حماية الدائنين في نظام صعوبات المقاولة

عرض بعنوان: حماية الدائنين في نظام صعوبات المقاولة PDF

حماية الدائنين في نظام صعوبات المقاولة PDF

مقدمة :
عرف العالم خلال العقود الماضية ، تحولات عميقة مست مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولاشك أن هذه التحولات ، أدت بالمشرع المغربي الى الخوض في مسلسل الإصلاحات في الترسانة القانونية 1،وخاصة تلك المتعلقة بميدان الأعمال، لكي تكون أكثر توافقا وانسجاما مع الظرفية الاقتصادية الحالية ، ونظرا لأهمية دور المقاولات في إرساء البناء الاقتصادي وترسيخ دعائم الاستقرار الاجتماعي وكذا اعتبارها النموذج الأمثل لممارسة الأنشطة التجارية ، أولت التشريعات أهمية بالمقاولة من حيث حمايتها والنهوض بها ، إلا أن شبح الافلاس قد يهدها في كل وقت وحين مما يصعب عليها مواجهة الخصوم بالأصول القابلة للتصرف وتأديتها للدائنين في أجل الاستيفاء .
ويعتبر الدائنين مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين والتجاريين ، فهم جزء لا يتجزأ من منظومة الاقتصاد الوطني [1]بحيث يعتبرون ركيزة أساسية، كون المقاولة مهما كان حجمها وأهميتها لا يمكن الاكتفاء بتمويلها الذاتي لمواجهة العمليات التجارية التي تتميز بالكثرة والتنوع .
الأمر الذي فرض على المقاولة التفكير في حلول بديلة لمواجهة هذه العراقيل وذلك عبر تقنيات الائتمان التي تشكل دعامة أساسية لتطور الاقتصاد ولقد تم تعريف الائتمان " مجموعة من التقنيات والأساليب التي تتحول بواسطتها ملكية رأسمال معين بكيفية مؤقتة من شخص الى أخر على أساس أن يقوم هذا الاخير برد الرأسمال في تاريخ لا حق" [2]
إذن فالائتمان يظل ضرورة ملحة لدى المقاولات لإنجاز العمليات التجارية وكذا لمواصلة نشاطها لأنه يساهم في تمويلها، وتأسيسا على ذلك فإن ازدهار العلاقات التجارية يستدعى الحفاظ على الائتمان التجاري وحمايته من كل ما من شأنه أن يهدد وجوده .
وفي هذا السياق كان لابد من تدخل المشرع للإنتاج ترسانة قانونية وآليات حمائية للدائنين الذين يخاطرون بتقديم الائتمان إلى المدين وكان ذلك عبر مراحل تاريخية مختلفة [3].ونظرا لأهمية مؤسسة الدائن باعتبارها من أهم الحلقات الموجودة في النظام الاقتصادي الوطني أوجد المشرع الآليات التي تمنح الدائنين حماية كمسطرة التصريح بالديون وتحقيقها بالنسبة للدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح مساطر المعالجة أما بالنسبة للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مساطر المعالجة والذين يساعدون المقاولة في التمويل ، فهم مشمولون بامتياز استحقاق الديون ، كما خول المشرع للدائنين بعض الحقوق التي تشكل امتيازا لهم والمتمثلة في استشارة السنديك إما فرديا او جماعيا و كذلك التنظيم الجديد المسمى( جمعية الدائنين) 

أهمية الموضوع:
 تكمن أهمية الموضوع قيد الدراسة كون المقاولة وفي إطار توسعة انشطتها وخلق مشاريع جديدة أو مواجهة الصعوبات التي قد تواجهها تكون في حاجة للتمويل مما يضطرها الى اللجوء الى الائتمان من لدى الدائنين إلا ان هؤلاء لن يقوموا بمنح هذه التمويلات إلا إذا حصلوا على ضمانات او تعهدات بأداء ديونهم في تاريخ الاستحقاق وهو الأمر الذي جعل المشرع يوفر الآليات الحمائية لهم.

إشكالية الموضوع:
 مما لاشك فيه ان المشرع المغربي أعطى أهمية لإنقاذ المقاولة باعتبارها أداة للإنتاج والتشغيل إلا أنه أوجد آليات حمائية مهمة للدائنين، هذا ما جعلنا نطرح تساؤلا ت حول
ما طبيعة هذه الضمانات الحمائية؟ وهل هاته الآليات الحمائية حققت الحماية الكفيلة للدائنين ؟ ثم ما مدى فعالية هاته الآليات في نظام يفضل إنقاذ المقاولة على حماية مصالح الدائنين؟ 

المنهج المعتمد:
وبما أن البحث في المادة القانونية يحتم على الدارس والباحث الاعتماد على مناهج البحث العلمي فقد حاولنا في هذا الموضوع الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي حتى نتمكن من خلاله مناقشة النصوص القانونية ذات الصلة بالموضوع وتحليل مضامينها . 

التصميم المتبع:
 للإجابة عن الاشكالية سنعتمد على الخطة التالية :

المبحث الاول: حماية الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح مساطر التسوية القضائية
المبحث الثاني : حماية الذائنين الناشئة ديونهم بعد فتح التسوية القاضائية 
_____________________
الهوامش :
[1] اسماعيل بوهمو ، اليات حماية الدائنين في نظام مساطر صعوبات المقاولة ،مجلة القانون والاعمال ،عدد خاص بمساطر صعوبات المقاولة ، ص2 .
[2] حياة حجي، نظام الضمانات وقانون صعوبات المقاولة دارسة مقارنة ،أطروحة لنيل دكتوراه في القانون الخاص، نوقشت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية السويسي ،جامعة محمد الخامس، الرباط ،سنة 2009 ،ص 10
[3] تبنى المغرب نظام الافلاس سنة 1911 نتيجة تأثره بالقانون الفرنسي وكان هذا النظام يهتم بمصلحة الدائنين على حساب المقاولة وظل هذا النظام قائم الى حدود 1992 بصدور مدونة التجارة التي تم تخصيص بابها الخامس لنظام صعوبات و الذي شهد تعديل بموجب القانون 31 13 الذي حاول نسبيا اقامة توزان نسبي بين الدائنين والمقاولة رغم اهتمامه باستمرارية هذه الاخيرة على حسب مصالح الدائنين
[4] احمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثالث ،مطبعة المعارف
،الرباط ،ص 212.
[5] عبد الرحيم شميعة ،شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة على ضوء القانون 31- 13 ،مطبعة سجلماسة ،مكناس، 2018، ص
.220
[6] الديون الممتازة هي تلك الحقوق العينية التي يعطي القانون لصاحبها اسبقية في اقتضاء الحق مراعاة لصفته بنص القانون
[7] اسماعيل بو همو ،مرجع سابق، ص 8.
[8] ويشمل التصريح 1العناصر التي من شانها ان نثبت وجود الدين ومبلغه اذا لم يكن ناجما عن سند وان تعذر ذلك تقييما للدين اذا لم يخدد مبلغه بعد 2 كيفية احتساب الفوائد في حالة استئناف سريانها مع تنفيذ مخطط الاستمرارية 1 الاشارة الى المحكمة التي رفعت اليها الدعوى ان كان الدين موضوع نزاع
[9] حياه حجي، مرجع سابق، ص 202.
[10] عبد الرحيم شميعة ،مرجع سابق،ص 211.
[11] المادة 12 من ق م .م.
[12] قرار محكمة الاستناف التجارية الدار البيضاء بتاريخ 200/15 /12 عدد 2251/200 ملف رقم 2551/200/11 مجلة الباحث المغربي لقانون الاعمال ،عدد ،1 ص 180.
[13] المحكمة التجارية بمكناس ملف التسوية القضائية 11/01 عدد 20-02/2
[14] عبد الرحيم شميعة، م.س، ص212.
[15] المادة 202 من مدونة التجارة.
[16] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق، ص 212.
[17] حياة حجي، مرجع سابق، ص 221.
[18] المادة 315 من قانون 31 13 الفقرة الاولى "يمكن للأشخاص المعنيين أن يقدموا تعرض الغير الخارج عن الخصومة على المقرارت الصادرة عن المحاكم المنصوص عليها في الفقرتين الاولى والثالثة من المادة 311 اعلاه و المضمنة في قائمة الديون"...
[19] عبد الرحيم شميعة، م.س، ص 218.
[20] حياة حجي ، م.س، ص 225.
[21] احمد شكري السباعي، م.س، ص 212.
[22] المادة 310 في فقرتها الاولى " حينما ينظر القاضي المنتدب في الاختصاص أو في دين منازع فيه يتم استدعاء جميع الأطراف المعنية بجميع الوسائل المتاحة قانونا."
[23] تعتبر ديون عمومية بمقتضى القانون الضرائب المباشرة للدولة والرسوم المماثلة وكذا الضريبة على القيمة المضافة، المشار إليها بعبارة " الضرائب والرسوم " في ما يلي من هذا القانون
·الحقوق والرسوم الجمركية ؛ ·حقوق التسجيل والتمبر والرسوم المماثلة ؛ مداخيل وعائدات أملاك الدولة ؛ ·حصيلة الاستغلالات والمساهمات المالية للدولة ؛ الغرامات والإدانات النقدية ؛ ضرائب ورسوم الجماعات المحلية وهيئاتها ؛ سائر الديون الأخرى لفائدة الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية التي يعهد بقبضها للمحاسبين المكلفين بالتحصيل، باستثناء الديون ذات الطابع التجاري
[24] المادة 211 من مدونة التجارة "يشترط لصحة مداولات الجمعية أن يحضرها الدائنون الذين يمتلكون على الأقل ثلثي مبلغ الديون المصرح بها"...
[25] عبد الرحيم شميعة، م.س، ص 220.
[26] ظهير 9 رمضان 1111 بمثابة قانون الالتزامات والعقود 12 اغسطس 1911
[27] المادة 595 من مدونة التجارة "يجوز للمقاولة الحصول على تمويل جديد قصد مواصلة نشاطها، وإذا كان هذا التمويل مقابل ضمانة يتعين مراعاة مقتضيات المادة 593 ادناه."
[28] المادة 565 من مدونة التجارة.
[29] عبد الرحيم شميعة، م .س، ص 554.
[30] المادة من مدونة التجارة 288.
[31] محمد لفروجي، م .س ،ص 559.
[32] نوفل الداودية، م.س، ص 33.
[33] المادة 228 من مدونة التجارة.
[34] محمد لفروجي، م.س، ص 566.
[35] المادة 282 من مدونة التجارة.
[36] نوفل الداودية، م.س، ص 34.
[37] عبد الرحيم شميعة، م.س، ص 222.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -