الاعفاءات والامتيازات الضريبية

مقال بعنوان: الاعفاءات والامتيازات الضريبية


مقدمة: 
الامتيازات الضريبية هي مجموع التشجيعات أو التحفيزات أو التسهيلات أو الإعفاءات التي قد تمنحها الدولة لبعض القطاعات ذات الأهمية أو ذات الحساسية الشديدة أو التي تكون في مهدها، كقطاع الفلاحة و السياحة و العقار و النقل و التصدير و الصناعة التقليدية و المناجم والمناطق الحرة والتعليم الخصوصي و التكوين، ودلك قصد مساعدة هده القطاعات على النهوض أو الإقلاع لتحقيق مكاسب وأهداف محددة سلفا.
وهده الامتيازات تكون دائمة أو مؤقتة ودلك حسب أهمية وقيمة القطاع ومدى تأثره بظروف الزمان والمكان والمحيط وهي مقررة سواء في المدونة العامة للضرائب أو مدونة الجبايات الجماعات المحلية، فيما يخص الامتيازات المقررة في المدونة العامة للضرائب تبرز هده الامتيازات سواء على مستوى الضريبة على الشركات و الضريبة على الدخل و الضريبة على القيمة المضافة، هده الامتيازات كان الهدف من وراءها تحقيق النمو الاقتصادي بالدرجة الأولى على حساب الجانب الاجتماعي، وهدا ما سيتبين لنا من خلال العرض فالدولة أعطت الأولوية للقطاع الفلاحي والعقاري مقابل ضعف هده الإعفاءات على مستوى الصحة والعمل الاجتماعي و المرافق العمومية، وهو ما يبين الخلل الواضح في أولويات الحكومة، التي عليها أن تعيد النظر في هده المقارنة ودلك بإعطاء
الأولوية للقطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، ويبقى الإشكال المطروح بخصوص نطاق تطبيق الإعفاءات على المستوى العلمي؟ ولمعالجة هده الإشكالية ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين:
المبحث الأول : نطاق تطبيق الإعفاءات والامتيازات الضريبية.
المبحث الثاني: تجليات الإعفاءات والامتيازات الضريبية على المستوى العلمي.

المبحث الأول: نطاق تطبيق الإعفاءات والامتيازات الضريبية. 

الإعفاء الضريبي هو إعفاء من جميع أو بعض الضرائب للدولة، عادة الإعفاءات من الضرائب يقدم لفرد أو لمنضمة تقع ضمن فئة ترغب الحكومة في تشجيعها اقتصاديا، مثل المنظمات الخيرية، الإعفاءات الضريبية عادة ما تهدف إما إلى تخفيض عبء الضرائب المفروضة على شريحة معينة من المجتمع بهدف العدالة أو لتعزيز نوع النشاط الاقتصادي عن طريق تخفيض عبء الضرائب المفروضة على تلك المنظمات أو الأفراد المشاركة في هدا النشاط، هدا إضافة إلى بعض الامتيازات التي يمنحها المشرع من أجل التحفيز على الاستثمار والإنعاش الاقتصادي. 

المطلب الأول: الإعفاءات والامتيازات الضريبية على الشركات

بالنسبة للإعفاءات من الضريبة على الشركات فحسب المادة 4 من المدونة العامة للضرائب تعفي كليا و بصفة دائمة:
  • الجمعيات والهيئات التي لا تهدف إلى تحقيق الأرباح الناتجة عن هذا النشاط على أن الإعفاء المذكور لا يطبق فيما يتعلق بمؤسسات البيع أو تقديم الخدمات. 
1ـ الإعفاءات الكلية الدائمة. 
  • الجمعيات الغير هادفة إلى الحصول على الربح والهيئات التي في حكمها فيما يخص العمليات المطبقة للغرض المحدد في أنظمتها الأساسية أي المعترف لها بصفة المنفعة العامة.[1]
  • التعاونيات واتحاداتها المؤسسة قانونا فحسب الفصل الأول من القانون رقم 24/83 المحدد للنظام الأساسي للتعاونيات ومكتب تنمية التعاون، فالتعاونية هي تجمع أشخاص طبيعيين الدين ينفقون على التوحد من أجل خلق مقاولة مكلفة بتلبية حاجياتهم الخاصة فقط، بالسلع والخدمات التي يحتاجونها و تتمتع بالأهلية القانونية وبالاستقلال المالي، و أهدافها تتمحور حول تحسين الوضعية السوسيو اقتصادية لأعضائها وتقوية الروح التعاونية بينهم وغيرها من الأهداف المرتبطة بها. وعلى الرغم من إعفائها من الضريبة، فإن هذا الإعفاء يرتبط بشرط عدم تجاوز رقم معاملتها السنوية 500.0000 درهم دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة إدا كانت تمارس نشاطا بتحويل مواد أولية ثم جمعها من عند منخرطيها أو عناصر داخلة في الإنتاج بواسطة تجهيزات ومعدات ووسائل إنتاج التي تستعملها المقاولات الصناعية الخاضعة للضريبة على الشركات وتسويق المنتجات التي قامت بتحويلها. كما أن التعاونية هي ملزمة بإمساك محاسبة منتظمة وفقا للقوانين الجاري بها العمل في هدا الإطار.
  • الشركات التي تتعاطى تربية المواشي فيما يخص الأرباح الناتجة عن هدا النشاط، وتراد بالمواشي الحيوانات الخاضعة للرسوم المفروضة على الدبح بالمجازر عملا بأحكام الباب الثامن من القانون رقم 30-89 المحدد بموجب نظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية هده الحيوانات هي الغنم،البقر،الخيول،الخنازير.
2- أما بالنسبة للإعفاء الكلية المؤقتة: 
يسري هذا الإعفاء على ثلاث هيئات وهي:
  • مقاولات التصدير تعفى لمدة 5 سنوات إبتداءا من السنة المحاسبية التي أنجزت فيها أول عملية تصدير فيما يخص رقم الأعمال المحقق من هدا العمل.
  • المنشآت الفندقية عن مؤسساتها الفندقية فيما يخص جزء الأساس المفروض عليه الضريبة المطبق لرقم معاملتها المحقق بعملات أجنبية مخول إلى المغرب بصفة فعلية مباشرة أو لحسابها عن طريق وكالات الأسفار، تعفى لمدة 5 سنوات الأولى تبتدئ من السنة المحاسبية التي أنجزت فيها أول عملية إيراد بالعملة الأجنبية. 
3- الإعفاءات الجزئية الدائمة: تستفيد من هدا الإعفاء:
  • الشركات الفلاحية فيما يخص الأرباح الناشئة عن زراعات الحبوب والنباتات الزيتية والزراعات السكرية والكلئية والقطنية[2]
  • المقاولات التصدير والمقاولات الفندقية، ودلك انطلاقا من انتهاء مدة الخمس سنوات الأولى التي تم إعفاؤها من الضريبة كليا.
  • المنشآت الغير العاملة في القطاع المنجمي التي تقوم ببيع منتجات مكتملة الصنع، برسم رقم المعاملات المحقق مع المنشآت المقامة في المواقع الخاصة بالتصدير إبتداءا من إنتهاء الخمس السنوات الأولى التي تم إعفائها كليا.
  • المنشآت المنجمية المصدرة إبتداءا من السنة المحاسبة التي أنجزت خلالها أول عملية تصدير ودلك بنسبة إعفاء 50/.[3]
4- الإعفاءات الجزئية المؤقتة: 
المنشآت الخاضعة لإعفاءات الجزئية المؤقتة من الضريبة على الشركات هي: 
  • المنشآت غير المؤسسات القارة للشركات غير الموجودة مقرها بالمغرب والمقبولة لإنجاز صفقات أعمال أو توريدات أو خدمات، ومؤسسات الائتمان، وبنك المغرب، وصندوق الإيداع و التدبير، وشركات التأمين و إعادة التأمين، و الوكالات العقارية، ودلك بالنسبة للأنشطة المزاولة بإحدى العمالات و الأقاليم التي تحدد بمرسوم وفق المعيارين التالية: 
          - مستوى النمو الاقتصادي و الاجتماعي. 
          - القدرة الاستيعابية للرأسمال والاستثمار في الجهة أو الإقليم أو العمالة. 
حيث تتمتع بإعفاء نسبته 50/ طوال الخمس سنوات المحاسبية الأولى التي تلي تاريخ الشروع في الاستقلال إدا كان إنتاجها حصيلة عمل يدوي. 
  • المؤسسات الخاصة للتعليم أو التكوين المهني تتمتع بتخفيض قدره 50/ لمدة 5 سنوات انطلاقا من تاريخ الشروع في الاستقلال. 

المطلب الثاني: الإعفاءات والامتيازات الضريبية على الدخل والقيمة المضافة

أما بالنسبة للإعفاءات العامة على الدخل فقد أحدثت بمقتضى قانون الإطار للإصلاح الجبائي رقم 83-03 المؤرخ في أبريل 1984 ولم يصدر القانون رقم 89-19 المتعلق بهده الضريبة إلا في 21 نونبر 1989 ودلك بمقتضى الظهير الشريف رقم 116-89-1 ولم يتم الشروع في تنفيد هدا القانون إلا إبتداءا من فاتح يناير 1990[4]. 

ويستفيد من هذه الإعفاءات: 
  • السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والقناصل والوكلاء القنصلين الأجانب من الضريبة العامة على الدخل فيما يخص أنواع دخلهم ذات المنشأ الأجنبي ودلك بالقدر الذي تسمح به بلدان التي يمثلونها من نفس الامتياز للسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والقناصل ووكلاء القنصليين المغاربة. 
  • الأشخاص المقيمون فيما يخص العوائد المدفوعة في مقابل السماح باستعمال أو منح حق استعمال حقوق مؤلف في مصنفات أدبية أو فنية او علمية.
أما بالنسبة للإعفاءات الضريبية على القيمة المضافة[5]، فلقد أثارت المادة 3 من القانون رقم 85-03 المتعلق بفرض الضريبة على القيمة المضافة على مجموعة من الإعفاءات متمثلة بالأساس في البيوع الواقعة على السلع مثل السكر والتبغ وأنواع الحليب وقشدة الحليب الطري والخبز والعجائن الغذائية إلى غير دلك، بالمقابل نجد أن هده المواد تخضع من جهة أخرى للضريبة الضريبة الداخلية على الاستهلاك، وهدا الواقع يدل على أن هده الإعفاءات من هده الضريبة مجرد إعفاءات وهمية ويبقى المتضرر من ثقلها هي الطبقة المعوزة في المجتمع. 
نصت المادة 164 مكرر من المدونة العامة للضرائب: سنت بموجب قانون المالية لسنة 2011 على ما يلي، يمكن للخاضعين للضريبة الدين يوجدون في وضعية جبائية سليمة ومصنفين وفق الشروط المحددة بنص تنظيمي أن يستفيد وفيما يتعلق بملفاتهم من التعامل التفضيلي من لدن إدارة الضرائب، غير أنه يجب عدم الجمع بين الامتيازات المخولة للمنشآت المقامة في المناطق الحرة للتصدير عملا بأحكام المادة 6 والمادة 19 والمادة 31 والمادة 68 وبين أي امتياز آخر مقرر بأحكام تشريعية أخرى تتعلق بالتشجيع على الاستثمار. 

المبحث الثاني: تجليات الإعفاءات والامتيازات الضريبية على المستوى العلمي.

تتضمن المدونة العامة للضرائب والقانون المتعلق بجباية الجماعات المحلية، أهم الإعفاءات والامتيازات المخولة لبعض القطاعات (المطلب الأول) وبالإضافة إلى امتيازات ضريبية مخولة لبعض المناطق والشركات أو الهيئات الخاصة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الإعفاءات والامتيازات الضريبية المخولة لبعض القطاعات

تستفيد بعض القطاعات من امتيازات ومن بين هده القطاعات المستفيدة نجد قطاع النقل حيث يعفى من الضريبة على القيمة المضافة مع الاستفادة من الحق في الخصم:
ـ عمليات النقل الدولي واستئجار وكراء مختلف الوسائل المستعملة في النقل الدولي المذكور.
- الحافلات والشاحنات والسلع التجهيزية المتصلة بها الواجب تقييدها في حساب الأصول الثابتة والمقتناة من لدن منشآت النقل الدولي عبر الطرق، ويطبق هدا الإعفاء لمدة 24 شهرا من تاريخ الشروع في مزاولة نشاطها.
- العربات الجديدة المقتناة من لدن الأشخاص الطبيعيين بفرض استغلالها خصيصا كسيارات الأجرة، كذلك بعض قطاع المناجم بامتيازات ضريبية على الدخل والضريبة على الشركات حيث تستفيد المنشآت المنجمية المصدرة لمنتجاتها من تطبيق سعر مخفض قدره 5،17/ برسم الضريبة على الشركات و 20/ برسم الضريبة على الدخل، ودلك ابتداءا من السنة المحاسبية التي أنجزت خلالها أول عملية تصدير، وتستفيد كدلك من هدين السعرين المنشآت المنجمية التي تبيع منشآتها إلى منشآت تتولى تصديرها بعد رفع قيمتها.
وتجدر الإشارة كدلك بخصوص قطاع التعليم الخصوصي أو التكوين المهني فقد تم إقرار الامتيازات المخولة لهدا القطاع في المجال الضريبي تحفيزا على الاستثمارات في قطاع التعليم الحر وبهدا الصدد عرضت نازلة على القضاء الإداري تتعلق بتصنيف مؤسسة التعليم الخاصة وما إدا كانت تعتبر مؤسسة تجارية تؤدي نسبة أقل محددة في 50،0/ من واجب الحد الأدنى للاشتراك في المادة 104[6] مكرر من ق.ض.ع.د أما نسبة 6/ لصنف المهن المميزة وكانت إدارة الضرائب قد حددت هده النسبة في النسبة الأعلى وهي 6/ وتمسك الملزم بتحديدها في مواجهة بشكل مخالف للقانون وتعطيل الانتفاع بالامتيازات المقررة له في المجال الاستثماري وبعد أن بينت الفرقة الإدارية بالمجلس الأعلى طبيعة مؤسسة التعليم الخاصة وأهمية الاستثمار في المجال التعليمي والنصوص الجبائية المشجعة للاستثمار في هدا المجال، انتهت غلى القول بأن مؤسسة التعليم الخاصة تعتبر مؤسسة تجارية وتستفيد من تخفيض المحدد لهاته النشاطات وحددت بالتالي نسبة الضريبة الواجب أدائها بناءا على مقتضى المادة 104 أعلاه في 50،0/ بدلا من 6/ المفروضة من طرف إدارة الضرائب[7].
ـ فبالنظر لأهمية المجال العقاري ودوره في تنمية المغرب وحل أزمة السكن المتفاقمة، أولى المشرع المغربي بالإعفاءات والامتيازات التي لا زالت مستمرة لحد الآن[8].
ـ وتندرج في هدا الإطار الإعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من مبنى حيث تعد عملية تشييد منزل مخصص لسكن الشخصي عملية مدنية غير خاضعة لتطبيق الضريبة على القيمة المضافة وأن ما سلمه لنفسه من سكن لا يدخل ضمن تلك العمليات ولا يدخل ضمن نطاق العمليات الخاضعة لضريبة على القيمة المضافة[9].
- وتبين الاحصاءات الرسمية أن القطاع العقاري والفلاحي أبرز المستفيدين من الإعفاءات على مستوى الصحة والعمل الاجتماعي والمرافق العمومية، وتتمثل مجموع هده الإعفاءات 3،18/ من مجموع الموارد الضريبية لا سيما أن القطاع العقاري لم يحرز نتائج كبيرة على الرغم من استفادة من النسبة الكبيرة فضلا عن الأرباح الكبيرة التي تجنيها بعض المقاولات.
ومن بين المستجدات المتعلقة بالقطاع العقاري أن الحكومة اعتمدت إجراءات تحفيزية جديدة في إطار موازنة 2012، منها الإعفاء التام من الضرائب لفائدة المشاريع العقارية التي تهدف إلى بناء 500 شقة اقتصادية، لاتتجاوز 140 ألف درهم، وتتراوح مساحتها بين 50 و 60 مترا مربعا، في ظرف خمس سنوات كما طرحت الحكومة تدابير جديدة لتشجيع الاستثمار في الشقق الاقتصادية المواجهة
الإيجار، ودلك عبر إعفاء الشركات التي تستثمر في هدا النوع من العقار ذي الإيجار الرخيص من الضريبة على الأرباح المتحصلة من المشروع لمدة 20 سنة، ويهدف هدا الإجراء إلى تشجيع المصاريف وشركات التأمين على شراء جزء من إنتاج مشاريع بناء الشقق الاقتصادية، واستغلالها كأصول استثمارية وإيجارها بسعر مخفض لدوي الدخل المحدود[10].
وفقد أقر ظهير 21/03/1984 إعفاء الدخول الفلاحية من جميع الضرائب المباشرة المؤقتة إلى غاية 2010 وحيث تم تمديد هدا الإعفاء إلى غاية 2013 مع توالي الضغط الفلاحين الكبار إلى جانب هدا هناك من يرى أنه لا داعي لإعادة النظر في إعفاء القطاع الفلاحي من أجل المساهمة في المجهود الضريبي، مادام المغرب يراهن على الاستثمارات في القطاع الفلاحي حددها المخطط الأخضر في 10 ملايير درهم في السنة.
أما فيما يخص الإعفاء الفلاحي من الضرائب فقد عرف بعض الاختلافات وفي هدا الإطار؛ حسب خبرة أمرت بها المحكمة الإدارية اعتبرت أن تربية النحل في الصناديق الخشبية وفقا لشكل التقليدي المعمول به في ميدان الفلاحة يعتبر عملا فلاحيا صرفا وقد أيد المجلس الأعلى هدا التعريف، إذن المعيار السائد في هدا التصنيف هو المعيار المستعمل في النشاط الفلاحي[11].
وكشفت تقارير لوزارة المالية والاقتصاد أن النشاطات العقارية هي الأكثر استفادة من الإعفاءات الضريبية (4،5 مليار درهم) متبوعة بالفلاحة والصيد البحري (2،4 مليار درهم) والتصدير (3 مليار درهم) ولاحتياط الاجتماعي (9،2 مليار درهم) والصناعة الغدائية و المرافق العمومية والصحة والعمل الاجتماعي (2 مليار درهم) في حين أن المرافق العمومية و الوساطة المالية وقطاع النقل والكهرباء الغاز والسياحة هي الأقل استفادة من الإعفاءات.
وبهدا يحتل القطاع العقاري والفلاحي المراتب الأولى من الإعفاءات الضريبية بنسبة 3،33/ من مجموع الإعفاءات، في مقابل ضعف هده الإعفاءات على مستوى الصحة والعمل الاجتماعي والمرافق العمومية.
وقد وصل مجموع الإعفاءات الضريبية خلال سنة 2011 ما مجموعه 32 مليار و 75 مليون درهم، مقابل 29 مليار درهم سنة 2010، اي بزيادة 6،7 في المائة وتمثل حصتها 3،18 في المائة من مجموع الموارد الضريبية مقابل 4،17 في المائة سنة 2010 ، أما بالنسبة لحصتها في الناتج الداخلي الخام فتمثل 9،3 في المائة لسنتي 2010 و 2011.
ـ المقاولات تستفيد أكثر من الأسر:
تستفيد المقاولات من 7،59/ من النفقات الجبائية (أزيد من 19 مليار درهم، فيما يستفيد الأسر من 6،27/ ، والمرافق العامة 8،9/ ) ومن بين المقاولات المستفيدة هناك المنعشون العقاريون ب 6،9/ (أزيد من 3 مليار درهم) والمصدرون 3،9/ ( أزيد من 9،2 مليار درهم )، من تم فإن المقاولات هي المستفيد الأول من النفقات الجبائية.
فالقطاعات الاجتماعية لم تستفد من الإعفاءات الضريبية مثل باقي القطاعات الأخرى، وهو ما يبين الخلل في أولويات الحكومة، فالعقار لم يعطي نتائج كبيرة رغم الامتيازات الضريبية، ويجب إعادة النظر في هده المقارنة، وإعطاء الأولوية للقطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم. 

المطلب الثاني: آثار الامتيازات والإعفاءات الضريبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي 

تترتب على الامتيازات و الاعفاءات الضريبية مجموعة من الآثار على مختلف المستويات ومن بينها أولا:
  • الآثار السياسية: 
حيث نلاحظ أن تطور العبء الجبائي للشركات والمعادلات الجبائية الخاضعة لها، تظهر النوايا الحقيقية لمصار الاصلاح الضريبة على الشركات الذي يخدم أصحاب الامتيازات، والبعد السياسي لنصوصها، بحيث لا يراعي هاجس التنمية الاقتصادية، وتحمل تكاليف سياسة تقويم الهيكلي، بقدر التهافت على المصالح الذاتية من طرف رجال المال والأعمال، ودلك بسبب العوامل الطبقية ونفوذ اقتصادي استوقراطية ولكون الجماعات الضاغطة من رجال المال والأعمال لم تكتفي بتقليص أسعار الضريبة وفرض حد أدنى وتساهل في عقوبة التهرب من الضريبة وإنما عملت على إفراغ محتوى القانون عند تحديد التكاليف القابلة للخصم.
كما أسهمت قوانين الاستثمار عن الامتيازات الجبائية لصالح البورجوازية الصناعية والتجارية و أفرغت مضمون الاصلاح من محتواه حيث نلاحظ أن قوانين للاستثمار أصبحت تشكل الأصل بدل أن تكون الاستثناء على قانون الضريبة لهدف الاعتبارات السوسيوـ سياسية كانت حاضرة بقوة، وبالتالي حرمان خزينة الدولة من أموال طائلة[12] .
  • الآثار الاقتصادية: 
تشكل الاعفاءات و الامتيازات استثناء عن واجب التحمل الضريبي بهدف تشجيع بعض القطاعات على الاستثمار و تحقيق التوازن الاقتصادي المالي لميزان الأداءات، وإيجاد البنيات الأساسية للتنمية الاقتصادية، هده من بين الأهداف التي يطمح إليها المشرع الجبائي المغربي، لكن محاباة المشرع لفئات على حساب أخرى لا يراعي هاجس التنمية الاقتصادية.
فإذا ما أخدنا الاعفاءات والامتيازات المخولة للقطاع الفلاحي والعقاري يتبين أن القطاع الفلاحي رغم هده الاعفاءات والامتيازات فهدا القطاع لم يتمكن لحد الآن من تحقيق أية نتائج إيجابية فالمغرب لازال يعتمد على استيراد حاجياته من الحبوب، كما أن القدرة الشرائية للمواطن ضعيفة أما فيما يخص الاعفاءات المخولة للقطاع العقاري فهي تساهم في تكوين اقتصاد الريع و لا يوجد في حقيقة الأمر أية مكانة لمفهوم سكن اجتماعي اقتصادي. 
  •  الآثار الاجتماعية: 
لاشك أن الدور الاجتماعي للضريبة لا يقل أهمية عن الدور الاقتصادي و المالي، بهدف تحقيق المساواة في المادة الضريبية التي لا تعني سوى المساواة أمام القانون، الأمر الذي يثير الشكوك حول دستورية بعض الإعفاءات، أي يجب عدم التمييز بين أفراد الشعب في تطبيق الضريبة، وأن يتم توزيع الضرائب على الأشخاص توزيعا عادلا سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين، وسواء كانوا أشخاص القانون الخاص أو أشخاص القانون العام، كما أن تطبيق مبدأ المساواة أمام الضريبة يشمل الخاضعون و المعفون من أداء الضريبة.
وعليه، فلا يجوز التمييز بين الأشخاص الطبيعيين، استنادا إلى أصلهم أو سلالتهم أو عقيدتهم أو نوعهم، كما لا يجوز إخضاع فئة من الأفراد الضريبة ما وعدم خضوع فئة أخرى لنفس الضريبة، ما دامت الواقعة المنشئة للضريبة متوفرة.
كما أن العدالة في المجال الضريبي تعني أن يساهم المواطنون في تحمل الأعباء العامة حسب قدراتهم التكليفية، لدا يجب التمييز بين أصحاب الدخول الصغيرة، و أصحاب الدخول الكبيرة. وتعتبر العدالة الاجتماعية من المبادئ الأساسية التي يجب أن تتجلى بها كل ضريبة حتى تكون ملائمة وسليمة.
إدا كان الاعفاء المقرر في ميدان الاقتطاع من المرتبات و الأجور و الذي يعتبر أكثر أهمية بالمقارنة مع الاعفاءات الأخرى له ما يبرره بالنظر إلى أن العدالة والتشخيص يقتضيان نسبيا محاباة دخول العمل نظرا لكثرة الجهد المبذول للحصول على هدا الدخل، فإنه ولهدا السبب كان ينبغي أن يتمتع التضريب الفلاحي الذي يقوم على أساس دخل افتراضي أي على الطاقة الانتاجية للهكتار وليس على الدخل الحقيقي بإعفاء أكثر أهمية من الاعفاء المقرر في الضريبة الحضرية المفروضة على المداخيل الكرائية أو الضريبة على الأرباح المهنية، لكن الذي حصل هو عكس دلك تماما، فحجم الاعفاء في الأولى هو أقل أهمية من الثانية كما أن هده الشريحة الاجتماعية الثانية رأى المشرع مساواة اعفاء الحد الأدنى بينها رغم أن الجهد الذي يبدله التاجر أو الصانع أهم من دلك الذي يبدله الملزم بالضريبة الحضرية..
بالإضافة إلى دلك، فإن هده الاعفاءات أصبحت مند أواخر السبعينات ضئيلة في مجموعها ، وبدت غير منسجمة مع متطلبات التشخيص الحقيقي والواقعي للملزم، وهدا راجع إلى ارتفاع الأسعار بفعل التضخم؛ ولا يخفى على أحد الآثار السيئة لدلك على دوي الدخل المحدود خاصة الدين يتحملون أعباء عائلية ثقيلة، بحيث إن التضخم يؤدي إلى توزيع الأعباء الضريبية بين الملزمين بشكل مخالف للتوزيع الأولي لهده الاعباء عند دخوله حيز التطبيق لأول مرة؛ من هنا يظهر أن المشرع الجبائي يرجح الاعتبارات المالية على حساب الاعتبارات الاجتماعية.[13] 

خاتمة:
رغم مجموعة من الامتيازات الضريبية التي تمنحها السلطات العمومية لمجموعة من القطاعات للتحقيق الأهداف المتوخى من ورائها فالإعفاءات المخولة للقطاع الفلاحي رغبة في تشجيع الصادرات الفلاحية المغربية بما يساعد على إنعاش الميزان التجاري وتحقيق الأمن الغدائي، غير أن ما يلاحظ أن المغرب لم يستطيع بلوغ هدين الهدفين، حيث يستورد بكثافة حاجياته الغدائية خاصة الحبوب، كما أن الصادرات لم تساعد على التخفيف من العجز التجاري الذي ما فتئ يتفاقم مما يطرح التساؤلا ما الجدوى من هدا الإعفاء؟ إدا لم يستجيب لحل المشاكل التي كانت وراء سنه؟ بل شكل عبئا ثقيلا على أموال خزانة الدولة، لأن هدا الإجراء غير فعال اقتصاديا، مكلف ماليا وأكثر من دلك غير مقبول اجتماعيا وكذلك نأمل بإلغاء السياسة الجبائية الفلاحية نابعة من تصور طبقي للحد من المشاكل الخطيرة الاقتصادية والاجتماعية التي نشهدها ببلادنا. 
وهدا يستدعي ضرورة إعادة النظر في الإعفاء القطاع الفلاحي خاصة التمييز بين الفلاحين الصغار والفلاحين الكبار مع الاهتمام أيضا بباقي القطاعات الاجتماعية التي لا تشغل أهميته عن هدا القطاع. 
____________________________________
الهوامش :
[1] مصطفى منار، الاقتطاع الضريبي والعدالة الاجتماعية ، سنة 2009ـ 2010 ، ص 102ـ 103. 
[2] مصطفى منار، المرجع السابق، ص 102. 
[3] المادة 4 من القانون الضريبي على الشركات. 
[4] مصطفى منار، مرجع سابق، ص 131. 
[5] المادة 3 من القانون رقم 30.85 المتعلق بفرض الضريبة على القيمة المضافة. 
[6] عبد الفتاح بلخال ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، جامعة الحسن الثاني ـ الدار البيضاء ، 2000ـ 2001 ، ص 185. 
[7] محمد القصري ، المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي ، الطبعة الثالثة 2011 ، دار أبي رقراق، ص 142ـ 143. 
[8] نجيب البقالي، منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الإداري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة ، جامعة الحسن الثاني المحمديةـ البيضاء، 2007ـ 2008. 
[9] عبد الرحمان مزوز وعبد الله العلج، " حدود الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بخصوص ما يسلمه الشخص لنفسه من سكن" دفاتر المجلس الأعلى، ص 150. 
[10] Akhbarona.com/nows 17 128 H 1ml. 7/04/2012. 10.23h. 
[11] المصطفى الأخضر، تحديد مفهوم الدخول والأنشطة الفلاحية المعنية بالإعفاء من الضرائب المباشرة، مجلة دفاتر المجلس الأعلى، ص، 83 و 185. 
[12] الأستاد مصطفى منار المرجع السابق ص 114ـ126. 
[13] عبد الفتاح بلخال مرجع سابق ص 183ـ184.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -