شرط الأجل في دعوى الإلغاء

 مقال بعنوان : شرط الأجل في دعوى الإلغاء

شرط الأجل في دعوى الإلغاء

مقدمة : 
تشكل دعوى الإلغاء وسيلة من وسائل الرقابة القضائية على مشروعية القرارات الإدارية، و تكمن الغاية منها في حماية حقوق و حريات الافراد من خلال إلغاء القرارات الإدارية الغير الصحيحة . ذلك أن دعوى الإلغاء هي دعوى قضائية في طبيعتها وخصائصها ترفع للمطالبة بإعدام قرار إداري صدر مخالفا للقانون[1] كصدوره عن جهة غير مختصة أو عدم توفر شرط شكلي أوجبه القانون أو الانحراف عن المصلحة العامة أو لغياب سبب بني عليه القرار أو لخلل اعترض محل القرار. 
إلا أن مخاصمة القرار الاداري أمام القضاء الإداري والعودة به إلى نطاق الشرعية لايكفي فقط توفر أحد العيوب السابقة الذكر ، وإنما يجب بالإضافة إلى ذلك أن يحترم الطاعن في القرار الشروط الشكلية التي أوجبها القانون لرفع دعوى الإلغاء ،وهي شروط متعلقة برافع الدعوى و أخرى مرتبطة بالقرار المطعون فيه بالإلغاء و كذلك شروط متعلقة بالمسطرة و الشكليات و الآجال ، إضافة إلى شرط انعدام الدعوى الموازية و إذا لم تتوفر هذه الشروط كاملة حكم القاضي بعدم قبول الدعوى شكلا دون أن ينظر في موضوعها. 
ويعتبر شرط الاجل من اهم الشروط الشكلية في دعوى الالغاء، ويقصد به المدة الزمنية المحددة قانونا لتقديم الطعن أمام القضاء تحت طائلة عدم القبول. فمدة الطعن بالإلغاء لا يمكن للأطراف الاتفاق على تعديلها، كما لا يمكن للقاضي أن يعمل سلطته التقديرية بتمديد مدة الطعن أو تقصيره أو وقفه الا بشروط حددها القانون لارتباط هذا الشرط بالنظام العام، وغاية المشرع في ذلك استقرار المعاملات الإدارية وحماية الحقوق المكتسبة. 
و لقد عمل المشرع المغربي على تحديد هذا الأجل في مجموعة من النصوص القانونية المتفرقة في ستين يوما وحرص على تقصير المدة أو إطالتها في بعض الحالات لكن يبقى الأساس الذي يتوقف عليه حساب المدة هو تاريخ نشر القرار المطعون فيه أو إعلانه أو تبليغه. 
من هذا المنطلق و بالنظر لأهمية الموضوع يمكن طرح الاشكالية التالية: 
كيف يبدأ سريان ميعاد الطعن؟ وما هي الأسباب التي تؤدي إلى وقف وانقطاع ميعاد الطعن؟ 
للإجابة عن هذه الإشكالية ، سنعرض لدراسة النشر والإعلان والتبليغ والعلم اليقيني المؤدين إلى بدء سريان المدة في المبحث الأول على أن نناقش في المبحث الثاني أسباب امتداد آجال الطعن وآثار انقضائه. 

التصميم المعتمد 

المبحث الأول : بدء سريان أجال الطعن بالإلغاء 
المطلب الأول : النشر 
المطلب الثاني : التبليغ والعلم اليقيني 
المبحث الثاني : امتداد أجال الطعن بالإلغاء وآثار انقضائها 
المطلب الأول : امتداد آجال الطعن 
المطلب الثاني : انقضاء آجال الطعن 


المبحث الأول: بدء سريان آجال الطعن 

إن أهمية النشر والإعلان والتبليغ تتمثل في تحديد دخول المقرر الإداري التنفيذي حيز التنفيذ، إضافة إلى أن أجل الطعن لا يبتدئ إلا من الفترة التي يخبر فيها الطاعن بمحتوى القرار الإداري التنفيذي، وإغفال هذه القاعدة يرتب المسؤولية الكاملة للإدارة. 
وعليه فإن عبء الإثبات (النشر والتبليغ) الذي يبدأ به مدة الطعن يقع على عاتق السلطة الإدارية وذلك تجنيبا للصعوبات التي يمكن أن تحدث عن تبليغ وهمي لم يتم إطلاقا.[2]
ولما كان من شأن تنفيذ القرارات الإدارية التأثير في حقوق الأفراد ومراكزهم القانونية، فمن اللازم أن يخبروا بها حسبما نص عليه القانون كالنشر والتبليغ والإعلان، أو كل الوسائل الممكنة. 

المطلب الأول: النشر 

النشر هو اتباع الإدارة شكليات معينة لكي يعلم الجمهور بالقرار،[3] وقد نص الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية على أنه: " يجب مع مراعاة مقتضيات الفقرة التالية من هذا الفصل أن تقدم طلبات إلغاء مقررات السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة داخل أجل ستين يوما من يوم نشر أو تبليغ المقرر المطعون فيه." كما تنص المادة 23 من قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية على أنه: " يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة داخل أجل ستين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر". 
والنشر في الجريد الرسمية ليس هو النشر في الجرائد الوطنية[4]، ولو أنها تصدر عن جهات رسمية أو حتى في الإذاعة والتلفزيون الحكومي، لأن القاعدة أنه إذا نص القانون على وسيلة معينة للنشر فيلزم اتباعها، كأن يضيف إلى ضرورة النشر في الجريدة الرسمية نشر القرار في الجرائد الوطنية أو المحلية، وبالتالي لا يعتد بالنشر في الجريدة الرسمية وحدها ( خاصة وأن حدود انتشارها غير واسع وغير متاح للجميع أحيانا وبالتالي لا تؤدي مهمتها الإخبارية للقرار. 
وإذا نص القانون على وجوب تبليغ صاحب الشأن مثلا، فإن نشر إعلان القرار بالجريدة الرسمية يكون غير جائز ولا يبدأ ميعاد الطعن إلا بعد التبليغ الشخصي. 
وليؤدي النشر مهمته على أحسن وجه، ينبغي أن ينشر القرار الأشياء الجوهرية حتى يتسنى لذوي المصلحة الإلمام بمحتوياته، لأن الاحتجاج لا ينبغي أن يتجاوز القدر المنشور، ولأن نشر جزء منه يحمل الإدارة كافة النتائج السلبية لهذا النشر المبتور، وبالتالي لا يمكن أن يحتج به قبل تاريخ نشره، ولذلك تسقط قاعدة سريان الأجل القانوني.[5]
وبالتالي يلزم أن توضح الإدارة العناصر الجوهرية في القرار[6]، وإن اقتضى القانون إضافة ملحقاته، وكل إغفال لهذه الشكليات قد يرتب إلغاء القرار ولا يحتج بعدم نشرها، إذ لا بد أن يكون النشر كافيا لأن يكشف عن فحوى القرار بكامله بحيث يتمكن صاحب المصلحة أن يحيط به بصورة تامة ويلم به إلماما كاملا، أما إذا نشر فقط ملخص القرار بعبارات خالية من أي مضمون لا تتيح تقدير مدى المساس بمصلحة المعني أو النيل من مركزه القانوني فإن النشر لا يعتد به في حساب ميعاد رفع الدعوى. 

المطلب الثاني: التبليغ والعلم اليقيني 

الفقرة الأولى: التبليغ 
يقصد بوسيلة التبليغ إخبار الأشخاص بصفة شخصية بالقرارات الفردية التنفيذية المتخذة ضدهم من قبل السلطات الإدارية،[7]
والثابت أن التبليغ يجب أن يكون تاما وبالقرار كاملا (تتضمن جميع مقومات القرار الإداري) حتى يؤدي إلى علم صاحب الشأن بمحتوياته وأسبابه، وأن يوجه إلى المعني به شخصيا أومن ينوب عنه إذا كان ناقص الأهلية. 
والتبليغ ليعتد به يجب أن يكون قانونيا، وهذا ما ذهبت إليه الغرفة الإدارية في قرارها 257 الصادر في 27 يوليوز 1979:" سواء كان تبليغا للقرارات الفردية أو القرارات الجماعية المتعلقة بعدد محدود من الأشخاص معروفة أسماؤهم وعناوينهم أو يمكن التعرف عليهم، فإن أجل الطعن فيها لا يبتدئ إلا من يوم تبليغ القرار لمن يهمه الأمر تبليغا قانونيا.. "[8]
والإدارة إذا لم تدل بما يثبت التبليغ فإن دفعها غير جدير بالاعتبار، وبالتالي لا يبدأ أجل سريان الطعن، وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية بتاريخ 20 مارس 1970، في ملف ورثة إميل كاسانكا: " أن الإدارة لم تدل بأية وثيقة تفيد أن الطاعن قد بلغ بالقرار المطعون فيه في تاريخ معين". 
والقضاء يرفض الدعوى على عنصر إثبات التبليغ بكامل عناصر القرار حيث أوضحت الغرفة الإدارية: " أن التبليغ لا يكون صحيحا ومنتجا لآثاره القانونية إلا إذا كان مصحوبا بنسخة من المقرر المذكور كأسبابه والنصوص القانونية والتنظيمية المعتمدة، وذلك بدون لبس ولا غموض، أي أنه يجب أن تكون البيانات المضمنة في التبليغ تامة ومطابقة لمضمون المقرر المراد تبليغه وذلك حتى يتأتى للمعني بالأمر ممارسة حقه في تقديم دعوى الإلغاء..." 
وتعتبر أحكام التبليغ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية الشريعة العامة في جميع التبليغات الإدارية والقضائية وهذا ما أكدته إدارية الرباط في حكمها رقم 312 بتاريخ 23/02/2006 في ملف رقم 323/1/04. 
كما ورد حكم المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 28/4/2009 بين السيد حوري محمد وبين المطلوبة في الإلغاء الدولة المغربية وشخص الوزير الأول وإدارة الدفاع في شخص مديرها إذ جاء في حيثيات هذا الحكم "وحيث أنه يروم الطلب استصدار حكم بإلغاء قرار اللجنة المكلفة بالإعفاء الصادر بتاريخ 4/6/2004 مع الحكم بإجراء خبرة طبية، تأسيسا على عدم مشروعية القرار. 
لكن حيث من خلال القانون رقم 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية لكل متضرر من قرار إداري أن يطعن فيه أمام المحكمة الإدارية المختصة محليا، فإنه اشترط في ذلك أن يخدم هذا الطعن داخل أجل 60 يوما م تاريخ التوصل بالقرار المطعون فيه، ومن تاريخ الجواب عن الالتزام في حالة تقديم طعنه داخل أجل 60 يوما الموالية للأجل المذكور. 
وحيث إنه بالرجوع إلى نازلة الحال وبعد تصفح المحكمة لوثائق الملف، ومستنداته اتضح لها أن القرار الطعين صدر بتاريخ 9/6/2004 في حين أن الطاعن لم يخدم دعواه إلا بتاريخ 21/11/2008 أي بعد مضي أكثر من ثلث سنوات، وبالتالي يكون الطلب قدم خارج الأجل القانوني المنصوص عليه في المادة 23 من قانون 90.41".[9]
وكما هو الحال بالنسبة للنشر، يجب أن يكون التبليغ مؤديا إلى العلم التام بمحتوى القرار وأسبابه إذا كان الإعلان عن هذه الأسباب لازما.[10]
وهكذا فالقرارات التنظيمية تنشر في الجريدة الرسمية ويبتدئ الطعن من تاريخ النشر وهو أجل 60 يوما، لكن هنالك استثناء وهو أن القرارات الفردية تنشر في الجريدة الرسمية كقرار معادلة الشواهد ولكن يبتدئ الطعن من تاريخ التبليغ بذلك القرار عندها يحتسب أجل 60 يوما.[11]

الفقرة الثانية: العلم اليقيني
إذا كان النشر والإعلان والتبليغ هي وسائل أقرها القانون ليعلم المعني بالقرار التنفيذي بمضمونه فقد يحدث أن يعلم الفرد بالقرار الصادر في حقه وحصول الغاية التي توخاها المشرع لكن دون النشر والتبليغ، ومن هنا اعتمد الاجتهاد القضائي نظرية العلم اليقيني، أي علم المعني بالقرار الإداري يقينا ومؤكدا وليس افتراضيا أو احتماليا بمضمون القرار... قبل تبليغه أو نشره.[12]
إلا أن العلم اليقيني الذي يعتد به لسريان ميعاد الطعن بالإلغاء، هو العلم الذي يشمل جميع عناصر القرار المطلوب إلغاؤه، كتاريخه وفحواه وأسبابه ، حتى يتأتى لصاحبه أن يحدد مركزه القانوني الذي أثر فيه القرار، وأن يستعمل حقه في الدفاع عنه إداريا وقضائيا.[13]
والنظرية من إبداع مجلس الدولة الفرنسي وأخذها عنه القضاء الإداري المغربي من خلال عدة أحكام منها قرار المجلس الأعلى بتاريخ 8 ماي 1970 " أنه إذا كانت الإدارة التي يقع على عاتقها عبء الإثبات ـ لم تدل بما يثبت قانونا تاريخ تبليغ المقرر المطلوب إلغاؤه، إلا أنه من الثابت أن المدعي كان على علم بهذا المقرر علما يقينيا في الثاني والعشرين من أكتوبر 1968 وهو اليوم الذي قدم فيه تظلمه التمهيدي ضد المقرر المذكور مشيرا في تاريخه وفحواه، ومثل هذا العلم اليقيني يقوم مقام التبليغ"[14]
وتتشبث الإدارة غالبا بالعلم اليقيني، أي أن المعني بالقرار على علم به، لكن القضاء يحرص على الإثبات حماية لحرية الأفراد لتطبيق هذه النظرية، ففي قضية المهاني أثبتت الغرفة الإدارية أن: " الإدارة لم تدل بأية حجة تؤكد أن الطاعن كان على علم يقيني بهذا المقرر في وقت محدد، مكتفية بالفرضيات، والحالة أن الطاعن ينكر أن يكون بلغ له المقرر المذكور أو كان على علم يقيني به..."[15]
ويراقب القضاء كذلك مدى عدم إنكار صاحب المصلحة لهذا العلم اليقيني وذلك حفاظا على المصلحة العامة ففي قرار بواري سعيد ضد وزير الداخلية أكدت الغرفة الإدارية: " أنه من الثابت أن المدعي كان على علم بهذا المقرر علما يقينيا في 22 أكتوبر 1968 وهو اليوم الذي قدم فيه تظلمه التمهيدي ضد المقرر المذكور" أيضا إدارية الرباط في حكمها رقم 1342 بتاريخ 2/11/2006 الذي جاء فيه: " وحيث في نازلة الحل، فالثابت أنه تحقق لدى الطاعنين علم يقيني بالقرار المطعون فيه، على الأقل ابتداء من تاريخ تقديم الطعن أمام المجلس الأعلى ..."[16]
ونورد حكم آخر لإدارية الرباط بتاريخ 12/10/2009 الذي جاء في حيثياته، حيث يهدف الطلب إلى الحكم بتسوية وضعية المدعي المالية ابتداء من تاريخ إلحاقه كرجل سلطة مع ما يترتب عن ذلك قانونا. 
وحيث أسس المدعي طلبه على أنه تم تعيينه بمقتضى القرار الوزاري عدد 3033 المؤرخ في 18/08/1977 كخليفة قائد وأنه راسل بتاريخ 10/11/1988 وزارة الداخلية من أجل تسوية وضعيته المالية وأن هذه الأخيرة أجابته بمقتضى مراسلة تحت رقم 3188 دون أن تفعلها بالاستجابة لطلبه. 
وحيث أنه من المستقر عليه فقها وقضاء أن العلم اليقيني لفحوى القرار الإداري ومصدره يحل محل التبليغ والنشر. 
وحيث دأب المجلس الأعلى على عدم قبول طلبات تسوية الوضعية الإدارية التي تكون النتيجة التي يراد بلوغها منها تصدم بقرارات إدارية محضة لعدم مراجعة القضاء الطعن فيها في إبانه أو بتأكيد أن أصحاب الشأن كأنه على علم يقيني بوضعيتهم مما يتعين معه التصريح بعدم القبول.[17]
ويستنتج العلم اليقيني من أية واقعة أو قرينة أو وثيقة بشكل ينفي الجهالة، وهذا ما قررته المحكمة الإدارية بالرباط في حكم لها صادر بتاريخ 15 مايو 1997 ملف عدد 586/96. 
ولهذا فإن العلم اليقيني بمضمون القرار المطعون فيه ينزل منزلة التبليغ وذلك متى ثبت علم الطاعن بصدور القرار المعيب. 
ويبقى إثبات العلم اليقيني أمرا أساسيا لا يسوغ للقضاء اعتماده إذا لم يرد الدليل القاطع على حصوله، كأن يعترف المعني بعلمه بالقرار أو التنفيذ المادي للقرار أو من خلال مستنتجاته من فحوى التظلم إذا تقدم به. 

المبحث الثاني: امتداد آجال الطعن وآثار انقضائه 

الأصل أن يتقيد المتضرر من قرار إداري بالمواعيد التي حددها المشرع لرفع دعوى الإلغاء تحت طائلة عدم قبولها، لكن يمكن أن يمتد أجل الطعن إما بوقفه أو انقطاعه في الحالات المحددة قانونا ، كما أنه يمكن في حالات أخرى رفع دعوى الإلغاء حتى بعد انقضاء أجل الطعن بالإلغاء. 

المطلب الأول: امتداد آجال الطعن 

هنالك مجموعة من العوارض أو الحالات التي يتجاوز أجل سريان الطعن وذلك إما بوقف أو انقطاع وتمديد الأجل. 
فالانقطاع يرتب زوال المدة السابقة وبدء ميعاد جديد للطعن، فلا تحسب المدة التي انقضت وتعتبر كأن لم تكن، في حين أن الوقف يرتب فقط استكمال المدة الباقية بعد زوال سبب الوقف مع احتساب المدة المنقضية. 

الفقرة الأولى: وقف آجال الطعن
يعتبر أجل الطعن في القرارات الإدارية من النظام العام وبالتالي لا يمكن مخالفته إلا بنص القانون تحت طائلة سقوط حق المعني بالطعن، وذلك بهدف استقرار الروابط والعلاقات القانونية. 
لكن حين يثبت أن صاحب الشأن لم يباشر حقوقه في الميعاد المحدد له قانونا بسبب ما أحاط به من عوامل طارئة سلبته قدرة التصرف الحر، فإنه لا يكون عادلا أن يطبق بحقه هذا الجزاء، لأنه ليس مما يتفق مع المصلحة العامة أن تستقر الروابط والعلاقات القانونية التي يكون أساسها إجراءات كان من المستحيل على ذوي المصلحة الطعن فيها في المواعيد.[18]
ويدخل في إطار العوامل الطارئة والتي تؤدي إلى وقف ميعاد الطعن بالإلغاء "القوة القاهرة" حيث اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن أجل الطعن لا يبدأ في السريان إلا بعد زوال هذه القوة التي تحول بين ذي المصلحة وبين رفع دعوى الإلغاء". 
ويدخل في حكم القوة القاهرة المرض المعصي[19] أو وجود المعني بالأمر معزولا في منطقة معينة، أو بسبب الظروف الطبيعية ... إلخ، بل وقد يعتبر تغيب الفرد عن أرض الوطن سببا من اسباب وقف امتداد أجل رفع دعوى الإلغاء إذا تبين أن صاحب المصلحة كان في وضعية يستحيل معها رفع هذه الدعوى،[20] وفي هذا الصدد قضت إدارية الرباط في حكم لها بتاريخ 05/03/1998: "إن تواجد الطاعن خارج أرض الوطن لمدة طويلة يجعله في ظرف قاهر يستحيل عليه الاطلاع على الجريدة الرسمية مما يبرر تقديمه إلغاء القرار الإداري المنشور فيها خارج الأجل القانوني"[21]، أيضا جاء في حكم إدارية الرباط رقم 312 بتاريخ 23/02/2006 أن: " الموظف الفاقد للإدراك والتمييز، يعتبر في حالة قوة قاهرة يمكن خلالها مواجهته بعدم استجابته للإنذار بالرجوع إلى العمل، أو بفوات أجل الطعن في القرارات الإدارية الصادرة في مواجهته ولو تم تبليغه بها بصورة قانونية".[22]
وهو نفس الرأي الذي استقر عليه القضاء المصري في العديد من أحكامه[23]
والاستحالة المترتبة عن القوة القاهرة تعتبر من مسائل الواقع التي يملك القضاء سلطة تقديرية كاملة في تحديد السبب الموقف لسريان أجل رفع الدعوى. 
إلى جانب القوة القاهرة كأحد أسباب وقف الدعوى نجد أيضا حالة ما إذا كان اليوم الأخير للتقدم بالطعن هو يوم عطلة، في هذه الحالة يمتد أجل الطعن إلى أول يوم بعده وهذا ما نص عليه الفصل 12 من ق م.م الذي نص في فقرته الثانية على أنه: " إذا كان اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده". 
وخلاصة القول أن الميعاد يمتد بقدر المدة التي وقف فيها سريانه، ولا تدخل هذه المدة في حسابه، على أن تستأنف فور زوال الظرف الطارئ. 

الفقرة الثانية: انقطاع أجل رفع دعوى الإلغاء
ينقطع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء بكل إجراء إداري أو قضائي يلجأ إليه المتضرر ويترتب عليه إنهاء المدة السابقة وفتح ميعاد جديد يبدأ من تاريخ انتهاء سبب القطع، ويشمل أسباب القطع حالات منها ما نص عليها القانون صراحة ومنها ما يرجع إلى اجتهاد القضاء، وتتمثل هذه الأسباب في: 
1)- تقديم طلب المساعدة القضائية. 
يعتبر تقديم طلب المساعدة القضائية أحد أسباب قطع أجل الطعن في القرار الإداري[24]، وقد تعرض له المشرع المغربي في الفصل 358 من ق.م.م الذي نص على أنه:" يوقف أجل الطعن ابتداء من إيداع طلب المساعدة القضائية بكتابة ضبط المجلس الأعلى ويسري هذا الأجل من جديد من يوم تبليغ مقرر مكتب المساعدة القضائية للوكيل المعين تلقائيا ومن تبليغ قرار الرفض للطرف عند اتخاذه" 
وبإنشاء المحاكم الإدارية أجاز المشرع لرئيس المحكمة الإدارية أن يمنح المساعدة القضائية طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال ( المادة الثالثة من قانون إحداث المحاكم الإدارية ).[25]
ولكي ينتج طلب تقديم المساعدة القضائية أثره وجب أن يقدمه صاحب الشأن إلى كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية في الميعاد المحدد للدعوى ، أي داخل الآجال القانونية تحت طائلة رفض الدعوى.[26]
وعليه فطلب المساعدة القضائية من شأنه قطع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء حتى يصدر القرار في طلب المساعدة سواء بالقبول أو الرفض، فإذا صدر القرار وجب إقامة الدعوى خلال ستين يوما تبتدئ من تاريخ إصدار القرار الخاص بالمساعدة القضائية.[27]
2)- رفع الدعوى إلى جهة قضائية غير مختصة.[28]
لم يكن القضاء المغربي قبل صدور قانون المحاكم الإدارية يعترف بهذا السبب كحالة توجب قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء. 
إلا أن المشرع نظم هذه الحالة صراحة واعتبر تقديم الدعوى إلى جهة قضائية غير مختصة سببا يؤدي إلى قطع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء، حيث نصت المادة 23 من قانون المحاكم الإدارية على ما يلي: " ينقطع أجل قبول طلب إلغاء قرار إداري بسبب تجاوز السلطة إذا رفع إلى جهة قضائية غير مختصة ولو كانت المجلس الأعلى، ويبتدئ سريان الأجل مجددا ابتداء من تبليغ المدعي الحكم الصادر نهائيا بتعيين الجهة القضائية المختصة"، وهذا ما أكدته إدارية الرباط في حكمها رقم 1455، ملف رقم 220/1/04 بتاريخ 23/11/2006. 
علما أن قرارات الغرفة الإدارية استقرت على أنه إذا رفعت إلى محكمة إدارية دعوى يكون لها ارتباط بدعوى تدخل في اختصاص المجلس الأعلى ابتدائيا وانتهائيا يجب عليها تلقائيا أو بطلب من أحد أطراف الحكم بعدم الاختصاص وإحالة الملف بأمره إلى المجلس الأعلى[29] (محكمة النقض حاليا). 
وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة صدور حكم المحكمة بعدم الاختصاص فإنه يتم تبليغه تلقائيا إلى الأشخاص المعنيين، وإلا بقي أجل الطعن مفتوحا لمدة طويلة، وتتحمل الإدارة في هذه الحالة عبء عدم الاستقرار القانوني، وهو ما يتطلب منها مطالبة المحكمة بتبليغ المعني بالأمر. 
3)- التظلم الإداري: 
يقصد بالتظلم التجاء من يعنيه الأمر إلى مصدر القرار 'تظلم استعطافي" أو الجهة الرئاسية لمصدر القرار " تظلم رئاسي" من أجل إعادة النظر في القرار الإداري.[30]
وقد كان القضاء قبل إصلاح 1974 يحرص أشد الحرص على تطبيق إجبارية الطعن الإداري في كل القرارات الإدارية التنفيذية الصريحة منها والضمنية على حد سواء، ليصبح الطعن الإداري اختياريا حسب الفصل 360 من ق م.م لسنة 1974 إلا إذا وجد نص خاص يفرض ضرورة التقدم بطعن إداري خاص، ليتم تأكيد هذا الأمر بموجب المادة 23 من قانون المحاكم الإدارية التي نصت في فقرتها الثانية على أنه:" يجوز للمعنيين بالأمر أن يقدموا قبل انقضاء الأجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة تظلما من القرار إلى مصدره أو إلى رئيسه، وفي هذه الصورة يمكن رفع طلب الإلغاء إلى المحكمة الإدارية داخل أجل ستين يوما يبتدئ من تبليغ القرار الصادر صراحة برفض التظلم الإداري كليا أو جزئيا". 
ويشترط لاعتبار التظلم سببا لقطع أجل رفع دعوى الإلغاء أن يتقدم به الطاعن بعد صدور القرار فعلا، وأن يكون التظلم قاطعا في معناه، موضحا ما يريده المتظلم، كما يجب أن ينصب على قرار إداري معين علم به المتظلم بالطريقة التي رسمها القانون، وأن يقدم خلال مدة الستين يوما، وإلا اعتبر القرار صحيحا رغم عيوبه، ولا يمكن إجبار الإدارة على إعادة النظر فيه.[31]
أيضا يجب على المعني بالأمر، في حالة ما إذا كان نظام من الأنظمة يتطلب إجراء خاصا بشأن بعض الطعون الإداري، وجب عليه استنفاد هذا الإجراء داخل الأجل القانوني قبل الطعن القضائي تحت طائلة عدم قبول الدعوى وفي هذا الصدد قضت إدارية الرباط في حكمها عدد 1339 بتاريخ 04/10/2005: "... وحيث إنه بعد مراجعة المحكمة لكافة وثائق الملف لم يتبين من خلالها ما يفيد سلوك المدعية لمسطرة الوصول أو إشعار الجماعة المدعى عليها بالنية في مقاضاتها، وأنها لجأت إلى رفع نزاعها إلى هذه المحكمة مباشرة ودون أن يسبق احترام الإجراءين المذكورين، مما يكون معه طلبها مخالفا لمقتضيات المادة المشار إليها أعلاه ـــ أي المادة 48 من الميثاق الجماعي ــــ ويتعين بالتالي التصريح بعدم قبوله."[32]
وإذا التزمت السلطة الإدارية المرفوع إليها التظلم الصمت في شأنه طوال ستين يوما اعتبر سكوتها عنه بمثابة رفض له، وإذا كانت السلة الإدارية هيئة تصدر قراراتها بتصويت أعضائها، فإن أجل ستين يوما يمد ـ إن اقتضى الحال ذلك ـ إلى نهاية أول دورة قانونية لها تلي إيداع التظلم.[33]
وعليه فإن تقديم التظلم بنوعيه يترتب عنه انقطاع سريان ميعاد دعوى الإلغاء، علما أن التظلم المقدم خارج الأجل القانوني لا يمدد ولا يفتح آجالا جديدة للطعن، وتوجيه التظلم لجهة إدارية أخرى غير التي صدر عنها القرار المطلوب إلغاؤه يعد وكأنه وجه إلى الجهة الإدارية المعنية بالقرار علما أن جواب الإدارة عن التظلمات لا يعتبر قرارا جديدا قابلا للطعن بالإلغاء، كما أن عدم الجواب عنها يعد قرارا تأكيديا، وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها عدد 129 بتاريخ 25/01/2001، وكذا إدارية الرباط في حكمها رقم 1188 بتاريخ 11/11/2004 حيث اعتبرت أن القرارات الإدارية التأكيدية لا تؤثر في حد ذاتها في المراكز القانونية للأطراف، وبالتالي فهي لا تقبل الطعن عن طريق دعوى الإلغاء.[34]
بقي أن نشير في الأخير إلى أن المعول عليه في حساب المدة هو التظلم الأول، حتى إذا تتابعت التظلمات فإن التظلم الذي يرتب أثره في قطع المدة هو التظلم الأول فقط،[35] وليس لذوي الشأن أن يتخذوا من تكرار التظلمات وسيلة للاسترسال في إطالة ميعاد رفع الدعوى. ، كما أن جواب الإدارة خارج الأجل لا يفتح أجلا جديدا للطعن إلا في الدعاوى الضريبية لتعلق الأمر بحقوق شخصية. 
أيضا فالتقدم بتظلم للإدارة لا يمنع من رفع دعوى قضائية، مع أن المحكمة في الغالب تحرص على عدم البت في الطعن قبل انقضاء أجل 60 يوما المخصصة للإدارة، حتى إذا صدر جواب الإدارة بالرفض بتت في الدعوى المرفوعة إليها. 

المطلب الثاني: آثار انقضاء أجل الطعن والاستتثناءات الواردة عليه

الفقرة الأولى: آثار انقضاء أجل الطعن
إن القاعدة العامة لكي تقبل دعوى إلغاء القرار الإداري من ذي المصلحة يجب أن يرفع دعواه خلال مدة معينة وأن يستوفي إجراءات محددة،[36] بمعنى يجب ان ترفع دعوى الإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة خلال 60 يوما من تاريخ نشر القرار أو تبليغه في حالة عدم التقدم بالطعن الإداري، أما إذا وقع تقديم هذا الطعن الإداري فإن أجل الستين يوما تبتدئ من تاريخ صدور القرار الإداري الصريح أو الضمني المتعلق بالجواب على الطعن الإداري ـ حسب الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية ـ ولا يمكن بأي حال من الأحوال تمديد هذا الأجل. 
فلقد رفض القضاء الإداري طعونا قضائية لم تقدم داخل الآجال في عدة أحكام له منها حكم إدارية الرباط رقم 1120 بتاريخ 2/11/2004 ملف رقم 160/03 غ،[37] وفي قرار لإدارية مكناس قضت فيه " بما أن المدعي لم يتقدم بالطعن أمام المحكمة إلا بتاريخ 24 ماي 1994 أي بعد مرور ما يزيد عن سبعة أشهر من تاريخ التظلم الأول الذي تم في 27 شتنبر 1993 مما تكون معه الدعوى قد رفعت خارج الآجال ... وبالتالي يتعين الحكم بعدم قبولها"،[38] وهذا يدل على أن الآجال هي من النظام العام وبالتالي لا يمكن التحايل بشأنها،[39] وطبقا لهذه القاعدة العامة يترتب على انقضاء المدة دون تقاض أو انقطاع إغلاق سبيل الطعن القضائي وبالتالي يصبح القرار المعيب كما لو كان قرارا سليما، بمعنى إذا قدمت الدعوى بعد انقضاء مدة الطعن فإنها ترد شكلا لتقديمها بعد المدة القانونية، ويتم التعامل مع القرار المطعون فيه معاملة القرار السليم الخالي من العيوب.[40]
ولما كانت مدة رفع دعوى الإلغاء كما رأينا قصيرة ويترتب على مرورها استقرار الأوضاع الإدارية بالنسبة للأفراد على أساس قرارات قد تكون معيبة، وهذا فيه غبن بالنسبة للأفراد، فقد رأى مجلس الدولة الفرنسي أن يوازن بين الإدارة والأفراد في هذا الصدد بحيث لا يجوز للإدارة أن تسحب أو تعدل قراراتها إلا خلال المدة التي يجوز فيها للأفراد طلب إلغائها أمام القضاء حتى لا تكون العلاقة مغلقة من جانب الأفراد ومفتوحة من جانب الإدارة، وهكذا لا يتحمل الأفراد وحدهم مساوئ قصر المدة المستمدة من دواعي الاستقرار؛ 
وإذا كان المجلس قد جعل ذلك مقصورا على القرارات الفردية دون التنظيمية، فإنه أوجد للأفراد سبلا متعددة لتوقي الضرر الناجم عن فوات الطعن في القرارات التنظيمية، منها أن يطلب المعني بالأمر من القضاء الامتناع عن تطبيقها استنادا إلى كونها غير مشروعة، فإذا ما ثبت ذلك رفض القضاء تطبيقها دون التعرض لإلغائها، وهكذا تكون جدوى هذه الطريقة نسبية ، أي مقصورة على مقدم الطلب وعلى موضوع الدعوى، وهو نفس الاتجاه الذي سار عليه كل من القضاء الإداري المصري والمغربي. 

الفقرة الثانية: الاستثناءات الواردة على انقضاء آجال الطعن 
إذا كان فوات أجل الطعن بالإلغاء في القرارات الإدارية يترتب عنه عدم قبول هذا الطعن، فإن هذه القاعدة ليست بالمطلقة، فهناك استثناءات تسمح بالطعن في بعض القرارات على الرغم من فوات أجل الطعن، ومن هذه القرارات نذكر القرارات الإدارية المنعدم والقرارات الإدارية السلبية أو المستمرة. 
القرارات الإدارية المنعدمة: 
فالقرار المنعدم هو القرار الإداري الذي يكون فاقدا لركن النية، كأن تصدر السلطة الإدارية قرارا بترقية موظف على أساس أنه يتوفر على الأقدمية المطلوبة في حين يتبين بعد القيام ببعض التحريات أن يفقدها. 
كما يدخل في عداد هذه القرارات تلك التي تستند على توضيحات مزورة مثل مراسيم تجنيس الأجانب، بحيث يجوز للإدارة سحب قرار التجنيس إذا ما تأكدت أن المتجنس أدلى بحقائق ومستندات مزورة، أو تصريحات كاذبة، وأيضا تلك التي يرتكب صاحبها تعد في السلطة بخروجه، ليس فقط عن اختصاصاته وصلاحياته الخاصة، وإنما عن اختصاصات الإدارة نفسها، إلى درجة القول أنها لا ترتبط بأية سلطة تعود للإدارة، وقد تقترب من نظرية الاعتداء المادي، ولا يمكن أن تحدث حقوقا. 
وإثبات انعدام هذه القرارات يمكن أن تقوم به كل سلطة إدارية أو قضائية، كما أنها غير قابلة للطعن بسبب تجاوز السلطة، كما يسمح لكل من له مصلحة أن يطلب من القاضي الإداري إثبات عدم وجود العمل من دون أن يتقيد بالآجال القانونية للطعن.[41]
القرارات الإدارية السلبية (المستمرة): 
فالقرار السلبي على خلاف القرارات الإدارية الوقتية التي تخضع لمواعيد الطعن، فإن القرار الإداري السلبي الذي يظهر من خلال رفض الإدارة تلبية طلب تقدم به أحد المواطنين، يمكن الطعن فيه في أي وقت دون التقيد بأجل الطعن بالإلغاء، على اعتبار أن هذه القرارات لا تولد حقوقا مكتسبة ومن حق الإدارة سحبها دون التقيد بمواعيد الطعن بالإلغاء.[42]
وفي هذا الصدد اعتبر القضاء الإداري المصري أن القرارات السلبية الصادرة بامتناع عن إصدار قرار معين، كما هو الشأن في الامتناع عن التأشير على حكم بصلاحيته، يجوز الطعن فيه في أي وقت دون التقيد بميعاد زمني، ذلك أن القرار يتجدد من وقت لآخر على الدوام، وذلك بخلاف القرارات الوقتية التي تخضع للميعاد، وقد اعتبرت محكمة القضاء الإداري بمصر أن " وضع الشخص في قوائم الممنوعين من السفر هو بطبيعته قرار ذو أثر مستمر مما يجعل له (الممنوع من السفر) الحق في أن يطلب رفع اسمه من القوائم في كل مناسبة قد تدعو إلى السفر إلى الخارج، وكل قرار يصدر برفض طلبه يعتبر قرارا إداريا جديدا يحق له الطعن فيه بالإلغاء استقلالا". 
وفي الأخير يمكن الإشارة إلى أن آثار انقضاء آجال رفع دعوى الإلغاء يختلف شيئا ما عن آثار انقضاء أجل الطعن في طلبات التعويض، بحيث في حالة صدور مقرر غير مشروع يسبب ضررا للطاعن، فإن فوات أجل الطعن بالإلغاء إذا كان يحرم الطاعن من تقديم طلب إلغاء القرار غير المشروع، فإنه يترك له إمكانية طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء صدور القرار، ذلك أن طلبات التعويض لا تتأثر بفوات مواعيد الطعن وتظل خاضعة لأحكام أخرى تحدد مواعيدها. 

خاتمة :
انطلاقا مما سبق تتجلى أهمية شرط الأجل في دعوى الإلغاء ، فعدم احترامه قد تجعل العمل الإداري غير مشروع محصنا لذلك وجب على المعنيين بالأمر احترام هذا الأجل حتى لا تضيع حقوقهم ، خصوصا أن دعوى الإلغاء دعوى موضوعية لا يمكن لأي دعوى تحقيق نفس نتائجها. 

---------------------------
لائحة المراجع :
[1] - ثورية العيوني:"القضاء ورقابته على أعمال الإدارة دراسة مقارنة" دار النشر الجسور،وجدة،2005،ص : 
[2] - مولاي ادريس الحلابي الكتاني: إجراءات الدعوى الإدارية ـ دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة، مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى 2001-2002، ص 167. 
[3] - وما لم يكن هناك نشر أو إعلان، فإن القرار يظل قابلا للطعن مهما طالت المدة بين إصداره وبين رفع الدعوى، وقد طبق مجلس الدولة الفرنسي ذلك في قضية مشهورة، إذ سمح بالطعن في قرار بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على إصداره، حيث قبل سنة 1924 إلغاء قرار صادر سنة 1893، وفي سنة 1929 ألغى قرارا صادرا سنة 1906 في قضية (Abbé Doucet). 
[4] - فهد عبد الكريم أبو العثم، القضاء الإداري بين النظرية والتطبيق، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، 2005، ص 268. 
[5] - حكم الغرفة الإدارية عدد 29 بتاريخ 3 يوليوز 1968، النقابة المهنية للنواب العاملين للتأمين، مجلة قضاء المجلس الأعلى السنة الثانية نوفمبر 1968، ص 90. 
[6] - د. محمد مرغيني، المبادئ العامة للقانون المغربي، ط 3، ص 38. 
[7] - مولاي ادريس الحلابي الكتاني، م س ص 161. 
[8]- قرار الغرفة الإدارية عدد 257 صادر بتاريخ 27 يوليوز 1979. 
[9] - حكم صادر عن المحكمة الإداري بالرباط، رقم 843 بتاريخ 22/4/2009 ملف رقم 497/08 غ. 
[10] - محمد سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص 576 
[11] - محاضرات ألقيت على طلبة ماستر القضاء الإداري، مادة قضاء الإلغاء، الفوج 5، الموسم الجامعي 2012-2013. 
[12] - د محمد سليمان الطماوي، القضاء الإداري، الكتاب الأول ـ قضاء الإلغاءـ دار الفكر العربي، ط 7، ص 509. 
[13] - محمد الوزاني، القضاء الإداري ـ قضاء الإلغاء، قضاء التعويض ــ، ط 2000، ص 112. 
[14] - المجلس الأعلى 8 ماي 1970، بوراي سعيد ميمون ضد وزير الداخلية، مجموعة قرارات الغرفة الإدارية 1966-1970، ص 235. 
[15] - حكم عدد 51 بتاريخ 14/02/1991. 
[16]- حكم إدارية الرباط عدد رقم 1342 بتاريخ 2/11/2006 ملف رقم 432/1/05. 
[17] - حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 945/08/بتاريخ 12/10/2001 
[18] - فهد عبد الكريم أبو العثم، القضاء الإداري بين النظرية والتطبيق، دار الثقافة للنشر والتوزيع 2005، ص 280. 
[19] - يدخل الاضطراب العقلي في إطار المرض الذي يرقى إلى مرتبة القوة القاهرة، وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية في المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في قرارها رقم 168 بتاريخ 16/04/2008 الذي جاء فيه: " إن المرض العقلي هو مرض يرقى إلى مرتبة القوة القاهرة التي تؤدي إلى وقف سريان أجل رفع دعوى الإلغاء"، أيضا إدارية الرباط في حكمها رقم 695 بتاريخ 11/5/2006 ملف رقم 81/06 غ. 
[20] - مولاي ادريس الحلابي الكتاني: إجراءات رفع الدعوى الإدارية ـ دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطةـ الطبعة الأولى، أكتوبر 2001-2002، ص 193. 
[21] - حكم إدارية الرباط عدد 253 بتاريخ 05/03/1998. 
[22] - حكم إدارية الرباط رقم 312 بتاريخ 23/02/2006 ملف رقم 323/1/04. 
[23] - د.سليمان محمد الطماوي، مرجع سابق. 
[24]- باعتباره إجراء ضروري حتى لا يحرم أي فرد من حقه بمجرد عدم قدرته المالية لرفع الدعوى القضائية 
[25] - ثورية لعيوني: القضاء الإداري ورقابته على أعمال الإدارة، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى 2005، ص 152. 
[26] - مولاي ادريس الحلابي الكتاني: مرجع سابق، ص 191. 
[27] - محمد الوزاني: القضاء الإداري ـ قضاء الإلغاء، قضاء التعويض ـ طبعة 2000، ص 113. 
[28] - كان مجلس الدولة الفرنسي في أول الأمر يعتبر هذا السبب لا يؤدي إلى قطع مدة التقاضي، لكنه عدل عن هذا الاتجاه منذ صدور حكمه الشهير الصادر في 25 مايو 1928 في قضية ... حيث فرق بين التظلم الإداري المرفوع إلى جهة غير مختصة وبين رفع الدعوى إلى جهة قضائية غير مختصة، أما مجلس الدولة المصري فقد ساوى بين التظلم وبين طلب المعاونة القضائية في قطع المدة، وقد اعتنقت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ منذ إنشائها حتى الآن ( انظر مرجع د. محمد سليمان الطماوي، القضاء الإداري، الجزء الأول، قضاء الإلغاء ). 
[29] - محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 74، ط 3، 2011، ص 219. 
[30] - ثورية لعيوني: مرجع سابق ص 153. 
[31] - د. محمد سليمان الطماوي، مرجع سابق ص 534. 
[32] - حكم إدارية الرباط رقم 1339 بتاريخ 4/10/2005 ملف رقم 368/1/04. 
[33] - محمد الوزاني، م س ص 115. 
[34] - حكم إدارية الرباط رقم 1188 بتاريخ 11/11/2004 ملف رقم 386/03غ. 
[35] - فهد عبد الكريم أبو العثم: م س ص 282. 
[36] - د محمد سليمان الطماوي، م س ص 558. 
[37] - أيضا أنظر أحكام إدارية الرباط حكم رقم 1455، ملف رقم 220/1/04 بتاريخ 23/11/2006، 
حكم رقم 695 بتاريخ 11/5/2006 ملف رقم 81/06 غ. 
[38] - حكم المحكمة الإدارية بمكناس عدد 10/94 ، م.م.د.م.ت،، العدد 12 ، يوليوز وشتنبر 1995، ص 126. 
[39] - عبد القادر باينة: تطبيقات القضاء الإداري بالمغرب، دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى، 1988، ص 58. 
[40] - فهد عبد الكريم أبو العثم، م س ص 287. 
[41] - مولاي ادريس الحلابي الكتاني، م س ص 197. 
[42] - نفسه.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -