الرقابة القضائية في مجال التأديب

مقال بعنوان: الرقابة القضائية في مجال التأديب

الرقابة القضائية في مجال التأديب


المقدمة

لما كان القضاء، أساس العدل، وملاذ المظلومين، فإن لجوء الأفراد إليه لا يكون على سبيل إغناء الاجتهاد القضائي ولا الإسهام في إعطاء مادة للدارسين، بل بغية حماية حقوق الأفراد من كل تصرف إداري لم يحترم مبدأ الشرعية، وكل تصرف خارج عن المشروعية يكون مصيره الإلغاء.
الأكيد أن التصرفات الإدارية تخضع للرقابة القضائية والتي قد تضيق في حالة وضوح النصوص القانونية وتحديد الأسس الكبرى الذي يقوم عليها التصرف الإداري، وقد تتسع في حالة اعتراف للإدارة بالسلطة التقديرية.
فالسلطة التقديرية هي حرية الإدارة في اختيار القرار أمام ظروف واقعية معينة تمارس في إطار قانوني، خاصة فيما يتعلق بتقدير الأخطاء التأديبية للموظف في ظل غياب مفهوم دقيق لها وللأفعال المكونة لهذا الخطأ كما هو الشأن في القانون الجنائي، بل ان معظم التشريعات اقتصرت على تحديد واجبات الموظف والأعمال المحظورة عليهم دون تحديد دقيق للأفعال التي تستوجب فرض عقوبة عليها تاركة الأمر للسلطة التقديرية للإدارة فيما يتعلق بتكييفها وما إذا كانت تشكل خطأ أم لا.
إن موضوع السلطة التقديرية في النظام التأديبي بالوظيفة العمومية يكتسي أهمية بالغة لما له من تأثير على حقوق الموظفين في حالة تعسف الإدارة في اتخاذ قرار تأديبي، لذا كان من اللازم على القضاء التدخل للحد من هذه السلطة عبر ابتكار تقنيات ونظريات لتقوية الرقابة التي يبسطها على الإدارة.
فكان للقضاء الإداري الفرنسي الدور الريادي والمحوري ممثلا في مجلس الدولة هذا الجهاز الذي يتمتع دائما بحس تدريجي وحذر في تعامله مع الإدارة، حيث استطاع في كل مرة تأتيه الفرصة أن يقيد سلطتها، وهكذا جعل هذا المجلس من رقابة الوقائع من ناحية وجودها المادي كأول رقابة يستوجب أن يمارسها القاضي على القرارات التي تستند إلى وقائع لا أساس لها في القانون أي بصفتها وقائع مادية تذرعت بها الإدارة لإصدار قراراتها في إطار ما تتمتع به من سلطة تقديرية، مع رقابته كذلك على الجزاء الذي تم تطبيقه على تلك الوقائع، فالقاضي الإداري هنا يجمع بين رقابة الوجود المادي للوقائع من جهة، ورقابته للتكييف القانوني على تلك الوقائع من جهة أخرى .
وإذا كانت القاعدة العامة بالنسبة لرقابة القضاء لأعمال الإدارة في مجال التأديب،هي أن تقف هذه الرقابة عند حد رقابة الوجود المادي للوقائع والتكييف القانوني لها،ولا تمتد الى تقدير الإدارة الا إن هذه القاعدة العامة ليست مطلقة فقد وردت عليها بعض الاستثناءات من بينها رقابة القضاء على تناسب القرارات التأديبية.
ومع تزايد مظاهر السلطة التقديرية للإدارة نتيجة تخلي المشرع او عجزه عن تقييد الإدارة عند إصدارها قرارتها الإدارية ،التجأ القضاء الإداري الى قلعة الدفاع عن الحقوق والحريات وتطبيق العدالة ضد كل تعسف ، وذلك لتقييد حرية الإدارة المطلقة في التقدير حتى لا تكون حرة من كل قيد حقيقي او فعلي ، فظهرت عدة مبادئ قانونية عامة في البناء القانوني لاسيما في فرنسا ومصر لتليهما بعد ذلك المغرب وغيرهما من الدول التي اولت اهتماما بهذا المجال ، وهي بالتالي موجهة كلها لغاية تحقيق العدالة عندما تمارس الإدارة سلطتها التقديرية .
ومن اهم هذه المبادئ مبدا التناسب كما يطلق علية في فرنسا والمغرب ومبدأ الغلو كما يطلق علية في مصر، ومجال تطبيقه الرئيسي هو قرارات التأديب.
ومن هنا نطرح الاشكال التالي:
ـ كيف بسط القاضي الإداري رقابته على اعمال الإدارة في مجال تأديبالموظفين العموميين؟
وعلية نطرح الإشكالات الفرعية:
ـ على أي أساس راقب القاضي الإداري الوجود المادي للوقائع والتكييف القانوني لها؟
ـ وكيف راقب القاضي الإداري السلطة التقديرية للإدارة من خلال رقابته على مبدا التناسب؟ـ وما هو دور كل من دعاوى الإلغاء والتعويض في القرار التأديبي ؟
للإجابة على هذه الإشكالية اعتمدنا التصميم التالي :

المبحث الاول: الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع والتكييف القانوني لها وتطبيقاتها

المطلب الأول: الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع وتطبيقاتها 

المطلب الثاني : الرقابة القضائية على التكييف القانوني للوقائع وتطبيقاتها

المبحث الثاني: مدى رقابة القضاء الإداري على القرار التأديبي من خلال قاعدة التناسب ودعوتي الإلغاء والتعويض

المطلب الأول: مفهوم الر قابة على التناسب وتطوره وتطبيقات واشكالات هذا المبدأ 

المطلب الثاني:دور دعوتي الإلغاء والتعويض في القرار التأديبي




المبحث الاول: الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع والتكييف القانوني لها وتطبيقاتها.

لا شك أن من يرتكب خطا من الموظفين العموميين لا بد إن يوقع عليه العقاب المناسب،إلا أن الذي يرتكب خطا بسيطا لا يتم عقابه بنفس عقاب ذلك الذي ارتكب خطا جسيما او خطيرا ذلك إن معيار التفرقة بينهما في ظل عدم وجود تحديد قانوني للأخطاء وما يناسبها من عقوبات، يدفع الإدارة إلى ممارسة سلطتها التقديرية في تكييف الخطأ مع ما يناسبه من عقوبة، وهذا لا يعني انعدام أية مراقبة قضائية على الإدارة.
إن هذه السلطة المخولة للإدارة تمارس بالضرورة في نطاق ألشرعية لان السلطة التقديرية لا تعني التعسف أوألتحكم، بالتالي فكل عمل إداري يتسم بهذا يعد مساسا بمبدأ الشرعية ومن ثم حق الغاؤه [1].
ومن المعلوم إن سبب القرار هو وجود حالة قانونية أو مادية وهي التي تدفع رجل الإدارةإلاألتدخلإذن فرقابة القاضي الإداري تنصب حول مشروعية السبب من خلال مراقبة الوجود الفعلي للوقائع التي كانت وراء القرار (مطلبأول) ، ثم التكييف القانوني لهذه الوقائع ( مطلب ثاني)
وعلى ذلك فإنناسنتناول تباعا وفي إطار دراسة مقارنة تعامل القضاء مع السلطة التقديرية للإدارة، لظهور هذا النوع في كل من فرنسا،مصر، والمغرب باعتباره القيد التقليدي[2] الأول للحد من تلك السلطة.

المطلب الاول:الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع وتطبيقاتها.

تعتبر رقابة الوجود المادي على الوقائع أو السلوك الوظيفي[3]للموظف،أول رقابة مشروعية يمكن إن يمارسها القاضي الإداري على سبب القرار ألتأديبي ، نظرا لأهميتها في ضمان حقوق ألموظف ، وتكريس مبدأ المشروعية في التأديبالإداري.[4]
وبالنظر لعدم تحديد الجرائم او المخالفات التأديبية على سبيل ألحصر،وإيرادها في شكل توجيه عام من المشرع، وعدم الربط كذلك بين هذه المخالفات والعقوبات التأديبية المقابلة لها ـ كأصل عام في القانون التأديبي للوظيفة العامة، يقوم القضاء الإداري من خلال رقابته على عنصر السبب في القرار التأديبي بدور فعال للتحقق مما إذا كان هناك جريمة او مخالفة تأديبية من عدمه، سواء من الناحية المادية او القانونية. فضلا عما إذا كانت العقوبة تتوافق نوعا ومقدارا مع جسامة وخطورة الجريمة المرتكبة ام لا.[5] وللوقوف على مدى هذه الرقابة، ينبغي التطرق الى الكيفية التي تتم بها، وكذا تطبيقات القضاء الإداري في هذا المجال، وهو ما سنتناوله في الفقرتين المواليتين.

الفقرة ألأولى: الرقابة على الوجود المادي للوقائع

استقر الاجتهاد القضائي في كل من فرنسا،مصر، والمغرب على حق القضاء الإداري في رقابة الوجود المادي للوقائع،إذا يتعين على الإدارة الاستناد إلىأسباب موجودة فعلا لإصدارقراراتهاالإدارية. وفي هذا الصدد، على القاضي الإداري ودون الخروج عن دورة كقاضي مشروعية التحقق كمرحلة أولى من الوجود المادي للوقائع التي استندت إليهاالإدارة عند إصدارهالقرارها.فإذا اتضح بعد ذلك إن هذه الوقائع غير موجودة او لم تحدث أصلا،أصبح القرار الصادر عنها مبنيا على وقائع او أسباب غير حقيقية،الأمر الذي يؤدي إلى فقدان القرار لسبب وجوده ويعرضه للإلغاء .[6] ومن هنا يتبين انه لقيام ركن السبب في القرار التأديبي يجب توفر شرطيين:أولهما إن يكون سبب القرار قائما وموجودا حتى تاريخ إصدار القرار، وذلك تطبيقا للقاعدة العامة التي تقضي بأن تاريخ صدور القرار، هو الوقت الذي يجب الرجوع إليه لتقدير مشروعية أو عدم مشروعية القرار الإداري . وبناءا على ذلك، إذا تحقق السبب ولكنه زال فيما بعد قبل إصدار القرار، فإن القرار يكون معيبا في سببه لو صدر في هذه الظروف، ومثال ذلك إن يقدم موظف طلب استقالته ثم يعدل عنه، ومع ذلك يصدر قرار من الإدارة بقبول استقالته.[7]
اما الشرط الثاني، فيتمثل في صحة ومشروعية السبب من الناحية القانونية. فإذا حدد القانون للإدارة في نطاق سلطتها المقيدة أسبابا تستند إليها عند إصدار قراراتها، فإن على الإدارة الالتزام بهذه الأسباب المنصوص عليها قانونا، فإن تعدتها إلى أسباب أخرى غير منصوص عليها، اعتبر قرارها قابلا للإلغاء لعدم مشروعية سببه. ومثاله صدور قرار بوقف موظف احتياطيا عن العمل له سبب في القانون، يتمثل في وجود تحقيق إداري مع الموظف المذنب.
وترتيبا على ما سبق، فإن رقابة القاضي الإداري على صحة الوجود المادي للوقائع، تنصرف في مضمونها إلى التحقق من :
1ـ أن الوقائع المتخذة أساسا للقرار ثابتة وقائمة من الناحية الفعلية في تاريخ وقوعها.
2ـ أن تكون هذه الوقائع محددة، غير مبهمة ولا غامضة، إذ أن القرار الذي يرتكز على وقائع غير محددة، يعتبر قرارا مجهولا لا سبب له .
3ـ أن تكون تلك الوقائع جدية غير منتحلة ولا صورية وثابتة ثبوتا يقينيا لا ضنيا.
وعلى هذا الأساس يتحقق القاضي الإداري مما إذا كانت الوقائع التي عوقب عليها الموظف تأديبيا، قد حدثت بالفعل على النحو المتقدم. فإذا فرغ من ذلك انصرف إلى المرحلة الثانية وذلك ببسط رقابته على التكييف القانوني الذي أجرته السلطة التأديبية على تلك الوقائع، للتحقق مما إذا كانت تشكل قانونيا جريمة تأديبية من عدمه.[8]
ولتتضح أكثر معالم الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع، سنحاول إعطاء بعض التطبيقات القضائية لهذه الرقابة في كل من القضاء الفرنسي، المصري والمغربي، وهو ما سنتطرق اليه في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية: تطبيقات الرقابة القضائية على الوجود المادي للوقائع .

تصدى القضاء الإداريلإلغاء العديد من القراراتالإدارية بما في ذلك القرارات التأديبية، وذلك لتخلف أو انتفاء الوقائع المادية،الأمر الذي يجعل هذه القرارات قابلة للإلغاء لعدم مشروعية سببها. ومن هذه التطبيقات نجد تطبيقات القضاء الإداريالفرنسي،والمصري،ويأتي بعد ذلك القضاء الإداري المغربي.
أولا : القضاء الفرنسي والرقابة على الوجود المادي للوقائع .
دأب مجلس الدولة الفرنسي منذ أوائل القرن العشرين، على فرض رقابته القضائية على الأسبابالواقعية، فقد قرر إن من حق قاضي الإلغاء رقابة مشروعية الوقائع التي تشكل الأساس القانوني من القرار المطعون فيه،[9]
وعليه فقد تصدى المجلس في قضية Monod لرقابة الوجود المادي للواقعة التي ادعتها الإدارة، رغم انه في الأخير لم يحكم بإلغاء هذا القرار، لان الإدارةأوضحت ان قراراها اتخذ بناءا على مخالفات صدره من الطاعن، لم ترغب في كشفها. كما يعتبر حكمه في قضية Camino ، من أشهرالأمثلة التقليدية على هذا النوع من الرقابة على عنصر السبب . وتخلص وقائعها في صدور قرار بعزل الدكتور كامينو من وظيفته كعمدة لما نسب إليه كونه لم يراعي الوقار ألازم لموكب جنائزي كان يشارك فيه، حيث اخذ عليه انه ادخل التابوت من ثغره في حائط المقبرة، ثم امر بحفر حفره غير كافية للقبر بزعم احتقارهللمتوفى، ولقد ألغى المجلس قرار العزل لاستناده على سبب غير صحيح من الناحية المادية.[10]
ولقد توالت القضايا بعد ذلك والتي راقب فيها القضاء الإداري الوجود المادي للوقائع، ومنها أيضا قضية مجلس الدولة الفرنسي في حكم Trépont في 20 يناير 1922و Boulard في سنة 1923.
ولقد انتهى التطور التاريخي لرقابة مجلس الدولة الفرنسي على الوقائع ، إلىإقرار المجلس الدولة لنفسه لحق ممارسة هذه الرقابة ، كان ذلك بصدور مجموعه من الإحكام الشهيرة والتي اعتبر من بينها حكم "بلانشود"، حيث قرر المجلس إن حرمان احد الموظفين من عملة كمساعد للمحافظ والمؤسس على نقله إلى وظيفة أخرى بناءا على طلبه " يعتبر مؤسسا على سبب قانوني غير موجود إذا ثبت عدم صحة واقعه تقديم الطلب ، مما يستوجب إلغاء القرار بسبب تجاز السلطة .[11]وغيرها من القرارات التي أكد فيها مجلس الدولة سلطته في التحقق من صحة ماديات الوقائع ، فهكذا استقر مجلس الدولة الفرنسي على ممارسة رقابته على الوجود المادي للوقائع في مجال الوظيفة العمومية ، بحيث يحكم بإلغاء القرارات الإدارية إذا ثبت له إن الإدارة قد استندت إلى وقائع غير صحيحة من الناحية المادية .
ثانيا : القضاء المصري والرقابة على الوجود المادي للوقائع .
درجت المحكمة الإدارية العليا المصرية منذ إنشاءها سنة 1955 على مراقبة الوقائع المبررة لإصدار القرارات لتحقق من صحة الوجود المادي للوقائع، حيث أصدرت العديد من الإحكام القضائية تطبيقا لهذه الرقابة على الوجود المادي، والذي جعلته مبدأ من مبادئ الرقابة على القرارات الإدارية.
فقد قضت المحكمة بأنه " ومن حيث إن سبب القرار التأديبي في نطاق الوظيفة العامة هو اخلال الموظف بواجبات وظيفته وخروجه على مقتضياتها، او ارتكابه خارج الوظيفة ما ينعكس عليها،فإذا لم يثبت في حقه شيء من ذلك كان القرار الصادر بمجازته فاقدا لوجود الوقائع المادية، وبالتالي فاقدا لركن من أركانه، وهو ركن السبب، بالتالي يقع مخالفا للقانون."[12]
كما يأخذ القضاء الإداريالمصري، في رقابته على سبب القرارات الإدارية بصفة عامة، وكذلك القرارات التأديبية، وذلك في إطاررقابته على مشروعية القرارات التي تقوم على أسبابمتعددة، بعض صحيح، والبعض الأخر دون ذلك، حيث تتوقف صحة القرار التأديبي على صحة السبب الذي يرى القاضي بأنه الدافع لإصدارالقرار.فإذا كان السبب صحيحا، فان القرار التأديبي يكون صحيحا بغض النظر عن عدم صحة سواه من الأسباب لاعتبارها أسبابثانوية.[13]
وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن الى انه " إذا تبين ان القرار التأديبي قد بين على سبيين، فانه وان كان قد ثبت للمحكمة عدم صحة السبب الثاني، وهو مخالفة المطعون ضده للتعليمات الإدارية،إلاإن هذا القرار بالرغم من ذلك يظل محمولا على سببه الأول، الخاص بالخروج على مقتضى الواجب الوظيفي بتطاوله على رؤسائه بدون وجه حق "
من خلال هذا الحكم نجد ان المحكمة الإداريةالعليا، قد اعتبرت الخروج على مقتضيات الواجب الوظيفي السبب الدافع لإصدار الجزاء التأديبي.
فلقد اعتبرت المحكمة هذا القرار صحيحا رغم عدم صحة السبب الثاني، والمتمثل في مخالفة الموظف للتعليمات،لأنه في نظرها يعد أمر ثانويا لا يغير من صحة القرار التأديبي
وبهذا لم يتردد القضاء الإداري المصري منذ نشاءته في إخضاع الوقائع في الحالات المذكورة لرقابته وصار يلغي القرار كلما تبين وجه الخطأ فيها ، مستفيدا بذلك من التطور الذي وصله نظيره الفرنسي .
ثالثا: القضاء المغربي والرقابة على الوجود المادي للوقائع.
كما هو معلوم فان سبب القرار الإداري هو الحالة القانونية والواقعية التي تسبق القرار وتدفع الإدارة الى إصداره، وبالتالي تتحقق رقابة القاضي الإداري من خلال رقابته على الوجود الفعلي لهذه الوقائع وإلا كان هذا القرار معيبا في سببه في حالة انعدام تلك الوقائع، وذلك حسب ما نصت علية المادة 20 من قانون رقم 91 .41. المنشئ للمحاكم الإداريةبالمغرب.
ولقد اعترفت الغرفة الإدارية منذ تأسيس المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) ، لنفسها بسلطة الرقابة على صحة الوجود المادي للوقائع في كل الحالات ، ونستطيع إن نستشف هذه السياسية القضائية من أولىقراراتها ، حيث أكدتأكثر من مرة انه لا يمكن ان تقوم سلطة تقديرية للإدارة بالنسبة لتقدير الوجود المادي للوقائع .
وأول حكم صدر في هذا الإطار هو حكم بن شقرون[14]حيث يدور هذا الأخير حول قرار أصدرتهالإدارة ويقضي بتشطيب المدعي من اطر وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة، بحجة إن سيرته في فترة ما قبل ما قبل الاستقلال في إطار التعليم العالي الإسلامي كانت مشبوهة، وماعدا هذه الإشارة فان القرار لم يكن يتضمن اية واقعة جدية من شانها تبريره، لذلك ارتأت الغرفة بأنه يجب إن يتعرض للإبطال القرار الذي قضى بإعفاء الموظف من منصبة ودون ان يقدم الوزير كسبب له الا علة غير واضحة لم يدل بالحجة على وجودها المادي.
كما نجد ان الغرفة الإدارية تتشدد في اشتراطها لأسباب مدققة وجدية لا مجرد عموميات حيث جاء في قرار صادر عن الغرفة الإدارية بتاريخ 8 يوليوز 1983 انه" إذا كانت لهيئة المجلس التأديبي الصلاحية في تقدير الحجج المطروحة عليها لتشكيل قناعتها، فانه يجب ان تعتمد على وقائع محددة ومعينة وثابتة، لا على رسالة مجهولة المصدر وتقرير يتضمن مجرد عموميات.
وقد تعزز قضاء الغرفة الإدارية في مراقبة مادية الأسباب بإحداث المحاكم الإدارية بموجب قانون 91.41 ، حيث كان ولا بد لهذه المحاكم الإدارية من إن تساير قضاء الغرفة الإدارية في سياستها القضائية ، ومن ذلك قضية عبد السلام الحيمر ضد وزير التربية الوطنية .[15]
يتضح لنا بجلاء إن القضاء الإداريالمغربي، شانه في ذلك شان نظريه الفرنسي والمصري، قد أرسى قاعدة مطلقة التطبيق مفادها ضرورة استناد القرار الإداريإلىأسبابودوافع، ومنه فالسلطة التقديرية تبقى مراقبة بشكل كامل بخصوص التأكد من الوجود الفعلي والمادي لتلك الأسباب،إذإن هذا النوع من الرقابة يعتبر حسب "Drago" و" Auby" كرقابة دنيا يمارسها القاضي في جميع الحالات.

المطلب الثاني:الرقابة القضائية على التكييف القانوني للوقائع وتطبيقاتها.

بعدما أرسي القضاء الإداري دعائم رقابة مشروعية الوجود المادي للوقائع التي تدعيها سلطة التأديب في قرارتها التأديبية، بدأ يتجه نحو قيد اخر يضيق به خناق سلطة التأديب، وذلك بمد سلطات القاضي الإداري الى رقابة ومراجعه مدى صحة التكييف والوصف القانوني الذي اسبغته سلطة التأديب على الوقائع المنسوبة للموظف، وذلك بتأكده عما إذا كانت تلك الوقائع قابلة بان توصف بخطأ تأديبي يستلزم عقوبة تأديبية، وان الوقائع التي اتاها الموظف تعد مجرد سلوك عادي لا ينطوي علية التأديب.
ولا شك ان مجلس الدولة الفرنسي كان له الدور الريادي في انشاء هذه القاعدة القانونية والتي سارت على تجربتها دول أخرى كمصر والمغرب.
وهو ما ستتم معالجته في ما يلي من خلال رقابة القاضي الإداري على عملية التكييف القانوني للوقائع (فقرة أولى) ، ثم نستعرض بعض التطبيقات القضائية على هذا التكييف في كل من فرنسا ، مصر والمغرب (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: الرقابة على التكييف القانوني للوقائع.

تتطلب عملية التكييف القانوني للوقائع، اخضاع واقعه معينة او حالة خاصة لقاعدة القانون المراد تطبيقها، وذلك عن طريق نقل هذه القاعدة من وضع العمومية والتجريد التي هي عليها، الى وضع الخصوصية والتجسيد للواقعة محل التكييف. وفي الحقيقة ان النصوص القانونية المنظمة للمجال التأديبي في إطار الوظيفة العمومية تتسم بالعمومية والتجريد، كونها لاتخص في الواقع حالات او مراكز فردية معينة، انما تجمع في طياتها الخصائص والحالات الرئيسة التي تكون صالحة التطبيق على جميع الموظفين، لهذا قيل ان عملية التكييف القانوني تعني: "إعطاء او الحاق الواقعة الثابتة بنطاق قانوني معين "[16]
بينما تتمثل الرقابة القضائية بشأنها في قيام القاضي الإداري إلى جانب التحقق من الوجود المادي للوقائع المسندة إلى الموظف، رقابةمدى صحة تكييف سلطة التأديب لهذه الوقائع ، وهل توافر لديها فعلا صفه الخطأالتأديبي الذي يبرر العقوبة التأديب ، ام انها قد أخطأت في اسباغ الوصف القانوني السليم لتلك الوقائع .
غير ان ممارسة هذه الرقابة لا تتم بشكل الي، انما تحتاج قدر من الاجتهاد الشخصي للقاضي الإداري ، الذي يتحتم عليه مراجعه وفحص الظروف التي تم فيها ذلك السلوك والظروف المحيطة به،فاذا تبين له ان السلطة التأديبية قد أخطأت في الوصف القانوني الذي الحقته بذلك السلوك ، كان له ان يحل تقديره الشخصي محل تقدير سلطة التأديب . فالمقصود من عملية التكييف إذا هو ادراج حالة واقعيه معينة داخلإطار فكره قانونية.[17]
وقد ذهب جانب فقهي الى القول ان: رقابة التكييف القانوني للوقائع تبدو في حقيقة الامر بمثابة انطباع تأصيلي وامتدادا لرقابة الوجود المادي للوقائع التي لا يمكن فصلها عنها.[18]
غير ان الاستاذان« Drago Roland » و Auby Jean-Marie » [19]
ذهبا في تفسير ذلك، على ان القاضي الإداري عندما يراقب مدى صحة التكييف القانوني للوقائع، فانه لا يحل تقديره الشخصي محل تقدير سلطة التأديب، انما يفعل ذلك تفسيرا لإرادة ومقاصد المشرع دون ان تتدخل في هذه العملية الاعتبارات الشخصية او ظروف معينة.
ففي مجال التأديب يتطلب الامر من قاضي الإلغاء، السعي أولا للتوصل الى تخصيص قاعدة القانون التي تتسم بالعمومية والتجريد وذلك بإعطائها معنى أكثر تحديدا واقل عمومية، ثم القيام بعد ذلك برفع الواقعة الفردية على مستوى عمومية نص القانون، والعمل على ابراز صفات الوقائع التي تميزها من الناحية القانونية فحسب، دون جوانب أخرى عديمة الجدوى وبذلك يمكن تحقيق التطابق بين النص والواقع.[20]
وفي سبيل إنزال القاضي لحكم القانون على الواقعة، يسلك هذا الأخير احدى الطريقتين الاتيتين اوكلاهما معا. فإما ان يكيف الواقعة بالنظر الى مدى تطابقها مع القانون، او يفسر القاعدة القانونية لمعرفة مدى تطابقها مع الواقعة المعروضة عليه. فاذا ما ثبت لديه عدم صحة التكييف في الحالة الأولى، او عدم تطابق القانون مع الواقعة في الحالة الثانية، فانه يقضي بإلغاء القرار الإداري لعيب في سببه.
اذن فالتكييف يخضع للرقابة التي يمارسها القاضي الإداري على عنصر السبب في القرار التأديبي، وذلك للحكم على مدى سلامة الوصف القانوني الذي أجرته السلطة التأديبية بهذا الصدد. وبعد معرفة الرقابة على التكييف القانوني للوقائع في القرار التأديبي، ننتقل الىبعض تطبيقات هذه الرقابة في القضاء الإداري الفرنسي، المصري والمغربي.

الفقرة الثانية : تطبيقات الرقابة القضائية على التكييف القانوني للوقائع

ان من اول الإجراءات التي يتعين على الإدارة القيام بها ، هي تشخيص المخالفة المرتكبة من طرف الموظف ، لتقوم بعد ذلك بتكييفها على أساس انها تدخل في اطار الأخطاء المنهية التي يعاقب عليها المشرع ، وبناءا على هذا التكييف يتم توقيع العقوبة التادبيبة ، أي ان تلك الوقائع تؤدي منطقيا الى اتخاذ القرار المناسب ،وكما هو الحال بالنسبة للرقابة على الوجود المادي للوقائع ، فان التكييف القانوني لهذه الأخيرة هو محل تصدي القاضي الإداري الذي يبسط رقابته على سلامة هذا التكييف الذي وضعته السلطة التأديبية ليتحقق من انه مطابق للقانون .[21]
وسنتعرض الى بعض تطبيقات هذه الرقابة القضائية على التكييف القانوني للوقائع في كل من فرنسا، مصر و المغرب.
أولا: القضاء الفرنسي ورقابته على التكييف القانوني للوقائع
دأب مجلس الدولة الفرنسي، على بسط رقابته القضائية للتحقق من سلامة التكييف القانوني لتتحقق من سلامة التكييف القانوني الذي انزلته الإدارة على الوقائع، لعل اشهر احكامها في هذا الشأن ـ هو خارج مجال التأديب ـ ، حكمه الصادر بتاريخ 14/ 4 / 1914 في قضية Gomel.[22]
ومن قبيلأحكامه في مجال التأديب قراره الصادر في 28 / 4 / 1938 في قضية الانسة تسولي والتي تتخلص وقائعها في كون معلمة متربصة قامت بواسطة رسالة شخصية بدعوى تلميذ معلم للحضور اثناء العطلة للاستماع لمحاضرات ذات طابع ديني، ولقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسي بان ذلك لا يعتبر خرقا لمبدا الحياء المدرسي ، وقام تبعا لذلك بأبطال القرار الرافض ترسيمها في وظيفتها [23]
يستوجب توقيع الجزاءات التأديبية، وهو ما يتضح من حكمه الصادر في 13ـ 03ـ 1953 في قضية تيسير Teissier.
ثانيا : القضاء المصري ورقابته على التكييف القانوني للوقائع
باشر القضاء الإداري المصري من جهته رقابته على عملية التكييف القانوني للوقائع في مجال الوظيفة العامة، وما يتصل بها من نزاعات. ومن قبيل تطبيقاته لهذه الرقابة، ما قضت به المحكمة الإدارية العليا من انه " إذا كانت الوقائع مع فرض ثبوتها لا تودي الى هذا الوصف او ان تكييفها على هذا النحو يعتبر تكييفا غير سليم من الناحية القانونية، فان السبب الصحيح لا يعتبر قائما ". كذلك نجد تطبيقات أخرى لهذه الرقابة وذلك بموجب حكمها الصادر بتاريخ 05/ 01/ 1957 في الطعن رقم 1134/ 2 ق ، حيث الغت المحكمة قرار فصل مأذون شرعي لاتهامه بالإقدام على الزواج بعقد عرفي ومما قالته المحكمةفي هذا في الشأن انه " اذا ثبت ان فصل المأذون قد أسس على انه ارتكب ذنبا إداريا هو تزوجه بعقد عرفي ، فان قرار الفصل يكون فاقدا لركن من اركانه هو ركن السبب ، ذلك ان هذا الفعل لا يعتبر اخلالا من المدعى عليه بواجبات وظيفته او سلوكه الوظيفي ، اذا لم يكن يباشر عند زواجه عمله الرسمي كمأذون ، وانما كان مثله في ذلك كمثل أي فرد عادي ، لا حرج في ان يتزوج زواجا عرفيا دون ان يوثقه ، محتملا في ذلك ما قد يترتب على اجرائه على هذا النحو من نتائج عند الانكار .
بالتالي يكون القضاء الإداري المصري قد نهج المسلك ذاته الذي نهجة مجلس الدولة الفرنسي، في كون انه استقر كذلك عن طريق اجتهاداته القضائية على فرض رقابته للتحقق من سلامة التكييف القانوني الذي انزلته الإدارة على الوقائع.
ثالثا : القضاء المغربي ورقابته على التكييف القانوني للوقائع .
كانت انطلاقة القضاء الإداري المغربي في الاخذ برقابة التكييف القانوني للوقائع منذو صدور حكم Courtille ، فقد كان على المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) ، في هذه النازلة ان يحدد موقفه بالنسبة للأفعال والوقائع المنسوبة للطاعن وما اذا كانت تشكل بالفعل أخطاء جسيمة تبرر إيقاع العقوبة عليه ، وقد جاء في حيثيات الحكم : " وحيث ... ان المعني بالأمر ارتكب خطأ مهني خطيرا يمس بالهيئة التي ينتمي اليها ، فان مدير مصالح الامن العامة لم يعط تكييفا غير صحيح ، وانه بدون ان يرتكب عدم الشرعية استطاع ان يحدد أهمية العقوبة التي يجب في نظره ان يأخذ فيها بعين الاعتبار العقوبات السابقة للتوافق العقوبة مع الخطأ .[24]
وقد نهجت الغرفة الإدارية هذا النهج في العديد من قرارتها الشي الذي اخذت به المحاكم الإدارية كذلك بعد انشاءها، ففي حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 1996/ 12/ 23 حيث جاء فيه :" ان مراقبة القاضي الإداري لا تقتصر فقط على التأكد من الوجود المادي لأسباب الجزاء وتكييفها وانما تشمل " ....
من خلال هذه النماذج من الاحكام يتضح لنا بجلاء انه لا خلاف حول ضرورة مراقبة القاضي الإداري للتكييف القانوني للوقائع التي تدعيها الإدارة لتسبيب قراراتها، ليكون بذلك القضاء الإداري المغربي قد سار على المنوال الذي سار فيه نظيره الفرنسي والمصري.

المبحث الثاني : مدى رقابة القضاء الإداري على القرار التادبيبي من خلال قاعدة التناسب ودعوتي الإلغاء والتعويض .

خرج كل من القضائيين العربي والفرنسي، عن القاعدة العامة المتمثلة في اقتصار القاضي الإداري على رقابة مشروعية القرارات الإدارية دون التعرض لبحث مدى ملاءمتها. فلقد أورد عليها بعض الاستثناءات تجاوز بها حدود رقابته التقليدية على صحة الوقائع وتكيفها القانوني، متحججا بذلك بأن هذه الرقابة تعد شرطا من شروط المشروعية في القرار الإداري. ونظرا لهذا يعد مبدأ التناسب مبدأ جديدا طوره القضاء الإداري واعتنى به وهذا ما سنراه في هذا المبحث مع إعطاء بعض تطبيقات هذا المبدأ في كل من مصر والمغرب وبعض الإشكالات المصحابة له،ومن جهة أخرى سنبرز دور دعوتي الإلغاء والتعويض في ضمان حقوق الموظف الذي ربما يتعرض عند تأديبية للشطط او التعسف في استعمال السلطة، او الذي ربما يتعرض لضرر مادي او معنوي وجب تعويضه.

المطلب الأول: مفهوم الرقابة على التناسب وتطوره وتطبيقات واشكالات هذا المبدأ.

سنتناول في هذا المطلب، مفهوم الرقابة على التناسب وتطوره
(فقره أولى) ، وتطبيقات واشكالات هذا المبدأ (فقره ثانية).

الفقرةالأولى: مفهوم الرقابة على التناسب وتطوره .

أولا: مفهوم الرقابة على التناسب .
يعد التناسب فكرة أساسية من أفكار القانون الإداري، ويمكن تحليلها الى عناصر ثلاث: وهي القرار الصادر والحالة الواقعية والغاية المستهدفة.
والتناسب يمكن ان ينشأ من علاقة تطابق بين وسيلة وهدف في نص معين، والتناسب بهذا المفهوم يمكن ان يتغير تبعا للحالة الواقعية والمزايا المتوقعة والضرر الحاصل.
هذه المفاهيم عن التناسب يجمعها أنها فكرة لا يمكن إرجاعها الى صيغة ذات نمط ثابت، فهي ليست أكثر من مجرد عنصر او دليل قضاء، وهي تختلط كثيرا مع فكرة الموازنة بين المنافع والأضرار.
والميدان الرئيسي لمبدأ التناسب في القضاء الإداري، يتمثل في ميدان توقيع الجزاءات في القرارات التأديبية لمواجهة اسراف بعض الجهات الإدارية في ممارسة سلطتها التأديبية والتفاوت الصارخ بينها في تقدير الجزءات او العقوبات المناسبة، اذ فرض القضاء الإداري رقابته على مدى الملاءمة في هذه القرارات، بحيث إن ثبوت المفارقة الصارخة بين درجة المخالفة الإدارية وبين نوع الجزاء ومقداره وعدم تناسبهما، بعدم مشروعية القرار التأديبي.
اما فيما يخص كيفية تطبيق الرقابة على التناسب، ففي مجال التأديب، فإن القرار الصادر بتوقيع الجزاء يكون متناسبا عندما ينحصر في تطبيق جزاء لم يكن قاسيا، أي جزاء يكون مرتبطا او متطابقا مع الخطأ،وللوصول الى ذلك فإن السلطة التأديبية تقوم بعملتين منفصلتين ومتتابعتين، فعليها أولا ان تقوم بتشخيص الخطأ وكشفه في سلوك الموظف، وعليها ثانيا ان تقوم باختيار الجزاء من بين الجزاءات المقررة، حيث لا يتحقق التناسب الا وقت اختيار الجزاء.
ويعرف الفقيه الفرنسي فيدل (VEDEL) التناسب بالقول: " إنه ذلك السلوك التي تلتزم الإدارة بموجبه الا تفرض على الافراد أعباء او اضرار أكثر مما تطلبه مهمة المحافظة على المصلحة العامة المنوط بها تحقيقها ".[25]
وعرف الدكتور مصطفى فهمي بدوره مبدا التناسب انه:" عندما يبسط القضاء الإداري رقابته على السبب في القرار الإداري فيما يتعلق في المرحلة الثالثة منه، فهو يتحقق مما إذا كان هناك تناسب بين السبب والاجراء المتخذ، أي ما إذا كانت هذه الوقائع كافيه لتبرير القرار المتخذ ".
ويرى الدكتور عبدالغني عبدالله انه:" في المرحلة الثالثة من الرقابة على السبب، يجب ان يوجد تناسب او تلائم بين شده القرار وبين الوقائع المادية التي حدثت ودفعت الإدارة الى اتخاذه "[26]
ويذهب غالبية الفقهاء الى تعريف التناسب بانه تقرير لأهمية كسب ومدى ملاءمة توافق هذا السبب مع محل القرار، فالتناسب له عنصران السبب والمحل، فهما إذا بمثابة ملائمات القرار الإداري، بل اعتبرهما البعض اهم عناصر الملائمة فيه.
الا ان هناك أيضا من الفقه من اعتبر على ان التناسب هو علاقة بين السبب والغاية، فالقضاء بعدم التناسب بين المخالفة المرتكبة والعقوبة التأديبية انما يرتبط بعيب الغاية، ولا يعدو الا اساءه في استعمال السلطة او انحرافا بها. ولا يمكن اعتباره عيب مخالفة القانون لأنه يصدر في نطاق سلطة تقديره وليس في إطار اختصاص مقيد.[27]
وفي تحديد الطبيعة القانونية، يرمي بعض الفقهاء ان التناسب هو عملية حسابية بسطها الجريمة، ومقامها العقوبة، وحاصلها ملاءمة القرار.
ثانيا : تطور مبدأ التناسب.
ان الأصل ان تقف رقابة القضاء الإداري على قرارات السلطة الإدارية عند حد التحقق من الوجود المادي للوقائع الذي اتخذتها هذه السلطة أساسا لقرارها وصحة التكييف القانوني لهذه الوقائع، وعدم مخالفة محل القرار للقواعد القانونية، دون ان يتعدى ذلك الى البحث في أهمية وخطورة السبب وتقدير مدى التناسب بينهم وبين الاجراء المتخذ على أساسه، أي محل هذا القرار الإداري ومضمونه، لان القاضي الإداري بهذا التصدي، يكون قد خرج على مقتضى وظيفته وتدخل في صميم العمل الإداري، ومن ثم يغدو الرئيس الأعلى لجهة الإدارة.[28]
ولطالما رفض مجلس الدولة الفرنسي في قضاءه التقليدي مدى رقابته على مبدا التناسب في مجال العقوبات التأديبيةعلى اعتبار ان ذلك يدخل في إطار السلطة التقديرية للإدارة التي لا يجوز التعقيب عليها.
وحتى 1978 كان مجلس الدولة الفرنسي يرفض مد نطاق رقابته على القرارات التأديبية الى بحث التناسب، او بالأحرى الملاءمة في هذه القرارات، على أساس ان اختيار العقوبة التأديبية هو من اطلاقات السلطة التأديبية التي لا يجوز التعقيب علية، الا ان الفقه الفرنسي لم يقتنع بان تصل حرية تقدير الإدارة الى حد التفاوت الواضح او الصارخ في توقيع العقوبات التأديبية ، مما يقلل الى حدا كبير من قيمة الضمانات التأديبية وغاياتها التي كفلها المشرع والقضاء في هذا الصدد . [29]
وقد استمر الحال كذلك الى غاية 9 يوليوز 1978، حيث قال مجلس الدولة الفرنسي بانه قد حان الوقت لتقييد السلطة التقديرية للإدارة في اهم سلطها وهي سلطة التأديب، وذلك في حكمة الشهر في قضية Lebon، حيث راقب المجلس تناسب العقوبات او الجزاءات التأديبية مع الوقائع المسببة لها او بتعبير اخر مع الأخطاء وذلك من خلال الالتجاء الى فكرة الخطأ الظاهر. ويعتبر هذا الحكم اول حكم في مجال التأديب ، والذي كان له بالغ الأثر في ابراز الغلط البين اوالخطأ الظاهر . وتتلخص وقائع هذه القضية في ان السيد ليبون رفع دعواه امام محكمة تلوز الإدارية طالبا الغاء قرار صادر في 10 / 07 / 1974 من مدير اكاديمية تلوز واحاله الى المعاش بدون طلب وإلغاء هذا القرار ، ومنازعا ليس في ماديات الوقائع وانما في جسامة الجزاء، وقد استندت الاكاديمية في اصدار القرار المطعون فيه الى ارتكاب المدعي وهو معلم لأفعال مخلة بالحياء مع تلميذاته في الفصل والتي ثبتت من وقائع التحقيق معه ورفضت المحكمة طلب الغاء القرار وذلك لكفاية السبب الذي قام عليه وطعن المدعي في هذا الحكم امام مجلس الدولة ، هذا الأخير وضح في حكمة ان الوقائع التي ارتكبها المدعي وقام عليها قرار الفصل كافية لتبريره وان تقدير الإدارة بشأنها لم يكون مشوب بغلط بين . وقد كانت هذه الوقائع أيضا سببا كافيا لرفض محكمة تولوز الإدارية الغاء قرار الفصل.
وبعد ذلك تتابعت احكام مجلس الدولة بعد أسابيع قليلة من حكم ليبون على غرار حكمه في قضية Vinolay بتاريخ 26/ 07/ 1978 وكذا حكمة في قضية Chaval في نفس التاريخ .

الفقرة الثانية : تطبيقات الرقابة القضائية على مبدأ التناسب والاشكالات الفقهية المصحابة لهذا التبني.

سنقتصر على بيان تطبيقات القضاء الإداري المصري والمغربي فقط دون القضاء الفرنسي، لأننا قد تعرضنا له في العنصر السابق أعلاه.(فقرةأولى)
وسوف نتعرض بعد ذلك لبعض الإشكالات الفقهية المصحابة لهذا التبني ( فقرة ثانية )
اولا: تطبيقات الرقابة على التناسب في القضاء الإداري، مصر والمغرب نموذجا.
طبق القضاء الإداري الرقابة على التناسب في مجالين أساسيين هما مجال القرارات التأديبية ومجال قرارات الضبط الإداري، وما يهمنا نحن في هذا الصدد هو المجال الأول أي مجال القرارات التأديبية.
1ـ : رقابة القضاء الإداري المصري على مدى تناسب القرارات التأديبية.
لقد ساير مجلس الدولة المصري هو الاخر نظيره الفرنسي، في فرض رقابته على تناسب القرار الإداري مع الوقائع التي استند اليها في طائفتين من القرارات، تتعلق الأولى في القرارات التأديبية، اما الثانية فتتعلق في الحريات العامة.
وقد ابتكر القضاء المصري لفظ الغلو [30] كاصطلاح قانوني استعمله في قضائه للتعبير عن عدم ملائمة الظاهرة ، او الخطأ الظاهر في تقدير العقوبة التأديبية .
ومما يحسب للقضاء الإداري المصري، انه مارس هذه الرقابة مع بدايته الأولى مستهلا إياها بقرارات الضبط الإداري ثم القرارات التأديبية.
وله عدة احكام قضائية ساقها من خلال تعامله مع عدة ملفات تناولت نزاعات في مجال التأديب، حيث رددت المحكمة الإدارية العليا في كثير من المناسبات انه:"... فيما يختص بمدى ملائمة الجزاء للذنب الإداري، وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك، الا ان مناط مشروعية هذه السلطة شانها شان أي سلطة تقديرية أخرى، ان لا يشوب استعمالها غلو. ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري، وبين نوع الجزاء ومقداره، ففي هذه الحالة يخرج التقدير من نطاق المشروعية الى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة.[31]
ومن التطبيقات القضائية في هذا الشأن، ما قضت به المحكمة الإدارية العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 07 / 02/ 1984 لإلغاء قرار الفصل الذي أصدرته الإدارة ضد أحد موظفيها لاعتدائه على أحد رؤسائه في العمل. حيث أسست حكمها على عدم تناسب المخالفة التي ارتكبها الموظف مع العقاب الذي وقعته علية الإدارة،وذلك في ضوء بحثها لكافة ظروف اصدار هذا القرار.[32] وقد استند قضاء المحكمة في هذه القضية، الى وجود غلو في تقدير الجزاء وعدم ملائمة ظاهرة خروج التقدير من نطاق المشروعية الى نطاق عدم المشروعية، وبالتالي تخضع هذه القرارات لرقابتها .
ومما يستفاد من احكام القضاء الإداري المصري بمناسبة مباشرته لرقابته على التناسب او بتعبير اخر على تقدير أهمية الوقائع وخطورتها، انه وضع ضوابط بغيه تحقيق العدالة في مجال منازعات الوظيفة العامة، اخذا بعين الاعتبار مجموعة من العوامل من شانها مساعدته على تحقيق غايته ، لاسيما ما تعلق بالتكييف الدقيق لوصف المخالفة التأديبية من خلال الظروف والملابسات المحيطة بها ، سواء كانت عينية لا تتعلق بالجريمة ، او شخصية تتعلق بمرتكبها .
2ـ : رقابة القضاء الإداري المغربي على مدى تناسب القرارات التأديبية.
يمكن القول أن القاضي المغربي طبق قاعدة التناسب ( الفرنسية ) او الغلو ( المصرية) في مجال تأديب الموظفين شانه شان القاضي الإداري الفرنسي والمصري ، الذي حصرها في نفس المجال ، وذلك انطلاقا من اول حكم له استعمل فيه مصطلح الغلو في التقدير ، وهو الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 23 ماري 1995 حيث جاء فيه :" ان للإدارة سلطة تقديرية في اتخاذ العقوبة المناسبة في حق الموظف حسب خطورة الأفعال المنسوبة اليه ، ومدى تأثيرها داخل المرفق العام ... وان هذه السلطة التقديرية لا رقابة للقضاء عليها مالم يشبها غلو في التقدير ". و لقد تم تاييد هذا الحكم بقرار لاحق للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) ، بتاريخ 13/ 12 / 1997 والذي اعتبر من قبل الفقه ايدانا بميلاد قضاء جديد وتحول كبير في مسار القضاء الإداري بالمغرب .
وقد توالت الاحكام حيث أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط كذلك حكم في قضية يوشيكي عبدالله ضد المدير العام للأمن الوطني [33] ، لما ذهبت إدارية مكناس سنة 1995 فيما يتعلق برقابة ظاهرة الملاءمة ، الى انه :" للقاضي الإداري ان يفحص ظاهرة الملاءمة كي يتأكد من خلال القرار الإداري من أي عيب من عيوب عدم الشرعية دون أن يمس هذه الملاءمة في حد ذاتها ".
كذلك حكم صادر عن إدارية وجدة بتاريخ 31 / 10 / 2000 تحت عدد 2000 / 257 خديجة صبرينة بوتشليش ضد رئيس جماعة اعزازن [34]
وما يمكن تسجيله من خصوصيات يتميز بها المغرب عن فرنسا ومصر في رقابة التناسب، هو الاتجاه الوسط الذي اتخذته الغرفة الإدارية والمحاكم الإدارية من خلال الارتكاز على عدة أسس منها:
ـ التصدي للملاءمة او التناسب حالة بحالة، وليس بناء على نظرية متناسقةومتكاملة.
ـ الحذر الشديد في التصدي للتناسب
ـ الاخذ بعين الاعتبار كل الظروف والملابسات المحيطة بكل قضية على حده، ثم الرقابة على ظاهرة التناسب.[35]
وما يسجل أيضا ان القضاء الإداري المغربي قد وسع من صلاحياته لتشمل رقابته على مبدا التناسب في إطار الضمانات القبلية التي أعطاها المشرع في المجال التأديبي، وهو ما يشكل قفزة نوعية له في هذا المجال على غرار القضاءين الفرنسي والمصري.
ثانيا : الإشكالات الفقهية المصاحبة لتبني قاعدة التناسب .
مما لا شك فيه إن القاضي الإداري بتبنيه لنظرية التناسب ونظرية الغلو ، قد حقق قفزة نوعية في مجال القضاء الإداري، غير أن هذا التبني صاحبته إشكالات فقهية تتمثل أساسا بين معارض ومؤيد لهذه النظريات خصوصا نظرية الغلو المصرية كما إن هناك اتجاها وسطيا.
فمن مؤيدي هذه النظرية نجد الأستاذ فؤاد العطار الذي ركز على إن الموظفين الذين يباشرون اختصاصاتهم في مجال السلطة التأديبية غير معصومين من الخطأ، وأن كلمة التناسب تعني لغة "المطابقة"، لا الهوى والتحكم من جانب السلطات التأديبية.
ومن معارض نظرية الغلو نذكر الأستاذ سليمان الطماوي الذي يرى ان مسالة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبها من عقوبات تأديبية هي من اختصاص السلطة التقديرية التي يتعين تركها للإدارة بحيث لا يمكن محاسبتها على خطا التقدير الا في نطاق عيب انحراف السلطة او إساءة استعمال السلطة او التعسف في استعمال السلطة، وهي التسميات التي يستعملها القضاء والفقه كمترادفات للدلالة على عيب عدم المشروعية الملازم للسلطة التقديرية .[36]
كما أن هناك اتجاها وسطيا أو ثالثا يرى بأن الرقابة القضائية يجب أن تكتفي بإلغاء الجزاء التأديبي في حالة ما إذا اكتشفت عدم التناسب بين العقوبة والخطأ تاركة للسلطة التأديبية تحديد الجزاء المناسب، دون أن تصدر المحكمة بنفسها حكم الجزاء الذي تراه مناسبا، لأن رقابتها في هذا الشأن استثناء من الأصل العام الذي يترك للسلطة التأديبية حرية تقدير خطورة الذنب الإداري واختيار العقوبة المناسبة له. وهذا ما ذهب اليه الأستاذ محمد مرغني .

المطلب الثاني: دور دعوتي الإلغاء والتعويض في القرار التاديبي.

اعتبارا لإمكانية التعسف من قبل السلطة المختصة بالقرار التأديبي في حق الموظف كنتيجة لخطئه أو إخلاله ببعض الالتزامات المفروضة عليه قانونا، وبعد استنفاذ الطرق الإدارية للتعرض علىالتأديب يبقى اللجوء للقضاء من اجل الطعن في هذا القرار لسبب من الأسباب وسيلة وضمانة في نفس الوقتلحماية حقوق الموظف. وفي هذا الإطار يعتبر القضاء الإداري خاصة قضاء الإلغاء ضمانة قضائية لمواجهة احتمال تعسف السلطة التأديبية. وهذا ما سنتطرق إليه من خلال الحديث عن إلغاء القرار الإداري التأديبي بسبب الانحراف في السلطة و الإلغاء لانعدام التعليل (فقرة أولى) ومن جهة ثانية ونظرا للضرر الذي يتعرض له الموظف جراء القرار التأديبي والذي يكون في معظمه مرتبطا بالجانب المادي فإن الموظف المعاقب تأديبيا يلجأ لمحو العقوبة والحصول على التعويضات المترتبة عن الأضرار التي لحقته وذلك من خلال دعوى التعويض(فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: دعوى الإلغاء في القرار التأديبي.

تعتبر القرارات الصادرة عن المجالس التأديبية بمثابة تصرفات قانونية تحدث آثارا مؤثرة في المراكز القانونية للموظفين الخاضعين لمسطرة التأديب. لذلك فهي تخضع للرقابة القضائية عن طريق دعوى الإلغاء. هذه الدعوى التي هي موضوع القرارات الإدارية يجوز توجيهها ضد أي قرار إداري متى توفرت فيه مقومات وشروط القرار الإداري. واعتبارا لكون قرار المجالس التأديبية يصدر عن هيئة إدارية تتمتع بسلطة تقديرية في إنزال العقاب على الموظف فإن القضاء الإداري وخاصة قضاء الإلغاء له دور أساسي في مراقبة هذه السلطة وبالتالي فهو ضمانة للموظف ضد كل تجاوز أو شطط في استعمال هذا الحق(اولا) ومن جهة ثانية فدعوى الإلغاء توجه ضد كل قرار تأديبي غير معلل (ثانيا).
أولا: إلغاء القرار التأديبي للشطط أو التجاوز في استعمال السلطة.
يقوم القضاء الإداري عموما ببسط مراقبته على صحة الوقائع المعتمدة في القرار الإداري، بالتأكد من وجودها ومن حيث تكييف الوقائع والنظر في الملائمة بين التكييف المعتمد والنتائج التي تتوصل إليها السلطة في مجال التأديب. وفي إطار الاختصاصات المخولة للمجالس التأديبية الخاصة بالموظفين قد تستخدم هذه المجالس سلطتها لتحقيق غرض غير مشروع أو منفعة غير إدارية بمن صدر في حقه المقرر الإداري لتحقق بذلك أغراضا شخصية حيادا على المصلحة العامة[37]. ويأخذ هذا العيب مظهر مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف واستعمال المصلحة مطية لتحقيق أغراض شخصية كقرار نقل موظف تحت غطاء المصلحة العامة لاستغلال المنصب الشاغر في توظيف أحد أقرباء مصدر القرار، ويقع دليل إثبات الانحراف في استعمال السلطة على عاتق المتمسك به الذي يمكن أن يثبت بجميع الوسائل القانونية التجاوز الحاصل في حقه من جراء القرار التأديبي وتكون فرصة وضمانة لتصحيح الخطأ في حالة إقرار المحكمة لذلك.
من جهة أخرى فالمحاكمة العادلة تقتضي أن تكون الغاية منها هو مراعاة حرمة الإدارة المصدرة للقرار التأديبي والمحافظة على هيبتها لضمان السير العادي للمرفق العام والمصلحة العامة، ومن جهة ثانية توفير كافة الضمانات للموظف المتابع وعدم المساس بها في إطار التجرد والنزاهة، وعليه تكون العقوبة الصادرة في حقه عقوبة ملائمة لطبيعة المخالفة المرتكبة ،وان كل غلو في تقديرها يعتبر تعسفا في استعمال الحق ومساس بحقوق الموظف وبالتالي فتدخل قضاء الالغاء يكون تكريسا لمبدا العقوبة من جنس العمل وتصحيح الخطأ المرتكب في حق الموظف الذي تم تأديبه.
وفي قرار للمحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 4 مارس 1999 وفي إطار مراقبة مدى ملائمة العقوبة التأديبية المتخذة في حق الموظف بالنظر للمخالفة المنسوبة إليه قضت بكون "نقل مستخدم الصندوق الوطني للقرض الفلاحي-امرأة متزوجة -عقوبة غير ملائمة.
لئن كان القانون الأساسي لمستخدمي الصندوق الوطني للقرض الفلاحي ليدرج النقل ضمن سلم العقوبات التأديبية طبق للفصل 81 منه فإن هذه العقوبة يجب ان تكون ملائمة لظروف المستخدم، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بامرأة متزوجة.
وإذا كانت للإدارة المطلوبة في الطعن سلطة تقديرية في اتخاذ العقوبة التي تراها مناسبة في حق مستخدميها، فغنه بالنظر إلى وضعية الطاعنة كامرأة متزوجة، فإن عقوبة النقل المتخذة في حقها تعتبر بالنسبة إليها غير مناسبة، لأنها تؤدي حتما إلى تشتيت أسرة بكاملها، وذلك بالنظر إلى المسافة الرابطة بين مدينة سلا ومدينة ابن جرير الي تم نقل الطاعنة إليها"[38].
ثانيا: إلغاء القرار الإداري التأديبي لعدم التعليل
المشرع المغربي أصدر قانون 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعية المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، ويشكل هذا القانون أحد الضمانات الهامة في مجال احترام المواطنين وأحد الضمانات القانونية لإلزام السلطات الإدارية بالتقيد بأحكام المشروعية، المادة الأولى من قانون رقم 01-03 تلزم إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية ، الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده تحت طائلة عدم المشروعية وذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها [39].
ونصت المادة الثانية ’’ تخضع للتعليل، مع مراعاة أحكام المادتين 3و4 من هذا القانون، علاوة عن القرارات الإدارية التي أوجبت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، تعليلها القرارات الإدارية التالية.
أ‌-القرارات المرتبطة بمجال ممارسة الحريات العامة أو التي تكتسي طابع إجراء ضبطي
ب‌-القرارات الإدارية القاضي، بإنزال عقوبات إدارية أو تأديبية
ج -القرارات الإدارية التي تفيد تسليم رخصة أو شهادة أو أي وثيقة إدارية أخرى بشروط أو تفرض أعباء غير منصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
د‌-القرارات القاضية بسحب أو إلغاء قرار منشئ لحقوق
ه-القرارات الإدارية التي تستند على تقادم أو فوات اجل أو سقوط حق
و-القرارات التي تفرض منح امتياز يعتبر حقا للأشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية.
وقد أكد القضاء الإداري على أن أي قرار تأديبي يجب أن يقوم على سبب يبرره وإلا يكون معيبا كما جاء في حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 14 فبراير 2007 بتأكيدها على انه أثناء مراقبة المحكمة لعيب السبب في مجال التأديب ملزمة برقابتها للوجود المادي للواقعة المؤدية للجزاء التأديبي ومن تم إلغاء القرار بإثبات قيامه على وقائع غير صحيحة.
ونفس الاتجاه سارت عليه المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها رقم1271 بتاريخ 7يونيو2007 مل رقم 94/06 غ في قرار عزل السيد عبد الجليل بن دادة من أسلاك الأمن الوطني، ملغية القرار ومؤكدة على أن السبب في القرار الإداري، يجب أن يكون ثابتا وواضحا لا لبس فيه.[40]
واستناد إلى ما سبق فإننا نؤكد أن تسبيب القرار التأديبي أصبح ضرورة ملحة نظرا لقيامه على العنصر القانوني في الحياة العملية للموظف بمعنى ـ أن مشروعية القرار التأديبي تقتضي تعليلاواضحا وقانونيا من جانب السلطة التأديبية، فالتعليل يمكن الموظف منمعرفة الأسباب الحقيقية التيبني علىأساسها العقابويتيح له فرصة الدفاع عن نفسه بناء على الأسباب الواردة في القرار.
ذلك أن السبب كركن من أركان القرار الإداري يعتبر الحالة القانونية أو الواقعية التي تدفع الإدارة لاتخاذ قرارها والباعث على إصدار القرار الإداري ،والعيب في السبب عند التعليل يلحق الوقائع التي بني عليها القرار ويلحق التكييف القانوني الذي تضفيه الإدارة على تلك الوقائع التي بني عليها القرار التأديبي بأن تكون غير صحيحة أو غير موجودة فإن ذلك يقضي إلى إلغائه لسبب من الأسباب، كان يصدر قرار بإيقاع عقوبة تأديبية في حق موظف لارتكابه إخلالات مهنية غير قائمة في حقه أو مثلا تبلغ الإدارة بطلب استقالة موظف ويتبين فيما بعد أن طلب الاستقالة قدم تحت تأثير المرض العقلي وهي عالمة بذلك فيكون قرارها متسما بعيب السبب ،أو تقديم طلب استقالة في اسم شخص تبين أنه لم يتقدم قط بالطلب المذكور.[41]

الفقرة الثانية:دعوى التعويض لجبر الضرر الناتج عن القرار التأديبي

سنتطرق في هذه الفقرة بداية لطبيعة دعوى التعويض ضد القرارات التأديبية في حق الموظف (اولا) بعدها سنتناول الضمانات التي تكفلها هذه الدعوى للموظف الذي تم تأديبه(ثانيا).
اولا: طبيعة دعوى التعويض ضد القرارات التأديبية.
بالنسبة لدعوى التعويض لصالح الموظف المتضرر من القرار التأديبي والذي ثبت عدم شرعية هذا القرار في حقه وانه أصيب جراء ذلك بأضرار فيحق له أن يحصل عن طريق القاضي على تعويض عن الأضرار الناجمة من جراء القرار التأديبي أو ألتماطل في عدم تنفيذ الحكم القضائي الملغي لذلك القرار.
وعليه فدعوى التعويض يرفعها الموظف المتضرر من قرار المجلس التأديبي بعد أن تبث المحكمة في دعوى الإلغاء للقرار المتخذ في حقه إذ لا يعقل أن يطلب تعويضا عن قرار تأديبي صادر في حقه ولم يطعن فيه بالإلغاء. ذلك أن القرارات التأديبية والتي من طبيعتها تسبب ضررا ماديا ومعنويا للموظف إذا كانت صادرة بشكل قانوني وفي احترام تام للمساطر الادارية الجاري بها العمل ولم يتم تقديم دعوى ضد السلطة المختصة بإصدارها لا يمكن طلب التعويض.
كما أن هذه الدعوى تتبع إجراءات غير دعوى الإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة وتختص بالنظر في ذلك في المغرب كأول درجة المحاكم الادارية المحدثة سنة 1993 بعد أن كانت تختص بذلك المحاكم الابتدائية.
عموما فدعوى التعويض يرفعها المتضرر إلى المحكمة للمطالبة بتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة تصرف الإدارة، وتعتبر هذه الدعوى أهم صورة من صور دعوى القضاء الشامل التي تتسع فيها سلطة القاضي الإداري لتشمل تعويض الضرر الناشئ عن تصرفات الإدارة وهو ما يعرف بالمسؤولية الإدارية في دعاوى التعويض.
ثانيا: ضمانات دعوى التعويض لجبر الضرر اللاحق بالموظف الذي تم تأديبيه.
تبدو أهمية دعوى التعويض في كونها تكمل الحماية التي يسبغها قضاء الإلغاء على حقوق الموظفين بإعدام القرارات التأديبية لعدم مشروعيتها، وذلك عن طريق تضمين الضرر الذي يصيب الموظفين في فترة ما بين صدور القرار وبين إلغائه.[42]
كما تظهر أهمية هذه الدعوى في أن اللجوء إليها يظل مفتوحا في حالة ما إذا أغلق باب الطعن بالإلغاء أو النقض كما هو الشأن في حالة انقضاء أجل الطعن(60 يوما) .ذلك أن الموظف العمومي الذي صدر في حقه قرار تأديبي غير مشروع ولم يطعن فيه بالإلغاء لفوات أجل الطعن أو قد يتم الطعن خارج الأجل القانوني ،فان مثل هذا القرار يصبح محصنا ولو كان متسما بعيب عدم المشروعية، ففي هذه الحالة أجاز القضاء للمتضرر من هذا القرار أن يراجع المحكمة الإدارية في إطار مقتضيات الفصل الثامن من قانون 90-41 للمطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق به جراء القرار المعيب.
وهكذا قضت المحكمة الإدارية باكادير في حكم لها بعدم قبول الطعن لتقديمه خارج الأجل القانوني وحكمت للطاعن بالتعويض موضحة أن رفض دعوى الطعن بإلغاء قرار عزل موظف لتقديمها خارج الأجل القانوني لا يمنع المحكمة من تفحص القرار والحكم للطالب بالتعويضات عن العزل عند الاقتضاء.
وقد بنت المحكمة حكمها على أن قرار العزل الصادر ضد الطاعن غير معلل وأن الادارة لم تثبت ارتكاب الطاعن للمخالفات الخطيرة المنسوبة إليه، مما يكون معه قرار العزل غير مشروع وموجب للتعويض.
يمكن القول إذن إن حق الموظف الذي فاته أجل الطعن بالإلغاء في قرار صادر عن الإدارة واعتبره غير مشروع يظل قائما إذ أنه لو فقد وظيفته بسبب العزل الذي لا يمكن التراجع عنه،فإن الضرر الحاصل له من جراء العزل يكون قابلا للتعويض.وللحكم بالتعويض يجب أن يكون القرار التأديبي غير مشروع أي شابه عيب من عيوب عدم المشروعية المعروفة وسبب بذلك ضررا للموظف وهذا ما يسمى بالمسؤولية القائمة على الخطأ. ويتمثل الخطأ في مجال التأديب في إصدار قرار تأديبي غير مشروع أي مشوب بعيب أو أكثر من العيوب التي تخول الحق في إلغائه.
وبخصوص طبيعة التعويض فانه إذا تحققت مسؤولية الإدارة فإن جزاءها هو التعويض وغالبا ما يكون نقدا ويقدر على أساس جسامة الخطأ ويقر وقت صدور الحكم، والقاعدة في تقدير الضرر هي أن يراعي ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب وأن تراعى كذلك ظروفه الصحية وحالته العائلية والمالية لأن التعويض يقدر على أساس ذاتي. ويعتبر الطعن في قرارات الإدارة التأديبية مع إمكانية طلب التعويض عن الأضرار المترتبة عنها من بين أهم الضمانات المتوفرة للموظف العمومي للحد من تعسف الإدارة وتصحيح الأخطاء المرتكبة.
عموما فالنظام التأديبي في القانون المغربي كما هو الشأن بالنسبة للقوانين الأخرى يتضمن ما يكفي من القواعد لحماية الموظف العمومي من شطط الادارة. لكن القانون وحده غير كاف لتحقيق هذا الهدف إذا لم يقترن بإرادة حقيقية لنقل هذه القواعد من المجال النظري إلى المجال التطبيقي ويمكن بالتالي من التوفيق ما بين مصالح الموظفين وبين متطلبات المصلحة العامة[43]

خاتمة

نستشف من خلال استقرائنا للموضوع ، ان معظم الأنظمة القضائية ، انتقلت في مراقبتها للقرارات الإدارية في مجال تأديب الموظفين العموميين، من رقابة المشروعية عن طريق الوقائع المادية والتكييف القانوني لها، الى مراقبة ظاهرة التناسب والتي إنبنت بالأساس على ملاءمة الخطأ الذي يرتكبه الموظف مع العقوبة التأديبية الموقعة عليه ، وذلك لتفادي تعسف الإدارة على الموظفين او غلوها في التقدير ، ويعتبر هذا الانتقال قفزة نوعية في القضاء الإداري الذي حاول في كل مرة ان يترك بصمة العدالة والشفافية والمصداقية ، وذلك بغية حماية حقوق كل من الإدارة والموظف .
وفي نظرنا، هذا الانتقال يشكل مرحلة جديدة ومتطورة في سيرورة القضاء الإداري، ذلك لان له وقعا في ضمان حقوق الموظفين العاملين بالإدارة من جهة، ومن جهة أخرى في تكريس نمو وازدهار هذه الأخيرة وحماية مكتسباتها والحفاظ على استمراريتها، كونها تشكل مرفقا حيويا يعد صمام الأمان للدولة.
ولا شك انه من وجهة نظرنا هاته، نكرس هذا التطور للرقابة القضائية في مجال التأديب نحو الاخذ بقاعدة التناسب في توقيع الجزاء التأديبي، ونؤيد الراي الفقهي الذي يقول بضرورة الرقابة على التناسب تأسيسا على أن السلطة التأديبية تباشر اختصاصاتها بواسطة موظفين غير معصومين من الخطأ. كما أنه لا يتصور أن يفلت اختيار الجزاء كليا من يد القاضي كلما كان ذلك أدعى للوصول إلى الهدف المنشود وهو تحقيق العدالة بمفهومها الشامل. ويبقى السؤال مفتوحا حول مدى نجاعة هذه الرقابة القضائية التي بلغت من التطور في مجال التأديب أن اخذت بقاعدة التناسب بين العقوبة والخطأ، وحول مدى إمكانية إيجاد وسائل أخرى بديلة من اجل تفادي تعسف الإدارة على الموظفين وغلوها في تقدير الجزاءات، وكذلك الحرص على ان يكون الموظف انسانا مخلصا في التزاماته، متمتعا بحقوقه.




______________________________________________________________________________

الهوامش:

[1]محمد عنتري ، تحول الاجتهاد القضائي في مراقبة الملائمة من الأفعال والعقوبة التادبية ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، عدد20 ،21 يوليوز 1997 ص 102.
[2]اعتبرت رقابة القاضي الإداري في إطار تأديب الموظفين العموميين على الوجود المادي للوقائع والتكييف القانوني لها ، رقابة او قيد تقليدي حسب مجموعة من فقهاء القانون الإداري ، لانه بعد ذلك سيظهر قيد أكثر تطورا في مجال التأديب وهو قيد قضائي بالأساس اعتبر من المبادئ القانونية العامة ، الا وهو مبدأ التناسب .
[3]LeContrôle De La Réalité Des Faits
[4]مخلوفي مليكة ، رقابة القاضي الاداري على القرار التاديبي في مجال الوظيف العمومي، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون ، جامعة مولود معمري ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ،الجزائر ، سنة 2012 ، ص 85.
[5]خليفة سالم الجهمي ، الرقابة القضائية على التناسب بين العقوبة والجريمة في المجال التاديبي ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية 2009 ، ص 325.
[6]بن علي عبد الحميد ، طرق انقضاء العقوبة التادبية الصادرة ضد الموظف العام دراسة مقارنة ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام الجزائر 2010/2011، ص 96.
[7]محمد رفعت عبدالوهاب ، القضاء الاداري ، الكتاب الثاني ، منشورات الحلبي لبنان ، الطبعة الاولى 2005 ، ص 199 ، 200.
[8]خليفة سالم الجهمي ، المرجع السابق ، ص 328.
[9]André De Laubadere , Traité élémentaire de droit administratif,L.G.D.J,Paris 1953,cité par ،
ص 98 مرجع سابق ، مخلوفي مليكة
[10]علي خطار شنطاوي ، موسوعة القضاء الاداري ، الجزء الثاني ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الاردن ، الطبعة الاولى 2008، ص 902.
[11]حكم مأخوذ من بنجلون عصام ، السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية عليها رسالة دكتوراه الوطنية في القانون العام ، جامعة محمد الخامس السويسي ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، الرباط السنة الجامعية 2005، 2006 ،ص 101.
[12]حكم المحكمة الادارية العليا المصرية ، طعن رقم 472 بتاريخ 18 ديسمبر 1971،
[13]عبدالعزيز عبد المنعم خليفة ، قضاء التاديب ضوابط الضمانات التاديبية في الوظيفة العامة ، دار الكتاب الحديث الاسكندرية دون ذكر طبعة ، ص 325
[14]حكم ماخوذ من بن جلون عصام، مرجع سابق ، ص 119
[15]حكم رقم 3ـ99ـ49 بتاريخ 1999، 05،13 منشور بالمجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية عدد 30 يناير ـ فبراير 2000 ـ ص 133.
[16]DUPUIT Georges, GUEDON Marie-José et CHRETIEN Patrice, Droit administratif, 5eme éditon, Armand Colin, Paris, 1996, P539.
[17]خليفة سالم الجهمي ، مرجع سابق ، ص :328، 329
[18]بطيخ رمضان محمد، الاتجاهات المتطورة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي للحد من سلطة الإدارة التقديرية وموقف مجلس الدولة المصري منها ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1999 ،ص 138.
[19]بطيخ رمضان محمد، مرجع سابق ، ص : 189
[20]مخلوفي مليكة ، مرجع سابق ، ص 102
[21]الإسكندرية، الطبعة الأولى ، 2004 ، ص 630سامي جمال الدين ، الوسيط في دعوى الغاء القرارات الإدارية ، منشأه المعارف
[22]تتخلص وقائع هذه القضية في ان السيد جوميل ، كان قد طلب الترخيص . له بالبناء في ميدان بوفو بباريس فرضت الإدارة طلبه لما يحدثه البناء في هذا الميدان من المساس بإحدى المعالم الاثرية، وعندما بحث المجلس هذا الامر، ظهر له ان الميدان المذكور لا يدخل كله في عداد المعالم الاثرية ، فإلغاء بذلك قرار الإدارة ، لما شابه من خطأ في التكييف القانوني للوقائع التي قام عليها .
[23]قرار مجلس الدولة الفرنسي الصدار في 28 / 4 / 1938 ، ماخوذ عن مخلوفي مليكة ، مرجع سابق ، 103
[24]محمد عنتري ، مرجع سابق ص، 102
[25]محمود سلامة جبر ، مرجع سابق ، ص.29
[26]مايا محمد نزار أبو دان ، الرقابة القضائية على التناسب في القرار الإداري ، دراسة مقارنه ، مؤسسة الحديثة للكتاب الطبعة 1 ، 2011، ص 10 ، 11.
[27]السيد محمد السيد إبراهيم ، الرقابة القضائية على ملاءمة القرارات التاديبية ، مجلة العلوم الإدارية ، السنة الخامس ، العدد الثاني ، 1963ص 265
[28]السيد محمد السيد إبراهيم مرجع سابق ، ص 136
[29]بطيخرمضانمحمد،مرجع سابق ، ص 100
الغلو في اللغه من اصل ( غلو وغلا ) فغلا غلوا ، زاد وارتفع ، وغلا النبت بمعنى التف وعظم ، والمغالاة في الامر المبالغة في السي رفع ثمنه
[31]حكم المحكمة الإدارية العليا في الطن رقم 2935 لسنة 35 ق ، جلسة 1992/ 02/ 28 الموسوعة الحديثة ماخوذ من مليكة مخلوفي ، مرجع سابق، ص 113
[32]حكم المحكمة الإدارية العليا ، في الطعن 415 ، لسنة 25 ق ، جلسة 07/ 02 / 1984 ، مجموعة السنة التاسعة والعشرون ماخوذ عن المرجع السابق ص 113
[33]بنجلون عصام ، مرجع سابق ، ص 118
[34]عبد اللطيف العمراني ، مرجع سابق ، ص 123
[35]عبد اللطيف العمراني ، مرجع سابق ، ص 121
[36]محمد عنتري ، مرجع سابق ، ص 104
[37]طارق فتح الله خضر ، القضاء الإداري مبدا المشروعية ، تنظيم القضاء الإداري ، دعوى الإلغاء ، طبعة 2002، النسر الذهبي للطباعة ، ص 177
[38] قضية الصندوق الوطني للقرض الفلاحي .قرارللمحكمةالإداريةبالرباط ،بتاريخ 4 مارس،1999،
[39]سعيد نكاوي ، القانون الإداري ، والقضاء الإداري ، دار نشر المعرفة ، الطبعة الأولى 2009 ، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط ، ص 130
[40]حكمرقم1271 بتاريخ 7يونيو2007 ملفرقم 94/06 غفيقرارعزلالسيدعبدالجليلبندادةمنأسلاكالأمنالوطني
[41]سعيد نكاوي مرجع سابق ص ، 136
[42]القاضي عثمان ياسين علي ، إجراءات إقامة الدعوى الإدارية في دعوتي الإلغاء والتعويض ، دراسة تحليلية مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الطبعة الأولى 2011، ص 60.
[43]القاضيعثمانياسينعلي ، مرجع سابق ، ص : 66
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -