الحماية الجنائية للعقار على ضوء العمل القضائي

بحث بعنوان: الحماية الجنائية للعقار على ضوء العمل القضائي - طنجة نموذج PDF

الحماية الجنائية للعقار على ضوء العمل القضائي - طنجة نموذج PDF

مقدمة :
مما لا شك فيه أن الثروة العقارية تعتبر دعامة أساسية في البناء الاقتصادي مما يجعل الاعتناء بتنظيمها في غاية الأهمية لضمان ثباتها واستقررها، ومن أجل ذلك عملت مختلف الدول، خاصة الليبرالية منها، على صياغة نظام يكفل حمايتها، فالعقار مورد للثروة لا ينضب له معين، والعامل الأول في تكوين ثروة الإنسان، وعنوان لمكانة الأسر الاجتماعية ومركزها الأدبي، وهذا يفسر الارتباط الأزلي للإنسان بالأرض الذي كان وسيظل قائماً متجدداً مادامت الحياة على وجه البسيطة، لذالك كان من الطبيعي أن توضع أنظمة عقارية لمختلف أنواع العقارات تنظم الملكية و الحيازة والاستغلال والتصرف فيه، خاصة أن حق الملكية هو الحق الأصل الذي تتفرع عنه باقي الحقوق العينية الأخرى. 
فإذا كان القانون يقرر الحقوق و ينص في ذات الوقت على وسائل حمايتها، فإن هناك ظواهر أخرى لا تتوفر لها مقومات الحق وتنتفي بصددها فكرة الالتزام أو الدين ،وهما العنصران البارازن لفكرة الحق، ومع ذلك فإن التعرض لأصحابها يمس بأمن المجتمع واستق ارره، الأمر الذي فرض على المشرع التدخل لحمايتهم اسوة بحماية أصحاب الحقوق1، فهذا التدخل يطبق خاصة على المجال العقاري بالمغرب الذي يعيشفي نظام عقاري مزدوج في هياكله ومتنوع في طبيعته، حيث يتوزع إلى نظام خاصبالعقارات المحفظة وأخرى غير محفظة إذا ما اتبعنا معيار العقا ارت الخاضعة لمبدأ الشهر العيني وتلك الخاضعة لمبدأ الشهر الشخصي.
وتبقى العقارات غير المحفظة خاضعة في أساس تنظيمها للشريعة الإسلامية وبعض قواعد القانون المدني ،أما العقارات المحفظة فتجد جذورها في نظام "تورانس"2 المنظم محلياً بموجب ظهير التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 12 غشت 1913 المتمم والمغير بقانون 314.07، ثم مدونة الحقوق العينية المطبقة على العقارات غير المحفظة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العقار بالمغرب يعيش تميزا آخر يتمظهر على مستوىالأنظمة العقارية الخاصة4. لذلك فالمشرع أقر حماية مدنية وجنائية للعقار في نفسالآن، فإذا كانت الحماية المدنية للعقار فرضت على المشرع أن يجعل من التنازع عليها مسألة مستقلة يفصل فيها بذاتها و لذاتها من خلال فصول المسطرة المدنية ضمنها في الفصول 166 إلى 170 من ق.م.م.، فإن هذه الحماية تبقى قاصرة على تجنيب العقار الاعتداءات ذات الصبغة الإجرامية، وهذا ما فرض على المشرع أن يخص العقار بحماية جنائية من خلال إقرار مقتضيات زجرية ضمن نصوص القانون الجنائي الذي يعاقب كل من سولت له نفسه المس بملكية و حيازة عقار الغير5 وأخرى منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية تهم بالأساس إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.
إلا أن موضوع الحماية الجنائية للعقار يطرح عدة صعوبات منها ما هو خاص بالنص الجنائي والى أي حد استطاعت الترسانة القانونية الجنائية حماية العقار من خلال نصوصه ومواد قانون المسطرة الجنائية التي هي بدورها وسيلة لتطبيق القواعد الموضوعية وهمزة الوصل بين الجريمة والجواء، فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 570 من القانون الجنائي6، نجده يتناول الحيازة من المنظور الجنائي، فالأصل أن المنازعاتالمتعلقة بالحيازة من المسائل التي يعالجها القانون المدني إلا انه في بعض الحالات يكتسي فعل الاعتداء الصبغة الإجرامية.
ولهذا فان الحيازة القانونية هي مركز قانوني جدير بحماية القانون الجنائي وكذا قانون المسطرة الجنائية ليس فقط لأنها قرينة على الملكية أو دالة عليها، بل من أجل حماية الأمن والسكينة العامة، فهي من أقوى صور الحماية المنصوص عليها في القانون الجنائي وذلك بتجريم فعل الاعتداء عليها متى انصب هذا الاعتداء على النموذج الإجرامي المنصوص عليه في الفصل 570 من ق.ج، غير أن الصياغة المعممة التي طبعت هذا الفصل لم تسعف في حل جميع الإشكالات المط روحة وخاصة فيما يتعلق بعلاقة الفقرة الأولى بالفقرة الثانية واذا ما كانت تمثل ظروف التشديد للأولى أم أنها تمثل جريمة مستقلة بذاتها، إضافة إلى تحديد الطبيعة القانونية للحكم القاضي بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وما يترتب عن اختلاف في هذه الطبيعة من أثاره القانونية الشيء الذي أدى إلى تضارب وتعدد الاتجاهات في تفسير هذا النص وبالتالي تعدد الأحكام الصادرة عن القضاء الزجري في المادة العقارية، إضافة إلى ذلك يكتسي الحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه أهمية قصوى، خاصة إذا علمنا أنه يمكن الحكمبه باعتباره جزءا من الدعاوى العمومية أو باعتباره متعلقا بالدعاوى المدنية مع ما يترتبعن هذا من إشكاليات في تنفيذه .7 
وبالتالي تعدد واختلاف الأحكام الصادرة عن القضاء الزجري في المادة العقارية الصادر عن المحكمة الابتدائية بطنجة فاتحا المجال أمامنا لطرح عدة تساؤلات منها:
إلى أي حد ساهم المشرع الجنائي في حماية الحيازة العقارية من جريمة الانتواع والاعتداء عليها ؟ والى أي حد استطاع القضاء الزجري توفير حماية ناجعة للملكية العقارية ومدى قابلية تنفيذ المقرارت القضائية والأحكام الزجرية في الدعاوى العقارية ؟ وما هو الدور المسند لمؤسستي النيابة العامة وقاضي التحقيق في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه؟ 
ولمعالجة هذا الموضوع ارتأينا تقسيمه إلى فصلين كما يلي:

الفصل الأول: الحماية الإجارئية والموضوعية للحيازة العقارية من خلال قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي
الفصل الثاني: جارئم الاعتداء على الحيازة العقارية والأحكام الصادرة عنها والإشكالات المرتبطة والناجمة عن تنفيذها بمحاكم طنجة

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -