عملية الإشهار في تحقيق التواصل الإداري

مقال بعنوان: عملية الإشهار في تحقيق التواصل الإداري

عملية الإشهار في تحقيق التواصل الإداري

مقدمة :
لعل أكبر الصعوبات التي تواجه المهتم بموضوع الإشهار و الدعاية كشكل من الأشكال التواصل فهو وضع تعريف مانع لهذه الظاهرة. بحيث تمثل الدعاية الوسيلة الوحيدة للعمل الإداري القادر على أن يغير و بطريقة هامة و على المدى القصير التمثلات الأساسية للأفراد الآن مفهوم الدعاية يزداد صعوبة عندما يخلط ببعض المفاهيم التي تخص مجالات أخرى بعيدة عن مجال الدعاية مثل الإعلام والتعليم ... فالدعاية في الجانب اللغوي هي مصدر لفعل كما " يدعو " " دعوة " و البدعاية هو الذي يوجه دعوة أو نداء هو الذي يدعو إلى موقف أو فكرة أو تصرف و هكذا أصبحت الدعاية هي التأثير المعتمد على أفكار و سلوك أناس آخرين فيما يتعلق بالقيم و المعتقدات و السلوك كما عرفت الدعاية بأنها الغرض المعتمد بجانب معين في إحدى القضايا لتحقيق أهداف المرسل للدعاية و في نفس المنحى عرفه الباحث الفرنسي jean-marie dominach الدعاية هي عملية تقوم على تأثير في الرأي و تسييره و أن الدعاية تهدف بالدرجة الأولى إلى خلق أو تعديل أو تأكيد الآراء و أنها توحي أو تفرض معتقدات معينة و هي غالبا ما تعدل السلوك و التنفسيات بل و حتى المعتقدات الدينية و الفلسفة .
و هناك من عرفها بأنها التعبير عن الرأي أو إتيان بفعل إرادي من طرف أفراد أو جماعة بغية التأثير في أراء و في تصرفات الأفراد أو المجموعات.
"و تنبعث الدعاية من مصادر متعددة أكبرها الحكومة و المنظمات ، بحيث أنه كان للحكومات دعاية و برامج إعلامية لتشجيع سلوك معين من قبل مواطنيها أو تقوم المنظمات بحملات إعلامية لتأثير على الرأي العام حول موضوع حيوي مثل (سرطان)+ (سيدا) +( حوادث السير ) أما بخصوص الإشهار فيقصد به أنه وسيلة تواصل إقتناعية موجه إلى جمهور واسع و يعرف كذلك بأنه فعالية تتجلى في مختلف الوسائط الإعلامية التي تقوم بنشر أو إذاعة رسائل إعلامية سمعية بصرية على جميع الجماهرية بحثهم على شراء سلع أو خدمات معينة أو قبول أفكار جديدة عند الأشخاص أو المؤسسات المعلن عنها " .
و بما أن كل صف الدعاية و الإشهار يؤدي إلى مخاطبة العواطف و الأحاسيس على حساب المنطق و الدليل و البرهان إلا أن هدفها ليس الإقناع التعليم و التثقيف و إنما التأثير .
إذا ما هو الإشهار و ما هي أنواعه ؟ و هل يعتبر الإشهار إليه لتوصل الإداري؟
الإجابة عن هذه التسأولات سنحاول تقسيم الموضوع وفق التصميم التالي : 

المبحث الأول : مفهوم الإشهار و أنواعه
المطلب الأول: مفهوم الإشهار
المطلب الثاني : أنواع الإشهار
المبحث الأول : الإشهار كآلية لتوصل الإداري
المطلب الأول : الإشهار كوسيلة لتوصل الإداري
المطلب الثاني : الهدف من التواصل الإداري


المبحث الأول : مفهوم الإشهار و أنواعه 

لقد وردت في المؤلفات العلمية العديد من التعاريف الإشهار و اختلاف ناتج لتعدد مجالات هو اختلاف أساليب إذا فما هو مفهوم الإشهار و ما هي أنواعه ؟ 

المطلب الأول : مفهوم الإشهار 

- الإشهار لغة : مشتق من كلمة إشهار أو شهرة التي تعني ظهور الشيء بسرعة و تميزه عن غيره أما في اللغة الفرنسية فهي مشتقة من كلمة جمهور و لعل أقدم تعريف للإشهار هو التعريف الصادر عن الجمعية التسويقية الأمريكية التي تعرفه أنه أي شكل من الأشكال الاتصال المدفوع للأخر و غير شخصي التي تسعى من خلاله إلى ترويج السلع و أفكار و خدمات لحساب شركة أو مؤسسة معينة، حسب قاموس la rousse فإن الإشهار فهو مجموعة من الوسائل المستخدمة .
لتعريف الجمهور بنشأة صناعية أو تجارية و ذلك بغية إقناعه بمميزات منتوجاتها و الإحاء له باقتنائها .
- يعرف اصطلاحا : أنه عملية الاتصال غير الشخصي من خلال وسائل الاتصال العامة بواسطة معلنين يدفعون ثمنا معينا لإصال معلومات معينة إلى فئات معينة من المستهلكين بحيث يفصح المعلن عن شخصيته و في هذا التعريف نجد إشارة إلى أن الإشهار هو عملية اتصالية بين الطرفين أساسيين مرسل المنتج و متلقي المستهلك.
بالإضافة إلى أنه يركز على ضرورة دفعا لمقابل من طرف المعلن للوكالة الإشهارية نظرا للخدمات التي يحصل عليها و الأمر الأخر هو كشف هوية المعلن التي يتعرف عليه المتلقي.
أما التعريف الغربي لنفس مفهوم الإشهار فنجده يعرفه بأنه اتصال جماهيري يحصل لتحقيق فوائد معروفة و متعلقة بمعلن يدفع أموالا لوسيط إعلامي من أجل بث رسائله و التي هي على العموم موضوعه من طرف وكالة إشهارية .
و هنا يظهر أهمية الاتفاق الحاصل بين الفكر العربي و الغربي فكلاهما يركز على الطابع الجماهيري لاتصال الإشهاري و المنفعة المحصل عليها من طرف المعلن كما يركز على الوسيط كمديرية العلاقات العامة بالمؤسسة للوكالات الإشهارية الخاصة و وسائل الإعلام . 

المطلب الثاني: أنواع الإشهار 

للحديث عن أنواع الإشهار يجب مراعاة معياريين أساسيين: أولهما طبيعة الوسائل و الدعامات المشهر بواسطتها و التي يمكن من خلالها أن نقسم الإشهار إلى :
- الإشهار المسموع : يتم من خلال الكالمات المسموعة في الإذاعات و المحاضرات و الندوات و الخطب و تعتبر الكلمة المسموعة من أقدم الوسائل التي استعملها الإنسان فيالإشهار و ما يميزها هو طريقة أدائها إذ يلعب الصوت دورا أساسيا في التأثير على المتلقي وما يميز الإشهار المسموع في برامج الإذاعة إلي جانب الصوت هو المؤثرات واستخدامها بلا حدود لإنتاج تأثيرات مختلفة مهما بلغت غرابتها أوصعوبة تصورها أن إذاعة الحضنة بالمسيلة تولي اهتماما كبيرا بالنشاط الإشهاري، فبالرغم من عدم وجود قسم خاص بالإشهار ضمن أقسام الإذاعة، إلا أنه لم يمنع من وجود مسؤول إداري مكلف بالإشهار، وأن مهمة إعداد وبث الومضات الإشهارية المسموعة توكل على مرحلتين ؛ حسب تخصص وخبرة الإداريين والإعلاميين في الإذاعة. حيث يتولى الإداريون مهمة استقبال المعلن، التعرف على مطالبه وإعلامه بامتيازات الإذاعة في هذا المجال، ومن ثمة دراسة نوع الرسالة المراد إعدادها، وفترة بثها، وصولا للاتفاق حول مستحقات الإعداد والبث ومدته والسعر الإجمالي لفترة الاستغلال.
- الإشهار المكتوب : فيتخذ كوسيلة له الصحف و المجالات و الكتب و النشرات والتقارير و الملصقات على الجدران المدن ومسحاتها العامة حيث يكثر الناس و ذلك ما نلاحظه في اللوحات الإعلامية الثابتة أو المتحركة و الإعلانات على جوانب الحافلات العامة .
- الإشهار المسموع و المكتوب (السمعي –البصري ) : الوسيلة الأساسية هي التلفزة ، ويتم بالصور و اللون و الموسيقى بطريقة الأداء و الحركة و الموضوع فهو إن صح التعبير عبارة عن "ميكرو فيلم " و يتعاون في إنتاجه و إنجازه فريق عمل متخصص في الإخراج و الديكور والإضاءة و التسجيل و الصوت و التركيب و التمثيل ...
- الإشهار الإلكتروني : و يتمثل بالأساس في الإعلانات على شبكة الانترنت و قد زادت أهميته بازدياد أهمية شبكة المعلوميات العالمية .
أما فيما يخص المعيار الثاني فيتمثل فينوع الرسالة المتضمنة و التيمن خلالها يمكن تقسيم الإشهار إلى :
- الإشهار التجاري : يقوم هذا النوع من الإشهار على شراء فضاء مؤدى عنه ضمن وسائل الإعلام الكبرى لتبث الرسالة الإعلامية و يهدف إلا خلق وتحسين سمعة و صورة منتوجات وخدمات العلامات التجارية و ذلك بالتعريف بالمنتوج أو الخدمة و يبقى هدفه بالأساس هو إقناع الجمهو ر المستهدف لشراء و إعادة شراء المنتوج .
- الإشهار السياسي : يرتبط بالتعبير عن الآراء المختلفة و محاول ة التأثير على الرأي العام وذلك لتقديم الإشهار في شكل يبرز أهمية الرأي بأنه هو الأحسن و الأفضل مكن بين كل الآراء المتواجدة في الساحة كما هو الحال في الدعايات للحملات الانتخابية .
- الإشهار الاجتماعي : يهدف إلا تقديم خدمة أو منفعة عامة للمجتمع . مثلا :الإعلان عن مواعد تلقيح الأطفال أو إسداء نصائح للفلاحين و لذلك نلاحظ أن هذا النوع من الإشهار غالبا ما يأتني تحت عنوان (حملة ذات منفعة عامة ). 

المبحث الثاني : الإشهار والتواصل الإداري 

سنتطرق في هذا المبحث للإشهار كآلية لتواصل الإداري ( المبحث الأول ) ثم سننتقل للحديث عن الهدف من التواصل الإداري (المبحث الثاني) . 

المطلب الأول : الإشهار كآلية لتواصل الإداري 

ترتبط الرسالة موضوع الاتصال مع الوسيلة المستخدمة في نقلها ولذلك فإن القرار الخاص بتحديد محتويات الرسالة الاتصالية لا يمكن فصلها عن القرار الخاص باختيار الوسيلة أو المنفذ الذي سيحمل هذه الرسالة من المرسل إلى الم ستقبل[1] .
و هناك أشكال مختلفة لوسيلة الاتصال الإداري و نجد من إبرازها الإشهار .
فالرسالة الإخبارية هي الرسالة الإشهارية التي تقدم الكثير من المعلومات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .
فالإشهار الإداري يرتبط بالتعبير عن الأفكار و الآراء المختلفة لمحاولة التأثير على الرأي العام لتقديم الإشهار في شكل يبرز أهمية الرأي بأنه الأحسن و الأفضل من بين كل الأراء الأخرى المتواجدة في الساحة.[2]
و تتعدد أشكال الإشهار الإداري بتعدد العناصر المكونة له الإشهار السياسي المسموع .
و يتم من خلال الكلمة المسموعة في الإذاعات و المحضرات و الخطب و تعد الكلمة المسموعة أقدم وسيلة استعملها الإنسان في الإشهار وأهم ما يميزها هو طريقة أدائها .
الإشهار الإداري المكتوب :
و يتخذ و سيلة الصحف و المجلات و الكتب و التقارير المعلاقات على جدران المدن أو في سحاتها العامة في حيث يكثر الناس ويمكن ملاحظة في ذلك في انتشار صور المرشحين و أخبار العامة بإنجازات بلدية .
الإشهار الإداري المسموع و المكتوب السمعي البصري:
وسيلته الأساسية هي التلفزة و وسائل التواصل الحديثة كالانترنيت ، و يتم الإشهار في هذه الوسائل بالصوت و اللون و الموسيقى و طريقة الأداء و الحركة والموضوع. [3]
و من الأمثلة التي تعبر عن دور التواصل السياسي و الخبراء في فوز السياسيين في عصرنا الحالي ذكر فليب ماريك.
فوز الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية جون كنيدي كمرشح عن الحزب الديمقراطي سنة 1960 على منافسه الجمهوري ريتشاد نيكسون بفضل طريقته في التواصل بعدما لعبت وقتها الصورة و التلفزيون دورا هاما في نجاحه المقابلة التلفزيونية التي جرت بينهما ريتشاد نيكسون وجه خطابه الذي كان سطحيا مقارنة بمنافسه الذي كانت خطاباته والزنة من الناحية السياسية .
فشل فرانسو ميتران في الانتخابات الفرنسية لمرتين في المرة الثالثة استعان بخبراء التواصل الذين نصحوه بتعديل الطريقة التي اعتمد عليها في خطابة بحيث كان يبدو و ديعا بعدما كان يبدو عدوانيا للمشاهدين ، كما عدل من خطابه ليصبح أكثر بساطة و مرونة ليصل إلى الجميع بعض أن كان أكاديميا. 

المطلب الثاني : الهدف من الإشهار الإداري 

لما كان الإشهار من المفاهيم ذات الأهمية البالغة و ذلك على المستوى الأكاديمي حيث كان موضوعا لدراسات و البحوث في مختلف التخصصات ، أو حتى من حيث الممارسة باعتبارها نشاطا إكمالي بين منج لسلعة أو خدمة للمستهلك يريد تحميل هذه الخدمة قمة الحصول على قيمتها الإستعمالية والنفعية .
و لما كانت الإدارة في غيرها مرة تلجأ إلى أسلوب الإشهار كوسيلة للتواصل ، فإن ذلك لم يكن اعتباطيا بل إن الإدارة تتوخى من خلال اعتمادها على الإشهار لتحقيق مجموعة من الأهداف ، فقد يكون هدفها هو الإقناع هذا الأخير يعني العملية الكلامية التي تستهدف التأثير العقلي و العاطفي في المتلقي أو الجمهور، قصد تفاعله إيجابيا مع الفكرة المعروضة عليه .
- باعتماد البراهين و الحجج الإتباثية عبر وسائط الطبيعة أو صناعية [4] أما الإقناع فهو فعلا لأثر الناجم عن عملية الإقناع لدى المتلقي متى توفرات الظروف ، و تهيأ ت من لدن المرسل (المقنع ) فيحدث الانسجام بين الرغبة الذاتية و الإمكانات المتاحة و الهدف المطلوب ، و يمكن القول بأن الإقناع جهد شخصي لساني بالدرجة الأولى مؤسس على قصد ، و مخطط له سلفا وفقأ هداف معينة لاستمالة المتلقي و تعديل سلوك و موافقة شخصية في ظروف مقاميه معينة ، لذلك فإذا كان هدف الإدارة من الإشهار هو الإقناع فإنها تعتمد على الكفاءة الإقناعية ( مهارة التحليل و الابتكار + مهارة التعبير و العرض+ مهارة الضبط الافتعالي + مهارة فهم دوافع نقد الأخر.)و قد تستعمل الإدارة الإشهار لتأكيد حججها ، إذ تشير موسوعة لاند إلا أن الحجاج سلسلة من الحجج تنتهي بشكل كلي إلى تأكيد نفس النتيجة و هي طريقة تنظيمية في عرض الحجج ، و بنائها وتوجيهها نحو قصد معين يكون عادة الاقتناع والتأثير ، فتكون الحجة دليل على الصحة الخطاب الموجه ، و بالتالي فإن الطريقة الحجاجية التي تتوخى الإدارة إيصالها عن طريق الإشهار هي تلك الطريقة أو ذلك الأسلوب الذي يسلكه الخطاب لإضفاء سمة التماسك[5] العضوي و الشكلي ، مما ينتج من تراكيب تمنح بعدا إقناعيا في التواصل ، كما تهدف الإدارة من خلال اعتمادها على أسلوب الإشهار البرهنة أو البرهان على شيء معين و ذلك باستنباط دليل يوجه لتأكيد نتيجة سالفة باعتماد مقدمات صادقة هذا بالإضافة إلى أن الإشهار له أهمية بالغة على المتلقي إذ يعد الإشهار ضرورة ملحة لتحقيق غايته في الإشباع لأنه هو الذي يزوده بالمعلومات و يحيطه إحاطة كاملة بالفكرة المعروضة . 

خاتمة :
إن الإشهار الفعال و الدعاية الفعالة هي التي تظهر بمظهر من يريد فرض خطاب معين أو سلوك معين أو فهم معين على المتلقي .
لهذا فالإشهار و الدعاية لهما تقنيات محددة بهدف التأثير على الفئة المستهدفة، بحيث يتم العمل من أجل الوصول إليهما بأي ثمن و بأية وسيلة فهذا كله يجعل المتلقي أعزل في مواجهة ذلك الكم الهائل من الخطابات التي يتوصل بها.
___________________________
لائحة المراجع :

- مصطفى المريط : التواصل السياسي و التسويق الانتخابي متجليات الواقع إلى رهانات التنمية .
- كوسي ليلى : واقع أهمية الإعلان في المؤسسة الاقتصادية الجزائرية .

+ الرسائل و الأطروحات :
- فنور بسمة : الرسالة الإشهارية في ظل العولمة ، مذكرة لنيل شهادة الماجيستير ، في اتصال و العلاقات العامة.
- عثمان مخون : الإشهار و المشتغلون به في المغرب ، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في الإعلام و الاتصال ، المعهد العالي للإعلام و الاتصال ، بالرباط ، 2000.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -