دور مراقبة الحسابات في الحد من جرائم تسيير الشركات التجارية

عرض بعنوان: دور مراقبة الحسابات في الحد من جرائم تسيير الشركات التجارية PDF

دور مراقبة الحسابات في الحد من جرائم تسيير الشركات التجارية PDF

مقدمة : 
الشركة شخص اعتباري يعترف له القانون بشخصية معنوية مستقلة، وبالتالي بذمة مالية وأهلية للتصرف. واحتراف التجارة، كما يتم من قبل التجار الأفراد، فإنه يتم من قبل الشركات التجارية. وإذا كانت الشركات التجارية تخضع شأنها شأن التجار الأفراد إلى الالتازم بمسك المحاسبة، والقيد في السجل التجاري، وكانت مثلهم تزاول نشاطها من خلال أصل تجاري يشكل أحد العناصر الأساسية في ذمتها المالية، وكانت في تلك الممارسة تخضع لضوابط المنافسة الحرة والشريفة، فإنها بالإضافة إلى ذلك تخضع إلى قواعد خاصة في إنشائها وتنظيمها وسيرها.
والشركات التجارية نظام قديم عرف منذ الأزمنة الغابرة. ولقد تطور هذا النظام بتطور الإنسانية، وازدادت أهميته خلال الثورة الصناعية، غير أنه عرف طفرته الكبرى خلال القرن العشرين[1].
وتنقسم الشركات التجارية إلى نوعين: 
أولا: شركات الأشخاص. 
ثانيا: شركات الأموال وتسمى أيضا بشركات الأسهم.
إذ تعتبر شركة المساهمة باعتبارها النموذج الأمثل لشركات الأموال، الإطار القانوني والمؤسساتي الذي تقوم عليه الرأسمالية الحديثة. 
وبالنظر لطبيعة شركات المساهمة حيث أنها مهيأة لكي يشارك فيها عدد كبير من المساهمين قد يتعذر عليهم القيام بنفسهم بأعمال المارقبة، فإن المشرع أوجد نظاما للم ارقبة يمكن من ضمان مراقبة فعالة لأعمال المسيرين ولحسابات الشركة دون أن يؤدي ذلك إلى عرقلة سير هذه الأخيرة، هو نظام مراقبي الحسابا ت[2].
وقد عرفت المادة الأولى من ق.ر15.86 المتعلق بالخبرة المحاسبي ة[3] مراقب الحسابات بأنه: " الخبير المحاسب هو من تكون مهنته الاعتيادية مراجعة وتقدير وتنظيم محاسبات المنشآت والهيئات التي لا يرتبط معها بعقد عمل، وله وحده أهلية:
▪ إثبات صحة وصدق الموازنات وحسابات النتائج والقوائم المحاسبية والمالية.
▪ تسليم أي نوع من أنواع الشهادات التي تتضمن إبداء أريه في حساب أو عدة حسابات لمختلف المنشآت والهيئات.
▪ القيام بمهمة مراقب حسابات الشركة."
ولقد عمل القانون الجديد (ق.ر 17.95) على تفعيل دور م ارقبي الحسابات عن طريق توسيع مهام المراقبة والفحص والتدقيق والإعلام الملقاة على عاتقهم مع جعل مهمتهم دائمة وذات اتصال بالمنفعة العامة، ولذلك تجاوز الوضع السابق حيث كانت مهامه إما معطلة أو تتسم بالتواطؤ، ذلك لأنهم كانوا يعتبرون مجرد وكلاء عن الشركة، فكان هذا يجعل المتصرفين المالكين لمقاليد الشركة يتحكمون فيهم كمجرد مستخدمين. 
من هنا فقد جاء القانون الجديد ليصلح النظام القانوني المتعلق بمزاولتهم لمهامهم ضمن شركة المساهمة، ومن مظاهر ذلك النص استدعائهم للحضور في اجتماعات مجلس الإدارة والجمعيات العامة وتقديمهم تقريرا في كل اجتماع من هذه الاجتماعات (المادة 170)، وإعطاؤهم حق الاطلاع على وثائق الشركة في كل وقت، وحق جمع المعلومات من الأغيار دون إمكانية الاحتجاج بالسر المهني (المادتان 167 و 168)، وحق دعوة الجمعية العامة للانعقاد في حالة الاستعجال (المادة: 176)[4].
وهدف المشرع من كل ذلك جعل مراقبة الحسابات مؤسسة للمراقبة من خارج الشركة تضطلع بدور أساسي في توقي الممارسات الاحتيالية وغير القانونية في تسيير الشركة على حساب المساهمين الممثلين لأقلية أرس المال، وكذلك في توقي صعوبات المقاولة، كل ذلك لملاءمة مراقبة الحسابات مع ما يجري في الخارج لجعلها تتوفر على نفس مواصفات الدقة والفعالية تشجيعا للاستثمار الأجنبي والوطني[5].
و لا تعتبر مؤسسة مراقب الحسابات حديثة العهد، إذ تعود جذورها في التشريع الفرنسي إلى ظهور مصطلح "الاقتصادي الليبارلي" سنة 1863، ولم يتدخل القانون الجنائي في تنظيم القواعد المتعلقة بمراقب الحسابات إلا إثر الأزمات الاقتصادية والمالية الكبرى التي حصلت في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث صدر قانون 1935 الذي اهتم بحماية المساهمين والمدخرين، وأصبح دور مراقب الحسابات أكثر نجاعة واستقلالية من خلال تجريم بعض التصرفات التي يأتيها أثناء أداء مهامه[6].
إن أول مرة تم التنصيص على جهاز مراقب الحسابات بالمغرب كان وفق ظهير 11 غشت 1922 الخاص بشركات الأموال والمطابق لقانون 27 يوليوز 1867 الفرنسي، ليكون بذلك المشرع المغربي قداستوحى قواعد تنظيم جهاز مراقب الحسابات ومسؤوليته من أحكام القانون الفرنسي، وانحصر ميدان هذه القواعد في شركة المساهمة وتحديدا في المواد 159 إلى 181، وذلك في القسم السادس المتعلق بشركات المساهمة من ق.ر 95.17، كما قام بتنظيم مهنة الخبراء المحاسبين وإحداث الهيئة المختصة بهم بموجب ق.ر15.89.
ولهذا الموضوع أهمية تتمثل في معرفة مختلف الجرائم التي من المتوقع أن ترتكب من قبل مراقب الحسابات بالنظر إلى الموقع الحساس الذي يشغله داخل الشركة الخاضعة لرقابته، فضلا عن التطرق لمختلف الأدوار والمهام التي يطلع بها مراقب الحسابات من أجل العمل على الحد من جرائم التسيير التي تطال وتعرقل السير العادي للشركات التجارية.
إذن، فالإشكال الذي يطرحه الموضوع يتمثل في: 
إلى أي حد استطاع مارقب الحسابات من خلال ممارسته لمهامه الرقابية العمل على الحد من جرائم تسيير الشركات التجارية ؟ للإجابة عن هذا الإشكال، ارتأينا تقسيم الموضوع على النحو التالي: 

المبحث الأول: الجرائم التي يرتكبها مارقب الحسابات 
المبحث الثاني: المهام المنوطة بمارقب الحسابات 
________________________
لائحة المراجع :

+ الكتب: 
✓ فؤاد معلول: "شرح القانون التجاري المغربي الجديد"، د.د.ط، ط 2. 
✓ هشام أزكاع: "خصوصيات الطابع الزجري في قانون شركات المساهمة بالمغرب"، مكتبة الرشاد، سطات. 
✓ ذ.أحمد شكري السباعي: "الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات المقاولة التي تعترض المقاولة، ومساطر معالجتها"، ج الثالث، دار نشر المعرفة، الرباط، المغرب. 
✓ ذ.أحمد شكري السباعي: "الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي"، ج الثاني، دار نشر المعرفة، الرباط، ط الثانية، يناير 2009. 
✓ ذ.عبد الرحيم شميعة: "الشركات التجارية"، ط1، مطبعة سجلماسة، مكناس ،2020.

+ الأطروحات والرسائل:
✓ نادية حموتي: "المارقبة المحاسبية ونظام صعوبات المقاولة"، أطروحة لنيل الدكتواره في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في الضمانات التشريعية لقانون الأعمال، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، س.ج 2008/2009. 
✓ لحسن العيوض: "مسؤولية مارقب الحسابات في ضوء القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة"، بحث ماستر قانون الأعمال، جامعة ابن زهر، كلية الحقوق. 
✓ عادل البوعازوي: " جارئم الرقابة في شركات المساهمة-دارسة مقارنة-"رسالة لنيل دبلوم الماستر في قوانين التجارة والأعمال، شعبة القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، س.م 2012/2011.
✓ عثمان الصطي: "القضاء الاستعجالي في قانون الشركات"، رسالة لنيل دبلوم المستر في قانون المنازعات، شعبة القانون الخاص، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، س.ج 2007/2008. 
✓ رضوان عز الدين: "مارقب الحسابات في قانون شركات المساهمة بالمغرب"، رسالة لنيل دبلوم الدارسات العليا المعمقة، تخصص قانون التجارة والأعمال، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، س.ج 2004/2003. 
✓ لحسن العيوض: "مسؤولية مارقب الحسابات في ضوء القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة"، بحث ماستر قانون الأعمال، جامعة ابن زهر، كلية الحقو ق، دون سنة. 
✓ هشام الأعرج: "الآليات القانونية لحماية أموال الشركة من التلاعب"، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، س.م 2012/2013 

+ الظهائر والقوانين:
✓ ظهير شريف رقم 1.92.139 صادر في 14 من رجب 1413 )8 يناير 1993(، بتنفيذ القانون رقم 15.89 المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية وإنشاء هيئة الخبارء المحاسبين . 
✓ ظهير شريف رقم 1.96.124 صادر في 14 من ربيع الآخر 1417 )30 أغسطس 1996( بتنفيذ القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة . 
✓ قانون الشركات التجارية 96.5.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -