الإقرار الإلكتروني للضريبة في القانون المغربي

مقال بعنوان: الإقرار الإلكتروني للضريبة  في القانون المغربي

الإقرار الإلكتروني للضريبة في القانون المغربي

مقدمة : 
عملت المديرية العامة للضرائب على اعتماد عدة وسائل و تقنيات تهدف إلى تمكين الملزم من الإقرار الالكتروني للضريبة، و ذلك بالاستناد على مقتضيات المدونة العامة للضرائب و كذا القرارات التطبيقية الصادرة عن وزير الاقتصاد و المالية، و يطلق على خدمات الإقرار الالكتروني و الأداء الالكتروني للضرائب e-services simple. إلا أن اعتماد هذا النظام المعلوماتي قد يثير مجموعة من الإشكاليات من حيت واقعه العملي، و خصوصا منها ما قد يرتبط بمدى أثار و قانونية هذه العمليات الالكترونية المرتبطة بإقرار الملزم الضريبي، و من بين الأسئلة التي يمكن إثارتها في هذا السياق، هل نظام simple يتيح إمكانية إرسال مرفقات عند الإقرار الضريبي ؟ إلى أي حد يمكن اعتبار التصريح الإلكتروني كوسيلة للإثبات و حجة قانونية ؟ هل يمكن تغير التصريح الالكتروني في حالة الخطأ؟ هل هذا النظام المعتمد يتيح إمكانية المنازعة ؟
و من هنا يمكن القول أن الإجراءات المسطرية المعتمدة للإقرار الالكتروني للضريبة تمر عموما من خلال وضع التصريح أولا، ثم التعامل مع الأخطاء الواردة أثناء عملية الإقرار و كذا المنازعات المرتبطة بها إن وجدت. 
و على ضوء ما سبق يمكن أن نقسم موضوعنا إلى محورين نخصص الأول: للمكانة القانونية للتصريح الالكتروني للضريبة من حيث الإثبات، على أن نتطرق في المحور الثاني: إلى كيفية التعامل مع الخطأ في الإقرار الالكتروني. 

المحور الأول: المكانة القانونية للتصريح الالكتروني للضريبة من حيث الإثبات 

يعتمد الإقرار الالكتروني للضريبة بالطريقة الالكترونية إلى جانب الطريقة العادية كسبيل ناجع و فعال، فهو يضمن ربح الوقت إلى جانب كون أنه يعد وسيلة قانونية معتمدة كما هو الشأن بالنسبة للطريقة العادية، و ما يمنحه قوة إثبات قانونية للمعاملات الضريبة بنفس الدرجة التي تنتجها طرق الإقرار الكلاسيكية، و هو الأمر الذي تأكده المادة 155 من المدونة العامة للضرائب من خلال عبارة مكررة في جميع فقرات المادة مفادها" أن لهذه الإقرارات الالكترونية نفس الآثار القانونية للإقرارات المحررة وفقا أو على مطبوع نموذجي تعده الإدارة المنصوص عليها في هذه المدونة"، كرست هذا الأمر المادة 169 المتعلقة بالأداء الالكتروني للضريبة و هو ما يبين أن للإقرار الالكتروني للضريبة نفس القيمة القانونية الممنوحة للإقرار العادي، كما يتعزز هذا الطرح من خلال القرارات التطبيقية الصادرة عن وزير الاقتصاد و المالية المتعلقة بمساطر و شروط الإقرار و الأداء الالكتروني للضريبة ،على سبيل المثال؛ نجد كل من القرارين رقم 1665.13 و 1666.13 المتعلقين على التوالي بالإقرار الالكتروني للضريبة على القيمة المضافة، و على الشركات الصادرين في 24 ماي 2013 حيث أكد في المادتين الثانية و الثالثة في كل منهما:
على أنه للمستفيدين من الإقرار الإلكتروني للضريبة أن يحصلوا على شهادات مثبتة لهاته العمليات الإلكترونية مسلمة من طرف المديرية العامة للضرائب أو مقدمو الخدمات الالكترونية المعتمدين، و الأكثر من ذلك فيجب أن يتضمن الإقرار و الأداء الإلكترونين توقيعا الكترونيا شخصيا للخاضع للضريبة، وذلك باعتماد الشهادة الالكترونية المذكورة، و من الوسائل الداعمة لقوة الإقرار الالكتروني في ميدان الإثبات نجد كذالك الوصولات و الإشعارات التي تصدرها المصالح العامة التابعة للمديرية العامة للضرائب لفائدة الملزم و التي تبين ساعة و تاريخ توصل مصالح مديرية الضرائب بالإقرار و هذا ما جاء واردا صراحة في المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 1666.13 المتعلق بمسطرة الإقرار الإلكتروني و الأداء الإلكتروني للضريبة على الشركات.
و تعتبر هذه الإجراءات تصرفات مسطرية مهمة أثناء المعاملات الضريبية بين الملزم و الإدارة تمنح للإقرار الإلكتروني حجته القانونية للازمة حين الإثبات.
و لدعم هذه القوة الإثباتية للإقرار و الأداء الإلكترونيين وضع المشرع رهن إشارة الملزمين بالضريبة إمكانية إرسال بعض المرفقات أثناء المعاملات الضريبية مع الإدارة ،خصوصا فيما يتعلق بعملية الأداء، و يعبر عن هذه المرفقات من خلال المدونة العامة للضرائب بالدفعات ذات الصلة، كما نصت على ذلك الفقرة الأولى من المادة 169 و التي جاء فيها " يمكن للخاضعين للضريبة أن يؤدو مبلغ الضريبة و الدفعات المنصوص عليها في هذه المدونة لدى إدارة الضرائب بطريقة إلكترونية وفق الشروط المحددة بقرار للوزير المكلف بالمالية " و تجدر الإشارة إلى أن إرسال هذه المرفقات سالفة الذكر يتم من خلال نظام الإقرار الإلكتروني e-services simple بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة، أما بالنسبة للمرفقات الصادرة عن الأشخاص المعنوية الخاصة فيتم إرسالها من خلال نظام إلكتروني أخر مختص يطلق عليه اسم EDI.
و مما ينبغي الإشارة إليه هو كون أن قوة الإثبات التي يتمتع بها الإقرار الإلكتروني للضريبة قد تكون حاسمة فيما يخص الأخطاء المرتكبة أثناء عملية الإقرار و المنازعات المرتبطة بها. 

المحور الثاني: كيفية التعامل مع الخطأ في الإقرار الإلكتروني 

يمكن للملزم بالضريبة في حالة الإقرار الالكتروني أن يقوم بتصحيح ذلك الخطأ في حالة الإقرار بالطرق العادية، و هو الأمر الذي قد يؤدي في بعض الحالات إلى سلوك مسطرة المنازعة الإدارية بسبب هذا الخطأ، أما في حالة تعذر الإقرار الإلكتروني للضريبة داخل الآجال المنصوص عليها قانونا لأي سبب من الأسباب كتعطل النظام الإلكتروني عن العمل، يمكن للملزم أن يقوم بالإقرار بواسطة الطرق العادية، وهو ما يسمى قانونا بالطرق المعتادة و هذا ما نصت عليه المادة السادسة من قرار رقم 1666.13 الصادر عن الوزير المكلف بالمالية لسنة 2013 على انه في حالة " تعذر لأي سبب من الأسباب الولوج إلى الخدمة الإلكترونية للإقرار الالكتروني و الأداء الإلكتروني توجب على الخاضعين للضريبة المعنيين القيام بواجباتهم الضريبة بالوسائل المعتادة ".
و في هذا الإطار فالقانون يعطي للملزم إمكانية تغيير التصريح بالزيادة، أما إذا تعلق الأمر بحالة طلب النقصان من حجم الوعاء الضريبي المصرح به فإن الأمر لا يتم إلا من خلال سلوك المسطرة التنازعية، و السؤال الذي قد يثور بخصوص هذه النقطة هو هل النظام الإلكتروني المعتمد يتيح للملزم إمكانية هذه المنازعة ؟
إذا ما رجعنا إلى ما ذكرنا في المحور الأول حيث تبين بتساوي القيمة القانونية و الإثباتية لكل من طريقتي الإقرار العادية و الالكترونية فإنه يتبين أن هذه الأخيرة تتيح للملزم على غرار إجراءات الإقرار العادية إمكانية المنازعة من أجل النقصان، أو من أجل الخفض من رقم الوعاء الضريبي المصرح به تحت دريعة الخطأ، و ذلك مادامت أن هذه الطريقة الإلكترونية معتمدة قانونا و تحمل نفس القوة الإثباتية.
و قد بينت القرارات التطبيقية الصادرة عن وزير الاقتصاد و المالية أنه يجب على مديرية الضرائب أن تتخذ جميع الإجراءات الضرورية للمحافظة على كل المعطيات المتعلقة بالإقرار الإلكتروني للضريبة المصرح به المعتمد من قبل الملزم، و ذلك تحسبا لإثارة أي منازعة في هذا السياق، و هذا ما نستشفه من خلال ملحق قرار وزير الاقتصاد و المالية رقم 1666.13 الصادر سنة 2013 و المتعلق بمسطرة الإقرار و الأداء الإلكتروني للضريبة على الشركات، الذي نص في الفقرة الأخيرة منه المتعلقة بقواعد السلامة التي نصت على ما يلي : 
"تقوم المديرية العامة للضرائب بحفظ الإقرارات الإلكترونية و الأداءات الإلكترونية الموقعة الكترونيا التي تتوصل بها و كذا التوقيعات المرتبطة بها، وذلك من أجل المراقبة و الرجوع إليها في حالة المنازعة..."

خاتمة : 
 انطلاقا مما سبق نخلص إلى أن الإقرار بالضريبة من خلال النظام الالكتروني المعتمد يحمل نفس القيمة و الآثار القانونية التي يرتبها الإقرار بالطرق الكلاسيكية، سواء تعلق الأمر بالإثباتات و الحجج القانونية و تيسر تصريح الملزم، و فتح إمكانية المنازعة إلى غير ذلك من الآثار و النتائج، و الأكثر من ذلك فالإقرار و الأداء الإلكتروني للضريبة أصبح يؤدي خدمات جليلة لكل من الإدارة و الملزم تتعلق أساسا بربح الجهد و ضبط المعلومة، هذه النقط الإيجابية و غيرها للإقرار الإلكتروني جعلت المشرع يحث الملزم شيأ فشيأ على التوجه نحو تعميم اعتماد الإقرار الالكتروني للضريبة بدلا من الطرق الكلاسيكية وهذا ما يتضح من خلال فرض زيادة تبلغ 1% في حالة التغاضي عن الإقرار الإلكتروني كما جاء منصوصا عليه في المادة 187 مكررة من المدونة العامة للضرائب.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -