التنظيم القضائي المغربي ومستجدات القانون رقم 38.15

قال بعنوان: التنظيم القضائي المغربي الجديد ومستجدات القانون رقم 38.15 الصادر بتاريخ 14 يوليوز 2022

مقال بعنوان: التنظيم القضائي المغربي الجديد ومستجدات القانون رقم 38.15 الصادر بتاريخ 14 يوليوز 2022 إعداد: عملوك المهدي

إعداد: عملوك المهدي.
حاصل على ماستر في السياسات العمومية
كلية الحقوق مكناس المغرب

تتعدد التعريفات التي تعطى لمفهوم التنظيم القضائي ويمكن إجمالها في يلي: التنظيم القضائي هو الإطار القانوني الذي ينظم العمل القضائي داخل الدولة، حيث يبين المؤسسات

التي يسند لها المشرع البث في المنازعات بصفة عامة وتطبيق القانون من جهة وهي المحاكم بمختلف درجاتها و تأليفها و أصنافها وأنواعها والهيئات المكلفة بتفتيشها دوريا. ومن جهة أخرى، بيان و تعريف الأشخاص المنوط بهم مهام فض الخصومات داخل المحاكم وهم أساسا القضاة وبيان مختلف المهن المساعدة للقضاة في عملهم وهي في القانون المغربي: المساعدون المباشرون: وهي كتابة الضبط والمحامون والمفوضون القضائيون والمساعدون غير المباشرون: وهم المترجمون والخبراء المقبولون لدى المحاكم و الموثقون و مهنة العدالة و مهنة النساخة وأضاف التنظيم القضائي الجديد مهنة المساعدون الاجتماعيون في المادة 50 وهناك من يضيف مهنة : وكيل تجاري المنظمة بظهير 9 غشت 1956 حيث يحاول ممثلو المهنة تنظيم أنفسهم أكثر حاليا، ومهنتي الوكلاء الشرعيون والمدافعون المقبولون والتين هما في طور الانقراض وينظم هاتين المهنتين ظهير 7 غشت 1925 و المرسوم الملكي بتاريخ 19 دجنبر1968. [i]

فما هي مستجدات التنظيم القضـائي الجديد، دلك ما ستتناوله في هدا المقـــال، حيث سنتناول أولا في الفقرة الأولى: سياق صدور قــانون التنظيم القضائي الجديد وفي الفقرة الثانية: مستجدات القانون من حيث الشكل و من حيث الموضوع.

الفقرة الأولى: سياق صدور قانون التنظيم القضائي المغربي الجديد:

يشكل الأمن القانوني والقضائي من الوظائف الأساسية للدولة تمارسه من خلال السلطة التشريعية للأول ومن خلال السلطة القضائية للثاني ، وإيمانا من الدولة بدور الأمن القضائي في حماية الحقوق والحريات وجلب الاستثمار و استقطابه بغية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، قام المغرب بإدخال إصلاحات متتالية ومستمرة على نظامه القضائي [iv] منــد الاستقلال ، وتمثل خطب و رسائل الملك محمد السادس حول إصلاح القضاء، وتجسيد مختلـف المؤسسات المعنية في بلورة مضمون هاته الخطب والرسائل الملكية إلى واقع ملموس، الإطار المرجعي لقانون التنظيم القضائي الجديد.

و من بين أهم الخطب و الرسائل الملكية حول إصلاح و تحديث القضاء نشير إلى:
1- الكلمة السامية لجلالة الملك بمناسبة انطلاق أشغال المجلس الأعلى للقضاء في الرباط 15 دجنبر 1999.
2- الكلمة السامية لجلالة الملك بمناسبة ترأسه افتتاح الدورة الجديدة للمجلس الأعلى للقضاء بالرباط بتاريخ فاتح مارس 2002.
3- خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2009 الذي خصصه جلالة الملك لا طلاق الإصلاح الشامل والعميق للقضاء، حيث ورد في الخطاب ضرورة تحديث المنظومة القانونية. وغيرها من الخطب الملكية في هدا الإطار.[v]

وبخصوص الجهد المؤسسي لتحديث وتطوير المنظومة التشريعية للقضاء و العدالة ،نشير الى توصيات الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة ،حيث نص المخطط الإجرائي لتنفيذ إصلاح مخطط إصلاح العدالة في الهدف الرئيسي الرابع على : الارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء ومن بين الإجراءات الموصى بتنفيذها لأجرأة آليات التنفيذ مراجعة قانون التنظيم القضائي وقد تبلور أخيرا. [vi]

هذا الإجراء، من خلال إصدار قانون التنظيم المغربي الجديد، بعد ترتيب آثار قرار المحكمة الدستورية عليه رقم 89.19. بتاريخ 08 فبراير 2019 [vii]والغير قابل لأي طعن، بعدما أحالت الحكومة المشروع على المحكمة الدستورية اختياريا بناء على الفقرة الثالثة من المادة 182 من الدستور[viii]، بعدما احتد النقاش عليه بين القضاة ممثلين في الهيئات الرسمية والجمعيات المهنية من جهة والسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل من جهة أخرى.

إن أهمية هذا القرار تحيلنا في انه أوصلنا إلى الباب المفتوح حيث تقسيم الصلاحيات بمنطق دستوري يراعي استقلال السلطات وتوازنها وتعاونها[ix].

جدير بالذكر أن الزمن التشريعي لهدا القانون امتد لثلاث ولايات تشريعية وفي عهد أربع وزراء للعدل مند أن تم التداول عليه لأول مرة في المجلس الحكومي بتاريخ 18 فبراير 2016.

الفقرة الثانية: مستجدات التنظيم القضائي الجديد:

يضم قانون التنظيم القضائي الجديد 111 مادة وما يميزه انه جاء شاملا ومطلقا ومفصلا، وتكريسا لمبادئ الدستور، وبخصوص المستجدات التي جاء بها القانون، نتناول ذلك من خلال بيان لمستجداته على مستوى إدارة وتدبير المحاكم أولا وثانيا للمستجدات على مستوى الشكل و ثالثا للمستجدات على مستوى المضمون والتي لم تكن واردة بالتنظيم القضائي الحالي.

أولا : المستجدات على مستوى إدارة وتدبير المحاكم :

نصت المادة 21 من القانون على انه : تتولى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم بتنسيق وتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمسؤولين القضائيين والإداريين بالمحاكم وممثل المصالح اللاممركزة للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل[x].

وهكذا وتجسيدا لمبدأ التدبير التشاركي، نص القانون على مؤسسات جديدة بغية تدبير المحاكم بطريقة ناجعة وادمج مؤسسات كانت منظمة في صلب هدا القانون ، نتناولها كما يلي :

على مستوى التدبير الداخلي للمحاكم :
1 - إحداث لجنة للتنسيق بمحاكم الدرجة الأولى والثانية، لتدبير شؤونها وتجتمع كلما دعت الحاجة إلى ذلك. المادة 24 من قانون التنظيم القضائي الجديد.

2 - إحداث مكتب المحكمة: بمحاكم الدرجة الأولى و الثانية ودمج مكتب محكمة النقض في صلب التنظيم القضائي، لوضع برنامج تنظيم العمل داخل كل محكمة للسنة القضائية الموالية ،يجتمع في الأسبوع الأول من شهر دجنبر كل سنة وكلما دعت الضرورة لدلك المواد من 26 إلى 29 والمادتين 90 إلى 92.

3-إحداث لجنة لبحث صعوبات سير العمل بكل محاكم الدرجة الأولى والثانية وإيجاد الحلول المناسبة لدلك، بمحاكم الدرجة الأولى والثانية وتنفتح في عضويتها على حضور نقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله وحضور ممثل إحدى المهن القضائية حسب موضوع الاجتماع المادة 18 .

4- أما الجمعية العامة للمحكمة[xi] على مستوى محاكم الدرجة الأولى والثانية ومحكمة النقض ،فقد تم التنصيص على هذه المؤسسة و أهم اختصاصاتها في صلب قانون التنظيم القضائي الجديد، والتي تنعقد في النصف الثاني من شهر دجنبر من كل سنة بدعوة من رئيس المحكمة أو الرئيس الأول حسب الحالة. المواد من 30 إلى 34 والمادتين 93 و94.

ومن اختصاصاتها الجديدة تحديد البرنامج التواصلي والثقافي للمحكمة ،تدبير الخصاص في الموارد البشرية والتكوين المستمر.

5- تحديد أنواع التفتيش الذي تخضع له المحاكم: وهو التفتيش القضائي والإداري والمالي الذي تخضع له المحاكم وتحديد قواعد الإشراف القضائي عليها المواد 98 الى 109.

6- النص على اشتغال المحاكم بما يؤمن انتظام واستمرارية الخدمات القضائية وعقد الجلسات المادة 7 الفقرة الثانية .

7- دمج اعتماد المحاكم على الإدارية الالكترونية للإجراءات للمسا طرفي قانون التنظيم القضائي. المادة 25 في انتظار صدور قانون استعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية، بغية إدماج وسائل التكنولوجيات الحديثة ضمن المنظومة الوطنية القضائية.

على مستوى التنظيم الهيكلي للمحاكم:
-1 تحديد الخريطة القضائية وفق مقاربة عقلانية بمرسوم، يبين مقار محاكم الدرجة الأولى والثانية ودوائر اختصاصها المادة 2.
-2 احداث مؤسسة رؤساء مصالح وأقسام وهيئة أو عدة هيئات بجميع المحاكم وبمحكمة النقض المواد 42و58و66 و76و80.
3 -تكريس الممارسة والأعراف المتعلقة بافتتاح السنة القضائية، وكذا عقد المحاكم لجلسات لتنصيب المسؤولين القضائيين والقضاة الجدد .المادتين: 8 و 9.
4- إمكانية إحداث غرف ملحقة بمحاكم الدرجة الثانية بمرسوم المادة 2
-5 إمكانية إحداث أقسام متخصصة في القضاء الإداري والتجاري بمحاكم الدرجة الأولى والثانية والمحاكم المصنفة وتخفيض أقسام قضاء القرب إلى غرف بالمحاكم الابتدائية. ذات الولاية العامة ودمج المراكز القضائية وأقسام الجرائم المالية والقسم المختص بالإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط، في صلب القانون المواد 43 و44 و 48 و49 و67 و68.

على مستوى تدبير الموارد البشرية بالمحاكم :
1دمج مؤسسة كتابة الضبط في صلب القانون والتي تعتبر من المهن المباشرة في مساعدة للقضاء والتي يعتبر حضورها ضروريا ودورها محوريا ،حتى قبل عرض القضية على المحكمة من اجل الفصل فيها، حيث أشارت الفقرة الثانية من المادة 35 إلى انه : يمارس موظفو كتابة الضبط مهامهم بتجرد ونزاهة واستقامة وأشارت الفقرة الأخيرة من المادة 19 انه : لا يسوغ لموظفي كتابة الضبط وموظفي كتابة النيابة العامة القيام بالمهام التي تدخل في مجال اختصاصهم ،وفي الدعاوى أو الشكاوى الخاصة بهم وبأزواجهم أو أقاربهم إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء الإخوة.
2 التنصيص على مؤسسة رئيس كتابة الضبط و رئيس كتابة النيابة العامة في صلب التنظيم القضائي لأول مرة ،وتم التنصيص على بعض المهام المنوطة بهما معا وهي :
3أداء المهام المالية والإدارية تحت سلطة ومراقبة مصالح وزارة العدل و المهام ذات الشأن القضائي تحت سلطة ومراقبة المسؤول القضائي المادة 23.
4 الإشراف المباشر على الموظفين التابعين له كل في مجال اختصاصه ومراقبة وتقييم أدائهم وتنظيم عملهم وتدبير الرخص المتعلقة بهم المادة 23.
5 عضوية لجنة التنسيق على صعيد كل محكمة المادة 24 الفقرة الثانية.
6 حضور أشغال مكتب المحكمة بصفة استشارية الفقرة الخامسة من المادة 27.
7 حضور أشغال الجمعية العامة بالمحكمة بصفة استشارية .المادة 30 الفقرة الثانية
8 حضور أشغال مكتب محكمة النقض بصفة استشارية المادة 91 الفقرة الأخيرة.
9 حضور أشغال الجمعية العامة لمحكمة النقض بصفة استشارية الفقرة الثانية المادة 93.

على مستوى علاقة المحاكم بالمرتفقين والمتقاضين :
1 اعتبار المسؤول القضائي أو من ينيبه ناطق رسمي باسم المحكمة كل في مجال اختصاصه في علاقته مع وسائل الإعلام ،الفقرة الثانية من المادة 36.
2 التنصيص على مسؤولية مسؤولو المحاكم على حقوق المتقاضين والمرتفقين في الولوجيات وتحسين بنية الاستقبال وتيسير الوصول إلى المعلومة القضائية والقانونية وبلغة يفهمونها المادتين 36 و38.
3 التنصيص على أن اللغة العربية هي لغة التقاضي، مع تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية طبقا المادة 30 من القانون التنظيمي رقم :26.16 المادة 14.
4 نشر البرنامج السنوي للمحاكم بما فيها محكمة النقض على مواقعها الالكترونية المواد 33 و94.

ثانيا : المستجدات على مستوى الشكل :

يضم قانون التنظيم القضائي الجديد 111 مادة، وجاء على مستوى الهيكل العام بصيغة شمولية ومطلقة حيث لم يكتفي بإدخال تعديلات على القانون الحالي ،كما انه صيغ بطريقة مفصلة الى حد ما، بذكر عديد من مكونات التنظيم القضائي كاللجان ومكاتب المساعدة الاجتماعية... فيما يلي أهم مستــجداته على مستوى الشكل :
-1دمج نصوص قانونية متفرقة في مدونة أو نص قانوني واحد، ويتعلق الأمر بقانون تنظيم قضاء القرب، وقانون المحاكم الإدارية والاستئناف الإدارية، وقانون المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية.
-2توصيف مجمل المهام بالمحاكم والقائمون عليها أو من لهم علاقة بها.
-3من حيث البناء العام يحتوي قانون التنظيم القضائي على أربعة أقسام: القسم الأول يتعلق بمكونات التنظيم القضائي و تنظيم المحاكم وحقوق المتقاضين. القسم الثاني: ويتعلق ببيان درجات المحاكم وأنواعها القسم الثالث: ويتعلق بالتفتيش والمراقبة القضائية لمحاكم أول درجة وثاني درجة والقسم الرابع: أحكام ختامية انتقالية.

ثالثا : المستجدات على مستوى الموضوع :

تم اعتماد العديد من المستجدات وتكريس مجموعة من المبادئ الدستورية وهي:
1 قيام التنظيم القضائي على مبدأ استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية والتعاون مع السلطة التنفيذية وإشراك المهن القضائية في تدليل الصعوبات بالمحاكم.[xii]
2 قيام التنظيم القضائي على مبدأ الوحدة، قمته محكمة النقض، واشتغال مختلف مكونات التنظيم القضائي وفق مبدأ التخصص المادة 5.
3 إمكانية عقد المحاكم لجلسات تنقلية ضمن دوائر اختصاصها الترابي المادتين 3 و52.
4 التنصيص على الاستفادة من المساعدة القانونية طبقا للقانون والحق في الحصول على تعويض في حالة وقوع ضرر نتيجة خطا قضائي لمادتين 6 و38.
5 إضافة رئاسة النيابة العامة، إلى الجهات التي يتم استطلاع رأيها عند تحديد الخريطة القضائية وإحداث غرف ملحقة بمحاكم الدرجة الثانية و الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري و الإداري وعند تحديد الهياكل الإدارية للمحاكم وإحداث المحاكم المتخصصة وتحديد أقسام الجرائم المواد المالية المواد 2و22و68و44و67 الفقرة الثالثة.
6 التنصيص على وجوب تعليل الأحكام وانه لا يسوغ النطق بها قبل تحريرها كاملة المادة 15.
7 النص على إحداث مكاتب للمساعدة الاجتماعية بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف. المادة 50.
8 توسيع مجالات القضاء الفردي في ميدان الأسرة مقابل الرجوع للقضاء الجماعي على مستوى القضايا الجنحية والتجارية والإدارية بالمحاكم الابتدائية وكيفية صدور الأحكام في الهيئة الجماعية المادتين 51و16.
9 تمثيل النيابة العامة لدى المحكمة التجارية بنائب أو عدة نواب لوكيل ،يتم تعيينهم من طرف وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التي توجد بدائرتها المحكمة التجارية وكذلك الأمر بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية التجارية و التي يعين فيها نائب أو نواب الوكيل العام للملك من طرف الوكيل العام للملك التي توجد بدائرتها محكمة الاستئناف التجارية . المادتين 58 و76.
10 إضافة غرفة سابعة إلى غرف محكمة النقض هي الغرفة العقارية المادة 86.
11 إمكانية دعوة المحكمة الأطراف للصلح أو الوساطة الاتفاقية لحل النزاع المعروض أمامها المادة 13.
12 حذف الغرف الاستئنافية بالمحاكم الابتدائية المادة 107.

إذن بعد الزمن التشريعي الطويل الذي مر منه قانون التنظيم القضائي الجديد والدي سيدخل حيز التنفيذ يوم 14 يناير 2023 المقبل ،بسبب تباين وتقاطع الرؤى بين مختلف الفاعلين لدرجة إحالة المشروع اختياريا على المحكمة الدستورية من قبل الحكومة ،بعد هدا الزمن تمخضت اختيارات و رؤية المشرع بإصداره على هدا الشكل في الجريدة الرسمية بعد ترتيب الآثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية. يبقى التنزيل السليم لمقتضياته هو المحك الرئيسي الذي يبين الطفرة الجديدة التي ابتغاها المشرع من وراء استكمال احد أهم اوراش إصلاح منظومة العدالة ،وتنزيل أحكام الدستور و ضمان استقلال السلطة القضائية ، تنزيل مرتبط بالعنصر البشري أكثر مما هو مرتبط بنصوص القانون.

إذن حسم المشرع المغربي، ربما بسبب الخصوصية التي تتسم بها البنية الوظيفية للمحاكم في تدبيرها بالنظر لمكوناتها المتداخلة[xiii]، حيث تنفرد السلطة القضائية بالاختصاص ذو الشأن القضائي بينما المهام ذات الطابع الإداري والمالي بما فيها تنظيم وتسيير وتدبير موظفي كتابة الضبط والموظفين داخل المحاكم، بإعمال مبدأ التشاركية [xiv]بين السلطة القضائية و السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل في تدبير المحاكم ربما بسبب هدا حسم المشرع المغرب باختيار النظام المشترك لتدبير المحاكم مع ضمان استقلال السلطة القضائية عوض النظام الأحادي أو النظام المركزي في تدبير المحاكم، الذي المح إليه الاستاد محمد الهيني في مقاله السالف الذكر عندما قال :

وطبيعي جدا أن منطق بناء استقلال السلطة القضائية يحتم بدء إن لم نقل أفول أو تراجع وزارة العدل في المشهد القضائي لدرجة أنه بتنا نتحدث عن أي مستقبل لوزارة العدل في خريطة العدل بالمغرب وهي التي صارت بحكم قرارات المحكمة الدستورية المتوالية المقلصة لصلاحياتها من منطق الواقع إلى منطق الدستور إلى وزارة مكلفة بتدبير الوضعية المهنية للموظفين وتدبير الممتلكات والميزانية، خرجت أخيرا من سلك القضاء وإدارة القضاء فأصبح تاريخها فيه إرث وصار تاريخ القضاء منعطفا جديدا للبناء، لأن هذه صيرورة التاريخ...

الحقيقة أن هذا مطلبنا ونعترف بأننا كنا نطالب بأكثر من هذا بحيث إنه حتى المجال الإداري والمالي المتحدث عنه كانت مطامحنا كرجال قانون وحقوقيين مدافعين عن استقلال السلطة القضائية تصدح بضمه لمجال السلطة القضائية، وهو ما أجاب عنه قرار المحكمة الدستورية بكونه ليس من صلاحيته مراقبة اختيارات المشرع لأنه يدخل في إطار الملائمة، مما يجعل النضال على هذا الصعيد مستمرا في الجانب التشريعي بشهادة قضاة المحكمة الدستورية...انتهى كلام الاستاد محمد الهيني.

لم يدرج المشرع المغربي في قانون التنظيم القضائي الجديد مؤسسة الكاتب العام للمحكمة بعد اللغط الذي أثير حوله ، كذلك أثيرت بعض الملاحظات على بعض مواد القانون قبل أن يصدر بالجريدة الرسمية ،منها ملاحظات وانتقادات مذكرة نادي قضاة المغرب وهي جمعية مهنية للقضاة،[xv] حيث تم إدراج بعض ما تم إثارته في صلب التنظيم القضائي الجديد، ومن بين ما أثارته ندوة وطنية [xvi] ناقشت القانون قبل إصداره بالجريدة الرسمية ، مسألة العنصر البشري خصوصا من جانب القضاة والذي يبلغ عددهم حسب آخر الإحصائيات أزيد من 4300 قاض وقاضية يتمركزون في الوسط : ثالوث الرباط، الدار البيضاء ومراكش في حين تتم ترقية مراكز قضائية إلى محاكم ابتدائية وإمكانية إحداث غرف ملحقة تابعة لمحاكم الاستئناف وضرورة وما نصت عليه المادة 15 من قانون التنظيم القضائي على ضرورة تحرير الأحكام قبل النطق بها مما يعني وجود خصاص في قضاة المملكة، ثم عدم إدراج القضاء العبري في صلب التنظيم القضائي الجديد والذي يتوفر على قسم خاص بالمحكمة الاجتماعية بالدار البيضاء.

بالمغرب، ينظم حاليا التنظيم القضائي بالمملكة الظهير الشريف بمثابة قانون رقم1.74.338.[ii] كما تم تتميمه و تعديله، وبتاريخ 14 يوليوز 2022صدر بالجريدة الرسمية القانون رقم 38.15المتعلق بالتنظيم القضائي الجديد والدي سيدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من تاريخ هدا النشر، أي 14 يناير2023[iii].

-------------------------------

هوامش:

[i] للاطلاع على اختصاصات : الوكيل التجاري والوكلاء الشرعيون و المدافعون المقبولون، محمد جلال السعيد، المدخل لدراسة القانون ،طبعة 2016 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء صفحة 392و393
[ii] الظهير الشريف بمثابة قانون رقم :1.74.338 صادر بتاريخ 15 يوليوز 1974 يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة مع اخر التعديلات منشور بالجريدة الرسمية عدد :3220 صادرة بتاريخ 17 يوليوز 1974 صفحة عدد 2027.
[iii] ظهير شريف رقم 1.22.38صادر في 30 يونيو 2022 بتنفيذ القانون رقم : 35.15 المتعلق القضائي صادر في الجريدة الرسمية عدد 7108 صادرة بتاريخ 14 يوليوز 2022 صفحة 4568
[iv] يونس العياشي ،الامن القانوني و القضائي واثرهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،الطبعة الاولى 2012،طبع ونشر وتوزيع مكتبة ادر السلام ،الرباط صفحة 5 و7.
يمكن الاطلاع على الخطب و الرسائل الملكية على موقع وزارة العدل المغربية على الموقع الالكتروني :
https://justice..gov.ma [v]
[vi] إصلاح منظومة العدالة ،توصيات الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة ،سلسلة نصوص ووثائق قانونية ،منشورات مجلة القضاء المدني ،جمع و تنسيق زكرياء العماري صفحة 139 وبعدها إلى صفحة 142
https://www.cour-constitutionnelle.ma/Decision?id=1953&Page=Decision-[vii]
[viii] ظهير شريف رقم 1.11.91صادر في 29 يوليوز 2011 منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 صادرة بتاريخ 30 يوليوز2011 صفحة 3600
[ix] محمد الهيني، التنظيم القضائي وقانون التنظيم القضائي على الرابط الإلكتروني https://www.hespress.com
[x] تفعيلا لمقتضبات المادة 54 من القانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية، أحدثت بموجبه الهيئة المشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية بموجب قرار مشترك للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزير العدل رقم..1164.21 صادر في 06 ابريل 2021في .شان التنسيق في مجال الإدارة القضائية .يمكن الاطلاع على القرار على الموقع الالكتروني لرئاسة النيابة العامة بالمغرب.https://www.pmp.ma
[xi] مرسوم 1.74.498 بتاريخ 25 جمادى الثانية 1394صادر تطبيقا لمقتضيات الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338المتعلق بالتنظيم القضائي للملكة جريدة رسمية بتاريخ 17 يوليوز 1974 و التعديلات الطارئة عليه، [xi]ويتضمن 09 فصول حول تكوين اختصاصات الجمعيات العامة بالمحاكم و مكتب محكمة النقض المجلس الأعلى سابقا، وينص المرسوم في الفصل 06 مكرر : تنظم محكمة الاستئناف والمحاكم الابتدائية التابعة لدائرة نفوذها اجتماعات دورية يشارك فيها جميع القضاة يشارك فيها جميع القضاة المزاولين عملهم في المحاكم التابعة لدائرة نفوذ كل محكمة استئناف قصد النظر في : المسائل ذات الطابع القضائي ووضعية المساعدين القضائيين وتوحيد مناهج العمل والتنظيم الداخلي للمحاكم.
تكريسا لمبادئ الدستور: خصوصا الفقرة 1 من الفصل 2 حول فصل السلط وتعاونها وتوازنها والديمقراطية المواطنة والتشاركية.
[xii] https://www.marocdroit.com اولاد عيسى ، موظفي النيابة العامة بالمحاكم ما بين الإدارية والقضائية على الرابط اعلاه [xii] 13https://www.marocdroit.com
https://www.marocdroit.com
[xiv] محمد الهيني ،المحكمة الدستورية وقانون التنظيم القضائي على الرابط الالكتروني https://www.hespress.com
[xv] يمكن الاطلاع على مذكرة نادي قضاة المغرب على الرابط التالي: https://www.club-magistrats-
https://www.youtube.com/watch?v=rnk5FPM4BzM [xvi] رابط الندوة وطنية من تنظيم مختبر الاعمال حول مستجدات مشروع التنظيم القضائي.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -