جريمة إخفاء أشياء مسروقة في القانون المغربي

 عرض بعنوان: جريمة إخفاء أشياء مسروقة في القانون المغربي PDF

جريمة إخفاء أشياء مسروقة في القانون المغربي PDF
مقدمة :
إن جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة تعكس مع جرائم كثيرة مثل عدم التبليغ (الفصل 299 من ق ج) و إخفاء المجرمين (الفصل 297) أو جثة قتيل (الفصل 272) و الإمتناع عن التدخل للحيلولة دون وقوع جناية أو جنحة تمس السلامة البدنية للأشخاص (الفصل 430)، ما يفرضه التضامن الإجتماعي من التعاون على مكافحة الجريمة وكشفها و الإمتناع عن كل ما يساعد الجناة على إخفاء معالم جرائمهم أو تضليل العدالة التي تبحث عنهم.

و تعتبر جريمة إخفاء الأشياء هي من جرائم العصر الخطيرة التي تحمل في طياتها الكثير من التحديات الحقيقية التي تؤثر سلبا على المجتمع، و يتفاوت مستوى هذه الجريمة و خطورتها من دولة لأخرى حسب مستوى الثقافة الدينية و القانونية.
والإخفاء تناوله المشرع الفرنسي في المادة (321—1) و التي جاء فيها "إن الإخفاء يكمن بتخبئة الشيء أو بحجزه أو بنقله أو بلعب دور الوسيط بغية نقله مع العلم أن هذا الشيء ناتج عن جناية أو جنحه ".

مما يلاحظ على التعريف الفرنسي أنه قد حدد الأفعال المادية التي يتضمنها فعل الإخفاء بدقة كبيرة، و لكن ما يجب الإشارة له هنا أن المشرع العراقي و كذا المشرع المصري لم يوردا تعريفا لفعل الإخفاء تاركين ذلك للفقه و القضاء، و قد عرفته محكمة النقض المصرية بقولها فعل الإخفاء في القانون إنما يتحقق بكل اتصال فعلي بالمال المتحصل عليه من الجريمة مهما كان سببه أو الغرض منه، و مهما كانت ظروف زمانه و مكانه أو سائر أحواله.5

أما بعض الفقه فقد عرفه بأنه "حيازة الشيء أو تسلمه أو استهلاكه"، في حين عرفه البعض الآخر "بأنه تسلم الأشياء من جانب المخفي تسلما حقيقيا أو حكميا و إدخالها في حيازيه سواء كان ذلك بنية التملك أم لا، عن طريق الشراء أو الهبة أو غيرها، طالما أنه عالم بأن الأشياء التي في حيازته من جناية أو جنحة، و الجناية أو الجنحة قد تكون سرقة أو نصبا أو خيانة أمانة أو غيرهما".

أما على مستوى التشريع المغربي نجد المشرع الجنائي تصدى لهذه الجريمة في الفرع السادس من الباب التاسع تحت عنوان "في الجنايات و الجنح المتعلقة بالأموال"، و تناولها في الفصول من من أخفى عن علم كل أو بعض الأشياء المختلسة 571 إلى 574، و قد جاء في الفصل 571:

أو المبددة أو المتحصل عليها من جناية أو جنحة، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائتين إلى ألفي درهم مالم يكن الفعل مشاركة معاقبا عليها بعقوبة جناية طبقا للفصل 129.

يلاحظ من هذا التعريف أن المشرع الجنائي لم يضع أي تعريف لجريمة الإخفاء و إنما أورد الفعل الذي يتحقق به فعل الإخفاء و العقوبة المقررة لها، و بذلك يلحق المشرع المغربي بالتشريعات المقارنة الأخرى التي تركت مسألة التعريف للفقه و القضاء، فجريمة الإخفاء تهدف بصورة أخص إلى عدم تمكين محترفي اللصوصية و الإستيلاء على أموال الناس بالباطل من صرف ما يتحصلون عليه من أعمالهم الإجرامية.

الأكبد أن تجريم الإخفاء و الحالة هذه يحقق مضايقة للجناة و يجعلهم أكثر تعرضا و من لإفتضاح أمرهم و ضبطهم من طرف السلطات المختصة.
و لم تكن جرائم الاموال معروفة عند الانسان منذ القدم، لأن المال ووسائل الملكية كانت مشاعة بين الناس، لكن عندما عرف الانسان الملكية و تقبلها و أنزلها من نفسه منزلة حسنة صار يحب الاستئثار بكل ما يقع تحت يده، خاصة و أن الانسان ميال الى امتلاك ما يحتاج إليه من شتى أنواع الأموال: عقار، ماشية، مال منقول، بل حتى ولو أننا أرضيناه ببعض أنواع الأموال فإنه لا يتوقف عند حد الأمر الذي يصير معه الحال إلى أخذ أموال الناس خفية أو عنفا... وهذا ما يعرف بالسرقة.

ولكن السرقة أقدم أنواع جرائم الأموال، لأن الجرائم الأخرى لم تكن معروفة عند الإنسان لبساطة ... و مع مرور الزمن أخذت الحاجات الضرورية و الملحة حياته ولعدم تعقد الحياة المادية للإنسان تتكاثر، لهذا صار يبتكر من الوسائل ما يجعله يحتال على غيره للاستيلاء على أموال الغير كالنصب وخيانة الأمانة وإخفاء الأشياء المتحصل عليها من السرقة".

و نظرا لإزدياد حجم جرائم إخفاء المسروقات المعروضة على المحاكم من جهة، و للإرتباط الوثيق بين هاته الجريمة و بين جرائم الأموال من جهة أخرى، إضافة إلى تأثيرها على أمن الأشخاص في أموالهم، فإن الاشكال الذي يطرح نفسه هنا هو: مدى نجاعة سياسة المشرع المغربي لمكافحة هاته الجريمة ؟ و للإجابة عن هذا الاشكال ارتأينا اعتماد التصميم التالي:

المبحث الأول: سياسة المشرع المغربي بخصوص تجريم إخفاء الأشياء المتحصل عليها من السرقة
المبحث الثاني: سياسة المشرع المغربي العقابية لمكافحة جريمة إخفاء الأشياء المتحصل عليها من السرقة

---------------------------
المصدر :
- دة.سعاد التيالي، محاضرة في القانون الجنائي الخاص تحت عنوان - جريمة إخفاء أشياء مسروقة، السداسية الرابعة - الفوج الأول، جامعة محمد بن عبد الله بفاش، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية - فاس - ظهر المهراز.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -