منازعات انتخابات أعضاء المجالس الحضرية و القروية

 مقال بعنوان: منازعات انتخابات أعضاء المجالس الحضرية و القروية

منازعات انتخابات اعضاء المجالس الحضرية و القروية
مقدمة :
يعتبر الانتخاب حق سياسي يعبر من خلاله المواطن في الدول المتقدمة عن ارادته في اختيار من يمثله سواء بمؤسسة محلية ، او اقليمية، او جهوية ، او وطنية باسلوب حضاري في محيط هادى تطبعه المنافسة الحرة النزيهة الشريفة ثم روح المواطنة .
والمغرب في ممارسة للانتخاب ياخذ بمجموعة من الانظمة منها نظام الاقتراع العام الاختياري غير المقيد كما ياخذ من جهة ثانية بنظام الانتخاب بالاغلبية النسبية في دورة واحدة ومن جهة ثالثة بنظام الاقتراع المباشر الفردي كما هو الحال بالنسبية للانتخابات الجماعية الحضرية والقروية ، هذا الانتخابات التي تستوجب مجموعه من الشروط الشكلية الواجب توفرها سواء في الشخص المرشح او الطاعن ، او ما يتعلق بمدى مراقبة سير العملية الانتخابية .
فالغرض من هذه الشروط هو خلق جماعات محلية قادرة على مواكبة متطلبات التنمية المحلية والرفع من مستوى المنتخبين الجماعيين من اجل تعزيز اللامركزية الإدارية والنهوض بمستوى المجالس الجماعية الحضرية منها او القروية في فضل ما أصبح يضطلع به رؤسائها من اختصاصات مهمة وجديدة
وبهذا فالمشرع المغربي وصيانة له للعمليات الانتخابية والحفاظ على نزاهتها لما في ذلك من احترام لإدارة الناخبين ، عمل بمقتضى مدونة الانتخابات على رسم الإطار القانوني والحدود التي لا ينبغي تجاوزها في العملية انتخابية ابتداءا من الدعاية الانتخابية مرور بمرحلة التصويت لغاية إعلان نتائج العملية الانتخابية
هذا وقد ساهم بدوره القضاء الإداري في تكريس احترام القواعد القانونية المنظمة للعملية الانتخابية والمشار أليها ، في مجموعة من الإحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية او قرارات الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى والتي سنقوم بإدراجها في العرض . كما تمتد رقابته على المخالفات التي تشوب كل ما يتعلق بأوقات الاقتراع او صندوق الاقتراع وأوراق التصويت ومكان التصويت وكيفية التصويت والمخالفات المرتبطة بكيفية تشكيل مكتب التصويت ، وكذلك رقابته على الدعاية الانتخابية ومدى احترام المشروعية المؤطرة لهذا العملية في مدونة الانتخابات كما يمارس كذلك رقابته على المرحلة الاخيرة من العملية الانتخابية وهي المحاضر المنجزة من طرف مكتب التصويت بعد احصاء وفرز الاصوات واعلان النتائج .
ومن هنا نطرح الاشكالات التالية:
ـ ما هي الاجراءت المسطرية للمنازعات الانتخابية لاعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية ؟
ـ والى أي حد استطاع القاضي الاداري خلق توجهات تكرس شفافية ومصداقية العملية الانتخابية ؟
وهذا ما سنحاول الاجابه علية باعتماد التصميم التالي :

المبحث الأول : شكليات الطعن في المنازعات الانتخابية لأعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية
المطلب الأول : أطراف و اَجال رفع الدعوى
المطلب الثاني : نطاق وإجراءات رفع الدعوى 
المبحث الثاني : رقابة القضاء الإداري على انتخاب أعضاء الجماعات الحضرية والقروية
المطلب الأول : الرقابة على المخالفات المنسوبة للمتنافسين والمشرفين على العملية
المطلب الثاني : سلطات القاضي الإداري في إلغاء العملية الانتخابية


المبحث الأول : شكليات الطعن في المنازعات الانتخابية لأعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية

إن مسطرة الطعن في انتخاب أعضاء الجماعات الحضرية و القروية تنبني على مجموعة من الاجراءات منها ما يتعلق بأطراف و آجال الدعوى (المطلب الأول) ومنها ما يهم نطاق وإجراءات رفع الدعوى (المطلب الثاني).

المطلب الأول :أطراف وآجال رفع الدعوى

- أطراف رفع الدعوى:
عمل القضاء الإداري على توسيع مفهوم الصفة والمصلحة في الطعن الانتخاب باستيعاب أكبر عدد من الطعون وكذا لضمان توسيع دائرة الاهتمام بمتابعة ومراقبة الشأن الانتخابي[1]
1ـ الصفة في المنازعات المتعلقة بالعملية الانتخابية
اعتبر القضاء بداية انه "إذا كانت الصفة في المادة الانتخابية تندرج في إطار المادة 70 من مدونة الانتخاب يخول حق الطعن لكل من له المصلحة في ذلك,فإن المصلحة تقتضي بالدرجة الأولى أن يكون الطاعن مرشحا للمنصب الانتخابي المتنازع بشأنه حتى يمكنه الطعن في صحة وسلامة عملية الاقتراع ,وانه من المبادئ المستقر عليها ان المصلحة يجب أن تكون قائمة وثابتة عند تقديم الدعوى وان المصلحة الاحتمالية أو المفترضة لا تكفي لممارسة الطعن الانتخابي مادام المعني بالأمر لم يترشح للمنصب الذي يتنازع فيه , ومن تم فإن عدم توفر المصلحة يقتضي بالتبعية عدم توفر الصفة كذلك نظرا للترابط الحاصل بين العنصرين في المادة "
2ـ الصفة والمصلحة في دفع الادعاء
من خلال مقتضيات المادة الأولى من قانون المسطرة المدنية , فالدعوى لا تكون مقبولة إلا في حالة توفر شرط المصلحة في الطعن ووجوب توفر هذا الشرط لا يعتبر قاصرا فقط على الطاعن بل حتى المطعون فيه ضدهم ومن تم يتعين توجيه الطعن ضد كل الأطراف التي لها مصلحة في دفع الادعاء تحت طائلة عدم القبول [2].
- آجال تقديم الطعون المتعلقة بالعملية الانتخابية
تنص المادة 71 من مدونة الانتخابات على أنه "يقدم الطعن بعريضة كتابية تبتدئ في ظرف ثمانية أيام كاملة من يوم إيداع المحضر الذي يتضمن إعلان نتائج الاقتراع,ويكون غير مقبول إدا قدم خارج هذا الآجال.
توضع عريضة الطعن بكتابة المحكمة الإدارية المختصة وتسجل فيها مجانا ,ويجب أن تتضمن أسباب الطعن المطلوب من المحكمة البت فيها". [3]
وعندما تصبح القضية جاهزة للبت فيها يقوم رئيس المحكمة الإدارية بإخبار عامل العمالة أو الإقليم وخليفته الأول و الباشا ورئيس الدائرة و القائد المعنيين بالأمر و الأطراف بتاريخ الجلسة التي ستنظر في الطعن ثلاثة أيام على الأقل قبل انعقادها طبقا لمقتضيات المادة 73 من مدونة الانتخابات وتبت المحكمة الإدارية في الطعن داخل أجل 40 يوما من تاريخ إيداعه بكتابة الضبط.
وفي حالة استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف الإدارية ,تبت هده الأخيرة في الطعن داخل أجل أقصاه شهران .
وفي حالة الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الإدارية أمام المجلس الأعلى يبت هذا الأخير في الأمر داخل أجال أربعة أشهر .وتبلغ قرارات محاكم الاستئناف الإدارية والمجلس الأعلى إلى الأطراف وإلى العامل المعني داخل أجل شهر من تاريخ صدورها.

المطلب الثاني : نطاق وإجراءات رفع الدعوى

- حدود تقديم الدعوى.
إن تحديد نطاق الطعن لانتخاب أعضاء الجماعات الحضرية والقروية يحيلنا إلى المادة 69 من مدونة الانتخابات للقانون رقم 9-97 التي تحدده كالتالي:
يمكن الطعن في القرارات الصادرة عن :
- مكاتب التصويت .
- مكاتب التصويت المركزية .
- لجان الإحصاء التابعة للجامعات الحضرية والمقاطعات .
- لحان الإحصاء أو التحقق التابعة للعمالات أو الأقاليم
- اللجان الجهوية للإحصاء فيما يتعلق بالعمليات الانتخابية وإحصاء الأصوات وإعلان نتائج الاقتراع.[4]
- إجراءات الطعن
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد ماهي المسطرة المتبعة في رفع او تقديم الدعوى أمام المحكمة الإدارية؟ هل يتعلق الأمر بمسطرة كتابية ام شفوية ؟[5]
بالرجوع إلى المادة 3 من القانون المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية 41-90 نجدها تنص على ما يلى :ترفع القضايا إلى المحاكم الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محامي مسجل في جدول هيئة المحامين بالمغرب ويتضمن البيانات المنصوص عليها في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية
إذن من خلال هذه المادة يتضح لنا أن مسطرة تقديم الدعوى تكون في شكل مقال ونفس الشيء نجده في المادة 71 من مدونة الانتخابات من خلال استعمال المشرع لمجموعة من المصطلحات منها "يقدم الطعن بعريضة " و"تودع عريضة الطعن بكتابة الضبط" ونفس الاتجاه دهب فيه الأستاذ عبد الله حداد "يقدم الطعن إلى المحكمة الإدارية المختصة بواسطة تصريح يدلى به لكتابة الضبط مقابل وصل." 
أما بخصوص إلزامية المحامي فإننا نجد المادة 37 من القانون 9-97 المتعلق بمدونة الانتخابات تنص على أن الطعن في العمليات الانتخابية العامة يجب ان يتم عن طريق محامي مسل في جدول هيئة المحامين بالمغرب .
المحكمة دون مصاريف او إجراءات وبعد استدعاء يوجه إلى الأطراف المعنية بالأمر قبل التاريخ المحدد للنظر في الطعن بثلاثة أيام , أي دون التقيد بالآجال المنصوص عليها في الفصول 37-83-93- من قانون المسطرة المدنية الشيء الذي يسمح بالقول أن الطعن يكمن أن يرفع من قبل الطاعن دون الاستعانة بمحامي .
والملاحظ أن المشرع عند صياغته لمقتضيات القانون رقم 9-97 كما تم تغييره وتتميمه , قد عمل على وضع إطار ضابط يرمي الى إعفاء أطراف الدعوى الانتخابية من كل الشكليات التي من شأنها تعقيد آليات الطعن القضائي . [6]

المبحث الثاني : رقابة القضاء الإداري على انتخاب اعضاء الجماعات الحضرية والقروية

تتجلى أوجه رقابة القضاء الإداري على إنتخاب أعضاء المجالس الجماعية في رقابته على موضوع الدعوى الانتخابية سواء على مستوى المخالفات المنسوبة للمتنافسين أو على مستوى المخالفات المنسوبة للمشرفين على العملية الانتخابية (المطلب الأول).كما تتجلى في سلطة القاضي الإداري في إلغاء العملية الانتخابية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الرقابة على المخالفات المنسوبة للمتنافسين والمشرفين على العملية الانتخابية

الفقرة الأولى: الرقابة على المخالفات المنسوبة للمتنافسين
يمكن أن ترتكب هذه المخالفات من طرف المترشحين أو من يساندهم ،وتطال الحملة الانتخابية وذلك بالخروج عن ضوابطها، (أولا) كما قد يرتكبها المتنافسون لإستمالة أصوات الناخبين أو التأثير فيهم بأفعال مخالفة للأخلاق الانتخابية وهو مايسمى بالمناورات التدليسية (ثانيا).
أولا: الحملة الإنتخابية
يقوم المرشحون خلال الفترة الإنتخابية ، بالتعريف بترشيحهم وشرح أطروحاتهم ، وعرض برامجهم، إما بواسطة الاجتماعات أو بواسطة الدعاية والاعلانات[7].وتكون هذه الحملة أثناء فترة الانتخابات، وغالبا ماتمتد من تاريخ أخر أجل لوضع الترشيحات الى الساعة الصفر من يوم الاقتراع.
ويخضع تنظيم الحملة الانتخابية لمجموعة من المبادئ الاساسية ، نذكر منها :
- مبدأالمساواة في الترشيح والذي يتم ضمانه عن طريق مراقبة الاعمال المتعلقة بالحملة الانتخابية
- مبدأ حياد السلطة الادارية على اعتبار ان الادارة ملزمة بالسهر عن حسن التنظيم المادي للحملة الانتخابية.
- مبدأ الاستعمال المشروع لوسائل الحملة الانتخابية.[8]
ولقد حددت مدونة الانتخاب رقم 9.97 الإطار القانوني لممارسة الحملة الانتخابية ، لكن طبيعة تعامل القضاء الإداري مع الوسائل المستمدة من خرق المقتضيات القانونية المنظمة للدعاية الانتخابية تبقى بحسب مكان وزمن الخرق المتمسك به واستعمال ممثلي السلطة الإدارية المحلية لوسائل مملوكة بهدف المشاركة في الدعاية الانتخابية لفائدة المرشحين .
وفي هذا الإطار اعتبر المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) أن استمرار الدعاية الانتخابية إلى يوم الاقتراع مخالفة يعاقب عليها القانون ، دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى بطلان الانتخاب ، هذا البطلان الذي يبقى رهين بمدى تأثير استمرار الدعاية الانتخابية على النتيجة النهاية للاقتراع ، وهذا ما أكده المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا كذلك في قرار الإبراهيمي المحجوب الذي أوضح فيه " أن المحكمة بالقول بالبث لها بالدعاية يوم الاقتراع من شأنه أن يؤثر على إرادة الناخبين دون أن تبين هل وقع فعلا مس بحرية الاقتراع حتى يمكن لها الإعلان عن بطلان اقتراع .[9]
وهو نفس الموقف الذي تبنته الغرفة الإدارية بمناسبة الطعن الذي تقدم به الورد ضد منافسه الفائز بدعوى ان الدعاية الانتخابية استمرت إلى يوم الاقتراع وقد ذهب المجلس الأعلى " محكمة النقض حاليا" في هذه القضية وهو يرد وسيلة الطعن إلى القول " لكن حيث أن الطاعن لم يوضح ما إذا كانت واقعة الدعاية الانتخابية يوم الاقتراع قد أثرت على عملية الاقتراع ، وأن المحكمة حين صرحت بأن الدعاية في يوم الاقتراع و إن كانت مخالفة للقانون ، فإنها ما دامت لم تؤثر في نتيجة التصويت الذي يبقى سريا ، و ان الناخب عند تواجده بالمعزل يكون حرا في اختياره ، كما أن شهادة الشاهدين لم تقتنع بها المحكمة لكونها محملة ولم تبين من هم الاشخاص الذين سلمت لهم المبالغ المالية ، على أن فارق الأصوات الذي يتعدى المائة بين الطرفين يجعل هاته الواقعة في حالة حصولها لا يمكن الارتكاز إليها للقول ببطلان عملية الانتخاب [10].
وما يستنتج من القرارات المشار إليها أن اتجاه الغرفة الإدارية ، لم يعتد بتجاوز الإطار الزمني للحملة الانتخابية إلى يوم الاقتراع كسبب لإلغاء النتيجة الانتخابية بل يشترط تأثير هذه المخالفة في نتيجة التصويت ، بل يذهب أثر من ذلك تبرير مصداقية العملية الانتخابية عن طريق أخذ بالفارق الأصوات بين المتنافسين .
ويعتقد البعض أن على القاضي الإداري المغربي أن لا يتخلى عن مثل هذه القواعد طالما أن القيام بالدعاية الانتخابية خارج الوقت القانوني تشكل مخالفة وبالتالي يجب على القاضي الإداري أن يلغي العملية الانتخابية دون أن يربط ثبوت انجاز الدعاية الانتخابية خارج الوقت القانوني بوجوب تأثيرها على نتيجة الاقتراع
ثانيا : المناورات التدليسية .
عرفت الغرفة الإدارية في قضية المهدي العرايشي ضد الحمزاوي محمد ومن معه المناورات التدليسية بأنها : كل ما يخل بالتوازن والفرص المتاحة لجميع المرشحين لعرض وجهات نظرهم على الناخبين و بالاستفادة على قدم المساواة من الإجراءات التي تنظم سير الانتخاب.
ويقصد بمراقبة القضاء للأخلاق الانتخابية ، مراقبة الأعمال الخارجة عن نشاط مكتب التصويت ويتعلق بالأعمال والمناورات التدليسية كما أنها تتعلق بالمخالفات ذات الطبيعة الإجرامية أو الجنح و الجنايات الانتخابية ، وهي أعمال ينظمها القانون الانتخابي في جزئه الخامس فيما يخص انتخابات المجالس و الجماعات الحضرية والقروية [11].
والمناورات التدليسية قد تقوم بها السلطات المحلية الإدارية أو المرشحون بأنفسهم خلال الحملة الانتخابية ، وتتخذ عدة أشكال لا حصر لها وذلك من اجل استمالة الناخبين ، لكن القضاء الإداري المغربي يشترط في هذه المناورة أن تكون مؤثرة في النتيجة الانتخابية ، وهذا ما تبنته المحكمة الإدارية بمكناس في احد أحكامها حيث لاحظت من واقع النزاع أن الوقائع المتمثلة في استعمال نائب المرشح للهاتف النقال ومغادرته مكتب التصويت من حين لأخر للتحدث مع الناخبين وكذا استعمال السيارات لنقل الناخبين ليس من شأن ذلك التأثير في النتيجة الانتخابية طالما أن العلاقة السببية في هذه الوقائع والنتيجة المحصل عليها من طرف المرشح الفائز، والتي تصل إلى 82 صوتاً لا تقنع بتأثير تلك الوقائع على نتيجة الاقتراع .
وقد سبق للقضاء الفرنسي أن تبنى نفس التوجه ، حيث اشترط لإلغاء العملية الانتخابية ، التأثير الواقعي على نتيجة الاقتراع [12].

الفقرة الثانية : الرقابة على المخالفات المنسوبة للمشرفين على العملية الانتخابية
اولاً : الرقابة على المخالفات المنسوبة لمكاتب التصويت .
تخضع المخالفات المرتكبة من طرف مكتب التصويت لمراقبة القاضي الانتخابي ، و أول مرحلة يضلع بها مكتب التصويت هي وقت الاقتراع ، الذي ، الذي حول مكتب التصويت مخالفة ، كان يفتح المكتب بعد النيابة المقررة لفتحة وفي هذه الحالة ، اعتبر القضاء الإداري وجود سبب قاهر حال دون فتح مكتب التصويت في وقت المحدد ، لا يؤدي إلى إلغاء النتيجة ، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بمكناس في الملف عدد 97/433 [13].
وقد تضاربت قرارات الغرفة الإدارية حول المخالفات المتعلقة بتوقيت الاقتراع ، فتارة تذهب الى القول ان مراعاة الوقت الذي حدده القانون لافتتاح واختتام الاقتراع إجراء جوهري له مساس بالنظام العام ، يؤدي الإخلال به الى بطلان نتيجة الاقتراع بصرف النظر عن تأثيره او عدم تأثيره على النتيجة [14].
وتارة اخرى تذهب الى القول بان واقعة عدم افتتاح المكتب في الوقت القانوني لا تودي إلى الإلغاء الا اذا كان لها تاثير على نتيجة الاقتراع . [15]
ثانيا : المخالفات المنسوبة للسلطة الإدارية المحلية
باعتبار السلطة الإدارية المحلية المشرف الرئيسي على العملية الانتخابية وفي كل مراحلها ، فقد ترتكب بعض المخالفات لصالح مرشح ما او ضده .
كقيام اعوان السلطة المحلية بتسهيل عملية سحب البطائق الانتخابية بجماعة محلية جعل نسبة المشاركة فيها تصل إلى 58% بينما تمت عرقلة عملية السحب بجماعات أخرى والتي تتعدى نسبة المشاركة فيها ما بين 18% و 21% .
وما دامنا ندرس العمليات الانتخابية لأعضاء المجالس الجماعية فإن خطورة السلطة المحلية في العملية الانتخابية ، يترتب عنه إلغاء أم يتوجب تأثير هذا الحضور على سلامة الانتخابات ونزاهتها؟ .
وهنا نميز بين مرحلتين الأولى قبل إنتخابات التي جرت في سنة 1997 حيث اعتبرت الغرفة الإدارية وفي العديد من قراراتها أن مجرد حضور السلطة عملية التصويت موجب للإلغاء وهو نفس الاتجاه الذي سارت عليه أغلب المحاكم الإدارية ومن ضمنها المحكمة الإدارية بأكادير في حكمها الصادر بتاريخ 07/12/1995.
غير أن الغرفة الإدارية ، تراجعت عن هذا الموقف بخصوص الانتخابات الاخيرة ، ولم ترتب جراء بطلان الانتخاب الا إذا ثبت تدخل السلطة للتأثير في إرادة الناخبين ومن ذلك قرارها الصادر بتاريخ 24/9/1997 ، والذي جاء فيه " انه لاشي في القانون يجعل مجرد حضور السلطة المحلية.... يؤدي الى بطلان ذلك الانتخاب .... يتجلى انه لا توجد اية حجة ولا قرينة على السلطة المحلية وفي الاقتراع المطعون فيه ، قامت باي تصرف بشكل مساسا بحرية الاقتراع ولا مناورات للتصويت لصالح مرشح ضد اخر ..
و أن مجرد حضورها أي السلطة المحلية دون أن يسجل عليها ما من شأنه التأثير عن عملية انتخاب لا ينهض سببا لإلغاء عملية الإنتخاب[16]

المطلب الثاني: سلطات القاضي الإداري في إلغاء العملية الانتخابية

الفقرة الأولى: سلطات القاضي الإداري في الإلغاء
تنص المادة 74 من مدونة الانتخابات على ما يلي[17]:
* لا يحكم ببطلان الانتخابات جزئيا أو مطلقا إلا في الحالات الآتية:
1- إذا لم يجر الانتخاب وفق الإجراءات المقرر في القانون.
2- إذا لم يكن الاقتراع حرا أو شابته مناورات تدليسية
3- إذا كان المنتخب أو المنتخبون من الأشخاص الذين لا يجوز لهم الترشيح للانتخابات بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي.
* إلا أنه يلاحظ أن الشق الأول من هذه المادة يشمل معظم الخروقات والمخالفات سواء المتعلقة منها بالشكل أو بالمضمون أو بالإجراءات الجوهرية خاصة تلك المتعلقة بالنظام العام، ويمكن سرد نماذج منها على سبيل المثال:
1- عدم احترام وقت افتتاح مكتب التصويت ووقت إغلاقه.
2- تجاهل قرار تمديد مدة الاقتراع، أو تمديدها دون صدور قرار بذلك.
3- تكوين المكتب بصفته غير قانونية، كأن يكون من عدد أقل من خمسة أعضاء عند افتتاح مكتب التصويت أو من عدد أقل من ثلاثة ما بين فترة الافتتاح والإقفال، أو من أعضاء أميين لا يحسنون القراءة والكتابة، أو من أعضاء لم يعينهم رئيس مكتب التصويت.
4- تشابه أوراق التصويت من حيث الألوان والمخططات ونفاذ أوراق أحد المرشحين وعدم تعويضات بالمرة، أو تعويضها بعد فوات الأوان وقبيل اختتام وقت الإقتراع.
5- الجمع بين صفتي الرئيس والكاتب ودون مبرر قانوني.
6- التوقيع على بياض في محضر العمليات الانتخابية أو التوقيع قبل انتهاء موعد الاقتراع، أو التوقيع من طرف أعضاء دون البعض الآخر، أو التوقيع مكان عضو أو أعضاء آخرين دون مبرر قانوني، أو إقدام رئيس مكتب التصويت على إصلاح أو تصحيح الأرقام المغلوطة في محضر العملية الانتخابية وحده وبصورة منفردة في غيبة أعضاء المكتب ودون علمهم، أو تقديم اعتذار عن ذلك.
* هذه بعض الحالات المتعلقة بالشق الأول من المادة 74 من مدونة الانتخابات والتي عرضت على المحكمة الإدارية بمكناس ووقع البث فيها من طرفها،ـ أما الحالات المنضوية تحت طائلة الشق الثاني من نفس المادة المتعلق بالمناورات التدليسية وعدم حرية الاقتراع فيمكن تلخيص أهمها في النوازل التالية:
1- توقف العملية الانتخابية لمدة لا يستهان بها بسبب إحداث فوضى مفتعلة من طرف بعض أنصار المرشحين – وفتح صندوق الإقتراع قبل الموعد القانوني دون مبرر- تكسير صندوق الاقتراع إلى درجة ضياع ما بداخله من غلافات- نقله من مكتب التصويت إلى جهة مجهولة والعبث بالغلافات الموجودة بداخله – تغيير مكان مكتب التصويت دون إعلام مسبق – تصويت قاصرين لفائدة أحد المرشحين – تصويت شخص مكان آخر.[18]
وبالنسبة للشق الثالث من المادة 74 من مدونة الانتخابات المتعلق ببطلان الانتخاب إذا كان المنتخب أو المنتخبون من الأشخاص الذي لا يجوز لهم الترشيح للإنتخابات بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي فقد عرضت على المحكمة حالة واحدة تتعلق بمرشح فائز ثبت صدور حكم جنائي في حقه وعدم استرداد أهليته الانتخابية بعدما أسقط عضويته كمنتخب جماعي.
الفقرة الثانية: سلطة القاضي الإداري في الإلغاء والتعديل
نادرا ما تطرح الحالات التي يضطر التي يضطر فيها قاضي الانتخابات إلى إلغاء أو إبطال نتيجة، والتصدي لتعديل أو تغيير النتيجة حسبما ثبت لديه من العناصر المبررة لمثل هذا التعديل، وللدلالة على ذلك نورد بعض الأمثلة على سبيل المثال وليس الحصر، فقد يخطئ مكتب التصويت في احتساب عدد الأصوات الصحيحة المعبر عنها على حساب مرشح منافس والحال أن الفرق في عدد الأصوات بينه وبين المرشح الفائز هي تلك التي وقع الخطأ في احتسابها فيضطر المعني بالأمر إلى الطعن في النتيجة لتتولى المحكمة تصحيح الخطأ والإعلان عن الفائز الحقيقي في الاقتراع، وقد يخطئ مكتب التصويت من الوجهة القانونية حيث يحتسب بعض الأوراق ملغاة مع أنها أوراق صحيحة، ويلحق الضرر بالمرشح حيث يلجا على المحكمة لإرجاع الأمور إلى نصابها.[19]
وهكذا أعلنت المحكمة الإدارية بفاس في حكمها الصادر بتاريخ 28/7/1997 تحت عدد: 867/97 في الملف الانتخابي عدد: 333/97غ عن المرشح الفائز بعد تعديل نتيجة الاقتراع بالاعتماد على ما ثبت لديها أثناء النظر في الدعوى من أن ورقة التصويت المكمشة أو المثنية تعد ورقة صحيحة متى وجدت بداخل غلافها وحاملة لاسم المرشح المعني بها.

الفقرة الثالثة: سلطة القاضي الإداري في الإلغاء وإحالة الأطراف على مكتب التصويت لإتمام العملية الانتخابية
هذه الحالة أيضا نادرة، ويمكن إعطاء مثال عنها:
عندما يثبت للمحكمة خطأ مكتب التصويت في تمييز الأوراق الصحيحة من الأوراق الملغاة وتعيد الأمور إلى نصابها وينتج عن ذلك تساوي المرشحين في عدد الأصوات والسن فإنه يتعين عليها أن تلغي نتيجة اقتراع، وتحيل المرشحين المعنيين على مكتب التصويت للإعلان عن الفائز بينهما بواسطة القرعة، لأن المحكمة لا تملك الصلاحية للحلول محل مكتب التصويت في اختصاصاته، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بفاس في حكمها الصادر بتاريخ 29/7/1997 تحت عدد: 932/97 في الملف الانتخابي عدد 395/97غ.

خاتمة :
لن يكون لأي عملية انتخابية معنى إلا في نطاق سلامة الإجراءات التي تسبقها أو تواكبها، والتي تعتبر الحصن الحصين مما قد يشوبها من مناورات أو إخلالات لا تعكس الإرادة الحقيقية للمعنيين بالأمر.
والسلطة القضائية أصبحت اليوم مطالبة أكثر من قبل بتحقيق الحماية لكل أطراف العملية الانتخابية لتكريس البعد الحقيقي للممارسة الديمقراطية، ولهذا أصبحت السلطة المذكورة الركن الركين والفيصل في الحكامة الانتخابية، من خلال ردودها عن الطعون المقدمة ضد إجراءات العملية الانتخابية، وإصدارها قرارات تتوخى الشرعية لطمأنة الأفراد حول ضمان سلامة العملية واحترام إرادة الناخب الذي يجب أن توفر له الحرية في التعبير والتصويت لتأمين انتخابات حرة ونزيهة وشفافة التي هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي وذلك حسب الفصل 11 من دستور 2011.
---------------------------
لائحة المراجع :

كتب :
ـ محمد بوغالب ، دور القاضي الاداري في تكريس المشروعية في ميدان المنازعات الانتخابية ، سلسلة دفاتر المجلس الاعلى العدد 4 سنة 2004
ـ مصطفى الحلامي ، أسباب الطعن الموجبة لبطلان الانتخاب على ضؤء القانون والاجتهاد القضائي ، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى ، العدد4 /2004
- د. إدريس الشرادي- مجالس الجماعات الحضرية والقروية انتخابها و اختصاصاتها-دراسة- نصوص-وثائق..
ـ محمد قصري المنازعات الانتخابية ورقابة القضاء الاداري طبعة الاولى 2009
ـ محمد العمري الطعون الانتخابية بالمغرب – إفريقيا الشرق
- عبد الرحمان البكريوي– الوجيز في القانون الاداري المغربي الطبعة الاول 1995
- مراد آيت ساقل – القضاء الانتخابي بالمغرب في افق استحقاق 2009 قرأة في منهجية الفصل في المنازعات من طرف القاضي الإداري.منشورات جمعية النشر المعلومة القانونية والقضائية سلسة الدراسات والأبحاث العدد 5 ماي 2008

مجلات :
- محمد أجعون– المجلة المغربية للإدارة والتنمية المحلية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعيةع 96-2013
- عبد الله حداد – تطبيقات الدعوى الادارية في القانون المغربي -منشورات عكاظ ص 229
ـ هشام الوازكي ، دور القاضي الإداري في نجاح المسلسل الانتخابي،
ـ مصطفى عامري ، الطعون الانتخابية بالمغرب ، افريقيا الشرق ، طبعة أولى 2006
ـ حسن مستمد ، القضاء الاداري والمنازعات الانتخابية ، دفاتر المجلس الاعلى عدد 4 طبعه 2003 ، انتخاب مكاتب المجالس

الاطروحات والرسائل :
- الناصري مصطفى بحث لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانةن العام انعكاس العملية الانتخابية على التدبير الشان العام بالمغرب ط 2008
- زكريا ادميون الاداء السياسي والاداري للمنتخب الجماعي بالمغرب رسالة لنيل درجه الدكتوراه في القانون العام 2007ط


أحكام وقرارات :
ـ قرار الغرفة عدد 16 بتاريخ29/01/1981. في قضية إدريس الشرقاوي ، اورده محمد قصري، مرجع سابق، ص182 .
ـ قرار الغرفة عدد 254 بتاريخ 17/ 06/ 1977
ـ قرار الغرفة 1498 بتاريخ 30/10/1997 ، أورده القصري

القوانين :
- القانون 9-97 المتعلق بمدونة الانتخابات
- قانون المسطرة المدنية
- القانون رقم 41-90 المحدثة بموجبه المحاكم الادارية
- القانون رقم 11-59 المتعلق بإنتخاب اعضاء مجالس الجماعات الترابية.
---------------------------
الهوامش :
[1] إدريس الشرادي- مجالس الجماعات الحضرية والقروية انتخابها و اختصاصاتها-دراسة- نصوص-وثائق.ص 45
[2] محمد قصري المنازعات الانتخابية ورقابة القضاء الاداري طبعة الاولى 2009 ص 112
[3] المادة 71 من مدونة الانتخابات 97ـ 9
[4] المادة 69 من مدونة الانتخابات للقانون رقم 9-97
[5] عبد الرحمان البكريوي– الوجيز في القانون الاداري المغربي الطبعة الاول 1995، ص 52
[6] محمد أجعون– المجلة المغربية للإدارة والتنمية المحلية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية 96-2013 ص ، 45
[7] حسن مستمد ، القضاء الاداري والمنازعات الانتخابية ، دفاتر المجلس الاعلى عدد 4 طبعه 2003 ، انتخاب مكاتب المجالس
[8] مراد ايت الساقل ، القضاء الانتخابي في المغرب ، في افق استحقاق 2009 ، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ، مطبعه البيت 2009 ص 60
[9] مراد أيت الساقل ، مرجع سابق ، ص: 62
[10] ـ قضية الورد ، قرار الغرفة 1498 بتاريخ 30/10/1997 ، أورده القصري ، ص 169 .
[11] ـ مصطفى عامري ، الطعون الانتخابية بالمغرب ، افريقيا الشرق ، طبعة أولى ، ص256.
[12] ـ أورده هشام الوازكي ، دور القاضي الإداري في نجاح المسلسل الانتخابي، ص 97.
[13] ـ مصطفى الحلامي ، أسباب الطعن الموجبة لبطلان الانتخاب على ضؤء القانون والاجتهاد القضائي ، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى ، العدد4 /2004 ص 149.
[14] ـ قرار الغرفة عدد 16 بتاريخ29/01/1981. في قضية إدريس الشرقاوي ، اورده محمد قصري، مرجع سابق، ص182 .
[15] ـ قرار الغرفة عدد 254 بتاريخ 17/ 06/ 1977
[16] محمد بوغالب ، دور القاضي الاداري في تكريس المشروعية في ميدان المنازعات الانتخابية ، سلسلة دفاتر المجلس الاعلى العدد 4 سنة 2004 ، ص 312
[17]المادة 74 من مدونة الانتخابات رقم97-9
[18] الناصري مصطفى بحث لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانةن العام انعكاس العملية الانتخابية على التدبير الشان العام بالمغرب ط 2008 ص 48
[19] زكريا ادميون الاداء السياسي والاداري للمنتخب الجماعي بالمغرب رسالة لنيل درجه الدكتوراه في القانون العام 2007 ص 84
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -