منازعات القيد الإحتياطي في القانون المغربي

مقال بعنوان: منازعات القيد الإحتياطي في القانون المغربي

منازعات القيد الإحتياطي في القانون المغربي

مقدمة : 
تحتل الثروة العقارية مكانة مرموقة في اقتصاديات البلدان سواء منها النامية أو المتقدمة وهذا من قديم الزمان لذلك عملت جل الدول على حماية هذا المكتسب الطبيعي سواء بصورة خاصة أو عامة.
لذلك سارعت هاته الدول إلى سن قوانين عقارية لحماية الملكية العقارية من الضياع والتشتت، نظرا لما كانت تعرفه تلك الدول في فترات سابقة من حروب.
والواقع أن الدول المستعمرة كانت سباقة في أقرار هاته الحماية نظرا لنهضتها المبكرة، غير أن الدول المستعمرة كانت تتخبط في فراغ تشريعي من خلال حماية ضعيفة لنظام الملكية العقارية حيث كان المغرب مثلا يخضع تنظيم هذا الموضوع لقواعد الفقه الإسلامي (المذهب المالكي) الذي وان يحسب له معالجته لمجموعة من الأحكام العقارية غير أنه يقتصر على حماية دقيقة وفعالة لأنظمة الملكية العقارية.
وقد ساهم هذا الاستعمار بشكل كبير في نقل بعض التجارب في الميدان العقاري خصوصا مع تدفق رعايا الدول المستعمرة معا دفع تلك الدول إلى جلب أنظمتها العقارية لفرض حماية قانونية لرعاياها.
ويعد المغرب من بين تلك الدول الذي ساهم الاستعمار فيها بإقرار نظام للملكية العقارية عن طريق وضع نظام التحفيظ العقاري ظهير 9 رمضان 1331هـ الموافق ل12 غشت 1913 الذي يتعلق بالعقارات المحفظة، أما العقارات غير المحفظة فقد بقيت تخضع لقواعد الشريعة الإسلامية وبعض قواعد قانون الالتزامات والعقود.
وقد شمل هذا النظام على مجموعة من القواعد والتقنيات في مجال الحماية العقارية.
فالمشرع أخذ بمبدأ الشهر العيني في ظهير 12 غشت 1913 وكرس بمقتضاه مبدأ الأثر الإنشائي للتسجيل بالرسم العقاري ومفاده أن كل العمليات الواردة على عقار محفظ لا تنتج أي أثر قانوني إلا بإشهارها عن طريق تسجيلها في الصك العقاري، والهدف هو إيجاد نظام عقاري محكم يجلب حماية قانونية لمالكي العقارات، وإحاطة المعاملات العقارية بالضمان اللازم .
وفي هذا الشأن فقد أخذ نظام التحفيظ العقاري بآلية أو تقنية التقييد الاحتياطي الذي يعتبر من بين التقييدات المؤقتة ويهدف إلى طبع حماية وقتية عن طريق الحفظ به مدة من الزمن مع إمكانية تسجيل هذا الحق بشكل نهائي والمشرع لم يعرف هاته التقنية وإنما ترك ذلك للفقه. 
والآن وبعد مرور حوالي 100 سنة على ظهور هاته التقنية حرص المشرع على إدخال بعض التغييرات لما يبلي الحاجيات الملحة للواقع القانوني وتجاوز كل قطيعة بين القواعد القانونية العتيقة وبين الآفاق المفتوحة على الحاضر والمستقبل .
وثم إصدار قانون 14.07 الذي عدل وتمم بعد فصول ظهير 12 غشت 1913. وقد أتى
القانون بتغييرات وتعديلات ايجابية تهدف إلى تسريع وتبسيط مسطرة التحفيظ العقاري والى تحيين كثير من المعطيات التي يتضمنها التحفيظ العقاري خصوصا في :
- توسيع مجال التقييدات بناء على مقال مرفوع إلى القضاء بدل عبارة مقال الدعوى.
- إلزامية تعليل قرارات المحافظ العقاري في حالة رفض التقييد أو التشطيب مع إخبار المعني بالأمر بالقرار المتخذ وتبليغه إليه بالطرق القانونية.
تكمن أهمية هذا الموضوع الدور الذي يلعبه التقييد الاحتياطي في حفظ واستقرار الملكية العقارية عن طريق خلف توازن في حماية الحقوق بين أطرف الملكية العقارية.
و الإشكالية التي يدور حولها الموضوع تتلخص في مدى وصول هذا النظام في إرساء حماية قارة للملكية العقارية؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الإشكاليات الفرعية تتجلى
• ماهو المقصود بالتقييد الاحتياطي؟
• ماهي حالات التقييد الاحتياطي؟
• ماهي الآثار الناجمة عن التقييد الإحتياطي ؟ 
سوف نحاول تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين: 

المبحث الأول: ماهية التقييد الاحتياطي وحالاته 
المبحث الثاني: آثار التقييد الاحتياطي 


المبحث الأول: ماهية التقييد الاحتياطي وحالاته

المطلب الأول:ماهية التقييد الاحتياطي 

إن الحديث عن ماهية التقييد الاحتياطي كمؤسسة قانونية يقتضي منا بداية تحديد كل من مفهومه و موضوعه في الفقرة الأولى, ثم الانتقال بعد ذلك إلى تمييزه عن بعض النظم المشابهة في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: مفهوم و موضوع التقييد الاحتياطي 

لم يعرف المشرع المغربي التقييد الاحتياطي, واكتفى بالتنصيص في الفصل85 من القانون 14.07بأنه" يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطا للاحتفاظ به مؤقتا". كما نصت المادة 13من القانون رقم39.08 المتعلق بمدرسة الحقوق العينية على ما
يلي:
"إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا تجاه الغير إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا".
وهو ما معناه أن التقييد الاحتياطي هو إجراء مؤقت يحفظ الحقوق ويحميها خلال فترة معينة; كما انه يمنح الإشعار الكافي الذي من شأنه أن يطمأن المتعاقدين و الغير كذلك, وهذا يعني أن التقييد الاحتياطي ليس تقييدا بالمعنى الحقيقي المنشئ للحق أي المعنى المخصوص في نظام الرسم العقاري ,بل يختلف عنه اختلافا بينا سواء من حيث الطبيعة القانونية أو من حيث الآثار.[1]
فالتقييد الاحتياطي في حد ذاته لا قيمة له إذ لا تكون له سوى قيمة التقييد النهائي الذي سيتخذ فيها بعد. فإن تحقق هذا التقييد النهائي فإنه يعود بأثر رجعي داخل تاريخ التقييد الاحتياطي الذي يعلن رتبة التعقيدات اللاحقة له, أما إذا لم يتخذ التقييد النهائي داخل الأجل
القانوني فإن الآثار التحفظية للتقييد الاحتياطي تنحصر قانونا ,و ينعدم هذا التقييد الاحتياطي بحيث لن يصبح سوى شكلية لم تترك أي أثر بالرسم العقاري.[2]
إن نطاق التقييد الاحتياطي يمكن حصره مبدئيا في الحقوق العينية, دون الحقوق الشخصية التي أوجد لها المشرع وسائل أخرى لحمايتها و الحفاظ عليها. كما هو الأمر مثلا في حالة عدم أداء المدين ما عليه من ديون فيلجأ الدائن من أجل استيفاء دينه بإيقاع حجز على ممتلكات المدين و التي يمكن أن تترب على المنقول و العقار.
إن الحق الذي يمكن أن يكون موضوع تقييد احتياطي لم يعد يطرح إشكالات تذكر مع مراعاة الاستثناء الوارد في الفصل56 من ظهير التحفيظ العقاري. 
كما تم تغييره و تتميمه3 إذ أن التقييد الاحتياطي يمكن أن يكون موضوع حق شخص كلما تعلق الأمر بأكثرية العقارات التي تفوق مدتها ثلاث سنوات; وكل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد عن السنة غير مستحقة الأداء أو الإبراء منه. وهي حقوق يمكن القول أنها وردت على سبيل الاستثناء الذي يمكن التوسع فيه ورغم طابعها الشخصي فقد سمح المشرع من خلال ظهير التحفيظ العقاري بتقييدها في السجل العقاري[3] ,ولئن كان نطاق التقييد الاحتياطي لا يطرح إشكالا من حيث الحق المطالب به ,فهو بالضرورة يجب أن يكون حقا عينيا يتعلق بعقار محفظ أو حق شخصي ولا يمكن أن يكون موضوعه عقارا في طور التحفيظ رغم النقاش الذي كان سببه أمرين قضائيين: 
الأول : صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء بإجراء تقييدا احتياطيا على مطلب تحفيظ[4] وقد كان هذا الأمر محل تعليق من طرف الأستاذ محمد خيري الذي خلص إلى أن الأمر القضائي تجاوز مفهوم الفصل 85من ظهير التحفيظ العقاري قبل تعديله و الذي نص على أنه" يمكن لكل مت يدعي حقا في عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد الاحتفاظ المؤقت بهذا الحق".[5]
وهو نفس المقتضى الذي احتفظ به المشرع في القانون14.07 مع بعض الاختلاف في الصياغة فقط, غير أنه يمكن أن يكتفي الحق موضوع التقييد المؤقت طابعا مختلطا, بمعنى أن صاحب الحق يمكن أن يجمع بين الصفتين العينية و الشخصية و كمثال لذلك في حالة الوعد ببيع عقار محفظ قد يكون موضوع تقييد احتياطي لحماية الحق العيني أملا في إتمام البيع موضوع الوعد بالبيع كما يمكن أن يكون موضوع حق شخصي بإيقاع الحجز ضمانا لاسترداد أو تسبيق ثمن البيع في حالة عدم إتمام البيع.[6]
أما الأمر القضائي الثاني: فصدر عن المحكمة الابتدائية بتاونات و بأمر المحافظ بإجراء تقييد احتياطي على مطلب التحفيظ.8
إلا انه لا بد من الإشارة إلى أن التقييد الاحتياطي يمكن أن ينص على عقار في طور التحفيظ تطبيقا لمقتضيات خاصة, منها ما نص عليه الفصل11 مكرر من القانون المتعلق بمنح بعض الفلاحين أراضي فلاحيه أو قابلة للفلاحة في ملك الدولة الخاص. كما وقع تغييره و تتميمه بمقتضى القانون رقم06.01 و الذي ينص خلافا لمقتضيات الفصل85 من ظ. ت.
ع يتم التقييد المؤقت بدون صائر لحق المستفيدين على قطعهم بطلب من الإدارة اعتمادا على لائحة الأفراد الموزعة عليهم الأراضي. 

الفقرة الثانية :تمييز التقييد الاحتياطي عن بعض المؤسسات المشابهة 

أولا: تمييز التقييد الاحتياطي عن التسجيل العقاري
بالرجوع إلى الفصول 55 و 66 و67 من ظهير التحفيظ العقاري, يتضح لنا جليا أن الحقوق و التصرفات غير المسجلة لا يمكن الاحتجاج بها ضد الغير و حتى الأطراف.
يتعلق الأمر هنا بالتسجيل النهائي بمعناه الحقيقي, بيد أن التقييد الاحتياطي في نظر الأستاذ" بول دكرو" ليس بتسجيل بالمعنى الحقيقي المنشئ للحق أي المعنى المخصوص في نظام
التسجيلات العقارية 9 ,و عليه يتبين أن هناك فروق جوهرية بين هاتين المؤسستين من حيث طبيعتهما القانونية و الآثار المترتبة عنهما.
فبالنسبة للتسجيل, فهو تدوين كتابة على الرسم العقاري بهدف تأسيس حق عقاري أو نقله إلى الغير أو تغييره أو إسقاطه طبقا لما جاء في الفصل 67 من ظ. ت. ع. فالتسجيل بهذا المعنى يتمتع بالأثر التأسيسي و هو بهذه الصفة يظل قائما و يحافظ على الحقوق التي يتضمنها ما لم تقع أسباب قانونية تستدع إلغاء تلك الحقوق أو انقضائها, كأن تتغير بتسجيل جديد10 أو يصدر يصددها حكم قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به يصرح بانقضاء أو بطلان الحق الذي يتعلق به.[7]
أما التقييد الاحتياطي خلافا للتسجيل, فهو مجرد إجراء بياني يرد على الرسم العقاري ليقيد الحق الناتج عنه بما هو وارد في مطلب التقييد الاحتياطي; أي إشارة بالتسجيل توضع على الرسم العقاري بصفة مؤقتة و لايستمتع هذا البيان بأية قوة ثبوتية و لا أية حجية, بمعنى أن التقييد الاحتياطي لا ينشئ الحق المقيد احتياطا ولا يقرره ولا يغيره ولا يسقطه و إنما ينبأ باحتمال وجوده و إمكانية استكمال شروطه القانونية مستقبلا.12
وبخلاف التسجيل النهائي, فالتقييد الاحتياطي ينقضي بنهاية المدة المحددة له إذا لم ينجز التسجيل النهائي خلال مدته, أو لم يدعم بفتح النزاع أمام القضاء. لكن في حالة انجاز هذا التسجيل النهائي خلال المدة المحددة بصفة قانونية فإنه يعود بأثر رجعي إلى تاريخ التقييد الاحتياطي الذي يعين رتبة التقييدات اللاحقة له.13
وبذلك يتضح بأن التقييد الاحتياطي له دور وقائي, و هو حماية الحقوق غير القابلة للتقييد
النهائي ضد الأخطار التي تهددها و التي تتحقق بسبب مفعول السجل العقاري و لا سيما القوة الإنشائية للحق التبوثية له و مراتب الحقوق التي يعطيها تاريخ التسجيل.
ثانيا : تمييز التقييد الاحتياطي عن الحجز التحفظي
لقد خصص المشرع المغربي المواد452 إلى458 من المسطرة المدنية التي تناولت
تعريف الحجز التحفظي و باستقرائنا للمادة 453 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه لا يترتب على الحجز التحفظي سوى وضع يد القضاء على المنقولات و العقارات التي انصب عليها منع المدين من التصرف فيها تصرفا يضر بدائنه , و يكون نتيجة لذلك كل تفويت تبرعا أو تعويضا مع وجود الحجز باطلا وتديم الأثر.
وحسب الأستاذ أحمد أبو الوفا; الذي تطرق إلى تعويضه بقوله "أنه ضبط مال المدين منها لتهريبه و التصرف فيه تصرفا يضر بحقوق الدائن; في انتظار حصول هذا الأخير على سند تنفيذي بحقه."14 و عليه, فإن الحجز التحفيظي يعتبر وسيلة عاجلة لحماية حقوق الدائن تجاه مدينه الذي يخشى بأن يقوم بتصريف ماله و يعتبر ضمانا تاما للدين الذي بذمته, و هو ما يعني أن إجراء الحجز التحفظي لا يختلف فقط مع التقييد الاحتياطي من حيث الهدف, و لكن أيضا من حيث المصير ذلك ان الأول يهدف إلى ضبط مال المدين خوفا من تهريبه إلى حين
حصول الدائن على يند تنفيذي لحقه أما الثاني فيرمي إلى الاحتفاظ المؤقت على رتبة الحق القابل للتقييد النهائي في الأولوية في التسجيل مستقبلا متى أصبح قابلا للتسجيل النهائي.15
ومن حيث المصير, فإنالحجز التحفظي بعد الحصول على السند التنفيذي يحول إلى حجز تنفيذي, تليه إجراءات بيع العقار المحجوز و نزعه جبرا من المحجوز عليه عن طريق البيع
بالمزاد العلني أما التقييد الاحتياطي فينتهي بالتسجيل النهائي للحق المتنازع عليه مع أخذ هذا الأخير لرتبته بأثر رجعي من تاريخ التقييد الاحتياطي.[8]
وفضلا عن ذلك, فإن الحجز التحفظي يرد على المنقولات و العقارات سواء كانت محفظة أو غير محفظة .أما بالنسبة للتقييد الاحتياطي, فلا يمكن إجراءه إلا على العقارات المحفظة إضافة إلى ذلك , فإن التقييد الاحتياطي مدده تختلف حسب الحالات التي أسس عليها مثلا السند أمام الأمر القضائي ستة أشهر. أما بالنسبة للحجز التحفظي فمدته تبقى مفتوحة إلى حين الحصول على الدين ويترتب على الحجز التحفظي امتناع المحافظ بمجرد تبليغ الإنذار
بالحجز اتخاذ; أي تقييد جديد بشأن العقار المحجوز و على عكس ذلك فالتقييد الاحتياطي لا يشكل عائقا يحول دون تقييد الحقوق اللاحقة له لعدم وجود نص قانوني يحول دون ذلك.

المطلب الثاني: حالات التقييد الإحتياطي

إذا كانت الغاية من التقييد الاحتياطي; حماية حق تعذر على صاحبه تقييده نهائيا مع حماية صاحبه من الضياع; لهذا عمل المشرع على توسيع نطلق العملية ليجعل من القضاء و المحافظة مؤسستين مؤهلتين قانونا للتعامل مع طلبات التقييد المؤقتة في الرسم العقاري. وقد نص الفصل85 من قانون14.07 أن كل شخص يدعي حقا عينيا من عقار محفظ, أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد الاحتفاظ المؤقت بهذا الحق. فالتقييد الاحتياطي لا يخضع لمسطرة واحدة بل هناك حالات لكل منه مسطرته الخاصة و تختلف هذه الحالات فهناك حالات عامة للتقييد للاحتياطي( الفقرة الأولى) كما أن هناك مجموعة من الحالات الخاصة( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: حالات التقييد الاحتياطي في إطار القانون

من خلال الفصل85و86 من ظهير التحفيظ العقاري يتضح أن المشرع أورد ثلاث حالات للتقييد الاحتياطي فقد يتم التقييد الاحتياطي استنادا إلى سند يبرره (أولا) و قد يتم بناءا على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية( ثانيا) و قد يتم بناء على مقال الدعوى.(ثالثا.)
أولا : التقييد الاحتياطي بناء على سند يبرره
يمكن اتخاذ التقييد الاحتياطي بموجب سند بطلب من أحد الأطراف بعد الإدلاء بعقد أو سند يشوبه خلل أو نقص, كأن تكون التوقعات غير مصادق عليها من طرف السلطات المحلية, أو نقصان المعلومات المتعلقة بأفعاله المدنية لا من الأطراف المذكورين بالعقد17. في هذه الحالة يجوز لصاحب السند أن يطلب من محافظ الملكية العقارية قيد حقه احتياطيا إلى أن يستوفي السند شروطه على أن يضم إلى طلبه سند الملكية الخاص بالعقار الذي يتعلق به الحق طبقا للفصل85 من ظهير التحفيظ العقاري.
وقد أفرز الواقع العملي صعوبات تتعلق بتقدير الحالات التي يتعذر فيها على المحافظ على انجاز تقييد السند على حالته شكلية بسيطة يمكن تجاوزها18 لهذا تدخل السيد المحافظ العام من خلال الدورية عدد بتاريخ20-12-2011 جاء فيها:
يتم إجراء التقييد الاحتياطي بناءا على سند إذا كان هذا الأخير يتضمن حقا يتعذر على المحافظ على حالته و حالات شكلية بسيطة دون إجراء التقييد.
ونشير في هذا الصدد بأن رفض المحافظ التسجيل لا يترتب عليه تلقائيا قيامه بالتقييد الاحتياطي بل يتعين على المعني بالأمر إبداء رغبته في ذلك بواسطة طلب لأن رفض طلب التسجيل لحق من الحقوق يغطي لصاحبه إمكانيتين:
- الطعن في قرار المحافظ إذا تبين له إن رفض الطلب على أسس.
- إمكانية طلب التقييد الاحتياطي إذا تبين له أن رفض الطلب غيريعتمد19 على أسس.
و المشرع في قانون 14.07عمل على حصر موانع التقييد ,التي لا يتطلب رفعها او تصحيحها أو توفرها وقتا يتجاوز عشرة أيام. و هي المدة التي يستغرقها التقييد الاحتياطي بناءا على سند أي يتعين على المعني بالأمر انجاز التقييد النهائي تحت طائلة التشطيب عليه.[9] .
فيما يخص مدة صلاحية التقييد الاحتياطي فالمشرع حددها في قانون14.07 في10 أيام وهي نفس المدة التي كانت محددة في الفقرة الثالثة من الفصل6 من ظهير التحفيظ العقاري لسنة[10]5791 إلا أن هذه المدة تطرح إشكالية تتعلق بشأن إمكانية تمديد التقييد الاحتياطي بناءا على سند22 فقد اختلف الفقه في صلاحية تمديد ذلك عندما سكت المشرع عن تقرير إمكانية تمديد التقييد الاحتياطي بمقتضى سنة.
لنجد الأستاذ محمد ابن الحاج السامي قائلا فإننا نرى إنه لا يمكن تفسير سكوت المشرع
على أنه نسخ تلك المقتضيات فإنه لا يجوز بالتالي تمديد مفعول التقييد الاحتياطي بمقتضى [11] لأنه لو كان الأمر كذلك لوقع التنصيص عليه صراحة كما وقع بالنسبة لتجديد طلب التقييد الاحتياطي بناء على سند لنفس الأسباب غير أنه في جانب مخالف لهذا الرأي تجد السيد المحافظ العام في الدورية عدد389 الموجهة للمحافظين على الأملاك العقارية جاء منها خلافا لمقتضيات الفصل6 من ظهير01-06-1975 الذي تم نسخه بموجب قانون رقم14.07 و التي كانت تسمح بإمكانية تمديد التقييد الاحتياطي بناءا على سند استنادا على مقال دعوى أو أمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية فإن مقتضيات الفصل 86 لا تنص على إمكانية تمديد التقييد الاحتياطي بناء على سند[12] فبما يتعلق بمسألة تجديد التقييد الاحتياطي بناءا على سند
استنادا إلى نفس الأسباب فالأمر كذلك غير ممكن بالنظر إلى ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من الفصل86.[13]
ثانيا: التقييد الاحتياطي بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية
بالرجوع إلى مقتضيات الفصلين85-86 من ظهير التحفيظ العقاري, فإنه لكل من يدعي حقا على عقار محفظ, أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية 26الموجود بدائرة اختصاصها موقع الملك المعني بالأمر إصدار أمره بإجراء تقييد إحتياطي للحفاظ المؤقت على حقوقه. فإذا ما لاحظ رئيس المحكمة الابتدائية جدية الطلب أصدره قراره بإجراء التقييد الاحتياطي
المطلوب[14]
من خلال هذين الفصلين, يلاحظ أن المشرع المغربي قام بالحفاظ على تقييد حقا محتمل احتياطيا بالرسم العقاري بوسيلة ثانية, و يتعلق الأمر بالتقييد الاحتياطي بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية إلا أن هذا النوع يطرح مجموعة من الإشكالات في الواقع العملي.
ولقد طرح الإشكال حول طبيعة هذا الأمر الصادر بالتقييد الاحتياطي, حيث عرف هذا الأمر اختلافا بين الفقه فهناك من يرى أن صدور الأمر بالتقييد الاحتياطي خارج نطاق قانون المسطرة المدنية خاصة مقتضيات الفصل فهو أمر ذو طبيعة خاصة.28
وهناك من يرى أن الأمر القضائي المذكور في إطار مقتضيات الفصل86 فهو يصدر عن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات. 
و في غياب الأطراف و دون حضور كاتب الضبط أي أن الأمر ذو صيغة ولائية غير أن الإستاد عبد العالي الدقوقي يرى أن الأمر ذي طبيعة استعجاليه استنادا إلى الفصل148 و الإحالة التي يحيل بها الفصل149 من قانون المسطرة المدنية.29
والملاحظ أن الأمر الصادر برفض طلب إجراء التقييد الاحتياطي بناء على أمر يقبل الطعن بالاستئناف طبقا للأحكام العامة المنصوص عليها في للفصل148 ق. م. م .أما الأمر الايجابي الصادر بالتقييد الاحتياطي فإنه لا يقبل الطعن بالاستئناف طبقا لنفس الأحكام العامة, بل يبقى هذا الصنف لمدة مؤقتة لا تتعدى ثلاثة أشهر إبتداءا من تاريخ صدوره ما لم يتم تمديده بأمر آخر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع.30 التساؤل الذي يطرح هل الاختصاص ينعقد فقط لرئيس المحكمة الابتدائية لوحده؟
من خلال مقتضيات الفصل85 من قانون,14.07 يتضح أن رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار هو المختص بإصدار هذه الأوامر. إلا أن هناك بعض الباحثين يرون أن المشرع ما دام أنه لم يخصص باسم المحكمة المختصة فإن أي محكمة كان معروفا عليها النزاع و كانت مختصة نوعيا يكون لرئيسها كامل الصلاحية لإصدار أوامر بإجراء تقييدات احتياطية31. فيما يخص مسألة تمديد التقييد الاحتياطي بناء على أمرة فإن المشكل الذي كان يطرح في هذا السياق كان يتعلق بمسألة تمديد التقييد الاحتياطي بناءا على أمر بواسطة تقييد احتياطي بناء على مقال احتياطي للدعوى. و ذلك عندما يتم تقييد بعض الحقوق بالسجل العقاري خلال الفارة التي تفصل بين تاريخ اتخاذ التقييد الاحتياطي بناء على أمر و تاريخ اتخاذ التقييد الاحتياطي بناء على مقال حيث كانت تطرح مسألة الأثر الرجعي للحق المقيد.[15]
ومن بين الإشكالات العملية التي كانت مطروحة, إصدار أمر من طرف رئيس المحكمةالابتدائية بالتشطيب على التقييد الاحتياطي بناء على مقال, خاصة عندما تبقى هذه التقييدات مقيدة على الرسم العقاري بشكل تعسفي. هذا الأمر دفع بالمشرع المغربي إلى إقرار هذه الصلاحية بالنسبة لرئيس المحكمة الابتدائية إمكانية إصدار أوامر بالتشطيب على تقييدات احتياطية بناء على مقال الدعوى كلما كانت الأسباب المستند عليها غير جدية أو غير صحيحة.33
ثالثا: التقييد الاحتياطي بموجب مقال الدعوى
لما أعطى المشرع لكل من يدعي حقا على عقار محفظ, إمكانية اللجوء إلى التقييد الاحتياطي بموجب الفصل58 من قانون 14.[16]07 وتعداده لحالات التقييد الاحتياطي و نوع السندات التي يمكن أن يرتكز عليها, نجد من بينها نسخة من مقال الدعوى في الموضوع المرفوع أمام القضاء بالرجوع إلى مقتضيات الفصلين85-86. اد نجد أن المشرع استعمل مصطلح مقال الدعوى و ليس مقال افتتاحي للدعوى لذالك فان المشرع المغربي لا يقصد فقط المقال الافتتاحي للدعوى و إنما كانت نيته متجهة إلى حماية الدعاوى المختلفة بواسطة مؤسسة التقييد الاحتياطي و بالتالي يمكن اعتماد الطعن بالاستئناف لطلب إجراء التقييد الاحتياطي استنادا للفصلين85-86 الذي يتحدث عن نسخة من المقال مرفوعة أمام القضاء .و الإشكال الذي طرح فيما يخص إمكانية قبول التدخل الارادي في الدعوى لاجراء تقييد احتياطي بالسجل العقارية فقبل صدور قانون14.07 صدرت دورية للمحافظ العام سنة
2007أكد من خلالها أنه ليس هناك ما يمنع من إجراء تقييد احتياطي بناء على مقال لتدخل إرادي لفائدة المتدخل حفاظا على حقوقه في الدعوى الجارية.[17]
فيما يخص آجال التقييد الاحتياطي بناء على مقالة فالمشرع لم يبين تاريخ انطلاق أجل الشهر هل يسري من تاريخ رفع المقال أمام المحكمة أم من تاريخ تقييده على الرسم العقاري.
في هذا الإطار تضاربت مواقف الباحثين لكن المحافظ العام حسم النقاش بواسطة دورية صادرة سنة2011. أكد من خلالها أن هذا التقييد الاحتياطي بناء على مقال دعوى في الموضوع محددة في شهر يسري من تاريخ تقييده بالرسم العقاري[18] و بالتالي فأجل الشهر يبدئ من تاريخ تقييده بالسجلات العقارية للمحافظة العقارية و ليس من تاريخ صدور المقال على أساس أن المشرع لم يقرر مسألة تاريخ بدء السريان مما يعني الانضباط إلى مبدأ الأثر الإنشائي للتقييدات بالسجلات العقارية.37
وهناك إشكال آخر كان مطروح قبل صدور قانون14.07 حيث; كان التوجه القضائي الغالب يجعل من الطعن بالنقض يوقف التنفيذ فيما يتعلق بمسطرة التحفيظ العقاري. أي أنه كان يتبنى التفسير الضيق لعبارة التحفيظ العقاري الواردة في الفصل163 من ق. م. م 38,ومن خلال صدور قانون14.07 أعطى لمفهوم التحفيظ العقاري مفهوما واسعا, بحيث أصبح يشمل مرحلة المسطرة الإدارية للتحفيظ العقاري, و كذا مرحلة ما بعد تأسيس الرسم العقاري.
وعليه فمفهوم التحفيظ العقاري أصبح يشمل مسطرة التحفيظ التي تبتدئ مع تقديم مطلب التحفيظ إلى حين إنشاء الرسم العقاري و كذا التقييدات اللاحقة على تأسيس الرسم العقاري و عليه فإن أثر التقييد الاحتياطي يبقى ساري المفعول و لا حاجة لطلبه من جديد استنادا على عريضة القضاء.39

الفقرة الثانية : حالات خاصة للتقييدات الاحتياطية

بالإضافة إلى الحالات العامة للتقييد الاحتياطي, فقد عمل المشرع المغربي على إحداث حالات أخرى خاصة ببعض القوانين الجديدة التي تتميز بعدة خصوصيات ,سواء على مستوى المسطرة المتبعة أو على مستوى مدة صلاحية التقييد الاحتياطي. تتجلى هذه القوانيين الخاصة في التقييد الاحتياطي المبني على عقد البيع الابتدائي أولا, والتقييد الاحتياطي في إطار مدونة تحصيل الديون العمومية ثانيا ,و التقييد الاحتياطي بناء على مقتضيات قانون نزع الملكية ثالثا.
أولا: التقييد الاحتياطي المبني على عقد البيع الابتدائي
أصدر المشرع المغربي قانون رقم00.44 المغير و المتمم بقانون107.[19]12 في الفصل 618.10 ما يلي:" يجوز للمشتري إذا كان العقار محفظا أن يطلب إجراء تقييد احتياطي بناء على عقد البيع الابتدائي إذا تجاوزت التسبيقات 50% من ثمن البيع. و يبقى التقييد الاحتياطي ساريا إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي ذلك للحفاظ المؤقت على حقوق المشتري و كل شرط مخالف يعتبر باطلا".
يتم تعيين رتبة تقييد العقد النهائي بناء على تاريخ التقييد الإحتياطي للعقد الابتدائي, و يعتبر عقد البيع الابتدائي معلقا على حصول التسليم ليتحول إلى بيع نهائي و يقيد في الرسم العقاري.[20]
واشترط المشرع المغربي مجموعة من الشروط الدقيقة لتقييد عقد البيع الابتدائي تقييدا احتياطيا و هي:
1- أن يكون العقار محفظا.
إن مؤسسة التقييد الاحتياطي وضعت لتطبق على العقارات المحفظة و مقتضيات القانون4400 ,اذ كانت تطبق على جميع أصناف العقارات. 
فإنه سواء تعلق الامر بعقارات محفظة, أو في طور التحفيظ فإنها تبقى بمنأى عن الخضوع للتقييدات الاحتياطية, و ذلك كله انسجاما مع ما تم تأكيده بواسطة الفصل من ظهير التحفيط العقاري.[21]
2- أن تتجاوز التسبيقات50% من ثمن البيع .
من بين أهم المستجدات التي حملها التعديل الأخير, هو جواز طلب إجراء تقييد إحتياطي من طرف المشتري بناء على عقد البيع الابتدائي اذا تجاوزت التسبيقات50% من ثمن البيع دون اشتراط موافقة البائع. كما كان في السابق مع التأكيد أن هذا التقييد الاحتياطي يبقى ساريا إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي و أن كل شرط مخالف يعتبر باطلا و ذلك استنادا المقتضيات الفصل618-.10
3-وجوب تحرير عقد احتياطي
ألزم المشرع المغربي أطراف العلاقة التعاقديةة بمناسبة التصرف بشأن عقار في طور الانجازة أن يرد في محرر رسمي أو في محرر ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة و يخول لها قانونيا تحرير العقود ذلك استنادا للفقرة الاولى من 8 الفصل3-.61
4-تقديم طلب إلى المحافظ العقاري
يجب تقديم هذا الطلب متضمنا كافة البيانات التي نص عليها الفصل 69 من ظهير التحفيظ العقاري،خاصة المراجع العقارية ،والحالة المدنية الكاملة للمستفيد من التقييد الاحتياطي،وأن يرفق الطلب بنسخة من عقد البيع الابتدائي، وما يفيد أن التسبيقات تجاوزت
50%من ثمن البيع،أما بخصوص الإدلاء بنظير الرسم العقاري، فإنه من الناحية المبدئية،ادا كان التقييد الاحتياطي لايتوقف على موافقة البائع، فإن الإدلاء بنظير الرسم العقاري،أمر غير لازم.
هكذا فإن الحماية التي يمنحها هذا النوع الخاص من التقييدات الاحتياطية تبقى قائمة إلى غاية تقييد العقد النهائي، بحيت عند تقييد هذا الأخير فإن دلك يسرى بأثر رجعى إلى تاريخ إجراء التقييد الإحتياطي،ومن تم فإن هدا الأخير لا يخضع لأحكام التمديد التي تخضع لها التقييدات الاحتياطية في إطار القواعد العامة.43
ثانيا: التقييد الاحتياطي فى إطار مدونة تحصيل الديون العمومية
طبقا لمقتضيات المادة 115 من قانون 15.97 [22] بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية،يمكن للمحاسب المكلف بالتحصيل ،بناء على الإعلام بالتصحيح أن يطلب التقييد الاحتياطي وفق الشروط المحددة في المادة 85 من ظهير التحفيظ العقاري.مما يستعد أن طلب التقييد الاحتياطي يكون بناء على سند.
بالرجوع إلى المادة 113 من مدونة تحصيل الدين العمومي، يلاحظ أن المشرع قام بإحداث رهن رسمي على الأملاك العقارية ولفائدة الخزينة العامة من أجل تحصيل الضرائب والرسوم، ودلك كلما بلغ الدين أو تجاوز مبلغ 20 ألف درهم.
لقد أثار الفصلان 119و115 عدة تأويلات خاصة بين إدارة المحافظة
العقارية،والخزينة العامة للدولة،مما دفع المحافظ العام إلى التدخل والتأكيد على أن الرهن الرسمي للخزينة العامة للدولة هو رهن غير اتفاقي لأنه لا يستدعي موافقة المدين بالدين
العمومي،ومن ثم ألزم المحافظ العام جميع محافظي الملكية العقارية بعدم قبول طلبات تقييد الرهن المقررة بمقتضى الفصلين 114و113،والتقييد المقرر في الفصل 115،بل ينبغي قبول دلك بالاستناد على الفصلين 85و86 من ظهير التحفيظ العقاري اللدين يحددان الخالات العادية للتقييدات الاحتياطية، وعلى الفصل 175 من مدونة الحقوق العينية التي تناولت الرهن الجبري[23].
وقد أثارت الإحالة على المادة 85 من ظهير التحفيظ العقاري نقاشا، الشئ الذي ادى إلى إبداء مجموعة من الملاحظات:
*إن هذا الإجراء يصدر بناء على الإعلام بالتصحيح وهو وثيقة تصدر عن مصالح الوعاء الضريبي ،تقرر إلزام شخص بمبلغ معين برسم الضريبة،أي بناء غلى سند أو وثيقة إدارية جبائية يصدرها المستفيد نفسه وخارج أي منازعة عقارية، وقد تكون مشوبة بتجاوز السلطة.
*إن الحق المضمون بالتقييد الاحتياطي في هذه الحالة حق شخصي ومنقول لايمكن أن يتحول إلى حق عيني.
*إن التقييد الاحتياطي لا يمكنه أن يتحول إلى تقييد نهائي،ومن تم يطرح التساؤل حول الفائدة من إجرائه خصوصا وأن المشرع المغربي أعطى للخزينة العامة الحق في تحصيل الضرائب إمكانية إجراء رهن رسمي على جميع الاملاك العقارية للمدينين بمبلغ يساوي 20.000درهم.[24]
كان من الأجدر الإحالة على المادة173 من مدونة الحقوق العينية التي حلت محل المادة 172 من ظهير 2 يونيو 1915،التي تقضى انه في حالة الاستعجال يمكن لرئيس المحكمة وفي مختلف حالات الرهون أن يأمر بناء على طلب بكل تسجيل تحفظي أو تقييد احتياطي،لايكون لهما أي أثر لغاية الحكم النهائي المطلوب تسجيله.[25]
ثالثا:التقييد الاحتياطي بناء على مقتضيات قانون نزع الملكية
خول المشرع بمقتضى الفصل 25 من القانون رقم 17.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة ،لنازع الملكية إمكانية تقديم طلب أمام المحافظ على الأملاك العقارية، من
أجل تسجيل تقييد احتياطي في الرسم العقاري متى تعلقت مسطرة نزع الملكية بعقار محفظ أو حقوق عينية مترتبة عليه، شريطة أن يدعم الطلب بالأمر القضائي الصادر بالحيازة ولا ينتهي مفعول التقييد إلا بتسجيل الناقل للملكية، يسري هذا الأمر بأثر رجعي إلى تاريخ إجراء التقييد الاحتياطي.

المبحث الثاني: آثار التقييد الاحتياطي

إن التقييد الإحتياطي كما أسلفنا الذكر يعد وسيلة وضعها قانون التحفيظ العقاري بيد الأطراف المعنية ، بغية صيانة الحقوق مؤقتا من الضياع . كلما كانت هذه الحقوق غير مستوفية للشكليات القانونية ، أو كانت محل منازعة قضائية. و عليه و بإستقراء نصوص ظهير التحفيظ العقاري، يظهر أن التقييد الإحتياطي يرتب آثار قانونية هامة، سواء من حيث الزمن من خلال المدة التي يستغرقها (مطلب أول )، أو على على الأشخاص، كما أنه يرتب آثار على الحقوق التي تكون موضوعه (مطلب ثاني)

المطلب الأول :آثار التقييد الاحتياطي في الزمن

ينتج التقييد الاحتياطي مجموعة من الآثار الهامة تأتي في مقدمتها الأثر الرجعي الذي يعتبر الغاية من إقراره هذه المؤسسة(الفقرة الأولى )على أن التقييد الاحتياطي يمكن تمديده أو تجديده حسب الحالات (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي

إن أول أثر للتقييد الاحتياطي هو الرجعية ذلك أن التقييد النهائي للحق الذي سبق تقييده احتياطيا كما سبق يعود بأثر رجعي إلى تاريخ هذا التقييد الاحتياطي، وذلك وفق مقتضى الفقرة الخامسة من الفصل 85 من قانون 70.41 بمعنى أن التقييد النهائي للحق المقيد
احتياطيا سيعتبر وكأنه أنجز من تاريخ التقييد الاحتياطي بكل ما يترتب عن ذلك من نتائج[26].
ومن خلال هذه الإمكانية المخولة لصاحب التقييد الاحتياطي يبقى مشروع التساؤل حول مدى محدودية هذا الأثر هل هو مطلق أم أنه يتعلق فقط ببعض الحقوق دون غيرها ؟
ولكي نستطيع أن نجيب على السؤال لابد من الإشارة إلى أن التقييد الاحتياطي لا يوقف سير التقييدات وأن التقييدات التي تلحق هذا التقييد تبقى مؤقتة وقابلة للتشطيب حسب المصير الذي سيؤول له الحق المطالب به، فإذا اعترف القضاء بهذا الحق وأصبح الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به، أو استكمل ذلك الحق شروطه القانونية وإذا زال العائق من التقييد النهائي بصفة عامة، فإن مصير الحقوق اللاحقة للحق المقيد احتياطيا هو التشطيب وسيحل هذا الحق المعترف به محل تلك الحقوق بقوة القانون[27].
ومن هذا المنطلق فإن الأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي يتميز بطابع الإطلاقية رغم أن التقييد النهائي لا يتماشى مع التقييد الاحتياطي ولا يؤرخ بتاريخه.
بالتالي وحتى يتأتى لنا الفهم أكثر علينا أن نعيد ما قلناه في مستهل هذاالعرض من أن الفقرة الأخيرة للفصل 58 من ظهير 21 غشت 3191 بشأن تحفيظ العقارات أعطت للتقييد اللاحق للحق موضوع التقييد الاحتياطي رتبة هذا التقييد الاحتياطي حيث إن تاريخ إجراء هذا التقييد الاحتياطي هو الذي يؤخذ بعين الاعتبار لتعيين رتبة التقييد اللاحق للحق المقيد احتياطيا عند استكماله كل الشروط القانونية والشكلية والجوهرية أو عند الاعتراف به أو إبطال بحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به.
وهذا يعني أن التقييد النهائي للحق المقيد احتياطيا يعود بأثر رجعي إلى تاريخ تضمين التقييد الاحتياطي مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من آثار ونتائج قانونية وهكذا إذا صدر حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به وقضى بصحة حق موضوع دعوى سبق تقييدها احتياطيا فإن التاريخ المعتبر لتأسيس هذا الحق هو تاريخ التقييد الاحتياطي، وهو قاعدة كرسها كذلك العمل القضائي المغربي، ففي قرار صادر عن المجلس الأعلى) محكمة النقض حاليا (اعتبر أن تاريخ التقييد الاحتياطي في التقييد الاحتياطي ما هو إلا إجراء لضمان رتبة حقوق محتملة لا تسري من تاريخ إجرائه مدة الأخذ بالشفعة لأن هذه الأخيرة لا تؤخذ من حق لازال من طي الاحتمال رغم أن الفصل 58 من ظهير 21 غشت 3191 ينص صراحة على أنه يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد الاحتفاظ المؤقت بهذا الحق، هذا وأن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يعتبر التعيين رتبة التسجيل اللاحق للحق وأن القرار المطعون فيه لما خالف هذه القاعدة الصريحة يكون مشوبا بعيب خرق الفصل المذكور وبالتالي معرضا للنقض والإبطال.
والأثر الرجعي للتقييد الاحتياطي مطلق بدليل النص ولو لم تكن هذه الرجعية مطلقة لماكان التشطيب هو مصير الحقوق اللاحقة للتقييد الاحتياطي عندما يعترف القضاء بالحق المقيداحتياطيا بحكم نهائي.
فما الفائدة من تحديد التقييد الاحتياطي رتبة الأفضلية للحق القيد احتياطيا بالنسبة للحقوق اللاحقة له إذا لم يحتفظ أيضا بأثاره المدنية والقانونية ؟
في رأي البعض إن الحق الذي كان مقيدا تقييدا احتياطيا لم يكن موجودا وحال وقائما وإنما كان محتملا أو مفترض الوجود فقط وأنه لم ينشا ولو كحق شخصي يمنع صاحبه حق المطالبة بالتقييد إلا انطلاقا من تاريخ اعتراف القضاء به أو من تاريخ استكمال توفره على الشروط الشكلية والجوهرية المتطلبة قانونا التشطيب على الحقوق اللاحقة له وبالتالي لم يكن بيدي
أثاره المدنية والقانونية قبل اعتراف القضاء به.[28]
إلا أن هذا القول مردود، ذلك أنه حقيقة أن الحق المقيد احتياطيا لم يكن سوى محتملا أو مفترض الوجود، إلا أن اعتراف القضاء به أو واقعة استكمال عناصره الشكلية والجوهرية المتطلبة قانونا لا ينشأنه في الواقع ولا يقرران أي وضعية قانونية جديدة فيهما لا يصرحان ولا يعترفان سوى بواقع كان موجودا لكن منازع فيه، ذلك أن الحق المقيد احتياطيا والمنازع فيه كان ناشئا من قبل بوضعه التزاما أو حقا شخصيا يمنح الدائن حق المطالبة بتقييده النهائي وبمجرد توافق إرادة الطرفين إلا أنه أصبح موضوع نزاع حين أراد الطرفان إتمام الشكليات القانونية التي يتطلبها إثبات هذا الحق وتحويله إلى حق قابل للتقييد النهائي وتحويله بالتالي إلى حق عيني مع تماطل أحد الطرفين في إتمام هذه الإجراءات، أو لسبب أخر[29].
وعلى غرار ما تقدم يتضح أن رجعية التقييد الاحتياطي مطلقة وليس نسبية وذلك رغم أن التقييد النهائي لا يؤرخ بتاريخ التقييد الاحتياطي، ورغم أن الحق المقيد احتياطيا لا يكتسب صفة العينية إلا من تاريخ تقييده نهائيا، وبناء عليه فإنه يحق لصاحب التقييد الاحتياطي الذي استطاع أن يحصل على التقييد النهائي لكل هذا الحق سواء بعد اعتراف القضاء به أو بعد استكمال شروطه القانونية أو بعد رفع العائق من التقييد أن يطلب غلة العقار موضوع حقه وثماره المدنية والطبيعية والصناعية التي أنتجها من تاريخ التقييد الاحتياطي، وكذا المطالبةبالتعويض عن الأضرار التي لحقاه من جراء حرمانه من الانتفاع من تلك المنتجات ابتداء مننفس التاريخ وبصفة عامة يحق له المطالبة بكل ما يخوله له القانون من حقوق وتعويضات
ابتداء من نفس التاريخ52.
ويرى أحد الباحثين أن ليس هناك ما يمنع قانونا من قيام صاحب التقييد الاحتياطي بإجراء تصرفات للغير على حقه غير المستقر بعد كما لو تعاقد على بيعه أو هبة، أو رهنه .لكن تلك الالتزامات التي تتولد على مثل تلك العقود يجب أن تعتبر معلقة على شرط واقف والذي هو استقرار حق المفوت صاحب التقييد الاحتياطي، فإذا تأييد حقه بالتسجيل النهائي انقضى الشرط الواقف ونفد التزاماته المتولدة عن تلك العقود التي يكون قد أبرمها مع التنبيه أن تسجيلها لا يكون بأثر رجعي لتاريخ إبرام تلك العقود، لعدم وجود نص يسمح بذلك كما هو الأمر لحق صاحب التقييد الاحتياطي أما إذا لم يثبت حق هذا الأخير بالتسجيل النهائي،
انقضت الالتزامات الناشئة عن تلك العقود[30].
إذ يتضح لنا على هذا النحو أن رجعية التقييد الاحتياطي مطلقة وليست نسبية رغم أن التقييد النهائي لا يؤرخ بتاريخ التقييد الاحتياطي ورغم أن الحق المقيد احتياطيا لا يصير حقا عينيا ولا يكتسب صفة العينية إلا ابتداء من يوم تقييده نهائيا.

الفقرة الثانية :تمديد آثار التقييد الاحتياطي

كما أسلفنا الذكر فإن الغاية المتوخاة من وراء مؤسسة التقييد الاحتياطي في التشريع العقاري، هي الحفاظ على الحقوق القابلة للتقييد النهائي مؤقتا وبعدها فسيزول مفعول هذا التقييد بعد انقضاء المدد المحددة له بالتشطيب على التقييد الاحتياطي، يتم التشطيب عليه في حالة انقضاء المدة دون التمكن من تقييد الحق المقيد احتياطيا.
إذا فإن مدد التقييدات الاحتياطية التي تم حصرها من قبل المشرع بمقتضى النصوص القانونية تتراوح بين عشرة أيام وثلاث أشهر حسب خصوصيات كل نوع أو كل حالة من حالات التقييد الاحتياطي، ففي التقييد الاحتياطي بناء على سند فالمدة هي 01 عشرة أيام،وبالنسبة للتقييد الاحتياطي بناء على أمر صادر من رئيس المحكمة الابتدائية فالمدة هي ثلاثأشهر ما لم يتم رفع دعوى لدى المحكمة، وتضمين مقالها بالرسم العقاري داخل أجل الشهر الأول من تاريخ التقييد الاحتياطي حيث أن مفعول هذا التمديد يستمر إلى حين صدور حكم نهائي وبالنسبة للتقييد الاحتياطي المتخذ بناء على مقال افتتاحي للدعوى، فمدته شهر لم يدل طالب التقييد بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية وفقا لمقتضيات الفصل 58 فإذا قضى الحكم ثبوت الحق المطالب به جرى تقييده استثناء لهذا الحكم واعتبرت رتبة التقييد انطلاقا من تاريخ وقوع التقييد الاحتياطي، أما في حالة رد المحكمة لمزاعم المدعي فإن على المحافظ
على الأملاك العقارية أن يتخذ المبادرة ويشطب على التقييد الاحتياطي.[31]
وبالإضافة إلى ما تقدم فمدد التقييد الاحتياطي المذكورة يمكن أن تتكامل فيما بينها .وهذا ما يستشف من مقتضيات الفصلين 58 و 86من ظهير 21 غشت 3191 المتكاملة بينها بشأن تحفيظ العقارات كما وقع تعبيره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 70.41 حيث إنه يمكن للتقييد الاحتياطي المدد التالية:
• عشرة أيام بمقتضى سند.
• عشرة أيام مضافا إليها ثلاثة أشهر بالنسبة للتقييد الاحتياطي بمقتضى سند ممدد يأمر من رئيس المحكمة الابتدائية.
• عشرة أيام مضافا إليها شهر واحد فمدة غير محددة فيما يخص التقييد الاحتياطي بمقتضى سند محدد بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية مصححا بمقال افتتاحي للدعوى.
• ثلاثة اشهر فيما يتعلق بالتقييد الاحتياطي بمقتضى أمر من رئيس المحكمة الابتدائية
• شهر واحد لمدة محددة فيما يتعلق بالتقييد الاحتياطي بموجب أمر من رئيسالمحكمة الابتدائية محدد بموجب مقال افتتاحي للدعوى.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن تجديد تقييد احتياطي لاغ أو على وشك الانتهاء؟ قبل الشروع في الإجابة عن هذا التساؤل سنبين أولا الفرق بين تجديد التقييد الاحتياطي وتمديده.
إن تمديد التقييد الاحتياطي يقصد به منح هذا الأخير قبل انقضاء أجله آثار تستمر في الزمن لكن بنوع آخر من التقييد الاحتياطي .أما التجديد فمعناه، اتخاذ تقييد احتياطي من نفي النوع بعد انقضاء آجال التقييد الاحتياطي الأول[32].
وقد خلق تجديد التقييد الاحتياطي تضاربا للآراء بين مؤيد يرى أنه لا يوجد نص يمنع ذلك، إذ يمكن مثلا اتخاذ تقييد احتياطي بناء على أمر بعد الانقضاء التلقائي للتقييد الاحتياطي بناء على أمر المتخذ الأول للأمر[33].
وعلى العكس من هذا التوجه يرى الحاج السلمي أنه لا يمكن تجديد التقييد الاحتياطي لعدم وجود نص صريح يسمح بذلك وبأن تجديده سيعرقل حركية التفويتات المنشأة على العقار، وبالتالي سيصبح بمثابة حجز تحفظي، وبما أن المعنى بالأمر يمكن أن يستفيد من تمديد التقييد الاحتياطي عن طريق إقامة دعوى وتقييد مقالها الافتتاحي بالرسم العقاري أهمل الاستفادة من هذه الوسيلة فهو المفرط في حقه[34].
وهذا الاتجاه الثاني هو الذي يتماشى مع المقتضيات التي تبناها القانون 70.41 من خلال
المادة68 ف 7حيث أكدت أنه لا يمكن لطالب التقييد الاحتياطي أن يعدم أي طلب جديد بناء على نفس الأسباب.
والآن بعد أن ميزنا بين التحديد والتجديد سنرجع لنجيب على السؤال المتعلق بإمكانية تجديد تقييد احتياطي لاغ أو على وشك الإنهاء أو انتهاء صلاحيته.
فباستقراء النصوص المنظمة للتقييد الاحتياطي، خاصة الفقرة السابعة من الفصل 68 منظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بقانون 70.41 تنص على أنه لا يمكن بطالب التقييد الاحتياطي أن يقدم طلب جديد بناء على نفس الأسباب.
وتأسيسا على ما سبق فإنه لئن كان بالإمكان تقديم طلبات جديدة من أجل الحصول على تقييدات احتياطية أخرى، فإن ذلك مشروط بتأسيس تلك الطلبات على أسباب جديدة وليس على نفس الأسباب التي بنيت عليها التقييدات السابقة.

المطلب الثاني :آثار التقييد الاحتياطي على الحقوق والأشخاص

ينتج عن التقييد الاحتياطي آثار قانونية جد هامة لا من حيث الحقوق وأيضا من حيث الأشخاص، لذلك سنعرض أولا لآثار التقييد الاحتياطي من حيث الحقوق ثم ثانيا سنتطرق إلى آثار التقييد الاحتياطي من حيث الأشخاص.

الفقرة الأولى :آثار التقييد الاحتياطي على الحقوق

ترتيبا على الفصل 58 من ظهير التحفيظ العقاري تتجلى آثار التقييد الاحتياطي في إعطاء الأفضلية للحق المقيد احتياطيا على باقي الحقوق اللاحقة له المذكورة لكن قبل تقييد هذا الحق نهائيا، فقد سبق القول أن رجعية التقييد الاحتياطي مطلقة وبأن مصير الحقوق اللاحقة التشطيب، إذا اعترف القضاء بالحق المقيد احتياطيا أو إذا استعمل الحق كل شروطه القانونية وأخيرا إذا ما رفع العائق من التقييد بصفة عامة، ولتكون هناك أفضلية الحق المقيد احتياطيا على الحقوق اللاحقة له فإنه يجب أن يكون هناك إقرار بإمكانية اتخاذ تقييدات نهائية لاحقة للتقييد الاحتياطي، الأمر الذي استدعى طرح هذه الإشكالية وتبيان آثار التقييد الاحتياطي على سير التقييدات (أولا) وآثاره على تعيين نقطة الانطلاق بالنسبة لأجل ممارسة حق الشفعة( ثانيا).
أولا :آثار التقييد الاحتياطي على سير التقييدات
الأصل هو ان التقييد الاحتياطي لا يوقف سير التقييدات النهائية اللاحقة له إلا في حالة واحدة نص عليها الفصل 68 في فقرته الأولى من قانون 70.41 وهي حالة التقييد الاحتياطي بموجب سنده حيث يقضي بأنه خلال العشرة أيام التي يجب أن يصحح فيها التقييد الاحتياطي المتخذ بمقتضى سند فإنه لا يمكن طلب اتخاذ أي تقييد آخر برضى الأطراف، وأثر توقيف سير التقييدات هذا الناتج عن الفصل 68 المذكور لا يتعدى عشرة أيام فإذا ما امتد مفعول التقييد الاحتياطي المتخذ بموجب سند إلى أكثر من عشرة أيام بواسطة أمر من رئيس المحكمة الابتدائية أو بموجب مقال افتتاحي الدعوى فإن سير التقييدات يجب أن يعود إلى حالته الطبيعية ابتداء من اليوم الحادي عشر وبالتالي في هذه الحالة يرفع المنع المفروض58.
إذا باستثناء التقييد الاحتياطي بناء على سند الذي يمنع خلال مدة صلاحيته إجراء أي تقييد يقتضي إنشاؤه موافقة الأطراف، فإن باقي حالات التقييد الاحتياطي لا توقف التقييدات فالمالك يمكن له أن يتصرف في عقاره بالرهن أو بالتفويت سواء بعوض أو بغير عوض إلا أن مصير هذه التقييدات بقي معلقا على ما ستؤول إليه الدعوى المقيدة احتياطيا، فإذا أصدر حكم نهائي أصبح نافذا بأثر رجعي إلى تاريخ تضمين التقييد الاحتياطي ويتم التشطيب على التقييدات اللاحقة للتقييد الاحتياطي، وهذا ما كده المجلس الأعلى في قراره حيث أكد أحقية المحافظ على التشطيب على شراء الطالبة الذي اصبح لا اثر له وتقييد الشراء الأول الذي كان مقيدا تقييدا احتياطيا والقاعدة إذن أن التقييد الاحتياطي لا يوقف سير التقييدات اللاحقة التي قد ترد على العقار موضوع التقييد الاحتياطي إلا باستثناء التقييد بناء على سند كما أشير إليه أعلاه[35].
وبالتالي تظل كل الحقوق المقيدة بعد هذا التقييد الاحتياطي قابلة للتشطيب عليها بحسب المصير الذي سيخصص للحق المطالب به من طرف صاحب التقييد الاحتياطي بحيث تبقى بمثابة تقييدات مؤقتة فإذا اعترف بالحق المطالب به فإنه يقع التشطيب على التقييدات اللاحقة للتقييد الاحتياطي ولا تبقى هناك إلا علاقة دائنية بين الأطراف الأخرى المعنية اما إذا لم يتم الاعتراف بالحق المطالب به فإنه سيشطب على التقييد الاحتياطي وتصبح التقييدات اللاحقة له نهائية لاحد فيها[36] .
والجدير بالذكر أن التبليغ الخاص للمحافظ على الأملاك العقارية والرهون في شأن الإنذار بإلغاء الحجز العقاري أو بقرار الحجز التحفظي أو بمحضر الحجز التنفيذي وإثباته بالرسم العقاري المعني بالأمر لا يقف عائقا أبدا في وجه إجراء التقييد الاحتياطي فتوقيف سي التقييدات الذي يقتضيه الفصل 78 من قانون 70.41 لا يتعلق سوى بالتقييدات النهائية أما بالنسبة للتقييد الاحتياطي فإن وظيفته تحفظية، وبالتالي فإن اتخاذه لا يمس أبدا بقاعدة سير التقييدات المنصوص عليها في الفصل 87 السالف الذكر[37].
وتجب الإشارة في هذا الموضوع على أن وقف سير التقييد عملا بمقتضيات الفصل 87 ينطبق على التقييد الإحتياطي المتخد بموجب سند ، حيث أن هذا التقييد الإحتياطي كما قلنا سابقا يعتبر إجراءا رضائيا و إتفاقيا أي لا يمكن إتخاذه بدون رضى الأطراف المعنية وبدون الإدلاء بنظير الرسم العقاري موضوع الإتفاق، وأن آثاره تستمر لمدة عشر ايام فقط حيث يجب أن يتخذ التقييد خلالها سوى إذا وقع تمديد هذه المدة بمقتضى أمر من رئيس المحكمة الإبتدائية أو بموجب مقال الدعوى مباشرة كما أسلفنا الذكر.[38]
كما يمكن تمديد هذه المدة بمقتضى امر من رئيس المحكمة الابتدائية او بموجب مقالا لدعوى مباشرة وهكذا فانه لا يمكن اتخاذها يتقيد احتياطي بمقتضى سند في حالة وجود إنذار بالغاء حجز عقاريا وحجز تحفظيا وحجز تنفيذي وذلك نظرا للآثار القانونية لوقف سير التقييدات التي تنتجعن الحجز وعملا بالفصل 86 من القانون السابق الذكر،ونظرا كذلك لكونمدة التقييد الإحتياطي المتخذ بمقتضى سند هي مدة قصيرة جدا بحيث يمكن ان يرفع الحجز خلاله او يصبح الحق المقيد احتياطيا بمقتضى السند غير القابل للتقييد النهائي رغم استكماله كل شروطه القانونية والجوهرية منها و الشكلية ورغم الوظيفة التحفظية للتقييدالاحتياطي.[39]
أما بالنسبة للتقييد الإحتياطي المتخذ بمقتضى أمر من رئيس المحكمة الإبتدائية أو بمقتضى مقال إفتتاحي للدعوى، فإن المنع المنصوص عليه في الفصل 87 السالف الذكر لا يقف عائقا دون اتخاذها بالمرة، وذلك لكونهما تقييدين احتياطيين غير اتفاقيين، ويمكن رفع الحجز خلال هذه المدة وبذلك يمكن أن يقوم هذا التقييد الإحتياطي بوظيفته في الحفاظ المؤقت على الحق المقيد احتياطيا بشرط أن يكون الحق المتنازع فيه غير قابل للتقييد النهائي لسبب من الأسباب فقد يكون انشئ قبل ايقاع الحجز.[40]
وفي النهاية وقبل أن نختم هذا الجزء من البحث لابد أن نشير إلى أن القضاء قد اكد مبدأ وقف سير التقييدات الذي ينص عليه الفصل 87 من ظهير التحفيظ العقاري والذي وقع تعديله و تتميمه بقانون 14.07 حيث حصر هذه التقييدات النهائية كما يبدو في القرار الصادر عن محكمة الإستئناف 36/11/03 بالرباط بتاريخ 1936/10/06 المنشور بمجموعة قرارات محاكم الإستئناف عدد 1712 ص 69 الذي جاء فيه ".. بغض النظر عن الأثر الرجعي للحكم القاضي بالقسمة ، فإنه لا يمكن تقييد هذا الحكم بالسجلات العقارية في الوقت الذي أثبت بها مسبقا بيان إنذار قصد إلغاء الحجز العقاري وأن مقتضيات الفصل 87 هي آمرة.[41]
وفي قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية ، قرر بأن طلب تقييد حق الشياع بالرسم العقاري الذي يضمن قبل اتخاذ الحجز قد ضمن بالرسم العقاري بطريقة قانونية قبل اتخاذ التقييد الإحتياطي من طرف الشريك المزعوم.[42]
إذا وكما رأينا فالتقييد الاحتياطي له دور كبير بحيث يصون الحقوق المنازع فيه ويعين رتبة التسجيل فيما بعد ابتداء من تاريخ إجرائه، وعليه فمصير الحق المقيد احتياطيا يرتبط بأمر البث فيه، فإما أن يعقد صلح بين الطرفين وقد تصدر المحكمة قرارها النهائي بأحقيةطالب التقييد أو برفض طلبه[43].
ثانيا :آثار التقييد الاحتياطي على تعيين نقطة آجال مماسة حق الشفعة
يطرح التقييد الاحتياطي إشكالية تحديد الأجل الذي يبتدئ منه حق الشفعة خاصة حينما يجب ممارسة هذا الحق داخل أجل سنة من تاريخ تقييد البيع بالرسم العقاري عملا بالفصل 304من ق المتعلق بمدونة الحقوق العينية أي في حالة عدم تبليغ البيع للشركاء الآخرين أو عدم حضوره مجلس العقد.
فهل سيبتدئ أجل ممارسة حق الشفعة من تاريخ التقييد النهائي للحق المشتري من طرف الغير أو من تاريخ التقييد الاحتياطي المتخذ مسبقا للحفاظ على هذا الحق؟
وقد اعتبرت بعض المحاكم بأن تاريخ التقييد النهائي لبيع الحصة المشاعة لفائدة الغير هو الذي يكون وحده نقطة الانطلاق بالنسبة لسريان أجل ممارسة الشفعة، وأن التقييد الاحتياطي السابق للحق المطالب به من طرف المشتري الغير لم يكن له أي أثر على نقطة الانطلاق هاته، فهو لا يصحح هذا الحق ولا يمنحه أي وجود لا قانوني ولا فعلي بينما محاكم أخرى اتجهت عكس ذلك وذهبت إلى أن أجل السنة لممارسة حق الشفعة يسري من تاريخ التقييد الاحتياطي تطبيقا للفصل 58 من قانون 70.41 والذي يعطي للتقييد النهائي أثرا رجعيا يعود به إلى تاريخ التقييد الاحتياطي،[44]
وقد حسم المجلس الأعلى سابقا هذا الخلاف حيث أكد مبدأ رجعية التقييد الاحتياطي واعتبر تاريخ إجرائه منطلقا لسريان أجل الشفعة وذلك في قراره الصادر بتاريخ .6002/30/22
الذي نص فيه على القرار الاستئنافي عدد [45]2006 الصادر بتاريخ 79/8/20 في الملف رقم 3308/93خرقه الفصل 58 من ظهير 31/8/21 حينها علل قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي القاضي باستحقاق الشفعة في عقار محفظ، أن التقييد الاحتياطي ما هو إلا إجراء لضمان رتبة حقوق محتملة لا تسري من تاريخ إجرائه مدة الأخذ بالشفعة لأن هذه الأخيرة لا تؤخذ من حق لازال في طور الاحتمال رم أن الفصل 58 المذكور ينص صراحة على أنه يمكن لكل منيدعي حقا في عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد الاحتفاظ المؤقت بهذا الحق، هذا وأن تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يعتبر التعيين رتبة التسجيل اللاحق للحق .
لكن على خلاف ذلك فإن محكمة النقض تراجعت عن هذا التوجه، وذلك بموجب قرارها الصادر بتاريخ 23 أكتوبر .[46]2012 والذي أكدت من خلاله أن التسجيل النهائي لبيع الحصة المشاعة بالرسم العقاري هو الذي يحرك أجل الشفعة في العقارات المحفظة، فإن التقييد الاحتياطي في الرسم العقاري مجرد قيد احتمالي لا ينشئ للشفيع حق ممارسة الشفعة، ومما جاء في هذا القرار أه بخصوص ما اثير حول كون البيع انصب على مقرر وأنه انعقد سنة 1973وأن المطلوبين كانوا على علم به وأنهم أجروا تقييدات احتياطية بشأنه فقد ردته محكمة الاستئناف بما جاء به من" :أنه لا يوجد بشهادة الملكية أو بوثائق الملف ما يفيد وجود قسمة تحول دون ممارسة الحق في الشفعة .
وأن التسجيل الذي يحرك أجل الشفعة هو التسجيل النهائي للبيع في الرسم العقاري، أما التقييد الاحتياطي في الرسم العقاري فلا يلزم الشفيع لأنه لازال قيدا احتماليا"، فتكون قد اعتبرت وعن صواب أن صورة عقد البيع العرفي المؤرخ في 24أكتوبر 3791 تفيد أن البيع وإن انصب على ألف متر مربع من الحقوق الشائعة التي للبائعتين خدوج( ل )والزهرة( ل )في العقار موضوع الرسم العقاري عدد 74534 س، فإن إشارة العقد إلى المساحة المبيعة الواردة على جزء شائع لا يفيد في ذلك الجزء وإنما يفيد تقدير المبيع، كما أن أجل الشفعة يبتدئ من تاريخ تسجيل البيع بالرسم العقاري بالنسبة للعقارات المحفظة وليس من تاريخ علم الشفيع للبيع وفقا لما ينص على ذلك الفصل 23 من التشريع المطبق على العقارات المحفظة المحتج به من طرف الطاعنين ضمن مقالهم الاستئنافي، والذي ينص على تقادم حق الشفعة يمضي سنة من تاريخ تقييد المبيع إن لم يحضره الشركاء، وما ورد في القرار حول التقييد الاحتياطي فهو يهم التقييد الاحتياطي المتمسك به من طرف الطاعنين ضمن مقالهم الاستئنافي لإثبات علم المطلوبين بالبيع والموقع من طرف المطلوبين والذي يثبت المحكمة في حدود ما اثير بشأنه الشيء الذي يكون معه القرار معللا كافيا ومرتكزا على أساس وما اثير غير جدير بالاعتبار...

الفقرة الثانية :آثار التقييد الاحتياطي على الأشخاص

يترتب عن التقييد الاحتياطي مجموعة من الآثار القانونية في مواجهة مالكي الحقوق على العقارات المحفظة وذلك سواء كانوا مالكين مقيدين بالسجلات .كأصحاب الحقوق قبل التقييد الاحتياطي بوصفهم أطرافا في علاقة الزامية متنازع بشأنها أو مدعى عليهم بهدف إسقاط حقوقهم، أو سواء كانوا هو المستفيدون من التقييد الاحتياطي أنفسهم ولو بوصفهم حائزين أو كذلك سواء كانوا مالكين لحقوق مقيدة لاحقا وبعد التقييد الاحتياطي.
ولدراسة هذه الفقرة سوف نتعرض لها من خلال شقين،(أولا) الأشخاص الذين يحق لهم الاستفادة من التقييد الاحتياطي،(ثانيا)الأشخاص الذين يحتج ضدهم بالتقييد الاحتياطي.
أولا :الأشخاص الذين يحق لهم الاستفادة من التقييد الاحتياطي
تماشيا مع مقتضيات الفصل 58 من قانون 70.41 فإن صاحب كل حق قابل للتقييد النهائي تعذر عليه تقييده على الفور يمكن له أن يطلب تقييده احتياطيا شريطة أن يكون حقه متصلا من المالك المقيد بالرسم العقاري صاحب التقييد السابق مباشرة وذلك عملا بالمادة 91 من المرسوم 81.31.1 الصادر في 4102/70/41 في شأن إجراءات التحفيظ العقاري، وإذا تعلق المر بنزاع يعرض على القضاء فيجب أن تتضمن الدعوى كل أصحاب الحقوق المتسلسلة بإدخالهم فيها وصولا إلى صاحب أخر تقييد مضمن بالسجل العقاري[47].
وفي هذا الإطار وبالموازاة مع ما سبق وحسب الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري ينص على أنه" مع مراعاة أحكام الفصل 68 أعلاه يمكن أن يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام وانقضاء الحق موضوع التضمين في مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم هذا الحق .أي أن كل دعوى ترفع أمام القضاء في شأن التشطيب على حق مقيد ـأو حدث تعلق به يجب أن ترفع في مواجهة الأشخاص المقيدين كمالكين أصحاب التقييد السابق مباشرة أوإدخال كل الأشخاص المعنيين بالتقييدات المتسلسلة والمعنية بالدعاوى وذلك من أجل أن يشملهم الحكم الذي سيصدر في مواجهتهم جميعا وحتى لا يستفيدوا من وصف الأشخاص حسني النية والمقيدين بالرسوم العقارية، وبالتالي حتى لا يستفيدوا من القوة الثبوتية المطلقة التي يمنحها القانون للأشخاص الأغيار المقيدين عن حسن نية[48].
ومما لاشك فيه .وللتمكن من الاستفادة من الآثار الهامة والفعالة للتقييد الاحتياطي وخاصة من عدم التطبيق الآثار الأساسية للتقييدات النهائية، فإنه ينبغي على الأشخاص المقيمين للدعاوى المرتبطة بالحقوق المقيدة بالسجلات العقارية من أجل التشطيب عليها أن يتخذوا تقييدات احتياطية لهذه الدعاوى عملا بالفصل 31 من مدونة الحقوق العينية الذي ينص" إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها تجاه الغير إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا[49].
بالتالي فيجب على كل الأشخاص الذين يرفعون دعاوى قضائية للمطالبة بالتصريح ببطلان التزام ما أو الحكم بإبطاله أو تغيير مضمونه بسبب عدم صحته أو زورية مستنداته أو للمطالبة بإلغاء إراثة مقيدة من أجل تقييد إراثة أخرى محلها مخالفة لها أو تتضمن وصية أو تنزيلا لم تتضمنه الإراثة الأولى أن يتخذوا تقييدا احتياطيا للحفاظ على حقوقهم في التشطيب والذي سينتج عن الحكام المكتسبة لقوة الشيء المقضي به التي ستصدر إثر تلك الدعاوى[50].
وارتباطا بهذا الموضوع ككل لابد من أن تبرز آثار التقييد الاحتياطي على الحائز بدون سند وإمكانية رفع دعوى الطرد ضده أمام قاضي المستعجلات في حالة غياب التقييد الاحتياطي.
أحاط المشرع المغربي الرسم العقاري بضمانات كبيرة ويتضح ذلك جليا من خلال الفصول 56 و 66و 67من ظ .ت.ع التي تنص على أن إشهار الحقوق هو الوسيلة الناجعة لإبراز الحقوق العينية والتكاليف العقارية المرتبطة بالعقار وبالتالي فكل حق عيني متعلقبالعقار المحفظ يعتبر غير موجود إذا لم يسجل بالسجل العقاري.
فعلى مستوى الاجتهاد القضائي القار فإنه من المقبول قانونا أن قاضي المستعجلات مختص للأمر بطرد حائز العقار المحفظ دون أن يكون مقيدا به وذلك بمقتضى القوة الثبوتية للتقييدات والحجية العامة المنصوص عليها في الفصل 2 و 65وما بعده من قانون70.41 ، وهذا منطقي حيث أنه في غياب التقييد الاحتياطي فإنه لا يمكن اعتبار واضع اليد سوى حائز بدون ند بالإضافة إلى أن الحيازة ولو طالت لا يكتسب الملك في العقار المحفظ عملا بالفصل 63من ظهير التحفيظ العقاري[51].
ولتعزيز ما تقدم لدينا قرار صادر في هذا الموضوع للمجلس الأعلى لمحكمة النقض حاليا تحت عدد 688 بتاريخ 4 أكتوبر 1978[52]. والذي يقرر بأن قاضي المستعجلات مختص للمر بطرد من يحتل عقار محفظا دون أن يكون هذا الأخير مقيد في رسمه العقاري كما لك ولو استظهر بعقد شراء أو بأية وثيقة أرى ترمي إلى تملكه ما دام هذا العقد لم يقيد بعد في الرسم العقاري وأن الاستظهار بهذه الوثيقة لا يشكل في هذه الحالة دفوعا جدية تجعل قاضي المستعجلات غير مختص للبث في طلب لإفراغ للاحتلال بدون موجب.
يتضح من خلال ما سبق أن المجلس الأعلى في قراره المذكور يكون قد أكد القوة الثبوتية لرسوم الملكية وحجيتها، وفي نفس الوقت سلم باختصاص قاضي المستعجلات بطرد الحائز، وبأن التقييد الاحتياطي لا يمكن أن يناقض الرسم العقاري وأن التقييد النهائي الجديد هو وحده الذي يكون فاصلا.
فلما كان التقييد الاحتياطي يضطلع بوظيفة الحفاظ المؤقت على الحقوق المطالب بها من طرف صاحبه وفي مواجهة المالك المقيد بالرسم العقاري صاحب التقييد السابق مباشرة خوفا من أن يصد منه تصرف ثان يضيع على المستفيد من التقييد الاحتياطي حقه العقاري العيني بالمرة، وحتى تنظر المحكمة في المسألة وتحسم في النزاع القائم يبدو أن حرمان الحائز من حيازته متناقض تمما مع وظيفة النزاع الصيانة التي يقوم بها التقييد الاحتياطي حيث يجب في الوقت نفسه الذي يحتفظ فيه التقييد الاحتياطي برتبة التقييد النهائي للحق المقيد احتياطيا أن يكون من آثاره أيضا الحفاظ المؤقت على أحكام الحيازة[53].
وبالخلاف مع المتصرف الذي تقاعس عن تقييد حقه تقييد نهائيا ويستظهر فقط بالعقد الذي يستند إليه فإن المستفيد من التقييد الاحتياطي الحائز لعقار محفظ يطالب بحقه مستعملا الإطار القانوني المخصص له فهو في وضع اقوى من الشخص الأول وإلا فما الفائدة من التقييد الاحتياطي إن لم يكن بإمكانه الحفاظ على الحقوق المدعاة والمقيدة احتياطيا في مواجهة المالك المقيد .خاصة أن هذه الحقوق مدعمة بحيازة العقار وأن الدعوى في الجوهر جارية أمام قضاء الموضوع[54].
وهذا ما أكده قرار المجلس الأعلى سابقا في قرار عدد 0491 الصادر لاحقا حيث جاء فيه :
..."أنه لما قضى القرار المطعون فيه بطرد الطاعن من العقار موضوع النزاع اعتمادا على ان هذا العقار لازال مسجلا في اسم المدعين الذين يعتبرون بذلك المالكين له ورفض اعتبار ما ثبت للطاعن من حقوق ناشئة عن اتفاقاته العقدية مع المدعين يكون قد طبق الفصل 76 المشار إليه تطبيقا سيئا وأهمل مقتضى فقرته الأخيرة المانعة من الإضرار بحقوق الأطراف بعضهم على بعض والمترتبة عن اتفاقاتهم التعاقدية مما يعرضه للنقض[55]."
ثانيا :الأشخاص الذين يحتج ضدهم بالتقييد الاحتياطي
بالرجوع إلى نص الفصل 76 من ظهير التحفيظ العقاري نجده ينص على ما يلي" :إن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الاعتراف به أو تغييره أـو إسقاطه لا تنتج أي أثر ولو بين الطراف إلا من تاريخ التسجيل، دون الإضرار بحقوق الأطراف بعضهم على بعض وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم."
يمكن أن نستنتج من خلال مقتضيات هذا الفصل أن التسجيل النهائي حجة رسمية علىوجود الحق في مواجهة الجميع وعليه فإن التقييد الاحتياطي كالتقييد النهائي ينتج آثاره الكافة سواء بالنسبة للأطراف أو بالنسبة للغير[56]..
وبالتالي فالأشخاص الذين يحتج بالتقييد الاحتياطي في مواجهتهم على صنفين أولهما المالك المقيد مباشرة قبل التقييد الاحتياطي وثانيهما أصحاب الحقوق المقيدة بعد التقييد الاحتياطي.
• المالك المقيد مباشرة قبل التقييد الاحتياطي حماية المستفيد من التقييد الاحتياطي من أي تصرف قد يصدر عن صاحب التقييد السابق سواء بحسن نية أو بسوء نية، وجدت امكانية الاحتجاج بهذا التقييد الاحتياطي في مواجهة المالك المقيد وذلك سواء كان المر متعلقا بالمطالبة بحق وتقييده أو بإسقاطه والتشطيب علي.
ويجب الإشارة إلى أن التقييد الاحتياطي لا ينتج أي اثر في مواجهة أصحاب الحقوق المقيدة قبل تقييد المالك صاحب التقييد السابق مباشرة، إلا إذا كان موضوع هذا التقييد الاحتياطي هو المطالبة بالتشطيب على حقوقهم، بسبب ترابطها والادعاء بتواطؤ أصحابها أو تدليسهم أو تزويرهم المستندات المعتمدة في إجراء التقييد النهائي لحقوقهم أو لأي سبب أخر من الأسباب القانونية الموجبة لبطلان حقوقهم وبالتالي للتشطيب عليها من السجلات العقارابية.
• اصحاب الحقوق المقيدة بعد التقيد الاحتياطي
علاوة على ما سبق فالتقييد الاحتياطي ينتج آثار جد هامة أيضا في مواجهة الأشخاص أصحاب الحقوق المقيدة بعده تتجلى بالأساس في عدم اعتبارهم أغيار مقيدين عن حسن نية.
أي إن الصفة النهائية لحجية التسجيل تجاه الغير حسن النية يمكن أن تؤدي إلى الإضرار بحقوق لم تستكمل بعد شروطها القانونية.
وحماية للحقوق غير القابلة للتقييد النهائي بسبب نقص في إحدى الشكليات أو بسببانتظار صدور حكم عن القضاء، أوجد المشرع المغربي مؤسسة التقييد الاحتياطي، هذا الأخير الذي يعتبر بمثابة إعذار موجة لكل متعامل بالعقار المعني بالأمر، فإذا قبل شخص بحسن نيته من أجل صيانة الحقوق التي اكتسبها على ذلك العقار لأن المفروض أن يكون قد اطلع على مضمون السجل العقاري وعلم بوجود تقييد احتياطي عليه[57].

خاتمة
لقد تبين أن نظام التقييد الاحتياطي هو نظام فعال فهو يعتبر وسيلة من وسائل حماية الحقوق العقارية، وبصفة أخص حماية الحقوق القابلة للتقييد النهائي. 
لذلك حرص المشرع على تعديل بعض فصوله بمقتضى قانون 14.07 غير أن هذا لم يكن كفيلا في الإجابة أو لمس جميع الإشكالات والمشاكل التي يعاني منها، كالنقاش الحاصل في تحديد طبيعة الحقوق التي يمكن تقييدها احتياطيا، وغيرها من الإشكالات التي لا زالت عالقة.
غير أن ذلك لا يمنعنا من القول أن المشرع استطاع ولحد كبير معالجة مجموعة من الإجراءات التي كانت تشكل مشاكل في السابق خصوصا من ناحية الآجال في مجال التقييدات أو التشطيبات.
_______________________
الهوامش : 
[1] عبد العالي الدقوقي: نظام التحفيظ العقاري بين النظرية و التطبيق, مطبعة النجاح الجديدة ,طبعة 0202,صفحة282
[2] نزهة مريم: التقييد الاحتياطي وفق مستجدات قانون نظام القانون المدني; مطبعة الأمنية, العدد الثاني 2015
[3] حسن فتوح: التقييد الاحتياطي و علاقته بالمحجوز و الإنذارات العقارية ,الطبعة الاولى8002, ص39
[4] أمر قضائي, في الملف رقم92191-4-99, بتاريخ04-12-1999
[5] مجلة المحاكم المغربية ,عدد48 سبتمبر أكتوبر,2000ص201
[6] حسن فتوح: مرجع سابق, ص39
[7] سعاد عشور: حجية التسجيل وفق نظام التحفيظ العقاري ,رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ,جامعة القاضي عياض مراكش ,السنة الجامعية 6991-5991,ص298
[8] محمد العلمي: مرجع سابق, ص15
[9] حسن فتوح :الوسيط في شرح القانون المغربي , الجزء الأول, القواعد الموضوعية للتقييد الاحتياطي و الحجز و الإنذارات العقارية ,ص98
[10] محمد خيري : الملكية و نظام التحفيظ العقاري بالمغرب, مرجع سابق, ص129
[11] محمد ابن الحاج السلمي: التقييد الاحتياطي في التشريع المغربي, وفق مستجدات قانون14.07, مطبعة دار القلم, الرباط, الطبعة الثالثة ,2014 ص959
[12] الندوة الوطنية في موضوع, الأمن العقاري, مرجع سابق, ص605
[13] عبد العالي دقوقي: نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية و التطبيق, مرجع سابق, ص 295
[14] عبد العالي الدقوقي: نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية و التطبيق, مرجع سابق, ص291
[15] عبد العالي دقوقي : نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بيت النظرية و التطبيق, مرجع سابق ص 295
[16] محمد ابن الحاج السلمي: التقييد الاحتياطي في التشريع المغربي وفق مستجدات قانون 14.07, مرجع سابق, ص208
[17] عبد العالي حقوقي: نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية و التطبيق , مرجع سابق ,ص297
[18] عبد العالي دقوقي: نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية و التطبيق, مرجع سابق, ص 298
[19] قانون الصادر بتغيير و تتميم قانون رقم14.07 بشأن بيع العقارات في طور الانجاز الصادر في) 12 اغسطس1913 (الجريدة الرسمية6440 , عدد2012 , بتاريخ فبراير ص932
[20] عبد العالي دقوقي: م. س , ص 303
[21] عبد العالي دقوقي :م. س ,ص 304
[22] القانون رقم 15.97 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.157،بتاريخ 31ماي 2000،الجريدة الرسمية عدد4800، ص1256
[23] عبد العالي دقوقي:م.س ,ص307
[24] أحمد أجعون:التقييد الاحتياطي على ضوء القانونين رقم 14.07و39.08،مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد مزدوج105-106 يوليوز.أكتوبر،ص 75
[25] محمد خيري:م.س،ص 35
[26] بن نزهة مريم:"التقييد الإحتياطي وفق مستجدات قانون 14.07 ، مقال منشور بمجلة القانون المدني، العدد الثاني، سنة 2015، ص 179.
[27] محمد إبن الحاج السلمي، مرجع سابق، ص 304.
[28] محمد إبن الحاج السلمي، مرجع سابق، ص308.
[29] بن نزهة مريم، مرجع سابق، ص180
[30] محمد العلمي: للتقييد الإحتياطي في التشريع العقاري و القوانين الخاصة القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية وجدة، السنة الجامعية 2004/2005، ص74.
[31] الفصل 86 من قانون 14.07
[32] عبد العالي دقوقي، م.س ، ص310
[33] محمد خيري،م.س، ص231.
[34] محمد ابن الحاج السلمي، م.س، ص 315
[35] أحمد الشحيتي:"أحكام التقييد الإحتياطي على ضوء مستجدات القانون 14.08 " مقال منشور بسلسلة دفاتر محكمة النقض، العدد21،سنة 2015،ص282.
[36] بن نزهة مريم، مرجع سابق، ص183
[37] محمد بن الحاج السلمي،م.س،ص322.
[38] بن نزهة مريم، م.س،ص182
[39] محمد بن الحاج السلمي،م س ،ص323
[40] _بن نزهة مريم ، م س ، ص182
[41] قرار منشور بمجلة القانون المدني ، العدد الثاني ، سنة 2015، ص183.
[42] منشور بمجموعة قرارت محكمة النقض 35/5/7 عدد 1501 ، ص7
[43] المختار بن احمد العطار:"التحفيظ العقاري في ضوء القانون المغربي"مطبعة النجاح الدار البيضاء،سنة2015،ص138
[44] بن نزهة مريم . م.س،ص182
[45] قرار المجلس الأعلى )محكمة النقض حاليا( عدد 919 بتاريخ 22/03/2006 في للملف المدني عدد 1/4/744
[46] قرار صادر عن محكمة النقض عدد4733 ، الصادر بتاريخ 23 اكتوبر 2012 في الملف المدني عدد 2011/1/1003 منشور بمجلة ملفات عقارية ، العدد الثالت ص 135
[47] محمد بن الحاج السلمي، م س ، ص362
[48] بن نزهة مريم ، م س ،ص186
[49] المادة 13 من مدونة الحقوق العينية
[50] محمد بن الحاج السلمي، مس ، ص362
[51] بن نزهة مريم، م س، ص187
[52] مجلة المحاماة العدد 14 ، سنة 1989
[53] محمد بن الحاج السلمي، م س ،ص 367
[54] بن نزهة مريم، م س، ص188
[55] قرار محكمة النقض، العدد 54-53، ص55
[56] محمد بن الحاج السالمي، م.س، ص371
[57] فاطمة الحروف، م.س،ص355
تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  • هشام للمعلومات
    هشام للمعلومات 20 يوليو 2020 في 5:32 م

    اسم صاحب المقال لو سمحت

    إرسال ردحذف



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -