تمثيل الأجراء في المقاولة

عرض بعنوان: تمثيل الأجراء في المقاولة PDF

تمثيل الأجراء في المقاولة PDF

مقدمة :
عانت الطبقة العامة مند فجر التاريخ من أبشع صور الاستغلال ،وازداد الأمر سوءا مع بزوغ الثورة الصناعية في انجلترا منتصف القرن الثامن عشر وما رافق ذلك من ظهور المصانع العملاقة التي تشغل ملايين العمال بثمن بخس وفي ظروف غير إنسانية، الشيء الذي ساهم في ثراء فاحش لأرباب العمل الرأسماليين مقابل ملايين الإجراء الذين كانوا يعيشون على عتبة الفقر الأمر الذي ولد غضبا شعبيا قادته هذه الطبقة الكادحة معلنة ثورة ضد المشغلين الذين يمثلون الطبق البرجوازية بقيادة الفكر الاشتراكي الذي نصب نفسه مدافعا عن العمال ومعارضا للرأسماليين.
غير أن الثورة في وجه أرباب العمل الذين كانوا ينعمون في بدخ المال والسلطة لم تكن سهلة وتطلبت من العمال وضع اليد في اليد والنضال في صف واحد، ومن هنا بدأ التفكير في العمل النقابي كطريقة فعالة للضغط على المشغلين من اجل الحصول على بعض المكتسبات المشروعة وقد انتهى الأمر إلى الاعتراف بالشرعية للعمل النقابي بمفهومه الحديث لأول مرة في القانون الانجليزي سنة 1871، لتتوالى بعد ذلك التشريعات الأوروبية خاصة والعالمية عامة على الأخذ بنفس التوجه الذي سلكه المشرع الانجليزي إلى أن وصل هذا الاعتراف إلى المغرب في سنة 1955 التي شهدت صدور الظهير المتعلق بالسماح للمغاربة بحرية العمل النقابي بعدما كان محظورا عنهم وهو ما كرسه ظهير 16 يوليوز المتعلق بالهيئات النقابية 1957 ، والذي رغم انه جاء متأخرا إلا إن الحركة النقابية استطاعت ان تحقق العديد من الانتصارات لفائدة الطبقة العاملة ، كما أنها لم تدخر جهدا في مطالبة المشرع بوضع إطار قانوني يتلاءم والتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة من القرن العشرين للنهوض بوضعية الطبقة الشغيلة بالمغرب وحمايتها من كل أشكال الاستغلال الذي يمارسه أرباب العمل باعتبارهم يحتلون مركز القوة في عقد الشغل.
وقد جاءت الألفية الثالثة حاملة معها استجابة قوية لمعظم هذه المطالب النقابية، وذلك بصدور مدونة الشغل التي اعتبرت ابرز إصلاح تشريعي طبع هذه المرحلة نظرا لما جاءت به من مقتضيات جديد تبرز وعي المشرع التام بأهمية الطبقة العاملة باعتبارها المحور الرئيس للنهوض بالحياة الاقتصادية والاجتماعية داخل المقاولة ومساهمتها في تنميتها وتحقيق رهان استثمارها على المستوى الداخلي والخارجي، لذلك كان من الضروري إشراك الأجير في سير وتقدم هذه المقاولة محاولة- اي هذه المدونة - بناء علاقة جديدة بين هذا الأخير والمشغل تنبني على التوازن والحوار الاجتماعي وتكرس لمفهوم المقاولة المواطنة التي من ابرز مبادئها التعاون والتشاور بين أرباب العمل و الأجراء عبر النهوض بالهيئات الممثلة للأجراء من خلال مؤسستي مندوبي الأجراء والممثل النقابي وكذا لجنة المقاولة التي تعتبر ابرز مستجد حملته المدونة بين دفتيها ،وذلك لإسماع صوت العمال وتعزيز مرتبتهم في العلاقة الشغلية ليصبح المؤاجر ملزم بالجلوس على طاولة الحوار بقوة القانون قصد سماع طلباتهم والسر بالمقاولة إلى الأحسن ليصبح عقد الشغل مجرد إطار عتيق تعد فيه الغلبة للمؤاجر.
وعنصر التمثيلية بالشكل الذي ورد في مدونة الشغل ادخل عنصر مهم للتعاون بين الطرفين حيث أصبح بإمكان الأجراء أن يقدموا مقترحاتهم في ما يخص المقاولة بهدف الحفاظ على كرامتهم من تعسف المشغل من جهة وإزكاء روح المقاولة المواطنة من جهة أخرى عبر تلك الهيئات التمثيلية المنبثقة من إرادة العمال نفسهم عبر الانتخابات المهنية والتي تستمد مرجعيتها القانونية من الاتفاقيات الدولية خصوصا الاتفاقية رقم 98 التي صادق عليها المغرب في سنة 1957والمتعلفة بالتنظيم والمفاوضة الجماعية والاتفاقية المتعلقة بحماية ممثلي الأجراء تحت رقم 135 التي صادق عليها المغرب في 2002.
وتشكل عملية الانتخاب خاصة تلك المتعلق بمندوبي الأجراء عاملا أساسيا لتقوية العلاقات المهنية والحفاظ على السلم الاجتماعي داخل مختلف الوحدات الإنتاجية وتمرينا ديمقراطيا اعتبارا لكونها أسمى تجليات التمثيلية وأساسا للديمقراطية داخل المقاولة.
من هذا المنطلق تبرز الأهمية البالغة التي يكتسيها الموضوع على الصعيدين العملي والعلمي وهذا ما دفعنا لاختياره كمادة للبحث في محاولة منا استجلاء الأحكام المتعلقة به والإجابة على ابرز التساؤلات التي يثيرها.
ومن كل ما تقدم ، يتضح ان اشكالية الموضوع الجوهرية تتمحور أساسا، في ما مدى نجاح المشرع
في تحقيق التوازن المنشود بين الأجير والمشغل من خلال تنظيمه لمؤسسة مندوبي الأجراء والممثل النقابي ولجنة المقاولة؟
وعن هذه الاشكالية تتفرع جملة من الاسئلة والتي نجملها في:
+ ماهي النقابة و من هو الممثل النقابي وكيف يعين وما هي المهام المسندة إليه ؟
+ من هو مندوب الأجراء وكيف ينتخب وما هي مهامه ؟
+ ما هو مجال تطبيق لجنة المقاولة وما هو تكوينها وما هي مسؤوليتها ؟
+ هل استطاعت هذه الهيئات التمثيلية تحقيق التوازن الاجتماعي داخل المقاولة ؟
وحتى نتمكن من الإجابة على هذه الأسئلة و أخرى، فإننا سنتبع المنهج التحليلي لأن طبيعة الموضوع تقتضي الوصف الدقيق والتحليل في آن واحد ، للوقوف على ماهية هذه المؤسسات وكيفية انتخابها ثم الإحاطة بأهدافها وكذا العراقيل التي تواجهها.
كما أننا سنستدعي المنهج التاريخي في العديد من محطات الموضوع لارتباطه الوثيق بالعديد من المفاهيم المؤطرة لهذا الأخير.
اعتبارا لما سبق ، فإننا سنعمد إلى دراسة هذا موضوع تمثيلية الأجراء في المقاولة عبر التصميم الأتي: 

المبحث الأول : الممثل النقابي
المبحث الثاني : مندوب الأجراء و لجنة المقاولة
______________________________
لائحة المراجع :

+ الكتب 

+ عبد اللطيف الخالقي ، الوسيط في شرح قانون الشغل
+ محمد سعيد بناني ، قانون الشغل بالمغرب، الجزء الثاني ، علاقات الشغل الجماعية
+ زيدان عبد الباقي ، علم الاجتماع المهني و اجتماعات العمل
+ موسى عبود، دروس في القانون الاجتماعي
+ أحمد حسن البرعي ، الوسيط في القانون الإجتماعي
+ محمد طارق ، انتخابات مندوب الأجراء في القطاع الخاص، الطبعة الاولى ، 2015
+ عبد العزيز العتيقي ، القانون الاجتماعي المغربي، طبعة 2011
+ محمد عبد الحليم ، قانون أجرة الخدمة
+ شاباتوما منصور، شرح قانون العمل
+ امحمد الأمراني زنطار ، التشريع الاجتماعي المغربي 

+ القوانين 

+ قانون 65.99 المتعلق بمدونة الشغل
+ ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بتاسيس الجمعيات
+ ظهير 16 يوليوز 1957
+ دستور 2011.
+ مرسوم عدد 2.08.421 الصادر في 02 فبراير 2009 بشأن تحديد مدة انتداب مندوبي الأجراء.
+ مرسوم رقم 2.15.158 الصادر في 15 مارس 2015 في شأن نتخاب ممثلي المأجورين.
+ قرار لوزير التشغيل و الشؤون الاجتماعية رقم 1048.15 ، الصادر في 15 مارس 2015 بشأن التواريخ والاجراءات المتعلقة بانتخابات مندوبي الأجراء.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -