تمليك الأراضي السلالية في القانون المغربي

عرض بعنوان: تمليك الأراضي السلالية في القانون المغربي PDF

تمليك الأراضي السلالية في القانون المغربي PDF

مقدمة : 
تعتبر الملكية العقارية إحدى الدعائم الأساسية لتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية في مختلف الدول، ولا يتأتى تحقيق ذلك إلا بوضع قوانين، تراعي الحفاظ على قيمتها من جهة، وصيانة حقوق مالكيها من جهة ثانية1. والتي ارتقى بها المشرع المغربي إلى مصاف الحماية الدستورية بموجب الفصل 35 من الدستور2، والذي اعتبر حق الملكية العقارية من أهم الحقوق الراجعة للأفراد التي لا يمكن المساس بها إلا بموجب القانون ووفق إجراءات محددة سلفا.
إذ أن النظام العقاري بالمغرب، يتميز بتعدد أنواع العقارات، واختلاف أصناف الملكية العقارية ،إذ لا تظهر الازدواجية القائمة بين عقار محفظ وعقار غير محفظ، وإنما يتجاوز ذلك إلى أنماط مختلفة، ضاربة في أعماق التاريخ المغربي، وهذا التعدد والتنوع أدى إلى تداخل على مستوى القواعد والقوانين المنظمة لهذه العقارات، حيث تستقي بعضها مصدرها من قواعد الفقه الإسلامي، وبصفة خاصة من مذهب الإمام مالك والراجح والمشهور وما جرى به العمل، وبعضها يجد سنده في الأعراف المغربية، والبعض الأخر إخضاعها للتنظيم التشريعي خاصة ما يتعلق بالقوانين العقارية لسنة 1913و 1915و 1919 وقانون الالتزامات والعقود والتشريعات عقارية مختلفة اختصت بتنظيم مقتضيات ذات طبيعة خاصة.3
فضلا عن تمييز النظام العقاري المغربي عن غيره من الأنظمة المقارنة بالتنوع والتعدد ،إذ بالإضافة إلى الأملاك الخاصة أو الفردية، نجد أنواعا أخرى يمكن إجمالها في خمس: أملاك الدولة العامة، أملاك الدولة الخاصة، أراضي الأحباس ،أراضي الجيش،أراضي الجموع أو ما يسمى بالأراضي السلالية أو الجماعية.4
ويمكن تعريف أراضي الجماعات السلالية او أراضي الجموع بأنها: أراضي ترجع في ملكيتها إلى جماعات سلالية في شل قبائل آو دواوير آو عشائر قد تربط بينهم روابط عائلية أو روابط عرقية واجتماعية، ودينية وحقوق الأفراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة.5
وتحتل الأراضي السلالية مكانة خاصة سواء على المستوى الإقتصادي أو على المستوى الإجتماعي، بحيث تبلغ مساحتها ما يناهز 15 مليون هكتار، وتتنوع طبيعتها من أراضي رعوية ، أراضي فلاحية ، غابات ، مقالع ، أراضي مخصصة للسكن والتي تعدت المدار الحضري بعديد من المدن المغربية .
أما من حيث عدد سكانها فيزيد عن 9 ملايين نسمة وتحتوي على ما يفوق 2246 جماعة سلالية.6
وقد اختلف الباحثين في التأصيل التاريخي للأراضي السلالية بشكل دقيق، فإن المجمع عليه، أن هذه الأراضي ظلت تخضع في تسيير وتدبير شؤونها للعادة والعرف المحلي لكل قبيلة، كنظام أساسي لها في جو يسوده الاستقرار والتضامن الاجتماعي بين أعضاء الجماعة ، لكنه لم يدم طويلا بعد فرض الحماية على المغرب سنة 1912 حيث عمت الفوضى والمضاربة العقارية في العالم القروي، وسارع السكان إلى إقامة رسوم الملكية للأراضي المخولة لهم في إطار القسمة التقليدية، أو أراضي الجموع التي لا يوجد من ينازع فيها، وكان كل يعمل لمصلحته الخاصة حسب ما توفر عليه من جرأة ونفوذ وجاه .
وللحد من هذه التجاوزات والخروقات عمدت سلطات إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابيرالكفيلة بإعادة الاستقرار والحفاظ على الموروث الجماعي من الاستيلاء، ومن أهمها صدور عدة قوانين من أبرزها ظهير 27 ابريل 1919 الذي يعد بمثابة ميثاق للأراضي السلالية والذي عرف بدوره بعد الاستقلال عدة تعديلات المؤرخة في 28يوليوز 1959 والذي هم بالخصوص تشكيل الوصاية، حيث تم بموجبه وضع هذه الأراضي تحت وصاية إدارية متمثلة في وزير الداخلية إلى جانب مجلس الوصاية، ثم تلاه ظهير 6 فبراير 1963 الذي أكد ولاية الدولة على الأراضي السلالية. والذي عدل بدوره بقوانين لاحقة كالقانون 62-17 و القانون رقم 63-17 والقانون 64-17 .
بما أن الملكية العقارية تعد المادة الأولية وأساس إي مشروع تنموي اقتصادي أو اجتماعي، فان توزيع هذه الملكيات في الوقت الراهن حظي بالتفاتة ملكية، حيث دعا جلالته حفظه الله إلى تعزيز وتسهيل الولوج للعقار، وجعله أكثر انفتاحا على المستثمرين ، سواء منهم الأشخاص أو المقاولات، موضحا حفظه الله :
أن تعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد انجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي، لا يمكن إلا أن تشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي وخاصة لذوي الحقوق، وهو ما يمكن من تعبئة على الأقل مليون هكتار إضافية من هذه الأراضي وأضاف على غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فانه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق[1].
وتفعيلا للتوجيهات الملكية بجعل الأراضي السلالية أداة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعبئتها قصد انجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي، فإن مغرب اليوم يشهد إطلاق عملية كبرى تمثل ميلاد ديناميكية جديدة في عمل الدولة المغربية ورغبتها في إحداث نقلة جديدة في إعادة تنظيم الوضع القانوني للأراضي الجموع على وجه الخصوص والأراضي الفلاحية بشكل عام.
وتتجلى أهمية دراسة هذه الموضوع في المكانة التي تحظى بها الأراضي السلالية ضمن النسيج العقاري المغربي، ومدى مساهمتها في تحقيق التنمية المنشودة اقتصاديا واجتماعيا ،باعتبارها من أهم الأنظمة العقارية في الوقت الحالي، خصوصا في ظل شمول نطاقها للمدار الحضري في العديد من المدن المغربية.
بالإضافة إلى أهمية الملكية العقارية في حياة الأفراد ولقيمتها التصاعدية في السوق الاقتصادية.
ولكي يتسنى لنا دراسة هذا الموضوع من مختلف جوانبه، فلابد من الحديث عن مظاهر الحماية القانونية والإدارية للأراضي المملوكة للجماعة السلالية ،وتسليط الضوء على مسطرتي التصفية القانونية (التحديد الإداري والتحفيظ العقاري) كرافعة أساسية لتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، إذ سنحاول تناوله وفق الإشكالية التالية :
- إلى أي حد ساهمت المستجدات التشريعية في إضفاء حماية قانونية فعالة على الأراضي السلالية باعتبارها ركيزة أساسية لتشجيع عملية الاستثمار ؟ وما هي الآليات المؤسساتية والإدارية المعتمدة لتوسيع عملية التصفية القانونية للأراضي المملوكة للجماعات السلالية لفائدة ذوي الحقوق ؟
ولمقاربة هذه الإشكالية وما يتفرع عنها، ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين رئيسيين على الشكل التالي:

 المبحث الأول: مظاهر الحماية القانونية والإدارية للأراضي الجماعة السلالية
 المبحث الثاني: آليات الاستثمار في الأراضي المملوكة للجماعات السلالية

---------------------------
لائحة المراجع :

الظهائر الشريفة: 
- ظهير الشريف رقم 115.19.1 صادر في 7 ذي الحجة 1440 (9 اغسطس 2019) بتنفيذ القنون رقم 62-17 بشان الوصاية الادارية على الجماعات السلالية وتدبير املاكها.1
- ظهير شريف رقم 116.19.1 صادر في 7 ذي الحجة 1440 (9 اغسطس 2019) بتنفيذ القانون
63-17 المتعلق بالتحديد الاداارس لاراضي الجماعات السلالية.
- ظهير الشريف رقم 117.19.1 صادر في 7 ذي الحجة 1440 (9 اغسطس 2019) بتنفيذ القانون رقم 64-17 الجريد الرسمية عدد 6807 ص 5895 يتعلق باراضي الجماعات السلالية الواقعة في دوائر الري.
- ظهير شريف رقم 10.95.1 صادر في 22 القانون رقم 33-94 المتعلق بدوائر الاستثمار في الأراضي الفلاحية غير المسقية كما تم تعديله بالقانون رقم 13-113 المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوبة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 53-16-1 في 19 رجب 1437 (27 ابريل 2016) الجريدة الرسمية عدد 6466 بتاريخ 12 شعبان 1437 (19 ماي 2016 ص 3861.)
- المرسوم رقم 973.19.2 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6849. والمتعلق بتطبيق القانون 62-17 بشان الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير املاكها.

الكتب : 
- امينة مبروك مهلاوي: مدخل لدراسة النظام العقاري المغربي ،مطبعة المعارف الجديدة ، الطبعة الأولى 2018.
- محمد النعناعي: إرشاد الساري إلى أصول التحفيظ العقاري، مطبوعات الاحمدية، الطبعة الأولى ،2017
- اادريس الفاخوري: الحقوق العينية وفق القانون رقم 08-39 مطبعة المعرف الجديدة الرباط . الطبعة 2017.
- محمد خيري: العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، منشورات المعارف ، مطبعة المعارف الجديدة ، 2014 .
- العربي محمد مياد : تأملات في قانون المنظم للجماعات السلالية ، سلسلة إعلام وتبصير المستهلك ،مطبعة الأمنية ، طبعة 2014، الرباط .
- جمال خلوق : التدبير الترابي بالمغرب : واقع الحال ومطلب التنمية مكتبة الرشاد سطات الطبعة الاولى فبراير 2009 . 

ندوات: 
- محمد الوكاري: العقار بين الازدواجية وتعدد الأنظمة ومتطلبات التنمية الحضرية مساهمة في ندوة الأنظمة العقارية في المغرب.
- عبد العزيز بلقزيز: العقار والتنمية المستدامة، مساهمة في ندوة العقار والاستثمار المنعقدة بكلية الحقوق بمراكش.

المقالات وأطروحات: 
- سعيد زياد: أراضي الجماعات السلالية التدبير والمنازعات ، منشورات مجلة الحقوق .الإصدار التاسع سلسة الدراسات والأبحاث النجاح الجديدية السنة 2016 ،
- الحسين حيا، الوصاية الإدارية على أراضي الجموع ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية ،تخصص القانون المدني، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، اكدال ، السنة الجامعية 2015، 2016.
- انوار الهاشمي: الإطار القانوني المنظم لاراضي الجموع بالمغرب بين اشكاليات الواقع وتطلعات المستقبل، رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية تخصص القانون المدني، جامعة محمد الخامس الرباط ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكدال ، 2014-2015
- مداخلة للدكتور عبد الرحمان الشرقاوي بعنوان: أراضي الجموع من خلال العمل القضائي لمحكمة الاستئناف بالرباط، العدد السادس لمجلة سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط لسنة 2013 Ø فاطمة شعوب: أراضي الجموع على ضوء العمل القضائي، المعهد العالي للقضاء. الفوج 36. السنة .2010-2009
- محمد العايش صغيري: أراضي الجماعات السلالية بين الواقع والأفاق جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاجتماعية بوجدة رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار سنة 2008-2009.
- عبد القادر بوحامد، الاستثمار العقاري في قطاع الإسكان بالمغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار كلية الحقوق جامعة محمد الأول، وجدة السنة الجامعية 2004-2005 .
- عبد القادر بوحامد، الاستثمار العقاري في قطاع الإسكان بالمغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا امعمقة في القانون الخاص ، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار كلية الحقوق حامعة محمد الاول، وجدة السنة الجامعية 2004-2005.
- محمد مومن: أملاك الجماعات السلالية وأراضي الكيش، منشورات مجلة الحقوق سلسلة المعارف القانونية والقضائية، الأنظمة العقارية بالمغرب الجزء الأول.

تقارير: 
- تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة دورة ابريل 2019 السنة التشريعية الثالثة 2018-2019 الولاية التشريعية العاشرة 2016-2021
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -