عدم تعليل القرار التأديبي ومخالفته للقانون... إلغاؤه

عدم تعليل القرار الإداري ومخالفته للقانون يجعله متسما بتجاوز السلطة... إلغاؤه... نعم PDF

عدم تعليل القرار الإداري ومخالفته للقانون يجعله متسما بتجاوز السلطة... إلغاؤه... نعم PDF


المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالرباط 
قسم القضاء الشامل 
أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
حكم رقم : 3569
بتاريخ : 22 ذو القعدة 2012
الموافق ل : 8 أكتوبر 2012
ملف رقم : 541/5/2011

القاعدة
عدم تعليل القرار الإداري ومخالفته للقانون ......إلغاؤه..نعم
إن الإشارة في بناءات القرار الإداري المطعون فيه إلى محضر المجلس التأديبي، لا يغني عن الإفصاح في صلب هذا القرار عن الأسباب المبررة لاتخاذه، مما يعد خرقا للفقرة –ب- من المادة 2 من القانون رقم 01-03 المتعلق بإلزام الإدارات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، ويكون القرار المذكور بالتالي متسما بتجاوز السلطة لعيب في الشكل ومعرضا للإلغاء.
عدم جواز معاقبة الموظف عن الفعل مرتين...معاقبة الموظف وانتظار الإدارة ما ستسفر عنه المتابعة القضائية من أجل نفس الفعل، يجعل قرار الإدارة مخالفا لمقتضيات الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية .

باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
بتاريخ 22 ذو القعدة 1433 الموافق ل 8 أكتوبر2012
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
...................................................................رئيسا
...................................................................مقررة
...................................................................عضوا
بحضور السيد ..........................................مفوضاملكيا
وبمساعدة السيد .......................................كاتب الضبط

الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى، المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 26/12/2011 المعفى قانونا من أداء الرسوم القضائية، يعرض فيه الطاعن بواسطة نائبته أنه يعمل مساعدا تقنيا بالمحمية الملكية للقنص ومحاربة التصحر منذ سنة 1992، وبحكم طبيعة عمله التي تفرض عليه التواجد باستمرار بمقر عمله، استقر بمسكن كان موجودا سلفا بالغابة، إلا أنه فوجئ بإحالته على المجلس التأديبي بحجة إقامة بناية داخل المحمية وحظائر لتربية الدواجن، وللتأكد من حقيقة الأمر حضرت لجنة إلى عين المكان، لكنها لم تعثر على أي حيوانات داجنة داخل المحمية، فطلبت إخلاء الأكواخ المخصصة لحراس الغابة، وحررت محضرا أحيل على المحكمة الابتدائية بتمارة، معتبرا قرار حرمانه من الأجرة لمدة أربعة أشهر الذي بلغ به بتاريخ 09/12/2011 مجحفا في حقه، ومخالفا للقانون، ومبنيا على بيانات مغلوطة وغير موجودة، لذلك فهو يلتمس إلغاء قرار إقصائه عن العمل مع الحرمان من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية لمدة أربعة أشهر، وتمتيعه براتبه كاملا ابتداء من تاريخ بداية سريان العقوبة المذكورة، وأرفق طلبه بصورة شمسية لرسالة تبليغه بالعقوبة المذكورة وإشعار باستيلام.

وبناء على طلب الوكيل القضائي للمملكة عن المطلوبة في الطعن، المودع بكتابة الضبط بهذه المحكمة بتاريخ 19 يناير 2012 والذي التمس فيه مهلة لإعداد مذكرة للجواب.

وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف المطلوبة في الطعن - المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر- بواسطة نائبها بجلسة 05/03/2012 والتي التمس فيها عدم قبول الطلب، لكون الطاعن كان عالما بالقرار المطعون فيه منذ تاريخ مثوله أمام المجلس التأديبي ولم يتقدم بطعنه داخل الأجل القانوني، وإيقاف البت إلى حين بت القضاء العادي في المتابعة المنسوبة للمدعي، ورفض الطلب لثبوت خطأ هذا الأخير من جهة ولحق الإدارة في معاقبة الموظف من جهة ثانية.

وبناء على الحكم التمهيدي عدد 604 الصادر بتاريخ 28/05/2012 والرامي إلى إجراء جلسة بحث بمكتب القاضي المقرر يوم 25/06/2012 حيث تخلف عنها جميع الأطراف رغم التوصل.

وبناء على المذكرة التأكيدية بعد قرار العدول عن إجراء بحث، المدلى بها من طرف نائب المدعى عليها والمؤشر عليها بتاريخ 17/07/2012 ، والرامية إلى تأكيد التصريحات الواردة في باقي كتاباته المدلى بها في الملف.
وبناء على باقي الأوراق الأخرى المدرجة بملف المحكمة.

وبناء على الإعلام بإدراج القضية بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 17/09/2012 والمناداة على الأطراف، وحضور نائب المدعى عليه، وتخلف المدعي ونائبه، اعتبرت المحكمة القضية جاهزة، ثم أعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد تقريره الكتابي، فتقرر حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم الآتي نصه.

وبعد المداولة طبقا للقانون

في الشكل :
حيث دفعت الإدارة المطلوبة في الطعن بعدم قبول الطلب، لكون الطاعن كان عالما بالقرار المطعون فيه منذ تاريخ مثوله أمام المجلس التأديبي، ولم يتقدم بطعنه داخل الأجل القانوني المنصوص عليه في الفصل 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية.

وحيث إنه بعد دراسة المحكمة للدفع المثار، تبين بأن المدعي بلغ بالعقوبة التأديبية بتاريخ 09/12/2011 حسبما يتضح من الإشعار بالاستيلام المرفق بالمقال الافتتاحي، وتقدم بمقاله أمام هذه المحكمة بتاريخ 26/12/2011 أي داخل الأجل القانوني، علاوة أنه على فرض إخبار أعضاء المجلس التأديبي بالعقوبة المقترحة في حق الطاعن، فإن ما صدر عن المجلس المذكور لا يعدو أن يكون رأيا استشاريا تعوزه مصادقة سلطة التسمية ليرقى إلى مستوى القرار الإداري، وتبليغ الإدارة المعنية المعني بالأمر بالقرار المكتوب وفق ما ورد في رسالة وزير الشؤون الإدارية الموجهة إلى السيد الأمين العام للحكومة تحت عدد 839 بتاريخ 19/08/1981 والمحددة لتاريخ احتساب بداية سريان العقوبة التأديبية والذي هو تاريخ تبليغ المعني بالأمر بها، لأجل ذلك، فإن الدفع المثار يبقى غير ذي جدوى، ويتعين استبعاده والتصريح تبعا لذلك، بقبول الطلب شكلا لتقديمه داخل الأجل القانوني من ذي صفة ومصلحة ومستوفي لجميع الشروط الشكلية.

في الموضوع:
حيث يهدف الطلب إلى إلغاء القرار المؤرخ في 18/10/2011 والمبلغ إلى الطاعن بتاريخ 09/12/2011 تحت رقم 5335 م م ب ش مع تمتيعه براتبه كاملا ابتداء من تاريخ التوقف عن الدفع.

وحيث دفعت الإدارة المطلوبة في الطعن بإيقاف البت في الطلب إلى حين بت القضاء العادي في المتابعة المنسوبة للمدعي، ورفض الطلب لثبوت خطأ هذا الأخير من جهة ولحق الإدارة في معاقبة الموظف من جهة ثانية.

وحيث تبين للمحكمة من خلال الإطلاع على الوثائق المدلى بها في الملف ودراستها لكافة معطيات القضية أن الطعن أسس على وسيلتين اثنتين وهما:
1- انعدام التعليل.
2- مخالفة القانون.

أولا: بخصوص الوسيلة المستمدة من انعدام التعليل:
وحيث إنه فيما يخص الوسيلة المستمدة من انعدام التعليل، حيث أورد المدعي في مقاله أن القرار التأديبي بني على بيانات مغلوطة وغير موجودة.

وحيث إنه بالرجوع إلى رسالة الإخبار بقرار المجلس التأديبي الموجهة إلى الطاعن المرفقة بالمقال الافتتاحي، يتبين أنه لم يشر إلى أسباب إحالة الطاعن على المجلس التأديبي حيث أشار فقط إلى تاريخ انعقاد المجلس التأديبي ومكانه والعقوبة التأديبية، مشيرا في طرة هذه الرسالة إلى إرفاقه بنسخة من محضر اجتماع المجلس التأديبي، مما لم يسمح للمحكمة من مراقبة مدى جدية وصحة الأسباب والعلل المعتمدة بخصوص العقوبة التأديبية محل النزاع.

وحيث استقر الإجتهاد القضائي المغربي على أن الإشارة في بناءات القرار الإداري المطعون فيه إلى محضر المجلس التأديبي، لا يغني عن الإفصاح في صلب هذا القرار عن الأسباب المبررة لاتخاذه، مما يعد خرقا للفقرة - ب- من المادة 2 من القانون رقم 01-03 المتعلق بإلزام الإدارات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، التي ورد فيها : " تخضع للتعليل، مع مراعاة أحكام المادتين 3 و 4 من هذا القانون، علاوة عن القرارات الإدارية التي أوجبت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل تعليلها، القرارات الإدارية التالية: ... ب- القرارات الإدارية القاضية بإنزال عقوبة إدارية أو تأديبية".

وحيث أشارت المادة الأولى من القانون المذكور على تحديد معنى التعليل مشيرة إلى أن المقصود به هو الإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها، ومن تم يكون القرار المطعون فيه غير مرتكز على أسباب تبرره، الشيء الذي يجعله موسوما بالتجاوز في استعمال السلطة، ويتعين التصريح بإلغائه، مع ترتيب ما يجب على ذلك من آثار قانونية.

ثانيا: بخصوص الوسيلة المستمدة من مخالفة القانون:
وحيث إنه فيما يخص الوسيلة المستمدة من مخالفة القرار المطعون فيه للقانون، فإنه بعد تفحص المحكمة لما جاء في هذه الوسيلة، والدفوع المثارة بشأنها، تبين لها أن طلب المطلوبة في الطعن بإيقاف البت إلى حين بت القضاء العادي في المتابعة المنسوبة للمدعي يتناقض ومقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية التي تنص على أن: " ..الموظف إذا أجريت عليه متابعات جنائية، فإن حالته لا تسوى نهائيا إلا بعد أن يصير الحكم الصادر عليه من المحكمة التي رفعت لها القضية نهائيا " وذلك حتى لا يعاقب الموظف عن الفعل الواحد مرتين بسبب إخلالات مهنية ترتبط بالجانب الوظيفي ومن أجل متابعة قضائية تتعلق بنفس الفعل.

وحيث إنه كان على الإدارة المطلوبة في الطعن أن لا تصدر أي مقرر تأديبي طالما أنها بادرت إلى تحريك متابعة قضائية في مواجهة الطاعن، مما يفسر طلبها للمحكمة بإيقاف البت في أمور لا علاقة لها بملف الدعوى لانفراد القرار التأديبي الطعين ليكون وحده محلا للطعن، بل إن محاولة ربط القرار التأديبي بالمتابعة القضائية من أجل نفس الفعل الذي سبق أن أدانت بموجبه الإدارة الطاعن، يتضح أنها استعجلت في اتخاذ قرارها وخالفت بذلك مقتضيات الفصل 73 المذكور، مما تكون معه الوسيلة المشار إليها بهذا الصدد مبنية على أساس سليم، ويتعين اعتمادها.

وحيث إنه أمام صحة الوسيلتين معا يكون القرار المطعون فيه مشوبا بعيبي انعدام التعليل ومخالفة القانون، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.

المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات المواد 3 و 5 و 7 و 8 من القانون 41-30 والمحدثة للمحاكم الإدارية، وقانون المسطرة المدنية، والظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية حسبما وقع تغييره وتتميمه والظهير الشريف رقم 1.02.202 بتنفيذ القانون 01.03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها.

لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا حضوريا:
في الشكل: قبول الطلب.
وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -