الحماية القانونية لعمال المنازل

عرض بعنوان: الحماية القانونية لعمال المنازل PDF

الحماية القانونية لعمال المنازل PDF
مقدمة
تعتبر حماية حقوق وحريات الأفراد من المبادئ الدستورية التي تضمن لكل شخص حقه في العيش الكريم وفي شغل يناسبه، ولتحقيق هذا المبتغى لابد من البحث في كل شرائح المجتمع قصد الوصول إلى بعض الفئات التي تعمل في المنازل كخدم للبيوت لساعات طويلة وفي أشغال شاقة، وبأجر لا يكفي حتى لسد لقمة العيش وفي غياب أدن مستويات الكرامة، قصد توفير الحماية اللازمة لهذه الفئة. وفي هذا تواجه الدول العربية بالأخص ومنها المغرب، الكثير من الانتقادات الدولية الصادرة من المنظمات الإنسانية لما تعترض له العمالة المنزلية من سوء معاملة داخل المنازل، وفي هذا رصدت منظمة هيومن رايتس واتش في إحدى تقاريرها انتهاكات ضد عاملات المنازل على الخصوص، في اثني عشر دولة منها المغرب. وهذه الانتقادات ما يبررها في بلدنا، إذ ارتفعت وتيرة الاعتداءات على فئة الخادمات ارتفاعا مهولا تراوحت ما بين العنف المعنوي والجسدي والجنسي. 
واعتبارا لتطور القانون الدولي الذي يتجسد في إعداد اتفاقية وتوصية دولتين للشغل حول "العمل اللائق للعمال المترليين" من طرف منظمة العمل الدولية، أصبح المغرب ملزما بتطبيق معايير العمل الدولية ذات الصلة، مما يجعله محل مساءلة أمام التزامه تجاه المجتمع الدولي".

ويقصد بالعمال المنزليين، فئة من اليد العاملة تقدم لفائدة المشغل خدمات ذات صلة بتدبير شؤون البيت والأسرة مقابل أجر تتقاضاه من المشغل، وتثير العلاقة بين العامل المترلي وبين صاحب البيت، شأنها شأن العلاقة بين الأجراء عموما والمشغلين، مجموعة من المشاكل ذات الصلة بحقوق هذه الفية2

لذلك أولت مختلف التشريعات أهمية كبيرة للطبقة العاملة نظرا للدور الذي تلعبه داخل المجتمع، حيث كان لزاما عليها توفير حماية اجتماعية لعمال المنازل قصد تحقيق العدالة الاجتماعية. وعلى غرار هذه التشريعات فقد سعى المشرع المغربي في بداية الأمر إلى إخضاع العلاقة بين المشغل والعامل المتربي إلى الأحكام العامة للمسؤولية إضافة إلى الفصلين 723 و 753 من ظ.ل. ع وما يمنحه هذين الفصلين ولو بصيص من الحماية، إلا أن تعامل القضاء بدوره لم يكن موفقا؛ إذ أن الأحكام المشار إليها في الفصلين لا تضفي على العلاقة بين العامل والمشغل ضمانا قانونيا بقدر ما تجعلها تحت الإطار العام لنظرية العقد.
وأمام هذا الفراغ التشريعي تم إصدار مدونة شغل جديدة، اعتبرت آنذاك أهم حدث قانوني في ميدان عالم الشغل، إلا أن هذه المدونة لم تخضع كل الفئات لأحكامها، بل عملت على استبعاد بعضها، ومن بينهم العمال المنزليين، وبالتالي ظلت هذه الفئة دون أي حماية تذكر وظل القضاء يستبعد تطبيق مدونة الشغل على فئة عمال المنازل، وبالرغم من تنبأ المشرع في المادة 4 م ش بصدور نص تنظيمي ينظم عمل هذه الفئة، إلا أن هذا القانون لم يكتب له الخروج إلا بعد حوالي أكثر من 12 سنة، حين صدره القانون 19412 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المترلين، وكان أول ما عمل عليه هذا القانون هو تغير تسمية هذه الفئة إلى عمال المنازل تكريسا لمفهوم العمل اللائق، بعد أن كانت تعرف بخدم البيوت لما لهذا الاسم الأخير من معنى منحط في العامية المغربية و كما تنسجم تسمية والعمال المنزليين مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين.
ولعل من بين الحسنات التي جاء بها القانون 19 . 12 أنه عرف لنا المقصود بالعمل المتولي، والمشغل، والعامل المتربي في المادة الأولى منه، فحسب هذه المادة فالعمل المترلي؛ هو العمل المنجز لدى أسرة أو عدة أسر، والمشغل، هو كل شخص ذاني يستأجر عمل عاملة أو عامل مترلي لإنجاز الأشغال المحدد في المادة 2، أما العامل المنزلي؛ فهو الذي يقوم بصفة دائمة واعتيادية مقابل أجر بإنجاز أشغال مرتبطة بالبيت أو بالأسرة كما هي محددة في المادة 2 من هذا القانون سواء عند مشغل واحد أو أكثر. وبرجوعنا إلى المادة 2 نجد أن المشرع حدد لنا على سبيل الحصر الأعمال المرتبطة بالبيت أو الأسرة والداخلة في تحديد مفهوم العامل المنزلي وتشمل؛ الاعتناء بشؤون البيت؛ الاعتناء بالأطفال، الاعتناء بفرد من أفراد البيت بسبب سنه أو عجزه، أو مرضه، أو كونه من الأشخاص في وضعية إعاقة، السياقة؛ أعمال البستنة وحراسة البيت.
ويحظى هذا الموضوع بأهمية كبيرة بالنظر إلى ازدياد عدد ممتهني هذا العمل سواء من طرف المواطنين أو من طرف الأجانب، وكذا بسبب ازدياد الطلب على خدمات هذه الفئة من العمال بحكم انشغال أفراد الأسرة خارج البيت ، و بالتالي حاجتهم لمن يدبر شؤون البيت وقت غيابي، هذا فضلا عن تمركز النشاط النسائي في القطاعات ذات التأهيل الضعيف، واقتصاره على عدد محدود من المهن، حيث يشتغل ما يقارب ثلاثة أرباع النساء النشيطان في الوسط الحضاري كعاملات أو مستخدمات أغلبهن من المساعدات المنزليات.
وبناء على ما سبق نتوصل إلى طرح إشكالية مفادها: ما مدى توفق القانون 19 .12 في توفير الحماية اللازمة لعمال المنازل.
وللإجابة على هذه الإشكالية ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين نتحدث في الأول عن مظاهر الحماية التي جاء بها القانون 19 . 12 ونعالج في المبحث الثاني مظاهر قصور القانون 19.12 عن توفير الحماية المتطلبة لفئة العمال ولسن وذلك على الشكل التالي: 


المبحث الأول: مظاهر الحماية التي جاء بها القانون 19.12 
المبحث الثاني: مظاهرالقصور في حماية عمال المنازل في إطار القانون

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -