تطور البنية الإدارية لشركة المساهمة

 عرض بعنوان: تطور البنية الإدارية لشركة المساهمة PDF

تطور البنية الإدارية لشركة المساهمة PDF

1-تاطير الموضوع :
إن عقد الشركة ، بالنسبة لرجال القانون ، يعتبر ميكانيزما قديما، حيث كان يشكل علاقة بين مجموعة من التجار تجمعهم علاقة تضامنية fraternitatis وز قد لا يتم تحديد رأسمال معين؟ ؛ إذ كانت السيادة للاعتبار الشخصي دون فصل للذمم المالية .

فظل هذا الاعتبار الشخصي عائقا أمام التنمية الاقتصادية 5، إلى أن ظهر للوجود كيان قانوني قائم مستقل عن شخص الشركاء و له ذمة مالية مستقلة عنهم ، كان نتاج إبداع مفكري عصر الأنوار بتخيل وجود شخص معنوي fictive personne une مواز للشخص الطبيعى سواء في القانون العام أو في القانون الخاص على حد سيان؛ فبرزت الدولة كشخص معنوي عام ثم مؤسسات الدولة الأخرى بما فيها الوزارات و المؤسسات العامة ، ثم الشركة كشخص معنوي خاص بما فيها شركة المساهة كأهم شركة يسود فيها الاعتبار المالي و تضطلع بدور محوري في النسق الاقتصادي للدول .

شكل ميلاد الشركة بالأسهم حدثا قانونيا هاما لا يمكن مقارنته إلا بالاختراعات العلمية التي غيرت شكل حياة الانسان؟، لذلك يقف Ripert عند هذا الأمر بقوله :"لا شيء "6 :
يذهب شأوا أبعد من ذلك بتأكيده على أهم من هذا الحدث لفهم النظام الرأسمالي ، ثم أنه:"ما كانت الرأسمالية الحديثة لتتطور إلا بنشأة الشركات بالأسهم " .

فلم يعد القانون التجاري ينظم فقط طائفة التجار ، بل برز فاعل جديد يكتسي الصفة التجارية دون أن تضفى للأشخاص الممثلين لها ، وذلك لطغيان الجانب المالي على الجانب الشخصي 8 ، فأضحى "عالم التجارة بلا تجار"9.
فغدت تسمية القانون التجاري متجاوزة ، فتم استبدالها بقانون الأعمال الذي يعنى بتنظيم المقولة و محيطها ، سواء التفاعلات الداخلية بها أو التفاعلات مع الفاعلين اللاخرين خارجها .

دون أن نغفل الأشكال الجديدة التي أصبحت الدولة تظهر من خلالها لضبط الأسواق بمختلف القطاعات الاقتصادية ، مما دفع الفقه الفرنسى إلى نحت تسمية جديدة تجمع بين التنظيم القانوني للفاعلين الاقتصاديين و كذا لتدخلها الجديد في هذا القطاع تحت مسمى"القانون الاقتصادي ..10

غير أن الذي يعنينا هنا هو الفاعل الاقتصادي المتجلي في شركة المساهمة ، التي أخضعها المشرع لنظام قانوني خاصة من حيث هيكلتها الإدارية ، رغبة منه في خلق دينامية داخلها و تعزيزا للشفافية و ضمانا لاستمراريتها .

2-تاصيل الموضوع :
تنقسم الشركات بالأسهم إلى نوعين: شركات المساهمة  ، ثم إلى شركات التوصية بالأسهم.
يثور السؤال، بدءا، في القصد من تسمية «anonymes sociétés» ، حيث يتبادر للذهن من خلال الصياغة أنها تقصد كون المساهمين مجهولة هويتهم ، و الحال أنها تكون معلومة . لكن القصد من وراء هاته التسمية هو أن المساهم يختفي وراء الأسهم التى له كحصة في شركة ، فشركة المساهمة وسيلة لجمع رؤوس أموال لغاية خلق نشاط 11 . المساهم ، إذا ، صناعي أو تجاري ، و يتحمل الأشخاص المسؤولية في حدود أسهمهم.
بتعبير أحد الفقه الفرنسي ، في طبيعته ينضم لشركة المساهمة ليحصل على المال لا لأن يطلب منه المال، كما لا يحبذ أيضا المشاركة في أمور التسيير اليومية و هو الأمر الذي دفع المشرع الفرنسي إلى تعريف الشركة انطلاقا من مفهوم رأس ، حيث تنص المادة L225 1 من مدونة التجارة على أن" شركة المساهمة هى  الشركة التي يقسم رأسمالها إلى أسهم..."13، ينص كذلك المشرع المغربي في المادة 1 من القانون رقم 17.95 على مفهوم رأس المال في شركة المساهمة ، غير أنه لم ينطلق من رأس المال لتعريف شركة المساهمة كما فعل المشرع الفرنسي . فهذا مقتضى هام لا يعرف الشركة بالعقد بل ينطلق من عنصر المال لتعريف مؤسسة لا من الرابطة القانونية .

إن لرأس المال وظيفتين : الأولى ، تجاه الأغيار حيث يشكل ضمانا لديونهم . و الثانية ، بالنسبة للمساهمين ، إذ يمكن من تنظيم توزيع السلط داخل الشركة؟ ، ففكرة الديمقراطية في شركة المساهمة تعتبر تابعة لملكية رأس المال؟ ، فينتج عن ذلك أن حق بحسب عدد الأسهم لكل شخص تحدد نسبة التصويت لا يرتبط بعدد الأشخاص بل التصويت .

انطلاقا من هذا الاعتبار المالي أحاط المشرع شركة المساهة بنظام قانوني ، يبين الأجهزة الإدارية التي تضطلع بمهمة التسيير و التدبير ، لحماية رأس المال . مما حدا منذ النصف الأول من القرن العشرين بتشبيه النظام الإداري لشركة بالفقه الفرنسي
المساهمة بالدولة الديمقراطية»
فتم تنظيم شركة المساهمة لأول مرة في القانون التجاري الفرنسي لسنة 1807 ، أما في التشريع المغربي فبمقتضى ظهير 1922 الذي كان يكتفى بالإحالة فيما يتعلق بتنظيم هذه الشركة على القانون الفرنسي لسنة 24 يوليوز 1867.
فتوالت التعديلات في التشريع الفرنسي ، لاعتبار شركة المساهة ذات تنظيم مركب يعنى بالشركات المهمة في الدولة . فظلت هاته التعديلات تتراوح بين موقفين تنطلق منهما؛ حيث يرى الموقف الأول أن التدبير و التسيير يجب أن يمنحا لجهة واحدة ، ذلك لضبط
المسؤولية . أما الموقف الثاني ، فيفصل بين التدبير و التسيير ، ثم يدافع على أن تكون جماعية فاستقر القانون الفرنسي في 24 يوليوز 1966 على منح الاختيار للمساهمين بين النظامين التاليين .
نظام كلاسيكي الذي يدبر الشركة من خلال مجلس للإدارة ، أما التسيير اليوم فهو إما للرئيس أو للمدير العام . نظام حديث ، أخذه من القانون الألمانى ، حيث نجد مجلس إدارة جماعي Direction collégiale، ثم مجلس رقابة هو أيضا جماعي في تشكيلته collégial aussi lui.

و هو نفس الأمر الذي أخذ به المشرع المغربى بمقتضى القانون 17.95 الصادر فى 30 غشت 1996. لكن ما لبت المشرع الفرنسي أن أدخل تعديلا في 15 ماي 2001 حتى تبعه في ذلك المشرع المغربي بمقتضى قانون 20.05 الصادر في 23 ماي 2008؛ هذا التعديل أدخل فيه المشرع الفرنسي تعديلا على النظام الكلاسيكى بإتاحة امكانية الفصل بين منصبي رئيس مجلس الإدارة و المدير العامة كما أن المشرع حدد كيفية تعيين كل عضو في هاته الهيئات و كيفية عزلهم ، بالإضافة لمحاولة ضبط أهم التفاعلات بين الأجهزة الإدارية لتقوم بعملها في تناسق و اتساق لتحقيق استمرارية الشركة و ضمان فعاليتها في الحياة الاقتصادية للدولة .

3- أهمية الموضوع و إشكاليته :
يكتسي موضوع دراستنا أهمية بالغة ؛ فمن الناحية النظرية ، تتبدى في إبراز أهم التفاعلات بين الأجهزة الإدارية لشركة المساهمة من خلال الوقوف عند النصوص القانونية ، حيث سنحاول الإحاطة بهذا التنظيم المنظمة للاختصاصات و طرق التعيين و العزل المركب . أما من الناحية العملية ، فالأهمية تبرز في محاولة الوقوف عند التوازن الذي سعى المشرع لخلقه بين الأجهزة .

دون أن نغفل أننا سنحصر موضوعنا في الأجهزة الإدارية لشركات المساهمة غير المسعرة ، ذلك لضبط الموضوع أكثر خاصة أن الشركات المسعرة ترتبط بالسوق المالية ، إذ لها خصوصية على مستوى الهيكلة تنسجم بسوق البورصة .

من خلال كل ما تقدم يمكننا يتضح أن التشريعات المقارنة و التشريع المغربي تبنت نظامين اثنين لتخويل الفاعلين حرية الاختيار بينهما، وجعل خيار النظام الجماعي فى التدبير وسيلة لتداول قرارات الشركة بإخراجها من القرار الفردي المهيمن ؛ فهل استطاع المشرع من خلال التطورات الحاصلة على البنية الادارية ، خلق نظام يضبط التفاعلات بين الأجهزة لغاية تطوير تسيير و تدبير شركات المساهمة ؟
من خلال الإشكال يرتسم أمامنا التصميم التالي :

المبحث الأول : تطور الاجهزة المسيرة لشركة المساهمة
المبحث الثاني : تطور الاجهزة المراقبة لشركة المساهمة

---------------------------
لائحة المراجع :

الكتب:
• أحمد شكري السباعي، الوسيط في قانون الشركات و المجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الرابع، طبعة 2013، دار النشر: المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة- الرباط.
• عز الدين بنستي، الشركات في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2014.
• فواد معلال: شرح القانون التجاري المغربي الجديد، الجزء الثاني دار الافاق المغربية للنشر والتوزيع مطبعة الأمنية الرباط
• علال فالي : الشركات التجارية، الجزء الأول : المقتضيات العامة ، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2016.

الرسائل و الأطروحات:
• محمد السماحى، إدارة شركة المساهمة في القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. الرباط، السنة الجامعية: 1974-1973.
• محمد باسماعيل، النظام القانوني لادارة شركة المساهمة، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة قاصدي مرباح ورقلة - الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية:2015-2014.
• عمر حمزة، جديد الادارة والتسيير في شركات المساهمة وفق قانون 17-95، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس - السويسي.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -