عرض بعنوان: عيب الإنحراف في استعمال السلطة PDF
مقدمة :
تكتسي عملية الرقابة القضائية على أعمال الإدارة أهمية بالغة في إرساء دولة القانون ، لكونها تهدف إلى تحقيق التوازن بين ضرورة سير المرافق العامة في الدولة بكامل صلاحياتها وسلطاتها ، وضرورة حمية حقوق الأفراد وحرياتهم من وطأة انحراف الإدارة في استعمال ما خول لها المشرع من سلطة ، فتتمثل بذلك الرقابة القضائية على أعمال الإدارة المختلفة أهم ضمانة لحماية مبدأ المشروعية ، الذي يقصد به خضوع جميع أعمال الإدارة إلى القواعد القانونية المكرسة في الدولة ، فلا يصوغ للإدارة من الإدارات ان تمارس اختصاصا معينا على الوجه الذي يخالف نصا دستوريا أو تشريعيا ، وبهذا المفهوم نجد بأن مبدأ المشروعية ليس تطبيقا لتدرج القوانين في الدولة الحديثة .
وتعتبر القرارات الإدارية أهم وسيلة في يد الإدارة لممارسة مختلف اختصاصاتها ، ومن نم كان لزاما على الرقابة القضائية أن تشمل هذه الوسيلة الحساسة ، لضمان مشروعيتها والتأكد من توخيها للمصلحة العامة ، وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت تلك الرقابة محيطة بجميع أركان القرار الإداري ، من اختصاص ، وشكل وإجراءات ، ومحل وسبب وغاية ، أما إذا انحصرت في بعض الأركان دون غيرها فلن تكون إلا مظهرا خاليا من كل مضمون وشعارا تتغنى به الدولة لتدرج في مصاف الدول التي تحترم الحقوق والحريات . تمثل دعوى الإلغاء جوهر الرقابة القضائية على قرارات الإدارة ، فبواسطتها يراقب القاضي مشروعية القرار الإداري ، ومدى اتجاهه نحو تحقيق المصلحة العامة ، فإذا تبين له بأنه مشوب بعيب ما في أحد أركانه فإنه يقضي بإلغائه نتيجة لذلك ، وتأسيسا على هذا فإن دعوى الإلغاء تعد من الدعاوى الموضوعية فهي تهدف إلى جانب حماية حقوق الأفراد حماية مبدا المشروعية ، ومن تم إلى تحقيق المصلحة العامة مهمة تتمثل في وجود إدارة رشيدة تمارس اختصاصاتها وفقا للقانون ، دون أن تنحرف في استعمال سلطتها .
وتؤسس دعوى الإلغاء على أحد العيوب التي تشوب القرار الإداري ، وهي العيوب التي ترتبط دائما بأركانه ، وعلى هذا الأساس يجد القاضي الإداري نفسه ملزما بمعرفة الكيفية التي توجد عليها هذه العيوب ، ثم معرفة كيفية كشفها والتأكد من قيامها ، ولن يتاح له هذا إلا
إذا كان خبيرا بأركان القرار الإداري في حد ذاته .
ويتمحور موضوع عرضنا حول عيب من أحد عيوب هذا القرار ألا وهو عيب الانحراف في استعمال السلطة، حيث عرفه العديد من فقهاء القانون الإداري بأنه استخدام سلطة إدارية سلطتها في سبيل هدف غير الهدف الذي من أجله أعطيت هذه السلطة.
كما عرفه اخرون بقولهم " يوجد انحراف بالسلطة عندما تستخدم الإدارة اختصاصاتها من أجل غرض غير المصلحة العامة ، سواء كان هذا الغرض مصلحة أو هدف سياسي ، ويوجد كذلك انحراف بالسلطة عندما تتخذ جهة الإدارة قرارا من أجل هدف يتعلق بالمصلحة العامة ، ولكنه أجنبي عن الهدف الذي حدده التشريع الذي تدعي الإدارة تطبيقه " (3)
ويكتسي عيب الانحراف في استعمال السلطة أهمية بالغة في الرقابة على السلطة التقديرية للإدارة فهي السلطة التي تحاط عملية ممارستها بخطورة كبيرة بالنظر إلى ما يمكن أن يترتب عنها من تعسف وانحراف ، ولهذا تلعب الرقابة القضائية عن طريق إعمال عيب الانحراف في استعمال السلطة دورا هاما في ضمان اتجاه القرار الإداري الصادر في إطار السلطة التقديرية للإدارة نحو تحقيق المصلحة العامة .
وبناءا على كل ما سبق يمكن صياغة الإشكالية التالية :
ما هي أوجه قيام عيب الانحراف في استعمال السلطة وما مدى رقابة القضاء الإداري عليها ؟
إجابة على هذه الإشكالية سنعتمد على المنهج الوصفي التحليلي ، مع التركيز على أهم التطبيقات القضائية التي تبنى القاضي الإداري فيها عيب الانحراف في استعمال السلطة، معتمدين في سبيل ذلك على التصميم التالي :
المبحث الأول: قيام عيب الإنحراف في استعمال السلطة أمام القضاء الإداري
المبحث الثااني: تطبيقات القضاء الإداري على عيب الإنحراف في استعمال السلطة
---------------------------
لائحة المراجع :