التبليغ في المادة الضريبية

مقال بعنوان: التبليغ في المادة الضريبية 

التبليغ في المادة الضريبية


مقدمة
يعتبر التبليغ في المعجم الضريبي هو كل وثيقة تستعملها الإدارة من أجل إعلام الملزم بالمسطرة الضريبية التي تمارسها في حقه والغاية من إيصال هذه الوثيقة هي قطع التقادم بالنسبة الإدارة وفتح آجال جديدة للتقادم بالنسبة للملزم سواء للجواب أو التظلم.
وإذا كان القانون المغربي يوجب على كل شخص طبيعي أو معنوي متى كان ملزما وخاضعا للضريبة المنصوص عليها بالقانون الضريبي أن يودع إقراره بمصلحة الضرائب التي يوجد بدائرة إختصاصها متضمنا المعاملة التي تشكل وعاء الضريبة في الآجال المنصوص عليها بالقواعد الضريبية، فإنه في المقابل وفي حالة عدم إيداع الإقرار المذكور بالمرة أو الإدلاء بإقرار ناقص عن البيانات الشكلية اللازمة لربط الضريبة تفرض الضريبة بصورة تلقائية في حقه بعد تبليغه تبليغا قانونيا بالدعوة إلى تقديم إقراره داخل أجل شهر من تاريخ التوصل وحتى إذا لم يستجيب لتلك الدعوة تخبره مصلحة الضرائب مرة ثانية بوضع إقراره داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ وتطلعه على الأساس الجديد المنوي إعتماده في فرض الضريبة في حقه بصورة تلقائية إذا لم يدل بإقراره، وتعتبر ضمانة التبليغ من الإجراءات الجوهرية التي يجب على الإدارة إحترامها لمساسها بحق الدفاع، وقد رتب القضاء على خرقها بطلان مسطرة فرض الضريبة . 
ويحتل موضوع التبليغ أهمية قصوى بالنظر لعدة إعتبارات منها أنه يمكن الملزم والإدارة من إحتساب أجل التقادم بصورة صحيحة تنظيما للمعاملات بينهما ، وهو الآلية الأساسية لتجسيد المسطرة التواجهية التي تمكن كل طرف من عرض مواقفه وملاحظاته بغية التوصل إلى إتفاق بالتراضي حول الأساس الضريبي الجديد .
وهكذا نجد في ميدان التبليغ أن الإدارة بعد أن كانت تعتمد على البريد المضمون في توجيه إنذاراتها ولا تعبئ بالتوصل الفعلي للملزم ، أحدث بفضل الإجتهادات القضائية المتواترة تتراجع عن مواقفها لاسيما بعد إلغاء عدد كبير من مقررات فرض الضرائب من طرف المحاكم الإدارية بسبب عدم توصل الملزم وعدم إحترام الإدارة لمساطر التبليغ .
ومسايرة الإجتهادات القضائية في ميدان التبليغ صدرت عدة قوانين عبر مراحل لتطوير أساليب الإدارة في التبليغ ، ومن هذا المنطلق فما هي إذن أهم المراحل التي مرت منها مسطرة التبليغ وصولا إلى ما هي عليه الآن ؟ وما هي نتائج وآثار المترتبة عن إجراءات التبليغ؟ 
ولمعالجة هذه الإشكاليات إرتأينا إعتماد التصميم التالي (المبحث الأول) طرق التبليغ وتطورها في المادة الضريبية، أما بخصوص (المبحث الثاني ) سنعالج نتائج وآثار التبليغ في المادة الضريبية .

المبحث الأول : طرق التبليغ وتطورها في المادة الضريبية

وللإحاطة بقواعد تبليغ الإجراءات المسطرية ، المتعلقة بفرض الضريبة أو تصحيحها من منظور القانون الجبائي ، نتوقف على مرحلتين أساسيتين وهي مرحلة ما قبل صدور كتاب المساطر الجبائية (المطلب الأول) ومرحلة صدور كتاب المساطر الجبائية والمدونة العامة للضرائب (المطلب الثاني)

المطلب الأول : مرحلة ما قبل صدور كتاب المساطر الجبائية 

لقد عرف النظام الجبائي قبل صدور كتاب المساطر الجبائية ، ثلاث محطات أساسية تتعلق بكيفية تطبيق إجراءات التبليغ وهي : 

- التبليغ قبل صدور قانون المالية 1995 : 
كانت الإدارة تعتمد في هذه الحقبة على الرسائل المضمونة مع الإشعار بالتوصل بناءا على النصوص الجبائية التي كانت سارية المفعول فنجد مثلا البند 7 من الفصل الخامس من ظهير 30 دجنبر 1978 المنظم للضريبة على الأرباح العقارية ، ينص على أنه إذا لم يقدم الملزم بالضريبة التصريح في أجل شهرين ، فإن الإدارة تطلب منه بواسطة "رسالة مضمونة مع الإعلام بالتسلم أو التوصل أن يقدم إليه تصريحه في أجل 20 يوم يبتدئ من التاريخ تسليم التبليغ"
كما أن الفصل 12 مكرر من ظهير 24-12-58 بمثابة مدونة تسجيل قبل تعديلها كان ينص على أن الإدارة إذا إرتأت أن الثمن المصرح به غير حقيقي فإنها تعلم الملزم بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل بالأسس الجديدة لواجبات التسجيل وذلك ليتمكن من بسط ملاحظاته داخل أجل الشهر الموالي لتاريخ توصله، [1] وهذا ما إستقر عليه القضاء الإداري قبل دخول قانون المالية لسنة 1995 إلى حيز التطبيق على القول بأن عبارة غير مطلوب لا تفيد التوصل خلافا لما ورد بمذكرة السيد وزير المالية التي كانت تعتبر غير مطلوب بمثابة التوصل وعلى خلاف ذلك يعتبر القضاء الفرنسي[2] رجوع الرسالة إلى المرسل بعبارة غير مطالب تعتبر بمثابة التوصل القانوني يعد إرسال إشعار للمعني بالأمر بوجود الرسالة رهن إشارته وأن عدم سحبها داخل الأجل المحدد يعتبر بمثابة تبليغ قانوني.
ومع ذلك ، عرفت هذه المسطرة مشاكل كثير ، أهمها ، عدم ضبط أسلوب عمل مصالح البريد في إيصال المراسلات إلى أصحابها ، مما دفع بالقضاء إلى إعتبار الرسالة التي لا يطالب بها صاحبها ،وهي موضوعة رهن إشارته في مصالح البريد ، غير قاطعة للتقادم ، وهو موقف دفع بالمشرع إلى محاولة إصلاح الوضع بواسطة مقتضيات تضمنها قانون المالية لسنة 1995.[3] 

- التبليغ بعد صدور قانون المالية 1995 :
أمام هذه المشاكل التي أثيرت بسبب عدم التبليغ تدارك المشرع الأمر وأدخل تعديلات مهمة على هذه المسطرة خلال قانون المالية لسنة 1995 ، حيث نظم عملية التبليغ بطرق أخرى أضيفة إلى المراسلة بالبريد المضمون ، حيث جاء في المادة 212 من الضريبة على الدخل مثلا إذا تعذر تسليم الإعلان لسبب غير الإمتناع من تسلمه يتم التبليغ المذكور بواسطة المأمورية المحلفين التابعين للإدارة الضرائب أو أعوان كتابة الضبط أو الأعوان القضائية أو بالطريقة الإدارية ...
أي أنه عندما لا يتم بواسطة البريد، حين ذلك فيمارس التبليغ بواسطة أعوان الإدارة وهذا الاستنتاج هو نفسه الذي خرجت به الإدارة و القضاء معا ، غير أن التطبيق العملي لهذا التتابع أفضى إلى عدة مشاكل حالة دون الغاية من التبليغ ، حيث لوحظ أن المدة الفاصلة بيين التاريخ الإرسال بالتبليغ بالبريد المضمون و تاريخ علم الإدارة بتوصل الملزم أو عدمه قد يفوق 20 يوما ، في حين أن هذه المدة هي نفسها قد تكون كافية ليسقط حقها في تعديل الفرص الضريبي بالتقادم مما يجعلها في موقف حرج فتحتار بين مواصلة التبليغ بالطرق المتاحة الأخرى أو بانتظار رجوع الطي [4] .
إذ على الإدارة أن تثبت لجوؤها إلى مسطرة التبليغ بالبريد المضمون أولا والثبات تعدل هذه الوسيلة للتبليغ حتى تشفع لها سلوك باقي المساطر الأخرى تحت طائلة بطلان مسطرة الفرض الضريبي[5] في هذا المنحى ذهب القضاء الإداري المغربي في قرار الغرفة الإدارية 331 بتاريخ 007-03-2002 بملف الإداري 928/04/01 /2001 قضية برسوغي ضد إدارة الضرائب.

- التبليغ في قانون مالية سنة 2001 :
و تفاديا للثغرات التي كانت قبل قانون مالية 2001 تدخل المشرع كمن خلال سن طرق جديدة لتبليغ من شأنها أن توسع دائرة التبليغ و تعمل على سد الثغرات و هكذا نجد الفصل 50 مكرر من قانون الضريبة على الشركات والفصل 112 مكرر من قانون الضريبة العامة على الدخل ، و الفصل 56 مكرر من قانون الضريبة على القيمة المضافة ، الفصل 12 المكرر من مدونة التسجيل تنص على أن التبليغ يتم بالعنوان الذي حدده الخاضع للضريبة في إقراراته أو في عقوده ومراسلاته المدلى بها إلى جهة الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة إما برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بواسطة الأعوان المحلفين أو أعوان كتابة الضبط أو بالطريقة الإدارية ، وبموجب هذا التعديل أصبح بمقدور مفتش الضرائب أن يختار الطريقة المثلى لتبليغ مراسلاته للملزم .
والجديد في هذا القانون هو أن المشرع الضريبي تدخل لأول مرة و اعتبر ان رفض التبليغ هو بمثابة تبليغ بعد 10 أيام من تاريخ الرفض مكرسا بذلك نفس القاعدة المنصوص عليها بالفصل 39 من ق.م.م[6]، و كان القضاء الإداري هو سباق إلى تطبيق هذه القاعدة فقد ذهبت المحكمة الإدارية بفاس و هي لسد الفراغ الذي كان يسود النصوص الجبائية قبل تعديل قانون المالية لسنة 2001 عن طريق الرجوع للقواعد العامة للتبليغ المنصوص عليها في ق. م .م إلى إلغاء الأمر بالتحصيل المتعلق بمرسوم التسجيل التكميلية لتقادم الحق في تأسيس هذه المرسوم بعد مرور ثلاث سنوات على تاريخ فرضها بعد احتساب تاريخ التبليغ بالإنذار المنصوص عليه في الفصل 12 مكرر من مدونة التسجيل بعد مرور10 أيام من تاريخ رفض التوصل به معتبرة أن رفض الإشعار المذكور لا يقطع التقادم إلا من تاريخ التبليغ القانوني الذي هو 10 أيام بعد رفض تسليم الإشعار، و أنه باحتساب هذا الأجل يكون قد مرت أكثر من ثلاث سنوات وهو إلا ضد القانون المخول للإدارة في تصحيح الوعاء الضريبي و فرض رسوم تكميلية [7].

المطلب الثاني: مرحلة صدور كتاب المساطر الجبائية و المدونة العامة لضرائب

نص المشرع على مقتضيات جديدة لتبليغ اقل ما يقال عنها أجهضت جميع الضمانات التي نص عليها قانون المالية لسنة 1995 و أصبح هدفها الأساسي إعفاء الإدارة من مسطرة حقيقية وفقا لتشريعات سابقة الذكر، كما جاءت هذه التعديلات ردا على العديد من الاجتهادات القضائية ، إذ نص الفصل العاشر من كتاب المساطر الجبائية 2005 على أنه " يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مرسلاته المدلى بها إلى مفتش الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة عليه ويتبين من مقتضيات الفصل المذكور أن المشرع أعفى إدارة الضرائب من البحث على عنوان جديد للملزم، و بالتالي فإن هذا الأخير ملزم بالإدلاء بعنوانه لإدارة الضرائب كلما غير عنوانه أو بإعلام الإدارة بمحل للمخابرة معه[8].
و يكون التبليغ حسب نفس الفصل " إما برسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتبليغ أو بالتسليم إليه بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لإدارة الضرائب أو أعوان كتابة و الضبط أو الأعوان القضائيين أو بالطريقة الإدارية ، هذا بالنسبة لطرق التبليغ التي أكدت عليها هذه المادة أما فيما يخص شكليات التبليغ فأكدت نفس المادة على أن" و يجب أن يقوم العون المبلغ بتقديم الوثيقة المراد تبليغها إلى المعني بالأمر في ظرف مغلق و ليثبت التسليم بشهادة تحرر في نسختين في مطبوع تقدمه الإدارة و تسلم نسخة من هذه الشهادة إلى المعني بالأمر و يجب أن تتضمن شهادة التسليم البيانات التالية :
إسم العون المبلغ و صفته و تاريخ التبليغ و الشخص المسلم إليه الوثيقة و توقيعه و إذا لم يستطيع أو لم يرد الشخص الذي تسلم التبليغ توقيع الشهادة، وجب على العون الذي قام بالتبليغ أن يشير فيها إلى ذلك، و في جميع الحالات يوقع العون المذكور الشهادة و يوجهها إلى مفتش الضرائب المعني بالأمر[9].
و قد تضمن هذا الفصل مستجد تمثل في تحميل المسؤولية للملزم في عدم توصله في الحالة التي تقوم فيها الإدارة بالتبليغ فيتعذر عليه بسبب ما ذكره القانون كالتالي:
- إذا وقع تسليمها بالنسبة للأشخاص الطبيعيين إما للشخص المعني في أي مكان إما بموطنه لأقاربه أو مستخدمين عنده أو لكل شخص آخر يسكن أو يعمل مع من وجهت إليه الوثيقة أو في حالة رفض تسلم الوثيقة المذكورة بعد انصرام أجل 10 أيام التالية لتسلم
- فيما يخص الشركات و الهيئات الأخرى المشار إليها في المادة 8 من قانون رقم 89-17 المتعلق بالضريبة العامة على الدخل على الشريك الرئيسي أو الممثل القانوني لشركة أو مستخدميه أو أي شخص أخر يعمل مع الخاضع لضريبة الموجهة إليه.
- إذا تعذر تسليمها إلى الخاضع لضريبة بالعنوان المدلى به مفتش الضرائب عندما يتم توجيه الوثيقة بطرق التبليغ المتاحة للإدارة، و تم إرجاع الوثيقة مدلية ببيان غير مطالب به أو إنتقل من عنوانه أو عنوان غير معروف أو غير تام أو أماكن مغلقة أو أن الخاضع لضريبة غير معروف بالعنوان ، في هذه الحالات يعتبر الظرف مسلما بعد إنصرام أجل عشرة أيام التالية لتاريخ إثبات تعذر التسليم المذكور[10] .
وصدرت في هذا الإطار مجموعة من الأحكام بهذه الخصوصية السابق ذكرها الصادرة عن المحاكم الإدارية ، كذلك صدرت عن المجلس الأعلى قرارات متواترة تطبق هذه الخصوصية : من بينها قرارين صادرين عن الغرفة الإدارية فالأول في الملف رقم 58-4-2-2005 بتاريخ 11/04/2007 قرار عدد 36 جاء فيه:
" لكن حيث أن الثابت من مستندات الملف أن إدارة الضرائب قامت بتبليغ المستأنفة بالرسالة الأولى توصلت بها، ثم وجهت لها الرسالة الثانية عن طريق البريد المضمون و أرجعت بملاحظة " غير مطلوب " فقامت بالإجراء المذكور بواسطة العون التابع لها و لم تتمكن من إنجاز التبليغ بعد إنتقاله إلى عنوان المستأنفة حيث أفادت إمرأة بالشقة بأن المستأنفة إنتقلت من العنوان المذكورة ...، مما يجعل الإدارة تقوم بإجراءات التبليغ المطلوبة قانونا ... ".
و الثاني قرر عدد 726 بتاريخ 18/07/2007 ملف إداري عدد 1414 41/2/2005 جاء فيه :
" ... و عدم حصول التبليغ لا يمكن نسبه للإدارة و إنما يتحمله المستأنف عليهما بسبب عدم إدلائهما بالعنوان الجديد ... " [11].
و قد حافظت المدونة العامة لضرائب الصادرة في قانون مالية 2007 مكن خلال المادة 219 على نفس المقتضيات التي إعتبرها بعض الباحثين على أن أقل ما يقال عنها أجهضت جميع الضمانات التي نص عليها قانون المالية لسنة 1995 .
والتي تنص على أن : " يتم التبليغ بالعنوان المحددة من قبل الخاضع لضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسلاته المدلى بها إلى مفتش الضرائب التابع له مكان فرض الضريبة عليه إما برسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم أو بالتسليم إليه ، بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لإدارة الضرائب وأعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة الإدارية[12].
وللإشارة فإن المشرع أعطى مجموعة من الضمانات ، ففي حالة عدم تقديم الملزم إقراراته أصلا داخل الآجال القانونية المحددة أو قدم إقرارات ناقصة و لا تتضمن البيانات و العناصر الشكلية والمعلومات اللازمة لربط الضريبة فإن الإدارة الضريبية تتولى فرض ضريبة على المعني بالأمر بصورة تلقائية بعد أن تشعره الإدارة من خلال رسالة أولى تدعوه إلى إقراراته وإذا لم يستجيب المعني بالأمر تخبره الإدارة مرة ثانية بوضع إقراراته ، وتطلعه في نفس الرسالة على الأساس الجديد الذي يتم إعتماده لفرض الضريبة ، باعتبار التبليغ من المقتضيات الآمرة والجوهرية التي يتعين على الإدارة إحترامها كونها من النظام العام ، كما أن المحكمة الإدارية بالرباط كرست نفس المبدأ القاضي بضرورة إحترام مسطرة التبليغ القانوني تحت طائلة البطلان بحكمها الصادر بتاريخ 07-12-2009 رقم 2590 في الملف الإداري عدد 172/7/2009 ن وأيضا حكم صادر عن نفس المحكمة عدد رقم 724 بتاريخ 15/03/2010 في الملف رقم 1053/08.[13]

المبحث الثاني : نتائج وآثار التبليغ في المادة الضريبية

تثير مسطرة التبليغ عدة نزاعات قانونية وواقعية أمام القضائي الجبائي بإعتبار التبليغ أساس المسطرة التواجهية ، وأساس الإعلام الذي هو حق من حقوق الملزم الأساسية إبان تصحيح مسطرة الوعاء أو الفرض التلقائي لضريبة.

المطلب الأول: في حالة تسلم التبليغ

كما نصت المادة 219 من المدونة العامة للضرائب : إذا وقع تسليمها. فعند سلوك التبليغ تصل إلى إحدى النتائج التالية:

فبالنسبة للشخص الطبيعي : 
- أن يتوصل بها المعني بالأمر شخصيا هنا يجب عليه أن يستجيب بوضع إقراءه أو تتميمه داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ وإن تجاوز هذا الأجل فإن التبليغ يعتبر صحيحا وتخبره بالأساس الضريبي التي ستفرضه عليه في هذه حالة لا يمكن أن تنازع بذلك : 
- أن يتوصل بالتبليغ بموطن المعني بالأمر أحد أقاربه أو أحد المستخدمين عنده أو كل شخص آخر يسكن أو يعمل مع الموجهة إليه الوثيقة ، ويلاحظ أن مقتضيات الفقرة المذكورة جاءت غير دقيقة إذ أنها لم تحدد المقصود بـ "موطن المعني بالأمر " كما أنها لم تحدد درجة القرابة التي تربط الملزم بالشخص الذي تسلم وثيقة التبليغ ، كما أنه يطرح حول المقصود بعبارة "أوكل شخص يعمل معه" فهل يعني المشرع جميع الأشخاص الذين تربطهم بالملزم علاقة تبعية؟ وبالتالي يمكن أن نستبعد التبليغ الملم إلى رئيس الملزم أو المقصود بذلك هم الأشخاص الذين يعملون مع الملزم بنفس المكان أو الإدارة أو الشركة بصفة عامة دون الأخذ بعين الإعتبار علاقة الشغل .
- في حالة رفض تسليم وثيقة التبليغ سواء من طرف المعني بالأمر أو الأشخاص المشار إليهم بالفقرة الثانية ، فإن المشرع رتب على ذلك نفس نتيجة التبليغ الفعلي بعد فوات أجل عشرة أيام التالية لتاريخ رفض التسليم ، سواء تعلق الأمر بالملزم شخصيا أو من طرف الأشخاص اللذين لهم الصلاحية للنيابة عنه وفقا لفصول التبليغ .
كما هي منصوص عليها بموجب الفصول 37-38-39 من قانون المسطرة المدنية ، بل انه حتى في الحالة التي يرجع فيها طي التبليغ بملاحظة "رفض التسليم" فقد أوجب الاجتهاد القضائي أن يتم التنصيص من طرف أعوان التبليغ على اسم الشخص الذي رفض التسلم ودرج على انه بإمكان الملزم أن يتمسك بعدم إمكان الاحتجاج عليه برفض تسلم يجهل اسم من صدر عنه ، هذا ما أشار إليه قانون مالية 1995 (نتيجة إلغاء الضريبة ) 
مستجدات قانون المالية 2001 هو رفض التبليغ هو بمثابة تبليغ بعد مرور 10 أيام من تاريخ الرفض مكرسا بذلك نفس القاعدة المنصوص عليها بالفصل 39 من ق.م.م وكان القضاء الإداري هو السباق إلى تطبيق هته المقتضيات أكدته إدارة فاس بالملف عدد 197/2000 في هذه الفترة فتح المجال أمام الإدارة في اللجوء إلى أي طريقة أخرى من التبليغ ، عدم إلزامه ببريد المضمون .

فيما يخص الشركات 
يعتبر التبليغ إلى الشركة قانونيا إذا سلم إلى :
- الشريك الرئيسي فيها أو ممثلها القانوني ..
- مستخدميها .
- إلى شخص يعمل مع الخاضع للضريبة الموجهة إليه الوثيقة.
- إذا تم رفض تسلم الوثيقة من طرف الأشخاص السابق ذكرهم بعد مرور عشرة أيام على تاريخ رفض التسليم .[14]

المطلب الثاني : في حالة التعذر التسلم

لقد عرفت مواقف القضاء الإداري في هذا المجال تطورا لمواكبة تحولات التي عرفها التشريع الضريبي المشار إليه في مجال التبليغ ، فقبل صدور قانون المالية 1995 كانت الغرفة الإدارية بالمجلي الأعلى لا تعتبر أن طي التبليغ مساما تسليما صحيح لصاحبه إلا إذا توصل به شخصيا أو في موطنه بواسطة الأشخاص الذين يفوضهم القانون تسلم الطي نيابة عنه ، وأن رفض أو تسلم : "إما برجوع طي التبليغ الموجه بالبريد المضمون بعبارة غير مطلوب ، كما هو الشأن في النازلة ، فلا يشكل تسلما ولا رفضا للتسلم الذي يجعل منهما حالة تسلم صحيح لطي التبليغ".[15] 
أما بعد قانون المالية 1995 الذي أتى بمستجدات مهمة واكب القضاء الإداري هذا التحول من خلال قرارات الغرفة الإدارية وأحكام محاكم الموضوع، حيث جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 7/3/2002. "على الإدارة أن تثبت لجوءها إلى البريد المضمون ، وتثبت تعذر تحقق التبليغ في هته الوسيلة حتى تبرز استعمالها لباقي الوسائل الأخرى تحت طائلة بطلان مسطرة فرض الضريبة والتبليغ الذي يتم عن طريق البريد المضمون المرسل إلى الملزم بعنوانه المبني في إقراراته ، أو عقوده، أو مراسلاته مع المصالح الضريبية".
كما أن العمل القضائي خلال هذه الفترة عمل على تطبيق المقتضى الجديد الذي أتى به قانون المالية لسنة 1995 القاضي بإعتبار رفض التبليغ هو بمثابة التبليغ بعد 10 أيام من تاريخ الرفض مكرسا بذلك القاعدة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية الفصل 39 ، أما بعد صدور قانون المالية 2005 الذي نظم التبليغ بطريقة مغايرة للقواعد المتعارف عليها في صحة التبليغ حسب قانون المسطرة المدنية كرد فعل على أحكام المحاكم الإدارية القاضية ببطلان مسطرة فرض الضريبة أو تصحيح وعائها لعدم سلامة التبليغ وبالتالي سيزيد من حدة المنازعات بين الملزم والإدارة الضريبية.
وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 219 من المدونة العامة لضرائب يلاحظ أن المشرع في هذه الحالات يعتبر الظرف الملم بعد إنصرام أجل عشرة أيام التالية لتاريخ إثبات تعذر التسليم .[16]
في حالة رجوع الطي بعبارة "عنوان غير معروف " أو "غير تام" أو "ملزم غير معروف بالعنوان" يجب أن تأخذ بالكثير من الحيطة و أن لا تدون إلا بعد القيام ببحث دقيق ولو أدى الأمر إلى الاستعانة بالجوار والسلطات العمومية وذلك لما يترتب عن عملية التبليغ من آثار قانونية خطيرة ، فضلا على انه يجب تخويل حق للملزم لإثبات ما يخالفها بناءا على أنها واقعة مادية ، كان يثبت الملزم بحجج جدية انه كان يتواجد خارج الوطن في الوقت الذي أرسلت له إدارة البريد إشعارا لتسلم رسالة مضمونة ، أو كأن يقيم الدليل بالفعل انه يتواجد باستمرار بعنوانه وذلك بناءا على قرائن متلاحمة ومنسجمة لفواتير الماء والكهرباء لاسيما إذا تعلق الأمر بالضرائب المترتبة عن عملية واحدة كالضريبة عن الأرباح العقارية أو واجبات التسجيل عن عملية بيع أو شراء قام بها شخص عادي .[17]

خاتمة:
في الختام نلاحظ أن رغم التطور الذي مرت منه مسطرة التبليغ في المادة الضريبية لسد الثغرات التي كانت تفدي إلى إلغاء الكثير من الضرائب وترهق خزينة الدولة فإنما محطة نزاع أمام المحاكم ، وتتميز بمجموعة من اللبس وعدم التدقيق .
_______________________________________
الهوامش:
[1]- سميرة شقشاق ، طرق التبليغ في مجال الضرائب وتطوره عبر القوانين المالية والاجتهاد القضائي المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات  العدد 9 شتنبر 2005، ص 46. 
[2]- قرار مجلس الدولة بتاريخ 6-12-1952 وقرار 82213 ، أورده محمد القصري ، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام  ،القضاء المغربي ، طبعة الثالثة 2011 دار أبي رقراق ، ص 13. 
[3]- عبد الغني يفوت ، مسطرة التبليغ في المادة الجبائية . 
[4] - عبد الغني يفوت ، مرجع سابق ، ص 243.
[5] - محمد القصري ، مرجع سابق ، ص16.
[6]- محمد قصري، مرجع سابق ، ص 16-17. 
[7]- حكم المحكمة الإدارية بفاس ، بالملف رقم 197/2000 في قضية تقاضي ضد إدارة الضرائب . 
[8]-سميرة شقشاق، مرجع سابق ، ص 48. 
[9]- المادة 10 من كتاب المساطر الجبائية ، الصادر سنة 2005. 
[10]- نجيب البقالي ، منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الإداري ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة ، جامعة الحسن الثاني المحمدية، البيضاء، سنة 2006-2007 ، ص 12.
[11]- إبراهيم الشيكر ، "الإخلالات المسطرية وأثرها على الالتزام الضريبي " ، دفاتر المجلس الأعلى ، عدد 16، ص 112-113 
[12]- خالد مبروكي ، مسطرة تصحيح الضريبة في مرحلتها الإدارية ، المجلة المغربية الإدارة المغربية والتنمية ، عدد 96 يناير /فبراير 2001 ، ص 47.  
[13]- عبد الحميد الصحراوي ، حماية القضاء الاداري للملزم في المنازعات الضريبية ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في تدبير الشأن العام ، دجنبر 2010، ص 81-82-83 . 
[14]- سميرة شقشاق ، مرجع سابق ، ص 51. 
[15]- قرار عدد 1 بتاريخ 27/12/1978 في الملف رقم 01/677، قرار عدد 270 بالملف عدد 63 540 " المرجع العملي لاجتهاد القضاء الإداري "  ،أورده نجيب البقالي ، مرجع سابق ، ص13. 
[16] - سميرة شقشاق ، مرجع سابق ، ص51.
[17]- سميرة شقشاق ، مرجع سابق ، ص 51-52.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -