رخصة البناء في القانون المغربي

عرض بعنوان: رخصة البناء في القانون المغربي PDF

رخصة البناء في القانون المغربي PDF

مقدمة : 
يعتبر ميدان التهيئة والتعمير مسألة فنية علمية، مرتبطة بتقييم المستوى الحضاري قبل أن تكون مسألة قانونية تتجاذبها النصوص، فهذه الأخيرة ما هي الا آلية من أجل ضبط وممارسة الدولة رقاتها على هذا المجال حتى يتسنى لها التصدي لكل عمل غير مشروع من شأنه تشويه العمران وتوجيهه للانحطاط وعدم الارتقاء به لما يتطلع له مختلف الفاعلين والمتدخلين.
فضبط عملية التهيئة والتعمير وتشريع قوانين من شأنها تأطير ذلك ليس بالمسألة الهينة كونها مسألة تدخلية تمس حق الملكية كأهم الحقوق المكفولة للإنسان، لذلك كان لابد من التوفيق بين المصل حة الشخصية والمصلحة العامة التي تهدف لها الدولة بالطموح الى الارتقاء بنوعية البنايات وشكلها وادماجها في المحيط باحترام المناظر الطبيعبة والحضرية وحماية التراث الثقافي والتاريخي خدمة للمنفعة العمومية لكافة الأفراد، كل ذلك من خلال تسيير عقلاني يساهم في تطوير المباني والحفاظ على المحيط والبيئة والمنظر العام الحضاري وفق سياسة منظمة توفق بين المصالح.
ولعل أبرز ما اهتدت اليه الادارات عبر الدول بهذا الشأن تقييد حرية المالك وانصهاره في استراتيجية الدولة لخلق مدن منظمة تواكب ما توصلت له الحضارات الانسانية والحد من البناء العشوائي لما له من تبعات سلبية مؤثرا بشكل أفقي على كل مكونات الوسط المشيد به والاقتصاد والنزوح الريفي...
على إثر ما ذكر عرفت رخصة البناء على أنها اذن اداري مسبق لازم للشروع في عملية البناء، والذي يتم تسليمه بعد التأكد من قبل السلطات المختصة من مطابقة مشروع البناء للقوانين الجاري بها العمل[1].
فاهتمام المشرع المغربي برخصة البناء هو ليس وليد اليوم بل هو نتاج وخبرة سنوات بحيث ترجع أولى ارهاصاتها لظهير 16 أبريل 1914 كأول نص قانوني منظم للتعمير بالمغرب والذي تم الغاءه بمقتضى ظهير 30 يوليوز 1952 الذي لم يكن الا ظهيرا مكرسا للأول مع بعض الاصلاحات الطفيفة همت بالأساس توسيع المجال الخاضع لمقتضياته واغناء صلاحيات الادارة كتخويلها سلطة تقديم الرخص في بعض الحالات، ليكن الظهيران نقطة انطلاقة لترسانة تشريعية لمجال التهيئة والتعمير خاصة بعد قصورهما على مسايرة التطور الديموغرافي، والاختلالات العمرانية وتنامي البنايات العشوائية التي كادت أن تؤدي لنتائج وخيمة تعمر تداعياتها لسنين طويلة لولا تدارك ذلك بتأهيل الموارد البشرية وتظافر الجهود من اجل تشريع نصوص قانونية من شأنها التصدي لذلك ويتعلق الأمر بالقانون 12.90 الصادر بت نفيذ الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 17 يونيو 1992. وبخصوص التجزئات العقارية كان ظهير 14 يونيو 1933 أول نص قانوني مستقل ينظمها، ليصدر بعد ذلك قانون 30 شتنبر 1953 بشأن تجزئة الأراضي وتقسيمها الى قطع صغيرة، وصدور قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، ليليه صدور المرسوم 2.13.424 صادر في 24 ماي 2013 بالموافقة على ضابط البناء العام والذي تم نسخه مؤخرا بمقتضى مرسوم 2.18.577 صادر في 12 يونيو 2019 بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها.
فهذه السيرورة التاريخية التي همت تنظيم رخصة البناء كجزء لا يتجزأ من النسق المنظم للتهيئة والتعمير أضفت أهمية على هذه الرخصة، نظريا بجعلها موضع اهتمام الباحثين والدارسين المهتمين بدراسة هذا الحقل المعرفي بإثارة نقاشات واشكالات تسبر أغوار ثغرات المشرع وهفواته، أما على المستوى العملي فتبزغ أهمية رخصة البناء من خلال الغاية التي انشئت من أجلها، والمتجلية في مجابهة حالة الفوضى بتنظيم الحركة العمرانية تحقيقا لنمو ديموغرافي منسجم، وتوافق عملية البناء مع القواعد الهندسية والمعمارية والقانونية المطلوبة للحفاظ على المظهر الجمالي للمدن وحماية الاراضي الفلاحية والبيئة.
الا أن هذه الأهمية لا يسعها حجب اشكالية رئيسية متمحورة حول مدى استطاعة المشرع تأطير رخصة البناء وتنظيم العلاقة بين كافة المتدخلين بشكل يضمن التوفيق بين حق المالك في الحصول على رخصة البناء ومصلحة الدولة في تنزيل مخططاتها العمرانية؟
تتفرع عن هذه الاشكالية مجموعة من الأسئلة الفرعية حول تعريف رخصة البناء، والمسطرة المتبعة من أجل الحصول عليها، والقرارات الادارية المتخذة بشأنها وطرق الطعن في حالة رفضها.
ستتم محاولة الالمام بالإشكالية الرئيسة وكذا الأسئلة المتفرعة عنها وفق التصميم التالي: 

المبحث الأول : رخصة البناء و نطاق تطبيقيها
المبحث الثاني: أحكام المسطرة المتبعة للحصول على رخصة البناء 


المبحث الأول : رخصة البناء و نطاق تطبيقيها 

نظم لقد القانون 90.12 رخصة البناء وبين الجهات المانحة لها و نطاق تطبيقها وباقي المقتضيات الأخرى. فمن خلال هذا المبحث سنتطرق في المطلب الأول ( مفهوم رخصة الب ناء و السلطة المختصة بتسليمها ) و في المطلب الثاني ( نطاق تطبيق رخصة البناء)

المطلب الأول : مفهوم رخصة البناء والسلطة المختصة بتسليمها 

لم يعرف قانون رقم 90.12 المتعلق بالتعمير رخصة البناء وإنما اكتفى بذكر على انه يمنع القيام بالبناء دون الحصول على ذلك. كما أننا سوف نتطرق للتعريفات الفقهية (الفقرة الأولى) كما سنعالج السلطة المختصة بمنحها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : مفهوم رخصة البناء 

إن الاطلاع على القوانين المتعلقة بالتعمير من أول قانون إلى غاية اليوم نجد أن المشرع المغربي لم يعرف رخصة البناء. بل اكتفى بذكر النطاق الذي يستلزم الحصول على رخصة البناء والجهات التي تمنحها، كما اكتفى بذكر منع القيام بالبناء دون الحصول على الرخصة.
ولقد ترك الأمر للفقه والقضاء في تعريف رخصة البناء شانه شان العديد من التشريعات، فهناك من الفقه من يعرفها على أنها: قرار إداري ترخص بموجبه السلطة الإدارية المختصة بالبناء بعد أن تتحقق من احترام قواعد التعمير المطبقة بالمنطقة المعنية [2].
كما عرفت على أنها: الوثيقة الرسمية التي تثبت حق أي شخص طبيعي أو معنوي في إقامة بناء جديد مهما كانت أهميته ....[3]
مهما تعددت التعريفات الفقهية، فانه يمكن تعريف رخصة البناء بأنها تصرف إداري صادر عن الجهات الإدارية المختصة غايته الأصلية أن تثبت الإدارة وتتيقن من أن المشروع أو أشغال البناء و التشييد موضوع طلب الرخصة لا تخالف الأحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتهيئة والتعمير.
أما القضاء فقد عرف رخصة البناء في العديد من أحكامه حيث نجد القضاء الفرنسي عرف رخصة البناء في حكم صدر له عن محكمة الجنايات تولوز بتاريخ 07 فبراير 1947، بأنها:
ترخيص إداري وإجراء من إجراءات الضبط الإداري وتعني الترخيص بعمل أي السماح بالقيام بعمل وليس لها علاقة بحق الملكية، أي أنها لا تمنح الحق بالملكية وليس لها أي اثر فيما يتعلق بملكية الأراضي.[4][5]
وعليه فان فإن رخصة البناء واجبة لتشييد البنايات وبعض الأشغال المرتبطة بها أو ادخال تغييرات على المباني القائمة.

الفقرة الثانية : الأجهزة المختصة بتسليم رخصة البناء 

لقد أراد المشرع في تنظيمه لمسطرة منح رخصة البناء تفعيل دور المنتخبين المحليين ومنحهم سلطة تقديرية في هذا الباب لأنهم هم المعنيون مباشرة بالمشكل وهم الأدرى بالاحتياجات ومتطلبات التنمية داخل دوائرهم ،لأجل ذلك نصت المادة 41 من ظهير 1992 المتعلق بالتعمير على انه يتم تسليم رخصة البناء من طرف رئيس المجلس الجماعي الذي ستقام الأبنية في دائرة جماعته وفي حالة التي يراد فيها انجاز هذه المشاريع فوق أراضي مناطق محيطة بجماعة حضرية فان رخصة البناء تسلم في هذه الحالة من طرف رئيس مجلس الجماعة القروية التي سينجز المشروع داخل دائرة نفوذها إلا انه يجب أن تمح هذه الرخصة بالتنسيق مع رئيس المجلس الجماعة الحضرية المعنية الأمر.5
وعليه تتوزع سلطات منح رخص البناء بحسب الموقع الجغرافي وطبيعة البناء المراد إنجازه ،حيث يتقاسم رئيس المجلس الجماعي صاحب الاختصاص الأصلي مع مجموعة من السلطات هذا الاختصاص.
تعتبر رخص البناء بما فيها رخصة البناء من مجالات الشرطة الإدارية، وممارسة الشرطة الإدارية إما أن تتخذ طابع وقائي او ردعي فالطابع الوقائي الذي يهمنا يتجلى من خلال تسليم رخص البناء والتي يمكن لرئيس المجلس الجماعي من فرض رقابته الإدارية على الحركة التعميرية من اجل الحفاظ على توجيهات النصوص القانونية و التنظيمية للتعمير[6].
بالرجوع إلى مقتضيات القانون 12-90 المتعلق بالتعمير نجدها صريحة في تخويل رئيس المجلس الجماعي صلاحية تسليم رخصة البناء هذا ما نصت عليه المادة 41 التي عدلت وتممت بموجب القانون 12.66 والتي جاء فيها "يسلم رخصة البناء رئيس المجلس الجماعي".
وقد أعطى المشرع لرئيس المجلس الجماعي إمكانية تفويض هذا الاختصاص بقرار مكتوبا إلى مساعد أو عدة مستشارين جماعيين. ويتم نشر القرارات أو تبليغها إلى علم الأفراد بجميع الوسائل الملائمة[7]
واستنادا إلى مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.84.150 بتاريخ 2 اكتوبر 1984 المتعلق بالأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي وبناءا على الفصل 2 منه، فان كل من يرغب في بناء أو توسيع مسجد أو غيره من الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي لابد من الحصول على رخصة البناء من عامل العمالة أو الإقليم المعني بعد أخد رأي مصالح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة التعمير وقد خول الميثاق الجماعي للعامل أن يحل محل رئيس المجلس الجماعي في حالة رفضه وامتناعه عن القيام بأعماله[8]. وبشانْ هذا الرفض أن يضر بمصالح الأفراد أو يترتب عليه التملص من مقتضى تشريعي آو تنظيمي المس بالمصلحة العامة.
ومن جهة أخرى يمكن لسلطة المحلية كذلك في بعض الحالات تسليم رخص البناء بناءا على المادة 113 من القانون 113.14 والتي تنص ......يمارس باشا كل الجماعات المنشور الصلاحيات المسندة بمقتضى هذا القانون التنظيمي إلى رؤساء المجالس الجماعية. ومساعده يمكن اْن يفوض إليه جزءا من صلاحيته وينوب عنه إذا تغيب أو عاقه عائق.

المطلب الثاني: نطاق تطبيق رخصة البناء 

عمل المشرع المغربي على تنظيم رخصة البناء بموجب القانون رقم 90.12 لضبط عملية التعمير والبناء موسعا بذلك نطاق الزامية الحصول على رخصة البناء لتطال المجال القروي الى جانب المجال الحضري (فقرة أولى) الا ان هذا التحديد لم يهم الأشخاص والأشغال الخاضعة لهذه الرخصة (فقرة ثانية)

الفقرة الأولى: تحديد المجال الترابي لإلزامية رخصة البناء 

حدد المشرع المغربي من خلال المقتضيات القانونية المنظمة لمجال التعمير نطاق الزامية الحصول على رخصة البناء في الوسطين الحضري (أولا) والقروي (ثانيا) .
أولا: المجال الحضري
نص المشرع المغربي بشكل صريح في المادة 40 من القانون 12.90 المجال الترابي الذي يستلزم الحصول على رخصة البناء قيبل تشييد أو القيام بالبناء بحيث نصت المادة على أنه:
يمنع القيام بالبناء دون الحصول على رخصة لمباشرة ذلك:
− داخل الدوائر المنصوص عليها في المادة الأولى أعلاه وفي المناطق المشار إليها في المادة 18 من هذا القانون التي تكتسي صبغة خاصة تستوجب خضوع تهيئتها لرقابة إدارية؛
− خارج الدوائر المنصوص عليها في البند السابق والتجمعات القروية الموضوع لها تصميم تنمية : على طول السكك الحديدية وطرق المواصلات غير الطرق الجماعية إلى غاية عمق يبلغ كيلومترا ابتداء من محور السكك الحديدية والطرق الآنفة الذكر، وعلى طول حدود الملك العام البحري إلى غاية عمق يبلغ خمسة كيلومترات؛
− داخل التجزئات المأذون في إحداثها عملا بالتشريع المتعلق بتجزئة الأراضي وتقسيمها وإقامة المجموعات السكنية.
ويجب الحصول على رخصة البناء كذلك في حالة إدخال تغييرات على المباني القائمة إذا كانت التغييرات المزمع إدخالها عليها تتعلق بالعناصر المنصوص عليها في الضوابط المعمول بها.
يظهر جليا ان المشرع المغربي جعل الحصول على رخصة البناء أمرا الزاميا قبل تشييد أي بناء ما يفسر الحرص الشديد للمشرع ومختلف المؤسسات المتدخلة في ميدان التعمير وإيلائهم أهمية بالغة لضبط هذا المجال بحيث يعتبر أرضية أساس ية لمختلف المشاريع سواء الصناعية منها أو الاجتماعية ولانعكاسه على استثمار الرصيد العقاري وتحديد البنيات الأساسية والوسائل الكفيلة بتعزيز دينامية مسلسل النمو الذي يعرفه مجال التعمير وفق سياسة عقارية مرتكزة على استراتيجية عقلانية.
وهو النهج الذي سار عليه العمل القضائي من خلال مختلف الاحكام والقرارات الصادرة عن كافة محاكم المملكة بزجر كل من خالف مقتضيات الأحكام المتعلقة برخصة البناء والتدقيق على المقتضيات المنصوص عليها في في مدونة التعمير كما جاء في قرار لمحكمة النقض التي جاء في أحد قراراتها '' بمقتضى المادتين 41 و 48 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير فان رخصة البناء يسلمها رئيس مجلس الجماعة القروية المزمع اقامة البناء على أرضها بتنسيق مع رئيس الجماعة الحضرية، وفي حالة سكوت رئيس مجلس الجماعة تعتبر رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين من تاريخ ايداع طلب الحصول عليها، والمحكمة لما ألغت الحكم الابتدائي القاضي بالإدانة والحكم من جديد ببراءة المطلوب في النقض اعتمادا على أنه هذا الأخير قدم طلب الرخصة الى الوالي والعامل، والحال أنه لا يوجد أي نص في قانون التعمير يعطي لغير رئيس مجلس الجماعة الحق في تلقي طلبات منح رخصة البناء ،يكون قرارها غير مرتكز على أي أساس ومشوبا بفساد التعليل9.
ثانيا: المجال القروي
لا جدال ان المغرب يولي أهمية ملحوظة للمجال القروي من أجل الرفع من المستوى المعيشي لساكنة البوادي على كافة المستويات بغية توفير ظروف العيش الكريم وهو ما تسعى الدولة جاهدة لتحقيقه من خلال مختلف البرامج التنموية الموجهة اساسا للبوادي وساكنتها لمحاربة ظاهرة الهجرة من القرية الى المدينة وما لها من انعكاسات واثار سلبية عانت منها الحواضر ولا زالت كما هو الحال لدور الصفيح، فهذا الاهتمام هو ليس وليد اليوم بل نتاج لمسار بصم عليه المغرب منذ فجر الاستقلال بحيث كانت اولى ارهاصاته ظهير 25 يونيو 1960 الذي نص في فصله الثاني على انه يجوز وضع تصميم خاص بتوسيع نطاق العمارات القروية المشار اليها في الفصل الاول من نفس الظهير، وهذا التصميم بدوره يكون له تأثير على تسليم رخص البناء بحيث نص الفصل السابع من نفس الظهير على أنه يمنع في العمارات القروية المتوفرة على تصميم خاص بتوسيع نطاقها تشييد أية بناية دون الحصول على اذن بالبناء تسلمه السلطة المحلية (حاليا رئيس المجلس القروي) هذا الأخير يبقى حسب ما ورد في الفصل ملزم بالرجوع الى تصميم النمو الذي يبين الأمكنة المخصصة للسكن والمناطق التي يمنع فيها البناء والمصالح العمومية والمنشآت الخاصة بالحياة الاجتماعية قبل تسليم أية رخصة .
تجدر الاارة الى ان المشرع أضفى صفة الالزامية في الحصول على رخصة البناء في العالم القروي وتوجيه البناء فيه لما للبعض من هذه المناطق من أهمية ايكولوجية أو اقتصادية ترجع بالأساس الى اغراء المستثمرين العقاريين كما هو الشأن بالنسبة للقرى المحيطة بالمدن.
الا أن بلوغ هدف ض بط عملية البناء بالعالم القروي والتحكم فيه وتوجيهه يصطدم بصعوبات عملية وتجاوزات تستوجب التعامل بيسر واستحضار خصوصية المنطقة من أجل انجاح وتوفير سكن لائق لسكان البوادي من جهة وانجاح ما تعتزم الدولة القيام به من مشاريع تستهدفهم من جهة أخرى10.

الفقرة الثانية: البنايات والأشغال الخاضعة لرخصة البناء 

تكتسي عملية تحديد الأشغال والبنايات التي تستلزم رخصة البناء أهمية بالغة على المستوىالعملي الا ان هذه الاهمية تصطدم بواقع عدم تنصيص المشرع المغربي وتحديده لهذه الأشغال التي تستوجب الحصول على رخصة البناء قبل تشييدها، فالبرجوع الى القانون 12.90 المتعلق بالتعمير وظهير 1960 المتعلق بتوسيع العمارات القروية لا وجود لأي تحديد يهم الأشغال الخاضعة لهذه الرخصة وحتى عند الرجوع للفصول القانونية التي تهم هذه الوثيقة يلاحظ استعمال عبارات وألفاظ عامة من قبيل البناء وأصناف البناء والمبنى والمباني وعملية البناء ... الشيء الذي يجعل المقبل على تشييد بناء ما حائرا حول ما اذا كان معنيا بهذه الرخصة أو لا، وهي نفس الحيرة التي تنتاب الباحث والمهتم وحتى المسؤولين المختصين عند تعاملهم مع نوع البنايات والاشغال الواجب اخضاعها لرخصة البناء، الشيء الذي استلزم ايجاد حل تشريعي لتجاوز هذا الاشكال وهو ما تم القيام به من خلال القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية الذي حدد في المادة 54 عمليات البناء في الاتي:
_ عمارات السكن الجماعية أو المجموعات العقارية والعقارات المعدة لغرض صناعي أو تجاري أو مهني أو إداري.
_ المساكن الفردية
_ عمليات الترميم
ولتجاوز ذلك تم اصدار مرسوم رقم 2.13.242 والذي تم نسخه بالمرسوم 2.18.577 المتعلق بالموافقة على ضابط البناء العام، الذي حدد لائحة بشأن البنايات والأشغال الخاضعة لرخصة البناء وطريقة دراسة ملف طلب الرخصة مسطرتين حسب الحالات، مسطرة المشاريع الكبرى(1)، ومسطرة المشاريع الصغرى(2)، من خلال المادة 17 منه:
1- بالنسبة للبنايات التي يتطلب انجازها الحصول على رخصة البناء في اطار المشاريع الكبرى:
_ المشاريع المزمع انجازها من طرف الادارات أو الجماعات أو المؤسسات أو المقاولات العمومية أو لحسابها، سواء كانت مشاريع تهدف الى تمكنها من القيام بنشاطها الأساسي أو مشاريع ذات طابع ثا نوي بالمقارنة مع هذا النشاط ، وتدخل في هذا الباب على سبيل المثال لا الحصر، مشاريع البناء والتهيئة العمرانية الآتية:
_البنيات الادارية المعدة لممارسة نشاط مرفق عمومي.
_البنايات المعدة لممارسة نشاط مؤسسات تساهم فيها الدولة بكيفية مباشرة أو غير مباشرة أو تمارس عليها نوعا من المراقبة
_ تجهيزات الصحة العمومية كالمستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات والمصحاتالتي سيتم انجازها كليا أو جزئيا من طرف الدولة أو الجماعات أو المؤسسات العمومية.
2- بالنسبة للبنايات والأشغال التي يتطلب انجازها الحصول على رخصة البناء الم تعلقة بالمشاريع الصغرى:
_السكن الفردي مثلا فيلا أو جناح أو دار، وبصفة عامة كل عمارة يقل علوها أو يعادل 15 م )طابق سفلي+طابقان علويان( بما فيها المنشآت العلوية والتي تقع في تجزئة غير قانونية تمت اعادة هيكلتها طبقا لمقتضيات الباب الثاني من القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والخاص باعادة هيكلة التجزئات غير القانونية.
_بناية أو تهيئة محل ذي طابع تجاري أو صناعي من الصنف الثالث، سيتم انجازه على مساحة اجمالية تقل مساحة أرضيتها عن 2500 متر وعلوها عن 5.50 م كالدكاكين المخصصة للتجارة بالتقسيط والمقاهي وقاعات الشاي والمقشدات والمخابز والمطاعم الصغيرة ...
تبقى الاشارة الى أن قانون 12.90 استثنى من خلال المادة 63 بعض الأشغال من الحصول على رخصة البناء كونها أشغال تتسم باهتمام ودراسات دقيقة واستشارات متقدمة قبل إنجازها .

المبحث الثاني :أحكام المسطرة المتبعة للحصول على رخصة البناء 

تمر المسطرة المتبعة للحصول على رخصة البناء والشكليات التي تستلزمها هذه المسطرة (المطلب الأول) الا ان الطلب لا يقبل دائما ما يود معه الطالب اللجوء للقضاء من أجل الطعن في قرار رفض طلبه (المطلب الثاني)

المطلب الأول :مسطرة إيداع ودراسة ملف طلب رخصة البناء 

تعد مسطرة إيداع ودراسة ملف طلب رخصة البناء من بين أهم صور الرقبة الإدارية في مجال التعمير من خلال فرض مجموعة من الإجراءات وذلك من اجل ضمان إقامة نسيج عمراني متناسق وملائم للعيش، وخال من مظاهرو شوائب ال بناء الفوضوي و العشوائي .
ولدراسة ملف طلب رخصة البناء يتعين على صاحب المصلحة إيداع الوثائق المكونة للملف (الفقرة الأولى) لتتم دراستها من لدن الجهات المختصة (الفقرة الثانية) وكذا القرارات المتخدة (الفقرة الثالثة) .

الفقرة الأولى :إيداع ملف طلب رخصة البناء 

يودع الملف من طرف صاحب المصلحة أو المهندس صاحب المشروع أو كل شخص تم انتدابه لهذا الغرض بمكتب ضبط الجماعة المعينة مقابل وصل إيداع الذي يعتبر بمثابة شهادة استلام الملف.
وفي حالة تواجد الشباك الوحيد تتم عملية الإيداع بمكتب ضبط الشباك الوحيد في هذه الحالة فان وصل الإيداع يتضمن تاريخ اجتماع لجنة الدراسة طبقا للمادة 20من مرسوم 2.13.424 بالموافقة من ضابط البناء العام . ويبقى قبول الملف مشروطا بتقديم مجموعة من الوثائق منها وثائق أساسية وضرورية وقت الإيداع (أولا) ومنها وثائق تكميلية ضرورية قبل تسليم رخصة البناء (ثانيا).
أولا: الوثائق الأساسية
يستلزم طاب رخصة البناء مجموعة من الوثائق الأساسية تتمثل فيما يلي:
• طلب يحمل توقيع صاحب الشأن أو المهندس واضع تصور المشروع أو كل شخص تم انتدابه لهذا الغرض.
• مذكرة المعلومات مسلمة من طرف الوكالة الحضرية بالنسبة لمسطرة المشاريع الكبرى
• شهادة ملكية البقعة أو البناء القائم المزمع تغيره أو كل وثيقة تقوم مقامها أو تخول لصاحب الشأن حق القيام بالبناء أو التغير المزمع انجازه.
• تصميم مسلم من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية و المسح العقاري والخرائطية تعين فيه حدود الأرض في حالة ما إذا كان العقار محفظا أو تصميم طبوغرافي في هذه الحالة ما إذا لم يكن العقار محفظا.
• تصميم لوضع البقعة العنية ،اذا اقتضى الحال يتضمن وجهتها ، والطرق الموصلة اليها مع بيان أسمائها ومعالم تمكن من تحديد موقعها. 11
• تصميم البناء يشمل جميع طوابق البناية و الطوالق السفلية وكذا السطوح بقياس لا يقل 1/100
• قرص مدمج يتضمن الوثائق المكتوبة والمرسومة المتعلقة بالمشروع.
ثانيا :الوثائق التكميلية اللازمة قبل تسليم رخصة البناء
إلى جانب الوثائق الأساسية يستلزم طاب رخصة البناء وثائق تكميلية تتمثل فيما يلي:
✓ جذاذة تعريف تحمل توقيعا مصححا لصاحب المصلحة
الملف التقني المتعلق بربط البنايات بالشبكة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية العامة إذا كان الأمر متعلق بعمارة مهما كان نوعها أو الغرض المخصص له تتكون من أربع مستويات على الأقل
✓ التصاميم التقنية المعدة من طرف المهندسين المختصين و المتعلقة بهيكل واستقرار المباني ومتانتها وفقا للضوابط المعمول بها.
✓ نسخة من المعاينة التصفيف اذا كان البناء المزمع القيام به محاذيا لطريق عمومي
✓ نسخ من وصل الأداء على الخدمات المؤدى عنها.12

الفقرة الثانية : الهياكل المكلفة بدراسة الملفات 

لتسرع وثيرة دراسة الملفات المتعلقة بطلبات رخص البناء قام المشرع من خلال مرسوم رقم 2.13.424 بالموافقة على ضابط البناء العام بإحداث لهذه الغاية الشباك الوحيد لرخص التعمير وكذا اللجنة الإقليمية للتعمير.
أولا : الشباك الوحيد
يحدث هذا الشباك لدى الجماعات التي يت جاوز عدد ساكنتها 50.000 نسمة وعلى مستوى المقاطعات، وذلك بقرار مشترك للسلطتين الحكوميتين المكلفين بالتعمير و الداخلية ،حيث يعتبر هذا الشباك المخاطب الوحيد لأصحاب الشأن ويتولى دراسة طلبات الرخص المتعلقة بمشاريع البناء ولوحدات التجزيئات العقارية و المجموعات السكنية وتقسيم العقارات . ويقوم بجميع التدابير اللازمة لمنح رخص البناء من خلال أخد الآراء و الحصول على1ط التأشيرات المقررة بموجب التشريعات و الأنظمة الجاري بها العمل كما يقوم بإعداد القرارات الإدارية التي تعرض على رئيس مجلس الجماعة للتوقيع.
وتقوم المصالح المختصة غي مجال التعمير التابعة للجماعة المعنية بدور سكرتارية اللجنة ،وتعقد اللجنة اجتماعاتها بالمقر الذي تضعه الجماعة رهن إشارتهم. 13
ويتكون أعضاء الشباك الوحيد من ممثلين عن كل من العمالة، الجماعة والوكالة الحضرية .واذا تعلق الأمر بمشروع يندرج في إطار المشاريع الكبرى ينضاف الى اللجنة المكونة للشباك الوحيد.
ثانيا :اللجنة الإقليمية للتعمير
تحدث لجنة أو لجان على صعيد العمالة أو الاقليم لدراسة ملفات طلبات الترخيص بالجماعات التي تقل من حيث الكثافة السكانية 50000نسمة.14
وتجدر الإشارة الى انه يمكن الاتفاق مع الادارة المعنية وبطاب من رئيس المجلس أن يحدث بالجماعة التي يقل سكانها او يساوي 50.000 نسمة شباك وحيد لرخص التعمير15
والملاحظ أن دراسة ملفات طلبات الترخيص بالشباك الوحيد او اللجنة الاقليمية للتعمير توكل الى هيئة مديرية تتكون من أعضاء دائمين غير دائمين.
بالنسبة للأعضاء الدائمون بلجان الدراسة نجد لجنة دراسة المشاريع الصغرى ويراد بها السكن الفردي مثلا فيلا أو جناح أو دار أو بصفة عامة كل عمارة يمثل علوها أو يعادل 11.50م طابق سفلي + طابقان علويان بما فيها المنشآت العلوية والتي تقع في تجزئة عقارية 16 والمجموعات السكنية.

الفقرة الثالثة : القرارات المتخذة بشأن تسليم رخصة البناء 

وبعد دراسة الملف من طرف الجهات المخولة لها ذلك، تتخذ السلطات التي لها الحق في منح رخصة البناء إما قرار القبول (أولا) أو قرار رفض طلب الرخصة (ثانيا)
أولا :القرار الصريح
في هذه الحالة يمنح رئيس المجلس الجماعي رخصة البناء بشكل صريح بعد التأكد من احترام الطلب لجميع المقتضيات التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل، بما في ذلك المقتضيات المادة 17 الخاصة بتصميم التهيئة و ضوابط البناء.
ثانيا :القرار الضمني
القاعدة أن رخصة البناء تمنح بشكل صريح من طرف السلطة المختصة لطلبها، وذلك فان سكوت رئيس المجلس الجماعي عند انقضاء مدة شهرين من تاريخ ايداع ملف طلب الحصول على رخصة البناء يعتبر بمثابة قبول ضمني لها.
ثالث: القرار المقيد
إلى جانب الرخصة الصريحة والرخصة الضمنية نجد الرخصة المقيدة التي أوجدتها الممارسة العملية وبعض المناشير والدوريات، الخاصة المنشور رقم 1500/2000 الذي رخص بمنح رخص البناء بتحفظ أو أكثر، وهي ما يطلق عليها اسم الرخصة المشروطة أو المقيدة.
ويلجأ إليها رئيس المجلس الجماعي بعد دراسة الملف، حيث لا ترى اللجنة داعيا لرفض الملف ما دام يكن الاست جابة لبض الملاحظات في وقت لاحق، ويشمل قرار الترخيص على التحفظات، والتي يجب أن تكون قانونية ولازمة للمشروع بشكل خاص والمصلحة العامة بشكل عام .18

المطلب الثاني: الطعن بالإلغاء في رخص البناء 

قد يصطدم المطالب برخصة البناء لقرار اداري غير شرعي صادر عن سلطة ادارية وأمام هذا الوضع يلجأ لدعوى الالغاء باعتبارها الوسيلة القضائية الوحيدة المخولة له للطعن في هذا القرار، ولعل أبرز القرارات التي تتعرض للطعن في هذا الشأن غالبا ما تتخذ شكل قرار رفض منح الترخيص بالبناء ويكون هذا الأخير اما صريحا (فقرة أولى) واما ضمنيا (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: الطعن في الرفض الصريح لرخص البناء 

كلما تأكد رئيس المجلس الجماعي عدم توفر المشروع على الشروط المنصوص عليها بموجب القوانين المؤطرة لميدان التعمير خصوصا الواردة منها في تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة ،وبعد أخذ الآراء والحصول على التأشيرات المقررة بموجب الأنظمة الجاري بها العمل، أمكن له أن يرفض تسليم رخصة البناء بشكل صريح19،اما في حالة مخالفته لذلك ورفضه لتسليم رخصة البناء يكون قراره معرضا للطعن بالإلغاء أمام المحاكم الادارية، التي تكون لها الصلاحية في حالة عدم بناء قرار رفض تسليم رخصة البناء على أساس قانوني سليم أن تتصدى له وتقوم بإصدار حكم الغائه، اما في حالة صحة المبررات كأن يكون الرفض بناء على مخالفة المشروع لتصميم التهيئة الذي تبقى الادارة ملزمة بالتقييد بمحتواه فتصرح المحكمة برفض الطعن، كذلك هو الأمر بالنسبة للقرى المزودة بتصميم التنمية والتي يكون البناء فيها متوقفا عن الحصول على رخصة البناء من طرف المجلس القروي المعني هو الاخر بتبرير أي رفض لرخصة البناء تبريرا قانونيا ومنطقيا، وهوما تؤكد عليه صراحة المادة 36 من ضابط البناء العام، والمادة الاولى من القانون رقم 01.03 بشأن الزام الادارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الادارية بحيث جاء فيه "تلتزم ادارات الدولة والجماعات الم(حلية وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد اليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الادرارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار اليها في المادة الثانية تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بالافصاح في صلب هذه القرارات عن الاسباب القانونية والواقعية الداعية الى اتخاذها". والتعليل في هذا الجانب هو أمر بديهي لابد منه حتى يكون المرتفق على بينة من أمره واضفاء الشفافية على مقررات الادارة وابعاد كل أشكال الضبابية عن هذه القرارات التي تمس بشكل مباشر بحقوق المرتفق ،وهو ما أقرته المحكمة الادارية بالرباط بما يلي "حيث انه من المتفق عليه فقها وقضاء أنه لابد لكل قرار اداري من سبب، والسبب هو تلك الوقائع المادية التي تبرر صدوره وعلى الادرة ا ثبات ذلك، والا اعتبر تصرفها تجاوزا في استعمال السلطة يبرر الغائه"[9]

الفقرة الثانية: الطعن في الرفض الضمني لطلب الترخيص بالبناء 

ألزمت مقتضيات المادة41 من المرسوم رقم 577.18.2[10] رئيس مجلس الجماعة في حالة رفض منح الرخصة اخبار صاحب الشأن بذلك الا أن ذلك ا يتحقق في بعض الأحيان ويواجه الطلب بالسكوت.
بالتالي لا يكون هذا الأخير على علم حول ما اذا قبل طلبه أو رفض، ففي هذه الحالة القاعدة هي أن سكوت الادارة عن الطلب الموجه اليها من أجل الحصول على قرار اداري معين.
الا انه وفي الحالة هاته بناء على خصوصية الوثيقة المطلوبة فالأمر يختلف كون المشرع وبموجب المادة 48 من القانون 12.96 أقر منح الرخصة بصفة ضمنية يسري عليها ما يسري على الرخصة الصريحة شريطة أن تكون مستوفية لكافة الشروط وهو نفس النهج الذي سارت عليه مقتضيات الفصل 7 من ظهير 1960 المتعلق بتنمية العمارات القروية الذي نص على أنه في حالة سكوت الادارة، فان رخصة البناء تعتبر ممنوحة بعد انصرام أجل شهرين من تاريخ ايداع الطلب بموجب تسلم وصل لطالب الرخصة.
وهو ما كرسته محكمة النقض بموجب القرار عدد 5 الصادر بتاريخ 07يناير 2016 في الملف الاداري عدد 1560/4/1/2013 الذي جاء ف يه "لما كان طلب رخصة البناء المرفوع الى رئيس المجلس البلدي قد بقي بدون جواب رغم مرور 60 يوما، فان المحكمة عندما اعتبرت ذلك بمثابة اذن ضمني بالبناء، تكون قد طبقت مقتضيات المادة 48 من قانون التعمير، وعللت قرارها تعليلا كافيا"22
فإقرار المشرع الأجل القانوني المقرر في 60 يوما والرخصة الضمنية يكون صائبا اذا ما تم النظر اليه من زاوية حماية المصلحة الخاصة للمرتفق وعدم تعطيل مصالحه المتمثلة في استغلال العقار الذي يملكه من جهة والدفع بالمصالح الادارية للتعامل بنوع من السرعة في البت في طلبات رخصة البناء داخل أجل معقول حماية للمجال العمراني من كل بناء غير مشروع .

خاتمة 
كخلاصة لما سبق ذكره فإن رخصة البناء من القرارات الادارية التي أثارت العديد من الاشكاليات سواء أمام الادارة أو القضاء وعدم تضمين نصوص التعمير الحالية لمقتضيات مفصلة وواضحة بخصوص مختلف الجوانب المتعلقة برخصة البناء ليخلق العديد من المشاكل للسلطات المختصة والمعنيين بملفات الطلبات ويعقد المسألة على مجال التعمير وبشكل وأنماط تطور البناء فيه. وعلى الرغم من تعدد النصوص المرتبطة بالتعمير والبناء ومختلف جوانبه فقد بات من الضروري سن قوانين خاصة بالبناء و المباني كما هو الحال ففي فرنسا ومصر وتونس وغيرها. 
_______________________
الهوامش: 
[1] عبد العزيز الزين "بعض مقومات استراتيجيات التعامل مع السكن العشوائي الصلب بالمغرب حصيلة وافاق" رسالة لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية للإدارة العمومية 1984 ص 105
[2] اشرف توفيق شمس الدين، شرح قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء، دار الطبع، 1996،ص15
[3] عبد الناصر توفيق العطار، تشريعات تنظيم المباني، مطبعة السعادة، 197، ص 80
[4] المصطفى المعمر، أحمد أجعون،"اعداد التراب الوطني والتعمير"ص242
[5] منصوري كريمة، رخصة البناء كالية رقابة في مجال التهيئة و التعمير ،جامعة بيسكرة كلية الحقوق و العلوم السياسية السنة الجامعية 2015- 2016،مذكرة لنيل الماستر تخصص قانون اداري ص80 
[6] ادريس القاسمي، خالد المير ،"الشرطة الادارية سلسلة التكوبن الاداري الجماعات والسلطة المحلية "بدون طبعة دون سنة ص85
[7] www.tagorapress.com صلاح الدين الكوزابي ،"رخصة البناء بالمغرب "وضوابطه العامة" مقال منشور بالموقع
[8] مسطرة الحلول لا تطبق الا بعد ان يلتمس العامل من رئيس المجلس القيام بمهامه وفي حالة رفضه يحل محله ويقوم بذلك بصفة تلقائية.
[9] حكم المحكمة الادارية بالرباط رقم 151 الصادر بتاريخ 3/02/2000 ملف عدد 603/96غ
[10] صادر في 8 شوال 1440 )12 يونيو 2019( بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها.
تعليقات