارة في الحياة اليومية للأفراد و الجماعات، كما تعددت أشكال هاته البيوع فهناك البيوع الواردة على السيارات الجديدة، و البيوع الواردة على السيارات المستعملة، وهناك البيوع التي يكون فيها أداء الثمن حالا، وتلك التي يتم فيها بطرق أخرى، كما هو الشأن في عقد الإئتمان الإيجاري Lesaing، و عقد بيع السيارات بالدين أو السلفة.
وسنتناول في هذا البحث بالدراسة و التحليل موضوع "الحماية القانونية و القضائية لمشتري السيارة وفق التشريع المغربي"، وذلك من خلال استقراء وتحليل مختلف النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع سواء العامة الواردة في قانون الالتزامات و العقود، أو النصوص القانونية الخاصة الموجودة في قوانين متفرقة مثل (قانون حماية المستهلك، ظهير 1936 بشأن بيع السيارات بالدين أو النسيئة، مدونة السير...) التي من شأنها تكريس حماية قانونية قوية لفائدة مشتري السيارة، ومعلوم أن هذا الأخير يبقى طرفا ضعيفا في عقود بيع السيارات في جميع الأحوال، ذلك أن الموظف البسيط أو الأجير عندما يقصد شراء سيارة فإنها في الغالب تكلفه مبلغا باهضا تحصله إما بواسطة الادخار طيلة سنوات عديدة ، أو يلتجأ إلى الاقتراض لدى مؤسسات السلف مع ما يكلفه القرض من فوائد مستحقة لفائدة مؤسسة الإئتمان، وبالمقابل فمن العدالة أن يضمن حقه في اقتناء سيارة بحالة جيدة وبدون عيوب خفية بشكل يوازي الثمن المدفوع فيها، كما أن إقدام الشخص على اقتناء سيارة جديدة من طرف شركة لها قوة اقتصادية كبيرة، قد يؤدي به إلى الإذعان لشروط تعاقدية تعسفية و غير عادلة، مما يجعل التساؤل حول السبل الكفيلة و القمينة بحمايته وفق القانون جديرا بالاعتبار.
والحماية القانونية و القضائية المذكورة لا تقتصر على مشتري السيارة الجديدة فقط، بل تلحق أيضا حتى مشتري السيارة المستعملة، و يتجلى ذلك أساسا من خلال التزام البائع بضمان التعرض و الاستحقاق و العيوب الخفية، وكذا قابلية عقد البيع للإبطال في حالة ثبت للمحكمة وجود عيب من عيوب الرضا شاب عملية البيع أو سبب آخر من الأسباب الموجبة للإبطال.
و بالإضافة إلى الجانب القانوني الذي سنتطرق له في المبحث الأول، فإن هذا البحث سيتناول في شقه الثاني و بشكل مهم العمل القضائي الصادر بشأن المنازعات المتعلقة بشراء السيارة سواء الجديدة أو المستعملة، و كذا بعض القضايا المتعلقة بالقروض الاستهلاكية المخصصة لشراء السيارة ( شراء سيارة بالمصارفة)، و سيشمل هذا العمل القضائي مجموعة من الأحكام و القرارات الصادر عن محاكم الدرجة الأولى و محاكم الدرجة الثانية و قضاء محكمة النقض ( الغرفة المدنية و الغرفة التجارية).

- أهمية الموضوع:

إن لموضوع البحث أهمية بالغة تجد أساسها في مجموعة من المرتكزات نذكر منها :
طبيعة الموضوع لها راهنيتها سواء من ناحية مضمونه أو نطاقه، فمسألة اقتناء سيارة اليوم أصبح أمرا ملحا ومهما لفئات عريضة جدا من المجتمع، سواء كانوا مدنيين أو تجار محترفين، أشخاص ذاتيين أو معنويين، مواطنين مغاربة أو أجانب، ومعلوم لدى العامة أن بائع السيارة يكون دائما في وضعية قوة اقتصادية و معنوية مهيمنة مقابل وضعية هشة للمشتري، فهذا الأخير غالبا ما يتحمل مهمة تجميع مبلغ مالي مهم طيلة مدة غير قصيرة أو يلتجا للاقتراض ليدفع ثمن الحصول على سيارة بحالة سليمة، وهو الأمر الذي لا يتأتى له دائما خاصة عندما يتعلق الأمر بالسيارات المستعملة التي يطالها القدم و تظهر بها العيوب بسبب الاستعمال و الأجل الافتراضي لحياتها، مما يقتضي أن يكون البحث القانوني مواكبا لهذا الموضوع المهم من أجل تحسس انعكاساته على التشريع، و ضبط استخداماته و تطبيقاته في العمل القضائي.
تكمن أهمية هذه الدراسة أيضا في كونها تعتبر من الدراسات القليلة التي تتناول موضوع الحماية القانونية و القضائية لمشتري السيارة في التشريع المغربي، وقد شكل لنا ذلك دافعا جديا للمضي قدما بالبحث في هذا الموضوع.
تظهر أهمية هذه الدراسة كذلك من خلال رصدها لأبرز مظاهر الحماية القانونية التي وفرها المشرع المغربي لفائدة مشتري السيارة بالمغرب، ومحاولة تحديد أبرز توجهات القضاء المغربي الصادرة عن محاكم المملكة في الموضوع، سواء القرارات الصادرة عن قضاء القانون - محكمة النقض- أو القرارات و الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف و المحاكم الابتدائية.
و أخيرا تتجلى جدوى هذا البحث، فيما يمكن التوصل إليه من نتائج وما يؤسس عليه من مقترحات عملية، لعلها تسهم في إرساء ضمانات قانونية لمشتري السيارة -جديدة أو مستعملة-، من أجل تيسير مهمته في الدفاع عن حقوقه من جهة، ومهمة القاضي في استجلاء الخفي في النزاع من جهة ثانية، حتى تتضح له الصورة و يحكم باليقين مادامت الأحكام تبنى على الحقائق لا على الشكوك.

- إشكالية البحث:

يطرح موضوع البحث إشكالا جوهريا يدفعنا للتساؤل عن مختلف أوجه الحماية القانونية القضائية لمشتري السيارة في المغرب ؟
وتتعرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الإشكالات الفرعية، نوردها كالآتي :
ماهي القواعد القانونية التي سنها المشرع المغربي و الكفيلة بإرساء حماية قانونية لمشتري السيارة سواء تلك الواردة في القواعد العامة ( قانون الالتزامات و العقود) أو القوانين الخاصة ؟
إلى أي حد استطاعت القواعد القانونية المذكورة إرساء توازن اقتصادي و عدالة تعاقدية بين مشتري السيارة و بائعها ؟ كيف يتعامل القضاء المغربي بمختلف درجاته مع المنازعات الناشئة بين المشتري و البائع في عقود بيع السيارات سواء كانت جديدة أو مستعملة ؟
بناء على ما تقدم ووفقا للمراد من البحث، سنعمل على الإجابة عن هذه الإشكاليات من خلال تقسيم موضوعنا منهجيا إلى مبحثين أساسيين، بحيث يتضمن كل مبحث مطلبين فرعيين وفق التصميم الاتي بيانه :

المبحث الأول :الحماية القانونية لمشتري السيارة بالمغرب
المطلب الأول :حماية مشتري السيارة من خلال القواعد العامة (قانون الالتزامات و العقود)
المطلب الثاني :حماية مشتري السيارة من خلال بعض القوانين الخاصة
المبحث الثاني :الحماية القضائية لمشتري السيارة بالمغرب
المطلب الأول : حماية مشتري السيارة من خلال اجتهادات محكمة النقض
المطلب الثاني :حماية مشتري السيارة من خلال قضاء محاكم الدرجة الأولى و الثانية

---------------------------
لائحة المراجع :

- مأمون الكزبري، نظرية الالت ازمات في ضوء قانون الالت ازمات و العقود المغربي، الجزء الأول: مصادر الالت ازمات ،مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية 1972.
- محمد بودالي، حماية المستيمك في القانون المقارن، دار الكتاب الحديث ،القاىرة- مصر، طبعة 2006.
- مصطفى أحمد أبو عمرو، موجز أحكام قانون حماية المستيمك، منشوارت الحمبي الحقوقية، الطبعة الأولى 2011.
- نور الدين الرحالي، التطبيقات العممية الحديثة في قضايا الاستيلاك، ، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2014.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -