مقال بعنوان: اللاتمركز الإداري ومساهمته في تنفيذ برامج التنمية الإقتصادية والإجتماعية الجهوية و المحلية
مقدمة :
يعتبر اللاتمركز الاداري ذا أهمية قصوى سواء بالنسبة للادا رة او الجماعات الترابية او المواطنين. وفي هذا الاطار جاءت المصادقة مؤخرا من طرف الحكومة على مشروع المرسوم رقم 2.17.618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الاداري، والذي يعتبر اصلاحا مهما ومهيكلا سيتم تنفيذه بشكل تدريجي ووفق خارطة طريق سيتم وضعها. ولابد من الاشا رة هنا الى ان هذا المشروع ياتي تنفيذا للتوجيهات الملكية الواردة في العديد من الخطب كان اخ رها خطاب عيد العرش لسنه 2018، كما ياتي ايضا استنادا لمقتضيات دستور 2011 والذي بوأ الجهة مستوى الصدا رة بين مختلف الفاعلين المحليين وجعلها فضاء للحوار و التشاور و مجالا لاعداد السياسات العمومية ولبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جهويا ومحليا.
تعريف اللاتمركز الاداري :
يعتبر اللاتمركز الاداري لمصالح الدولة تنظيما اداريا مواكبا للتنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، واداة رئيسية لتفعيل السياسة العامة للدولة على المستوى الترابي، قوامه نقل السلط والوسائل، وتخويل
الاعتمادات لفائدة المصالح اللاممرك زة على المستوى الترابي، من اجل تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها، واتخاذ المباد رة تحقيقا للفعالية والنجاعة.
و يتضمن ميثاق اللاتمركز الإداري دورا محوريا للولاة فيما يخص التنسيق على المستوى الجهوي بين مختلف الإدارات المعنية، وأيضا لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة تشرف على وضع البرامج واستراتيجيات تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري وأيضا تقييمه وإعداد مقترحات لتطوير تنفيذه .
واقع اللاتمركز الاداري حاليا :
يتميز اللاتمركز الإداري في الوقت الراهن ب:
- استمرار هيمنة الادا رة المركزية على مراكز القرار .
- عدم التنسيق بين المصالح اللاممرك زة في تنفيذ البرامج على المستوى المحلي.
- تغطية التراب الوطني لا تتبع تطور التقسيم الترابي .
- بعض الجهات والاقاليم اقل جاذبية من غي رها للاطر ذات المستوى العالي من الكفاءة .
- غالبية الموارد البشرية تدبر من الادا رة المركزية .
أهداف سياسة اللاتمركز الاداري :
لقد سعت الحكومة من خلال إخراج ميثاق اللاتمركز الإداري إلى:
- التطبيق الامثل للتوجهات العامة لسياسة الدولة في مجال اعادة تنظيم مصالحها على الصعيدين الجهوي والاقليمي، و تحديد المهام الرئيسية الموكولة الى هذه المصالح .
- التوظيف الترابي للسياسات العمومية من خلال اخذ الخصوصيات الجهوية بعين الاعتبار في اعداد هذه السياسات وتنفيذها وتقييمها.
- مواكبة التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، والعمل على ضمان نجاعته وفعاليته.
- ارساء دعائم راسخة ودائمة لتعزيز التكامل في الوظائف والمهام بين المصالح اللاممركزة للدولة و الهيئات اللامركزية، ولا سيما منها الجماعات الترابية، وذلك من خلال السهر على :
* تفعيل اليات الشراكة والتعاون بينها.
* تقديم كل اشكال الدعم والمساعدة للجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها، ومواكبتها في انجاز برامجها ومشاريعها التنموية.
- ضمان التقائية السياسات العمومية وتجانسها وتكاملها على الصعيدين الجهوي والاقليمي، وتحقيق التعاضد في وسائل تنفيذها.
- تحقيق الفعالية والنجاعة في تنفيذ البرامج والمشاريع العمومية التي تتولى مصالح الدولة اللاممركزة الإشراف عليها أو انجازها أو تتبع تنفيذها.
- تقريب الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة الى الم رتفقين وتحسين جودتها وتأمين استمراريتها.
علاقة المصالح اللاممركزة للدولة بالجماعات الترابية :
من اجل مواكبة التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة القائم على الجهوية المتقدمة، تتولى المصالح اللاممرك زة للدولة، تحت اشراف والي الجهة او عامل العمالة او الاقليم، ممارسة المهام التالية :
- تقديم كل اشكال الدعم والمساعدة لفائدة الجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات والمقاولات العمومية ذات الاختصاص الترابي وكل هيئة من الهيئات المكلفة بتدبير مرفق عمومي.
- العمل على ارساء اسس شراكة فاعلة مع الجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات والمقاولات العمومية ذات الاختصاص الترابي في مختلف المجالات، ولاسيما عن طريق ابرام اتفاقيات او عقود باسم الدولة، بناء على تفويض خاص، مع التقيد بالتوجهات العامة للدولة وبرامج التنمية الجهوية المعتمدة .
- المساهمة في تنميه قدرات الجماعات الترابية وهيئاتها .
- مواكبة الجماعات الترابية وهيئاتها في ممارسة الاختصاصات الموكولة اليها، ولاسيما في انجاز برامجها ومشاريعها الاستثمارية وتمكينها من كل اشكال المساعدة اللازمة .
- تعزيز اليات الحوار و التشاور مع كافة المتدخلين على مستوى الجهة وعلى مستوى العمالة او الاقليم .
مساهمة اللاتمركز الاداري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية :
طبقا لدستور 2011 وكذلك القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، اصبحت الجهات تتمتع باختصاصات واسعة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي اصبح مطلوبا منها ان تبتكر اليات ووسائل لإيجاد الحلول للمعضلات التي يعيشها المغرب، حيث تزخر الجهات اليوم بموارد كثي رة سواء على المستوى الطبيعي او المستوى الثقافي، وبالتالي عندما نتحدث اليوم عن اللاتمركز الاداري فذلك يعني ضرو رة حل كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جهويا ومحليا، إذ يجب على الجهة طبقا للاختصاصات الموكولة لها ان تبحث وان تبتكر حلولا وان تسايرها الادا رات اللاممرك زة هناك من اجل ايجاد فرص الشغل على المستوى الجهوي.
ومن هنا تظهر اهمية المراكز الجهوية للاستثمار في تشجيع التنمية الاقتصادية والتشغيل، حيث ستتجه الجهة الى البحث عن الاستثمار عوض أن تبقى عالة على المركز في الرباط .
خاتمة:
ختاما، من اجل حكامة جيدة في تتبع تنفيذ هذا الورش المهيكل الهام المتمثل في اللاتمركز الاداري لابد من خارطة طريق لتنزيل هذه المقتضيات، حيث تسعى الدولة الى مقاربة جديدة في التدبير الاداري وذلك من خلال العديد من المبادئ والمفاهيم الجديدة التي تضمنتها الخطابات الرسمية وكذا البرامج الاصلاحية بالمغرب خلال العقد الاخير وشكلت المنطلقات الجديدة لتحديث التدبير والإصلاح
الشمولي والمتكامل و الذي اكده جلالة الملك في خطابه الاخير بمناسبة الذكرى 19 لعيد العرش المجيد .