التنظيم الإداري المغربي

 عرض بعنوان: التنظيم الإداري المغربي "الإدارة المركزية" PDF

التنظيم الإداري المغربي "الإدارة المركزية" PDF

مقدمة :
تـتكون الإدارة الـمركـزیـة مـن أجھـزة تـتولـى الـتقریـر والـتوجـیه والـمراقـبة ، وأخـرى تـتولـى الإعداد والتنفیذ والمتابعة ، وتتكون أساسا من الملك والحكومة.

المطلب الأول :الملك 

یـحتل الـملك مـكانـة بـارزة فـي الإدارة الـمركـزیـة ویـمارس اخـتصاصـات واسـعة فـي عـلاقـته بـالسـلطات الـثلاثـة ، التشـریـعیة الـتنفیذیـة والـقضائـیة ،ویـعتبر أمـیر الـمؤمـنین وحـامـي حـمى الـملة والـدیـن...، وھـو رئـیس الـدولـة ومـمثلھا الأسـمى ورمـز وحـدة الأمـة وضـامـن دوام الـدولـة واسـتمرارھـا ، والـحكم الأسـمى بـین مـؤسـساتـھا ، یسھـر عـلى احـترام الـدسـتور وحـسن سـیر المؤسسات الدستوریة... ، طبقا للفصلین 41 و42 من الدستور.

الفرع الأول :اختصاصات الملك في الحالات العادیة

تتجـلى ھـذه الإخـتصاصـات فـي رئـاسـة المجـلس الـوزاري ومـمارسـة السـلطة الـتنظیمیة وفـي سلطة التعیین، واختصاصات أخرى في مجالات خاصة.

أولا: اختصاصات الملك في علاقته بالسلطة التشریعیة
یـمارس الـملك بھـذه الـمناسـبة اخـتصاصـات مـھمة بـالنسـبة لـلجھاز التشـریـعي، وھـو بھـذه الـمناسـبة یستطیع القیام بما یلي:
_ یـوجـه خـطابـا إلـى الأمـة والـبرلـمان ولایـمكن أن یـكون مـضمونـھ مـوضـوع أي نـقاش داخلھما(الفصل 52 من الدستور).
_ یـرأس الـملك افـتتاح الـدورة الأولـى لـلبرلـمان الـتي تـبتدأ فـي الجـمعة الـثانـیة مـن شھـر أكتوبر( الفصل 65 من الدستور).
_ لـلملك حـق حـل مجـلسي الـبرلـمان أو أحـدھـما بظھـیر طـبقا للشـروط الـمبینة فـي الـفصول 96 و97 و98 ( الفصل 51).
_ للملك أن یطلب من كلا المجلسین أن یقرأ قراءة جدیدة كل مشروع أو مقترح قانون.
تطلب القراءة الجدیدة بخطاب، ولا یمكن أن ترفض ھذه القراءة الجدیدة ( الفصل 95).
_ یـمكن لـلملك أن یـحیل الـقوانـین أو الاتـفاقـیات الـدولـیة ، قـبل إصـدار الأمـر بـتنفیذھـا أو قـبل المصادقة علیھا إلى المحكمة الدستوریة لتبث في مدى مطابقتھا للدستور ( الفصل132) _ لـلملك بـعد اسـتشارة رئـیس الـمحكمة الـدسـتوریـة أن یـعرض بظھـیر عـلى الـبرلـمان ، مشـروع مراجعة بعض مقتضیات الدستور (الفصل 174).
_ یـصدر الـملك الأمـر بـتنفیذ الـقانـون خـلال الـثلاثـین یـومـا الـتالـیة لإحـالـتھ إلـى الـحكومـة بـعد تـمام الموافقة علیه.

ثانیا: اختصاصات الملك في علاقته بالسلطة التنفیذیة
ینص الدستور المغربي على مجموعة من الاختصاصات كما یلي:
_ یـعین الـملك رئـیس الـحكومـة مـن الحـزب السـیاسـي الـذي تـصدر انـتخابـات أعـضاء مجـلس الـنواب وعـلى أسـاس نـتائـجھا، ویـعین أعـضاء الـحكومـة بـاقـتراح مـن رئـیسھا، ولـھ أن یـعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مھامھم ( الفصل47).
_ یـرأس الـملك المجـلس الـوزاري ، الـذي یـتألـف مـن رئـیس الـحكومـة والـوزراء(الـفصل 48)، وھو بھذا یشرف على الأمور التالیة قبل البث فیھا (الفصل 49 من الدستور):
_ التوجھات الإستراتیجیة لسیاسة الدولة.
_ مشاریع مراجعة الدستور ومشاریع القوانین التنظیمیة.
_ التوجھات العامة لمشروع قانون المالیة.
_ مشروع قانون العفو.
_ مشاریع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري.
_ إعلان حالة الحصار و إشھار الحرب.
_ الـتعیین فـي الـوظـائـف الـمدنـیة والـعسكریـة بـاقـتراح مـن رئـیس الـحكومـة ، وبـمبادرة مـن الوزیر المعني.
_ مشاریع القوانین الإطار المشار إلیھا في الفقرة الثانیة من الفصل 71 من الدستور.

ثالثا: اختصاصات الملك في علاقته بالسلطة القضائیة
وفي ھذه الحالة یمارس الملك الإختصاصات التالیة:
_ یرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائیة (الفصل 115)
_ یمارس حق العفو (الفصل 58).
_ تصدر الأحكام وتنفذ باسمه. (الفصل 124)
_ یـعین الـملك رئـیس الـمحكمة الـدسـتوریـة، وكـذلـك سـتة أعـضاء مـن بـین الإثـني عشـر عـضو االذین تتكون منھم المحكمة لمدة تسع سنوات (الفصل 130).
_ یوافق على تعیین القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائیة ( الفصل 57).

الفرع الثاني :اختصاصات الملك في الظروف الإستثنائیة

یـنص الـفصل 59 مـن الـدسـتور الـمغربـي عـلى مـایـلي : "إذا كـانـت حـوزة الـتراب الـوطـني مھـددة أو وقـع مـن الأحـداث مـا یـعرقـل السـیر الـعادي لـلمؤسـسات الـدسـتوریـة ، أمـكن لـلملك أن یـعلن حـالـة الإسـتثناء بظھـیر، بـعد اسـتشارة كـل مـن رئـیس الـحكومـة ، ورئـیس مجـلس الـنواب ورئـیس مجـلس المسـتشاریـن ورئـیس الـمحكمة الـدسـتوریـة وتـوجـیھ خـطاب إلـى الأمـة ،ویـخول الـملك بـذلـك صـلاحـیة اتـخاذ جـمیع الإجـراءات الـتي یـفرضـھا الـدفـاع عـن الـوحـدة الـترابـیة ، ویـقتضیھ االـرجـوع فـي أقـرب الآجـال إلـى السـیر الـعادي لـلمؤسـسات الـدسـتوریـة، لایحـل الـبرلـمان أثـناء مـمارسـة السـلطات الإسـتثنائـیة. تـبقى الحـریـات والـحقوق الأسـاسـیة الـمنصوص عـلیھا فـي الـدسـتور مـضمونـة ، وتـرفـع حـالـة الإسـتثناء بمجـرد انـتفاء الأسـباب الـتي دعـت إلـیھا ، وبـاتـخاذ الإجراءات الشكلیة المقررة لإعلانھا.
والـملاحـظ مـن خـلال ھـذا الـفصل أنـھ یـربـط إعـلان حـالـة الإسـتثناء بشـروط مـوضـوعـیة و أخـرى شكلیة بالإضافة إلى تحدید الغایة من ممارستھا والمیدان الذي تمارس فیه.

أولا: الشروط الموضوعیة
أن تـكون حـوزة الـتراب الـوطـني فـي حـالـة تھـدیـد، أو یـقع مـن الأحـداث مـا مـن شـأنـھ أن یـمس بسـیر الـمؤسـسات الـدسـتوریـة ،ویـتضح مـن خـلال مـنطوق الـفصل الـمنظم لـحالـة الإسـتثناء أن الـدسـتور لا یشـترط تـوفـر الشـرطـین مـعا، وإنـما یـكفي تـحقق شـرط واحـد لـكي یـقوم الـملك بـإعـلان حـالـة الاسـتثناء.وھـو الشـيء الـذي أبـانـت عـنھ الـممارسـة الـدسـتوریـة لـحالـة الاسـتثناء الـتي عـرفـھا الـمغرب مـرة واحـدة بـتاریـخ 08 یـونـیو 1965، والـتي كـانـت تسـتند إلـى الشـرط الـثانـي ، حـیث أن إعـلانـھا جـاء بـعد تـصدع الأغـلبیة الـمسانـدة لـلحكومـة، واسـتحالـة تـشكیل حـكومـة ائـتلافـیة، بـالإضـافـة إلـى الأحـداث الإجـتماعـیة الـتي عـرفـھا الـمغرب.(أحـداث الـدار الـبیضاء 1965).

ثانیا: الشروط الشكلیة
تــتمثل فــي اســتشارة كــل مــن رئــیس الــحكومــة ورئــیس مجــلس الــنواب ورئــیس مجــلس المسـتشاریـن ورئـیس الـمحكمة الـدسـتوریـة وتـوجـیھ خـطاب لـلأمـة، والإعـلان عـن حـالـة الإسـتثناء بظھـیر ، عـلما أن حـالـة الإسـتثناء الـتي عـرفـھا الـمغرب سـنة 1965 تـم الإعـلان عـنھا بـمرسـوم، لكون الملك كان یمارس اختصاصاتھ بمراسیم طبقا لدستور 1962.

ثالثا : المیدان الذي تمارس فیه السلطات الاستثنائیة
ھـو الـمجال الـعام لـكل مـن السـلطة التشـریـعیة والسـلطة الـتنظیمیة ، حـیث یحـل الـملك محـل الـحكومـة ویـقوم مـقام الـبرلـمان فـي مـمارسـة اخـتصاصـات السـلطتین مـعا، ولـلتنبیھ فـإن الـفصل 59 مـن الـدسـتور نـص صـراحـة عـلى أنـھ لا یحـل الـبرلـمان أثـناء حـالـة الاسـتثناء ، لـكن دون التنصیص على اجتماعھ وجوبا.

المطلب الثاني: الطبیعة القانونیة للقرارات الملكیة في المجال الإداري

إذا كـان الـملك یحـل محـل الـحكومـة فـي مـمارسـة السـلطة الـتنظیمیة عـند إعـلان حـالـة الإسـتثناء، بـالإضـافـة إلـى مجـموعـة مـن الإخـتصاصـات الـتي یـمنحھا لـھ الـدسـتور فـي الـحالات الـعادیـة، والـتي تـمكنھ مـن اتـخاذ مـقررات فـي مـجالات تـرجـع بـطبیعتھا إلـى السـلطة الإداریـة، سـلطة الـتعیین مـثلا، فـإن الـسؤال الـذي یـطرح بـإلـحاح ، ھـل یـعتبر الـملك سـلطة إداریـة حـینما یـصدر مـثل ھـذه الـقرارات، سـواء فـي شـكل ظھـیر أو مـرسـوم ؟ وھـل یـجوز الـطعن فـیھا بسـبب الشـطط فـي اسـتعمال السـلطة ؟ ولـلإجـابـة عـن الأسـئلة الـمطروحـة فـي ھـذا الـموضـوع، سـنبحث عـن موقف ورأي كل من الفقه والقضاء.

الفرع الأول: موقف المجلس الأعلى من قرارات الملك في المجال الإداري

ظـل المجـلس الأعـلى مـنذ بـدایـتھ یـجیب بـعدم اخـتصاصـھ بـالـنظر فـي الـطعون الـموجـھة ضـد الـظھائـر أو الـمراسـیم الـملكیة، وظـل مـتمسكا بھـذا الـموقـف بـدون تـغییر فـي الـجوھـر، بـاسـتثناء بعض التعلیلات التي یقدمھا لتبریر عدم اختصاصه.

وقـد صـرح فـي قـضیة عـبد الحـمید الـرونـدة بـأن الـطعن " لـیس مـوجـھا ضـد قـرار صـادر عـن سـلطة إداریـة ، وإنـما ضـد قـرار صـادر عـن الـملك فـي شـكل ظھـیر..."وقـضي بـعدم اخـتصاصـه بـالـنظر فـي ھـذه الـدعـاوي، لأنـھا غـیر صـادرة مـن سـلطة إداریـة طـبقا لـمنطوق الـفصل الأول مـن ظھـیر 27 شـتمبر1957 المحـدث للمجـلس الأعـلى، وفـي قـضیة رزقـي الـتیجانـي قـضى بـأنـه: لـیس مـختصا بـالـنظر فـي قـرار فـردي صـادر عـن الـملك ومتخـذ فـي شـكل ظھـیر"، وأكـد نفس القرار في قضیة عبد ﷲ بنسودة.
وإذا كـانـت الـقضایـا الـمطروحـة عـلى المجـلس الأعـلى قـبل دخـول دسـتور 1962حـیز الـتنفیذ، تـتمیز بـصعوبـة الـتمییز بـین الـظھائـر ذات الـطابـع التشـریـعي،وتـلك الـتي تكتسـي طـابـعا تـنظیمیا، فـالـملاحـظ أنـه رغـم تـوزیـع السـلط فـي الـدسـتور الجـدیـد ، إلا أنـه لـم یـؤثـر عـلى مـوقـف المجـلس الأعـلى أثـناء فـحصه لـلظھائـر الـملكیة ، بـل فـقط تـأثـیر فـي جـانـب الـتعلیل الـذي یـبني عـلیه عـدم اختصاصه.

وھـذا مـا عـكسه المجـلس الأعـلى فـي قـضیة الشـركـة الـفلاحـیة لـمزرعـة عـبد الـعزیـز بـتاریـخ 20 مـارس 1970، وكـان الـمرسـوم الـملكي الـمطعون فـیه یـتعلق بـمادة تـدخـل ضـمن مـجال السـلطة الـتنظیمیة والـتي مـارسـھا الـملك تـطبیقا لـحالـة الإسـتثناء، وقـد وقـع الـوزیـر الأول الـمرسـوم الملكي.

وبـعد أن ذكـرت الـغرفـة الإداریـة بـالـقواعـد الـتي تـحكم تـفویـض الـتوقـیع وبـینت نـتائـجھا الـقانـونـیة، قـررت بـأن الأمـر یـتعلق بـقرار صـادر عـن الـملك مـن الـناحـیة الـقانـونـیة، وحـیث إن الـملك الـذي یـمارس اخـتصاصـاتـه الـدسـتوریـة بـوصـفه أمـیر الـمؤمـنین طـبقا لـلفصل 19 مـن الـدسـتور، لایـمكن اعـتباره سـلطة إداریـة ، وأنـه مـادام الـقضاء مـن وظـائـف الإمـامـة ومـندرج فـي عـمومـھا، وأن لـلقاضـي نـیابـة عـن الإمـام، وأن الأحـكام تـصدر بـاسـم جـلالـته طـبقا لـلدسـتور، فـإن الـقرارات الـصادرة عـنه لا یـمكن الـتماس إعـادة الـنظر فـیھا ، إلا بـلجوء صـاحـب الـشأن إلـى جـلالـته عـلى سبیل الإستعطاف، طالما لم یفوض الدستور صراحة أمر البث في ذلك لغیره.

واسـتمر المجـلس الأعـلى فـي كـل قـراراتـھ الـلاحـقة اعـتبار الـملك سـلطة غـیر إداریـة ، مـؤكـد ااجتھاده الثابت بشأن الظھائر والمراسیم الملكیة.
وقـد أثـارت ھـذه الأحـكام نـقاشـا بـین فـقھاء الـقانـون، فـمنھم مـن ذھـب إلـى رفـض مـوقـف الـغرفـة الإداریة، بینما ذھب اتجاه آخر إلى تأیید ھذا الموقف.

أولا: الموقف الفقھي المؤید للمجلس الأعلى
ذھـب ھـؤلاء إلـى تـأیـید مـوقـف الـغرفـة الإداریـة ، ومـع ذلـك فـھم یـؤاخـذون عـلیه الـتعلیل الـذي اعـتمده لـتأسـیس رأیـھا،فـعبد الـعزیـز بـن جـلون یـرى أن الـملك یـعتبر أكـثر مـن سـلطة إداریـة، فـھو الـممثل الأسـمى لـلأمـة ، وبھـذه الـصفة یـعتبر الـقاضـي الأعـلى الـذي یسھـر عـلى جـمیع السـلطات ، وخـاصـة السـلطة الـقضائـیة، الـتي تسـتمد اخـتصاصـھا مـنه عـن طـریـق الـتفویـض، ومن ثم لا یمكنھا مراقبة القاضي الأعلى،الذي ھو الملك.

وفـي نـفس السـیاق ذھـبت الأسـتاذة مـلیكة الـصروخ بـالـقول بـأنـھا لا تـؤیـد المجـلس الأعـلى فـیم اذھـب إلـیه بـالنسـبة لـلجانـب الـمتعلق بـعدم اعـتبار الـمراسـیم الـتنظیمیة والـقرارات الـفردیـة الـصادرة عـن الـملك مـن قـبیل الأعـمال الإداریـة. فھـي تـعتبر إداریـة بـطبیعتھا، رغـم أن المجـل سالأعـلى نـفى عـنھا ھـذه الـصفة لإبـعادھـا عـن رقـابـتھ،لـكونـھا مـحصنة، والـحصانـة ھـنا لیسـت مـرادفـة لـلامشـروعـیة، بـل إنـھ لا یـعقل أن تـراقـب سـلطة أدنـى أعـمال سـلطة أعـلى مـنھا، وإنـم ایـنبغي أن نـتصور الـعكس ، فـالـملك یـعتبر أعـلى سـلطة فـي الـبلاد الـتي ھـي فـي حـد ذاتـھا رقـیب عـلى المشـروعـیة بـدلـیل أن الـدسـتور یـنص عـلى أن الـملك ھـو الـساھـر عـلى احـترام الـدسـتور، ولـه صـیانـة حـقوق وحـریـات الـمواطـنین والجـماعـات والھـیئات ، فـھو أولـى بـضمان الـعدالـ ةلرعایاه وأشد حرصا على حقوق المواطنین والحریات العامة.

ثانیا: الموقف الفقھي المعارض للمجلس الأعلى
مـن الـمعارضـین لـموقـف المجـلس الأعـلى الـفقیھ الـفرنسـي میشـیل روسـي، الـذي یـرى أنـه عـندمـا تـم تـطبیق نـظریـة الإمـامـة الـتقلیدیـة تـكون قـد الـغرفـة الإداریـة قـد خـالـفت تـأكـید الـدسـتور عـلى مـبد أاسـتقلال السـلطة الـقضائـیة، وعـند رفـضھا مـراقـبة الـقرارات الـملكیة تـكون قـد وجھـت ضـربـة قـاضـیة لـنظام الـرقـابـة الـقضائـیة ، فـي وقـت تـتجھ فـیھ الـدول الـلبرالـیة إلـى التخـلص مـن وسـائـل الـرقـابـة الـتقلیدیـة لإدخـال شـكلیات جـدیـدة مـن شـأنـھا تـدعـیم وضـمان حـقوق الأفـراد وحـریـاتـھم مـع ضـمان السـیر الـعادي لـلإدارة الـعمومـیة.وانتھـى إلـى إفـراغ مـؤسـسة المجـلس الأعـلى مـن محتواھا یعطي عنھا صورة مشوھة، ویمنعھا من بلوغ الھدف الذي تتواخاه.

ثالثا : موقف القضاء الإداري من القرارات الملكیة في ظل دستور 2011
بـعد دخـول الـدسـتور حـیز الـتنفیذ ، اعـتقد الـعدیـد مـن الـباحـثین فـي مـجال الـقانـون والـقضاء الإداریـین أن الـقرارات الـملكیة سـتخضع لـمراقـبة المشـروعـیة شـأنـھا شـأن بـاقـي الـقرارات الـصادرة عـن السـلطات الإداریـة، طـالـما أن الـفقرة الـفقرة الـثانـیة مـن الـفصل 118 مـن دسـتور 2011 جـاءت بـصفة مـطلقة كـما یـلي: " كـل قـرار اتخـذ فـي الـمجال الإداري سـواء كـان تـنظیمیا أو فـردیـا یـمكن الـطعن فـیه أمـام الھـیئة الـقضائـیة الـمختصة"، لـكن الإجـتھاد الـقضائـي سـواء فـي مسـتواه الأدنـى، الـمحكمة الإداریـة، أو عـلى مسـتوى الـغرفـة الإداریـة بـمحكمة الـنقض، جـاء عـكس مـنطوق الـفصل الـمشار إلـیھ سـلفا مـن الـدسـتور، وعـكس كـذلـك قـراءات بـعض الـباحـثین فـي مـجال الـقانـون والـقضاء الإداریـین، حـیث ذھـبت الـمحكمة الإداریـة بـالـربـاط فـي حـكم رقـم (3233 بـتاریـخ 16 سـبتمبر 2016، مـلف رقـم 5436-7110-2016،) إلـى الـحكم بـما یـلي" الـقرارات الـملكیة لاتـقبل الـطعن بـالإلـغاء ولایـنال مـن ذلـك مـانـص عـلیھ الـفصل 118 مـن الـدسـتور بـخصوص قـابـلیة الـقرارات الـتنظیمیة والـفردیـة المتخـذة فـي الـمجال الإداري لـلطعن أمـام الـجھات الـقضائـیة الـمختصة مـادامـت لاتـنزل مـنزلـة ھـذا الـمجال الإداري الـصرف..." وفـي نـفس الإتـجاه ذھـبت الـغرفـة الإداریـة بـمحكمة الـنقض فـي قـرارھـا (رقــم 74/1 بــتاریــخ 19 یــنایــر 2017، مــلف إداري رقــم 1/2015/676/4 )،حــینما اعـتبرت أن الظھـیر الشـریـف غـیر قـابـل لـلطعن لأنـه غـیر صـادر عـن سـلطة إداریـة بـمفھو مالمادة 08 من القانون المحدث للمحاكم الإداریة.

من خلال الإجتھاد القضائي المشار إلیه سلفا، یتبین أن الغرفة الإداریة بمحكمة النقض لم تكلف نفسھا عناء الإجتھاد، بل فضلت إبقاءھا على الإجتھاد الذي أقره المجلس الأعلى منذ أول طعن فحصھ بخصوص الطبیعة القانونیة للقرارات الملكیة في المجال الإداري ، رغم وضوح الفقرة الثانیة من الفصل 118 من الدستور ،بخصوص شمولھا لجمیع القرارات الفردیة والتنظیمیة.

---------------------------
المصدر :
د.فاروق البضموصي: محاضرة في مادة التنظيم الإداري بعنوان الإدارة المركزية - السداسية الثانية - الفوج الأول، جامعة محمد بن عبد الله بفاش، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية - فاس - ظهر المهراز.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -