اختصاص المحاكم الإبتدائية في المنازعات الإنتخابية

 مقال بعنوان: اختصاص المحاكم الإبتدائية في المنازعات الإنتخابية

اختصاص المحاكم الابتدائية في المنازعات الانتخابية
مقدمة :

يعتبر الإنتخاب الوسيلة القانونية لتشكيل المؤسسة التمثيلية في المجتمع الديمقراطي وبالتالي الآلية الأمثل لشرعية السلطة[1]،ويعمل التشريع الإنتخابي على وضع مجموعة من الضوابط القانونية قصد صياغة إطار ضامن لمجموعة من المبادئ المتصلة باحترام الديمقراطية والمتمثلة أساسا في تمكين المواطن من إبداء رأيه بحرية ضمن إحترام المساواة والشرعية. 
ونزاهة الانتخابات لا تتأتى إلا باحترام تام للضمانات القانونية على أن التجربة دلت على أن الضمانات المكتوبة لا تكفي وحدها لبلوغ هذا الهدف إذا لم يصاحبها ضمير حي وسلوك متزن وأخلاق سياسية وذلك بتغلب الصالح العام على المصالح الذاتية ذلك أن العملية الانتخابية هي مجال للتنافس بين الأشخاص والسلطة ومختلف التنظيمات السياسية المتواجدة بالمجتمع وهذا هو الذي يشكل مجال المنازعات الانتخابية بامتياز وهنا يظهر القضاء بما له من خلال الطعون التي يتقدم بها الناخبون والمرشحون والسلطات. 
والنظام الانتخابي للدولة هو الذي يعكس مدى وحقيقة كيفية إشراك مختلف فعاليات المجتمع المدني وبالتالي إبراز الفضاء الذي من خلاله تمارس وتضمن مختلف الحقوق والحريات المدنية والسياسية يعد الانتخاب الوسيلة الديمقراطية التي من خلالها تعبر الأمة عن إدارتها وسيادتها ويجد. 
لقد صدر أول قانون انتخابي بالمغرب بعد حصوله على الاستقلال وقد عايش عدة تجارب انتخابية عرف القضاء من خلالها عدة دعاوى انتخابية مند ذلك التاريخ حتى عام 1992 وهي سنة صدور ثاني قانون انتخابي[2] وأخر هذه القوانين هو قانون 1997 الذي اعتبره البعض قانون جامعا لأغلب القوانين باعتبار عمل على تبسيط المسطرة المتعلقة بالمنازعات الانتخابية إلا أنه مع ذلك لم يتناول أنواع أخرى من الانتخابات كانتخابات ممثلي أساتذة التعليم العالي في حظيرة اللجنة العلمية وانتخاب ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى وكما أن الطعون الانتخابية بالنسبة لأعضاء البرلمان لم تتضمنها المدونة . 
ومن هذا المنطلق نقول بأنه لا يمكن اعتبار هذا النص بمثابة قانون بحيث أنه لا يشمل كل أنواع الانتخابات وعلى الرغم من التغيرات التي طرأت على القانون الصادر في أبريل 1997 بمقتضى القانون 64-02 والقانون 23-06 بتاريخ مارس 2007 فإن العديد من أنواع الانتخابات لم تتم إضافتها إلى مدونة الانتخابات. 
وتكتسي الطعون الانتخابية أهمية بالغة لكونها تعتبر ضمانة قضائية مهمة في رقابة العملية الانتخابية والتي تقوت مع إنشاء المحاكم الإدارية وصدور مدونة الانتخابات التي عوضت القانون12-92، فقبل ذلك التاريخ كانت جل الانتخابات تشوبها خروقات وتجاوزات سواء من قبل الأطراف أو من قبل السلطة. وظل القانون والقضاء عاجزين على الحد من ذلك وقد جاء أنشاء المحاكم الإدارية ليقوي ويدعم الضمانات إلى جانب المحاكم الابتدائية . 
وبمراجعة اللوائح الانتخابية وضبطها وخضوعها لأول مراجعة دستورية بين فاتح دجنبر 1996 و31 مارس 1997 وتوحيد القوانين الانتخابية في مدونة واحدة وإحداث اللجنة الوطنية واللجان الإقليمية لتتبع الانتخابات بظهير شريف ثم وضع اللبنات الأساسية للإطار القانوني المحدد لمجال المنازعات الانتخابية واتضحت بالتالي القواعد الموضوعية والإجرائية في المادة ومع ذلك فإن اقتراب أي استحقاق انتخابي يستلزم ويتطلب ضرورة إعادة النظر في العديد من الأحكام في المادة الانتخابية من أجل تهيئ مشروع متكامل يراعي متطلبات الظرفية السياسية ويحقق الضمانات القانونية الضرورية لإجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة فلا ديمقراطية بدون انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. 
وتستوجب قدسية الانتخاب وضع جملة من الضوابط والضمانات قصد مواجهة جميع التصرفات والسلوكات السلبية التي قد تتخلل العمليات الانتخابية وتمس بحق المشاركة السياسية أو مبدأ المساواة بين المرشحين أو سرية التصويت وتسهم بشكل أو بأخر في تكيف نتائج العملية الانتخابية وتزيف إرادة الناخبين [3]. 
ومن أهم وأنجع الضمانات التي أقرها المشرع المغربي لكفالة نزاهة الانتخابات، نجد الرقابة القضائية على الطعون الانتخابية في تشريعات متعددة، حيث وزع الاختصاص بنظر الطعون الانتخابية بين القضاء الدستوري و القضاء الإداري والقضاء العادي. 
وقد أخذ المشرع المغربي في بادئ الأمر فيما يتعلق بالاختصاص القضائي في النظر في الطعون الانتخابية لصالح المحاكم الابتدائية باعتبارها ذات الولاية العامة، إلا أنه وبإحداث المحاكم الإدارية بقانون 41-90 أسند لها كامل الاختصاص بواسطة المادة 8 وأصبحت المحاكم الابتدائية هي الاستثناء. 
وفي هذا الإطار نصت المادة 296 من مدونة الانتخابات أنه "بصفة انتقالية واستثناءا من أحكام المواد 278-279-214-193-168-68-37-36 من هذا القانون فإن الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية والترشيحات تقدم أمام المحكمة الابتدائية المختصة...." وبذلك فإن المحاكم الابتدائية تختص بشكل استثنائي وانتقالي فيما يخص بالطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية والترشيحات، وهذا الاختصاص هو ما سنحاول معالجته في موضوع العرض وفق الإشكالية التالية :ما هي أهم الاختصاصات الموكولة للمحاكم الابتدائية في الطعون الانتخابية ؟ وكيف تم حل إشكالية تنازع الاختصاص في مجال الطعون الانتخابية ؟ 
وعليه سنعتمد في دراستنا لهذا الموضوع التصميم التالي: 


المبحث الأول: الاختصاص الأصيل للمحاكم الابتدائية في المنازعات الانتخابية 
المطلب الأول: انتخاب مندوبين الإجراء 
المطلب الثاني: انتخاب هياكل الجمعيات و الأحزاب السياسية و النقابات
المبحث الثاني: الاختصاص الاستثنائي للمحكمة الابتدائية وطبيعته 
المطلب الأول: الاختصاص الاستثنائي للمحاكم الابتدائية في المادة الانتخابية
المطلب الثاني: طبيعة الاختصاص الاستثنائي في المادة الانتخابية 



المبحث الأول : الاختصاص الأصيل للمحاكم الابتدائية في المنازعات الانتخابية 

قبل إحداث المحاكم الإدارية كان للمحاكم الابتدائية الولاية العامة في الطعون الانتخابية ، أما بعد إحداث المحاكم الإدارية فقد منح المشرع المحاكم العادية النظر في بعض المنازعات الانتخابية لانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية و ممثلي المأجورين(المطلب الأول) و بعض الهيئات والنقابات (المطلب الثاني). 

المطلب الأول انتخاب مندوبين الإجراء

إن المشرع لم يعرف المقصود بمندوب الأجراء وإنما قام بتعديد أحكام هذا الأخير وذلك في المواد من 430إلى 463 من مدونة الشغل كما أن ظهير 29 أكتوبر 1962 المتعلق بتمثيل المستخدمين في المقاولات والمنسوخ بمقتضي 586 من مدونة الشغل رقم 65.99 لم يضع أي تعريف للمندوب الأجراء. حيث أنه يتم انتخاب بالشروط المنصوص عليها في هذا القانون، مندوبون عن الأجراء، في جميع المؤسسات التي تشغل اعتياديا ما لا يقل عن عشرة أجراء دائمين. وهذه القاعدة المنصوص عليها في المادة 430 إذا كانت تعتبر مطلقة في ظل ظهير 1962 المنسوخ فإن مدونة الشغل نصت على نسبيتها وذلك من خلال المادة 431 حيث يمكن للمؤسسات التي تشغل أقل من 10 أتباع نظام مندوبي الإجراء وذلك بمقتضي اتفاق كتابي ولعل هذا يظهر المكانة التي يعطيها المشرع لمندوبي الأجرا ء خاصة أمام الأهمية القصوى للحوار الاجتماعي بين المشغل والعمال وذلك بواسطة العديد من المؤسسات التي يبقي من أهمها مؤسسة مندوبو الإجراء.[4]
يشترط لكي يكون ناخبا أن يتوفر في الأجير شروط لا بد من توفرها وهي أن يدخل في عداد الناخبين، كل أجير، ذكرا أو أنثى، إذا أكمل سن السادسة عشرة سنة. 
- يشترط 6 أشهر على الأقل كأقدمية بالمؤسسة. 
- عدم صدور أي حكم قطعي، إما بعقوبة جنائية وإما بعقوبة حبسية نافذة أو جنحة، باستثناء الجرائم غير العمدية ما لم يرد اعتبارهم. 
بالنسبة لبعض المؤسسات ذات النشاط الموسمي، يجب قضاء 156 يوما من الشغل غير المتواصل بها خلال المواسم الفارضة حيث تعتبر هذه المدة بمثابة ستة أشهر من الشغل. 
- بالنسبة للترشح يجب أن يكون الناخبون ذوو الجنسية المغربية البالغون عشرين سنة كاملة والذين سبق لهم ان اشتغلوا في المؤسسة، لمدة متصلة لا تقل عن سنة، باستثناء أصول المشغل، وفروعه وإخوته، وأصهاره المباشرين. 
- أما المؤسسات ذات النشاط الموسمي، قضاء مائة وأربعة أيام من الشغل غير المتواصل بها خلال الموسم الفارط، بمثابة سنة من الشغل.( المادة 439 من مدونة الشغل ) [5]
- وتجري الانتخابات داخل المؤسسة وخارج أوقات الشغل ، ويحدد رب المؤسسة تاريخ وساعة الاقتراع، بناء على منشور السلطات المعنية أو المكلفة بالشغل، وبعد استشارة اللجنة الانتخابية وذلك 15 يوما قبل تاريخ الاقتراع. 
- يجب إجراء انتخاب مندوبي الأجراء، طبقا لطريقة التمثيل النسبي، وبناءا على قاعدة المعدل الأعلى، وأخذا بالاقتراع السري . 
وعموما فإن مشرع الاجتماعي المغربي أوضح مهمة مندوبي الإجراء ومنازعاته حيث تسجل التعرضات على اللوائح الانتخابية في سجل يضعه المشغل رهن إشارة الناخبين. ويجب على المشغل أن يبين كتابة ، في السجل المنصوص عليه في أجل العشرة أيام الموالية لتاريخ إعلان اللوائح بواسطة الملصقات، القرار الذي اتخذه في شأن تلك التعرضات. ويحق لكل ناخب، أن يطعن في العمليات الانتخابية، خلال الأيام الثمانية الموالية لإعلان نتيجة الانتخابات بواسطة مقال يودع ويسجل دون مصاريف، لدى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية، التي يوجد في دائرتها حيث تبت المحكمة خلال الخمسة عشر يوما الموالية لتاريخ تقديم المقال إليها.ويجب أن تبلغ الأحكام في جميع الأحوال ، سواء منها الصادرة حضوريا أم غيابيا. ولا يقبل فيها طعن إلا بالنقض، [6]الذي يقدم، وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 353 ومايليه من قانون المسطرة المدنية. 

المطلب الثاني : انتخاب هياكل الجمعيات و الأحزاب السياسية و النقابات 

وفقا للقانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات كما عدل و تمم بالقانون رقم 36.08 و انطلاقا من المبدإ القاضي بأن المساواة لا تتحقق في إطار المنافسة الإنتخابية إلا إذا كانت الوسائل التي تتوفر عليها كل الأطراف المتنافسة لعرض أفكارها و برامجها متوازية من حيث أهميتها، فإن مدونة الإنتخابات تقر المبدأ الرامي إلى تقديم دعم مالي من طرف الدولة للهيئات السياسية في شكل مساهمة في تمويل حملاتها الإنتخابية الشيء الذي سيمكن هذه الهيئات من القيام بالدور المنوط بها بموجب الدستور و المتمثل في المساهمة في تنظيم المواطنين و ممثليهم. 
و بالموازاة مع هذه الإجراءات فإن مدونة الإنتخابات تقر نظاما محكما يمكن من استبعاد كل شكل من أشكال التمويل السري للحملات الإنتخابية و كذا من ضمان احترام المرشحين للسقف المحدد للمصاريف الإنتخابية. 
و من خلال دراسة مدونة الإنتخابات الصادرة وفق اخر التعديلات لسنة 2009 المدخلة بالقانون رقم 36.08 نجدها خصصت الجزء الأول و الثاني لمساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية و النقابات (الجزء الأول) ثم مصاريف المرشحين أثناء الحملات الإنتخابية (الجزء الثاني). 
فوفق مدونة الإنتخابات نجد أن الدولة تساهم في تمويل الحملات الإنتخابية التي تقوم التي تقوم بها الأحزاب السياسية و اتحاداتها المشاركة في الإنتخابات العامة الجماعية و التشريعية و كذا في تمويل الحملات الإنتخابية التي تقوم بها هذه الأحزاب و اتحاداتها و النقابات المشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين [7]
و في إيطار شفافية الإنفاق الإنتخابي ألزمت مدونة الإنتخابات الأحزاب السياسية و اتحاداتها و النقابات التي تستفيد من مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الإنتخابية ، أن تثبت حسب الشكليات و الشروط المحددة في الفصل 32 من الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 3 جمادى الاولى 1378 (15 نونبر 1958) بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما وقع تغييره و تتميمه، أن المبالغ التي حصلت عليها تم استعمالها في الاجال ووفق الشكليات المحددة من طرف الحكومة للغايات التي منحت من أجلها. و تعد المحاكم الإبتدائية صاحبة الولاية العامة في هذا النوع من المنازعات . 

المبحث الثاني: الاختصاص الاستثنائي للمحاكم الابتدائية في المادة الانتخابية وطبيعته

إن البحث في هذه الإشكالية يقتضي الجواب عن سؤالين مهمين الأول يتعلق الاختصاص الاستثنائي للمحاكم الابتدائية في المادة الانتخابية (المطلب الأول) فيتعلق بطبيعة الاختصاص المزدوج للبث في الطعون الانتخابية، وهو ما سنتناوله في(مطلب الثاني). 

المطلب الثاني : الاختصاص الاستثنائي للمحاكم الابتدائية في المادة الانتخابية 

اذا كانت المحاكم الابتدائية لها الولاية للنظر في المنازعات الانتخابية، فانه استنادا للمادة 8 من قانون رقم 41،90 تم اعتبار المحاكم الإدارية متخصصة في كل المنازعات ذات الطبيعة الإدارية، إلا ما استثني منها بنص خاص، و عليه فالمحاكم الابتدائية بعد إحداث هذا القانون تختص انطلاقا من مقتضيات المادة 296 من مدونة الانتخابات، وذلك بصفة استثنائية على القاعدة العامة التي تسند الاختصاص المذكور إلى المحاكم الإدارية، وذلك في كل ما يتعلق 
· بالقيد في اللوائح الانتخابية ( المادتين 36 و 37 من مدونة الانتخابات) [8]
· الترشيح للانتخابات بالمجالس الجهوية (المادة 168 
· الترشيح للانتخابات بمجالس العمالات و الأقاليم (المادة 193) 
· الترشيح للانتخابات بمجالس الجماعات الحضرية و القروية (المادة 214) 
· القيد في اللوائح الانتخابية الخاصة بغرف الفلاحة و غرف التجارة و الصناعة و الخدمات وغرف الصناعة التقليدية و غرف الصيد البحري (المادة 278) 
· الترشيح لانتخابات الغرف المهنية (279) 
وتقدم هذه الطعون ضمن نفس الشروط و الآجال المطبقة أمام المحاكم الإدارية، وهي تهم العمالات و الأقاليم التي لا يوجد فيها مقر محكمة إدارية . 
كما تختص المحاكم الابتدائية بالبت في طلب إلغاء قرار رفض الترشيح بالنسبة لأعضاء مجلس المستشارين حسب مقتضيات المدة 50 من القانون التنظيمي رقم 97.32 المتعلق بمجلس المستشارين و تسجل الدعوى مجانا داخل يوم واحد من تاريخ تبليغ رفض الترشيح، و تبت المحكمة بصفة انتهائية في ظرف ثلاثة أيام تبتدئ من تاريخ إيداع مقال الطعن لديها .[9]
ولايمكن الطعن في حكم المحكمة الابتدائية إلا أمام المجلس الدستوري المحال إليه أمر الانتخاب. 
ومن جانب أخر تختص المحاكم الابتدائية بالبت في قرار رفض الترشيح لانتخابات مجلس النواب حسب مقتضيات المادة 81 من القانون التنظيمي رقم 97.31 المتعلق بمجلس النواب . ويقدم هذا الطعن مجانا أمام المحكمة الابتدائية التابعة لها الدائرة الانتخابية وذلك داخل اجل يوم واحد من تبليغ الرفض. 
وتبت المحكمة بصفة انتهائية في ظرف ثلاثة أيام من توصل كتابة الضبط بمقال الطعن، و لا يمكن الطعن في حكمها إلا أمام المجلس الدستوري المحال إليه آمر الانتخاب . 
كذلك فان المحاكم الابتدائية تبت بصفة استثنائية و انتقالية في الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية و الترشيحات بالجماعات الحضرية و القروية و الواقعة في نفوذ العمالات و الأقاليم التي لا توجد بها مقرات المحاكم الإدارية.[10]
وبصفة عامة يمكن القول بان الطعن في الانتخابات سواء في مراحلها التحضيرية (التقييد في اللوائح الانتخابية، الترشيح...) آو في العمليات الانتخابية ذاتها يشكل منازعة إدارية ذات طبيعة خاصة. 

المطلب الثاني: طبيعة الاختصاص الاستثنائي في المادة الانتخابية 

إن المشرع قد ينص صراحة على تخويل البت في بعض المنازعات الانتخابية لجهة قضائية معينة بصف صريحة، وهذا لا تطرح أي إشكال ، إلا انه على العكس من ذلك فان الطعون التي جعلها المشرع اختصاصا مشتركا بين جهتي القضاء الإداري والعادي مثل الطعون ضد قرارات رفض الترشيح للانتخابات الجماعية والمهنية، هو ما خلق إشكالية قانونية كبيرة تتجلى على سبيل المثال في الموقف الذي ستنهجه محكمة إدارية قدم أمامها طعن بالترشيح في الانتخابات المذكورة أو في اللوائح الانتخابية رغم أن الطاعن كان عليه أن يقدمه أمام المحكمة الابتدائية التابعة لدائرة نفوذ منطقته الغير موجودة فيها محكمة إدارية ،فهل يمكن للمحكمة الإدارية أن تصرح بعدم اختصاصها تلقائيا ؟ بمعنى أخر هل يدخل الاختصاص المزدوج للبت في الطعون المذكورة في إطار الاختصاص المكاني أو النوعي؟ للإجابة عن هذه الأسئلة لابد من الاطلاع على حكم المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 15.05.1997 التي ترى "بان المقتضيات المنصوص عليها في المادة 296 [11] من مدونة الانتخابات ، ولئن كانت تمنح الاختصاص للبت في الطعون المتعلقة بالقيد في اللوائح الانتخابية والترشيحات للمحاكم الابتدائية وجعلت هذا الاستثناء لا ينطبق بالنسبة للعمالات والأقاليم حيث يوجد مقر محكمة إدارية" فان ذلك يفيد بان المحاكم الابتدائية أصبحت تبت في تلك الطعون بصفة استثنائية وكأنها محاكم إدارية ، لما يتوخاه المشرع من مراعاة لمصلحة المواطنين من حيث تقريب القضاء منهم الشيء الذي يتعين معه القول بان الأمر يتعلق بقواعد الاختصاص المكاني لا النوعي. وهو نفس الموقف الذي أخذت به المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 14.05.1997 . 
ولعل القانون رقم36-08 المتمم والمغير للقانون رقم المتعلق بمدونة الانتخابات قد أضاف فقرة ثالثة للمادة 296 جاء فيها "تستأنف الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة أمام محاكم الاستئناف الإدارية" وهو ما يزكي إلى حد بعيد توجه المشرع نحو تكريس الولاية العامة للمحاكم الإدارية ، إلا انه وحكمة منه اثر التريث إلى حين ازدياد عدد المحاكم الإدارية بربوع المملكة ومنح الاختصاص بصفة استثنائية للمحاكم الابتدائية تقريبا للقضاء من المتقاضين ،وهو بالتالي اختصاص مكاني لتمكين المتقاضين من اللجوء إلى اقرب محكمة ، نظرا لما تتسم به الطعون الانتخابية بكونها مقيدة بآماد قصيرة تحت طائلة سقوط الحق. 

خـاتمة : 
إن هاجس القاضي الإنتخابي في تفعيل صلاحياته القضائية المتعلقة بمحاكمة مشروعية العملية الإنتخابية يبقى هو البحث عن ضمان سلامة الإقتراع واحترام إرادة الناخب، وهذا الهاجس يدفعه إلى بناء إطار منهجي قضائي قوامه الجرءة والواقعية، إطار منهجي من شأنه أن يجعل من القضاء الإنتخابي قضاء سلامة نتيجة الإقتراع أكثر منه قضاء شرعية العملية الإنتخابية بمعنى أن مجرد الخرق المادي للتشريع الإنتخابي قد لا يفضي بالضرورة إلى إلغاء الإنتخاب وبالموازاة مع ذلك تؤدي السلوكات الإنتخابية التي تمس بنزاهة وشرف الإقتراع إلى إلغاء الإنتخاب حتى ولو لم تشكل خرقا للقاعدة القانونية (عموما في حالة وجود فراغ تشريعي)، ومن هنا تضح خصوصية دور القاضي الإنتخابي. 

التوصيات: 
1. نوصي مشرعنا المغربي بالأخذ بمبدأ تعدد درجات التقاضي فيما يتعلق بالطعون الانتخابية ، فكافة الطعون الانتخابية، سواء التي تدخل في اختصاص المحكمة الإبتدائية أو الإدارية، تنظر على درجة واحدة، وهذا لا يحقق العدالة . 
2. نوصي مشرعنا المغربي بأن يسند الاختصاص بنظر كافة الطعون الانتخابية إلى المحكمة الإدارية ، باعتبارها طعون ذات طابع إجرائي إداري، تدخل في صميم عمل المحاكم الإدارية، و لا تدخل في اختصاص المحاكم الإبتدائية، فمحكمة العدل العليا باعتبارها محكمة قضاء إداري اقدر على تفهم روح القانون العام الذي يحكم هذا الموضوع .
---------------------------

لائحة المراجع : 

الكتب :
- ذ عسو منصور ذ نعيمة البالي ذ احمد مفيد "القانون الانتخابي المغربي" طبعة 2005 
- نجيب جيري –الفقه المنازعات الإدارية –طبعة 2012 – 
- ذ محمد قصري" المنازعات الانتخابية ورقابة القضاء الإداري " الطبعة الاولى 2009 
- المختار أعمرة- دراسة في قانون الشغل المغربي –الطبعة2009 
- V. Atias (C), « Réflexions sur les méthodes de la science 
du droit », D. 1983 

الظهائر :
- ظهير شريف رقم 1.59.161 صفر بتاريخ 27 صفر 1379 شنبر 1959 والمتعلق بانتخاب المجالس الجماعات الحضرية والقروية.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -