السياسة الجنائية في القانون المغربي

  عرض بعنوان: الإشراف على السياسة الجنائية في القانون المغربي - الواقع و الآفاق PDF

السياسة الجنائية في القانون المغربي PDF
مـــــقدمة: 
إذا كان من الركائز الاساسية لقيام الدولة ھي سلطتھا في ضبط الامن والنظام وحماية الحقوق والحريات ، فإن ھذا المبتغى لن يتحقق إلا بوضع الاسس القانونية والتنظيمية لذلك عن طريق سياسة جنائية شمولية ، ناجعة ، ومتطورة ، ومن ھنا تبرز المكانة التي تحتلھا السياسة الجنائية كإحدى السياسات العمومية التي تنھجھا الدولة لتطوير عدالتھا الجنائية في أفق ضمان تكريس ممارسة الحقوق والحريات دون إھمال الحفاظ على أمن المجتمع وسلامة أفراده . 
وتعتمد الدولة في تحقيق أھداف سياستھا الجنائية على كل الوسائل الزجرية والعقابية والوقائية التي توفرھا لھذا الغرض ، و التي ھي عموما إما إجراءات تشريعية وقانونية زجرية ، أو تدابير تنفيذية للادوات التشريعية الزجرية ، و التى توضع عن طريق البرلمان بمقتضى النصوص القانونية والحكومة عن طريق النصوص التظيمية والتدابير التطبيقية . 
ولا يقتصر الامر على وضع أسس ومبادئ السياسة الجنائية ، بل لابد من ترجمتھا على أرض الواقع ، لذا فقد اسند القانون للسلطة التنفيذية من خلال وزير العدل صلاحية الاشراف على تنفيذ السياسة الجنائية من خلال السلطات المخولة إليه اتجاه النيابة العامة انطلاقا من الفصل 48 من القانون الملغى (ظھير10/2/1959 ) الذي تقابله المادة 51 من القانون الحالي ، أو من خلال الفصل 56 من النظام الاساسي لرجال القضاء (ظھير 
11/11/1974) الذي جعل النيابة العامة تحت سلطتة وزير العدل . 
بيد أن ھذه الصلاحيات (رئاسة النيابة العامة والاشراف على تنفيذ السياسة الجنائية) عرفت انتقادات واسعة وآراء متضاربة بين مؤيد ومعارض باعتبارھا تمس بمبدأ استقلال القضاء وبالتالي التأتير على حماية الحقوق والحريات وعلى تحقيق الامن القضائي الذي تطمح إليه الدولة من خلال سياستھا الجنائية . 
ھذه الانتقادات قد انتھت – وكما ھو معلوم - بصدور دستور سنة 2011 الذي ارتقى بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن باقي السلطات (1)، وعزز ھذا المبدأ بحذف وزيرالعدل من تشكلة المجلس الاعلى للسلطة القضائية ، ھذا المجلس الذي أصبح يضطلع دستوريا باختصاصات جديد ة - إضافة إلى الاختصاصات التي كانت مسندة لوزير العدل سواء بالمجلس الاعلى للقضاء سابقا ، أو من خلال النظام الاساسي لرجال القضاء أو بمقتضى قانون المسطرة الجنائية ، والتي تتجلى في المقتضيات المتعلقة بسلطة الاشراف على السياسة الجنائية التي اسندت للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض طبقا للتعديلات المقترحة بالمادة 1-51 من ق م ج ، أو المقتضيات الاخرى التي جاءت متفرقة بالمشروع بين تنفيذ القررات القضائية طرق الطعن والتعاون القضائي الدولي الجنائي ....لخ، ھذه الاختصاصات تتعلق – كما سنرى – في دورالمجلس في الرصد والتشخيص لواقع العدالة ، وفي دوره الاستشاري والافتراحي (2). 

أھــــمية المـــــوضوع : 
يكتسي موضوع السياسة الجنائية أھمية بالغة على مستويين : مستوى نظري وآخر عملي . 
فعلى المستوى النظري ، تعتبر السياسة الجنائية من أھم وأشرس المواضيع على الاطلاق – إن صح التعبير – نظرا لما تتيره من نقاش عالمي ووطني من حيث أولوياتھا والخطوط العريضة التي يتعين على الدولة أن ترسمھا ، فضلا عن السجال القوي الذي أثاره إشراف وزير العدل على تنفيذھا وعلاقته باستقلال القضاء. 
أما على المستوى العملي : فإن تشخيص واقع العدالة ببلادنا يتير مؤشرات سلبية حول النتائج المرجوة ، نظرا لما تعرفه المحاكم من بطء وتضخم وتعقد في المساطر وضعف التأطير ، وقدم المنظومة القانونية وما ينتج عن ذلك من تأتيرعلى تحقيق الامن القضائي...الخ 

إشــــــكالية المـــــوضوع: 
لعل الاشكالية الرئيسية التي يطرحھا الموضوع ، تتعلق بمدى مساھمة صلاحية الاشراف على السياسة الجنائية المخولة لوزير العدل بصفته ممثلا للحكومة ، في تحقيق أھداف ھذه السياسة ، في ظل السجال العميق الذي ظل مطروحا حول مساس ھذه الصلاحية باستقلال القضاء ، و ما مدى تأتير ذلك على مردودية ھذه السلطة في تحقيق العدالة المنشودة ؟ وبالثالي فھل أساس التعديل الدستوري المشار إليه ، ھو فشل السلطة التنفيذية من خلال وزير العدل في تدبير أمور السياسة الجنائية في ظل التحولات العميقة التي يعرفھا العالم على جميع المستويات ؟ أم أن ھذا التعديل قد أملته ضرورة الارتقاء بالقضاء إلى سلطة قضائية وحدف وزير العدل من تشكلة المجلس الاعلى للسلطة القضائية، بغض النظر عن النتائج المحققة على مستوى العدالة الجنائية ؟ 

منھـــــج البــــحث وخـــــطته : 
الاشكاليات المطروحة والاسئلة المتفرعة عنھا تدفعنا إلى مناقشة الموضوع ضمن منھج تحليلي للمقتضيات القانونية ذات الصلة مستندين على نماذج وإحصائيات عملية من خلال مبحثين إثنين على الشكل التالي : 

المبحث الاول : واقع الاشراف على السياسة الجنائية 
المبحث الثاني : آفاق الاشراف على السياسة الجنائية 
_________________________________
لائحة المراجع:

• احــــــمد الخــــمليشي : شرح قانون المسطرة الجنائية ج 1 ط 5 سنة 1999 .
• الحــــــبيب بيــــــــھي : شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ج 2 ط 1 سنة 2006
• محـــمد عيـــــــــــــاط : دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ج 1 و. 2
• محمد الادريسي العلمي المشيشي : المسطرة الجنائية الجزء الاول : المؤسسات القضائية سنة1991
• ميـــــلود غـــــلاب: التجنيح القضائي وإشكالاته القانونية والعملية ط 1 مطبعة أفولكي س 2011
• وزارة العـــــــــــدل:- شرح قانون المسطرة الجنائية ج 3 سلسلة الشروح والدلائل ، يونيو2007
- السياسة الجنائية واقع وآفاق : المجلد الثاني ط أشغال المناظرة الوطنية التي نظمتھا وزارة العدل بمكناس أيام 9 /01 /11 دجنبر 2004 .
- معالم على درب الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة(حصيلة منجزات وزارة العدل والحريات س 2012
• أنفاس حقوقية : دراسات و أبحاث في قانون المسطرة الجنائية الجديد العدد الثاني والثالث دجنبر.2003
• مجلة منير النيابة العامة :عدد 2 سنة 2012
• مجلة الشؤون الجنائية عدد 2 أكتوبر 2012 
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -