الجهوية المتقدمة ورش ملكي من آجل مغرب متقدم ومتوازن الجهات

عرض بعنوان: الجهوية المتقدمة ورش ملكي من آجل مغرب متقدم ومتوازن الجهات PDF


الجهوية المتقدمة ورش ملكي من آجل مغرب متقدم و متوازن الجهات PDF

مقدمة
إذا كان التنظيم الإداري قــــد قام في البداية على أسس المركزية الإدارية المطلقة، فإن اتساع نشاط الدولة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، جعل من غير الممكن الاعتماد على هذا النظام المركزي لوحده وهذا ما أدى إلى ظهور نظام اللامركزية باعتباره نظاما يمكّن من الاضطلاع بتسيير الأعباء المحلية.
وكان من غير الممكن أن تتخلى الدولة عن حقها في إدارة المرافق والمصالح القومية، في مقابل إسناد إدارة المرافق والخدمات المحلية إلى هيئات ترابية لامركزية، لتشاركها في أمور التسيير والتدبير في إطار ما يسمى بنظام الجهوية أو أي أسلوب يتلاءم مع سياستها الإدارية .
لذا فقد عملت الدولة على تطوير جهازها الإداري بشكل يسمح لها بتأمين تواجدها على مجموع التراب الوطني، وهذا ما قام به المغرب غداة الاستقلال بالنسبة للمؤسسات المكلفة بوظيفة السلطة. بالإضافة إلى إقرار مؤسسات تستطيع تدبير الشؤون المحلية على الصعيد الترابي، وذلك فيما يصطلح عليه باللاتمركز الإداري.
وعلى هذا الأساس، انصب تفكير المشرع المغربي منذ السنوات الأولى للاستقلال حول إيجاد صيغة لتنظيم إداري يستجيب للإكراهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولهذا الغرض تم إصدار ميثاق جماعي في 23 يونيو 1960 , ليتم بذلك وضع أول أساس تشريعي لإقرار مبدأ اللامركزية الإدارية الذي يتضمن توجيهات عامة كخطوة أولى في إطار النهوض بالتنظيم المحلي، غير أنه لم يقم بدور يذكر في هذا المجال، لكونه لم يعطي اختصاصات مهمة للمجالس المنتخبة.
بعد ذلك تم وضع قانون لتنظيم العمالات والأقاليم بمقتضى ظهير 12 شتنبر 1963 الذي جعل العمالات والأقاليم بمثابة وسيط بين السلطة المركزية والجماعات المحلية لتكملة وتطوير اللامركزية، كما شكلت أهم التقسيمات الإدارية التي عرفتها البلاد خلال تلك الفترة طفرة نوعية سعت من خلالها إلى مراقبة وتأطير المجتمع لفرض سلطاتها الإدارية والسياسية على مجموع التراب الوطني، وكذلك لتجاوز الازدواجية المتمثلة في (المغرب النافع) و(المغرب غير النافع) , خاصة وأن المدن الساحلية - محور الدار البيضاء , القنيطرة تستحوذ على أهم الأنشطة الاقتصادية في محاولة لتحقيق تنمية محلية تشمل مجموع التراب الوطني .
وللوصول إلى هذا المبتغى، انصب الاهتمام على الجهة كإطار أصلح لدمج كافة المؤهلات والإمكانيات المتوفرة من خلال ظهير 16 يونيو 1971، غير أن الممارسة قد أبانت عن وجود عدة اختلالات حالت دون تشجيع الأنشطة الاقتصادية والخدمات العمومية الضرورية للمواطنين.
هكذا تم إصدار ميثاق جماعي آخر بمقتضى ظهير 30 شتنبر 1976 الذي أعاد الاعتبار للجماعة
المحلية كإطار للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشكلة بذلك قفزة نوعية لوضع النواة الأولى لإدارة اقتصادية واجتماعية محلية، ليتم في 02 ابريل 1997 إحداث قانون متعلق بالتنظيم الجهوي قانون رقم 96/47 بعد أن تم الارتقاء بالجهة إلى جماعة محلية بمقتضى التعديلات الدستورية لسنتي 1992 و 1996، حيث أنيطت بالجهة اختصاصات واسعة للبث في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بها.
وبما أن المغرب قد قطع أشواطا مهمة في ترسيخ اللامركزية، منذ السنوات الأولى للاستقلال وبهدف تعميق مسلسل اللامركزية والتنمية البشرية المحلية، تم اعتماد ميثاق جماعي جديد سنة 2002، يتضمن مقتضيات ترمي على الخصوص إلى تعزيز الاستقلالية المعنوية والمالية والحكامة المحلية، وتحسين وضعية المنتخب وشفافية تدبير الشأن المحلي العام، وتوضيح اختصاصات المجالس المنتخبة.
وبما أن السياسة المتبعة في تدبير الشأن المحلي أثبتت قصورها عن بلوغ النتائج المتوخاة منها، أصدر المشرع المغربي قانونين جديدين قانون رقم 78-00 المتعلق بالتنظيم الجماعي الذي أدخلت عليه تعديلات جديدة واردة في القانون رقم 17.08 الصادر في فبراير 2009 , والقانون رقم 79- 00 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم . 
وفي مقابل ذلك وسع صلاحيات ممثلي السلطة المركزية وكذا الهيئات اللاممركزة، مما جعل هذه المجالس بعيدة كل البعد عن الممارسة الفعلية لتدبير الشأن المحلي، إضافة إلى تكريس وصاية مالية وإدارية للتضييق من هامش المبادرة المعترف بها للجماعات المحلية الحضرية والقروية.
فالي أي حد يمكن اعتبار اللامركزية في صورتها الإدارية لازمة لعدم التمركز في إطار المقاربة الدستورية؟ وستنبثق عن هذا السؤال المركزي أسئلة أخرى على سبيل المثال لا الحصر:
هل لابد من وجود هيئات غير ممركزة لإنجاح اللامركزية الإدارية؟
هذه الأسئلة تتطلب تحليلا أكثر اتزانا وأكثر مرد ودية، بشكل يساعد على تحديد أسس الالتقاء والتكامل بين أسلوبي المركزية وعدم التمركزمن خلال مضامين نص الخطاب الملكي.
و للإجابة على الإشكالية الرئيسية والأسئلة الفرعية سوف نقسم موضوع الدراسة إلى مبحثين اثنين، نخصص الأول منهما لدراسة (التكريس الدستوري للجهوية من خلال نظامي اللامركزية واللاتمركز)، نتناول فيه تحليل الإطار القانوني والمؤسساتي للاتمركز الإداري في (مطلب أول) , ثم الإطار القانوني والمؤسساتي
للامركزية الإدارية و علاقتها مع مفهوم الجهوية في ( مطلب ثاني). لنجيب في المطلب الثالث عن سؤال أيهما أفضل :
المركزية أم اللامركزية؟
أما المبحث الثاني فسنتطرق فيه إلى أهمية نظام اللامركزية في ظل التبعية والارتباط بالسلطة وبالمؤسسات اللاممركزة للدولة، وذلك من خلال دراسة نتناول إشكالية نجاعة التنسيق بين الأجهزة المنتخبة و الوحدات الترابية من أجل تحقيق تنمية مندمجة و مستدامة (المطلب الأول) , ثم مسألة وحدة الدولة و الوطن والتراب ، دائما في إطار مفهوم الجهوية (المطلب الثاني)، دون إغفال التطور النوعي في إصلاح نظامي اللامركزية وعدم التمركز من خلال الوقوف (في مطلب ثالث) على مبادئ التوازن والتضامن التي أتى بها الخطاب السامي لصاحب الجلالة. 
______________________________

لائحة المراجع:

• ملف حول اللامركزية اللاتركيز , منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , Remald الطبعة الأولى ,9991 .
• محرم( صبحي)/ الخطيب( محمد فتح الله) , "اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلي" , دار النهضة العربية , 
• أشغال المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية )الرباط 21 ابريل 1992( 
• الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 23 نونبر 3991 , 
• وزارة الداخلية: تقرير حول "عدم التركيز الإداري لازمة اللامركزية", المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية – الدار البيضاء 19-20 أكتوبر 1998. 
• الظهير الشريف الصادر يوم 15 فبراير 1977 المعدل والمتمم بظهير بمثابة قانون رقم 293- 
93-1 بتاريخ 6 أكتوبر 1993 بشأن اختصاصات العمال 
• مقال من إعداد عبد الصمد السكال، باحث متخصص في التعمير والتنمية المجالية، منشور بجريدة هسبريس الإلكترونية بتاريخ 11 ماي 2012. 
• الجريدة الرسمية عدد 8505 الصادرة في 12 نونبر 2002 
• محمد موني وعماد أبركان، متطلبات الحكامة في التنمية الترابية بالمغرب )منشور على الانترنت دون تفاصيل( 
• عرابي الغمري":تحديث الإدارة الترابية للدولة في المغرب"، أطروحة لنيل الدكتوراه في 
القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، 4002 - 3002 ، 
• المملكة المغربية، وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري" :الإدارة المغربية وتحديات - 
" 2010مناظرة منشورة من قبل وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، ماي 2002، 
مقال ل ذ. ميلود بلقاضي "االمغرب من الجهوية الادارية الى الجهوية الموسعة" 
ذ. ميلود بوكريطي "القانون التنظيمي حول الجهة الصادر في 07 يناير 2015 "المزايا والعقل" 
ذ. الشكاري كريم "الجهوية المتقدمة بين مقتضيات القانون الدستوري الجديد وآفاق الوضع الجديد" 
محمد اليوسفي" مساهمة الجهوية السياسية في الحفاظ على وحدة الدولة" 
• مصطفى قريشي؛ الجهوية المتقدمة ورش مفتوح للحكامة الترابية ، مجلة مسالك للفكر والسياسة والاقتصاد ، العدد 30/29 السنة 2015. 
كريم لحرش: الحكامة المحلية بالمغرب ، مطبعة طوب بريس، الرباط الطبعة الأولى 2009 
• الدستور الجديد للمملكة المغربية صادر بتنفيده الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليو .2011

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -