البطلان الإجرائي بين قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي

عرض بعنوان: البطلان الإجرائي بين قانون المسطرة الجنائية المغربي والعمل القضائي PDF

عرض بعنوان: البطلان الإجرائي بين قانون المسطرة الجنائية المغربي والعمل القضائي PDF

مقدمة
لاشك أن وظيفة القانون المتمثلة أساسا في التنظيم المحكم للعيش داخل الجماعة مشروط بجعل قواعده ملزمة تحترم من قبل جميع الأفراد، وذاك طبعا عن طريق تحديد جزاء عن كل خرق للقاعدة، وهو ما يعتبر ابرز خاصية تلحق الإخلال بالقواعد القانونية.
و اذا كانت العقوبة أو التدبير الوقائي أو كليهما معا هو الجزاء الذي يرتبه القانون الموضوعي على إتيان كل السلوكات المحظورة المتصفة بعدم المشروعية فان خرق قواعد المسطرة الجنائية على اعتبارها قاعدة قانونية وبالتالي ملزمة قد تترتب عنه جزاءات إجرائية تختلف عن الأولى لاختلاف طبيعتهما وتتنوع تبعا لجسامة العيوب التي لحقت بالشروط التي أوجبها القانون لإنتاج الإجراء لأثره القانوني إلى عدم قبول، عدم الاختصاص، سقوط، انعدام وبطلان.
ويعد البطلان اخطر الجزاءات التي تلحق الإجراء المعيب في قانون المسطرة الجنائية ودلك لاقتران عملية تقريره في الغالب بالجزاءات الموضوعية الأخرى التي من الممكن ترتيبها عندما يتم خرق القواعد المسطرية والتي تتفرع إلى جزاءات جنائية ومدنية وإدارية.
ويعرف البطلان الإجرائي بأنه أهم جزاء يلحق كل إجراء معيب وقع بالمخالفة لنموذجه المسطر أو المرسوم له قانونا، فيوقعه عن أداء وضيفته الأصلية، ويجرده من أثاره القانونية التي كان يمكن أن يرتبها لو وقع صحيحا.
وتكتسي دراسة موضوع البطلان أهمية نظرية وعملية ’ بخصوص الأهمية النظرية فإنها تتجلى في تحديد المكانة البارزة لنظرية البطلان بين إكراه محاربة الجريمة في المجتمع وضرورة ضمان المحاكمة العادلة كما انه إذا كانت الإجراءات الجنائية تمارس بوسائل القهر والإجبار من جانب السلطة العمومية وتحمل بذاتها خطورة لاعتداء عل حقوق وحريات الأفراد ’ فان البطلان كجزاء إجرائي يعتبر ضامنا لهده الحقوق والحريات.
أما الأهمية العملية للبطلان فإنها تتمثل في طريقة التعامل وتطبيق القضاء المغربي لجزاء البطلان من خلال تنظيم المشرع لحالاته وعبر رصد أهم الاجتهادات القضائية في هدا السياق.
ومن هدا المنطلق يتضح أن محور إشكالية موضوع البطلان في التشريع المغربي تتجلى في ما مدى حرص المشرع على التوفيق بين اعتبارات تفعيل العدالة وضمان الفعالية من ناحية، بما يوجب تفادي تعييب الإجراءات وتعرضها لجزاء البطلان’ وبين صيانة حقوق وحريات الأفراد وضمان محاكمة عادلة وسليمة من ناحية أخرى؟
و تتفرع بداهة عن هده الإشكالية المركزية مجموعة من التساؤلات الفرعية يمكن عرضها كما يلي:
هل البطلان من النظام العام وهل هو موحد في إجراءاته ؟
هل كل مخالفة (ولو كانت بسيطة) توجب الحكم ببطلان الإجراء ؟
ما هو المعيار الذي يمكن اعتماده في تقرير بطلان إجراء معين وهل وفر المشرع أسلوب يعتمد عليه للترجيح فيما بين المصالح في حالة التعارض ؟
كيف تعامل القضاء الجنائي مع موضوع البطلان؟
ما هي الآثار المترتبة عن تقريره ؟
ونضرا لشمولية الطرح أعلاه سنحا ول معالجته وفق التصميم الأتي:

المبحث الأول: أحكام البطلان في قانون المسطرة الجنائية.
المبحث الثاني: التطبيقات العملية للبطلان الإجرائي.

المبحث الأول: أحكام البطلان في قانون المسطرة الجنائية

تعتبر نظرية البطلان من أهم النظريات التي تهم الإجراءات المسطرية ومعيار الانضباط المشرع والقضاء لمعايير المحاكمة العادلة كما هو متعارف عليها دوليا في المواثيق والعهود الدولية، والتي تأسس للفرد الحق في محاكمة عادلة ونزيها بعيدة عن التحكم والتعسف. لذا فان دراسة البطلان تتطلب منا دراسة شاملة لجميع جوانبه، وسوف نبدأ البحث في تعريفاته وتميزه عن بعض الاجراءات المشابهة تحت عنوان ماهية البطلان في قانون المسطرة الجنائية (المطلب الأول) كما ان تأصيل نظرية البطلان يقتضي منا الوقوف على احكام البطلان، وداك بالنضر في أصحاب الحق في إثارته، تم السلطات التي يثار أمامها هدا الدفع وصولا الي آثاره (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ماهية البطلان في قانون المسطرة الجنائية

إذا كانت العقوبة أو التدبير الوقائي أو كلاهما معا هو الجزاء (الموضوعي) الذي يرتبه القانون الموضوعي (النصوص التي تجرم وتعاقب..). على إتيان كل السلوكات المحظورة المتصفة بعدم المشروعية فإن خرق قواعد المسطرة الجنائية (القانون الشكلي أو الإجرائي) قد تترتب عنه جزاءات إجرائية، وهنا نتحدث عن البطلان (الفقرة الأولى) ثم تمييزه عن باقي الجزاءات الإجرائية المشابهة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم البطلان

وقد نحى المشرع المغربي منح معظم التشريعات الجنائية بتحديد تعريف للبطلان مما فتح المجال للفقه لمحاولة إيجاد تعريف لهذه النظرية، وقد اختلفت التعريفات اختلاف المرجعيات الفكرية لكل فقيه، حيث عرفه عبد الواحد العلمي "البطلان هو أهم جزاء إجرائي يرتبه القانون على خرق المسطرة الجنائية في بعض الحالات، هذا وإذا كان لا خلاف على أن محله أو موضوعه هو "الإجراء" المعيب عندما تتخلف كل أو بعض الشروط التي أوجب القانون توفرها لصحته، فإن نطاقه أو مجاله النظري تبلور عند الفقهاء في توجهين اثنين، أولهما يوسع منه – أي من النطاق – ويقول بتقرير البطلان الإجراء كجزاء مل ما وقع المساس بأية قاعدة مسطرية (الإجرائية)، أما ثانيهما فيرى بأن تقرير البطلان لا ينبغي أن يكون آليا، وعند إتيان أية مخالفة تمس بقواعد المسطرة وإنما الأولى هو قصره – أي البطلان – على مجازاة المخالفات التي تقع على القواعد المسطرية (الإجرائية) الهامة دون غيرها مما لا تكون لها هذه الأهمية حيث تكفي غالبا ما في الجزاءات الإجرائية الأخرى (من سقوط وعدم قبول) لمجازاة الإخلالات الواقعة عليها[1].
أما إن نحن رجعنا إلى التشريع ألفيناه يمزج بين توجهين ويصوغ نظرية البطلان على عناصر مستمدة منهما – أي من التوجهين – معا، ليعرف التشريع بذلك مذهبين في البطلان أحدهما ينعت بالبطلان القانوني والآخر بالبطلان الذاتي.
- مذهب البطلان القانوني: المرتكز الذي يقوم عليه هذا المذهب هو ربطه لمصير الإجراء صحة وبطلانا بإرادة المشرع وحده، وهو ما صيغ في قاعدة "لا بطلان بغير نص يقرره" التي تقتضي حكر مهمة التحديد الحصري لحالات البطلان على المشرع وحده بحيث لا يشاركه فيها أحد وخصوصا القاضي "وهو مطبق في النصوص" الذي يمتنع عليه مطلقا تقرير جزاء البطلان عند مخالفة قاعدة مسطرية طالما أن المشرع لم يصرح بذلك، أو ينكص عن إعمال أحكام البطلان وتقريره إذا كان المشرع قام بذلك.
- مذهب البطلان الذاتي: هذا المذهب خلاف سابقه لا يقول بتحديث حالات البطلان على سبيل الحصر في النصوص وإنما يقوم على ضرورة تخويل القاضي الدور الأساسي في تقدير القيمة القانونية للإجراء المتخذ خلافا لما تمليه قواعد المسطرية، بحيث يعود إليه وحده تقرير ما إذا كانت هذه المخالفة ترتب البطلان أم لا ترتبه[2].
وباستقرار مجموعة من المقاربات الفقهية لمفهوم البطلان انتهينا إلى استخلاص تعريف عام للبطلان وهو أنه الجزاء الذي يعدم أي إجراء تم إنجازه خلافا للمقتضيات الشكلية والموضوعية للقانوني وبالتالي إبطال كل الإجراءات اللاحقة لذلك الإجراء الباطل تماشيا مع القاعدة الفقهية "ما بني على باطل فهو باطل" سواء تم تقرير ذلك البطلان من طرف المشرع بنص صريح أو اهتدى له القاضي من خلال تفسيره للنصوص القانونية، على أساس أن كل إجراء يتخذ طبقا للمقتضيات القانونية يكون صحيحا والاستثناء هو بطلان الإجراء عند خرقه أو مساسه بحرية الفرد.

الفقرة الثانية: تمييز البطلان عن باقي الجزاءات الإجرائية المشابهة

وضع قانون المسطرة الجنائية، للوصول إلى معرفة حقيقة التهمة الموجهة للمتهم، فلم يشأ المشرع أن يترك للقاضي، أن يتصرف بصورة تقديرية وإنما رسم له حدود معينة. بالتنصيص على عدة جزاءات من أبرزها البطلان الذي يظل أكثر صور الجزاءات أهمية وشيوعا، وللتفصيل في هذا يجب تمييز البطلان عن باقي الجزاءات الأخرى المماثلة من سقوط، عدم القبول، والانعدام.
- التمييز بين البطلان والسقوط
يختلف البطلان كجزاء إجرائي عن بعض الصور المشابهة الأخرى كالسقوط، ويعرف السقوط على أنه كجزاء إجرائي يتأسس على الحرمان من الحق في المباشرة إجراء معين لغياب الشروط والضوابط التي يتطلبها القانون لمباشرته.
أما الفارق بين هذين الجزائين فيكمن في ماهية كل منهما، ونطاق كل منهما، والأثر المترتب على إعمال كل منهما، فيما يلي:
من حيث الماهية:
ينصب البطلان على العمل الإجرائي المعيب نفسه فيعدمه ويحول دون ترتيب آثاره القانونية، أما السقوط فيذهب على الحق في مباشرته لفوات ميعاد مباشرته، أو الحصول أو عدم الحصول واقعة كانت مباشرته تتوقف على حصولها[3].
من حيث النطاق:
البطلان يبدو كجزاء أوسع من السقوط، فالبطلان جزاء عدم المطابقة بين الجزاء وقع وبين نموذجه المرسوم قانونا، أما السقوط فهو جزاء إجرائي محدد في نطاقه من خلال عدم احترام المهلة الزمنية المقررة قانونا[4].
من حيث الأثر:
البطلان يعني الإعلان عن عمل إجرائي المعيب والحيلولة دون إنتاج آثاره القانونية، أما السقوط فيعني زوال الحق أو انقضاء السلطة في مباشرة عمل إجرائي ما لارتباط مباشرته بمهلة أو واقعة دون أن يعني ذلك أن يكون العمل معيبا في ذاته، ويترتب عن ذلك تصحيح العمل الإجرائي المعيب الموصوم بوصم البطلان، أما السقوط فيحول دون جواز مباشرة هذا العمل مطلقا، ولا تثور بالتالي إمكانية تجديده أو تصحيحه، ومن هنا يقال أن السقوط ابعد أثر من البطلان.
- التمييز بين البطلان وعدم القبول
يعني عدم القبول الإجراء – كجزاء المخالفة قواعد المسطرة – يقوم على غياب الشروط – المستقلة عن الإجراء – التي أوجب القانون تحققها قبل اتخاذ الإجراء وهذا يفيد بأن الإجراء (غير المقبول) أو المتصف (بعدم القبول) هو إجراء سليم أو صحيح في ذاته، ولكن ترتيب آثاره قد يمتنع إلى أن يستوفي – أي الإجراء – الشروط التي فرضها القانون لجواز اتخاذه[5]. ويكاد يتفق البطلان مع عدم القبول في السبب المفضي إلى كل منهما. لكن يكمن الفارق فيما يلي:
من حيث النطاق:
يبدو البطلان كجزاء إجرائي أوسع نطاق من عدم القبول، إذ أنه يلحق كل عمل معيب، أما عدم القبول فهم جزاء يقتصر على الدعاوى والطلبات كصور لأعمال إجرائية.
من حيث الدور الوظيفي:
يتمثل الدور الوظيفي للبطلان في تقرير بما اعترى العمل الإجرائي من عيب لتخلف أحد مقوماته الموضوعية أو انتفاء أحد شروط صحته الشكلية، أما الدور الوظيفي لعدم القبول يفترض سلفا توافر عيب من العيوب الإجرائية المستوجبة لجزاء إجرائي كالبطلان أو السقوط ولكن هذا العيب يبقى كامنا، ولا تحن الفرصة لكشفه والتقرير به إلا عند مباشرة الدعوى أو الطلب المرتبطين بهذا الإجراء المعيب.
أثر كل منهما:
البطلان يتمثل في عدم الاعتراف بالعمل الإجرائي المعيب وتعطيله عن أداء دوره الإجرائي وإنتاج آثاره القانونية، أما عدم القبول فهو لا ينصرف إلى الإجراء المعيب ذاته بعيب البطلان أو السقوط، إنما يقتصر أثره على رفض الدعوى أو الطلب المبني على الإجراء المعيب.
- البطلان والانعدام:
الانعدام مثله مثل البطلان يتأسس على عيب يلحق الإجراء الذي ينعت "بالمنعدم" إلا أن درجة العيب هذه تكون أشد جسامة وأكثر ظهورا منها في الإجراء المنعدم عن ذلك الباطل فقط إذ في الأول يفقد عنصرا أو أكثر من العناصر اللازمة لوجوده في ذاته، في حين أنه في الثاني لا يصل العيب إلى هذا الحد من الجسامة وإنما يظل محصورا ولا يتناول سوى أحد (أو بعض) الشروط التي يقررها القانون ليصح بها الإجراء، واعتمادا على المعيار السابق نستفيد بأن الإجراء المنعدم وبسبب العيب الجسيم الذي يتضمنه لدرجة إفقاده لأحد عناصره فلن يكون له أي وجود قانوني[6].
أما ابرز الفرق بينهما فهي:
1) الانعدام يعني عدم الوجود والبطلان يعني عدم صحة الإجراء فقط.
2) الانعدام لا يقبل التصحيح والإجراء باطل يجوز تصحيحه.
3) إذا صدر الحكم منعدما فإنه يظل كذلك حتى لو فات ميعاد الطعن فيه، أما البطلان الذي أثر في الحكم فإنه يلزم الطعن فيه في مواعيد الطعن المعتادة وإلا أصبح حكما نهائيا واجب النفاذ.

المطلب الثاني: مسطرة إثارة البطلان وآثاره

بالنظر لكون البطلان هو جزاء إجرائي ناتج عن مخالفة المقتضيات القانونية - المسطرية في حالتنا هاته- فإن إثارته تستوجب مسطرة قانونية خاصة، وسنتطرق له من خلال بيان إجراءات الدفع بالبطلان (الفقرة الأولى)، وكذا آثار تقرير البطلان (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مسطرة الدفع بالبطلان

يعتبر الدفع بالبطلان من بين أهم الدفوع الشكلية، والتي تترتب عن مخالفة الأعمال الإجرائية، ذلك أن الإجراءات الزجرية مرتبطة بضمان كل من حقوق الشخص المتهم في الطعن في قانونية الإجراءات المتبعة في مواجهته من جهة، وكذا حق المجتمع ممثلا في النيابة العامة في ضمان السير الجيد للإجراءات من أجل توقيع العقاب على مرتكبي الجرائم من جهة أخرى. ولا يمكن الخوض في شرح مسطرة البطلان دون معرفة الجهات المخول لها إثارة البطلان (أولا)، ثم الآثار المترتبة عن تقرير البطلان (ثانيا).
أولا: الجهات المخول لها إثارة البطلان
إن أهمية قانون المسطرة الجنائية باعتباره قانون ينظم سلطة الدولة وأجهزتها في الاعتقال والمتابعة والمحاكمة والعقاب، ويحدد القواعد الواجب تطبيقها واحترامها في جميع الإجراءات التي تعقب ارتكاب الجريمة[7]، تفرض من المشرع التشديد في الإجراءات المتعلقة بالبطلان وخول لجميع اطراف الدعوى الأجهزة المتدخلة في المحاكمة حق إثارة البطلان، ومكن كل من قاضي التحقيق والنيابة العامة، والمتهم ودفاعه ثم المطالب بالحق المدني ودفاعه حق إثارة البطلان في إجراءات التحقيق أمام الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف حسب المادة[8]211، أما بالنسبة لباقي الإجراءات فإن قاضي التحقيق والغرفة الجنحية لا يتدخلان في إثارة البطلان.
بعد الإطلاع النيابة العامة بالأمر وإشعار المتهم أو المطالب بالحق المدني إما شخصيا أو بواسطة دفاعهم، فلهم الحق في مطالبة قاضي التحقيق بإحالة الملف على الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف مرفقا بطلب التصريح بالبطلان مع تبيان نوعية الإجراء المراد إبطاله وأسباب بطلانه داخل أجل 5 أيام[9]، وأجاز المشرع إمكانية التنازل عن ادعاء البطلان من قبل كل من الطرف المدني والمتهم، ولا يقبل التنازل من قبل هذا الأخير إلا بحضور محاميه طبقا للمادة 212 من نفس القانون[10].
وتختلف مسطرة البطلان بحسب طبيعة الجهة التي أثارته، فإذا تم الطعن بالبطلان من طرف النيابة العامة أو المطالب بالحق المدني أو المتهم أو دفاعهما، وجب أن يتم هذا الطعن بواسطة تصريح يجرى في سجل خاص ممسوك لدى كتابة الضبط يتم توقيعه من طرف كل من كاتب الضبط والطاعن بالبطلان، وبعد الطعن بالبطلان يحال الملف على النيابة العامة التي يجب أن ترفعه إلى الغرفة الجنحية للبت فيه داخل أجل 5 أيام من تاريخ التوصل به مع توضيح نوعية الإجراء المراد إبطاله وأسبابه.
ثانيا: سقوط الدفع بالبطلان
طبقا للمادة [11]323 من قانون المسطرة الجنائية فإنه يسقط الدفع ببطلان الاستدعاء أو بطلان المسطرة التي جرت سابقا، وكل المسائل التي يتعين الفصل فيها أوليا، إن لم يحصل ذلك كله دفعة واحدة وقبل الدفاع في جوهر الدعوى.
ويعتبر هذا السقوط نتيجة بديهية مستنتجة من طبيعة البطلان باعتباره دفع شكلي، يفرض البت فيه أولا قبل البت في موضوع الدعوى.

الفقرة الثانية: آثار تقرير البطلان

يعتبر البطلان جزاء قاسيا في حق إجراءات المحاكمة، فقد يؤدي إلى إعدام الإجراء الباطل أو إعدامه وإعدام الإجراءات اللاحقة له، أو بطلان جميع الإجراءات السابقة واللاحقة للإجراء المقرر بطلانه قضاء، وقد خول المشرع سلطة تقرير البطلان للغرفة الجنحية بالنسبة لإجراءات البحث التمهيدي وإجراءات التحقيق، أما الإجراءات التي بعدها فإن محكمة الموضوع أو المحكمة الأعلى منها درجة هي التي تختص بالبت
أولا: حالة تقرير البطلان من طرف الغرفة الجنحية
حسب منطوق المادة 211 من قانون المسطرة الجنائية[12]، فإن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف هي التي تختص بالبت في البطلان بالنسبة للإجراءات المتعلقة بالتحقيق والإجراءات السابقة لها، كما تحدد هذه الغرفة نطاق تقرير البطلان ومدى شموليته وهل سيشمل الإجراء المقصود فقط أو أنه سيمتد إلى إجراءات أخرى، وفي حالة ما إجا انتهى قرار الغرفة الجنحية إلى بطلان ذلك الإجراء، فإنه يتم سحب جميع الوثائق المتعلقة بالإجراء الذي أبطل وتحفظ في كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، كما يمنع الرجوع إليها من أجل استخلاص أدلة في الدعوى تحت طائلة متابعة تأديبية في حق القضاة والمحاميين طبقا للمادة 213 من قانون المسطرة الجنائية.
ثانيا: حالة تقرير البطلان من طرف هيئة الحكم
إن تقرير بطلان إجراء من الإجراءات لا يقع مبدئيا إلا على الإجراء الباطل ولا يمتد أثره إلى الإجراءات السابقة عليه ما دام أنها أثيرت بطريقة قانونية دون أن يؤثر في وجودها الإجراء المقرر إبطاله، ومن تم فإن البطلان لا يشمل سوى الإجراءات اللاحقة للإجراء المقرر بطلانه، وبذلك فإن بطلان التفتيش يقتضي تمديد أثر البطلان إلى الأدلة المستمدة منه، كما أن بطلان الحكم لعدم التعليل لا يترتب عليه بطلان إجراءات الدعوى السابقة، كما أن بطلان الاستدعاء المباشر لعدم استيفاء شروطه التي سبقت الإشارة إليها فإنه لا يؤثر على تحريك الدعوى العمومية. لكن كل إجراء يتخذ بعد هذا الاستدعاء الباطل يعتبر باطلا بدوره. وذلك بعد التمسك به من ذو مصلحة قبل أي دفع أو دفاع في الجوهر[13].
لكن بعد استقرائنا للمادة 362 من قانون المسطرة الجنائية يتضح انه يمكن للمحكمة أن تأمر بإجراء بحث تكميلي، وفي هذه الحالة تعين أحد أعضائها للقيام بالتحقيق. كما نجد هذه الإمكانية مخولة للغرفة الجنائية طبقا لمقتضيات المادة 439 من قانون المسطرة الجنائية.
ومن هنا يطرح إشكال حول مصير التحقيق التكميلي الذي يخرق بمقتضاه بمقتضاه قاضي التحقيق المكلف بالتحقيق التكميلي إجراء من إجراءات التحقيق، ومن الجهة المخول لها إبطال الإجراء الباطل مادام أن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بصفتها تراقب إجراءات التحقيق لا يمكن أن تتصدى لأعمال غرفة الجنايات لأنها من درجة واحدة ولا تراقب إحداها الأخرى.
وفي هذا الإطار يرى الأستاذ أحمد الخمليشي أنه على الغرفة التي تجري بحثا تمهيديا أن تقوم باستبعاد الإجراءات الباطلة من البحث التمهيدي[14].
إلا أن هناك من انتقد هذا التوجه، معتبرا بأن المشرع مسؤولا عن مشاكل العدالة مادام أنه لم يلتفت بمناسبة التعديل الأخير للمسطرة الجنائية لآراء الفقه الذي يعتبر مصدرا من مصادر التشريع.

المبحث الثاني: التطبيقات العملية للبطلان الإجرائي

بعدما حاولنا وضع إطار مفاهيمي لجزاء البطلان في ما سلف، فاننا سنحاول في هدا المبحث توظيف البطلان كجزاء إجرائي في جميع مراحل الخصومة الجنائية، والتي تمر مرحلتين مرحلة ما قبل المحاكمة، والتي تضم مرحلتين خطيرتين وهما البحت التمهيدي والتحقيق الإعدادي على اعتبارهما تشملان على اجراءات ماسة بحرية الأفراد سواء في شخصهم او في مسكنهم(المطلب الاول) اما المرحلة الثانية فتعرف بالمحاكمة والتي خصها ق م ج بمجموعة مساطر ووسائل اتباث ومراعات مدى احترام المحكمة لقواعد صدور الأحكام (المطلب الثاني).

المطلب الاول: تطبيقات البطلان في المرحلة ما قبل المحاكمة

لقد تعددت حالات البطلان التي نص عليها المشرع في قانون المسطرة الجنائية ولعل أبرزها ما يصيب إجراءات البحت التمهيدي والتحقيق الإعدادي ذلك باعتبار أن أول إجراء يتم اللجوء أليه للبحت عن مرتكب الفعل الإجرامي يسمى بحتا تمهيديا ويله التحقيق الإعدادي، وعليه نص المشرع على مجموعة من الضمانات التي يجب على كل من ضابط الشرطة القضائية وعلى قاضي التحقيق في إطار التحقيق الإعدادي احترامها تحت طائلة البطلان.

الفقرة الأولى: البطلان على مستوى البحت التمهيدي

من المعلوم أن البحت التمهيدي هو أول الإجراءات التي تقوم به الضابطة القضائية للبحت عن مرتكب الجرائم سواء في الأحوال العادية أو في حالة التلبس لذلك أحاطه المشرع بإجراءات قسرية تتعلق بتفتيش الأشخاص ووضع تحت الحراسة النظرية وتفتيش المنازل هنا يطرح التساؤل عن أسباب التي تؤدي الى بطلان إجراءات البحت التمهيدي؟
أولا: بطلان إجراءات تفتيش المنازل
لقد سن المشرع المغربي مجموعة من الضوابط والشكليات الواجب على ضابط الشرطة القضائية احترامها لتفتيش المنازل تراعي بموجبها الحرية الشخصية التي يملكها الفرد إزاء المجتمع وحرمة المسكن دون أن تقف هذه الضوابط حائلا أمام ضرورات البحت والتحقيق في الجرائم.
ومن هذه الضوابط التي أوجب القانون مراعاتها من قبل ضابط الشرطة القضائية تلك المنصوص عليها في المواد 59 الى 63 من قانون المسطرة الجنائية وكدا المادة 103 ويمكن الإشارة لهم في النقط التالية:
1) -احترام الوقت القانوني للتفتيش، [15]
2) -وجوب حضور بعض الأشخاص عملية التفتيش الى جانب ضابط الشرطة القضائية،[16]
3) -اتخاذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على السر المهني.[17]
4) -المحافظة على المحجوزات بعد احصائها.[18]
5) -تحرير محضر بالتفتيش، [19]
وبالتالي فمتى تم مخالفة هذه القواعد المتعلقة بتفتيش المنازل ترتب عن ذلك البطلان، فمثلا لو تم اجراء التفتيش قبل الوقت القانوني الذي حدده المشرع في الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليلا كأنه يجريه مثلا قبل الساعة الخامسة صباحا الى الساعة السابعة صباحا فان تفتيشه باطلا الا في الحالات الاستثنائية كطلب من رب المنزل أو في حالة استغاتات الصادرة من داخل المنزل أو في حالة الإرهاب.
أيضا يسري البطلان إذا لم تتخذ التدابير الواجبة للمحافظة على السر المهني، أو لم تقع المحافظة على المحجوزات أو لم يتم احصاؤها وفق القواعد المكرسة في النص، أو كأن لم يكن التفتيش بمحضر صاحب المنزل أو بنائب عنه أو عدم تنصيب شاهدين أجنبيين عن سلطة الضابط يحضران عملية التفتيش في حالة امتناع صاحب المنزل عن حضوره أو تعيين نائب عنه.[20]
ثانيا: بطلان إجراءات الوضع تحت الحراسة النظرية
كما هو معلوم فإن المشرع قيد الوضع تحت الحراسة النظرية حين منع على ضابط الشرطة القضائية اعتقال الأشخاص في إطار البحت التمهيدي بنوعيه سواء العادي أو التلبسي الا إذا كان هذا الأخير متعلقا بجناية أو جنحة يكون القانون قد عاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية[21] كما أن المشرع حصر على هذا الاخير أسباب اللجوء الى وضع تحت الحراسة النظرية.[22]
كما ألزم المشرع على ضابط الشرطة القضائية القيام ببعض الإجراءات التي تعتبر من القواعد الملزمة يترتب عليها الجزاء عند مخالفتها.[23]
الشيء الذي يدفعنا الى التساؤل هل رتب المشرع جزاء البطلان عند مخالفة ضابط الشرطة القضائية هذه الإجراءات؟
تجدر الإشارة الى أن المشرع لم يرتب البطلان بشكل صريح عند الإخلال بقواعد الحراسة النظرية كما فعل بالنسبة لخرق شكليات التفتيش[24] مما نتج عنه تضارب في أراء سواء بالنسبة للفقه أو القضاء، حيت أن خرق مدة الوضع تحت الحراسة النظرية المنصوص عليها في المادة [25]66 من ق م ج يرتب البطلان المحضر حسب اتفاق الفقهاء مستدلين بالفصل من الدستور والذي جاء فيه:" لا يلقى القبض على أحد ولا يعتقل ولا يعاقب الا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
في حين أن المشرع أعطى للنيابة العامة اذا تبين لها أن المحضر لم يحترم مدة وضع تحت الحراسة النظرية يمكنها تحريك الدعوى العمومية ضد ضابط الشرطة القضائية باعتباره ارتكب عمل التحكمي ضد الموضوع تحت الحراسة النظرية بناء على المادة 268من ق م ج.
كما أن المشرع لم يرتب البطلان عند الاخلال بباقي القواعد الأخرى غير فترة الحراسة النظرية وانما رتب لها المسؤولية التأديبية[26].
أما على المستوى القضائي نجد ان القضاء بما فيه المجلس الأعلى أي محكمة النقض يتجه الى اعتبار مخالفة مقتضيات المواد 66 و67 و68 و69 و80 من ق م ج الجديد غير مشمول بالبطلان وذلك باعتبار أن المشرع لم يرتب على مخالفة قواعد الوضع تحت الحراسة النظرية البطلان كما سنعرض لذلك في بعض الاحكام والقرارات.
أصدر المجلس الأعلى قرار عدد 860 يقر فيه: «ومن جهة أخرى فإن القواعد المتعلقة بالوضع تحت الحراسة لم يجعلها القانون تحت طائلة البطلان وعليه فلا يمكن أن يترتب عنها البطلان الا إذا تبت أن عدم مراعاتها جعل البحت عن الحقيقة وإثباتها مشوبين بعيوب في الجوهر، الشيء الذي لم يقع تبوته في هذه القضية مما تكون معه الوسيلة في كل ما أتارته غير مبنية على أساس".[27]
وبتاريخ 22/4/1978 أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط قرار جاء فيه: «وحيت ترى المحكمة أن الوضع تحت الحراسة النظرية تجاوز المنصوص عليه قانونا، وحيت إذا خالفت الضابطة القضائية هذه القاعدة وامتدت الحراسة النظرية الى ما بعد 96 ساعة دون طلب تمديدها أتناء فترة الحراسة، الترخيص لها من لدن السيد الوكيل العام فضلا على أن هذا الأخير لما أذن بتمديد فترة الحراسة لم يحرص على تقديم الفصل 82 من ق م ج التي تعتبر مقتضيات جوهرية وعرضا بذلك محضر الضابطة القضائية المشار اليه للبطلان سندا للفصل 192 من نفس القانون ويستدعي الامر الإعلان على أن المحضر الحامل لرقم 556 بتاريخ 19/7/79 كأنه لم ينجز وينسحب هذا الأثر على جميع الإجراءات التي أتت بعده والتي تستند عليه تطبيقا لأحكام الفصل 765 من ق م ج ويتعين والحالة هذه استبعاده[28]."
عموما يلاحظ على أن قرارات المجلس الأعلى تأخذ بقاعدة لا بطلان الا بنص والاستثناء تطبيق البطلان عندما يثبت أن عدم مراعاة أحكام الوضع تحت الحراسة النظرية جعل البحت عن الحقيقة وإثباتها مشوبين بعيوب في الجوهر[29].
ثالثا: بطلان محضر الشرطة القضائية
لقد أوجب المشرع على ضابط الشرطة القضائية إعداد محاضر تختتم بها عملية البحت التمهيدي بنوعيه مع بيان صفته بناء على المادة 23[30]من ق م ج وتضمين المحضر مجموعة من البيانات المنصوص عليها في المادة [31]24 من ق م ج فاذا تخلف ذكر أحد هذه البيانات أو تم خرقها فإن المشرع رتب جزاء البطلان بناء على المادة 289 من ق م ج والتي تنص على أنه: " لا يعتد بالمحاضر والتقارير التي يحررها ضباط وأعوان الشرطة القضائية والموظفون والاعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية، الا اذا كانت صحيحة في الشكل وضمن فيها محررها وهو يمارس مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في مجال اختصاصه".

الفقرة الثانية: بطلان إجراءات التحقيق الإعدادي

حدد المشرع عند وضعه لقانون المسطرة الجنائية بعض القواعد الشكلية والموضوعية وأوجب على قاضي التحقيق إتباعها توفيرا للضمانات الفردية وأمينا لشروط المحاكمة العادلة، ورتب على مخالفتها بطلان الإجراءات المعيبة والإجراءات الموالية لها.[32]
وهكذا نجد أن حالات بطلان إجراءات التحقيق قد تم التعرض لها في المادتين 210 و212 من ق.م.ج، وبناء عليه يتضح أن هناك حالتين تتقاسمان مجال البطلان فمن جهة هناك البطلان بنص القانوني (أولا)، ومن جهة ثانية هناك البطلان الجوازي أو القضائي بسبب خرق حقوق الدفاع أو ما يعرف بخرق الإجراءات الجوهرية (ثانيا).
أولا: البطلان بنص القانون
إن هذا النوع من البطلان نص عليه المشرع في المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه " يجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و135 من هذا القانون المنظمتين للحضور الأول للاستنطاق والمادة 139 المتعلقة بحضور المحامي أثناء الاستنطاقات والمواجهات والمواد 59-60-2-101، المنظمة للتفتيشات وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات الموالية له، مع مراعاة تقدير مدى هذا البطلان وفق لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 211".
و الملاحظ أن أسباب البطلان التي أتى بها هذا النص محددة على سبيل الحصر وتعود إلى عدم إحترام الضمانات التي قررها المشرع للمتهم أو المطالب بالحق المدني خلال سير عمليات التحقيق.[33]
ومن هنا فالبطلان بنص القانون يطال كل إخلال بحقوق المتهم أثناء مرحلة الاستنطاق (1). وإجراءات التفتيش وتدوين محاضر التحقيق (2).
1- بطلان الاستنطاق.
تنطوي عبارة الاستنطاق على إستفسار المتهم من طرف قاضي التحقيق وطلب توضيحاته حول التهمة المنسوبة إليه ويتحقق الاستنطاق عن طريق السؤال والجواب وفق الشروط المحددة في القانون.
وهكذا يجب بعد إحالة الملف من طرف النيابة العامة على قاضي التحقيق أن يقوم هذا الأخير بالتأكيد من هوية المتهم واستنطاقه عبر مرحلتين إبتدائيا وتفصيليا، وقبل كل ذلك يجب تمتعه بمجموعة من الضمانات تحت طائلة البطلان [34].
حيث يترتب جزاء البطلان في حال مخالفات مقتضيات المادتين 134 و135 من ق م ج المتعلقتين بمتول المتهم أمام قاضي التحقيق لأول مرة، واستنطاقه ابتدائيا، ولا سيما عدم إشعاره بحقه في تنصيب محامي أو إهمال إشعاره بحريته في الإدلاء بتصريحاته أو عدم الإدلاء بها، وحقه في الخضوع لفحص طبي إذا كان موضوعا تحت الحراسة النظرية.[35]
و يرى الدكتور أحمد الخمليشي" أن الهدف من وراء إشعار المتهم بأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح تفادي إدلاء المتهم بأقوال قد تضربه نتيجة مفاجأته بتوجيه الإتهام إليه، فمنح له القانون حق الإمتناع عن الإدلاء بأية أقوال حتى يستعيد هدؤه ويفكر مليا في إعداد دفاعه بنفسه أو الإستعانة بمحامي"[36]، وهذا ما كرسته عليه محكمة النقض في إحدى قراراتها، حين إصدرها القرار القاضي ببطلان الاستنطاق المتهم في حالة عدم إشعاره بالأفعال المنسوبة إلية.[37]
كما أوجبت الماذة 134 في الفقرة الخامسة على إمكانية إخضاع المتهم للفحص الطبي، وألقت على عاتق قاضي التحقيق الإستجابة لطلب المتهم أو دفاعه، القاضي بضرورة إخضاعه لفحص طبي بل أكثر من ذلك أصبح ممكنا لقاضي التحقيق بصفة تلقائية اتخاذ هذا القرار في كل الأحوال التي يعاني فيها أثار التعديب وعليه يترتب عن رفض الطلب من طرف قاضي التحقيق بقوة القانون بطلان إجراءات الاستنطاق الأولي والإجراءات اللاحقة (المادة 210) من ق م ج.[38]
وأيضا نجد أن جزاء البطلان يطال الاستنطاق في حالة مخالفة مقتضيات المادة 139 من ق م ج بشأن سماع المتهم أو الطرف المدني أو مواجهتهما بحضور دفاعهما إلا إذا تنازل عن ذلك أو إذا لم يحضر المحامي رغم إستدعائه بيومين كاملين على الأقل قبل الاستنطاق أو المواجهة برسالة مضمونة، وكذلك عدم وضع ملف القضية رهن إشارته بيوم واحد على الأقل قبل الاستنطاق، غير أنه لا يترتب البطلان عن خرق هذه المقتضيات إذا نص محضر الاستنطاق، أو المواجهة على حضور المحامي وعدم دفعه بأي إخلال، يتعلق بالاستدعاء أو بالاطلاع على ملف القضية.[39]
وهكذا في حالة الإخلال بهذه الإجراءات يترتب عن ذلك جزاء البطلان وهو مأكدته محكمة النقض في إحد قراراتها بتنصيصها على أنه " يكون باطلا استنطاق المتهم الذي قام به قاضي التحقيق، وكذا الإجراءات التي أتت بعده، ومنها قرار غرفة الإتهام (الغرفة الجنحية حاليا) المطعول فيه، وذلك لكون الاستنطاق المذكور وقع بحضور محامي المتهم دون إستدعائه برسالة مضمونة الوصول قبل الاستنطاق بيومين كاملين على أقل ودون جعل ملف القضية رهن إشارته بيوم واحد على الأقل"[40]. كما جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة بأن إجراء المواجهات أو الاستماع إلى المتهم أو الطرق المدني في غيبة دفاعة ومن إشعاره يؤدي إلى بطلان إجراءات التحقيق[41].
2- بطلان إجراءات التفتيش ومحاضر التحقيق.
الأصل أن التفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى ضبط أدلة الجريمة موضوع التحقيق وكل ما يفيد في كشف الحقيقة في محل خاص يتمتع بالحرمة، أو تفتيش أشخاص معينين، وعليه إن مخالفة المقتضيات المتعلقة بالتفتيش المنصوص عليها في المواد 59. 60. 62. من ق م ج التي سبقت الإشارة إليها في المادة 210 من ق م ج التي تخول للقاضي التحقيق إجراء التفتيش، حيث نصت على بطلان التفتيش الذي لم يتقيد بمقتضيات المواد 59. 60.62. من ق م ج مع العلم أن أثار البطلان يطال الجراء المعيب والإجراءات التي تترتب عنه وفقا لما حددته المادة 63 من ق م ج.[42]
إضافة إلى ذلك فقد نص المشرع على حالات بطلان محاضر التحقيق من خلال المادة 126 من ق م ج التي تنص على أنه: "يجب ألا تتضمن المحاضر أي كتابة بين السطور ويصادق قاضي التحقيق وكاتب الضبط والشاهد وعند الاقتضاء الترجمان على تشطيبات وما يلحق بالهامش وفي حالة عدم المصادفة عليها تعتبر كأن لم تكن".
ويسري نفس الحكم على الحضر الذي لم يوقع بكيفية صحيحة وعلى الصفحات التي لم تذيل أو لم يقع بصمها من الشاهد، ما لم ينص المحضر على تعذر ذلك وفقا للمادة 121 المذكورة أعلاه في حال عدم تطبيق مقتضيات هذه المادة فإن المحضر يعتبر باطلا.
ثانيا: البطلان القضائي.
فضلا عن البطلان القانوني أخد المشرع المغربي بالبطلان الجوهري الذي يمس بحقوق الدفاع الذي يقتضي أنه ليس من الضروري أن ينص المشرع صراحة على البطلان بوصفه جزاء عند مخالفة إجراء معين بل إن للقاضي أن يستخلص الإجراء الجوهري الذي يمس حقوق الدفاع، ويرتب البطلان على عدم مراعاة القواعد المتعلقة به من تلقاء نفسه ولو لم يقرر المشرع البطلان جزاء له.
وبالرجوع إلى المادة 212 نجدها تنص على أنه:" يترتب كذلك البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الاطراف".
وهكذا فإنه انطلاقا من المادة أعلاه يمكن القول بأن نظرية البطلان لخرق إجراءات جوهرية تتميز عن نظرية البطلان القانوني في الأمور الآتية[43]:
v أن المشرع لم يعمل على النص على البطلان في صلب المادة المنظمة للإجراء.
v أن يكون الإجراء جوهري وله مساس بحقوق الدفاع.
v أن البطلان لا يترتب بقوة القانون بل تركه المشرع للسلطة التقديرية للقضاء.
ويرى بعض الفقه أن هذا النوع من حالات البطلان يضم أسبابا وإن كان القانون هو الذي يؤطرها (المادة 212 من ق م ج) إلا أن القضاء هو الذي يعطها الحركة، ولذلك سمها بعض الفقه أسباب البطلان القضائي، فيقرر القضاء بإن إجراءها جوهري وماس بحقوق الدفاع أو العكس بأن إجراء ما وإن كان جوهريا فإنه لا يمس بحقوق الدفاع.
ونظرا لكون المشرع لم يحدد أسباب البطلان بكيفية حصرية إلا أن الفقه أشار إلى هذه الأسباب، حيث أعطى بعض الأمثلة على هذا النوع من البطلان بعدم إحترام قاضي التحقيق الاختصاص المكاني أو عدم استنطاق المتهم أصلا خلال التحقيق الإعدادي، أو إتصاله بالتحقيق بملتمس بإجرائه غير موقع علية من قبل الوكيل العام للملك أو من يمثله، أو إصداره لإنابة قضائية عامة يكلف بها غيره من قضاة أو ضباط الشرطة القضائية بإنجاز عمليات التحقيق برمتها، [44] ومن الأمثلة أيضا التي تعتبر من الإجراءات جوهرية كمنع توجيه اليمين إلى المتهم حتى بالنسبة لبعض الوقائع التي تقع المتابعة بشأنها، وأوجب الاستماع واستنطاق الشخص قبل إحالته على المحكمة أو الجلسة.[45]
وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى أن: "أداء اليمين من طرف المترجم شكلية جوهرية تمس عدم مراعاتها بحقوق الدفاع، ولتمكن المجلس الأعلى من مراقبة ما كانت قد تمت الاستجابة للنصوص القانونية يجب أن تشمل المسطرة الإشارة إلى أداء اليمين أو أن تبين أن المترجم محلف"[46].

المطلب الثاني: تطبيقات البطلان خلال فترة المحاكمة

بداية يلاحظ من خلال الكم العددي (خص لها المشرع 16 مادة) المرصودة لهذه المرحلة مدى اعتناء المشرع بهده المرحلة مقارنة بغيرها من المراحل السابقة لها.
وعموما تتميز مرحلة المحاكمة بالإضافة الي كونها تشكل الفرصة الأخيرة للمتهم لعرض ما لم يتم استدراكه من أخطاء أو إغفالات شابت البحت خلال مرحلة البحت التمهيدي او التحقيق الإعدادي، بجملة من السلطات التي تتخذها الهيئة الكفيلة بكشف الحقيقة الواقعية في أمر الجرم المنسوب للمتهم ومدي صحة إسناده إليه، وغني عن البيان أنه يتم الانضباط في هده المرحلة لمجموعة من الشروط لصحة المحاكمة، هاته الشروط التي قد يؤدي عدم مراعاتها الي بطلان إجراءات المحاكمة، ولعل ما يتأتى في مقدمة هده الضوابط ضرورة العمل علي سير الجلسات طبقا للقواعد العامة من جهة (الفقرة الأولى)، والحرص على إشراف الهيأة القضائية على عملية المحاكمة طبقا للقواعد المعمول بها والتي تضمن احترام حقوق الدفاع بالدرجة الأولى (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: بطلان الاستدعاء ووسائل الإثبات

تفاديا للتأخر الغير المبرر للفصل في الدعوى الشيء الذي قد يؤدي إلي تعرض حقوق الدفاع والأطراف للمساس بها وانتهاكها، أولى المشرع عناية خاصة بالاستدعاء علي اعتباره أهم إجراء في أطوار المحاكمة، (أولا) الي جانب مراعات التقدير السليم والصحيح لوسائل الإثبات (ثانيا).
أولا: بطلان الاستدعاء
يطرح الاستدعاء صعوبات جمة في الممارسة خاصة من حيث وجوب احترام شكليات معينة، حيث يشترط أن يتضمن الاستدعاء بيانات محددة حددتها المادتين 308 و420 من قانون المسطرة الجنائية، كما اشترط المشرع ضرورة احترام أجل التوصل بالتبليغ ويوم الجلسة طبقا لمقتضيات المادة 309 من قانون المسطرة الجنائية.
1- بطلان الاستدعاء نتيجة الإخلال بالبيانات
حدد المشرع هده البيانات في المادتين 308 و420 من ق. م.ج [47]، فإذا وجهت الاستدعاء دون احترام لهده البيانات، وغاب الشخص المستدعي عن الجلسة فإنه يترتب بطلان هدا الاستدعاء طبقا للمقتضيات السابقة، وهو ما أكدته محكمة النقض في عدة مناسبات من داك قرارها الذي جاء فيه " يجب أن يتضمن استدعاء للجلسة التهمة الموجهة الموجة ضد المشتكي به والنص القانوني المتابع بمقتضاه وإلا كانت المتابعة باطلة " [48]، وهو نفس ما كرسته استئنافية أكادير حينما ذهبت إلى أنه " إذا كان الاستدعاء الموجه للمتهم من طرف النيابة العامة، لا يتضمن وقائع النازلة وفصول المتابعة فإنه يكون باطلا " [49] اما اذا وقع الإخلال بالبيانات الواردة في المادتين المذكورتين سابقا وكان الشخص المستدعىفي الجلسة فانه يتعين ان يقدم الدفع ببطلان الاستدعاء قبل إثارة أي دفع وإلا سقط حقه في تقديمه [50].
2 - بطلان الاستدعاء لعدم احترام الأجال
استوجب المشرع في المادة 309 من ق.م.ج احترام آجال معينة حيث نص المشرع في الفقرة الأولي منها علي ما يلي " يتعرض للإبطال الاستدعاء والحكم ادا لم يفصل بين تاريخ الاستدعاء واليوم المحدد للحضور بالجلسة أجل ثمانية أيام علي الأقل... "، وهو ما جاء به قرار مجلس الأعلى (محكمة النقض) " التبليغ باستدعاء لحضور جلسة مقررة بعد ثمانية أيام فقط من تاريخ التبليغ، وتخلف المبلغ إليه إليه عن الحضور بسبب ذاك يعتبر ضررا يؤثر عن حقوقه وخرقا لمقتضيات المادة 309 من ق. م ج التي تجعل الاستدعاء والحكم معرضا للإبطال أدا لم يفصل بين تاريخ تبليغ الاستدعاء اليوم المحدد للحضور بالجلسة أجل ثمانية أيام علي الأقل " [51].
ويجب التنبيه إلى أن هدا الأجل ينخفض إلى خمسة أيام كل ما تعلق الأمر بالإحالة المتعلقة بالوكيل العام للملك طبقا للمادة 420 من ق. م. ج.
ثانيا: بطلان وسائل الإثبات
إدا كان الإثبات الجنائي من أهم الركائز التي يقوم عليها صرح العدالة الجنائية [52]، فإن هاته الأخيرة لا سبيل للحديث عنها فعلا إلا عن طريق التقدير السليم لها تفاديا لزحف على ببراءة الأبرياء من قبل القاضي وهدا التقدير بدوره يطرح عدة إشكالات تتعلق أساسا بشكلياتها ومضمونها، وفي مقدمة هاته الوسائل نجد إلي جانب الاعتراف الشهادة.. وغيرها.
1- بطلان الاعتراف المنتزع بالإكراه
الاعتراف هو إقرار المتهم أو شهادته عن نفسه بارتكابه للفعل المنسوب إليه أو إقرارا بأنه كان ضلعا في ارتكابها أمام جهة مخول لها قانونا تلقيه، وأدا كان الاعتراف خاضع لسلطة قاضي الموضوع [53] فإنه طبقا لمقتضيات المادة 293 من ق.م ج التي نصت في فقرتها الثانية علي أنه" لا يعتد بكل اعتراف تبت انتزاعه بالعنف أو بالإكراه "، هدا وان كانت هده الفقرة تشير بشكل صريح إلي إمكانية استبعاد كل اعتراف أنتزع بالإكراه والعنف فأنها لا تفيد في شيء فيما تعلق بآثار عدم الاعتداد بهذا الإجراء، فهل يعني دالك انه يعدم المحضر المدون فيه الاعتراف مع إثارة مسؤولية المنسوب له الجرم ؟ أم أن الاستبعاد يمس فقط الجزء المتضمن للاعتراف المعني والذي هو الاجراء المعيب دون غيره، وقد ذهبت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في هدا السياق علي أن ".. اعتراف الضنين المشوب بعيب قانوني يعتبر باطلا وأكد نفس القرار أن الاعتراف خارج المدة المحددة للحراسة النظرية لا قيمة له [54]، وفي هدا الصدد لن تفوتنا الفرصة في التنويه بما جاء في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية التي جاء في مادتها 73 خصوصا، بأن اعتراف المتهم يعد باطلا في حالة رفض إجراء فحص طبي إدا كان قد طلبه المتهم أو دفاعه وفقا للإجراءات السابقة.
2- بطلان الشهادة المعيبة
الشهادة كوسيلة للإثبات في النطاق الجنائي عبارة عن تقرير شفوي يصدر عن شخص بشأن واقعة أو وقائع تمت معاينتها عن طريق سمعه أو بصره يدلي بها أمام هيئة الحكم [55]، وبما أنها تعتبر بحسب البعض[56]، من أخطر وسائل الإثبات لارتباطها بشخص أخر غير شخص المتهم، الذي يمكن أن تكون شهادته مجرد وسيلة لتفريغ ضغينة أو محاباة الخصم، فإن المشرع استوجب إحاطتها بحد أدني من الضمانات وقيد صحتها بشكليات محددة تحت طائلة جزاء البطلان، وهكذا فبالعودة ألي المادة 331 من ق. م.ج نجدها تنص علي ما يلي " يؤدي الشاهد قبل الإدلاء بشهادته اليمين المنصوص عليها المنصوص عليها في المادة أعلاه، ويترتب عن الإخلال بذلك بطلان الحكم أو القرار"
ومن تم يتضح أن عدم أداء اليمين من طرف الشاهد يعد مبررا معقولا وكافيا لبطلانها أو الحكم الذي قد يصدر علي أساسها، غير أن أدائها من طرف أشخاص غير مؤهلين كالقاصر لا يعتبر سببا لتوقيع البطلان، وفي نفس السياق ذهبت محكمة النقض ألي أن " الشهود الدين يعفون من أداء اليمين ورد ذكرهم علي سبيل الحصر ومن ثم فأن إعفاء من لم يرد ذكره في القانون من أداء اليمين يبطل الحكم " [57]. وبالاضافة الى دلك فقد استوجبت المادة 326 من قانون المسطرة الجنائية شرط علنية الشهادة بالجلسة كشرط لصحتها تحت طائلة البطلان.

الفقرة الثانية: بطلان الأحكام القضائية

بالرجوع الى قانون المسطرة الجنائية عموما والمادة 370 خصوصا نستشف أن البطلان الذي قد يمس الأحكام القضائية في هذا الصدد لا يخرج عن مستويين بطلان لعدم احترام التشكيلة القانونية (أولا)، وبطلان ناتج عن إخلال ببعض الشكليات المتطلبة قانونا للوجود القانوني للحكم (ثانيا)
أولا: بطلان الحكم لعدم احترام التشكيلة القانونية
ولعل سند هذا الطرح ورد بشكل واضح في الفقرة الثانية من المادة 370 من ق م ج" تبطل الأحكام أو القرارات أو الأوامر:
2 - إدا لم تكن هيئة الحكم مشكلة طبقا للقانون المنظم لها أو ادا صدر الحكم عن قضاة لم يحضروا في جميع الجلسات التي درست فيها الدعوى "
لذلك فالمحكمة يتعين أن تتشكل لزوما من قضاة وممثلي النيابة العامة وهو نفس ما جاء في منطوق المادة 297 [58]من ق.م.ج التي ترتب صراحة جزاء البطلان عن أي خلل إجرائي في تكوين الهيأة ويكفي هنا العودة الي المادة 374 من ق.م.ج لمعرفة تشكيلية الهيأة المختصة في الجنح والمخالفات والتي نصت" تعقد المحكمة جلساتها بقاض منفرد وبحضور ممثل للنيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط، يترتب البطلان عن الإخلال بهده البيانات، والمادة 399 بخصوص تشكيلة الغرف الجنحية والتي تنص في فقرتها الأولي علي ما يلي " يعرض الاستئناف على نظر غرفة الجنح الاستئنافية التي تتكون تحت طائلة البطلان من رئيس ومستشارين اثنين بحضور ممثل للنيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط، " والمادة 417 بخصوص تأليف غرفة الجنايات [59]، والمادة 457 بخصوص تشكيلة غرفة الجنايات الاستئنافية التي استوجب فيها المشرع ضرورة أن تشمل الهيئة كلا من رئيس غرفة وأربعة مستشارين لم يسبق لهم البت في القضية، وهدا ما جاء في قرار محكمة النقض " تشكيلة هيأة الحكم يعتبر من النظام العام، للمجلس الأعلى إثارته تلقائيا إدا كان الحكم المطعون فيه لا يوجد ما يدل علي أن الهيأة التي أصدرتها هي نفس الهيأة التي ناقشته القضية ويتعرض الحكم بسبب دلك للنقض " وأن كان تأليف المحاكم لا يثير أي أشكال فإنه يجب التنبيه إلي ضرورة مراعات بعض المقتضيات التي يتطلب فيها المشرع صفة معينة من ذلك علي وجه الخصوص ما تحدثت عنه المادة 462 في ما تعلق بالهيأة القضائية المكلفة بالأحداث التي اشترط فيها المشرع الصفة تحت طائلة بطلان الحكم الذي قد يصدر من غير ذي صفة، كما تضيف المادة 488 المتعلقة بتكوين الهيأة الجنحية للأحداث لدى محاكم الاستئناف ضرورة صدور الحكم عن مستشار الأحداث بصفته رئيس وعن مستشارهم الاثنين لزوما تحت طائلة بطلان الحكم، أما بخصوص غرفة الجنايات للأحداث فقد اشترطت المادة 490 أن نكون مكونة من مستشار الأحداث ومن مستشارين اثنين كما تطلب المشرع في مادة 494 ضرورة تأليف غرفة الاستئناف الجنائية للأحداث من مستشار للأحداث رئيسا ومن أربعة مستشارين، وأيا كان تأليف الهيأة فانه لابد من:
المداولة أي تبادل الآراء بين جميع القضاة المشكلين لهيأة المحكمة التي سيصدر عنها الحكم، وعلى كل حال فان التنظيم القضائي الحالي وخصوصا بعد صدور ق م ج أضفى على مؤسسة المداولة أهمية خاصة مادام إغفالها يودي إلى بطلان الحكم.
كما يجب أن يصدر الحكم عن قضاة شاركوا في جميع المناقشات ’ وإلا كان ما يصدر عنها من مقررات باطلا.
ونشير في هدا السياق إلي المادة 300 من قانون المسطرة الجنائية التي استوجبت ضرورة علنية إجراءات البحت والمناقشات في جلسة علنية[60]تحت طائلة البطلان(باستثناء جلسات التي تكون سرية كقضايا الاحداث)، هدا وإن كان مبدأ العلنية كمبدأ مشترك بين مختلف المحاكم فإن المشرع لم يجعله من النظام العام ودك لكون الدفع بالبطلان المقرر في هده الحالة، رهين بطلبه من النيابة العامة أو مطالب بالحق المدني أو المتهم، وهو ما جعل بعض الشراح يرى أن الحق في علانية الجلسة كمبدأ عندنا " كباقي الحقوق مطلوب وغير محمول ". [61].
هدا وإن كان تباين التشكيلة بين المحاكم الوارد بشكل واضح فيما سبق، فإن الاتفاق بينهما وارد في نتيحه كل حكم صدر عن هيآه مشكلة تشكيلا غير سليم أو صادر في غيبة النيابة العامة وكاتب الضبط الذي هو البطلان، هدا ويتضح من كل دلك غاية المشرع من وراء تنظيمه المحكم والمنسجم للمحكمة.
ثانيا: البطلان الناتج عن الإخلال بشكليات الحكم
علي اعتبار الحكم عنوان الحقيقة فلا يكفي النطق به من طرف هيآه مشكلة تشكيلا قانونيا وفي جلسة علنية لاكتسابه وجوده القانوني بل يجب أن يتضمن بالإضافة إلا دلك شروطا وبيانات، كما يحب تعليله تعليلا كافيا وكاملا.
1- البطلان لغياب مشتملات الحكم
محتويات الحكم هي مجموع البيانات التي اوجب المشرع تضمينها في الحكم، ودلك بمقتضى م 370 و365 من ق م ج، وأول صورة تحددت المادة 370 من ق.م.ج والتي نصت في فقرتها الأولى " تبطل الأحكام او القرارات او الأوامر: إذا لم تكن تحمل الصيغة المنصوص عليها في المادة 365 وهي علي الشكل التالي '' المملكة المغربية باسم جلالة الملك وطبقا للقانون: " ونشير إلى ان الفصل 347 من ق م ج الملغى والدي حلت محله م 365 لم يكن يقضي بوجوب صدور الأحكام باسم جلالة الملك إلى ان الفقه والقضاء كانا يتطلبان دلك اعتمادا على الفصلين 83من الدستور و50 من ق م م [62] وهدا ربما لن يجادل فيه اتنان فيما بعد لطالما ان القضاء نفود ملكي [63] والقاضي مفوض له الفصل في النزاع فقط نيابة عن امير المؤمنين.
ولهدا كان المجلس الأعلى يرتب البطلان على إغفال عبارة باسم جلالة الملك دون عبارة المملكة المغربية حيث جاء في احد قراراته " تصدير الحكم باسم جلالة الملك من القواعد الجوهرية للمسطرة وهو شرط أساسي لعدم البطلان ونسيانه يودي الى إفساد الحكم غير الحامل له " [64] لكن ما مصير الحكم الذي قد يصدر لكن في غياب عبارة وطبقا للقانون (وفق للتعديل الجديد في الدستور المغربي لسنة 2011)؟
وبالإضافة إلي الصيغة استوجب المشرع المغربي ضرورة تأريخ الحكم طبق للمادة 365 من ق.م.ج غير أنه لم يحدد ما ادا كان الأمر يتعلق بتاريخ الهجري أو الميلادي أو هما معا إلا أن الفقه المغربي [65]مجمع علي انه يكفي ذكر أيا منهما حتى يكون البيان كاملا، ويجب التميز بين حالتين الحالة التي لا يرد فيها التاريخ أصلا، والحالة الثاني التي يتم ذكره لكن متضمنا لخطا فهنا يمكن تصحيحه، لهدا ورد في حيثيات حكم للمجلس الاعلى في هدا الصدد ان الغلط المادي في تاريخ جلسة الحكم لا ينتج عنه بطلان الحكم مادام لم ينتج عنه اي ضرر [66].
كما يجب ان يتضمن الحكم طبقا للمادة 365 من ق م ج المحال عليها بمقتضى المادة 370من نفس القانون على بيان الهيأة التي أصدرته’ وبيان أطراف الدعوى المحكوم فيها مع تعين الاسم العائلي والشخصي للمتهم وتاريخ ومحل ولادته وقبيلته وفخدته ومهنته ومحل إقامته وسوابقه القضائية ورقم بطاقة التعريف الوطنية عند الاقتضاء وضرورة بيان الوقائع موضوع المتابعة وتاريخها ومكان اقترافها..، غير أن القضاء كثيرا ما لم يرتب البطلان كجزاء إجراءي عل خرق بعض تلك البيانات في الحكم هدا فقد دهب المجلس الأعلى في أحد قراراته " بيان الوقائع وتاريخها ومكان اقترافها لا يعتبر شكلية جوهرية ولا يدخل في الحالات التي ترتب البطلان عن الإخلال بها [67]، هدا وإن كانت مرجعية بطلان الحكم في حالة خلوه من البيانات السابقة منصوص عليه بشكل صريح وظاهر في منطوق المادة 370 من ق.م.ج فإنه ومن الأسف كثيرا ما خالف المجلس الأعلى هدا النص [68]، خرقا منه لمبدأ لا اجتهاد مع النص فقد نص علي أن عدم النص في منطوق الحكم علي نوع المخالفة والنص القانوني علي بطلانه لان أجزائها تكمل بعضها البعض وان ما قد يرد ناقصا في المنطوق يكمل بالحيثيات، كما انه أستوجب المشرع ضرورة ان يتضمن الحكم توقيع رئيس الجلسة وكاتب الضبط طبقا للمادة 371 غير ان المشرع تعامل نع هده الحالة وفق نظام محكم لما قد يحول حائلا دون التوقيع من قبل الرئيس" لكن ماذا لو تم هدا التوقيع خارج الأجل؟
2- البطلان نتيجة التعليل المعيب
بالرجوع للمادة 370 من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص علي ان " تبطل الأحكام او القرارات او الأوامر:
3 – إدا لم تكن معللة او ادا كانت تحتوي علي تعديلات متناقضة"
ومن هده الفقرة يتضح بشكل جلي ان البطلان الدي قد يلحق الحكم في هده الحالة علي ثلات مستويات فأما انعدامه كان يأتي خاليا من دكر أسبابه بالمرة (وإن كان ناذرا الوقوع.. )، كما انه قد يلحق محتوي الحكم وصورته ووجود اسبابه الي انها قد ترد ناقصة ومقتضبة من جهة كما قد ترد ولكن بشكل متناقض (تناقض أجزاء الحكم)، لدلك فان تعليل الحكم ركن جوهري لصحته فبه تتمكن محكمة النقض من فرض رقابتها علي صحة تطبيق محكمة الموضوع للقانون، كما يشكل معيار لمعرفة حظوظ الخصوم في تعديله في حالة الطعن فيه ولهدا قضا المجلس الأعلى (محكمة النقض) في قرار له حيث جاء في حيثياته " يجب ان يكون كل حكم معللا من الناحيتين الواقعية والقانونية والا كان باطلا وان نقصان التعليل يوازي بطلانه "
كما قضت محكمة النقض في قرار لها جاء فيه " المحكمة المطعون في قرارها نصت في منطوقه علي انها أيدت منطوق الحكم الابتدائي وهدا الأخير قام بإدانة الطاعن.... حيث وأنه والحال هده يكون الحكم الابتدائي المطعون فيه بالاستئناف غير معلل تعليلا سليما تكون قد اضفت تناقضا بين أجزاء تعليل قرارها الدي يجب ان يخلو منه تحت طائلة البطلان " [69]، لهدا يشترط في التعليل ان يأتي كاملا وسليما وان لا يكون التناقض بين اجزائه متناقضة فادا كانت أسبابه متناقضة فانه يلغي بعضها البعض ويكون الحكم خاليا من الأسباب، وكذلك فان منطوق الحكم هو نتيجة أسبابه ويترتب عليه فهم حقيقة معناه فالتناقض بين الأسباب والمنطوق يعتبر عدم وجود أسباب الشيء الدي يؤدي الي بطلانه [70]، كما تضيف المادة 373 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الخامسة " تبطل الأحكام والقرارات او الأوامر ادا لم تصدر في جلسة علنية خرقا لمقتضيات المادة 364 من ق.م.ج، حتي ولو نوقشت القضية في جلسات سرية كما هو الحال في قضايا الأحداث ويكون الحكم الصادر خرقا لمبدأ علنية الجلسات باطلا [71].
وهكذا لا يكون الحكم باطلا ولا يكون بالتالي معرض للنقض اد هو اغفل في صدره إيراد احد البيانات كالبيانات الواردة في الفقرة 3 4 6 من م 365 من ق م ج بالرغم من انه حسب اعتقادنا المتواضع ان إغفال المقتضى الوارد في البند الرابع من شانه المساس بحقوق الإطراف (كيفية وتاريخ الاستدعاء الموجه للإطراف..
ويجب التنبيه في هدا الصدد إلا بعض الأخطاء المادية (أن يرد في الحكم غلط مادي صرف) يتم إصلاحها ولا يترتب عنها البطلان وبالتالي عدم فتح إمكانية للطعن فيه بالنقض ادا لم ينشا عنها ضرر للمشتكي منه ولا يشكك لا بسلامة الإجراء المتخذ ولا ببيانات الحكم [72][73]. الشيء الذي يستشف منه توجه المشرع والقضاء نحو التوسع في المفهوم الحقيقي للبطلان القضائي والمتعلق أساسا بمصلحة الأفراد أي ما يسمى (البطلان النسبي) والدي يقره القاضي نتيجة المسا س بحق من الحقوق الجوهرية للشخص.

خاتمة
ومما سبق دراسته أعلاه يتضح بشكل جلي أن المكانة الحقوقية لموضوع البطلان في قانون المسطرة الجنائية باعتباره ضامنا للحقوق والحريات، وتعزيزا لهذه المكانة إرتأينا وضع بعض المقتراحات من قبيل ما يلي:
-على المستوى التشريعي نأمل مستقبلا:
-تبني صياغة تشريعية واضحة بخصوص موضوع البطلان ولما لا تخصص حيز لتنظيمه، بدل إستعمال مفاهيم تبعث الارتياب في نفسية الباحث، فالمادة 289 جاء فيها عبارة لايعتد، والمادة 751 التي جاء فيها عبارة كأن لم يكن)...
- المشرع لم يتشدد في النص على البطلان لمخالفة أحكام بعض الإجراءات الماسة بالحرية الفردية من قبيل الوضع تحث الحراسة النظرية والاعتقال الإحتياطي والمراقبة القضائية، وهذا في دولة الحق والقانون خاصة وأن المغرب صادق على اتفاقيات دولية التي ترعى حقوق الإنسان وعدم اعتقاله قسرا.
- النص على أثار البطلان ومدى إمكانية إعادة الإجراء المعيب كما هو الحال في التشريع الإجرائي المصري
على المستوى القضائي: اقتناعا منا أن سن القوانين وحده لا يكفي لحماية الحقوق وصيانتها فإن المعول عليه في موضوع البطلان في المادة الجنائية تدخل القاضي بميزان العدل لحماية حقوق وحريات الأفراد.
-------------------------------------------------
هوامش:
[1] ذ عبد الواحد العلمي "شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية"، الجزء الاول، مطبعة الجديدة الدار البيضاء، الصفحة 48 و49.
[2] عبد الواحد العلمي مرجع سابق، الصفحة 49 و50.
[3] د رمزي سيف، الوجيز في قانون المرافعات، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1981، الصفحة 411.
[4] د سليمان عبد المنعم، بطلان الإجراء الجنائي، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية 1995.
[5] عبد الواحد العلمي مرجع سابق، الصفحة 59.
[6] عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، الصفحة 62.
[7] -الأساتذ: أحمد قيلش، مجيدي السعدية، سعاد حميدي، محمد زنون "الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية" الطبعة الثانية 2016 – دار النشر والتوزيع- الصفحة 9
[8] القانون رقم02، 22 المتعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيده الظهير الشريف رقم 1.02.255 بتاريخ 25 رجب 1423 الموافق ل3 أكْتوبر
2002
[9] -كتاب الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية الصفحة 194 –مرجع سابق-
[10] -تنص المادة 212 على " يترتب كذلك البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الأطراف.
يمكن لكل متهم أو طرف مدني أن يتنازل عن ادعاء البطلان المقرر لفائدته، ويجب أن يكون هذا صريحا. ولا يقبل تنازل المتهم إلا بحضور محاميه أو بعد استدعائه شخصيا
يعرض التنازل على الغرفة الجنحية وفقا للمادة السابقة "
[11] -تنص المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية على " يجب تحت طائلة السقوط، أن تقدم قبل كل دفاع في جوهر الدعوى، ودفعة واحدة، طلبات الإحالة بسبب عدم الاختصاص –ما لم تكن بسبب نوع الجريمة- وأنواع الدفع المترتبة إما عن بطلان الاستدعاء أو بطلان المسطرة المجرأة سابقا، وكذا المسائل المتعين فصلها أوليا.
[12] -تنص المادة 211 من قانون المسطرة الجنائية "إذا ظهرلقاضي التحقيق أن إجراءا من إجراءات التحقيق معرض للبطلان، فعليه أن يحيله إلى الغرفة الجنحية للبت فيه بعد استشارة النيابة العامة وإخبارالمتهم والطرف المدني.
إذا ظهر للنيابة العامة أو للمتهم أو للطرف المدني أن إجراءا مشوبا بالبطلان قد اتخذ فلم يطلبو من قاضي التحقيق أن يوجه ملف الدعوى إلى النيابة العامة لإحالته إلى الغرفة الجنحية بمحكمةالاستئناف رفقةالطلب الذي يبينون فيه أسباب البطلان خلال خمسة أيام تقرر هذه الغرفة ما إذا كان يجب أن يقتصر البطلان على الإجراء المقصود أو يمتد كلا أو بعضا للإجراءات اللاحقة
[13] -سعيد بيرام وعبد الوهاب الطنجي " البطلان الإجرائي في قانون المسطرة الجنائية–دراسة عملية- بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء سنة 2013-2015 ص 51
[14] -أحمد الخمليشي، مرجع سابق ص233
[15] - المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية تنص:" لا يمكن الشروع في تفتيش المنازل أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليلا.
الا اذا طلب ذلك رب المنزل أو وجهت استغاثة من داخله أو في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون ".
تنص الفقرة الأولى من المادة 59 من ق م ج "إذا كان نوع الجناية أو الجنحة مما يمكن إثباته بحجز أوراق ووثائق أو أشياء أخرى في حوزة أشخاص
[16] - يظن انهم شاركوا في الجريمة، أو يحوزون مستندات أو أشياء تتعلق بالأفعال الإجرامية، فأن ضابط الشرطة القضائية ينتقل فورا الى منزل هؤلاء الأشخاص ليجري فيه طبقا للشروط المحددة في المادتين 60 و62 تفتيشا يحرر محضرا بشأنه".
تنص الفقرة الثالثة من المادة 59 من ق م دج "إذا تعين إجراء التفتيش في أماكن معدة لاستعمال مهني يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني
[17] - فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة وأن يتخذ مسبقا جميع التدابير لصمان احترام السر المهني.«وأيضا اشارت مادة 15 من ق م ج.
الفقرة الرابعة من المادة 59 من ق م ج "اذل كان التفتيش أو الحجز...تحصى الأشياء والوثائق المحجوزة فورا وتلف أو توضع في غلاف أو وعاء أو
[18] - كيس ويختم عليها ضابط الشرطة القضائية".
[19] - الفقرة الأخيرة من المادة 59 من ق م ج "...ويحرر ضابط الشرطة القضائية محضرا بما قام به من عمليات".
[20] د-عبد الواحد العلمي في كتابه شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الأول، الطبعةالسابعة، مطبعة النجاح الجديدة –الدار البيضاء 434 -435.
[21] تنص المادة 80 من ق م ج "إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس، وكانت ضرورة البحت التمهيدي تقتضي من ضابط الشرطة القضائية إبقاء شخص رهن إشارته فله أن يضعه تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز تمان وأربعين ساعة بإذن من النيابة العامة


[22] تتجلى هذه الأسباب: الحفاظ على الأدلة والحيلولة دون تغيير معالم الجريمة – القيام بالأبحاث والتحريات التي تستلزم حضور أو مشاركة المشتبه فيه وضع المشتبه فيه رهن إشارة العدالة والحيلولة دون فراره- الحيلولة دون ممارسة أي ضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم أو أقاربهم- منع المشتبه فيه من التواطؤ مع الأشخاص المساهمين أو المشاركين في الجريمة- حماية المشتبه فيه-وضع حد للاضطراب الذي أحدته الفعل بسبب خطورته او ظروف ارتكابه أو الوسيلة التي استعملت في ارتكابه، أو بالنظر لخطورة المشتبه فيه (المواد 66 و1-66 و80 م ج)


[23] نذكر: مسك السجل النصوص عليه في الفقرة ا9و10 من م 66 من ق م ج -تضمين اليوم والساعة وضع المشبوه فيه تحت الحراسة ويوم وساعة إطلاقا أو تقديمه الى السلطة القضائية المختصة في كل من محضر استجواب والسجل وكناش تصريحات م 67فقرة الاولى م ج –امضاء المشبوه فيه على هذا التضمين في المحضر أو الإشارة الى امتناعه عن الامضاء مع إشارة الى تلك التضمينات في محضر موجه الى السلطة القضائية-اشعار عائلة الموضوع تحت الحراسة فور تقرير ضابط لهذا الاجراء فقرة الثانية من م 67 م ج -توجيه لائحة بأسماء الموضوعين تحت الحراسة الى النيابة العامة فقرة أخيرة من م 67 -الفترة التي يحددها القانون للوضع تحت الحراسة بما في ذلك التمديد المخول للنيابة العامة وقاضي التحقيق–تحرير ضابط شرطة قضائية محضر، انظر د عبد الواحد العلمي م س جزء الأول ص415 و.416
[24] المادة 63 تنص " يعمل للإجراءات المقررة في المواد 59 و60 و62 أعلاه تحت طائلة البطلان"
24 [25] المادة 66 من ق م ج تنص: «اذا تطلبت ضرورة البحت أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص..لمدة لا تتجاوز 48 ساعة ابتداء من ساعة25 توقيفهم....ويمكن بإذن من النيابة العامة لضرورة البحت تمديد الحراسة النظرية لمرة واحدة أربعا وعشرين ساعة اذا تعلق الامر بأمن الدولة الداخلي فإن مدة الحراسة النظرية تكون ستا وتسعين ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة.....اذا تعلق الامر بجريمة إرهابية فإن مدة الحراسة النظرية تكون ستا وتسعين ساعة قابلة للتمديد مرتين لمدة ست وتسعين ساعة في كل مرة."نفس الامر تنص عليه المادة 80 من ق م ج.


[26] د عبد الواحد العلمي م س جزء الأول ص 416 و417
27 [27] بتاريخ 14 يوليوز 1972 ملف رقم 39047 نقلا عن د أحمد الخمليشي في كتابه شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزءالأول، طبعةالأولى، مكتبة المعارف الرباط ص 296


[28] قرار جنائي صدر في القضية عدد 324 -317 -78 منشور بمجلة رسالة المحاماة العدد3 ص 59 نقلا عن د الحسن البوعيسي في كتابه عمل الضابطة القضائية بالمغرب ص 228وما بعدا
[29] - د أحمد الخمليشي في كتابه شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزءالأول، م س ص 302
[30] نص المادة 23 من ق م ج:" يجب على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بما أنجزوه من عمليات وأن يخبروا وكيل الملك أو وكيل العام
[31] تنص المادة 24 من ق م ج:"المحضر في مفهوم المادة السابقة هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أتناء ممارسة مهامه ويضمنها ما عاينه أو ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه.
دون الاخلال بالبيانات المشار اليها في مواد أخرى من هذا القانون أو في نصوص خاصة أخرى، يتضمن المحضر خاصة اسم محرره وصفته ومكان عمله وتوقيعه، ويشار فيه الى تاريخ وساعة انجاز الإجراء يتضمن محضر الاستماع هوية الشخص المستمع اليه ورقم بطاقة تعريفه عند الاقتضاء، وتصريحاته والاجوبة التي يرد بها عن الأسئلة ضابط الشرطة القضائية إذا تعلق الامر بمشتبه فيه يتعين على ضابط الشرطة القضائية اشعاره بالأفعال المنسوبة اليه.
يقرأ المصرح تصريحاته أو تتلى عليه ويشار الى ذلك بالمحضر تم يدون ضابط الشرطة القضائية الإضافات أو التغييرات أو الملاحظات التي يبديها المصرح أو يشير الى عدم وجودها يوقع المصرح الى جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر عقب التصريحات وبعد الإضافات ويدون اسمه بخط يده.واذا كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ويشار الى ذلك في المحضر.
يصادق ضابط الشرطة القضائية والمصرح على التشطيبات والاحالات. يتضمن المحضر كذلك الإشارة الى رفض التوقيع أو الإبصام أوعدم استطاعته مع بيان أسباب ذلك".


[32]- وزارت العدل، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، 2007، ص291.


[33] - عبد الواحد العلمي، شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثاني، مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء.
الطبعة الثالثة. ص143. 144.
[34] - سعاد التيالي، مؤسسة الضابطة القضائية، محاضرات في ق م ج موضوع بمركز النسخ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله.
فاس.2018.2017 الصفحة21.
[35] - وزارت العدل، شرح ق م ج، الجزء الثاني، ص 291
[36] - أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، دار النشر المعرفة، الطبعة الأولى 1980. ص 18.
[37] - قرار عدد 44.35 بتاريخ 1985 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 39 ص 179. أشارت إليه ذ. سعاد التيالي، مؤسسة الضابطة القضائية، م س.الصفحة 22.
[38] -- محمد بزلافة- حقوق الدفاع- محاضرات في ق م ج موضوع بمركز النسخ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله.
فاس.2018.2017. ص 30.
[39] - أنظر المادة 139 من قانون المسطرة الجنائية.
[40] -- قرار محكمة النقض، عدد 183 الصادر بتاريخ 1970/12/24، منشور بمجموعة قرارت المجلس الاعلى، المادة الجنائية، ص
57 ومابعدها.
[41] - قرار محكمة الاستئناف بوجدة عدد 2859 بتاريخ 30/ 03/ 2004 في ملف عدد 04.17 منشور بمجلة المناظرة، العدد التاسع، ص 207.
[42] - أنظر المادة 101 من ق م ج.
[43] - محمد أحداف، شرح قانون المسطرة الجنائية، مسطرة التحقيق الاعدادي، الجزء الثاني، مطبعة سجلماسة مكناس. طبعة الاولى، 2005، ص 506. 507.
[44] - إجنان عماد، ضمانات المتهم في التحقيق الاعدادي، رسالة دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص، المحمدية،
2016 -2017.ص 51.
[45] - عمر أزكار. بطلان إجراءات التحقيق في ضوء قانون المسطرة الجنائية، مجلة رسالة المحاماة، عدد25. سنة 2005.
[46] - قرار رقم 786 مؤرخ في 23-11-1960 مجموعات قرارت الغرفة الجنائية، المجموعة الثانية الصفحة 189، أورده الاستاذ عبد الواحد العلمي، م. س. في الهامش، صفحة 145.
[47] - الفقرة الثانية من المادة 308 " يتضمن الاستدعاء، تحت طائلة البطلان، بيان اليوم والساعة ومحل انعقاد الجلسة ونوع الجريمة وتاريخ ومحل ارتكابها والمواد القانونية المطبقة بشأنها. " والمادة 420 في فقرتها الثانية تنص "... ويتضمن الاستدعاء تحت طائلة البطلان، ملخصا للوقائع والتكيف القانوني لها والمواد القانونية التي تعاقب عليها
[48] - قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 1464 بتاريخ 02/02/1989، منشور بمجموعة قرارات المجلس الاعلي، المادة الجنائية سنة 1997، الجزء الأول.ص101.
[49] - قرار محكمة الاستئناف بأكادير 249 بتاريخ 05/ 06/1996 في الملف الجنائي عدد 314 65، منشور بمجلة رسالة المحاماة ؛عدد، 17 ص
.173
[50] - أنظر المادة 310 من ق.م.ج.
[51] -قرار عدد 21015 بتاريخ 17/09/2008 في ملف عدد 15433/07 غير منشور
[52] - لطيفة الداودي " دراسة في قانون المسطرة الجنائية وفق الاخر التعديلات " مطبعة الوراقة الوطنية -طبعة السادسة (مزيدة ومنقحة مارس
2016).ص 381.
[53] - بنوعيه اعتراف قضائي وغير قضائي
[54] - قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 5827 بتاريخ 04/07/1988 منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 58 ص 71.
[55] - عبد الواحد العلمي " شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية " – الجزء الثاني م.س.ص 28
[56] - لطيفة الداودي دراسة في قانون المسطرة الجنائية مرجع سابق ص 398.
[57] - قرار محكمة النقض عدد 188 بتارخ 06/06/1975 في الملف الجنجي عدد 44091 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 128 ص 218.
[58] - جاء في المادة 374 م.ج " تعقد المحكمة جلساتها بقاضي منفرد وبحضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط.
- يترتب البطلان عن الإخلال بهده المقتضيات"
[59] - المادة 417 من قانون المسطرة الجنائية " تتألف غرفة الجنايات من رئيس من بين رؤساء الغرف ومستشارين اثنين تعينهم الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف لكل سنة، كما تعين الجمعية للمحكمة بين أعضاءها رئيسا ومستشارين إضافيين.
[60] - يجب التميز هنا بين علنية الجلسة المقررة بموحب المادة 300 ق.م. ج والمكرسة في الفصل 123 من الدستور، وعلنية صدور الأحكام التي تعرض لها المشرع في المادة 360 من.ق.م.ج والفصل 125 من دستور 2011
[61] عبد الواحد العلمي مرجع سابق ص 296.
[62] انضر،عبد الواحد العلمي " شروح في ق الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية " ج 3 طرق الطعن في الأحكام الطبعة الأولى& 432 -1
2011ص ج 3 ص39.
[63] قول باحنيني رحمة الله عليه وزير العدل سابقا ورئيس محكمة النقض
[64] قرار جنائي عدد 104 بتاريخ 15 /07/1958/ ملف ع 963، مجلة القضاء القانون
[65] - أحمد الخمليشي " شرح قانون المسطرة الجنائية،" جزء الثاني،الطبعة الرابعة شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع ’،الرباط، الصفحة
.220
أحمد أجويد الجزء الثاني ص173.
[66] قرار رقم 638 في 10/6/61 قضاء المجلس الاعلى في المواد الجناءية نشر كلية الحقوق بالرباط سنة 1962.
[67] - قرار المجلس الاعلي عدد 1058 الصادر بتاريخ 27 /04/1978 ملف جنحي عدد 54-330 منشور بمجلة رابطة القظاة ص12 /13.
[68] - قرار المجلس الاعلي عدد 7552 بتاريخ 11/07/1985 ملف عدد 23/2017 -24 مجلة المحاكم المغربية عدد 385 ص 77.
[69] - قرار محكمة النقض عدد 186 بتاريخ 12 مارس 2010 في ملفل جنحي عدد 959، 18/06/01/2013. منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 17. 2014ص 377.
[70] - عبد الحميد الشورابى، البطلان الجنائي.
[71] -قرار محكمة النقض عدد 1426 بتاريخ 09/12/2010 في ملف الحنجي عدد139/14/10 منشور بمنشورات قرارات المحلس الاعلي، الغرفة الجنحية الجزء الثاني ص 58 وما يليها.
[72] ص46.
[73] - انضر،عبد الواحد العلمي " شروح في ق الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية " ج 3 طرق الطعن في الاحكام الطبعة الاولى& 432 -1

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -