مقال بعنوان: دور الإصلاح الضريبي في تشجيع الاستثمار
مقدمة:
تعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الوقت الراهن من الوسائل المرغوب فيها في تمويل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتسريعها، ولما كانت السياسة الاقتصادية في المغرب علّقت الكثير من الآمال علي تلك الاستثمارات كمدخل رئيسي للتنمية، فقد قامت بسن الكثير من التشريعات[1]، واتخذت العديد من الإجراءات التي تمهد وتشجع استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية[2] فالاستجابة السريعة والفعالة للمتطلبات الاجتماعية المتنامية في المجالات كافة، وبما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، يحتم على الدولة ضرورة العمل على تصويب بوصلة الاستثمار في الموارد الطبيعية والبشرية والإمكانيات المالية والصناعية والتقنية، لزيادة قدرات الاقتصــاد الوطني على الإنتاج والتطوير والتجديد عبر تشجيع الاستثمار، والعمل على تهيئة بيئة الأعمال المناسبة لتحفيزه وتطويره، وكثيرا ما تشير الدراسات إلى التأثير الهام للتشريع الضريبي على بيئات الأعمال، فهو ترجمة للسياسة الضريبية المنتهجة من قبل الدولة، ومرآة عاكسة لما إذا كانت هذه السياسة منشطة للاستثمار، لذلك عادة ما تحاول الدول هيكلة أنظمتها الضريبية من خلال تشريعات ضريبية يمكنها المساهمة في تحفيز الاستثمار بصورة تخدم الأهداف العامة للسياسة الاقتصادية للدولة.
غير أن نجاح النظام الضريبي في تشجيع الاستثمار لا يتوقف على الخيارات المتعلقة بالتنظيم الفني للضريبة فقط، وإنما ينبغي أن يستوفي مقومات الاستقرار والبساطة والعدالة والمرونة وغيرها من المقومات التي تضعه في خانة الأنظمة الضريبية المحفزة للاستثمار، ونتيجة لدلك أصدر المشرع المغربي عدة قوانين لحماية وتشجيع الاستثمارات، وعليه يمكن طرح التساؤل الآتي، كيف تعامل المشرع مع الاستثمار من زاوية التشريع، للإجابة على هذا التساؤل سنعتمد التقسيم الآتي :
المطلب الأول مفهوم الاستثمار في ضل ميثاق الاستثمار على أن نخصص المطلب الثاني لمكانة الاستثمار في ضل المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات والقانون الإطار المنبثق عنها.
المطلب الأول: مفهوم الاستثمار في ضل ميثاق الاستثمار:
الفقرة الأولى: سياق ميثاق الاستثمار لسنة 2023:
البند الأول: مفهوم الاستثمار لغة واصطلاحا:
- الاستثمار في الاصطلاح:
عند فقهاء الاسلام لم يكن مصطلح استثمار متداولا لدى الفقهاء سابقا، وإنما كانوا يستخدمون مصطلحات أخرى تفيد وتدل على معنى الاستثمار مثل لفظ تنمية و الاستنماء أو النماء وغيرها وهذه المصطلحات الكثيرة وردت عند حديثهم عن سبل تنميه المال وزيادته[3]، فنجد احمد بن غانم النفراوي يقول عن فقهاء المالكية أنهم استعملوا لفظ تنمية للدلالة على معنى الاستثمار، وذلك عند حديثهم عن حكم المضاربة وقالوا ما نصفه ولا خلاف في جواز القراض بين المسلمين للأن الضرورة دعت إليه كحاجة الناس إلى التصرف في أموالهم، وليس كل واحد يقدر على تنميته بنفسه[4] ،وكما ذهب أيضا الإمام الكاسانى من فقهاء الحنفية إلى استعمال لفظ الاستنماء في معنى الاستثمار، وهذا نص ما قاله وهم بصدد تحديد المقصود من عقد المضاربة، المقصود من عقد المضاربة هو استمناء المال [5].
والى جانب هؤلاء الفقهاء هناك من عرف الاستثمار ناصر فريد واصل بأنه هو العامل في المال لنمائه وزيادة فيه بما أحله بكل وسائل المشروعة في الإسلام بواسطة الفرد أو الجماعة أو بهما معا، وكما عرفه أيضا قطب مصطفى سانو بكون الاستثمار هو مطلق الطلب تحصيل نماء المال المملوك شرعا وذلك بالطرق الشرعية المعتبرة من مضاربه ومرابحة وشركة وغيرها، وعرفها خالد عبد هلال مبارك الحافي بأنه عمليه نماء المال الزائد المملوك للفرد او الجماعة بوسائل التي شرعها الإسلام[6].
- عند القانون الوضعي
أما المشرع المغربي لم يعرف الاستثمار في القانون الإطار رقم 03.22 الذي يعتبر بمثابة ميثاق للاستثمارات بل فقط اكتفى بتحديد أهدافه والتدابير التي ستساهم في تنمية وإنعاش الاستثمارات ، إذ انه عمل على اتخاذ مجموعه من التدابير التي ستؤدي إلى تحفيز وتشجيع الاستثمار[7]، عكس بعض التشريعات المقارنة التي عرفت الاستثمار كالمشرع الجزائري وبعض الاتفاقيات الدولية التي قامت بتعريف الاستثمار، كاتفاقيه سيول لعام 1985 الخاصة بالوكالة المتعددة الأطراف لضمان الاستثمارات AMGIالتي نصت في المادة 12 منها على انه تحويل النقد الأجنبي لأغراض تجديد أو توسيع الاستثمارات القائمة واستخدام الأرباح التي تدرها استثمارات قائمة، إذا كان من الممكن تحويلها خارج الدولة المضيفة، والمشرع الجزائري بدوره عرف الاستثمار و يقصد بالاستثمار ما يأتي[8] من اقتناء أصول تندرج في إطار استغلال نشاطات جديدة أو توسيع قدرات الإنتاج أو إعادة التأهيل أو الهيكلة المساهمة في رأس مال المؤسسة في شكل مساهمات عينية أو نقدية واستعادة النشاطات في إطار خوصصة جزئية أو كلية.
الفقرة الثانية: تحفيزات جدب الاستثمار في إطار ميثاق الاستثمار:
كما ان تبني الدول هده السياسة جاء نتيجة تفاقم الأزمات المتتالية والاقتصادية بسبب زيادة في الديون الخارجية، نتيجة اعتمادها سياسة القروض لتمويل المشاريع، مما نتج عنه ظهور المشاكل الاجتماعية وقتيه تمثلت في تدهور اقتصاداتها الوطنية، وعليه تبنت مختلف دول العالم الثالث إلى الأخذ بهذه التجربة في إتباع سلسلة إصلاحات اقتصادية وإعادة الهيكلة القانونية لأجل تجاوز هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وهو ما تجسد في تعديل وإقرار قانوني جديد كميثاق الاستثمار.
وفي المغرب يحظى مجال الاستثمار بأهمية بالغة لما في ذلك من أهداف يصبو إلى تحقيقها سيما في ظل توالي الخطابات الملكية السامية من طرف جلالة الملك محمد السادس منها خطاب العرش لسنة 2017 حيث دعا جلالته إلى تفعيل مقتضيات قانون 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية الاستثمار، الذي جاء بغايات و أهداف واضحة ألا وهي تبسيط الإجراءات الإدارية من خلال نهج سياسة هادفة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية[11] ،فالاستثمار اليوم أصبح شرطا ضروريا لتنمية المجتمعات بفضل ما يضطلع به من دور في التنمية وقد دعا صاحب الجلالة امللك محمد السادس، نصره، في خطابه إلى البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الأولى من الولاية التشريعية الحادية عشرة، إلى وضع ميثاق جديد لتحفيز للاستثمار في أسرع وقت ممكن ، حيث أصبح من الضروري بعد انصرام أكثر من ستة وعشرين 26 سنة على صدور القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات، القيام بإصلاح سياسة الدولة في مجال تنمية الاستثمار وتشجيعه، من أجل ملاءمتها مع متطلبات النموذج التنموي الجديد ومع التحولات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية العميقة على الصعيدين الوطني والدولي[12] ، واتخذ المغرب خطوات جريئة لتحديث منظومة الاستثمار تماشياً مع مبادئ "النموذج التنموي الجديد"، وذلك بهدف الرفع من نسبة الاستثمارات الخاصة إلى إجمالي الاستثمارات ، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تم إطلاق "ميثاق الاستثمار" الجديد الذي يوجه الاستثمارات نحو الأولويات الاستراتيجية مع توفير حوافز قوية للمستثمرين،
ويأتي هذا القانون الإطار لتعزيز هذه الدينامية من الإصلاحات التي تشهدها بلادنا، حيث يحدد استنادا إلى التوصيات الواردة في التقرير العام لسنة 2021 الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، الأهداف الأساسية لعمل الدولة في مجال تنمية الاستثمار[13] جاذبا للاستثمارات وتشجيعه، في أفق جعل المغرب قطبا قاري ولهذه الغاية، تم وضع أنظمة لدعم الاستثمار تتضمن نظام دعم أساسي وأنظمة دعم خاصة، و يروم النظام الأساسي دعم مشاريع الاستثمار التي تستجيب معايير محددة، وتقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة في مجال جذب الاستثمارات، وتنمية الاستثمار في قطاعات الأنشطة ذات الأولوية، وأما الأنظمة الخاصة فترمي إلى دعم مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، والمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، وتواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي، وسيتم وفق جدولة زمنية محددة، إصدار النصوص اللازمة لتنفيذ مجموع هذه التدابير، ولئن كانت أنظمة دعم الاستثمار تقع في صلب سياسة الدولة في مجال تنمية الاستثمار وتشجيعه، فإنه هناك إصلاحات موازية يتعين مواصلتها أو مباشرتها في مجال الولوج إلى التمويل، وتعزيز تنافسية قطاع اللوجستيك، واللجوء إلى الطاقات المتجددة، والولوج إلى العقار، وتسهيل عملية الاستثمار، ولا شك أن تنفيذ هذه الاصلاحات الموازية التي يحيل إليها هذا القانون الإطار سيساهم في تعزيز جاذبية المملكة والرفع من نسبة [14]الاستثمار الخاص الوطني والدولي، في مجموع الاستثمارات المنجزة التي ما تزال متسمة بهيمنة الاستثمار العمومي.[15]
ويضم ميثاق الاستثمار الجديد، في محوره الأول، أربعة أنظمة لدعم الاستثمار، بما فيها نظام دعم أساسي واحد وثلاثة أنظمة دعم خاصة موجهة لمشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي وللمقاولات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، ولتشجيع المقاولات المغربية على التواجد على الصعيد الدولي ، ويقدم نظام الدعم الأساسي للاستثمار ثلاثة أنواع من المنح التي يمكن الجمع بينها في حدود 30 في المائة من مبلغ الاستثمار، وهي خمس منح مشتركة ومنحة ترابية واحدة ومنحة قطاعية واحدة، وتعد أهلية الحصول على هذه المنح مشروطة باستيفاء أحد المعيارين المحددين بدقة.
وللاستفادة من منح نظام الدعم الأساسي، يتعين على المستثمر الانخراط في مشروع استثمار يساوي أو يفوق مبلغه الإجمالي 50 مليون درهم بالإضافة إلى خلق ما لا يقل عن 50 منصب شغل، وينص معيار الأهلية الثاني على خلق ما لا يقل عن 150 منصب شغل قار.
وعند استيفاء أحد المعيارين، يحق للمستثمر الاستفادة من مختلف منح الدعم التي تقدمها الدولة، وذلك بما يتماشى مع المعايير الخاصة بكل واحدة منها، ويتم تخصيص المنح المشتركة الخمسة للاستثمارات تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية وأهداف النموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي.
المطلب الثاني: مكانة الاستثمار في ظل المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات:
الفقرة الأولى: الإصلاح الضريبي في إطار القانون الإطار 69.19:
وعليه، كان من بين أهم ما ارتكزت عليه مخرجات هذه المناظرة بشكل عام، والتي حددت في أربع محاور:
– المبادئ الأساسية.
– العقلنة الاقتصادية.
– الانسجام والشمولية.
– الحكامة الجيدة.
– تقرير النموذج التنموي.
إن أي نموذج تنموي ينبغي بدرجة أولى أن يرتكز على أُسس تمويلية داخلية لتفادي الاقتراض، وهو ما أًصبح ضرورة إصلاح النظام الجبائي كغاية ملحة لإنجاح هذا النموذج، باعتباره المورد الأساسي والأهم لسد حاجيات الدولة والممول الرئيسي للسياسات المالية العامة، ومن بين أهم الأهداف التي جاء بها تقرير النموذج التنموي هو مطلب الإصلاح الضريبي على ضوء ما خلصت له المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات، بعدما وصفت اللجنة في تقريرها بأن النظام الجبائي الحالي، هو نظام غير منصف، والمداخيل المعبأة ضعيفة مقارنة بإمكانات الاقتصاد الوطني، مشيرة الى أنه هناك عدة اختلالات تفسر مكامن الضعف الحالية في هذا النظام، والمحددة باختصار حسب ما ورد في الملحق الثاني للتقرير العام للنموذج التنموي:
- عدم حياد القواعد الضريبية بالنسبة لطبيعة الدخل.
- وجود إعفاءات واستثناءات لا إثبات لأثرها.
- عدم الانصاف الضريبي.
- ضعف في المقروئية وفي التناسق والرؤية على المدى البعيد.
- عدم استقرار مضامين المدونة العام للضرائب بتحيينها السنوي.
- تعقيد نظام الجبايات المحلية وعدم التنسيق بين المتدخلين فيه.
- الغش والتهرب الضريبيين.
كما أضاف التقرير العام بأن خلق سياسة جبائية أكثر فعالة، من شأنها تعبئة موارد إضافية تتراوح ما بين 2% و3% من الناتج الداخلي الخام، وسيأتي ذلك من خلال تحسين العدالة الجبائية، وتوسيع الوعاء الضريبي وإدماج القطاع غير المهيكل، دون إغفال ترشيد النفقات الجبائية بشكل عام، لاسيما المجالات التي لم يعد الاعفاء الجبائي فيها مبررا لضمان حكامة فعالة وجيدة تعزز الثقة في النظام الضريبي، وعليه فقد أصبح من الضروري بعد مرور ثلاثة عقود على الإصلاح الضريبي لسنة 1984 مراجعة أسس النظام الجبائي من أجل معالجة الاختلالات الملاحظة وملاءمته مع التطورات التي عرفتها المملكة المغربية في المجال الاقتصادية والاجتماعي والثقافي والبيئي والتكنولوجي، وكذا مع القواعد الجديدة للحكامة الجيدة في المجال الجبائي، أخذا بعين الاعتبار الالتزامات الدولية للمملكة المغربية لهذا الغرض، أصدرت المناظرة الوطنية حول الجبايات التي نظمت سنة 2019 عدة توصيات من أجل الإصلاح الجبائي، [16]وهي توجهات استراتيجية ترمي وضع نظام جبائي فعال وعادل ومنصف ومتوازن باعتباره رافعة مهيكلة لتمويل الاقتصاد الوطني، يمكن من تعبئة كامـل الإمكانات الضريبيـة لتمويل السياسات العمومية وكذا من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية والإدماج والتماسك الاجتماعيين على حد سواء في هذا الصدد، ومن أجل وضع الخطوط العريضة للإصلاح الجبائي، تم إعداد هذا قانون الإطار69.19 بعد عدة مشاورات مع جميع الفاعلين المعنيين تعبيرا عن إرادتهم والتزامهم الجماعي، بشكل يتطابق مع الأوراش الكبرى للنموذج التنموي الجديد، علاوة على ذلك، يهدف هذا القانون الإطار إلى إصلاح جبايات الجماعات الترابية التي تشكل مكونا أساسيا من مكونات النظام الجبائي من أجل تبسيطها وملاءمتها وتوحيدها مع جبايات الدولة.
ويشكل هذا القانون الإطار مرجعا أساسيا يؤطر السياسة الجبائية للدولة عبر مختلف مراحل تنفيذ الإصلاح بشكل يضمن الاتقائية مع السياسات العمومية ويمكن من تعزيز حقوق الخاضعين للضريبة وضمان الأمن القانوني وإحداث نظام جبائي مبسط وشفاف.[17]
الفقرة الثانية: آليات وكيفيات التنزيل القانون الإطار:
وكذا سيعمل هذا القانون الإطار على تعزيز نظام الحكامة الفعالة والناجعة، والذي ستحرص الدولة من خلاله على مواصلة ورش تحديث ورقمنة الإدارة والنهوض بمواردها البشرية، وتطوير آليات التبادل بين نظم المعلومات، وذلك بغية في التجويد من خدماتها، لتعزيز نجاعة وفعالية الإدارة الجبائية من جهة ومحاربة كافة أشكال التهرب الغش الضريبيين من جهة أخرى، ولم يغفل المشروع الإصلاحي الجديد على الالتفات للإشكالات التي تتضمنها منظومة الرسوم الجماعية وشبه الضريبة، حيث دعا من أجل تبسيط وترشيد وملاءمة جبايات الدولة مع جبايات الجماعات الترابية والرسوم شبه الضريبية، وضمان موارد قارة لفائدتها مع وضع نمط حكامة مناسب لها.
-أهداف قانون الإطار
جاء قانون إطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الجبائي، بهدف تكملة وتعديل النواقص والثغرات التي تشوب المنظومة الجبائية الحالية، ومن أجل إرساء سياسة ضريبية عادلة منصفة فعالة وشفافة في إطار السعي إلى تعزيز مساهمة جبايات الدولة والجماعات الترابية في تمويل سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذا بهدف تعزيز الحقوق والثقة المتبادلة بين الملزمين والإدارة وفق مضامينه، وذلك من خلال تأطير السلطة التقديرية للإدارة فيما يتعلق بتفسير النصوص الجبائية ومراقبتها وتحديد أسس فرض الضريبة وعبء تقديم الإثباتات اللازمة، لتحقيق التوازن المنشود بين حماية حقوق الملزمين من جهة وضمان مداخيل الدولة من جهة أخرى.
- تعزيز الحكامة
ستحرص الدولة من خلال قانون الإطار 69.19، على تجويد الخدمات المقدمة للملزمين من خلال تحديث ورقمنة الإدارة ودعم مواردها البشرية، وكذا بتحسين وسائل الاعلام والتواصل مع الملزمين والتقييم الدوري لأدائها بغية في تعزيز نجاعة وفعالية الإدارة الجبائية.
وهذا أقرته مضمون المواد الخمس المدونة في الباب الرابع من القانون الإطار والحامل لعنوان الحكامة، ليكون بذلك مرجعا أساسيا لتأطير السلطة التقديرية للإدارة الجبائية فيما يخص تحديد وتصحيح أسس فرض الضريبة، ومرجعا أيضا لتجويد الخدمات الإدارية للملزمين، بغية في تعزيز علاقات الثقة بين الإدارة والملزمين.
خلاصات عامة
من خلال هذه الورقة وبعد تبيان أسباب تنزيل قانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الضريبي وإطاره المرجعي، وكذا تقديم الإصلاحات الجديدة التي جاء بها من خلال مضامينه قصد تحقيق توازن المنظومة الجبائية الجديدة، عبر وضع حد لجل الاكراهات والاختلالات التي كانت تشوبها سواء على مستوى الممارسة أو على مستوى التطبيق، يمكن التوصل إلى الخلاصات التالية:
– تحقيق العدالة الجبائية وضمان مساواة الجميع أمام الضريبة.
– تحسين مقروئية النصوص الجبائية، للحد من الاختلاف والتضارب في تأويلها.
– تعبئة كامل الإمكانات الضريبية لتمويل السياسات العمومية.
– توسيع الوعاء الضريبي وضمان توازن المالية العمومية.
– إصلاح وتبسيط منظومة الرسوم الجماعية وشبه الضريبية، وملائمتها مع جبايات الدولة.
– تعزيز نظام الحكامة الفعالة والناجعة.
كل هده الإصلاحات ستكون بلا شك رافعة للاستثمار وبالتالي تشجيع المستثمرين عن طريق مختلف التحفيزات المذكورة وجعل المملكة المغربية قطبا استثماريا مهما على الصعيد الإفريقي ودلك لتميزه بنظرة استراتيجية.
---------------------------------
لائحة المراجع:
v ذ. عبد السلام أبو قحف: اقتصاديات الأعمال والاستثمار الدولي، مكتبة الإشعاع، الإسكندرية الطبعة الأولي، 2001م.
v ذ. إبراهيم شحاته: القواعد الإرشادية للبنك الدولي بشأن معاملة الاستثمارات الأجنبية، مجلة مصر المعاصرة التي تصدر عن الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع السنة الثالثة والثمانون العدد 427، يناير 1992م.
v عبد الحميد بوخاري: واقع مناخ الاستثمار في الدول العربية، مجلة الباحث، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير الجزائر،عام 2012م، العدد 10،
v خالد عبد هللا براك الحافي، تنظيم الاستثمار المصرفي، ط الأولى، مط بعة دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، س ،2010 .
v عمر مصطفى جبر إسماعيل، ضمانات الاستثمار في الفقه الإسلامي وتطبيقاتها المعاصرة، طبعة ،1 مطبعة دار النفائس، الأردن، 2010.
v سميرة عماروش : محاضرات في قانون الاستثمار، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد لمبن دباغين، الجزائر، سنة،2016/2017 .
v براهيم المؤيد: الاستثمار و محفزات تشجيعه في القانون اليمني و المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ، جامعة محمد الأول للعلوم القانونية و الاجتماعية و الاقتصادية بوجدة ، ،2006/2007 .
v حول ضمانات الاستثمار راجع د. زياد بن أحمد القرشي حوافز وضمانات الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية، دراسة تحليلية لقانون وسياسات الاستثمار في ضوء نظام الاستثمار والتزامات المملكة المنبثقة من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ذات الصلة، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق جامعة المنصورة، العدد 47، أبريل 2010م، ص 191 وما بعدها. د. وليد محمد رضا السيد مصطفي الشناوي: الموازنة بين حقوق المستثمر والأنشطة التنظيمية للدولة لتحقيق المصلحة العامة في ضوء مفاهيم القانون العام مفهوم التناسب مجلة البحوث القانونية والاقتصادية كلية الحقوق جامعة المنصورة، العدد 51 أبريل 2012م، ص 533 وما بعدها.
v احمد بن غنيم النفراوي : الفواكه الدواني، دار الفكر، بيروت، لبنان، ج2 ، س1415ه.
v ظهير شريف رقم 1.22.76 صادر في 14 من جمادى الأولى 1444 )9 ديسمبر 2022 بتنفيذ القانون - الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار).
v الظهير الشريف رقم 1.19.18 الصادر في 7 جمادى 1440 13فبراير 2019 بتنفيذ القانون رقم 47.18 المتعلق بالإصلاح المراكز الجهوية الاستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة الاستثمار. الجريدة الرسمية عدد .6754 بتاريخ 15 جمادى 1440 )21 فبراير 2019(.
v ظهير شريف رقم 1.21.86صادرفي 15من ذي الحجة 1442 / 26 يوليو 2021 بتنفيذ القانون – الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي.