الوضع القانوني للمرأة المغربية بين الكونية والخصوصية

رسالة بعنوان: الوضع القانوني للمرأة المغربية بين الكونية والخصوصية  PDF

الوضع القانوني للمرأة المغربية بين الكونية والخصوصية PDF

مقدمة :
يعتبر موضوع المرأة من المواضيع التي تحظى باهتمام كبير ومتزايد من طرف علماء الاجتماع والسياسة وفقهاء القانون، وكذلك المجتمع المدني خاصة الجمعيات النسائية، ويرجع هذا الاهتمام للدور الذي تلعبه المرأة في الأسرة والمجتمع، حيث لا يمكن فصل قضية المرأة عن قضية الأسرة، وكل حماية للمرأة هي حماية لخلية الأسرة أيضا. وبذلك فقد حظيت بعناية بالغة ابتداء من العشرية الأخيرة من القرن العشرين.
وقضية المرأة ليست قضية وطنية، بل أصبحت قضية ذات أبعـاد دولية بعد انخراط المغرب في العولمة والتزامه دستوريا باحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. كما أن قضية الم أرة ذات أوجه متعددة يمكن النظر إليهـا من زوايا مختلفة : سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية... ويروم هذا البحث الوقوف على الوضع القانوني للم أرة المغربية في كافة هذه المجالات ،انطلاقا من المنظومة القانونية الوطنية في تفاعلها مع مرجعيتين أساسيتين : الشريعة الإسلامية والقانون الدولي.
وقبل الشروع في تحليل هذا موضوع، نرى من الضروري في إطار هذه المقدمة إبراز الإطار العام للموضوع( أولا) ثم تحديده (ثانيا) ثم استراض السياق التاريخي الذي يندرج فيه (ثالثا) على أن نقوم بعد ذلك ببيان أهمية الموض وع ودواعي اختياره( رابعا) لنطرح بعد ذلك إشكاليات البحث( سادسا) ثم منهجية البحث( سابعا) وأخي ار خطة البحث والإعلان عن التصميم (ثامنا).

أولا : الإطار العام للموضوع 
إن البحث في هذا الموضوع، يجد أساسه في اهتمام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان، وذلك لاقتناعه بأن الإنسان أساس تقدم كل مجتمع، فلا يمكن لأي دولة أن تحيى وتنمو وتحقق ازدهارها ما لم تكن حقوق الإنسان مصانة داخل حدودها، ومن غير أن يتمتع مواطنوها بالحرية اللازمة ليعبروا عن أفكارهم وتوجهاتهم.
وكان نتيجة ذلك أن تم إبرام العديد من الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وقد كان للم أرة نصيب كبير من الاتفاقيات والإعلانات الدولية الخاصة بحماية حقوقها وحرياتها الأساسية علاوة على ما تضمنه لها المواثيق والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان بصفة عامة من حقوق وحماية.
وفي ظل الع ولمة أصبحت حركة حقوق الإنسان حركة عالمية تتخطى كل الحدود الجغرافية وتتواصل عبر القواعد الأساسية التي حددتها المواثيق الدولية المتعددة، وفي هذا الإطار تندرج قضية المرأة التي لم تعد معزولة عن هذا التيار العالمي وهي وإن كانت لها خصوصياتها الخاصة بها فلابد أن تتأثر بالمناخ الدولي وتستفيد منه خصوصا عندما أصبح خطاب حقوق المرأة خاصة في السنوات الأخيرة له موقع مؤثر وأولوية خاصة في مجال العلاقات الدولية بشكل لم يسبق له مثيل .
وهكذا فقد أخذ المغرب على عاتقه مهمة تضمين بنود مختلف الاتفاقيات والمعاهدات والقراارت الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها في منظومته القانونية.
فهل استطاع المشرع المغربي أن يزاوج بين المواثيق الدولية والشريعة الإسلامية، من أجل تكريس حماية فعلية للمرأة ؟
إن الإجابة عن هذا السؤال كمحور مركزي لموضوع هذا البحث، يتطلب منا تحديد مضمونه تحديدا دقيقا.

ثانيا : تحديد الموضوع 
حظيت الم أرة كما سبق القول باهتمام متوايد على المستويين الدولي والوطني، تجسد من خلال اللقاءات العديدة التي تم عقدها في هذا الصدد، وكذا السياسيات المتعقبة في هذا المجال والتي جعلت من موضوع المرأة إحدى الأولويات التي ينبغي أن تدمجها الدول ضمن مخططاتهاوب ارمجها الاقتصادية والاجتماعية، باعتبار ذلك يشكل شرطا أساسيا لتحقيق التنمية .
وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن أوضاع المرأة المغربية عرفت تحسنا ملحوظا على كافة المستويات والمجالات، ففي المجال القانوني وفي إطار إرساء وتدعيم دولة الحق والقانون، اتخذ المغرب عدة إجراءات لتحسين وضعية المرأة، كان أهمها مصادقته على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بصفة عامة، وبحقوق المرأة بصفة خاصة، وقيامه بعدة إصلاحات تشريعية كان أهمها ما أقدم عليه المشرع المغربي مؤخرا من تعديلات، خاصة تلك المتعلقة بالمرأة في المجال السياسي، والمجال الاجتماعي وذلك بإصدار مدونة الشغل([1]) حيث تمت مراعاة الوضعية الحمائية للمرأة كعاملة وكأم. ثم أيضا التعديلات التي لحقت القوانين الجنائية(القانون الجنائي)[2]( والمسطرة الجنائية)[3](( وقد تم تتويج الوضعية القانونية للمرأة المغربية بصدور مدونة الأسرة ([4]). هذه الأخيرة التي أثارت ضجة كبيرة سواء على المستوى الداخلي أو الدولي. 
لذلك فهذا البحث سينصب على دراسة هذه القوانين التي عدلت مؤخرا للوقوف على مدى مطابقتها بالمواثيق الدولية والاستارتيجيات والمؤتمرات المهتمة بالمرأة على الصعيد الدولي والوطني.
وقبل الحديث عن التطور التاريخي للموضوع، فإنه من واجبنا تحديد مفهوم كل من الم أرة والكونية والخصوصية، فماذا نقصد بذلك؟
يراد بتعبير المرأة ،" كل شخص جنسه أنثى ولا يعتبر طفلا، والذي بلغ سنا معينا ."
يعتبر هذا التعريف شبه تام للمرأة باستثناء المشاكل المتعلقة بالسن، حيث لا توجد أية معايير معترف بها دوليا وعالميا للتمييز بين ام أرة وطفلة، رغم أن سن البلوغ قد يشكل دليلا ومعيا ار مهما للتفريق بين المفهومين. حتى القوانين الوطنية للدولة الواحدة قد تختلف حول مفهوم الم أرة، فإذا كانت كذلك بالمعنى السياسي، فهي قد لا تكون ام أرة بعد في نص القانون المدني أو القانون الجنائي أو القانون العسكري... ([5]).
أما الكونية فنقصد بها كل من الاتفاقيات والإعلانات الدولية وأيضا المؤتمرات والاست راتيجيات الدولية.
في حين نقصد بالخصوصية كل من شريعتنا الإسلامية والقانون المغربي. وإن كان في هذا الصدد. الرجوع للمصادر الأصلية لا يحتاج إلى تبرير، إذ أنه مفروض من الناحية الشرعية والمعرفية .

ثالثا: السياق التاريخي للموضوع 
لم تحظ الم أرة في تاريخ الحضارات القديمة بأية حقوق تذكر، فكانت محتقرة حبيسة الجدران عند اليونان محرومة من حق اختيار زوجها، ومن الإرث، فلم يعترف لها الرومان بأية حقوق فهي تحت وصاية الأب حتى يتم زواجها، فإذا تزوجت كانت تحت وصاية الزوج ولم يكن لها أية حرية في تصرفاتها بل كانت من الأشياء التابعة للرجل، فإذا انتقلنا إلى العصور الوسطى فإننا نرى أن حظها لم يكن بأحسن مما كانت عليه في عصر الرومان، ويذك رنا التاريخ بأن الكثير من المؤتمرات عقدت في روما للبحث حول المرأة وروحها كآدمية لدرجة أن البعض انتهى إلى أن المرأة لا روح لها على الإطلاق وأنها لن تبعث في الحياة الأخر ى([6]).
أما في المجتمع اليهودي فالم أرة عندهم نوع من اللعنة لأنها أغوت آدم فأخرجته منالجنة)[7](. أما عن وضع المرأة في الجزيرة العـربية قبل ظهور الإسلام فكانت أسوأ من ذلك، فقد كانت عا ار يحرص أوليا ؤهـا على التخلص منها وقتلها .... ساعة ولادتها وقد أوضح القرآن الكريم
ذلك في قوله تعالى ﴿ : وإذا بشر أحدكم بالأنثى، ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون﴾([8])، وفي قوله تعالى ﴿ : وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت ﴾([9]).
أما في المجتمعات الأوربية، فإن الفرنسيين كانوا يشككون في إنسانية المرأة، وبعد النقاش توصلوا إلى أن المرأة إنسان ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل([10])، لكن بعد قيام الثورة الفرنسية وإعلانها مبدأ، الحرية والمساواة والإخاء، أصبحت قضية الم أرة ذات طابع دولي تفرض نفسها في أروقة المنظمات الدولية، وقد حدث ذلك بعدما اقتنع المجتمع الدولي بالدور الفعال الذي تلعبه الم أرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذلك كان لابد من إيجاد حلول للقضاء على التهميش الذي تعاني منه لتمكينها من إتمام مهامها على أحسن وجه .
وهكذا بدأ نضال الم أرة يشق طريقه نحو تجاوز كل العقبات، إلى أن تحقق له بعض النجاح الذي لم يأت دفعة واحدة. ففي سنة 1902 بحثت اتفـاقيات لاهاي تنازع القوانين الوطنية المتعلقة بالزواج والطلاق، وفي سنة 1904 و 1910 اعتمدت اتفاقيتان بهدف مقاومة ومحاربة التجارة في النساء، واعتبرت اتفاقية 1910 استخدام المرأة للدعارة جريمة دولية... ([11]) وبتأسيس عصبة الأمم ومنظمة العمل الدولية عرفت المرأة إنجازات مهمة تمثلت في الحق في العمل وفي إقرار مبدأ المساواة، هذه الحقوق تعززت أكثر في ظل هيئة الأمم المتحدة، وذلك بإصدار مجموعة من الاتفاقيات والإعلانات الدولية وأيضا عقد العديد من المؤتم ارت والاست ارتيجيات الدولية، الهادفة لتعزيز حماية فعالة وشاملة للم أرة .
ويعتبر الإسلام بحق، أول من تنبه للوضعية المأساوية التي كانت تعيشها المرأة من تبعية وعبودية وذل وظلم... وفي هذا الصدد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " : والله كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل ".
لذلك أمر الحق سبحانه وتعالى بتكريم الم أرة وتمتيعها بكافة حقوقها، فقد اعترف الإسلام للمرأة بإنسانيتها وجعلها شقيقة للرجل ونزلت الآيات الكريمة تثبت أن النساء والرجال من جنس واحد وأنه لا قوامة للإنسانية إلا بهما .
والجدير بالذكر أن المغرب ينفرد عن بقية البلدان العربية والغربية بميزة خاصة، ألا وهي إشراف المؤسسة الملكية بنفسها على قضايا الم أرة والطفل بل والأسرة كلها. وبذلك شكلت موضوعات الم أرة ورهانات النهوض بأوضاعها التزاما أساسيا ضمن البرنامج الحكومي، وعملت عدة وزارات على ترجمته سواء من حيث التعريف بحقوقها أو آليات حمايتها أو من حيث تعزيز مشاركتها في الحياة العامة .
وفي هذا السياق ،انكبت الحكومة المغربية على ملاءمة عدد من القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية بما ينسجم وقيم الشريعة الإسلامية السمحة، وتعزيز الاعت ارف بشخصية المرأة ومساواتها بالرجل، ومواجهة كل مظاهر الحيف والانتهاك التي تطال حقوقها أو التي تحط بك ارمتها من خلال سوء المعاملة والعنف والاستغلال... وبذلك فإن د ارسة هذا الموضوع لا تخلو من أهمية على الرغم من الصعوبات التي اعترضته.

رابعا : أهمية الموضوع ودواعي اختياره 
إن موضوع " الوضع القانوني للمأرة المغربية بين الكونية والخصوصية " يستمد أهميته في نظرنا، من الوجهة العلمية أي على مستوى البحث والتحليل ومن الوجهة العملية أي على مستوى الواقع المعيش.
أولا : الأهمية العلمية: تتمثل الأهمية العلمية لهذا الموضوع في كونه يهتم بمعالجة الوضعية القانونية للم أرة المغربية، التي تحتاج للحماية في كل وقت وحين وذلك لأجل مسايرة التطور الذي يعيشه المجتمع يوما بيوم، وساعة بساعة، خاصة في ظل التعديلات الأخيرة التي عرفتها وضعية الم أرة في منظ ومتنا القانونية والتي اكتسبت من خلالها امتيا ازت جديدة، ستمكنها من تحسين مساهمتها في الحياة الوطنية .
كذلك فالمرأة أصبحت تشكل مادة حقوقية مهمة للبحث والتنقيب على الصعيدين الدولي والوطني من أجل النهوض بوضعيتها .
ثانيا : الأهمية العلمية : وتتمثل هذه الأهمية في كون هذا البحث، يمكن أن يكون مرجعا لمن يهتم بقضايا الم أرة ومدى تطورها وإش اركها في التنمية، خاصة في الآونة الأخيرة التي كثر وتزايد فيها النقاش حول العديد من المواضيع التي تهم المرأة، ولا شك أن موضوع " الوضع القانوني للمأرة المغربية بين الكونية والخصوصية " هو من قبيل هذه المواضيع .
كما أنه سيقدم إن شاء الله خدمة اجتماعية نبيلة للم أرة والرجل على السواء، حيث سيشكل مرجعا أساسيا لهما من أجل معرفة ما للمرأة من حقوق وما عليها من واجبات.
تلك إذن بعض مظاهر الأهمية البارزة لموضوع هذا البحث، والتي يتضح في ضوئها أن موضوع " الوضع القانوني للمأرة المغربية بين الكونية والخصوصية "، موضوع جدير بالبحث والد ارسة، خصوصا في هذه الظروف التي كثر فيها الجدل حول وضعية المرأة في المجتمع بصفة عامة وفي الأسرة بصفة خاصة وحول إمكانية تغيير الأدوار التقليدية لكلا الجنسين.
هذا بالإضافة للتغيرات الهامة التي عرفتها المنظومة القانونية المغربية والاستراتجيات الوطنية والدولية منذ بداية التسعينات .
وتناول هذا الموضوع بالبحث والد ارسة تكتنفه صعوبات جمة نظرا لغنى وتنوع الموضوع ،مما يجعل كل محاولة لتحديده تظل أمرا صعبا للغاية. 
كما أنه يثير الكثير من الحساسيات وردود الفعل، ذلك أنه ليس من السهل تغيير النصوص القانونية المرتبطة بوضعية المرأة، لما لها من ارتباط بالموروث الثقافي والتفسير السائد لبعض النصوص الدينية من جهة، ثم لتضييق الخناقعلى مجال الاجتهاد في هذا الميدان، كما سيتبين لنا ذلك في حينه .
فموضوع المرأة بصفة عامة، ذو حساسية مفرطة في المجتمعات الإسلامية عامة، ويشكل ملجأ للخصوصيات الوطنية وتتحكم فيه عدة اعتبارات دينية في مقابل معايير النموذج الدولي التي أصبحت تفرض ذاتها في الوقت الحالي، بحكم تبنيها من قبل منظمات دولية وقارية تعد الدولة المغربية عضوا فيها. الأمر الذي يجعل الباحث يعيش في دوامة من الحيرة والاضطراب ،خاصة أمام تعدد الآراء الفقهية، حول قضية معينة، وعدم معرفة أي الآراء هو الأصح .
غير أن هذه الصعوبات وغيرها لم تستطع أن تحول دون البحث في هذا الموضوع الذي تم اختياره بناء على اعتبا ارت متعددة.
لقد استقر اختيارنا على خوض مغامرة بحث هذا الموضوع، على الرغم من أنه يثير الكثير من الحساسيات وردود الفعل، لذلك أرينا بأنه يستحق منا نوعا من الشجاعة والإقدام، وعناء المحاولة .
فاختيار هذا الموضوع جاء نتيجة للرغبة في الوقوف على الوضعية القانونية للمرأة، سواء على المستوى الدولي أو الوطني، ومحاولة تشخيص المعاناة التي تواجهها بسبب التمفصل بين قوانين متنافرة ووضعيات متعددة، ومدى قدرة المنظومة القانونية المغربية على التقريب والتقليص من هذا التناقض ...
هذا بالإضافة إلى أن اختيارنا لهذا الموضوع يجد مبرارته في الأهداف التالية :
✓ إبراز النظرة السلبية لعموم الناس تجاه المرأة، وتقديم بعض المقترحات للمساهمة في تجاوزها
✓ الوقوف على المواثيق والاستراتيجيات والمؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة ومقارنتها بشريعتنا السمحاء من أجل معرفة أيهما أفضل للم أرة ؟ وتكرس فعلا حماية حقيقية لها ؟
✓ تقييم مستجدات التشريع المغربي في معالجة المشاكل القانونية والاجتماعية والسياسية التي تعاني منها المرأة .
✓ البحث عن خيارات مناسبة لتدعيم التعديلات التي جاءت بها المنظومة القانونية المغربية.
وإلى جانب هذه الاعتبارات الموضوعية هناك اعتبارات ذاتية تتجلى في رغبتنا في خوض غمار حقل معرفي له ارتباط بنصف المجتمع، إن لم نقل كل المجتمع، لأن الم أرة تمثل تقريبا 51% من مجموع السكان، وبالإشارة إلى دورها في الأسرة كأم وحاضنة ومربية، فإن محيطها يشمل أزيد من 70% من السكان، مما يوضح أهمية تأثير المرأة في التطور العام للمجتمع[12].
وبذلك يكون اختيارنا للموضوع مزكى بالظروف الموضوعية ومؤيدا لما هو دافع شخصي .
ونظرا لأهمية الموضوع وتشعب أفكاره، فإن محاولة دراسته تأتي للإجابة عن جملة من الإشكالات التي يطرحها.

خامسا : الإشكالية التي يطرحها الموضوع 
يعالج هذا البحث إشكالا مركزيا يتمحور حول، مدى تفعيل المغرب في إطار تشريعه الوطني، لمختلف أوجه الحماية التي توفرها المواثيق الدولية للمرأة .
هذه الإشكالية الأساسية تتفرع عنها عدة إشكاليات فرعية من قبيل :
• هل راعى المشرع الدولي والوطني طبيعة تكوين المرأة والأدوار التي تقوم بها في المجتمع ؟
• ما هي أهم الاستراتيجيات الدولية والوطنية الخاصة بالمرأة وما مدى تفعليها على أرض الواقع ؟
• هل فعلا تتضمن القوانين المغربية حقوقا للمرأة كما هي متعارف عليها دوليا ؟
• هل لا زالت المنظومة القانونية المغربية تتضمن مقتضيات تمييزية ؟
• هل اهتمت القوانين المغربية بكافة الجوانب المتعلقة بالمرأة ؟
• هل القانون الوطني والدولي يترجمان الواقع الحقيقي للمرأة ؟
إن معالجة هذه الإشكاليات وغيرها يستوجب اعتماد منهجية محددة من شأنها المساعدة على مقاربة هذا الموضوع بشكل شمولي والإحاطة بمختلف جوانبه .

سادسا : منهجية البحث 
إن الإجابة على الإشكاليات السابقة الذكر، تقتضي قراءة وتحليل النصوص القانونية ذات الصلة بالموضوع ومقارنتها بالمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف بلدنا من جهة، كما تتطلب مقارنة هذه النصوص بالتشريع المقارن، وأحكام الشريعة الإسلامية من جهة أخرى.
ولإضفاء صبغة واقعية على البحث فإنه يتعين أيضا استثمار الاجتهادات القضائية والإحصائيات والاستراتيجيات الوطنية والدولية المتعلقة بموضوع البحث .
وعليه، فإن إنجاز هذا البحث يستلزم بالضرورة توظيف المنهج التحليلي النقدي، والمنهج التاريخي والمنهج المقارن وأيضا المنهج الاستشرافي .
ومن باب الأمانة العلمية فإننا سنعمل طوال هذا البحث على طرح الأفكار ووجهات النظر والمباد ارت المختلفة التي تتجاذب أطراف هذا الموضوع بتجرد ون ازهة، دون زيادة أو نقصان، كما سنعمل على طرح مواقفنا الفكرية بما يلزم من الحياد والموضوعية. 

سابعا : خطة البحث 
للوقوف على " الوضع القانوني للمرأة المغربية بين الكونية والخصوصية " يتوجب إبراز مدى تفعيل الحماية الدولية للمرأة من طرف المشرع المغربي، ولكن قبل البحث في وضعية المرأة في القوانين المغربية، لابد من الوقوف على أهم المحطات الدولية من اتفاقيات ومؤتم ارت واست ارتيجيات... والتي تركت بصماتها في القضية النسائية المغربية، والتي أصبحت فيما بعد مرجعية مهمة للمنظومة القانونية المغربية، كما أصبحت جزءا من خطاب العلاقات الدولية سواء التنموية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية، ثم نقف بعد ذلك على موقف المغرب من هذه المحطات الدولية .
لذلك ارتأينا تقسيم الموضوع على الصورة التالية : 

القسم الأول : الحماية الدولية للمرأة
القسم الثاني : مظاهر الحماية الدولية للمرأة في المنظومة الق انونية المغربية
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -