مسطرة التأديب في القانون المغربي

مقال بعنوان: مسطرة المتابعة التأديبية في القانون المغربي

مقال بعنوان: مسطرة المتابعة التأديبية في القانون المغربي PDF


مقدمة
تعتبر السلطة التأديبية الجهة المختصة قانونا بتوقيع العقوبات التأديبية المنطوية على الحرمان المؤقت أو الدائم من بعض أو كل المزايا الوظيفية، متى ثبت إخلال المتابع بواجباته المهنية، ومقتضياتها. ومن هنا فإن السلطة التأديبية تمارس اختصاصها من خلال مرحلتين متعاقبتين متلازمتين، في المرحلة الأولى يجري نوع من التكييف القانوني للفعل المرتكب، ثم بعد ذلك يتم توقيعه على المتابع. وقد اختلفت الدول فيما بينها من حيث نظام التأديب الذي تعتمده، فمنها من سلك طريق التأديب الرئاسي، المنوط بالجهة الإدارية التي يتبعها الموظف أو العامل، ومنها من اتخذ الأسلوب شبه القضائي، متمثلا في المجالس التأديبية الخاصة بالهيأة، أو المؤسسة، أو الشركة التي يتبعها العامل، ومنها من أخذ سبيل التأديب القضائي، في شكل المحاكم القضائية التأديبية، إما عبر توقيع الجزاء التأديبي المناسب، من بين الجزاءات التي حصرها القانون، أو من خلال التعقيب على القرارات التأديبية الصادرة من الرؤساء الإداريين، أو مجالس التأديب. وهو اختلاف قد لا يقتصر على الجزئيات فحسب، بل يمتد أحيانا إلى أصول النظام التأديبي ذاته، فالتشريع التأديبي شأنه شأن سائر التشريعات الأخرى، تحكمه في المقام الأول ظروف البيئة التي خلق ليطبق فيها، وما يسودها من تقاليد وإيديولوجيات، ولعل أبرزها ما يتعلق بفلسفة العمل الوظيفي العام السائد في الدولة، والعلاقة بين العاملين وسلطاتهم الرئاسية، وكذلك ما حققته الدولة من تقدمن وانعكاسه على قواعدها القانونية بوجه عام. والوظيفة التأديبية، لا يمكن ممارستها إلا في إطار مبدأ الشرعية، ولا يجوز لأي سلطة مهما كانت، ومهما علا شأنها، أن توقع عقوبة تأديبية على أحد العاملين، طالما أن المشرع لم يخولها ذلك الحق، أو ينيط بها ذلك الاختصاص. ومن جانب آخر، فإن السلطة التأديبية لا تملك أن تفوض غيرها في مباشرة هذا الاختصاص الأصيل، إلا في إطار القوانين التي تنظم تفويض الاختصاصات، كما لا يمكن أن يحل محل السلطة المختصة بالتأديب إلا من عينه المشرع. ومهما تعددت صور النظم التأديبية، فإنها لا تخرج عن الصور الثلاثة التالية: الرئاسية والقضائية وشبه القضائية.
1- النظام التأديبي الرئيسي: هو تخويل السلطة الرئاسية العليا منفردة، وظيفة توقيع العقوبات التأديبية بمختلف أنواعها ودرجاتها، دون أن تشاركها في ذلك أية جهة خارجة عنها، سواء بتقديم رأي استشاري في المرحلة السابقة على توقيع العقاب، أو بالتعقيب على القرار التأديبي في المرحلة اللاحقة على توقيعه. فهنا تختص السلطة الرئاسية دون غيرها بتقدير المخالفات التأديبية، وتوقيع الجزاءات المناسبة لها. والقانون الفرنسي لم يعرف سوى التأديب الإداري الرئاسي و شبه القضائي، والذي نظمته القوانين الخاصة بموظفي الدولة ابتداء من قانون 2294 لسنة 1946 ، مرورا بالقانون رقم 244 لسنة 1959، وانتهاء بالقانون 234 لسنة 1983 ،والمعدل بالقانون الصادر سنة 1984 . بحيث تم حصر السلطة التأديبية في السلطة الإدارية الرئاسية، باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل في التأديب الإداري، إضافة إلى بعض الاختصاصات التأديبية الممنوحة لمجالس التأديب، هذا علاوة على المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، الذي تصير له هذه السلطة بعد استنفاد السلطات المذكورة حقها في التأديب الإداري. لقد تم إسناد السلطة التأديبية للرئيس الإداري، باعتباره هو من له حق الإشراف المباشر على الموظف أو العامل، ومن له حق مراقبته، ومراقبة تصرفاته، ومدى أدائه لواجباته الوظيفية، كما انه هو المسؤول عن حسن سير العمل في المرفق أو المصلحة التي يرأسها، فهذه المسؤولية هي التي تخول له السلطة في التأديب، استنادا إلى مقولة حيث تكون المسؤولية تكون السلطة قائمة على وجودها. وللحيلولة دون لجوء السلطة الرئاسية إلى التعسف في استعمال سلطتها في تأديب الموظف، أو العامل، لجأ النظام الفرنسي إلى إنشاء لجان استشارية، وألزم ضرورة عرض أمر الجزاء عليها قبل توقيعه، ثم فيما بعد تم إنشاء مجالس التأديب و المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، كمؤسسات تسهر على شرعية المخالفة والجزاء، ما يقرب هذا الشكل من نظام التأديب أكثر إلى النظام شبه القضائي.
2- النظام التأديبي شبه القضائي: يحتل هذا النظام مكانة متوسطة بين النظامين التأديبيين الرئاسي والقضائي. يعرفه جانب من الفقه: بأنه ذلك النظام الذي تختص فيه السلطة الرئاسية بتوقيع كافة أنواع العقوبات التأديبية على موظفيها وفقا لتقديرها، لكنها تتقيد باستطلاع رأي هيئات جماعية، مكونة من ممثلين لكل من جهة الإدارة، والموظفين، سواء أكان هذا الرأي ملزما لها أم استشاريا. فسلطة توقيع الجزاء في ظل هذا النظام هي من اختصاص السلطات الرئاسية، إلا أنه يستلزم قبل توقيعه، استشارة هيئات تمثل فيها كل من الحكومة والموظفين بالتساوي، فيطلب إليها النظر في الإجراءات واقتراح الجزاء. وهذا الاقتراح لا يقيد السلطة الرئاسية ولا يلزمها في شيء. والراجح فقها، أن المفهوم الصحيح للنظام التأديبي شبه القضائي، يتبلور في قيام هيئات جماعية مستقلة عن السلطة الرئاسية، وذات تشكيل إداري وقضائي مستقل، وتضطلع تلك الهيئات بمهمة تحديد مدى ثبوت المخالفة التأديبية في حق العامل، وتوقيع العقوبة الملائمة من بين العقوبات المقررة. ومن خلال هذه الهيئات، يتمتع العاملون بقدر من الضمانات على نحو يقارب أقرانهم من الخاضعين للسلطة التأديبية القضائية.
3- النظام التأديبي القضائي: هو ذلك النظام الذي تتمتع فيه جهة قضائية مستقلة، بسلطة التكييف القانوني للمخالفات التأديبية، وتوقيع العقوبات الملائمة لها، أيا كانت درجة جسامتها، ويتوفر للعاملين من خلالها على كافة الضمانات المقررة في النظم القضائية، ويتطلب هذا النظام فصلا مطلقا وكاملا، بين السلطة التي تتولى تحريك الدعوى التأديبية، سواء كانت هيأة مستقلة كالنيابة العامة الإدارية، أو كانت تابعة للسلطة الرئاسية، وبين الهيأة القضائية التي تتولى التكييف القانوني للمخالفات التأديبية وتوقيع العقوبات. فتوقيع العقاب على مخالفة قوانين التأديب لا يكون مشروعا إلا إذا قامت به جهات معينة ومحددة قانونا، سواء قضائية، أو غير قضائية، تستند إلى مبدأ المشروعية، في إنجاز مهمتها، حفاظا على حقوق وحريات الطرف الذي أخل بالتزاماته. ما يجعلنا نتساءل: عما هي الجهات المخولة قانونا بممارسة مسطرة التأديب؟؟؟؟.... وما هي شروط وشكليات هذه الأخيرة؟؟؟؟؟.....وهو ما سنتناوله من خلال المحورين التاليين:

المبحث الأول: سلطات المتابعة والتحقيق في المخالفات التأديبية
المبحث الثاني:البت في المخالفات التأديبية

المبحث الأول: سلطات المتابعة والتحقيق في المخالفات التأديبية

إن ارتكاب المخافة لا يفضي بالضرورة إلى توقيع العقوبة التأديبية في حق المعني، بل لا بد وأن تكون هناك متابعة تأديبية، هذه الأخيرة قد تكون غير كافية لإنزال العقوبة، بل تفترض بالضرورة إجراء تحقيق بشأنها يتمتع خلاله المخالف بكل الضمانات التي تستوجبها المحاكمة العادلة.

المطلب الأول : الجهات المخولة قانونا بتحريك المتابعة

تختلف الجهات التي خولها القانون حق تحريك المتابعة في مواجهة من يرتكب المخالفة التأديبية، عن تلك التي تحقق في مدى ارتكاب المخالفة من عدمها.

الفقرة الأولى: على مستوى الهيئات القضائية والشبه قضائية

إن بحثنا بخصوص الهيئات القضائية والشبه القضائية سيتناول بالتحديد مجال كل من مهن القضاء والمحاماة والمفوضين القضائيين وكذا الموثقين، وذلك وفق ما يلي:
- القضاة: النظام الأساسي لرجال القضاء ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 شوال 1394 (11 نونبر 1974) حسب أخر تعديل (26 أكتوبر 2011)
استنادا إلى النظام الأساسي لرجال القضاء فإن المتابعة، يختص بها المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، وهو جهاز قضائي، بحيث تنبني المتابعة، إما من خلال شكاية الطرف المتضرر من المخالفة، أو من خلال ما يقف عليه المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن طريق لجان التفتيش. بحيث أنه وحسب الفصل 61 ينهى وزير العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء الأفعال المنسوبـة للقاضي.
وحسب الفصل 58 يكون كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف أو بالوقار أو الكرامة خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية.
والمخالفة قد ترتكب سواء من القاضي الرسمي أو الملحق القضائي أي الناجحون في امتحان المهنة والذين يكونون بصدد التكوين، فهو لم يتمتعوا بعد بصفة قاضي.
- المحامون: ظهير (20 أكتوبر 2008) بتنفيذ القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة
والقانون رقم 29.08 المتعلق بتنظيم الشركات المدنية المهنية للمحاماة.
باعتبار المحاماة مهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء حسب الفصل 1 من القانون أعلاه.
وحسب المادة 61 يعاقب تأديبيا، المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية، أو التنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو إخلالا بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني.
واستنادا إلى المادة 67 تحال على النقيب الشكايات المرفوعة مباشرة لمجلس الهيئة أو المحالة من الوكيل العام ، والمقدمة في مواجهة محام، فالمتابعة بالنسبة لمهنة المحاماة تكون من لدن السيد النقيب بناء على مقرر مجلس الهيئة إما تلقائيا أو بناء على شكاية.
يتخذ النقيب مقررا بالحفظ أو بالمتابعة ويتعين أن يكون قراره معللا وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر وإلا اعتبر قرارا ضمنيا بالحفظ.
للوكيل العام للملك، وحده، أن يطعن في قرار الحفظ الصادر عن النقيب، ضمنيا أو صراحة، بعد تبليغه بالقرار. كما أن متابعة النقيب الممارس تكون من لدن الوكيل العام لدى محكمة النقض وأمام محكمة غير تلك التي يمارس النقيب عمله في دائرتها. والمتابعة تكون إما تلقائيا أو بناء على شكاية من الطرف المتضرر.
إذا ألغت محكمة الاستئناف مقرر النقيب بالحفظ، تحيل الملف، وجوبا، من جديد، لعرضه على مجلس الهيئة لمواصلة إجراءات المتابعة.
- المفوضون القضائيون: قانون 03-81 بتاريخ 14/2/2006
والمرسوم التطبيقي له رقم 2.08.372 صادر في28 أكتوبر 2008
يراقب السيد رئيس المحكمة عمل المفوضين القضائيين المادة 33 من القانون أعلاه، وإذا رأى إخلالا فإنه يرفع الأمر إلى السيد وكيل الملك داخل الدائرة التي يعمل بها المفوض القضائي، وهو نفس الشيء الذي تقوم به الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، وعموما فإن الجهة التي تقوم بالمتابعة التأديبية هي النيابة العامة المادة 34 من نفس القانون إما بناء على شكاية من المتضرر، أو بإحالة من رئيس المحكمة، أو الهيئة الوطنية المادة 15 من المرسوم التطبيقي والمادة 36 من القانون. كما أن للسيد وكيل الملك حفظ الشكاية إذا لم يرى هناك مبررا للمتابعة.
- الموثقون: القانون رقم 09-32 بتاريخ 22/11/2011
تشير المادة1 إلى أن التوثيق مهنة حرة تمارس وفقا للقانون، تستوجب الشرف والتجرد والنزاهة والأخلاق ومراعاة أعراف المهنة المادة 2.
ونجد أن مراقبة العمليات الحسايبة للموثق والقيم والودائع لديه تتم من قبل الوكيل العام بمحكمة الإستئناف، التي يمارس الموثق داخل دائرتها، وكذا من طرف وزراة المالية، وأيضا المجلس الجهوي للموثقين المادة 65. فعموما يقوم بتحريك المتابعة في حق الموثق السيد الوكيل العام للملك، إما تلقائيا بناء على ما يقوم به من تفتيش، أو بناء على ملتمس المجلس الجهوي للموثقين، وممكن بناء على ملتمس المجلس الوطني للهيئة. والمتابعة تطال سواء الموثق الرسمي أو المتمرن.

الفقرة الثانية: على مستوى الهيئات غير القضائية

- الصيادلة: قانون 04-17 بتاريخ 22/11/2006 ومرسوم1064-07-2 بتاريخ 9يوليوز 2008
يتم تحريك المسطرة التأديبية في حق الصيدلي من قبل المجلس المعني، إما بشكل تلقائي أو بناء على شكاية موقعة من طرف الوزارة المعنية، أو السلطة القضائية، أو المجلس ، أو أي جهة متضررة من أعمال الصيدلي.
- الأطباء: ق 12-08 بتاريخ 13مارس 2013
المجلس الجهوي هو من يقوم بالمتابعات التأديبية المادة 41 من القانون، بشأن الأطباء المسجلين في جدول الهيئات
أما في حالة أطباء القطاع العام فإن الإدارة التابع لها المعني هي من يقوم بالمتابعة، بعدما يحيل عليها الشكاية المجلس الجهوي. المادة 66 وعموما فإن الهيئة التأديبية هي من تحرك المتابعة.

- الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري: ظهير 31/8/2002 والتعديلات المدخلة عليه
حسب المادة 2تتألف الهيئة العليا للاتصال السمعي - البصري من المجلس الأعلى للاتصال السمعي، ومن المديرية العامة للاتصال السمعي البصري.
فالمجلس الأعلى للإتصال السمعي البصري يتلقى شكايات المنظمات السياسية أو النقابية أو الجمعيات المعترف لها بالمنفعة العامة
وهو من يقوم بالمتابعة التأديبية بناء على ما تقدمه المديرية العامة للإتصال السمعي البصري.
- الهيئة المغربية لسوق الرساميل: ق 12-43 بتاريخ 13 مارس 2013-11-27
استنادا إلى المادة 14 فإن أجهزة الهيئة تتكون من مجلس الإدارة والمجلس التأديبي، ومن خلال المادة 8 فإن رئيس الهيئة هو من يقوم بالمتابعة بعد أخذ رأي المجلس التأديبي.
- مدونة الشغل: القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل
المادة 37من مدونة الشغل تنص على أنه "يمكن للمشغل اتخاذ إحدى العقوبات التأديبية في حق الأجير لارتكابه خطأ غير جسيم"
- الموظف العمومي: قانون 1963 بمثابة النظام الأساسي للوطيفة العمومية
يتولى الرئيس المباشر للموظف سلطة تأديبية عن المخالفات العادية (الإنذار والتوبيخ) وذلك بتفويض من الرئيس التسلسلي ، أما المخالفات الجسيمة فيلتزم الرئيس قبل تطبيق الجزاء باستشارة اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء

المطلب الثاني : شكليات التحقيق والضمانات المصاحبة له

الفقرة الأولى: شكليات التحقيق

إن عدم وجود نصوص تشريعية تنظم إجراءات التحقيق التأديبي، لا يعني حرية سلطة التحقيق في إجرائه بغير ضابط يحكمه، بل يلزم أن يتم ذلك التحقيق في إطار المقومات الأساسية التي يجب توافرها في التحقيقات عامة أيا كان نوعها، وأن تتوافر فيها كافة أركان التحقيق القانوني الصحيح وضماناته.

أ‌- الإحالة إلى التحقيق: le renvoi à l'instruction disciplinaire
تعد الإحالة إلى التحقيق أول إجراءات العملية التأديبية ويتعين اتخاذ هذا الإجراء بقدر كاف من الحيطة حتى لا تتم إحالة العامل إلى التحقيق التأديبي بناء على شكوى كيدية نظرا لما لهذا الإجراء من آثار أدبية ونفسية تمس العامل.
والسلطة المختصة بإحالة العامل للتحقيق هي السلطة التي تملك حق تأديبه.
وبوسع السلطة المختصة بإحالة التفويض لسلطة أخرى أدنى.
وإذا ما أحيل الموظف للتحقيق الإداري من سلطة غير مختصة بإحالته إليه بالأصالة أو التفويض، فإن هذا يؤدي إلى بطلان التحقيق، وينسب هذا البطلان بالطبع إلى القرار الصادر بتوقيع الجزاء كأثر لهذا التحقيق، لأن ما بني على باطل فهو باطل.
وإحالة الموظف للتحقيق الإداري بواسطة السلطة المختصة لا يعد قرارا إداريا يصلح للطعن بالإلغاء بل هو إجراء ممهد لإصدار قرار تأديبي.

ب‌- تدوين التحقيق التأديبي:
أوجب المشرع كقاعدة عامة أن يكون التحقيق التأديبي مكتوبا. ومن المستقر عليه، أن تدوين التحقيق يعد شكلية جوهرية formalité substentielle ويتعلق بالنظام العام.
وتكمن أهمية تدوين التحقيق التأديبي، في كونه الأداة القانونية للوقوف على حقيقة العلاقة بين المتابع المحقق معه، وبين المخالفة التأديبية المنسوبة إليه.
وإذا كانت القاعدة الأصلية هي أنه ليس ثمة ما يوجب إفراغ التحقيق في شكل معين، ولا بطلان على إغفال إجرائه في وضع خاص، إلا أنه يتعين وفقا للمنطق القانوني السليم وتماشيا مع مبادئ العدالة أن يتضمن التحقيق بوضوح بيان المخالفة المنسوبة للموظف وذلك تطبيقا لمبدأ المواجهة Inquisition وحتى يتميع بكل أوجه الدفاع، ويلتزم المحقق بإيرادها في محضره حتى يكون كل ذلك تحت يد السلطة التأديبية عند تقدير العقوبة.[1]

ج- إجراءات التحقيق:
بعد قرار السلطة المختصة بإحالة المتابع بارتكاب المخالفة التأديبية إلى التحقيق، تتولى سلطة التحقيق اتخاذ بعض الإجراءات توصلا لكشف غموض الواقعة محل التحقيق والتيقن من مدى نسبتها إليه. ومن هذه الإجراءات:
- التكليف بالحضور:
هو دعوة المتهم للمثول أمام المحقق في مكان وزمان محددين في الطلب، ولا يترتب عليه أي حجر على حريته الشخصية فهو كإعلان شاهد أو إعلان الدعاوى المدنية.
ويتعين أن يتضمن أمر التكليف بالحضور اسم المتابع ولقبه وتوقيع من أصدره والختم الرسمي للجهة، وزمن ومكان الجهة التي سيتم فيها التحقيق، فضلا عن التهمة المنسوبة إليه والمزمع سؤاله بشأنها بشكل واضح محدد.
- امتناع المتابع عن الاستجابة لأمر التكليف بالحضور:
إذا تم تكليف المتابع بالحضور أمام سلطة التحقيق، وكان ذلك التكليف مستوفيا لشروطه القانونية، لكنه امتنع عن الحضور أو حضر وامتنع عن الأدلاء بأقواله لأي سبب من الأسباب فإن ذلك الامتناع في الحالتين يكون قائما على غير سند قانوني، وبعد هذا المسلك من جانبه تفويتا لحقه في الدفاع عن نفسه، ولا يحق له بعد ذلك التذرع بإهدار الإدارة لحقوق الدفاع.
وبخصوص هذا الصدد تضاربت أحكام المحكمة الإدارية بمصر بين أحكام تعتبر هذا الأمر بذاته مخالفة تأديبية مستقلة عن المخالفة محل التحقيق وأحكام أخرى اعتبرت الأمر يقتصر أثره على تفويت حقه في الدفاع عن نفسه ولا يعتبر مخالفة تأديبية مستقلة.
في هذا الشأن أكدت أن: امتناع المتهم عن الحضور للتحقيق أو سكوته عن إبداء دفاعه في المخالفة المنسوبة إليه في التحقيق لا يشكل بذاته مخالفة إدارية أو ذنبا إداريا مستوجبا للمسؤولية التأديبية أو العقاب التأديبي وكل ما في الأمر أن المتهم في هذه الحالة يكون قد فوت على نفسه فرصة إبداء أوجه دفاعه في المخالفة المنسوبة إليه في هذا التحقيق وعليه تقع تبعة ذلك.[2]وفي حكم آخر لها اتجهت إلى أن ، امتناع الطاعن بغير مبرر صحيح عن إبداء أقواله أمام الجهة الإدارية المختصة بالتحقيق فضلا عن تفويت فرصة الدفاع عن نفسه, ينطوي على مخالفة تأديبية في حقه لإصراره على عدم الثقة بالجهات الرئاسية ، والتشكيك بجدارتها في ممارسة اختصاصاتها الرئاسية.[3]الفقرة الثاني: الضمانات الجوهرية في التحقيق
لقد كان للرئيس الإداري في البدايات الأولى للنظم الوظيفية مطلق السلطات على مرؤوسيه دون أية رقابة ولم تكن هناك ضمانات للموظفين، إلا أنه مع تطور النظم الاجتماعية والوظيفية ظهرت الحاجة إلى تقرير تلك الضمانات بنصوص صريحة في قوانين التوظيف لكن بطريقة محتشمة، إلى أن قام القضاء الإداري في فرنسا وبعده مصر بدوره الطلائعي في تقرير بعض الضمانات التي لم يصدر بشأنها نص صريح. فما هي هذه الضمانات الجوهرية المواكبة لعملة التحقيق؟
- حياد سلطة التحقيق:
يعتبر الحياد من أهم الضمانات في مجال التأديب حيث يفرض وجودها في كل من يتولى سلطة، أو يمارس اختصاصا.
وقد سكت كل من المشرع والقضاء عن تعريف الحياد تعريفا محددا واكتفيا بإيراد الأسباب التي تنتقص منها أو تتعارض معها وهنا " يمكن القول بأن جوهر حيدة المحقق – كقاعدة عامة – هو ألا تلحق به أي من الأسباب أو الشبهات التي تجعل لديه مصلحة خاصة في الميل بسير التحقيق الذي يجريه عن الحق أو تلقي بظلال من الشك حول نزهاته وابتغاؤه وجه العدالة المطلقة.[4]من هنا فلا مجال لاشتراك المحقق في عضوية مجلس التأديب الذي ينظر في الدعوى التأديبية التي سبق له التحقيق فيها، هذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها عدد 363 بتاريخ 20 يونيو 2001 حيث جاء فيه أنه من مقومات المحكمة التأديبية ضرورة توفر عنصر الحياد في الجهاز التأديبي حتى يمكن الاطمئنان لقراره، فحضور المسؤول الذي حرر التقرير التأديبي في مواجهة الموظف وكذا أحد الشهود على المخالفة الإدارية بصفتهم أعضاء في المجلس التأديبي يشكل مسا بعنصر الحياد يستوجب إلغاء القرار التأديبي بسبب مخالفة القواعد العامة للمحاكمات.
كما أنه لا يجوز التأثير على الإرادة الحرة للمحال إلى التحقيق والذي قد يتخذ صورة الإكراه المعنوي ( التهديد بوقف العمل) أو صورة الإغراء بالتدخل من أجل تخفيف العقاب عنه.
والمشرع المغربي في النظام الأساسي للوظيفة العمومية وفي المرسوم المنظم للجان الإدارية المتساوية الأعضاء لم يتحدث على عنصر الحياد خلال الحديث على مسطرة التأديب.
- الاستجواب والمواجهة:
يعتبر الاستجواب interrogation إجراء من إجراءات جمع الأدلة في التحقيق التأديبي وهو يستهدف إماطة الغموض الذي يكتنف المخالفة التأديبية ومرتكبها، وهو يتيح للمتهم تفنيد الأدلة القائمة ضده، la confrontation والمواجهة ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستجواب، فهي إحدى إجراءات التحقيق التأديبي، ويقصد بها وضع المتهم وجها لوجه أمام غيره من المتهمين أو الشهود أو أقوالهم، لكي يقف بنفسه على ما يدلون به من أقوال ومعلومات ويرد بالتالي عليها إما تأييدا أو تفنيدا.
- حق الدفاع:
يعتبر حق الدفاع من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها كافة أنواع المحاكمات التأديبية والجنائية، وهو من المبادئ العليا التي تقوم عليها العدالة.
وقد أكد ظهير 24 فبراير 1958 هذا الحق وجسده في مجموعة من الإجراءات التي يستفيد منها المتابع تأديبيا، وهو من المبادئ العامة للقانون التي يجب تطبيقها، فقد جاء في حيثيات قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط " إنه وحيث إن رفض المجلس المستأنف اختيار المستأنف عليه أحد الأشخاص للدفاع عنه بدعوى أنه نقابي، يجعل القرار المتخذ في حق المستأنف عليه متسما بتجاوز السلطة لخرق مبدأ حقوق الدفاع ما دام القانون قد أعطى للموظف حق الدفاع عن نفسه بنفسه أو بواسطة غيره ممن يختاره للدفاع عنه طبقا للفصل 67 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، الذي يخضع له الموظفون العاملون بالجماعات المحلية، وهذا النص لا يستثني المنتمي لهيأة نقابية من أن يكون مدافعا عن الموظف المتابع تأديبيا.
وقد عرفه M.Letourneur في بحث يتحدث فيه عن المبادئ العامة أمام مجلس الدولة الفرنسي ويقول فيه أن مبدأ حقوق الدفاع " المبدأ الذي من خلاله كل قرار فردي خطير لا يمكن أخذه من قبل السلطة الإدارية دون الاستماع مسبقا إلى الشخص كون هذا القرار قابلا للإضرار به في مصالحه المعنوية والمادية.
Le principe d'après le quel un acte individuel grave ne peut etre pris par l'administration sans entendre au préalable, la personne que cet acte est susceptible de léser dans ses intérets moraux et matériels.
وخلاصة أن التحقيق يمكن أن ينتهي بأحد الأوجه التالية:
- اقتراح الحفظ
- اقتراح توقيع الجزاء الإداري
- الإحالة للمحاكمة التأديبية
- إبلاغ النيابة العامة بالوقائع التي تشكل جرائم عامة وإرجاء البت في المسؤولية التأديبية لحين الفصل في المسؤولية الجنائية.
- إرجاء البت في مسؤولية العامل حتى يعود إلى رشده وذلك إذا ثبت بعد الرجوع لأهل الخبرة أنه غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب عاهة عقلية طرأت بعد وقوع المخالفة ومن المحتمل شفاؤه.
- اقتراح الحفظ: ويكون إما بسبب عدم معرفة الفاعل في حالة شيوع التهمة بين العاملين.
· عدم كفاية الأدلة.
· عدم صحة المخالفات: أي عدم حدوث الواقعة.
· عدم المخالفة: أي أن الفعل وقع ولكنه لا يشكل وفقا للقانون مخالفة تأديبية.
· عدم الأهمية
· امتناع المسؤولية لعاهة عقلية عند ارتكاب المخالفة
· امتناع المخالفة وذلك في حالة ثبوت أن ارتكاب العامل المخالفة كان تنفيذا لأمر مكتوب بذلك صادرا إليه من رئيسه بالرغم من تنبيهه كتابة إلى المخالفة، وفي هذه الحالة تكون المسؤولية على مصدر الأمر وحده.
· سقوط الحق في إقامة الدعوى التأديبية بمضي المدة.

المبحث الثاني: أجهزة البت والمساطر التأديبية

سنحاول من خلال هذا المبحث تحديد الأجهزة المكلفة بالبت في المخالفات التأديبية وكذا مساطر وإجراءات التأديب سواء في المهن القضائية أو غير القضائية.

المطلب الأول: أجهزة البت.

الفقرة الأولى: بالنسبة للمهن القضائية

الموثقون:
تضم اللجنة المختصة بالبت في المتابعات التأديبية المتعلقة بالموثقين من:
وزير العدل بصفته رئيسا أو من يمثله
الوزير المكلف بقطاع المالية أو من يمثله
الأمين العام للحكومة أو من يمثله
رئيس أول لمحكمة استئناف أو نائبه
وكيل عام للملك لدى محكمة استئناف أو نائبه
قاضي بالإدارة المركزية لوزارة العدل من الدرجة الأولى على الأقل بصفته مقررا.
ويتم تعيين هذين الأخيرين من طرف وزير العدل
رئيس المجلس الوطني للموثقين أو من ينوب عنه
رئيسي مجلسين جهويين ينتدبان من طرف رئيس المجلس الوطني.
المحامون:
تتمثل الهيئة التأديبية لتأديب المحامين في مجلس الهيئة وهو يتشكل من ثلاث فئات:
النقباء السابقون؛
المسجلون بالجدول لمدة تفوق 20 سنة؛
المسجلون بالجدول لمدة تتراوح بين 10 و20 سنة؛
ويتعين أن يكون أعضاء الفئة الثانية مساويا لعدد أعضاء الفئة الثالثة.
ويشترط في المرشح لعضوية مجلس الهيئة ما يلي:
ألا يكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية؛
أن لا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف والمروءة.
المفوضون القضائيون.
تشكل غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية الهيئة المكلفة بتأديب المفوضين القضائيين عند قيامهم بمخالفات تأديبية .
القضاة:
ترجع صلاحية البت في المخالفات التأديبية للقضاة للمجلس الأعلى للقضاء برئاسة الملك ويتألف بالإضافة إلى رئيسه من:
وزير العدل نائبا للرئيس؛
الرئيس الأول لمحكمة النقض؛
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض،
رئيس الغرفة الأولى لمحكمة النقض؛
ممثلين اثنين لقضاة محاكم الاستئناف ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم؛
4 ممثلين لقضاة محاكم أول درجة ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم.

الفقرة الثانية: بالنسبة للمهن غير القضائية

الأطباء:
يتم تأديب الطبيبات والأطباء الذين ارتكبوا مخالفة تأديبية أمام المجلس الجهوي والذي يتألف من 12 عضوا إذا كان عدد الطبيبات والأطباء لا يتجاوز بالجهة 750 طبيبة وطبيب.
16 عضوا إذا كان عددهم يتراوح بين 751 و1500 طبيبة وطبيب.
20 عضوا إذا كان عدد الطبيبات والأطباء يتراوح بين 1501 و3000.
24 عضو إذا تجاوز العدد 3000 طبيبة وطبيب
ويتم انتخاب أعضاء المجلس الجهوي من طرف جميع الأطباء والطبيبات المسجلين في لوائح الهيئة الوطنية للأطباء والطبيبات بالجهة المعينة حيث يتم إعلان فوز:
ونصف أعضاء المجلس الجهوي من المرشحين من أطباء وطبيبات القطاع الخاص؛
نصف أعضاء المجلس من المرشحين من أطباء وطبيبات القطاع العام المزاولين بمرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والأساتذة الباحثين الذين فازوا بأكبر عدد من الأصوات المعبر عنها.
علاوة على الأعضاء السالفي الذكر يعين صاحب الجلالة القائد الأعلى ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية عضوا واحدا يمثل الطبيبات وأطباء المنتمين للقوات المسلحة الملكية
وينتخب أعضاء المجلس من بينهم في أول اجتماع للمجلس رئيسا لهم.
ويتألف المجلس الوطني باعتباره هيئة استئنافية للأحكام التأديبية الصادرة عن المجلس الجهوي من 27 عضوا، ويساعده مستشار قانوني يعين بمرسوم ويشارك في اجتماعات المجلس بصوت استشاري.
ويتمتع بأهلية الترشح للانتخابات كل طبيبة أو طبيب له صفة ناخب شرط أن يكون زاول المهنة منذ لا يقل عن 10 سنوات وأدى جميع الاشتراكات الواجبة عليه ولم يسبق له أن عوقب بعقوبة تأديبية لم تمر عليها 5 سنوات
ويجب أن يكون أعضاء المجلس الممثلون للطبيبات والأطباء الممارسين في القطاع الخاص من جهة والممارسين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والطبيبات والأطباء الأساتذة الباحثين في المراكز الاستشفائية الجامعية من جهة أخرى متساوين في العدد.
الأجراء:
ترجع صلاحية تأديب الأجراء للمشغل وحده .
الهيئة المغربية لسوق الرساميل:
يتكون المجلس التأديبي لهذه الهيئة من:
3 أعضاء دائمين من بينهم قاض يعينه وزير المالية باقتراح من وزير العدل ويقوم برئاسة المجلس التأديبي؛
2 عضوين يتم تعيينهم من لدن إدارة مجلس الهيئة بناء على نزاهتهم وكفاءتهم في المجال المالي والقانوني وينتدبان لمدة 4 سنوات؛
المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري.
على خلاف الهيئة المغربية لسوق الرساميل لا يتوفر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري على مجلس متخصص للتأديب فقط أعضاء المجلس هم ذاته.
ويتكون من 9 أعضاء:
5 أعضاء يعينهم جلالة الملك ضمنهم الرئيس؛
2 أعضاء يعينهم رئيس الحكومة لمدة خمس سنوات وقابلة للتجديد مرة واحدة؛
2 أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
الموظف:
تختص بحق التأديب السلطة التي لها حق التسمية؛
وتقوم اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بدور المجلس التأديبي وهي تشتمل حسب الفصل 11 من قانون الوظيفة العمومية على عدد متساو من ممثلين عن الإدارة يعينون بقرار من الوزراء المعنيين بالأمر، ومن ممثلين عن المستخدمين ينتخبهم الموظفون العاملون أو الملحقون بالإدارة أو المصلحة المعنية بالأمر، وفي حالة تعادل الأصوات فالأرجحية للرئيس المعين من بين ممثلي الإدارة.

المطلب الثاني :الإجراءات المسطرية

الفقرة الأولى: المهن القضائية

مهنة التوثيق:
يبدي المجلس الجهوي للموثقين النظر في كل شكاية أحيلت عليه من لدن الوكيل العام للملك ويتعين عليه سواء في هذه الحالة أو إذا تلقى الشكاية مباشرة أن يرفع تقريرا في شأنها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف المعين بدائرة نفوذها الموثق المشتكى به، وذلك داخل أجل شهر من تاريخ التوصل بها، وإذا لم يقدم تقريره خلال الأجل المحدد، يمكن للوكيل العام للملك أن يتخذ ما يراه مناسبا بعد إجراء بحث في الموضوع.
إذا قرر الوكيل العام للملك بعد البحث متابعة موثق، وجه تقريرا في الموضوع مرفقا بالوثائق اللازمة إلى وزارة العدل قصد عرض الأمر على اللجنة المختصة، ويخبر المجلس الجهوي بذلك .
يتم استدعاء الموثق المعني بالأمر قبل خمسة عشر يوما من التاريخ المحدد للنظر في المتابعة برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة النيابة العامة.
يحدد في الاستدعاء يوم وساعة ومكان اجتماع اللجنة ويشار فيه أيضا إلى الوقائع المتابع من أجلها الموثق مع إشعاره بإمكانية اختيار موثق أو محام أو هما معا لمؤازرته وحقه في الاطلاع على جميع وثائق الملف والحصول على نسخ.
ويجب على الموثق المتابع المثول شخصيا أمام اللجنة، وإذا لم يحضر رغم استدعائه بصفة قانونية ولم يدل بأي عذر مقبول تبت اللجنة في المتابعة بقرار معلل.
يوجه رئيس اللجنة المقرر التأديبي إلى الوكيل العام للملك المختص الذي يبلغه إلى الموثق المعني بالأمر داخل شهر من تاريخ صدوره.
ينجز محضر لتبليغ نسخة من القرار إلى الموثق المعني بالأمر وتوجه نسخة أخرى إلى وزارة العدل والمجلس الوطني والمجلس الجهوي للموثق.
في حالة صدور عقوبة الإيقاف أو العزل في حق الموثق، يشعر رئيس اللجنة كلا من الوزير المكلف بالمالية والمحافظ العام على الملكية العقارية، وعلى الموثق المعني أن يسلم للموثق المعين في محله داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبليغه بالمقرر، أصول العقود وسجلات المحاسبة وكافة المحفوظات تحت طائلة العقاب.
المفوض القضائي:
يراقب رئيس المحكمة المختصة أو من ينتدبه من القضاة لهذه الغاية أعمال وإجراءات المفوضين القضائيين الممارسين في دائرة اختصاصه، وإذا تبين لوكيل الملك من خلال تحرياته وقوع إخلالات مهنية خطيرة أمكنه إيقاف المفوض المعني مؤقتا عن العمل لمدة لا تتجاوز شهرين، وتحريك متابعة تأديبية في حقه مع إشعار وزير العدل بهذه الإجراءات، وينتهي مفعول الإيقاف المؤقت بالبت في المتابعة التأديبية المقامة ضد المفوض القضائي.
يحرك وكيل الملك المتابعة التأديبية ضد المفوض القضائي بناء على تقرير من رئيس المحكمة أو على إثر تحرياته التي يقوم بها مباشرة أو بناء على شكاية أو بناء على تقرير من الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، وتختص غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية بالبت في المتابعة التأديبية، حيث تستدعي المفوض القضائي المعني قبل 10 أيام من تاريخ الجلسة للاستماع إليه وتقديم ملاحظاته ومستنتجاته حول موضوع المتابعة مع حقه في الاستعانة بمحام، ويكون حضور النيابة العامة بالجلسة وجوبا.
ويتعين على غرفة المشورة البت داخل أجل ستين 60 يوما ابتداء من تاريخ إحالة الملف عليها.
ويستأنف المقرر التأديبي أمام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف المختصة داخل أجل 15 يوما كاملة من تاريخ تبليغ المقرر، ويبدأ سريان أجل الاستئناف بالنسبة للنيابة العامة من تاريخ النطق بالحكم.
وتبت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ إحالة مقال الاستئناف إليها.
بعد انتهاء مدة التأديب أو في حالة البت بعدم المتابعة يستأنف المفوض القضائي عمله تلقائيا مع إشعار رئيس المحكمة بذلك.
المحاماة:
تحال على النقيب الشكايات المرفوعة مباشرة لمجلس الهيئة أو المحالة من الوكيل العام والمقدمة في مواجهة محام، والتي تتعلق بمخالفة النصوص القانونية أو التنظيمية أو قواعد المهنة أو أعرافها أو أي إخلال بالمروءة والشرف.
ويتخذ النقيب مقررا بالحفظ أو بالمتابعة، ويتعين أن يكون قراره معللا وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر وإلا اعتبر قرارا ضمنيا بالحفظ.
وفي حالة المتابعة من طرف النقيب أو إذا ألغت محكمة الاستئناف قرارا بالحفظ، يجري المجلس تحقيقا حضوريا مع المحامي المشتكى به، ويتولى على ضوئه تكييف الوقائع ويصدر أمرا بالاستدعاء يتضمن ملخصا للوقائع والنصوص القانونية والتنظيمية والقواعد المهنية موضوع المتابعة ويعين فيه يوم وساعة انعقاد المجلس التأديبي.
يبلغ الأمر بالاستدعاء إلى المحامي المتابع قبل خمسة عشر يوما على الأقل، من تاريخ انعقاد المجلس التأديبي مع إشعاره بإمكانية اختيار أحد المحامين لمؤازرته وحقهما في الاطلاع داخل ألجل المذكور على جميع وثائق الملف
يحضر المحامي المتابع شخصيا أمام المجلس للاستماع إليه مؤازرا بمحاميه المختار عند الاقتضاء، فإذا لم يحضر بت المجلس في المتابعة بمقرر يعتبر حضوريا.
ولا يشارك النقيب في التصويت قصد اتخاذ المقرر التأديبي إلا إذا تساوت الأصوات
يبت مجلس الهيئة في أجل لا يتعدى ستة أشهر من تاريخ إحالة الملف إليه، أو من تاريخ وضعه اليد على الملف.
يبلغ المقرر التأديبي داخل خمسة عشر يوما من صدوره إلى المحامي المعني، وإلى الوكيل العام للملك ويشعر به المشتكي.
ويعتبر عدم بت المجلس داخل هذا الأجل بمثابة مقرر بعدم مؤاخذة المحامي المتابع.
القضاة:
ينهي وزير العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء الأفعال المنسوبة للقاضي، ويعين بعد استشارة الأعضاء المعنيين بقوة القانون مقررا يجب أن تكون درجته أعلى من درجة القاضي المتابع.
ويشعر القاضي المعني قبل 8 أيام على الأقل بتاريخ اجتماع المجلس الأعلى للقضاء للنظر في قضيته.
يمكن للمجلس الأعلى للقضاء أن يأمر بإجراء بحث تكميلي قبل البت في القضية كما يمكنه إيقاف النظر عند وجود متابعة جنائية إلى أن يقع البت فيها بصفة غير قابلة للطعن.
وإذا توبع القاضي جنائيا أو ارتكب خطأ خطيرا أمكن توقيفه حالا بقرار لوزير العدل، ويتم في هذه الحالة استدعاء القاضي المعني من طرف المجلس الأعلى للقضاء في أقرب أجل ممكن وتسوى بصفة نهائية حالته داخل أجل 4 أشهر تبتدئ من يوم تنفيذ القرار، ولا تسوى وضعية القاضي المتابع جنائيا نهائيا إلا عند صيرورة الحكم الصادر غير قابل للطعن.
وفي حالة مغادرة القاضي عمله بدون مبرر، يتم إنذاره بالرجوع داخل أجل السبعة أيام الموالية لتبليغ الإنذار إليه تحت طائلة عزله.

الفقرة الثانية: المهن غير القضائية

الأطباء:
يستدعي رئيس المجلس الوطني أو رئيس المجلس الجهوي الطبيبة أو الطبيب المعني للمثول أمام الهيئة التأديبية بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالاستلام أو بواسطة مفوض قضائي أو بالطريقة الإدارية قبل التاريخ المحدد للجلسة بخمسة عشر يوما على الأقل.
يمكن أن يستعين الطبيبة أو الطبيب المتابع بأحد زملائه أو بمحام أو بهما معا أمام الهيئة التأديبية للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء خلال كل مراحل المتابعة التأديبية
تحق للطبيبة أو الطبيب ولدفاعه الاطلاع على وثائق الملف وتسلم نسخ منها
وفي حالة تعلق الأمر بطبيبة أو طبيب تابع للقطاع العام فإن المجلس الجهوي يبلغ الشكاية إلى السلطة الإدارية المخولة لها السلطة التأديبية التابع لها الطبيبة أو الطبيب المعني لإبداء رأيها وذلك داخل أجل أقصاه 45 يوما من تاريخ إحالة الموضوع إليها وإلا اعتبر ان ليس لها أي ملاحظة على الشكاية
بعد ذلك تباشر الإجراءات التأديبية كما جاءت في المادة 56 إليها سابقا، وتبلغ الهيئة التأديبية في نهاية المسطرة، وفي حالة إصدار عقوبة التوبيخ أو الإنذار مقررها إلى السلطة الإدارية التابع لها الطبيبة أو الطبيب المعني،
وعندما ترتئي الهيئة التأديبية إصدار مقرر بالتوقيف أو التشطيب من جدول الهيئة، فإنها تقترح العقوبة على السلطة الإدارية المختصة التي تبلغ إلى المجلس الجهوي أو المجلس الوطني وإلى المشتكي وإلى الطبيبة أو الطبيب المعني خلال 30 يوما الموالية لإحالة الأمر إليها القرار الذي اتخذته في شأن العقوبة المقترحة من قبل الهيئة التأديبية، ويجب أن يكون قرارها معللا تعليلا خاصا عند رفضها تنفيذ العقوبة المقترحة أو الحكم بعقوبة أخرى.
ويحق للمجلس الجهوي أو الوطني، وكذا إلى الطبيبة أو الطبيب المعني وإلى المشتكي الطعن في مقرر السلطة التأديبية داخل أجل 30 يوما، أمام المحكمة الإدارية.
الموظف:
يقع الإنذار والتوبيخ بمقرر معلل تصدره السلطة التي لها حق التأديب من غير استشارة المجلس التأديبي، ولكن بعد الاستدلاء ببيانات المعني بالأمر، أما العقوبات الأخرى فتتخذ بعد استشارة المجلس التأديبي الذي تحال عليه القضية من طرف السلطة التي لها حق التأديب وذلك بتقرير كتابي يتضمن بوضوح الأعمال التي يعاقب عليها الموظف، وإذا اقتضى الحال الظروف التي ارتكبت فيها.
ويمكن للموظف بمجرد ما تقام عليه دعوى التأديب أن يقدم إلى المجلس التأديبي ملاحظات كتابية أو شفاهية وأن يستخدم بعض الشهود وأن يحضر معه مدافعا باختياره، وللإدارة أيضا حق إحضار الشهود.
ويمكن للمجلس التأديبي أن يطلب إجراء بحث إذا لم يكتف بالمعلومات المعطاة له عن الأعمال المؤاخذ عليها المعني بالأمر، واستنادا لذلك يعطي المجلس رأيا معللا بالأسباب في العقوبة التي تبين له وجوب اتخاذها إزاء الأعمال التي عوقب عليها المعني بالأمر، ويوجه هذا الرأي إلى السلطة التي لها حق التأديب وذلك في أجل شهر واحد ابتداء من يوم رفع النازلة إليه ويمتد الأجل إلى ثلاثة أشهر عند القيام ببحث.
وفي حالة متابعة المعني لدى محكمة زجرية، يمكن للمجلس التأديبي أن يؤجل الإدلاء برأيه إلى صدور الحكم من تلك المحكمة.
ولا يمكن في جميع الأحوال أن تكون العقوبة الصادرة بالفعل أشد من العقوبة التي يقترحها المجلس التأديبي، إلا إذا وافق على ذلك رئيس الوزارة.
ويبلغ الحكم الصادر إلى الموظف المعني بالأمر.
الهيئة المغربية لسوق الرساميل.
يقوم المجلس التأديبي بدراسة الوقائع والتأكد من أن المسطرة حضورية وأن المعني بالمتابعة تمكن من تقديم دفاعه وتم احترام مسطرة التواجه ، ويمكن استدعاء أي شخص لإبداء الرأي في الملفات المعروضة دون المشاركة في المجلس التأديبي.
يتداول أعضاء المجلس بصورة صحيحة بحضور جميع أعضائه، وتتخذ المداولات بأغلبية الأصوات، ويرجح جانب الرئيس في حالة التعادل.

خاتمة: 
إنه وعلى الرغم من تعدد الهيئات سواء تعلق الأمر بتحريك المتابعة أو التحقيق فيها وكذا البت في المخلفات التأديبية، فإن مناط وجوب احترام حقوق وحريات المعني بالمخالفة تحظى بالأهمية القصوى، تماشيا مع المبادئ العامة للقانون، التي تفرض تمتيع المعني أثناء المحاكمة التأديبية، بكافة الضمانات القانونية، وكل مس أو إخلال بهذه الضمانات يعطي للمعني حق الطعن في القرار التأديبي
____________________________
هوامش:
[1] هيثم حليم غازي - مجالس التأديب ورقابة المحكمة- 2010 ص 229
[2] حكم المحكمة الادارية العليا رقم 3494 لسنة 42 هيثم حليم غازي – مرجع سابق ص 232
[3] حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 480 لسنة 36 . هيثم حليم غازي – مرجع سابق ص 233
[4] هيثم حليم غازي – مرجع سابق ص 234

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -