واقع الماء بين الحاضر و المستقبل

بحث بعنوان: واقع الماء بين الحاضر و المستقبل PDF

واقع الماء بين الحاضر و المستقبل PDF

مقدمة :
 إن البيئة هي مجموعة العناصر الطبيعية و المنشئات البشرية و كذا العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي تمكن من تواجد الكائنات الحية و الأنشطة الإنسانية و تساعد على تطورها[1].
يتوقف وجود المجتمعات البشرية على وجود بيئة سليمة تتوفر فيها كافة شروط الحياة التي بدونها ستنقرض مختلف الكائنات الحية. 
لذ ، يبدو من الضروري و أكثر من أي وقت مضى، تجند الجميع محليا و وطنيا و دوليا من أجل بلوغ هذا الهدف ، و تسخير مختلف الإمكانيات بدءا بالإرادة السياسية التي ينبغي أن تنعكس على مضامين الاتفاقيات الدولية و القوانين الوطنية وتنفيذها , لا سيما و أن هذه الأخيرة تعكس نوع من السياسة الاقتصادية و الاجتماعية المزمع إتباعها ، ذلك فإنه بقدر ما كانت تلك الاتفاقيات و القوانين ملائمة و منسجمة و قابلة للتنفيذ بفضل توفير مختلف الظروف من إمكانيات بشرية و مادية و تقنية ، بقدر ما عكست رغبة المجتمع الوطني و الدولي في المحافظة على البيئة. و على العكس من ذلك ، بقدر ما انعدمت أو أهملت القوانين بقدر ما عكس ذلك على البيئة من سيئ إلى أسوء[2].
لقد أصبح موضوع البيئة من المواضيع التي تتصدر قائمة الانشغالات الدولية و الوطنية و المحلية. و يرجح هذا الانشغال و الاهتمام إلى أن عدم التوازن البيئي الذي بدا بشكل واضح في السنوات الأخيرة ، والدي أصبح يهدد مختلف الكائنات الحية بالفناء بسبب التغيرات الكمية و الكيفية التي طرأت على مختلف العناصر الطبيعية من ماء و تربة و هواء،و هذا أمر يستدعي بشكل ضروري و مستعجل إلى حماية البيئة[3].
لقد بدأت قصة نشأة كوكب الأرض عندما تكونت البحار و الجبال و السهول، و قد أثبتت الأبحاث و دراسات علماء الفلك و الجيولوجيا و العلوم الطبيعية و الكونية إن الحياة على كوكب الأرض استغرقت بلايين السنين بعد أن تعرضت الأرض للكثير من العصور المختلفة.
و الجدير بالذكر أن أول ظهور للحياة على وجه الأرض كان فوق المسطحات المائية كالبحار و المحيطات.
و الماء أصل الحياة على سطح الأرض لكل الكائنات الحية ، فقد ذكره الله سبحانه و تعالى في العديد من المواضيع في سور مختلفة من القرآن الكريم ، ففي سورة النحل (الآية 65) قال تعالى : "(و الله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون) ، و في سورة النور و تحديدا الآية 45 قال تعالى : (و الله خلق كل دابة من ماء) .
يعتبر الماء عنصرا أساسيا في الحياة البشرية و تطورها الاقتصادي والاجتماعي و في التوازن الإيكولوجي للمجال الطبيعي. قال تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) .
تلعب الموارد المائية دورا أساسيا في حياة الإنسان والبيئة ، وقد بدأت تتضح الآن بوادر كارثة وشيكة الحدوث تتمثل في العجز الكبير في الموارد المائية العذبة في العالم وذلك مع تزايد السكان ومعدلات استهلاك المياه . تقدر كمية المياه الكلية في كل أنحاء العالم بحوالي( 1386) مليار متر مكعب منها حوالي 97،5%مياه مالحة في البحار والمحيطات وحوالي 2،5% فقط مياه عذبة و تنقسم المياه العذبة إلى : المياه السطحية و المياه الجوفية.
إن الموارد المائية بالمغرب تتوزع بشكل متفاوت عبر التراب الوطني ، حيث أن 73 بالمائة من المياه تتركز بالمنطقة الأطلنتيية الشمالية الغربية ، بينما تعرف المناطق الشرقية و الجنوبية نقصا حاد في المياه ، و يعاني المغرب من تكرار ظاهرة الجفاف ، مما يقلص الاحتياطي الفردي من الماء الذي تراجع بشكل كبير ، كما عرف صبيب معظم الأنهار المغربية تناقصا مستمرا خلال السنوات الأخيرة و تقدر بما يعادل 150 مليار متر مكعب .
وقد استأثر موضوع الماء باهتمام عدة هيئات تابعة للمنضمة الدولية، كمنضمة الصحة العالمية و مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية و منضمة الأغذية و الزراعة، حيث قامت بدراسات حول الماء تبين الآثار الإيجابية و سلبية على صحة الإنسان و البيئة، وانعكاس هذين الأخيرين على التنمية الاقتصادية. و من بين أكبر المشاكل التي يواجهها الماء و أكثرها تعقيدا وخطورة هو التلوث، بالإضافة إلى مشكل الندرة.
و بالنضر لما للتلوث من آثر سلبية ، و بالنضر إلى أبعاده الاقتصادية
و الاجتماعية و السياسية و العلمية ، فقد كان من الضروري إتخاد التدابير اللازمة من أجل حماية مختلف الكائنات الحية ، و هدا ما لا يجادل فيه أحد ، شخصا طبيعيا كان أو معنويا ، عاما أو خاصا ، وطنيا أو دوليا.
يعتبر الماء من الناحية العلمية هو سائل شفاف دون طعم أو رائحة أو لون. تركيبه الجزيئي مكون من ذرتي الهدروجين و ذرة من الأكسيجين . ينتشر الماء على الأرض بأشكاله المختلفة ، السائل و الصلب و الغازي . كما أن 70% من سطح الأرض مغطى بالماء، و يعتبر العلماء أن الماء أساس الحياة على أي كوكب.
يملأ الماء المحيطات ، و الأنهار و البحيرات ، و يوجد في باطن الأرض ، و في الهواء الذي نتنفسه ، و في كل مكان . و لا حياة بدون ماء ، قال تعالى : { و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون } سورة الأنبياء الآية 30 .
أما من الناحية القانونية ، فقد عرفه المشرع المغربي ، كما جاء في الظهير الشريف رقم 1.95.154 الصادر في 18 من ربيع الأول 1416 (16 أغسطس 1995) بتنفيذ القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء: [ يعتبر الماء موردا طبيعيا أساسيا للحياة ومادة ضرورية يرتكز عليها الجزء الأكبر من الأنشطة الاقتصادية للإنسان، كما أنه مورد نادر يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان والمكان، وهو أخيرا شديد التأثر بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية.] [4]
ما تقدم جلب اهتماممنا بهذه الدراسة ، وبالرغم من أنه في الأزمان المعاصرة لم تنـشب حروب على موارد المياه إلا أن أهمية ترتيب قواعد استخدامات الماء تكمن في أن شحه أشد فتكا وأقدر تغلغلاً وانتشاراً من أشد أنواع السلاح تدميراً ، وقد يتحول عدم تنظيمه إلي أحد أسباب كل ذلك ، لذا فإن حل هذه المشكلة لن يكون إلا في احترام القواعد الإنسانية والقانونية والمقبولة عالمياً . وفي محاولة لتلخيص أهمية الماء وإجمالاً لما تقدم فأن أهمية المياه تتمثل في ضمان الأمن المائي و استقرار و استمرار الشعوب، الشئ الذي سيظل الشغل الشاغل للباحثين وصناع القرار والمهتمين على كافة المستويات في العالم لأسباب كـثيرة ومتعددة.
فالماء كما يدرك الجميع يعد عنصرا هاما.
نستشف من خلال هذه التعاريف البسيطة مدى أهمية الماء ، سواء بالنسبة للبيئة بصفة عامة أو بالنسبة للإنسان على وجه الخصوص.
و عليه فإن دراستنا في هذا البحث سنتطرق فيه إلى موضوع الماء و المشاكل التي يعاني منها ،و سنحاول كذلك أن نبين بعض الصعوبات التي يعاني منها على المستوى الوطني و الدولي ، و ذلك من خلال فصلين رئيسيين ، سنتناول في الأول الإطار القانوني للماء بين المغرب و القانون المقارن، على أن نخصص الثاني لدراسة واقع الماء بين الحاضر و المستقبل ، و فيه سنتطرق للآفاق و التطلعات المستقبلية لصناع القرار في العالم و الإيديولوجيات المتخذة للحفاظ على الثروة المائية من الهلاك و الضياع . 
_________________________
لائحة المراجع :

- المادة 3 من القانون الجديد لحماية البيئة رقم 11.03الفقرة الأولى من الفصل الثاني ، الوزارة المكلفة بإعداد التراب الوطني و الماء و البيئة . نشر هذا الكتاب بدعم من الوكالة الألمانية للتعاون التقني، برنامج حماية و تدبير البيئة.
- إشكالية التوفيق بين التنمية و المحافظة على البيئة ، الدكتور عبد المجيد السملالي . دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع (الرباط)، الطبعة الأولى مارس 2002، ص 3-4 .
- حماية البيئة: المحافظة على المكونات البيئية و الارتقاء بها و منع تدهورها أو تلوثها أو التقليص من حدة تلوثها .
- ظهير شريف رقم 1.95.154 صادر في 18 من ربيع الأول 1416 (16 أغسطس 1995) بتنفيذ القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء.
نظام المياه و الحقوق المرتبطة بها في القانون المغربي ( شرعا و عرفا و تشريعا ) ، الدكتور أحمد إد الفقيه ، أستاد التعليم العالي بكلية -أكادير ، جامعة القرويين منشورات كلية الشريعة بأكادير رسائل و أطروحات جامعية:6
- لأخد فكرة عن مفاهيم المشهور ، و الراجح ، و ما جري به العمل في المذهب المالكي ، تراجع الكتب الفقهية و المصنفات الكثيرة في المذهب -المالكي لتلامذة الإمام مالك ، مثل ابن القاسم ، و أشهب ، و الباجي و ابن رشد الجد ،و ابن رشد الحفيد و ابن العربي ، و القرافي...
- و من الناحية القانونية يراجع الدكتور محمد الكشبور في كتابه: قانون الأحوال الشخصية مع تعديلات 1993 ، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الثالثة 1996 ، ص 36 و ما بعدها ، و كذلك الأستاذ الدكتور محمد رياض في كتابه: أصول الفتوى والقضاء في المذهب لمالكي ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 1416ه/ 1996م
نظام المياه و الحقوق المرتبطة بها في القانون المغربي ( شرعا و عرفا و تشريعا ) ، الدكتور أحمد إد الفقيه ، أستاد التعليم العالي بكلية -أكادير ، جامعة القرويين منشورات كلية الشريعة بأكادير رسائل و أطروحات جامعية:6 ، ص 237- 238 .
ABDELKRIM BELGUENDOUZ ( la colonisation agraire au Maroc in Revue Juridique Politique -
Et économique du Maroc ) Rabat 1978. P 119.
- محمد بونبات " الحماية القانونية لمكتري الأراضي الفلاحية " المررجع السابق مقدمة الكتاب.
- محمد بونبات المرجع السابق الصفحات 28 إلى 33 .
- علال المنوار ( التنظيم الإداري للمياه بالمغرب ) ، المجلة المغربية لقانون و اقتصاد التنمية ، القانون و الماء و البيئة عدد 26 سنة 1991 الصفحة 16-17، و كذلك:
Paul Pascon ( le Haouz de Marrakech ) Tome. 2 – page 448.
- ج ر. عدد 89 بتاريخ 10 يوليوز 1914 .
- نفس النفس المرجع
- ج ر. عدد 409 بتاريخ 24 غشت 1920 .
- علال المنور الصفحة : 21 .
- نفس المرجع الصفحة 22.
- نفس المرجع الصفحة 24.
- علال المنور الصفحة 40.
- الماء و التنمية ( المجلة المغربية للماء عدد 6 أكتوبر 1988.
- الخطاب الملكي السامي بتاريخ 8 فبراير 1987 .
- للمزيد من الإيضاح تراجع المدة الثانية من القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء الموجود بملحق هذه الدراسة.
- قرار محكمة الاستئناف بمراكش ملف عقاري عدد : 121/95 بتاريخ 14/03/1995 مجلة المحامي عدد : 28 ، ص : 166.
- مامون الكزبري " الحقوق العينية " سنة 1975.
- الأستاذ:د/بن عيشي بشير رئيس قسم الاقتصاد الأستاذ:كدودة عادل كلية العلوم الاقتصادية والتسيير قسم
العلوم الاقتصادية جامعة بسكرة الجزائر العنوان:ص ب 145 بسكرة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
http://www.palmoon.net/5/topic-2701-115.html
- التنظيم القانوني للماء ، اعداد: رشيد بومريم ، وحدة القانون المدني المعمق ، كلية الحقوق-اكدال- الرباط ،
http://droitcivil.over-blog.com/article-1701680.html
- مستقبل المياه في العالم العربي ، الدكتور حمدي الطاهري.
http://maakom.com/site/article/78
- تزايد الضغط على الموارد المائية ، اليونسكو ، إشعار إلى وسائل الإعلام
- مؤتمر المياه يصدر إعلان صنعاء حول الشراكة في المياه ، التاريخ : 2011-01-17
http://www.shebacss.org/ar/media-center-61816.html
العلم ، 20-03-2009 -
- http://www.almyah.net/
أيمن بن التهامي إيلاف ، هسبريس 13-05-2008 -
- عن جريدة الحياة
http://www.almyah.net/mag/news.php?action=show&id=682
- أهداف التنمية في الألفية الثالثة ، مجلة المياه -
http://drinking-water.org/html/ar/Overview/Millennium-Development-Goals.html
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -