الكراء الطويل الامد في القانون المغربي

عرض بعنوان: الحماية القانونية لمكتري المحلات العقارية في الكراء الطويل الامد بالمغرب PDF

عرض بعنوان: الحماية القانونية لمكتري المحلات العقارية في الكراء الطويل الامد بالمغرب PDF

مقدمة:
يعد عقد الكراء من أهم العقود المسماة وأوسعها انتشارا وشيوعا، وأكثرها تنظيما وتعديلا وتغييرا، فإلى جانب هذا الكراء العادي الذي يخول لصاحبه حقوقا شخصية، هناك نوع آخر من الكراء يرتب حقا عينيا للمكتري، ألا وهو الكراء الطويل الأمد الذي هو حق عيني يخول صاحبه الانتفاع بأرض يكتريها لمدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد عن أربعين سنة، أي أنه يدخل ضمن زمرة الحقوق العينية التي تمنح لصاحبها حق الانتفاع بالمحل مدة طويلة[1]. فلم يكن الكراء الطويل الأمد من ابتكار المشرع، وإنما جاء نتيجة العمل القضائي الذي ساير رغبات المتعاقدين، وكان الهدف من إقراره الرغبة في تحقيق مصالح مشتركة بين الطرفين، المتمثلة في منح قيمة اقتصادية مالية للعقار المكترى، وفي ذات الوقت ضمان الإنتفاع به لمدة أطول.
و الكراء الطويل الأمد عقد منشأه القانون الروماني، إذ ظهر في الفترة المتأخرة من الإمبراطورية الرومانية، ثم إلى القانون الفرنسي القديم والذي كان من الجائز فيه أن يكون دائما وكان مبنيا على العرف والعادات الفرنسية. إلى غاية سنة 1790 الذي لم يعد الكراء الطويل الأمد في فرنسا مؤبدا بل أصبح مؤقتا، إذا حددت مدته القصوى في 99 سنة لا يمكن تجاوزها، كما أن المشرع الفرنسي عمل على تنظيم هذا النوع من الأكرية بموجب قانون 25 يونيو 1902 الذي حول هذا الحق من حق شخص إلى حق عيني، وفي الحالة التي ينصب على عقار فلاحي فإنه يخضع لجميع المقتضيات المنظمة له ولاسيما من حيث التمديد وحق الشفعة.[2]
أما بخصوص المغرب، فإنه لم يعرف الكراء الطويل الأمد بمفهومه العيني إلا سنة 1915 وبالضبط بمقتضى ظهير 12 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة الذي نظمه بمقتضى الفصول 87 إلى 96 منه، حيث كان الهدف من إدخاله في القانون المغربي بالدرجة الأولى هو تمكين الأجانب المقيمين بالمغرب، وفي مقدمتهم الفرنسيين، من الاستفادة من هذا العقد في تعمير الأراضي المغربية واستغلالها بشكل قانوني. وقد استمر العمل بهذا الظهير إلى غاية صدور قانون رقم 08.39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية[3] سنة 2011 الذي جاء بمستجدات هامة منظمة للكراء الطويل الأمد.
أهمية الموضوع:
تتجلى أهمية عقد الكراء الطويل الأمد في كون هذا الاخير يساهم في تشجيع الاستثمار العقاري وتعمير الأراضي الحضرية الشاغرة عن طريق إقامة منشات وأبنية، وفي المجال القروي من خلال فتح المجال للمستثمرين الفلاحين الذين لا يملكون أراضي فلاحية خصبة في ملكهم، وكذلك في كونه يخول للمكري الذي يملك قطع أرضية بورية ولكن دون أن تكون له القدرة على تحمل مصاريف إصلاحها، نقل هذا العبء إلى المكتري الذي يتكفل بهذا الإصلاح مقابل الانتفاع بهذا العقار لمدة طويلة، مقابل وجيبة زهيدة.
وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن جدوى الإبقاء على هذا النوع من الحقوق العينية في القرن الحالي، في الوقت الذي عمدت بعض التشريعات المقارنة إلى إلغائه كالقانون المدني السوري؟ وما مدى قدرة المشرع المغربي تنظيم عقد الكراء الطويل الأمد بكيفية تضمن تحقيق التوازن بين مصلحة المكري ومصلحة المكتري؟
ومحاولة للإجابة عن هذه التساؤلات السابقة سيتم الاعتماد على تقسيم ثنائي يضم مبحثين كالأتي:
المبحث الأول: الأحكام العامة للكراء الطويل الأمد.
المبحث الثاني: انقضاء الكراء الطويل الأمد ودوافع الإبقاء على تطبيق.

المبحث الأول: الأحكام العامة للكراء الطويل الأمد

يعتبر الكراء الطويل الأمد من بين الحقوق العينية الأصلية المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية، حيث تولى المشرع المغربي تنظيمه في المواد من 121 إلى 129 منها، وفي حالة عدم وجود نص قانوني بها يرجع إلى القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود المغربي، وكذا الراجح والمشهور وما جرى به العمل في الفقه المالكي. وعليه سنقوم بتحديد ماهية هذا الحق في المطلب الأول على أن نتعرض إلى آثار الكراء الطويل الأمد وانقضائه في المطلب الثاني من هذا المبحث.

المطلب الأول: ماهية الكراء الطويل الأمد

إن المشرع المغربي لم يعطي تعريفا خاصا للكراء الطويل الأمد، إنما ترك ذلك لذوي الاختصاص من الفقه، واكتفى بالتنصيص على أحكامه فقط، وهو الأمر الذي يتطلب الوقوف عند مفهوم الكراء الطويل الأمد من حيث تعريفه وخصائصه في (الفقرة الأولى)،ليتم الحديث عن كيفية انعقاده وإثباته في ( الفقرة الثانية.)

الفقرة الأولى: تعريف الكراء الطويل الأمد وخصائصه

سنقوم بتعريفه أولا على أن نتعرض لخصائصه ثانيا.
أولا: تعريف الكراء الطويل الأمد،
إذا كان المشرع المغربي لم يعرف الكراء الطويل الأمد، مقتصرا على ذكر أحكامه في مدونة الحقوق العينية وأكد على أنه حق عيني يخول صاحبه حقا عينيا قابلا للرهن الرسمي، وكذا التفويت لفائدة الغير وقابليته للحجز العقاري. فإنه على عكس ذلك فإن المشرع التونسي عرفه بأنه: " حق ملكي عقاري يقتضي التصرف في عقار بشرط دفع راتب سنوي لصاحبه اعترافا بملكيته. والراتب المذكور يكون إما غلة أو نقودا."
كما نجد أيضا التشريع الفرنسي قد عرف الكراء الطويل الأمد بأنه" كراء عقار تمنح للمكتري بمقتضاه حقوق عينية، وانتفاع أكثر شمولية من الكراء العادي، وذلك بتبسيط الدفع السنوي. ويستعمل خاصة عندما يكون من الضروري إحداث تعديلات مهمة من أجل زراعة أرض غير صالحة للزراعة، أو لتغيير جذري في نوع استغلال هذه الأراضي."
وقد كان المشرع المغربي موفقا حينما لم يضع تعريفا للكراء الطويل الأمد في مدونة الحقوق العينية نظرا لكون هذا الاختصاص يعود للفقه. وبذلك فقد عرفه أحد الفقهاء[4]، بأنه حق عيني يخول لصاحبه الانتفاع بأرض يكتريها لمدة لا تقل عشر سنوات، ولا تزيد على أربعين سنة. وهو ما يعني أن الكراء الطويل الأمد يختلف عن الكراء العادي في كونه يعقد لمدة طويلة، وفي أنه يعطي صاحبه حقا عينيا يخوله حق التتبع ووالأولوية، وليس مجرد حق شخصي كما هو الشأن في الكراء العادي.
الغالب أن هذا النوع من العقود ينصب على العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة، على اعتبار أنها المرشحة أكثر من غيرها إلى أن يعمد المكتري لها على تخصيص أموال طائلة من أجل إنجاز مشاريع استثمارية، لا تظهر أثارها المالية والاقتصادية إلا بعد مرور مدة زمنية متوسطة أو طويلة[5].
ولا يعتبر الكراء الطويل الأمد كحق عيني موجودا إلا بالتنصيص عليه صراحة في عقد الكراء[6]، وبتقييده في السجلات العقارية متى كان العقار محفظا، وفي الحالة التي يكون العقار المعني غير محفظ، فقد خول المشرع المكتري كراء طويل الأمد إمكانية تقديم مطلب التحفيظ، متى تباطأ أو رفض مالك العقار في تقديم مطلب لتحفيظ ملكه[7]، وبعد أن يتم تحفيظه يتم تقييد عقد الكراء في السجل العقاري كحق عيني. وبما أن التقييد في السجل العقاري أو حتى فتح مطلب التحفيظ يتطلب الإدلاء بالوثائق المثبتة للملك، فإن أهم وثيقة يتعين الإدلاء بها للمحافظ هو السند المثبت للكراء، والمتمثل في المحرر المعد لهذا الغرض[8].
والملفت للانتباه، أن مشرع مدونة الحقوق العينية قد اقتبس جزءا من الفصل 88 من ظهير 12 يونيو 1915 السالف الذكر، عندما أبقى على أن صحة عقد الكراء الطويل الأمد متوقفة على صدوره ممن له حق التفويت وطبق الشروط المقررة في القانون. بينما أغفل الإبقاء على الفقرة الثانية منه.
وقد كان ينص الفصل 88 المذكور على أنه: " لا يكون عقد الكراء الطويل الأمد صحيحا إلا إذا صدر ممن لهم حق التفويت وطبق الشروط الجوهرية والشكلية التي يخضع لها ذلك التفويت."
لكن التساؤل المطروح ما المقصود بطبق الشروط المقررة في القانون؟
نعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل تكمن في مقتضيات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية التي أوجبت أن تحرر تحت طائلة البطلان – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض...
وهذا يعني أن المشرع من خلال المادة 122 من المدونة قد سوى بين الكراء الطويل الأمد والتفويت من حيث الأحكام بالنسبة للموضوع، غير أنه من الناحية الشكلية أحال ضمنيا على المادة 4 أعلاه.
ثانيا: خصائص الكراء الطويل الأمد،
يمتاز الكراء الطويل الأمد بجملة من الخصائص وردت في المادة 122 من مدونة الحقوق العينية وما يليها وهي كالآتي:
1 – إنه حق عيني: ذلك أنه نصت المادة 122 في فقرتها الثانية على أنه: ”يجب أن ينص عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية“. وهذا يعني أنه لا يعتبر الكراء طويل الأمد عينيا إلا بالتنصيص عليه صراحة في المحرر الذي يعد لهذا الغرض. والملاحظ هنا أنه بالرغم من ورود الكراء الطويل الأمد ضمن قائمة الحقوق العينية الأصلية حسب ما هو منصوص عليه في المادة 9 من المدونة، فإنه علقت إقرار الطبيعة القانونية العينية على ذكرها صراحة في العقد.
ويعتبر هذا المقتضى من بين مستجدات المدونة، لأن ظهير 12 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة اعتبر الكراء الطويل الأمد عينيا بحسب المحل الذي ينسحب عليه[9] دون التأكد من إدراج الطبيعة العينية له في العقد.
ولعل السبب في ذلك بعض الأكرية الفلاحية كانت تمتد إلى أربعين سنة دون أن تكون لها الطبيعة العينية استنادا إلى قانون الالتزامات والعقود وبالضبط في الفصل 701[10] منه.
ويترتب على ذلك مجموعة من النتائج من أهمها:
أ- أن حق المكتري وإن كان كراء لمدة أربعين سنة ولم يرد في العقد على أنه حق عيني، يعتبر حقا شخصيا أي مالا منقولا حتى ولو كان محل العقد كراء عقار[11].
وهذا ما جعل المشرع يعرف في الفصل 623 من قانون الالتزامات والعقود الكراء بأنه "عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار، خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة يلتزم الطرف الآخر بدفعها له."
‌ب – أن الاختصاص في حالة التقاضي ينعقد للمحكمة الإبتدائية لموقع المحل المكترى،[12] وهذا حيادا عن الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه يكون الاختصاص المكاني أو المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعي عليه.
‌ج – أن حق المكتري العادي لا يجوز رهنه رهنا رسميا،
‌د – الكراء الطويل الأمد غير قابل للتمديد من حيث مدته، وهذا ما أكدته المادة 121 من مدونة الحقوق العينية، عندما نصت بأنه يكون هذا الكراء لمدة لا تتجاوز الأربعين سنة وينقضي بانقضائها.
2 – إنه من الحقوق العينية الأصلية: ذلك أن المشرع المغربي اعتبر الكراء الطويل الأمد من الحقوق العينية الأصلية التي تقوم بذاتها من غير حاجة إلى حق عيني آخر تستند إليه،وهو ما نصت عليه مقتضيات المادة 9 من مدونة الحقوق العينية التي تولت تعداد هذه الحقوق وأدرجت الكراء الطويل الأمد في الرتبة السابعة ضمن الحقوق العينية الأصلية.
3 – إنه من الحقوق المترتبة على العقارات: ذلك أن المادة الأولى من مدونة الحقوق العينية لم تميز بين العقارات والحقوق العينية كيفما كانت طبيعة العقارات المنصبة عليها،ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار[13].
4 – إنه من الحقوق المحددة المدة: كما قلنا سابقا فإن مدة الكراء الطويل الأمد لا تقل عن 10 سنوات ولا تزيد عن أربعين سنة، دون إمكانية تمديد هذه المدة إلى أجل يتجاوز هذا الحد الأقصى لها، وكل اتفاق مخالف يعتبر كأن لم يكن[14].
وهذا ما كان معولا عليه في ظل ظهير 12 يونيو 1915 السالف الذكر، الذي منع التجديد الضمني لعقد الكراء الطويل الأمد[15]، والجدير بالملاحظة أن بعض المتدخلين من النواب تساءلوا عن السبب الذي دفع الحكومة وهي تضع مسودة مشروع قانون مدونة الحقوق العينية، إلى تخفيض الحد الأدنى والأقصى لهذا النوع من الكراء. فبعد أن كان حده الأدنى 18 سنة والأقصى 99 سنة أصبح حاليا 10 سنوات مقابل 40 سنة؟
وقد كان جواب الحكومة مقنعا إلى حد ما، أن الكراء الطويل الأمد في صيغته التي كانت في ظهير 12 يونيو 1915 كانت بمثابة تفويت للعقار وليس كراء، حيث إن الابن الذي أبرم والده كراء لمدة 99 سنة لا يأمل في استرداده أو الاستفادة منه حتى لو كان عمره عند إبرام العقد سنة واحدة.

الفقرة الثانية: كيفية انعقاد الكراء الطويل الأمد وإثباته،

من المعلوم أن كافة التصرفات تتطلب أركانا وشروطا لانعقادها، سواء تعلق هذا الأمر بحق عيني عقاري أو حق شخصي، والكراء الطويل الأمد لا يخرج عن دائرة هذه التصرفات، على الرغم من أن انعقاده يتميز بنوع من الخصوصية بالمقارنة مع باقي الحقوق العينية الأخرى (أولا)، وحتى يسهل على ذوي الحقوق إثبات حقوقهم ينبغي أن يتم التصرف المنشئ لحق الكراء الطويل الأمد وفق الضوابط القانونية الصحيحة (ثانيا)
أولا: كيفية انعقاد الكراء الطويل الأمد،
لانعقاد حق الكراء الطويل الأمد أوجد المشرع عدة اسباب لذلك، وعليه يمكن ابرزها على الشكل التالي:
1- العقد: القاعدة أن تنشأ الالتزامات عن طريق العقد باعتباره المصدر الطبيعي للالتزام،ويتم هذا العقد عن طريق تبادل الطرفين التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع لانعقاد العقد. فاستنادا إلى هذه القاعدة، نجد أن العقد يعتبر الوسيلة العادية لإنشاء الكراء الطويل الأمد، حيث إن مالك الأرض يكري أرضه كراء طويل الأمد لمن يبني فيها أو يغرسها. واعتبارا لأن حق الكراء الطويل الأمد من الحقوق العينية، فلا بد من أن يتخذ صورة محرر كتابي. وهذا ما أكدت عليه المادة 4 من المدونة.
2- الشفعة: عرفت المادة 292 من مدونة الحقوق العينية الشفعة بأنها اخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع، حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء.كما نصت المادة 298 من نفس المدونة على أنه: ”تكون الشفعة في العقارات سواء كانت قابلة للقسمة ام غير قابلة لها. وتكون في الحقوق العينية القابلة للتداول.“
وبالتالي فبالرجوع الى مقتضيات المادتين المشار إليهما أعلاه يتضح انه يمكن أن ينشأ حق الكراء الطويل عن طريق الشفعة، وذلك حينما يكون هذا الحق مملوكا على الشياع لعدة أشخاص ثم يبيع أحدهم نصيبه في هذا الحق ويستعمل شريكه الشفعة، حيث يصبح مالكا بمقتضاها لذلك النصيب.
هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى متعددة كالإرث والهبة والوصية وغيرها....
استنتاجا لما سبق لا يقوم عقد الكراء الطويل الأمد صحيحا إلا إذا أتى في محرر عرفي أو طبقا للمادة 4 المشار إليها أعلاه، وعلى هذا الأساس يعتبر باطلا كل عقد لم يحرر من طرف موثق عصري أو عدلي أو محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض، على اعتبار أن المشرع سوى في شكلية الانعقاد بين التصرفات المتعلقة بنقل الملكية وإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، كما يجب تسجيل هذا العقد إذا انصب على عقار محفظ أو في طور التحفيظ في السجل العقاري تحت طائلة عدم وجوده انسجاما مع مقتضيات الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تتميمه وتعديله بالقانون رقم 07/14، كما وضع الفصل 65 مكرر لهذا التسجيل أجالا تتمثل في 3 أشهر تبتدأ من تاريخ تحريرها إذا كانت عقود رسمية وإذا كانت عرفية فمن تاريخ تصحيح الإمضاء عليها كما وضع المشرع جزاءات لمخالفة هذه المقتضيات[16]. وفي حالة تعلق الأمر بعقار غير محفظ فيتعين تسجيله بالسجل الخاص الممسوك من طرف كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية لموقع العقار.
والمشرع بهذا الشكل، انسجم مع مقتضيات الفصل 629 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص في فقرته الثانية على أن: "كراء العقارات لمدة تزيد عن سنة لا يكون لها أثر في مواجهة الغير ما لم يكن مسجلا وفقا لما يقضي به القانون."
ثانيا: كيفية إثباث الكراء الطويل الأمد،
بخصوص إثبات الكراء الطويل الأمد، يمكن أن نميز بين الذي يرد على العقار غير المحفظ وبين الوارد على العقار المحفظ.
1- إثبات حق الكراء الطويل الأمد على العقار غير المحفظ
إن إثبات حق الكراء الطويل الأمد الوارد على عقار غير محفظ، لا يمكن أن يتم إلا بعقد كتابي، شأنه في ذلك شأن كل كراء تزيد مدته عن السنة، وهو ما تم التنصيص عليه الفصل 89 من ظهير 19 رجب “ إن إثبات عقد الكراء الطويل الأمد يتم وفق ما يقرره قانون الالتزامات والعقود من القواعد الخاصة بعقود الأكرية“،[17] وبالرجوع إلى هذا القانون نجده ينص في الفصل 629 على ما يلي:“ ومع ذلك، يلزم أن يثبت كراء العقارات والحقوق العقارية بالكتابة، إذا عقدت لأكثر من سنة، فإن لم يوجد محرر مكتوب، اعتبر الكراء قد أجري لمدة غير معينة. كراء العقارات لمدة تزيد على سنة لا يكون له أثر في مواجهة الغير ما لم يكن مسجلا وفقا لما يقضي به القانون. “فاستنادا إلى مقتضيات هذا الفصل، نلاحظ بأن الفقرة الأولى منه جاءت بمقتضيات عامة وتشير لمدة أكثر من سنة، والتي قد تصل إلى أكثر من 10 سنوات، وعليه يمكن أن نلخص إلى إمكانية تطبيق الفصل المذكور على الأكرية الطويلة الأمد.
وفي حالة وقوع نزاع حول ما إذا كان الكراء عاديا أو طويل الأمد، فإن على من يدعي أنه طويل الأمد أن يدلي بعقد كتابي ليثبت ذلك. وإذا كان هذا العقد يتضمن في بنوده ما يستخلص منه أنه يتعلق بعقد الكراء الطويل الأمد، فيعمل بمقتضى ذلك، وينتهي كل نزاع في هذا الشأن. أما إذا كان ذلك العقد لا يتضمن ما يدل على أنه يتعلق بكراء طويل الأمد، ووقع نزاع حول ذلك الكراء هل هو عادي أو طويل الأمد، فإن على المحكمة التي عرض عليها النزاع أن تعمل على تكييف هذا العقد، ولها أن تسترشد في ذلك بظروف القضية وما ورد في العقد مما يتعلق بمدة الكراء ومقدار الأجرة، وما إذا نص في العقد على أنه يتعين على المكتري أن يبني في الأرض المكترى أولا غير أنه بصدور مدونة الحقوق العينية جاء المشرع المغربي بمستجد مهم يتجلى في وجوب تنصيص عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 122 التي جاء فيها: ”يجب أن ينص عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية“ بمعنى آخر ينبغي أن ينص في عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية، تحت طائلة اعتباره حقا شخصيا مهما طالت مدته،[18] كما أنه لا يمكن الاعتراف بالعينية للكراء الطويل الأمد إلا إذا تم التنصيص على هذه الطبيعة صراحة في محرر رسمي أو عرفي محرر من طرف له الصفة.[19]
2- إثبات حق الكراء الطويل الأمد الوارد على العقارات المحفظة
باعتبار حق الكراء الطويل الأمد حقا عينيا، فإن إثباته بالضرورة متوقف على تقييده بالسجل العقاري، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 65 من قانون07/14 المتعلق بالتحفيظ العقاري، الذي نصت على أنه ”يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري، جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة تفوق ثلاث سنوات، وكل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد عن السنة غير مستحقة الأداء أو الإبراء منه" إذن لا يمكن التمسك بعقد الكراء الطويل الأمد تجاه الغير إذا لم يقع إشهاره للعموم بتقييده في الرسم العقاري.[20] أي أنه لا يكمن أن تصور إثبات حق الكراء الطويل الأمد سواء بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير إلا بتقييده في السجل العقاري.
وبالتالي فالمشرع بهذا الشكل، ظل منسجما مع ما ورد في الفصل 629 من قانون الإلتزامات والعقود وبالتالي فشكلية الكتابة في التصرفات العقارية والأكرية الطويلة الأمد على الخصوص، تعتبر شكلية انعقاد وإثبات ووجود.

المطلب الثاني: آثار الكراء الطويل الأمد وتمييزه عن بعض العقود

يرتب الكراء الطويل الأمد مجموعة من الحقوق والالتزامات في ذمة طرفيه شأنه في ذلك شأن باقي العقود التبادلية وما يلاحظ بالنسبة لهذا الكراء أن حقوق المكتري في الكراء الطويل الأمد أوسع منه بالنسبة للكراء العادي ونفس الأمر بالنسبة لإلتزاماته، وهو ما سنتتطرق له في الفقرة الأولى، على أن نخصص الفقرة الثانية إلى تمييز الكراء الطويل الأمد عن بعض العقود.

الفقرة الأولى: حقوق والتزامات المكتري في عقد الكراء الطويل الأمد

أولا: حقوق المكتري
1- الحق في استغلال العقار فيما أعد له والانتفاع بثماره المدنية والطبيعية
يحق للمكتري استغلال واستعمال العقار فيما أعد له سواء بالحرث أو الزرع إذا كان أرضا فلاحيه كما يمكن استغلالها في كل المشاريع الاستثمارية ذات الطابع الفلاحي سواء كانت هذه المشاريع فلاحيه بالأساس أو تصنيع فلاحي وبالتالي تكون الثمار التي تم جنيها أو حصدها خالصة له وإذا كانت هذه الأرض حضرية أو شبه حضرية يحق للمكتري أن يستغلها سواء في البناء أو إقامة منشات اقتصادية أو سياحية شريطة احترام القانون وما تم الاتفاق عليه في العقد ومادام أن الغاية من الكراء الطويل الأمد إنجاز مشاريع استثمارية كبرى أو متوسطة فإنه لا شك أن رغبة المكتري تتجه لتحقيق أرباح مادية ومعنوية تتمثل في جني ثمار العقار المكترى وزوائده سواء كانت مدنية أو طبيعية[21].
2- اكتساب حقوق عينية أخرى كالارتفاق بالمرور وتحميل العقار ارتفاقات سلبية
بالرجوع للمادة 128 من مدونة الحقوق العينية نجدها تنص على أنه" يمكن للمكتري أن يكتسب لصالح الملك حقوق ارتفاق وأن يرتب عليه بسند حقوق ارتفاق لفائدة الغير لا تتجاوز مدة الكراء الطويل الأمد، شرط أن يخبر المالك بذلك". فمن خلال المادة السابقة يتبين لنا أنه من حق المكتري الحصول على ارتفاقات لفائدة العقار المكترى إذا كان لذلك موجب كأن يكون العقار محصورا ليس له منفذ على الطريق كما يمكن لمكتري العقار أن يحمل هذا العقار موضوع الكراء بارتفاقات لفائدة عقار آخر وهو أمر بديهي مادام الكراء الطويل الأمد يخول صاحبه حقا عينيا على العقار يعطيه سلطة مباشرة على الشيء فإنه يمكنه أن يرتب حقوق لهذا العقار أو يحمل عليه التزامات.
3- حق المكتري في التصرف في الحق العيني بالتفويت أو الهبة أو بالرهن الرسمي
فبالرجوع للمادة 121 من المدونة نجدها نصت صراحة على أنه من حق المكتري كراء طويل الأمد أن يرهن حقه العيني المترتب عن هذا الكراء رهنا رسميا كما يمكنه تفويته لكن هذا التفويت أو الهبة يجب أن يكون في الحدود التي لا تلغي حق الملكية كما أن هذا التصرف الذي يجريه المكتري في العقار بالهبة أو التفويت يشترط لصحته ثلاثة شروط وهي:
- أن يخضع لشكلية الكتابة طبقا للمادة الرابعة من م ح ع.
- أن يكون في حدود ما للمكتري من حقوق على العين المكتراة.
- أن يتم تقييده في السجلات العقارية متى كان متعلقا بالعقار محفظ أو في طور التحفيظ، كما يمكن تسجيله أيضا بالسجل الخاص الممسوك من طرف كتابة الضبط إذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ.
أما بالنسبة حق المكتري في رهن الكراء الطويل الأمد رهنا رسميا فإنه يطرح لدينا نوعا من التساؤل وهو كيف أن مدونة الحقوق العينية تعتبر الرهن الرسمي من الحقوق العينية التبعية التي تنصب على عقار في حين حق الكراء الطويل الأمد من الحقوق العينية العقارية ومع ذلك قد خولت المادة 121 منها للمكتري إمكانية رهن حقه العيني المترتب عن الكراء الطويل الأمد رهنا رسميا.
و بالرجوع للمواد المنظمة للرهن الرسمي بنوعيه الاتفاقي والإجباري في مدونة الحقوق العينية نجده ينصب على العقارات دون الحقوق العينية العقارية ما يعني أن مشرع مدونة الحقوق العينية قد أتى باستثناء عندما أعطى صاحب حق الكراء الطويل الأمد الذي يعطي لصاحبه حق عينيا أن يرهن هذا الحق رهنا رسميا، فإذا كان لهذا الأمر ما يبرره في إطار ظهير 12 يونيو 1915 ذلك أن هذا الأخير كان يطبق على العقارات المحفظة دون غيرها
من العقارات بالإضافة إلى أن مدته كانت تصل إلى 99 سنة ما يجعله أقرب إلى حق الملكية أكثر منها للكراء أما في إطار مدونة الحقوق العينية الحالية فإن الكراء الطويل الأمد ينصب على العقارات دون تحديد، ما يعني قد تكون محفظة أو غير محفظة أو في طور التحفيظ وهذه الأخيرة تكون معرضة للتعرضات في أي وقت والتي يمكن الحكم بصحتها كما أن المدة قد تم التقليص منها لتصبح 40 سنة ما جعل البعض يرى على أن المشرع لم يكن موفقا عندما سمح بإجراء الرهن الرسمي على الكراء الطويل الأمد باعتباره حق عينيا لأنه وحسب هذا الرأي لم يعد كراء طويل الأمد بل أصبح كراء متوسط الأمد[22].
4- حق المكتري في الاستفادة مما يضم أو يدمج بالعقار المكترى نتيجة الالتصاق طيلة مدة الكراء الطويل الأمد
وهو ما نصت عليه المادة 129 من م ح ع بقولها " يستفيد المكتري مما يضم أو يدمج بالعقار نتيجة الالتصاق طيلة مدة الكراء الطويل الأمد". والالتصاق المقصود هنا هو الواقع على العقار المكترى كراء طويل الأمد ويتصور الالتصاق في الحقل العقاري
مثلا عن طريق حدوث تغيير في مجرى نهر كأن يفصل بين عقارين فيصبح جزءا من أحد العقارين ملصقا بالعقار الآخر بمقتضى هذا التغيير للمجرى.
ثانيا: التزامات أطراف الكراء طول الأمد
1- أداء السومة الكرائية
يعتبر أداء السومة الكرائية من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق المكتري أو من يقوم مقامه أو بإذنه والغالب أن يقع الاتفاق على أن تدفع سنويا وقد نصت المدونة على أنه لا يجوز للمكتري التحلل من هذا الالتزام لأي سبب أي أنه ملزم بأدائها في جميع الظروف فليس من حقه الامتناع عن أدائها بسبب جفاف مثلا أو أن يطلب تخفيض جزء منها لأن جزءا من الأرض غمره الماء مثلا حيث أنه بمقتضى المادة 123 من م ح ع لا يمكن للمكتري أن يطلب التخفيض من وجبات الكراء بحجة تلف الملك جزئيا ولو كان ذلك راجع إلى حادث فجائي أو قوة قاهرة، كما أنه لا يمكن للمكتري التملص من أداء السومة الكرائية وذلك بالتخلي عن الملك بالإضافة إلى أنه في حالة تخلف المكتري عن الأداء لمدة سنتين متتاليتين جاز للمكري بعد توجيه إنذار بدون جدوى أن يحصل قضائيا على الفسخ لعقد الكراء طويل الأمد.
2- الالتزام بعدم إحداث أي تغيير في الملك من شأنه أن ينقص من قيمته
مادامت الغاية من الكراء الطويل الأمد هي الرفع من قيمة العقار المكترى والاستثمار فيه فإنه من الضروري أن يلتزم المكري بعدم القيام بما من شأنه أن ينقص من قيمه العقار بل يجب عليه أن يحرص على تنميته والرفع من جودته وإدخال التحسينات التي ترفع من قيمته وذلك مرتبط طبعا بطبيعة العقار فإذا كان أرضا فلاحيه فيجب استحضار كل الأدوات التقنية لجعلها صالحة للاستعمال الفلاحي والمحافظة عليها بذلك الشكل عن طريق الاعتناء بها باعتماد الأدوات المناسبة لذلك من المواد التي تساعد على الإنتاجية الجيدة،نفس الأمر إذا كانت صناعية أو تجارية فيجب مراعاة نمط الاستغلال المتعارف عليه في المنطقة[23].
3- التزام المكتري بصيانة العقار وإصلاح البنايات الموجودة حين الكراء وكذلك تلك التي ستقام تنفيذا له
بالرجوع للمادة 127 من م ح ع في فقرتها الثانية نجدها تقول أن المكتري يكون ملزما فيما يخص البنايات الموجودة حين الكراء والبنايات التي شيدت تنفيذا للاتفاق بالإصلاحات أيا كان نوعها وما يلاحظ بهذا الصدد أن المشرع مدونة الحقوق العينية جعل المكتري ملزما بالإصلاحات جميعها دون تمييز بين الإصلاحات المعتبرة بسيطة أو تلك التي تعتبر إصلاحات كبرى وبالتالي فإن المكتري يجب عليه أن يبقى شديد الحرص على سلامة وحداثة ذلك العقار وأن يقوم بكل ما يلزم لبقائه صالحا للغرض الذي وجد له ولا يتخلص من هذا الالتزام إلا إذا أتبث أن سبب انهيار الأبنية الموجودة راجع لحادث فجائي أو قوة قاهرة أو أنها هلكت نتيجة عيب بالبناء السابق على الكراء الطويل الأمد في حين نجد المشرع في قانون الالتزامات والعقود لا يلزم المكتري بالإصلاحات البسيطة إلا إذا كان مكلفا بها بمقتضى العقد أو العرف[24] أما بالنسبة للإصلاحات الكبرى فنجد المشرع في الفصل 638 من ق ل ع قد جعل المكري ملزما بتسليم العين وملحقاتها وصيانتها أثناء مدة الإيجار في حالة تصلح معها للغرض الذي خصصت له وفقا لطبيعتها ما لم يشترط الطرفان خلاف ذلك وهو ما يفيد أن هذا النوع من الإصلاحات بحسب الأصل يقع على المكري إلا إذا وجد شرط في العقد يقضي بخلاف ذلك وربما النهج الذي سار فيه مشرع مدونة الحقوق العينية راجع لما يخوله الكراء الطويل الأمد لصاحبه من حق عيني على العقار يوليه ميزة التتبع والأفضلية وللمدة التي يستفيد فيها صاحبه من العقار فيجعله ملزما بكل الإصلاحات التي يستلزمها هذا الأخير إلا إذا أتبت كما قلنا أن هذا الانهيار راجع لحادث فجائي أو قوة قاهرة والملاحظ هنا أن المشرع قد تحدث عن الانهيار للبنايات أي في غير حالة الانهيار لا يمكن الإعفاء من القيام بالإصلاحات حتى ولو كان هذا العيب أو التشوه الذي طال العقار راجع لحادث فدائي أو قوة قاهرة.
4- تحمل الضرائب والتكاليف المترتبة على العقار
نصت المادة 127 من م ح ع في فقرتها الأولى على أن المكتري ملزم بجميع التحملات التي على العقار والتي تتعلق غالبا بمضار الجوار النابعة من ممتلكات الجار سواء كانت أغراسا أو دخانا أو روائح كريهة وبصفة عامة كل ما يعكر صفو الانتفاع بالعين المكتراة،كما يعتبر المكتري متحملا للتكاليف العقارية الواردة على العقار والتي في الغالب تكون مبالغ نقدية أو ما في حكمها والمترتبة على العين المكتراة اتجاه السلطات العمومية وبالرجوع إلى المدونة العامة للضرائب في مادتها 61 نجدها تنص على أنه: "تعتبر دخولا عقارية لأجل تطبيق الضريبة على الدخل الدخول الناشئة عن كراء العقارات المبنية وغير المبنية مهما كان نوعها والعقارات الزراعية ويدخل في ذلك المباني والمعدات الثابتة والمتحركة المرتبطة بها ويتكون إجمالي الدخل العقاري الناشئ عن العقارات المكتراة من مجموع المبلغ الإجمالي للأكرية ويضاف المبلغ المذكور إلى ما يوضع على كاهل المكترين من المصاريف التي يجب أن يتحملها عادة المالك أو صاحب حق الانتفاع ولا سيما منها مصاريف الإصلاحات الكبرى وتطرح منها التكاليف التي يتحملها المالكلحساب المكترين ويضاف إلى هذه التكاليف مصاريف وتكاليف العقد من رسوم وتنبر
و تسجيل ورسوم مدفوعة إلى مصالح المحافظة العقارية على الأملاك العقارية لأجل فتح مطلب التحفيظ أو التقييد وكذا مصاريف السمسرة عند الاقتضاء[25]. كما أنه إذا كان المكتري يستغل العقار المكترى في أنشطة تتطلب حضور أجراء يكون ملزما بالتأمين عليهم ضد حوادث الشعل ونفس الأمر بالنسبة للحريق حيث يكون ملزما بالتأمين عن الأخطار التي تهدد المنشات المنجزة فوق العين المكتراة.
6- الالتزام برد العقار بعد انتهاء المدة
وهو أحد أبرز الالتزامات الملقاة على عاتق المكتري حيث يجب عليه أن يرد العقار للمكري عند انتهاء مدة الكراء مرفقا بكل التحسينات والبناءات التي زادت في قيمته دون أن يكون له الحق في إزالتها أو المطالبة بالتعويض عنها وهو ما ينسجم والغاية التي شرع لأجلها الكراء الطويل الأمد وهي إعمار الأراضي الشاغرة سواء في البادية أو المدن خاصة أمام عجز مالكها سواء كان شخصا عاما أو خاصا عن تحمل تكاليفها المالية.
هذا فيما يخص المكتري، أما بالنسبة للمكري فقد عالجت مدونة الحقوق العينية التزاماته دون النص بدقة عن مقتضيات قانونية تحددها بكيفية واضحة ما يعني الرجوع إلى القواعد العامة المضمنة في قانون الالتزامات والعقود[26] والتي نجدها تنص على أن أهم التزامين يقعان على عاتق المكري هما الالتزام بتسليم العين المكتراة وتوابعها والالتزام بالضمان.فبالنسبة للالتزام الأول فقد نص الفصل 636 من ق ل ع على أن تسليم الشيء المكترى ينظم بمقتضى الأحكام المقررة لتسليم الشيء المبيع أي أن التسليم يتم بالتخلي عن العين المكتراة وبتسليم مفاتحها إذا كانت من المباني بشرط أن لا يكون ما من شأنه أن يعرقل وضع اليد عليها والتخلي المقصود هنا هو تسليم المكري العين وفق المواصفات الواردة في عقد الكراء الطويل الأمد دون أن يوجد ما يعرقل عملية الانتفاع بها.
كما يجب تسليم ملحقات العين أي كل ما يوجد بها من مباني وأشجار وغيرها، والملاحظ بهذا الشأن أن مشرع مدونة الحقوق العينية لم يلزم المتعاقدان بإعداد محضر التسليم الذي يتضمن حصر ما تم تسليمه للمكتري أما بالنسبة لمصروفات التسليم فإنها تقع على المكري حسب الفصل 637 من ق ل ع كما نص نفس الفصل على أنه يتحمل كل من المتعاقدين مصروفات الحجج التي تسلم له كما يتحمل المكتري مصروفات رفع الشيء المكترى وتسلمه وكل ذلك ما لم يجري العرف أو الاتفاق بخلافه.
وبالنسبة للالتزام بالضمان والذي بدوره لم يتم تنظيمه في مدونة الحقوق العينية ما يعني الرجوع بشأنه إلى قانون الالتزامات والعقود والذي نص في الفصل 643 منه على أن الضمان الذي يلتزم به المكري للمكتري يرد على أمرين هما:
- الانتفاع بالشيء المكترى وحيازته بلا معارض.
- استحقاق الشيء والعيوب التي تشوبه.
كما أكد هذا الفصل على أن هذا الضمان يتحقق بقوة القانون وإن لم يشترط ولا يحول حسن نية المكري دون قيامه وعلى هذا الأساس فإن المكتري يكون ملزما بالامتناع عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلا تعكير صفو حيازة المكتري أو حرمانه من المزايا التي كان من حقه أن يعول عليها بحسب ما أعد له الشيء المكترى والحالة التي كان عليها عند العقد والمكتري ليس مسؤولا عن فعله فقط بل حتى فعل أتباعه والمكترون الآخرون أو غيرهم ممن تلقوا الحق عنه[27].
ويلتزم المكري أيضا بالضمان في حالة التشويش أو الاستحقاق الذي يتأذى منه المكتري في كل الشيء المكترى أو بعضه نتيجة دعوى متعلقة إما بحق الملكية أو بحق عيني آخر عليه وهو ما نص عليه الفصل 646 من ق ل ع، كما أن المكتري فيما يتعلق بالتشويش المادي الواقع من الغير في الانتفاع بالعين المكتراة لا يكون ملزما بضمانه مادام هذا الغير لا يدعي أي حق عليها، إذ يمكن للمكتري في هذه الحالة أن يقاضي هذا الغير باسمه الخاص لكن إذا بلغ هذا التشويش المادي من الجسامة بحيث يحرم المكتري من الانتفاع بالمحل حق له المطالبة بإنقاص الوجيبة الكرائية بالقدر المتناسب مع هذا التشويش، وعلى المكتري في هذه الحالة أن يقيم الدليل على أن التشويش أنه قد وقع، وأن هذا التشويش يتنافى مع استمرار انتفاعه[28].
وبالمقابل لا يعتبر من باب التشويش قيام المكري ببعض الإصلاحات الضرورية والمستعجلة على العين المكتراة والتي لا تحتمل التأخير إلى نهاية العقد ما لم تؤدي إلى حرمان المكتري من الانتفاع بالعين المكتراة كليا أو جزئيا لفترة غير مقبولة والتي حددها الفصل 645 من ق ل ع في ثلاثة أيام. وكما سبق القول فإن هذا الضمان يكون تابتا بقوة القانون ولو لم يشترط وأن حسن نية المكري لا تحول دون قيامه.

الفقرة الثانية: تمييز الكراء الطويل الأمد عن بعض العقود

أولا: مقارنة الكراء الطويل الأمد والأصل التجاري
يتكون الأصل التجاري من عدد كبير من العناصر منها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي تشكلت لتؤلف وحدة قانونية مستقلة وصالحة للاستغلال التجاري وقابلة لأن تكون محلا لإجراء تصرفات قانونية باعتبار الأصل التجاري مالا قابلا للتصرف فيه كما أنه يعتبر الحق في الكراء من أهم العناصر المكونة للأصل التجاري في الحالة التي يكون فيها التاجر مكتريا للعقار الذي يمارس فيه نشاطه التجاري وإذا ما قارنا هذا الحق في الكراء كعنصر من عناصر الأصل التجاري مع عنصر الكراء الطويل الأمد نجد أوجه اختلاف كثيرة بينهما:
من حيث المدة: نجدها في الكراء الطويل الأمد محددة بيت حدين أدنى وحد أقصى أما في كراء الأصل التجاري فإن المدة غير محددة بحيث قد تطول وقد تكون قصيرة وذلك حسب الظروف والأحوال واتفاق الطرفين.
من حيث مقدار الوجيبة الكرائية: فالأجرة الزهيدة هي أحد مقومات الأساسية في الكراء الطويل الأمد في حين تكون الأجرة في المحل التجاري ملائمة لقيمته.
من حيث الهدف: فالهدف من الكراء الطويل الأمد هو إصلاح أرض أو عقار مخرب بالدرجة الأولى ومن تم تحسينه من أجل الانتفاع به واستغلاله لمدة طويلة أما بالنسبة لكراء محل تجاري فإن الهدف هو إنشاء أصل تجاري بعناصره المادية والمعنوية لغرض تجاري محض يدر على التاجر أرباحا مهمة.
من حيث إمكانية التعويض والتجديد: فالكراء الطويل الأمد لا يقبل التجديد الضمني وإنما يجب أن يكون صراحة كما أن المكتري عند انتهاء مدة العقد عليه ترك العقار أو الأرض وإضافة إليها من تحسينات دون أن تكون له إمكانية للمطالبة بالتعويض عنها أو إزالتها أما بالنسبة لكراء المحل التجاري المقام فيه أصل تجاري فإنه بإمكان المكتري طلب تجديده إذا ما طلب المكري إنهاءه وإذا ما رفض المكري طلب التجديد يكون من حق المكتري طلب التعويض عن الأصل التجاري المساوي لقيمة الأصل التجاري مضافا إليه الأضرار النادمة عن الإفراغ المكتري من المحل وكذا مصاريف الانتقال إلى محل آخر.
ثانيا: مقارنة الكراء الطويل الأمد بالائتمان الإيجاري
إن أهم ما يتميز به الائتمان الإيجاري هو الاتفاق على تمكين المكتري من أن يصير مالكا أي نقل ملكية العقار أو المنقول محل عملية الائتمان الإيجاري إلى المكتري عند انتهاء أجل الكراء أو في تاريخ لاحق متفق عليه في العين المكتراة وهو ما يجعل بينه وبين الكراء الطويل الأمد فروقا جوهرية، وهي:
من حيث المدة: ولو أن كلاهما يعقد لمدة طويلة فمدة الائتمان الإيجاري غالبا ما تكون أقصر من المدة المقررة في الكراء الطويل الأمد.
من حيث الأجرة: في الائتمان الإيجاري تكون الأجرة عالية مقارنة مع أجرة الكراء الطويل الأمد والتي تكون زهيدة.
من حيث إرجاع العين المكتراة: في الكراء الطويل الأمد فالمكتري ملزم بإرجاع العين المكتراة بانتهاء مدة العقد دون إمكانية تملكها أو حق المطالبة بأي تعويض عن ما قام به من
إصلاحات في حين عقد الائتمان الإيجاري يكون فيه المكتري الخيار بين أن إرجاع العين المكتراة أو أن يتملكها مع مراعاة الأقساط التي كان يؤديها.
من حيث الآثار: يحول الكراء الطويل الأمد للمكتري حقا عينيا يمكنه من التصرف في العين المكتراة في حين لا يرتب الائتمان الإيجاري سوى حقوق شخصية.

المبحث الثاني: انقضاء الكراء الطويل الأمد ودوافع الإبقاء على تطبيقه

الأصل في الأمور أن كل ما له بداية ستكون له بلا شك نهاية، لذلك فعقد الكراء الطويل الأمد مهما طالت مدته يظل معرضا للانقضاء والزوال، باعتباره نوعا من أنواع عقود الكراء فإنه يسري عليه ما يسري على هذه العقود من أسباب الانقضاء، حيث ينقضي بالأسباب العامة التي تنقضي بها عقود الكراء بصفة عامة من فسخ قضائي أو اتفاقي، وكذا بعض الأسباب الأخرى التي خصصها المشرع لهذ النوع من العقود بالذات نظرا لطبيعته العينية.
لذلك سنخصص الدراسة في هذا المبحث لأسباب انقضاء عقد الكراء الطويل الأمد(المطلب الأول) ثم دوافع الإبقاء على تنظيمه (المطلب الثاني)

المطلب الأول: انقضاء الكراء الطويل الأمد

إن الكراء الطويل الأمد من العقود المستمرة التي ينتهي عادة بانتهاء مدتها، أو إنجاز الغرض الذي أبرمت من أجله دون اعتبار للمدة الزمنية، وقد ينتهي لأسباب أخرى بالرغم من عدم تنصيص المشرع المغربي على أسباب انقضاء حق الكراء الطويل الأمد في مدونة الحقوق العينية بنص خاص[29].
غير أنه ونظرا لطبيعته العينية الخاصة لا ينتهي بتخلي المكتري عن العقار بل يظل ملتزما بتنفيذ شروط العقد وذلك بصريح المادة 125 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها: “لا يمكن للمكتري أن يتحرر من واجبات الكراء ولا أن يتملص من تنفيذ شروط عقد الكراء الطويل الأمد بتخليه عن الملك“.
وعليه سنتطرق لأسباب انقضاء هذا العقد وفق الشكل الآتي:

الفقرة الأولى: أسباب انقضاء عامة

أولا: انتهاء الأجل المحدد في العقد
كما سبق الذكر، فإن أقصى أجل للكراء الطويل الأمد هو أربعين سنة ينقضي بانقضائها حسب ما نصت عليه مدونة الحقوق العينية[30]،إذ في هذه الحالة ينقضي بها عقد الكراء تلقائيا، ويعتبر منفسخا بقوة القانون ولا حاجة لتوجيه إنذار بالإخلاء لفائدة المكتري فيجب عليه إفراغ العقار في يوم انتهاء مدة العقد.
وقد قضت المحكمة العليا الجزائرية أنه من المقرر أن “ينتهي الإيجار بانتهاء المدة المعينة في العقد دون الحاجة إلى تنبيه بالإخلاء ما عدا ما نصت عليه المادة 474 من القانون المدني، ومن ثم فإن القضاء على بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون. ولما كان الثابت في قضية الحال أن قضية الحال أن قضاة الاستئناف لما اشترطوا توجيه إنذار بالإخلاء رغم أن عقدة الإيجار محددة المدة قد يكون قد خالف القانون“
ولا يتفق الكراء الطويل الأمد الذي نحن بصدده، بالنظر لطبيعته العينية، مع الحالة التي يبقى فيها المكترى، حيث اعتبر المشرع الكراء متجددا لنفس المدة. وهو ما لا يسري على الكراء الطويل الأمد باعتباره غير قابل للتجديد الضمني.
وبخصوص وفاة المكتري قبل حلول الأجل المحدد في العقد، فإن حقه ينتقل إلى الورثة ينتفعون به إلى حين نهاية المدة.
ثانيا: إرادة الطرفين
ليس هناك ما يمنع الطرفين من أن يتفقا على انهاء هذا الكراء قبل انتهاء مدته31.وذلك بفسخ هذا العقد لأسباب يرجع تحديدها لإرادتهم إما أن تكون أسباب موضوعية أو شخصية، ويعد هذا المقتضى من القواعد العامة على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين.
ويجب على الطرفين أن يعمدا إلى تشطيب هذا الكراء من السجل العقاري بناء على طلب من المكتري المسجل الحق باسمه، وذلك حتى يتمكن المالك من الانتفاع بعقاره، وإلا كان عليه إنهاء مدة الكراء المضمنة في العقد.

الفقرة الثانية: أسباب انقضاء خاصة

أولا: صدور حكم قضائي يفسخ عقد الكراء الطويل الأمد
الفسخ هو جزاء يترتب بناء على طلب أحد طرفين العقد بسبب إخلال أحد الأطراف بالتزاماته اتجاه الطرف الأخر وذلك بعدما نشا العقد صحيحا.
فإذا تخلف المكتري عن تنفيذ شرط من شروط العقد أو ألحق ضررا جسيمة بالملك جاز للمكري المطالبة قضائيا بفسخ عقد الكراء الطويل الأمد.وعليه فإن أبرز الأسباب التي تدفع المحكمة للاستجابة لطلب الفسخ هي:
1- عدم أداء السومة الكرائية لمدة سنتين متتاليتين: حيث نصت المادة 124من مدونة الحقوق العينية على أنه “إذا تخلف المكتري عن الأداء مدة سنتين متتابعتين جاز للمكري بعد توجيه إنذار بدون جدوى أن يحصل قضائيا على فسخ الكراء الطويل الأمد[31]“وبالتالي يجب على المكري التقيد بالشروط التي حددتها المادة بأن يدلي بما يفيد التقاعس عن أداء الوجيبة الكرائية للمدة المذكورة مع ضرورة توجيه إنذار إلى المكتري من أجل الأداء، وأن يظل هذا الإنذار بدون جدوى وعندئذ يمكنه الحصول على الفسخ من المحكمة المختصة.والملاحظ أن المكتري لا يصبح في حالة مطل إلا بعد إنذاره وهو ما يخالف المقتضيات العامة للفصل 255 من ظهير الالتزامات والعقود الذي ينص على أن المدين يصبح في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام.
2- إلحاق ضرر جسيم بالعقار: قد نصت المادة 124 من مدونة الحقوق العينية على ذلك عندما أكدت على أن المكري حق المطالبة بالفسخ في حالة إلحاق المكتري أضرارا جسيمة بالملك، وبالنسبة للضرر الجسيم المنصب على العين المكتراة لا يوجد تعريف قانوني له لكنه يتمثل في الحالة التي تغير فيها معالم العقار، حيث يصبح غير قابل للانتفاع به فيما أعد له وهو ما لم يسمح به المشرع صراحة في المادة 126 من م.ح.ع[32].
كما أن هلاك العقار كليا يفسخ عقد الكراء الطويل الأمد بقوة القانون سواء كان هلاكا ماديا يتمثل في الهدم أو التلف، أو هلاكا قانونيا من قبيل نزع الملكية باعتبارها من أعمال السلطة المحلية.
3- عدم تنفيذ شروط العقد: في الحالة إذا اشترط أحد طرفي العقد التزاما معينا يقع على المكتري كراء طويل الأمد أن يقيم فوق القطعة الأرضية موضوع الكراء جملة من المشاريع الاستثمارية بغلاف مالي متفق عليه مع توظيف مجموعة من العمال المتخصصين، وذلك خلال السنوات التالية استثمارات إضافية،غير أن المكتري يتناقص عن تنفيذ التزاماته التعاقدية إذ في هذه الحالة أمكن للمكري أن يطلب فسخ العقد قضائيا لإخلال المكتري بالتزاماته، ويجوز للمحكمة مراعاة منها ظروف المكتري أن تمنحه أجالا معقولة لتنفيذ التزامه.
ثانيا:الانقضاء بإتحاد الذمة
يمكن أن ينقضي عقد الكراء الطويل الأمد كذلك بإتحاد الذمة كالحالة التي يقتني فيها المكتري العقار المكترى كراء طويل الأمد أو إذا ما انتقل إليه نتيجة الإرث أو الوصية أو غيرها من أسباب انتقال الملكية، ففي هذه الحالة باجتماع حق الكراء الطويل الأمد مع حق الرقبة قي يد واحدة يصبح عقد الكراء منفسخا.

المطلب الثاني: دوافع الإبقاء على تنظيم الكراء الطويل الأمد

إن مؤسسة الكراء الطويل الأمد في عصرنا الحالي، عرفت تراجعا ملموسا من حيث إقدام الناس عليها من الناحية العملية، بل أكثر من ذلك فإن غالبيتهم يجهلونها، ولعل ذلك راجع إلى توجه الناس لمجموعة من العقود التي تتواجد بالموازاة مع الكراء الطويل الأمد، كما أسلفنا الذكر، والتي تغري للتعاقد بشأنها، ككراء الأحباس[33]، التسيير الحر، وكذا الائتمان الإيجاري، التي شاع التداول بشأنها مؤخرا، خاصة أن مقتضياتها جاءت مواكبة للتطورات الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة على المستوى الوطني، كما أنها لاقت إقبال الأفراد خاصة المستثمرين وأصحاب المشاريع الكبرى.
إلا أن حد هذه المؤسسات من فعالية الكراء الطويل الأمد هو أمر نسبي فقط، لأنه ماتزال هناك تطبيقات عملية لهذا العقد، وبالتالي فإنه لا يمكن القول بإلغائه، أو اعتباره متجاوزا، بل يجب العمل على إصلاحه وإعادة صياغة مقتضياته بشكل يتلائم والمستجدات الحاصلة على كافة المستوياتَ، وهذا ما سنصوغه في فقرتين حيث سنخصص الأولى لمدى إبقاء المشرع على الكراء الطويل الأمد من عدمه، في حين سنتناول في الفقرة الثانية بعض مقترحات إصلاحية للنظام القانوني لهذا الكراء.

الفقرة الأولى: الكراء الطويل الأمد بين البقاء والإلغاء

إذا كان المشرع المغربي لازال متشبتا بتنظيم هذا النوع من العقود، فإنه بالمقابل هناك عدة موجبات لتغييره وإعادة صياغة مضامينه بشكل يتماشى وخصوصية الفترة الزمنية الحالية.
أولا: أسباب تغيير نظام الكراء الطويل الأمد،
بالرجوع لسبب ظهور هذا النوع من الكراء، المتمثل في تخلص المالكين من أعباء أراضيهم التي عجزوا عن استثمارها بصفة شخصية، إذ كان يقع في الغالب على الأراضي المهملة حيث يسلمونها لمن يتولى إحيائها وتعميرها، على أن يمتلك منفعتها لمدة طويلة بأجرة سنوية زهيدة، مع بقاء ملكية الرقبة للمالك، الذي تعود له أرضه مع ما أجري عليها من تعديلات عند نهاية هذا العقد، فإن الواقع اليوم لم يعد مواكبا لهذه المبادئ، ذلك أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، ترتب عنها ارتفاع في قيمة العقار بشكل مهول، نتج عن ذلك أن مالكي الأراضي أصبحوا يفضلون إما تفويتها، أو كرائها كراء عاديا بالنظر للأجرة المرتفعة التي سيحصل عليها، أو إنشاء مشاريع استثمارية عليها تعود عليهم بالنفع، خاصة أمام التسهيلات التي أصبحت توفرها لهم المؤسسات البنكية من أجل الاقتراض وتمويل المشاريع الاستثمارية، بدل إكرائها كراء طويل الأمد مقابل أجرة زهيدة لا تتلاءم والقيمة التي أصبح عليها العقار هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن السلبيات التي يرتبها هذا النظام،ساهمت لا شك في تراجع التعامل به.
فمن جانب المكري يحرمه من المكاسب المحتملة، فمثلا لو ارتفعت السومة الكرائية بالنسبة لعقود الكراء العادية فلا يستطيع أن يلزم المكتري بتحيينها عن طريق رفعها، كما أنه في حالة ما إذا أراد المالك بيع العقار فقليلة هي الفئة التي تقبل التعامل بعقار مثقل بالكراء الطويل الأمد، والذي يلزم صاحبه أن ينتظر إلى حين انتهاء أمد الكراء المحدد في أربعين سنة[34]، مالم يتم فسخ عقد الكراء[35]، من أجل إبرام التصرفات العقارية، كما أن المكتري كذلك لا يستفيد مثلا من تخفيض الوجيبات الكرائية، ويبقى ملتزما بالوجيبة الكرائية التعاقدية، حتى ولو تعرض الملك إلى تلف جزئي أو حدوث سبب خارجي حال دون إمكانية الانتفاع بالغلة أو الثمار، وهذا ما تضمنته الفقرة الأولى من الفصل 123 من مدونة الحقوق العينية حيث جاء فيها أنه "لا يمكن للمكتري أن يطلب التخفيض من واجبات الكراء بحجة تلف الملك جزئيا أو حرمانه من غلته كلا أو بعضا نتيجة حادث أو قوة قاهرة"، بل أكثر من ذلك لا يستطيع حتى المطالبة بفسخ العقد بحيث أعطى هذه الإمكانية للمكري وحده في حالات محددة.
وهذا فإن دل على شيء، فإنما يدل على عدم كفاية النصوص المعتمدة، وعدم إلمامها بكل ما تستلزمه الظروف الراهنة وبمختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية وكذا العقارية التي يعرفها البلاد، ونلمس ذلك عند استقرائنا للمواد المؤطرة لهذا الكراء والتي لا تتعدى تسعة فصول.
وإلى جانب هذه الأسباب التي تقوي وتدعم فكرة المطالبة بتغيير هذا النوع من الكراء، هناك أسباب ودوافع أخرى تشجع الإبقاء على تنظيم قواعده.
ثانا: أسباب الإبقاء على تنظيم الكراء الطويل الأمد،
رغم كل ما يمكن أن يقال حول سلبيات هذا العقد من جهة، وقصوره من جهة أخرى،فإن هناك أمور تجعل من الضروري الإبقاء على تنظيمه، إذا ما نظرنا إلى ما قد يحققه من آثار إيجابية تغطي نوعا ما عن سلبياته بالنسبة للمكري أو المكتري، فمثلا من يملك قطعة أرضية، سواء كان شخصا ذاتيا أو معنويا ولا يستأنس في نفسه القدرة على تحمل مصاريف إصلاحها واستثمارها، ينقل هذا العبء إلى المستأجر الذي يكون له حق الانتفاع بها واستغلالها لمدة طويلة شريطة أن لا تتجاوز المدة المحددة قانونا[36] مقابل وجيبة كرائية، كما أن هذا العقد إلى حد ما يساهم في إعمار الأراضي الحضرية الشاغرة عن طريق إقامة منشآت واستثمارات، كما يشجع على فتح المجال أمام المستثمرين الفلاحين الذين لا يملكون أراض فلاحية خصبة في ملكهم، إما بسبب عدم إمكانية تملكهم لكونهم أجانب، أو نتيجة ندرة العقار.
كما أن توفر الدولة على عدة عقارات وأراضي زراعية في حاجة إلى إصلاحها واستثمارها، خاصة أمام التزايد المهول والطلبات المتزايدة على البنية العقارية سيكون في إكرائها كراء طويل الأمد ما من شأنه أن يحقق منفعة تعود على الدولة وعلى المواطنين في آن واحد[37].
وخلاصة القول، فإنه يتعين الإبقاء على هذا النظام كلما تعلق الأمر بأملاك الدولة والجماعات الترابية أو الأملاك الوقفية نظرا لما تعرفه هذه الأملاك من عدم الاستغلال العقلاني نتيجة نوع المستغلين الذين لا يحسنون التصرف فيها، وقد يكون في إكرائها كراء طويل الأمد ما من شأنه الرفع من قيمتها، مع ضرورة إدخال إصلاحات على هذا النظام.

الفقرة الثانية: بعض المقترحات لإصلاح النظام القانوني للكراء الطويل الأمد 

أولا: إصلاح الكراء الطويل الأمد من حيث الشكل
إن قلة النصوص القانونية المنظمة للكراء الطويل الأمد، والتي لا تتجاوز تسع فصول،يشكل عائقا كبيرا يحول دون الكشف عن الاخلالات التي تعيق التطبيق الأمثل لهذا الحق،خاصة إذا نظرنا إلى أهمية هذه المؤسسة والتي تتجلى في كراء عقارات وأراض مهمة لمدة طويلة، مما يستدعي الأمر إعادة النظر في الترسانة القانونية المنظمة للحيلولة دون تراجع واندثار هذه المؤسسة.
كما أسلفنا الذكر، فإن قانون 39.08 كان قاصرا في إلمامه بكل ما يتعلق بالكراء الطويل الأمد، ولم يوفق في تنظيمه بشكل يحقق معه حماية طرفي العلاقة التعاقدية وتحديد حقوق والتزامات كل منهما، هذا وعلى خلاف القوانين التي نظمها المشرع في نصوص خاصة ونخص بالذكر قانون 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى والاستعمال المهني، وكذا قانون 49.16 المتعلق بكراء العقارات والمحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي، وقانون 03.07 المنظم لكيفية مراجعة أثمان كراء المحلات المعدة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي،كما عالج كيفية استيفاء الوجيبة بمقتضى قانون 64.99، ولئن كانت هذه القوانين تتعلق بالكراء كحق الشخصي، فقد حاولت هذه القوانين في مجملها أن تعالج إلى حد ما، وبشكل تسلسلي، مختلف العوائق التي قد تؤثر في استقرار هذا النظام، وتؤدي لا محال إلى عدم انسجامه مع متطلبات العصر في ظل الازدهار والنمو الاقتصادي المهول الذي تشهده البلاد، ولذلك كان واجبا على المشرع إعادة النظر في القوانين المؤطرة للكراء الطويل الأمد، وذلك من خلال ترتيبه لمقتضياته بحيث يتناول تعريف هذا الحق، ثم تحديد مدة الكراء، وتحديد كيفية احتساب الأجرة، ثم حقوق الأطراف والتزاماتهم، وغيرها من الأمور.
إلى جانب ما ذكر، فإن غموض النصوص المؤطرة للكراء الطويل الأمد، وعدم وضع صياغة خاصة توضح البيانات الواجب إدراجها بالعقد، سواء تلك المتعلقة بالأطراف أو بالعقار موضوع هذا العقد يبرز رداءة هذه النصوص، خاصة وأن هذه البيانات تشكل جزءا مهما في إنشاء العلاقة التعاقدية، وتعتبر بمثابة حجة يمكن الاستناد إليها في حالة وجود نزاع.
وفي هذا الإطار، يجب الإشارة إلى أن المشرع لم يشر إلى شكلية عقد الكراء الطويل الأمد، لكن فيما قبل جرت العادة على إبرامها في محررات عرفية، ونادرا ما يتم اللجوء إلى العقود الرسمية، لكن بالرجوع إلى نص المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية نجدها تنص على ضرورة إبرام جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الاخرى أو نقلها أو تعديلها أو إلغائها بموجب محرر رسمي أو ثابث التاريخ محرر من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض، ليكون قد وضع حدا للكثير من المشاكل التي كانت تطرح نتيجة إبرام هذا العقد بمقتضى محررات عرفية.
ولا تفوتنا الإشارة أيضا، إلى أن المشرع لم يحدد الغرض الذي قد ينصب عليه هذا الكراء،هل يتعلق الأمر بالغرض المعد للسكنى والاستعمال المهني فقط؟ أم أنه يمكن أن يكون محل الكراء الطويل الأمد عملا التجاريا أوالصناعيا أوالحرفيا؟
وبرجوعنا إلى مدونة الحقوق العينية، فالمشرع أشار في الفقرة الثانية من المادة 122 من المدونة أنه "يجب أن ينص عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية"، وبالتالي فإن إغفال الطرفين تحديد الطبيعة العينية لعقد الكراء الطويل الأمد قد يؤدي إلى إبطال العقد.
ثانيا: إصلاح الكراء الطويل الأمد من حيث الموضوع،
استنادا إلى القراءة الأولية للمواد المؤطرة للكراء الطويل الأمد، نلمس أن المشرع المغربي لم يعمد إلى وضع تعريف لهذا الحق، ولئن كان وضع التعريفات من عمل الفقه، بل اكتفى في المادة 121 بالقول أنه "يخول الكراء الطويل الأمد للعقارات للمستأجر حقا عينيا قابلا للرهن الرسمي ويمكن تفويت هذا الحق وحجزه طبقا للشروط المقررة في الحجز العقاري."
لكن يمكن أن نستنتج من خلال ما ذكر، أن الكراء الطويل الأمد هو "عقد بمقتضاه يمنح لأحد طرفيه (المكتري) حقا عينيا عقاريا على عقار سواء كان محفظا أو غير محفظ لمدة طويلة ومحددة قانونا، مقابل وجيبة متفق عليها ابتداء لفائدة الطرف الآخر ( المكري)".
هذا من جهة، وجهة أخرى، نلمس إغفالا للمقتضيات المحددة لكيفية احتساب ومراجعة أجرة الكراء، لكن واستنادا إلى المادة الأولى من قانون 39.08 نجدها تنص على أنه "تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون،"...وبرجوعنا إلى هذا الظهير نجده نص في فصله 628 أنه" يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء وعلى الأجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من شروط في العقد،" ليفهم من ذلك أن الأجرة في هذا الكراء تخضع لما اتفق عليه الطرفين، لنستحضر في هذا الصدد القاعدة الفقهية القائلة بكون العقد شريعة المتعاقدين.
وفي مقابل ما ذكر، لا نجد أي نص يتحدث عن كيفية تحديد الأجرة ولا كيفية أدائها، لكن جرى العمل على أن تكون هذه الأجرة زهيدة وتؤدى سنويا وذلك راجع بالدرجة الأولى إلى رغبة المكري في التخلص من الأعباء التي تثقل عاتقه بسبب هذه الأرض المهملة[38]، لكن في ظل الأوضاع الحالية وارتفاع قيمة العقارات، فمن المنطقي أن ترتفع هذه الأجرة بما يتلاءم مع قيمة العقار ومع ما يدره من فوائد، حتى يرغب الخواص وكذا الدولة أو الجماعات المحلية في إكراء عقاراتهم عوض اللجوء إلى التفويت.
بل أكثر من ذلك، فإن المقتضيات القانونية المنظمة للكراء الطويل الأمد يلاحظ أنها تثقل كاهل المكتري، خاصة عندما لا يتمكن من استغلال العين المكتراة جزئيا أو كليا، إذ يبقى بالرغم من ذلك ملزما بأداء الوجيبة الكرائية، حتى ولو كان ذلك راجع إلى حادث فجائي أو قوة قاهرة حسب ما جاء في المادة 123 من مدونة الحقوق العينية[39]، وعليه فقد أصبح من الضروري النص على إمكانية اتفاق الطرفين على خفض الأجرة في حالة وجود ما يبرر ذلك،إذ أنه لا يعقل أن يبقى المكتري ملزما بأداء الأجرة سواء تمكن من الانتفاع بالعقار أو لم يتمكن من ذلك، الشيء الذي يثير عدة نزاعات من الناحية العملية، كما يجب النص على إمكانية رفع الوجيبة في الحالة التي تستدعي الظروف ذلك، مع حصر ذلك الرفع في نسبة محددة، مع الإشارة إلى أحقية المكتري في المطالبة بالتعويض مقابل ما أحدثه من تحسينات أو منشآت أو مشاريع مع مراعاة ما أداه من وجيبة كرائية، حتى يكون هناك تحفيز على التعاقد.
والجدير بالذكر، أن هناك بعض المقتضيات سكت المشرع المغربي عن تناولها، ولعل أبرزها المتمثل في مسألة تجديد هذا العقد، فإن الأمر يستدعي إعادة النظر في هذه المسألة.

خاتمة:
يتبين من خلال ما سبق دراسته أن المقتضيات القانونية المنظمة للكراء الطويل الأمد ضمن مدونة الحقوق العينية، ينتابها الغموض أكثر من الوضوح سواء ما يتعلق بالتزامات الطرفين في إطار هذا العقد أو طرق تدبير العقار المكترى أو الوجيبة الكرائية الواجبة وطرق تحديدها ومدى إمكانية مراجعتها.
و قد عرفت هذه المؤسسة تراجعا ملموسا من الناحية العملية بين الخواص، ولعل السبب وراء ذلك راجع إلى القيمة التي أصبح يكتسيها العقار اليوم، مما أدى إلى إرتفاع أتمنثه، الأمر الذي أصبحت معه المنفعة التي يحققها هذا العقار لا تتلاءم والأجرة التي يمكن الحصول عليها نتيجة إبرام هذا النوع من الكراء.
ومع ذلك تبقى الملاحظة الأساسية والمهمة، هي أن حل المشاكل المطروحة بشأن الكراء الطويل الأمد لا تكمن بطبيعة الحال في إلغائه، ولكن في إعادة صياغة مقتضياته بشكل يتناسب مع الوضعية الحالية، إضافة إلى توعية المواطنين بأهمية الكراء الطويل الأمد في المجال الإقتصادي، إذ أنه إذا استعمل بالشكل المرغوب فيه سيساهم بلا شك في تنمية الإقتصاد الوطني،خاصة أن الصفة العينية التي يخولها هذا العقد للمكتري سجعله يستفيد من الحصول على ائتمان لمدة طويلة خلافا لما عليه الأمر بالنسبة للمكترين العاديين الذين يتمتعون بحقوق شخصية فقط.
---------------------------------------
هوامش:
[1] - أسماء القوارطي، الكراء الطويل الأمد وتطبيقاته العملية، طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام، الرباط، طبعة
2005،ص: 7
[2] - العربي محمد مياد، تأملات في مدونة الحقوق العينية، الجزء الثالث، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، دون ذكر عدد الطبعة،2016،ص:119
[3] - القانون رقم 08.39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 8.11.171، بتاريخ 25 من ذي الحجة 1432 الموافق ل22 نوفمبر2011،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998، بتاريخ 27 ذو الحجة
1432 الموافق ل 24 نوفمبر 2011،ص: 5587،كما تم تتميمه بالقانون رقم 18.13 القاضي بتعديل المادة 316 من القانون رقم 08.39،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 18.18.1 بتاريخ 5جمادى الآخرة 1439 الموافق ل 22 فبراير 2018؛المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1439 الموافق ل 12 مارس 2018،ص 1448.
[4] - محمد ابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي، دون ذكر اسم المطبعة، سنة
2008،ص:398.
[5] - تجدر الإشارة إلى أن بعض التشريعات العربية نظمت نوعا خاصا من الأكرية الطويلة الأمد تحت إسم الحكر، كما هو الشأن مثلا بالقانون المدني الأردني لسنة1976، حيث عرفت المادة 1249 الحكر بأنه: "عقد يكسب المحتكر بمقتضاه حقا عينيا يخوله الانتفاع بأرض موقوفة، بإقامة مبان عليها أو استعمالها للغرس أو لأي غرض آخر لا يضر بالوقف،لقاء أجر محدود"
[6] - المادة 122 من مدونة الحقوق العينية.
[7] - ينص الفصل 10 من قانون التحفيظ العقاري على أنه: “ لا يجوز تقديم مطلب التحفيظ إلا ممن يأتي ذكرهم.......
(3)-الممتع بأحد الحقوق العينية الآتية: حق الإنتفاع، حق السطحية، الكراء الطويل الأمد،“...
[8] - العربي محمد مياد، م.س، ص:125.
[9] - الفصل 8 من ظهير 12 يونيو 1915
[10] - والذي نص على أنه " يجوز إبرام كراء الأراضي الفلاحية لمدة أربعين سنة ، فإن أبرم لمدة أطول ساغ لكل من المتعاقدين فسخه بعد انتهاء الأربعين سنة."
[11] - سليمان مرقس: الوافي في شرح القانون المدني-3 في العقود المسماة، المجلد الثاني عقد الإيجار ط 4 سنة
1993 دار النهضة العربية القاهرة مصر الصفحة 561.
[12] - راجع المادة 12 من القانون المنظم للعلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للإستعمال السكني والمهني الصادر بنتفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.111 الصادر في 19 نونبر 2013.
[13] - العربي محمد مياد، م.س، ص:129.
[14] - المادة 121 من مدونة الحقوق العينية.
[15] - الفقرة الثانية من الفصل 87 منه.
[16] - راجع الفصل 65 مكرر من القانون رقم 07/14.
[17] - محمد ابن معجوز، م.س، ص: 399
[18] - م.س ص: 123
[19] - العربي محمد مياد، م.س، ص: 126
[20] - ينص الفصل 66 من قانون 07.14 المتعلق بالتحفيظ العقاري على أنه: “ كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.“
[21] - م س ص:134
[22] م س ص: 137
[23] المادة 126 مدونة الحقوق العينية
[24] الفصل 639 قانون الالتزامات والعقود
[25] - العربي محمد مياد، م س، ص: 134
[26] الفصل 635 قانون الالتزامات والعقود
[27] راجع الفصل 644 من قانون الالتزامات والعقود
[28] راجع الفصل 650 من قانون الالتزامات والعقود
[29] - الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 39.08،عبد الكريم شهبون،الطبعة الأولى،ص 270
[30] - جاء في المادة 121 من مدونة الحقوق العينية انه:" يجب أن يكون هذا الكراء لمدة تفوق عشر سنوات دون أن تتجاوز أربعين سنة"
[31] -أنظر المادة 124 من مدونة الحقوق العينة الجديدة
[32] - تنص المادة 126 على أنه “لا يجوز للمكتري أن يحدث تغيير في المالك من شأنه أن ينقص من قيمته “
[33] نصت المادة الأولى من مدونة الاوقاف على ما يلي:" الوقف هو كل مال حبس اصله بصفة مؤبدة أو مؤقتة، وخصصت منفعته لجهة بر إحسان عامة أو خاصة. ويتم إنشاؤه بعقد،أو بوصية،أو بقوة القانون، ويكون الوقف إما عاما أو معقبا،أو مشتركا".
[34] العربي مياد: " تأملات في مدونة الحقوق العينية " الجزء الثالث – مطبعة المعارف الجديدة الرباط- 2016، ص:157
[35] حدد المشرع أسباب فسخ عقد الكراء الطويل الأمد في الفصل 124 من مدونة الحقوق العينية والتي جاء فيها: " أذا تخلف المكتري عن الأداء مدة سنتين متتابعتين جاز للمكري بعد توجيه إنذار بدون جدوى أن يحصل قضائيا على فسخ الكراء الطويل الأمد كما يمكنه أن يطالب بالفسخ في حالة عدم تنفيذ شروط العقد أو إلحاق المكتري أضرارا جسيمة بالملك.
غير أنه يجوز للمحكمة مراعاة منها لظروف المكتري أن تمنح أجالا معتدلة للوفاء، وذلك وفقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 243 من ق ل ع.
[36] ينص الفصل 121 من مدونة الحقوق العينية "... يجب أن يكون هذا الكراء لمدة تفوق عشر سنوات دون أن تتجاوز أربعين سنة وينقضي بانقضائها"
[37] أسماء القرواطي م س ص: 97
[38] أسماء القرواطي م س ص: 103
[39] نصت هذه المادة على أنه: "لا يمكن للمكتري أن يطلب التخفيض من واجبات الكراء، بحجة تلف الملك جزئيا أو حرمانه من غلته كلا أو بعضا نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة."

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -