منازعات الشرطة الإدارية الجماعية

عرض بعنوان: منازعات الشرطة الإدارية الجماعية PDF

منازعات الشرطة الإدارية الجماعية PDF

مقدمة :
يعتبر النشاط الإداري مكونا أساسيا من مكونات القانون الإداري بالمغرب والوسيلة التي من خلالها تباشر الإدارة مهامها المختلفة خدمة لمرتفقيها وعموم المواطنين. ويشكل هذا النشاط الآلية التي يمكن من خلالها قياس مدى نجاعة وفعالية الإدارة وكفاءتها في التعاطي مع الإشكالات اليومية التي تواجهها بمناسبة مباشرتها لمهامها.
وقد تطور النشاط الإداري بموازاة مع تطور مفهوم الدولة وتوسع مجالات تدخلها وتشعب اختصاصاتها، حيث انتقلت بذلك من مجرد دركي في إطار المنظومة التقليدية إلى جهاز ضبطي تدخلي. فكان لزاما أن تتطور مع ذلك الوسائل الضبطية من أجل التحكم أكثر في النشاط البشري والحفاظ على النظام العام داخل المجتمع.
من هنا تبرز أهمية الشرطة الإدارية (كجهاز وكنشاط) في الاضطلاع بهذه المهمة الصعبة والحساسة. فإذا ما كانت ممارستها سليمة ومستندة إلى المشروعية القانونية فإنها ستشكل عامل استقرار في المجتمع،بما تقوم به من صيانة للحقوق وحفظ النظام العام. 
أما إذا ما تم تحريف مهامها وجنحت نحو خدمة المصالح الشخصية عوض الاستثمار في خدمة الصالح العام فإنها بذلك ستصبح أداة لهدم ركائز الثقة التي تربط الدولة بالمجتمع.
وحيث أن عيوب المشروعية غالبا ما تلاحق التصرفات المادية والقانونية للإدارة، فإنه تبعا لذلك تنشأ المنازعات الإدارية وتكثر الدعاوى المرفوعة في مواجهة الإدارة، مما يتيح الفرصة للقضاء الإداري لممارسة رقابته على مشروعية قراراتها وتصرفاتها المادية، خصوصا ما يتعلق منها بالشرطة الإدارية.
واعتبارا للاختصاصات المخولة للجماعات في مجال الشرطة الإدارية، والتي عززتها التحولات الدستورية والمؤسساتية والتشريعية بعد المصادقة على دستور 2011، فقد أصبحت المنازعات المرفوعة ضد هذه الجماعات، والتي غالبا ما تكون قرارات الشرطة الإدارية المنتخبة موضوعا لها، تحتل حيزا هاما لدى القضاء الإداري لعدة اعتبارات نذكر منها:
- نزوع المرتفقين نحو مقاضاة الإدارة عموما والجماعات على وجه الخصوص في ظل ارتفاع منسوب الوعي القانوني لدى أفراد المجتمع في الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم؛ 1 
- تغاضي الفاعل السياسي المسؤول عن تدبير الشأن المحلي عن إعمال المساطر القانونية وجهله أحيانا بالمقتضيات المرتبطة بعمل الشرطة الإدارية، مما يجعل تصرفاته غالبا مشوبة بعيوب المشروعية؛ 
- الدور الفعال الذي أصبح يلعبه القضاء الإداري في حماية الحقوق والحريات، وإلغائه للعديد من القرارات الصادرة عن الجماعات في مجال الشرطة الإدارية. وقبل أن نبسط الإشكالية المحورية لهذا الموضوع، يجدر بنا أن نعرج باختصار على التعريف بالكلمات المفاتيح ليشكل منها موضوع هذا البحث.
فالشرطة الإدارية لها تعريفات ومفاهيم متعددة، لكن يمكن اختزالها في كونها الوسيلة القانونية التي تبيح للإدارة التدخل للحفاظ على النظام العام بكافة مدلولاته في إطار الاختصاصات المخولة لها.2 
وتستمد الشرطة الإدارية الجماعية أهميتها من كونها مرتبطة أساسا بحقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية من أمن وطمأنينة وسكينة.3
ونطرح هنا مصطلح الشرطة الإدارية بمعنييه المادي والعضوي. وذلك لنعني به في نفس الوقت النشاط الذي يشكل محتواه والأجهزة التي يعود إليها الاختصاص في ممارسته. ويرجع ذلك أساسا إلى كون العناصر التي يقوم عليها مفهوم الشرطة الإدارية تظل عامة وغير دقيقة رغم تحديدها في الأمن والصحة والسكينة. 
يدل على ذلك عدم دقة النظام العام الذي يشكل مجال التفاعل لهذه العناصر.
وقد ذهب بعض الباحثين إلى التمييز بين الشرطة الإدارية والشرطة القضائية اعتمادا على مجموعة من المعايير منها المعيار العضوي ومنها المعيار الغائي. لكن في المحصلة فإن الشرطة الإدارية مهمتها وقائية في حين أن مهمة الشرطة القضائية زجرية.5
أما المنازعات الإدارية فهي الاختلاف الذي يمكن أن يقع بين متخاصمين تكون الإدارة أحد أطرافه حول تنفيذ مقتضى قانوني، حيث يلجأ الطرف المتضرر إلى سلوك مسطرة التشكي لدى الجهات القضائية المختصة من أجل استصدار حكم لإنصافه. 
أما الجماعة فهی، فهي كما عرفتها المادة 2 من القانون التنطيمي المتعلق بالجماعات، أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة، وهي جماعة ترابية خاضعة للقانون العام تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي.
ترتكز مقاربة إشكالية هذا الموضوع على تحليل الدور الذي تلعبه الرقابة بشقيها الإداري والقضائي في تحقيق التوازن بين ممارسة الأشخاص والجماعات لحقوقهم وحرياتهم في التصرف وفق ما أقرته المقتضيات الدستورية وبين أساليب الضبط الإداري التي تلجأ لها الجماعات من أجل الحفاظ على النظام العام وتحقيق الأمن والطمأنينة داخل النفوذ الترابي التابع لها والتي تعتبر الشرطة الإدارية أحد أدواتها.
من أجل معالجة هذه الإشكالية سنعتمد على تقسيم ثنائي للموضوع يرتكز على فصلين إثنين:

الفصل الأول: الأسس القانونية لعمل الشرطة الإدارية
الفصل الثاني: الرقابة على الشرطة الإدارية
___________________________
لائحة المراجع :

1- المصادر القانونية :
- ظهير شريف رقم 91.11.1 صادر في 27 من شعبان 1432(29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور، ج ر عدد 5964 مكرر 28 شعبان 1432 )30 يوليو 2011 
- القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 85.15.1 بتاريخ 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015)، ج رعدد 6380 بتاریخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015)؛ القانون التنظيمي رقم 14.112 المتعلق بالعمالات والأقاليم الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 84.15.1 بتاريخ 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015، ج ر عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015)؛ - القانون التنظيمي رقم 14.111 المتعلق بالجهات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 83.15.1 في 20 من رمضان 1436 (7يوليو 2015)، ج ر عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015). 
- ظهير شريف بمثابة قانون رقم 168-75-1 بتاريخ 25 صفر 1397 (15فبراير 1977)، المتعلق باختصاصات العامل 
- ظهير شريف رقم 1.21.05  من ربيع الأول 1414(10 سبتمبر1990) بيد قانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاکم إدارية . 
- ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12 من جمادى الأولى 1432 (23يوليو2002) بتنفيذ القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية 
- ظهير شريف بمثابة قانون رقم 447-74-1 بتاريخ 11 رمضان 1394 بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية (ج. ر. بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974). 

2- الكتب :
- رشدي السبايطي، رقابة القضاء الإداري على مشروعية قرارات الشرطة الإدارية، الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 126،
- عبد الواحد القريشي، التنظيم الإداري المغربي وفق مستجدات ميثاق اللاتمركز الإداري، مطبعة الأمنية، الرباط 2019 
- عبد الواحد القريشي، إضاءات في القانون الإداري المغربي، سلسلة أريد أن أعرف 5، مطبعة النجاح الجديدة، صواديل، الدار البيضاء 2011 
- عبد الواحد القريشي، المرجع في النشاط الإداري المغربي، ضمن سلسلة إضاءات في الدراسات القانونية، عدد 8، 2019 . المديرية العامة للجماعات المحلية دليل الشرطة الإدارية الجماعية، 2009.
- محمد كرامي، القانون الإداري، مطبعة النشاط الجديدة 2015. - مليكة الصروخ، العمل الإداري، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، دار القلم 2012 

3- الأطروحات والرسائل الجامعية :
- أنور شقروني، الشرطة الادارية الجماعية في القانون المغربي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، سنة 2006-2007 
- عبد الله الحارسی، محاضرات في التنظيم الإداري غير منشور، 2014 -2015 
- عبد الواحد الفيلالي، الجماعات الترابية بين الحكامة المالية وتجويد آليات الرقابة، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس السنة الجامعية 2012-2015. 
- عبد الواحد القريشي، محاضرات في النشاط الإداري، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية فاس، 2017_2018. 
- عزیز مفتاح، اللامركزية من التسيير الإداري إلى تدبير التنمية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانوية أكدال الرباط، 2000-2001 . 
- عماد أبركان: "نظام الرقابة على الجماعات الترابية للمغرب ومتطلبات الحكامة"، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، 2014-2015 

4- المحاضرات :
- محمد ایت المكي، محاضرات في القضاء الإداري، غير منشور، 2008-2009.

5- المراجع الإلكترونية :
- http://almerja.com/reading.php?idm=26132
- https://www.droitetentreprise.com/
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -